* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29
الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ
(1) شكوى أيوب من الله والناس (ع1-22)
(2) أشواق أيوب للمسيح والأبدية (ع23-29)
1 فَأَجَابَ أَيُّوبُ وَقَالَ: 2 «حَتَّى مَتَى تُعَذِّبُونَ نَفْسِي وَتَسْحَقُونَنِي بِالْكَلاَمِ؟ 3 هذِهِ عَشَرَ مَرَّاتٍ أَخْزَيْتُمُونِي. لَمْ تَخْجَلُوا مِنْ أَنْ تَحْكِرُونِي. 4 وَهَبْنِي ضَلَلْتُ حَقًّا. عَلَيَّ تَسْتَقِرُّ ضَلاَلَتِي! 5 إِنْ كُنْتُمْ بِالْحَقِّ تَسْتَكْبِرُونَ عَلَيَّ، فَثَبِّتُوا عَلَيَّ عَارِي. 6 فَاعْلَمُوا إِذًا أَنَّ اللهَ قَدْ عَوَّجَنِي، وَلَفَّ عَلَيَّ أُحْبُولَتَهُ. 7 هَا إِنِّي أَصْرُخُ ظُلْمًا فَلاَ أُسْتَجَابُ. أَدْعُو وَلَيْسَ حُكْمٌ. 8 قَدْ حَوَّطَ طَرِيقِي فَلاَ أَعْبُرُ، وَعَلَى سُبُلِي جَعَلَ ظَلاَمًا. 9 أَزَالَ عَنِّي كَرَامَتِي وَنَزَعَ تَاجَ رَأْسِي. 10 هَدَمَنِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَذَهَبْتُ، وَقَلَعَ مِثْلَ شَجَرَةٍ رَجَائِي، 11 وَأَضْرَمَ عَلَيَّ غَضَبَهُ، وَحَسِبَنِي كَأَعْدَائِهِ. 12 مَعًا جَاءَتْ غُزَاتُهُ، وَأَعَدُّوا عَلَيَّ طَرِيقَهُمْ، وَحَلُّوا حَوْلَ خَيْمَتِي. 13 قَدْ أَبْعَدَ عَنِّي إِخْوَتِي، وَمَعَارِفِي زَاغُوا عَنِّي. 14 أَقَارِبِي قَدْ خَذَلُونِي، وَالَّذِينَ عَرَفُونِي نَسُونِي. 15 نُزَلاَءُ بَيْتِي وَإِمَائِي يَحْسِبُونَنِي أَجْنَبِيًّا. صِرْتُ فِي أَعْيُنِهِمْ غَرِيبًا. 16 عَبْدِي دَعَوْتُ فَلَمْ يُجِبْ. بِفَمِي تَضَرَّعْتُ إِلَيْهِ. 17 نَكْهَتِي مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ امْرَأَتِي، وَخَمَمْتُ عِنْدَ أَبْنَاءِ أَحْشَائِي. 18 اَلأَوْلاَدُ أَيْضًا قَدْ رَذَلُونِي. إِذَا قُمْتُ يَتَكَلَّمُونَ عَلَيَّ. 19 كَرِهَنِي كُلُّ رِجَالِي، وَالَّذِينَ أَحْبَبْتُهُمُ انْقَلَبُوا عَلَيَّ. 20 عَظْمِي قَدْ لَصِقَ بِجِلْدِي وَلَحْمِي، وَنَجَوْتُ بِجِلْدِ أَسْنَانِي. 21 تَرَاءَفُوا، تَرَاءَفُوا أَنْتُمْ عَلَيَّ يَا أَصْحَابِي، لأَنَّ يَدَ اللهِ قَدْ مَسَّتْنِي. 22 لِمَاذَا تُطَارِدُونَنِي كَمَا اللهُ، وَلاَ تَشْبَعُونَ مِنْ لَحْمِي؟
: تظلمونني.
تضايق أيوب جدًا من اتهامات أصدقائه التي لفقوها له. واشتكى منها لما يلي:
أنها تعذيب له لأنها ظالمة.
يضايقه ذكر الشر وكل ما يتصل به.
كثرة الاتهامات ويعبر عنها بعشرة وهو لا يقصد العدد بالتحديد، ولكن يقصد أن الاتهامات كثيرة.
قسوة أصدقائه الذين يحاولون بكلامهم سحقه، أي إسقاطه في اليأس وإهلاكه.
ع4: هبنى
: فلنفترض أنى.يعاتب أيوب من ضيقه أصدقاءه ويقول فلنفترض أنى ضللت في أفكارى، أو سلوكى، فأنا المسئول واستحق عقوبة الضلال. فلماذا توبخوننى وتصدموننى؟ لماذا تزيدون تعبى باتهاماتكم؟ اتركونى احتمل نتائج شرى، ولا تثقلوا علىَّ بكلامكم القاسى.
