* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25
الأَصْحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ
(1) إساءة أصدقاء أيوب إليه (ع1-6)
(2) سلطان الله وحكمته (ع7-25)
1 فَأَجَابَ أَيُّوبُ وَقَالَ: 2 «صَحِيحٌ إِنَّكُمْ أَنْتُمْ شَعْبٌ وَمَعَكُمْ تَمُوتُ الْحِكْمَةُ! 3 غَيْرَ أَنَّهُ لِي فَهْمٌ مِثْلَكُمْ. لَسْتُ أَنَا دُونَكُمْ. وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِثْلُ هذِهِ؟ 4 رَجُلًا سُخْرَةً لِصَاحِبِهِ صِرْتُ. دَعَا اللهَ فَاسْتَجَابَهُ. سُخْرَةٌ هُوَ الصِّدِّيقُ الْكَامِلُ. 5 لِلْمُبْتَلِي هَوَانٌ فِي أَفْكَارِ الْمُطْمَئِنِّ، مُهَيَّأٌ لِمَنْ زَلَّتْ قَدَمُهُ. 6 خِيَامُ الْمُخَرِّبِينَ مُسْتَرِيحَةٌ، وَالَّذِينَ يُغِيظُونَ اللهَ مُطْمَئِنُّونَ، الَّذِينَ يَأْتُونَ بِإِلهِهِمْ فِي يَدِهِمْ!
أجاب أيوب على صوفر، الذي وبخه بعنف في الإصحاح السابق، ولكن كلامه كان موجهًا للثلاثة أصدقاء، فقال لهم إنكم تدعون الحكمة الحقيقية مع أن كلامكم بعيد عن الحكمة؛ لأنكم لم تشعروا بى. وقال لهم أيضًا إن كان عندكم حكمة فأنا أيضًا، ولست أقل حكمة منكم. وما قلتموه من حكمة معروف لكل الناس؛ أي أنكم لم تضيفوا شيئًا. ثم أن ما قلتموه غير مفيد، ولن يبقى للأجيال القادمة، بل سينتهى بموتكم.
لقد خاطب الأصدقاء فقال لهم "أنتم شعب" أي أنكم كلكم متفقون على إدانتى والإساءة إلىَّ وعدم الإحساس بمتاعبى.
ع4: وبخ أيوب أصدقاءه في الآيات السابقة من هذا الأصحاح على كبريائهم وغرورهم بحكمتهم. وفى هذه الآية يوبخهم على أمر ثانٍ وهو احتقارهم له، إذ سخروا بكلامه مع أنه يتكلم بحكمة من الله.
ولكن أيوب لم يهتز من سخريتهم، بل صلى ودعا الله فاستجاب له، وثبت إيمانه، وأعلمه أن الكاملين والصديقين في العالم لابد أن يواجهوا سخرية واحتقار أهل العالم.
وهنا تظهر قوة أيوب فيما يلي:
إيمانه بالله الذي يصلي إليه.
معونة الله له في استجابته له وتثبيت إيمانه.
أفهمه الله بأن الصديقين لابد أن يقابلوا سخرية واحتقار من أهل العالم، فعليه ألا يهتز، بل يسانده ليحتمل كلامهم الشرير.
ع5: وبخ أيوب أصدقاءه الذين لا يشعرون بآلامه وقال لهم، إن من يمر بتجربة مثلى، يتطاول عليه ويهينه الشخص الذي يحيا في استقرار وراحة وطمأنينة، فالمطمئن والمستريح مستعد ومهيأ لإهانة واحتقار من يمر في تجربة، غير عالم أنه (هذا المطمئن) معرض للسقوط في تجربة. وبهذا يدعو أيوب أصدقاءه للكف عن إساءاتهم ومحاولة الإحساس بما يعانيه.
ع6: على الجانب الآخر يوضح أيوب أن الراحة والاستقرار ليست دليلًا على نقاوة القلب. فقد يكون الأشرار ومن يخربون غيرهم ويسرقونهم مستريحون ومطمئنون في حياتهم.
هؤلاء الأشرار يغيظون الله بشرورهم ومع هذا هم في طمأنينة؛ لأن الله يطيل أناته عليهم ويعطيهم فرصة للتوبة؛ مع أنهم يستحقون الهلاك بسبب كثرة خطاياهم.
وهؤلاء المخربون آلهتهم في يدهم، أي يشعرون بأن الله راضيًا عنهم وهذا عكس الحقيقة، فيتمادون في شرورهم. كل هذا بالطبع سيجازيهم الله عنه في الحياة الأخرى، خاصة أن كثيرًا منهم يشعرون أن آلهتهم في يدهم، أي قوتهم هي مصدر طمأنينتهم ويتناسون وجود الله. ولعل أيوب يشير إلى السبئيين والكلدانيين الذين اغتصبوا أملاكه ويعيشون مطمئنين، مفتخرين بقوتهم، متناسين آخرتهم في الهلاك والعذاب الأبدي.
