* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25
الأَصْحَاحُ التاسع وَالعِشْرُونَ
(1) كرامة أيوب السابقة ( ع1- 11)
(2) فضائل أيوب ( ع12- 17)
1 وَعَادَ أَيُّوبُ يَنْطِقُ بِمَثَلِهِ فَقَالَ: 2 «يَا لَيْتَنِي كَمَا فِي الشُّهُورِ السَّالِفَةِ وَكَالأَيَّامِ الَّتِي حَفِظَنِي اللهُ فِيهَا، 3 حِينَ أَضَاءَ سِرَاجَهُ عَلَى رَأْسِي، وَبِنُورِهِ سَلَكْتُ الظُّلْمَةَ. 4 كَمَا كُنْتُ فِي أَيَّامِ خَرِيفِي، وَرِضَا اللهِ عَلَى خَيْمَتِي، 5 وَالْقَدِيرُ بَعْدُ مَعِي وَحَوْلِي غِلْمَانِي، 6 إِذْ غَسَلْتُ خَطَوَاتِي بِاللَّبَنِ، وَالصَّخْرُ سَكَبَ لِي جَدَاوِلَ زَيْتٍ. 7 حِينَ كُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى الْبَابِ فِي الْقَرْيَةِ، وَأُهَيِّئُ فِي السَّاحَةِ مَجْلِسِي. 8 رَآنِي الْغِلْمَانُ فَاخْتَبَأُوا، وَالأَشْيَاخُ قَامُوا وَوَقَفُوا. 9 الْعُظَمَاءُ أَمْسَكُوا عَنِ الْكَلاَمِ، وَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ. 10 صَوْتُ الشُّرَفَاءِ اخْتَفَى، وَلَصِقَتْ أَلْسِنَتُهُمْ بِأَحْنَاكِهِمْ. 11 لأَنَّ الأُذُنَ سَمِعَتْ فَطَوَّبَتْنِي، وَالْعَيْنَ رَأَتْ فَشَهِدَتْ لِي،
: جمعه أمثال، أي تعاليم لكل الأجيال.
السالفة: السابقة.
يتمنى أيوب أن تعود أيام حياته السابقة، حين كان يتمتع بالغنى والصحة والأبناء، وكان الله يحفظه في كل خطواته، ويحفظ كل ماله.
ونرى هنا أن أيوب ينسب الفضل لله، فهو متضع يشعر أن سبب كل البركات التي يتمتع بها في حياته السابقة هي نعمة من الله. ولولا حفظ الله له لما تمتع بها.
ع3:
سراجه: مصباحه. وكانوا قديمًا يعلقون سراجًا في وسط الخيمة لينيرها كلها.يصف أيوب حياته السابقة بأنها كانت مضيئة بنور الله، ويقصد بخيمته ليس فقط مسكنه، بل كل حياته. فكانت له ثروة وصحة ومركز وأبناء كثيرون.
وهذا السراج الذي فوق رأس أيوب هو معرفة الله، الذي أعطاه كل هذه البركات، فهو سعيد بمعرفة الله وليس بمجرد هذه البركات المادية، بل معرفة الله في عطاياه الأرضية ترفع قلبه لمحبة الله الساكن في السموات.
قوله " سراجه على رأسى " تعنى خضوعه لله وشكره على نوره الذي أفاضه عليه.
ع4:
خريفى: وفى الترجمة اليسوعية عنفوانى أي شبابى، وفى الترجمة الإنجليزية "بداية حياتى" " prime "يصف أيضًا أيام حياته السابقة في شبابه بأنه تمتع ببركات مادية كثيرة، شعر من خلالها برضا الله عنه. بل شعر أكثر من هذا بصداقة الله ورعايته وإرشاده له كما في الترجمة الإنجليزية " Friendly Counsel ".
ونجد هنا تمسك أيوب واهتمامه برأى الله فيه، فرضا الله هو الذي يعطيه الراحة والسعادة. وإحساسه بقرب الله منه وصداقته وأبوته تفرح قلب أيوب، فهو إنسان روحي له علاقة قوية بالله، يعلنها بوضوح وتظهر مدى إيمانه بالله.
إهتمام أيوب في شبابه برضا الله عنه بالطبع كان يحميه من الشهوات الشريرة ويحفظه من خطايا كثيرة.