† لا تتمادى في خطيتك إذا لم يقاومك أحد، فالله طويل الأناة يعطيك فرصة للتوبة. فلا تنسى الله الذي سيحاسبك على كل ما تعمله.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
7 «فَاسْأَلِ الْبَهَائِمَ فَتُعَلِّمَكَ، وَطُيُورَ السَّمَاءِ فَتُخْبِرَكَ. 8 أَوْ كَلِّمِ الأَرْضَ فَتُعَلِّمَكَ، وَيُحَدِّثَكَ سَمَكُ الْبَحْرِ. 9 مَنْ لاَ يَعْلَمُ مِنْ كُلِّ هؤُلاَءِ أَنَّ يَدَ الرَّبِّ صَنَعَتْ هذَا؟ 10 الَّذِي بِيَدِهِ نَفَسُ كُلِّ حَيٍّ وَرُوحُ كُلِّ الْبَشَرِ. 11 أَفَلَيْسَتِ الأُذُنُ تَمْتَحِنُ الأَقْوَالَ، كَمَا أَنَّ الْحَنَكَ يَسْتَطْعِمُ طَعَامَهُ؟ 12 عِنْدَ الشَّيْبِ حِكْمَةٌ، وَطُولُ الأَيَّامِ فَهْمٌ. 13 «عِنْدَهُ الْحِكْمَةُ وَالْقُدْرَةُ. لَهُ الْمَشُورَةُ وَالْفِطْنَةُ. 14 هُوَذَا يَهْدِمُ فَلاَ يُبْنَى. يُغْلِقُ عَلَى إِنْسَانٍ فَلاَ يُفْتَحُ. 15 يَمْنَعُ الْمِيَاهَ فَتَيْبَسُ. يُطْلِقُهَا فَتَقْلِبُ الأَرْضَ. 16 عِنْدَهُ الْعِزُّ وَالْفَهْمُ. لَهُ الْمُضِلُّ وَالْمُضَلُّ. 17 يَذْهَبُ بِالْمُشِيرِينَ أَسْرَى، وَيُحَمِّقُ الْقُضَاةَ. 18 يَحُلُّ مَنَاطِقَ الْمُلُوكِ، وَيَشُدُّ أَحْقَاءَهُمْ بِوِثَاق. 19 يَذْهَبُ بِالْكَهَنَةِ أَسْرَى، وَيَقْلِبُ الأَقْوِيَاءَ. 20 يَقْطَعُ كَلاَمَ الأُمَنَاءِ، وَيَنْزِعُ ذَوْقَ الشُّيُوخِ. 21 يُلْقِي هَوَانًا عَلَى الشُّرَفَاءِ، وَيُرْخِي مِنْطَقَةَ الأَشِدَّاءِ. 22 يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ مِنَ الظَّلاَمِ، وَيُخْرِجُ ظِلَّ الْمَوْتِ إِلَى النُّورِ. 23 يُكَثِّرُ الأُمَمَ ثُمَّ يُبِيدُهَا. يُوَسِّعُ لِلأُمَمِ ثُمَّ يُجْلِيهَا. 24 يَنْزِعُ عُقُولَ رُؤَسَاءِ شَعْبِ الأَرْضِ، وَيُضِلُّهُمْ فِي تِيهٍ بِلاَ طَرِيق. 25 يَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّلاَمِ وَلَيْسَ نُورٌ، وَيُرَنِّحُهُمْ مِثْلَ السَّكْرَانِ.
يؤكد أيوب لأصدقائه أن الله له سلطان كامل على كل الخليقة. وإذا سألت البهائم، أو الطيور، أو الأرض، أو الأسماك؛ فأنها تخبرك بهذا. أي أن الله هو المدبر لكل الخلائق التي خلقها.
ومن ناحية أخرى هذه الخلائق تعلن الحقيقة المذكورة في الآيات السابقة؛ أن المطمئنين يظلمون الضعفاء، فالحيوان القوى يفترس الأضعف منه. فبيته قوى ومطئمن فيه، مع أنه مخرب بيوت غيره.
وإذا دققت ستجد أن الحيوان الذي أمامك مسروق من مكان آخر. والطائر الذي تم طهيه وموجود على المائدة قد يكون مأخوذ ومغتصب من مكان آخر. بهذا يؤكد أيوب أنه مظلوم عندما سلبه جيرانه، وعندما حلت به هذه الضيقات والأمراض. فهذه هي طبيعة الحياة ورغم سلطان الله على كل شيء، فهو يترك كل إنسان بحريته وسيحاسب الجميع في النهاية.