ع5: يستكمل أيوب كلامه عن حلاوة حياته السابقة في أنه كان يتمتع بمعية الله القدير، فكان يحيا مطمئنًا لحماية الله له، ومتلذذًا بعشرة الله.
إن تمتع أيوب بوجود الله معه هو يسبق كل تمتع أرضى، مثل غلمانه الذين حوله وأبنائه الكثيرين وأملاكه المتعددة.
عندما فقد أيوب كل ما كان له حزن؛ ليس لفقدان هذه الأملاك في حد ذاتها، ولكن لإحساسه بفقدان معية الله ورضاه. ولذا عاتب الله في الأصحاحات السابقة؛ لأنه يحب الله ولا يستطيع أن يحيا بدونه.
ع6
: بدأ أيوب بشرح تفصيلى للبركات التي كان يتمتع بها في حياته الأولى. وذكر هنا وفرة الخيرات المادية التي كانت له، مثل الماشية الكثيرة التي تعطى كميات ضخمة من اللبن يصورها هنا بفيض لبن يغسل فيها خطواته، أي رجليه.وكذلك كان له أشجار زيتون كثيرة تنتج زيتًا بكميات كبيرة، يصورها هنا بصخر يسكب أنهارًا من الزيت. والصخر هنا يرمز للمسيح والزيت يرمز للروح القدس.
فهو هنا يبين مدى الشبع المادي الذي عاش فيه، والذي يعكس الشبع الروحي الذي في داخله؛ لأنه آمن أن كل هذه الخيرات هي تعبير عن محبة الله له.
وفى العهد الجديد، الكنيسة تفيض علينا بالغذاء الروحي المتمثل في جسد الرب ودمه وتعاليمه المقدسة. وتعطينا الروح القدس في سر الميرون الذي يعمل فينا ويقربنا إلى الله من خلال الصلوات والأصوام والكتاب المقدس.
يشرح أيوب كيفية تعامل المجتمع معه في حياته السابقة، فكان يخرج إلى باب القرية، حيث توجد مساحة كبيرة يجلس فيها القضاة لحل مشاكل سكان القرية. فإذا وصل إلى الساحة يهرب الغلمان ولا يقفوا أمامه، خوفًا منه، إذ لصغر سنهم وعدم نضجهم كانت لهم أخطاء، فيخشون حكمه عليهم. أما الشيوخ فكانوا يقفون احترامًا له. وهذا يبين مدى كرامة أيوب فرغم صغر سنه كان أكبر الموجودين في القرية يوقرونه ويقفون خشوعًا أمامه.
ولأجل حكمة أيوب المتميزة كان كل الحكماء- بما فيهم الشيوخ يصمتون، عندما يدخل إليهم في الساحة، وإذا تكلموا يمدحون أيوب؛ لأجل مكانته وحكمته، خاصة عندما يبدأ أيوب في الكلام، فتظهر حكمته، وتتلذذ آذان السامعين، فيطوبونه.
إن احترام المجتمع كله لأيوب مبنى على حكمته وأعماله الصالحة ليس على سلطانه، أو سيطرته، أو غناه.
أيوب هنا يرمز للمسيح الذي يفيض ببركات كثيرة من خلال كنيسته هي اللبن والزيت، أي الشبع وعمل الروح القدس. والمسيح أقنوم الحكمة، الذي عندما يتكلم يصمت كل البشر ويظهر ضعف الحكماء أمامه. وعندما نقرأ كلامه في الكتاب المقدس نطوبه ونعظمه.
† إن حكمة الله معلنة لك في الكتاب المقدس فلا تحرم نفسك من التمتع بها كل يوم، بل ليتك تحفظها وتجددها وتتطوبها وتتأمل فيها فتصير الحياة لك ولذة تتمتع بها.
12 لأَنِّي أَنْقَذْتُ الْمِسْكِينَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْيَتِيمَ وَلاَ مُعِينَ لَهُ. 13 بَرَكَةُ الْهَالِكِ حَلَّتْ عَلَيَّ، وَجَعَلْتُ قَلْبَ الأَرْمَلَةِ يُسَرُّ. 14 لَبِسْتُ الْبِرَّ فَكَسَانِي. كَجُبَّةٍ وَعَمَامَةٍ كَانَ عَدْلِي. 15 كُنْتُ عُيُونًا لِلْعُمْيِ، وَأَرْجُلًا لِلْعُرْجِ. 16 أَبٌ أَنَا لِلْفُقَرَاءِ، وَدَعْوَى لَمْ أَعْرِفْهَا فَحَصْتُ عَنْهَا. 17 هَشَّمْتُ أَضْرَاسَ الظَّالِمِ، وَمِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ خَطَفْتُ الْفَرِيسَةَ.