يعاتب أيوب أصدقاءه على النظريات التي طبقوها عليه، فإن كانت المبادئ معروفة والنظريات سليمة - وهي أن البار يكافأ والشرير يعاقب - إلا أنها لا تصلح في كل وقت ولها استثناءات. فالحكيم قادر على التمييز ويعرف متى يطبق المبدأ على الحالة التي أمامه، كما أن الأذن تسمع وتميز الأقوال الصحيحة والغير صحيحة، والفم يميز الطعام الجيد والطعام غير الجيد، خاصة وإن كان هذا الحكيم شيخًا متقدمًا في الأيام، فيكون له خبرة وقدرة أكبر على التمييز.
ع13: الفطنة: الحكمة والقدرة على التفكير والتمييز.
إن كان الإنسان له بعض القدرة على الحكمة والتمييز ولكن الله كامل في فهمه وأيضًا في قدرته وقوته، وهو غير محتاج أن يستشير أحدًا؛ لأن كمال المشورة عنده. ولأن له الحكمة فهو قادر أن يفكر ويخطط، ثم ينفذ ما يريده؛ لأن له كل القدرة.
ع14، 15: يستكمل أيوب كلامه عن قدرة الله، فيقول أنه عندما يأمر بهدم شيء لا يمكن أن يبنى مرة ثانية، كما حدث مع سدوم وعمورة (تك19: 24).
وكذلك يغلق الله فلا يستطيع أحد أن يفتح ما أغلقه، كما أغلق الله على امرأة لوط، فتحولت إلى عمود ملح (تك19: 26). وكما أدخل لوط إلى داخل بيته وأغلق الباب، فعجز أهل سدوم الذين هجموا على بيت لوط أن يجدوا الباب ويفتحوه؛ لأن الله ضربهم بالعمى.
ويستطيع الله أن يمنع المياه الجارية، فتيبس الأرض، كما شق البحر الأحمر، فظهر قاع البحر يابسًا (خر14: 16). ويستطيع الله أيضًا أن يطلق المياه فتقلب الأرض كما حدث في الطوفان أيام نوح (تك7: 10).
بعد أن أعلن أيوب قدرة الله قدم أدلة عليها من الطبيعة (ع15) وفى الآيات التالية سيقدم أدلة من نماذج بشرية مختلفة.
ع16: العز: القدرة.
الله له القدرة الكاملة والحكمة الكاملة في نفس الوقت، ويستطيع بحكمته أن يستخدم الإنسان الشرير، الذي يضل غيره، ويستخدم أيضًا من يُضل بواسطة الآخرين، ليتمم مقاصده الإلهية التي يدعو بها البشر للتوبة والحياة معه.
ع17: يقدم هنا أمثلة من البشر تأكيدًا على قدرة الله على تدبير العالم كله.
يذهب بالمشيرين أسرى
يحمق القضاة
ع18: مناطق الملوك: قطعة من القماش مطرزة، أو مصنوعة من قماش ملوكى ثمين وقد تكون مرصعة بالذهب والفضة واللآلئ تدل على أن من يلبسها من الملوك.
وثاق: قيد.
ويضيف أيوب هنا أمثلة أخرى على قدرة الله وعظمته وهي:
يحل مناطق الملوك ويشد أحقاءهم بوثاق
ع19: ثم يدلل أيضًا على سلطان الله:
يذهب بالكهنة أسرى
يقلب الأقوياء
ع20: يستكمل أيوب أيضًا أدلته على قدرة الله :
يقطع كلام الأمناء
ينزع ذوق الشيوخ
ع21: بالإضافة لما سبق يسرد أيوب أدلة على سلطان الله وهي:
يلقى هوانًا على الشرفاء
ويرخى منطقة الأشداء
ع22: يواصل أيوب تقديم أدلته فيقول:
يكشف العمائق من الظلام
يخرج ظل الموت إلى النور
ع23: يجليها: يسمح لها بالجلاء والسبي.
ثم ساق أيوب دليلًا جديدًا هو:
يكثر الأمم ثم يبيدها يوسع للأمم ثم يجليها
ع24، 25: يرنحهم: يجعلهم يتمايلون في عدم اتزان.
يختم أيوب أدلته على سلطان الله وقوته فيقول:
ينزع عقول رؤساء شعب الأرض
† إن كان إلهك له سلطان على كل شيء، فلماذا تقلق من تقلبات العالم، أو تهديدات الأشرار الذين يعتمدون على قوتهم، فهم لا شيء أمام قوة الله. اطمئن وتمسك بصلاتك وحياة التوبة، فتعيش بسلام.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 13 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أيوب 11 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/job/chapter-12.html
تقصير الرابط:
tak.la/cpsz4d7