مَنْ يطلب النجدة.
يذكر أيوب في هذه الآيات التالية الأسباب التي جعلت الناس تطوِّبهُ وتمدحهُ، وهي الفضائل التي تَحَلَّى بها وخدمته واهتمامه بمن حوله، الذي ظهر فيما يلي:
1- إنقاذ الضعفاء
وهم المساكين الذين ليس لهم قوة أمام الظالمين الأقوياء، فيستغيثوا بأيوب لينقذهم. وكذلك الأيتام الضعفاء؛ إذ ليس لهم آباء يدافعون عنهم. فكان أيوب يتدخل ويساندهم ويعيد إليهم حقوقهم المسلوبة، فيجري العدل في الأرض حوله.
وإذا رأى أيوب إنسانًا مظلومًا يكاد يهلك من قسوة الظالمين، يسرع فينجده ويخلصه من أيديهم، فينال بركة هذه الخدمة. وكذلك الأرملة التي ليس لها زوج يدافع عنها، وتقع في أيدي الظالمين، المستغلين، يسرع لنجدتها ويحفظ لها حقوقها فتفرح، وتحيا في سلام.
ع14: رضى أيوب أن يسلك بالبر طوال أيامه ولا يخرج عنه، إذ عبر عن سلوكه بالبر كأنه لبس ثوبًا لا يخلعه أبدًا، أي دائمًا يظهر اهتمامه وخدمته للمحتاجين وسلوكه بالاستقامة كما ذكر في الآيتين السابقتين.
فكان أيوب يعتبر عمل الخير هو حياته الطبيعية التي يعملها لإرضاء الله ؛ لأنه لا يسير إنسان بدون ثوب وإذا خلع ثوبه يتعرى، كذلك أيوب يشعر أنه إذا لم يعمل عمل الرحمة فهو عريان أمام الله وفى خزي، كما شعر آدم قديمًا بعد سقوطه.
كذلك تمسك أيوب بالعدل في كل تصرفاته، وتعود أن يجري العدل بين الناس، حتى صارت صفة دائمة له، كمن يلبس الجبة، وهي العباءة التي يلبسها فوق الثوب، وتزين بالعدل وصار كرامة له، كمن يلبس العمامة.
ع15
: يضيف أيوب صفة جديدة من صفاته وهي:2- مرشد للآخرين
فكان يساعد العميان على السلوك في طرقهم والوصول إلى الأماكن التي يريدونها. وكان يساعد كل من كان في حيرة، فكأنه أعمى لا يرى ماذا يفعل، فيرشده أيوب إلى التصرف الحسن.
3- مساعدة العاجز
فمن يعانى من ضعف في رجليه كان يسانده في السير. وكذلك كل من يعانى من عجز نفسي يمنعه من أداء أعماله ومسئولياته كان يسانده ويشجعه لأداء واجباته.
ع16
: يستكمل أيوب كلامه عن الفضائل التي سلك فيها، فيقول:4- مساعدة الفقراء
إنه كان يهتم باحتياجاتهم، بل يشعر أنه أب لهم، يرعاهم كأولاده الجسديين، ويوفر لهم احتياجاتهم؛ ليحيوا حياة كريمة.
5- إنصاف الغرباء:
إذا وجد أيوب غريبًا قام عليه الظالمون؛ ليستغلوا ضعفه لأنه بلا سند، ويقيموا عليه شهودًا زورًا. كان أيوب يسرع لإنصافه وتبرئته وإعادة حقوقه إليه.
وإن كان أيوب لا يعرف هذا الغريب ولكن يكفى أن يراه مظلومًا، فيسرع لنجدته؛ لأنه إنسان ومحتاج لمن يسانده، حتى دون أن يطلب هذا الرجل منه، فقد يخجل الرجل أن يطلب ولكنه محتاج، وكان أيوب ينجده.
وكان أيوب مدققًا في أعمال الرحمة التي يقوم بها. فكان يفحص الدعوى بدقة. وعندما يتأكد من أن صاحب الدعوى مظلومًا، يتدخل وينقذه من أيدي الظالمين.
ع17:
وفى الختام يقول أيوب:6- عقاب الظالمين:
إذا وجد أيوب إنسانًا ظالمًا، قد استغل قوته لظلم غيره، يتدخل ويهشم أسنانه، التي يفترس بها المظلوم، أي يحطم قوته وإمكانياته التي يستغلها لظلم غيره، فيمنعه عن الظلم ويخلص المظلومين من بين يديه.
فأيوب كان يحطم قوة الشر التي فيهم، ولكن لا يحطمهم هم. فهو لا ينتقم من الظالمين بل يقودهم للتوبة والرجوع إلى الله. كل هذا يبين قوة أيوب وشجاعته في الدفاع عن الحق، مهما تعرض لمخاطر.
† ما أجمل أن تسعى نحو الفضيلة وتهتم بعمل الرحمة. ليتك تخرج من أنانيتك وتكاسلك لتساعد كل محتاج. ليس فقط الفقير، بل كل محتاج لأى شيء، خاصةً المحتاج روحيًا، أي البعيد عن الله، فتشجعه على التوبة والارتباط بالكنيسة.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
(3)- مظاهر أخرى لكرامة أيوب ( ع18-25):
18 فَقُلْتُ: إِنِّي فِي وَكْرِي أُسَلِّمُ الرُّوحَ، وَمِثْلَ السَّمَنْدَلِ أُكَثِّرُ أَيَّامًا. 19 أَصْلِي كَانَ مُنْبَسِطًا إِلَى الْمِيَاهِ، وَالطَّلُّ بَاتَ عَلَى أَغْصَانِي. 20 كَرَامَتِي بَقِيَتْ حَدِيثَةً عِنْدِي، وَقَوْسِي تَجَدَّدَتْ فِي يَدِي. 21 لِي سَمِعُوا وَانْتَظَرُوا، وَنَصَتُوا عِنْدَ مَشُورَتِي. 22 بَعْدَ كَلاَمِي لَمْ يُثَنُّوا، وَقَوْلِي قَطَرَ عَلَيْهِمْ. 23 وَانْتَظَرُونِي مِثْلَ الْمَطَرِ، وَفَغَرُوا أَفْوَاهَهُمْ كَمَا لِلْمَطَرِ الْمُتَأَخِّرِ. 24 إِنْ ضَحِكْتُ عَلَيْهِمْ لَمْ يُصَدِّقُوا، وَنُورَ وَجْهِي لَمْ يُعَبِّسُوا. 25 كُنْتُ أَخْتَارُ طَرِيقَهُمْ وَأَجْلِسُ رَأْسًا، وَأَسْكُنُ كَمَلِكٍ فِي جَيْشٍ، كَمَنْ يُعَزِّي النَّائِحِينَ.
ع18
: وكر: عش الطائرالسمندل: طائر خرافى يتغذى على نبات سام ولا يؤذيه. ويعيش خمس مئة عامًا وفى نهاية حياته يحرق نفسه وعشه. ومن رماد حريقه يخرج طائر سمندل آخر أكثر جمالًا ويعيش خمس مئة عامًا وهكذا....
كان أيوب يشعر بالطمأنينة في حياته، فيحيا في بيته مستقرًا، وفى سلام لا يضطرب من أي ظروف معاكسة؛ لأنه آمن بالله الذي يحفظه ويحميه.
وكان يشعر أيوب أيضًا أنه سيعيش كثيرًا. وإن تعرض لتجارب سيخرج منها أكثر قوة، مثل طائر السمندل. أي لا يخاف من التجارب؛ لأن الله معه ويسانده.
ع19
: شعر أيضًا أيوب أن الله متعه بخيرات كثيرة، كشجرة مغروسة على مجارى المياه، لا يمكن أن تعطش، أى لا يحتاج إلى شئ؛ لأن الله دائمًا يشبعه.كذلك تمتع أيوب بالطل وهو قطرات الندى التي تنزل على أوراق النباتات؛ لترويها. أي تمتع بالخيرات من الأرض ومن السماء. وهكذا أحاطه الله بنعم كثيرة.
ع20:
يضيف أيوب أن الله وهبه كرامة في أعين كل من حوله، وهذه الكرامة كانت متجددة، أي ظل عظيمًا في أعين الآخرين يمدحونه ويوقرونه.وكذلك قوته ظلت متجددة، ويعبر عنها هنا بالقوس، ومادامت قوته مستمرة فكان يستطيع إنصاف المظلومين، وكان الظالمون يخافونه لأجل عظمته ويخضعون له.
: نصتوا: أنصتوا واستمعوا.
يثنوا: يزيدوا، أو يضيفوا.
قطر عليهم: تتابعت كلمات حكمة من فمه مثل قطرات المطر.
أظهر أيوب مدى احترام الناس لكلمات الحكمة الخارجة من فمه، فكانوا يسمعونه باهتمام وإنصات شديد. ولم يضيفوا أي كلام إلى كلامه، إذ رأوه كاملًا لا يمكن الإضافة إليه. بل شعروا أنه مملوء من نعمة الله مثل قطرات المطر النازلة من السماء لتروى العطاش.
وتعلق السامعون بكلام أيوب؛ حتى أنهم كانوا ينتظرون حضوره؛ ليتمتعوا بكلامه، مثل العطشى، الذين ينتظرون الماء؛ ليروى عطشهم، وكأنهم يفتحون أفواههم؛ ليلتقطوا قطرات الماء. هكذا كانت قلوبهم منفتحة لسماع كلام الحكمة الذي كان يقوله لهم.
وكلمات الحكمة التي كان يقولها أيوب تشبه المطر المتأخر الذي تحتاجه الزروع لتنمو وتنضج. فالمطر المبكر يجعل البذور تنبت، أما المطر المتأخر، فيكمل النضج ويعطى الثمار. هكذا أيضًا كلام أيوب كان يعطى سامعيه حكمة ونضج وتمييز، فأحبه وتعلق به الناس.
من هذه الأيات نرى اتضاع أيوب الذي ينسب المجد لله في كلامه، إذ يشبه تعاليمه وحكمته بقطرات المطر النازلة من السماء؛ لأنه لا يتكلم إلا بما يهبه الله أن يقوله، فالحكمة هي من الله وليست من أيوب.
ع24
: يُعبِّسوا: يحزنوا ويضايقوايضيف أيوب في علاقته مع الآخرين أنه إن ابتسم في وجوه الناس، يفرحوا جدًا ويكادوا لا يصدقوا هذا الشرف العظيم أن يرضى عليهم ويبتسم لهم (فى الترجمة اليسوعية تبسمت لهم).
وكان وجه أيوب دائمًا منيرًا وبشوشًا وفرحًا في مواجهة من حوله، ولم يستطع أحد أن يحزنه، إذ كانوا يلقونه بالترحاب والفرح.
ع25
: يختم أيوب كلامه عن إكرام الناس له، بأنهم كانوا يثقون فيه، ويطلبون إرشاده، فيختار لهم الطريق الذي يسلكونه، أي كان أبًا ومرشدًا لمن حوله. كذلك عندما يجلس أيوب في ساحة القضاء كانوا يحترمونه، ويعتبرونه رئيسًا للقضاة، أو كملك ورئيس جيش، فكانت أحكامه أحكامًا نهائية لا تنقض. وفى كل هذه الأحكام كان يشعر بمتاعب الناس ويتعاطف معهم ويعزى الحزانى، فيريح قلوب المتعبين.إن فضائل أيوب وكماله وكرامته العظيمة كلها ترمز للمسيح في كماله وفضائله، التي لا تعد. فالمسيح كان أبًا روحيًا ومهتمًا بالضعفاء وكلمات الحكمة كانت تنساب من فمه، وكان مرشدًا، ومساندًا للمتعبين. واهبًا البصر للعميان وشافيًا للعرج، ومنصفًا للمظلومين، بل واقتحم الظالم، الذي ظلم البشرية وهو الشيطان، وقيده بالصليب، وخلص البشرية من بين أسنانه. والمسيح حى إلى الأبد، فإن مات لأجل خلاصنا لكنه قام بقوة لاهوته؛ ليهب الحياة لكل من يؤمن به.
† إن كان في إمكانك مساعدة من حولك، فلا تتوانى عن ذلك، أو تهملهم، بل ساعدهم وأرشدهم وعزى قلوبهم بكلماتك الطيبة المشجعة.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 30 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أيوب 28 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/job/chapter-29.html
تقصير الرابط:
tak.la/p8tp6sj