ع5:
يعاتب أيوب أصدقاءه ويقول لهم: إنكم قد تكبرتم علىَّ بتوبيخكم لى واحتقاركم وعدم الإحساس بآلامى، فإن كان توبيخكم عن حق وسليم، فاثبتوا كلامكم بتصرفات من حياتى السابقة، تثبت أنى مخطئ واستحق العار والخزى الذي أعانى منه الآن، وكذلك الآلام.ومن ناحية أخرى تعنى هذه الآية عتاب أيوب لأصدقائه بقوله: أنكم لكي تتكبروا وتتعاظموا علىَّ تحاولون إثبات أنى مخطئ، واستحق الآلام والعار الذي أعانى منه الآن. أي أنكم أنانيون تفكرون في عظمتكم لا تشعرون بمعاناتى. وهذا بالطبع ليس مساندة، أو تعزية لى، بل جرح لمشاعرى، وإساءة شديدة وظلم لى؛ لأنه كيف يستغل إنسان ضعف الآخر وآلامه لكيما يتكبر عليه ؟ هذا هو منتهى القسوة.
: مصيدته.
استمرارًا من أيوب في عتابه لأصدقائه يقول لهم: إن الله عوجنى، أي ضغط علىَّ بالآلام والضيقات التي تهدمنى تدريجيًا. وهذا شيء صعب احتماله جدًا، أي احتمال غضب الله علىَّ. وقد سقطت في مصيدة الله، فكيف تغضبون أنتم أيضًا علىَّ؟ إن هذا فوق طاقاتى؛ ألا يكفينى غضب الله - وهو كبير جدًا - حتى تزيدوا أنتم أيضًا عليه، بتوبيخكم لى؟!
من ناحية أخرى ليس لى رجاء في رفع هذه الآلام عنى؛ لأنى أصرخ إليه وهو لا يستجيب، أي يريدنى أن احتمل، فاصمتوا واتركونى إن كنتم لا تريدون أن تعزونى، أو تساندونى.
ع8: إن كان بلدد قد تكلم عن عقاب الله للأشرار ويقصد أيوب. ووضع مجموعة من العقوبات؛ ليبكت أيوب ظلمًا ويسئ إليه. فإن أيوب هنا يشتكى من آلامه الكثيرة التي وضعها الله عليه، ويقدم مجموعة من هذه الآلام بغرض استعطاف الله وأصدقائه؛ ليشفقوا عليه. ولكن المجموعتين (التى قالها بلدد والتي قالها أيوب) متشابهتان، مع اختلاف الغرض من كل منهما. فالأولى التي قدمها بلدد كانت توبيخًا لأيوب. والثانية التي قالها أيوب كان استعطافًا لله والأصدقاء، وكانت كما يلي:-
1- تعطيل الحياة: الشكوى الأولى التي قدمها أيوب هي أن الله حاصره ومنعه من السير والتقدم في حياته، وذلك بالآلام والضيقات التي وضعها عليه، بل أيضًا من العوائق التي وضعها في طريقه أن جعل طريقه مظلمًا، ولا يستطيع أحد أن يسير في الظلام، أي أن أيوب من كثرة الآلام أصبح عاجزًا عن أن يرى شيئًا في الحياة يتقدم نحوه.
ع9:
2- الذل
: الشكوى الثانية هى أن الله أزال كرامة أيوب، بفقدانه ممتلكاته وقيام الناس عليه وأمراضه الشديدة؛ حتى صار ملقى على الأرض في التراب، وأصبح في ذل شديد، خاصة بعد موت أبنائه الذين يعتبرون تاجًا لرأسه.
ع10:
3- اليأس
: كانت يد الله قاسية على أيوب وصور أيوب الضيقات أنها هدم له من كل جانب، وبالتالي لم يعد له رجاء في شيء، وزهد كل الماديات، أي لم يعد له رجاء في أي شيء مادي في الحياة.وتصوير أيوب نفسه بشجرة قد قلعت من الأرض بجذورها، وتقطعت وتلفت هذه الجذور، وبالتالي فلا يمكن أن تزرع مرة أخرى، يؤكد يأسه من كل أمور الحياة ولم يعد له رجاء إلا في الله والحياة الأبدية.
ولم يكن هناك كبرياء داخل قلب أيوب، ولكنه نتيجة لمعاناة شديدة من الألم جعله يقول هذه الكلمات ولذا فلم يغضب الله، بل التمس له العذر، إذ شعر أن روحه وديعة ومتضعة.
: أشعل.
غزاته: أعداؤه المهاجمون له.
4- عداوة الله: إن الله أشعل النار حوله فاحترق بها، ويقصد الآلام التي يعانى منها أيوب، وفقدانه ممتلكاته، مثل نزول النار على الأغنام والعبيد (أي 1: 6). والأكثر من هذا أن شعر أيوب بعداوة الله له، وجعل الله غزاته وهم الكلدانيين والسبئيين أن يهجموا على أيوب ويستولوا على ممتلكاته.
وعندما يقول أن الغزاة جاءوا معًا يبين كثرة المصائب التي حلت على أيوب، الواحدة تلو الأخرى. والصعوبة هو شعور أيوب أن الله صديقه وحبيبه تحول إلى عدو له يحاول هدمه. ويتساءل لماذا يا الله تفعل هذا فأنا ابنك الضعيف؟!
خذلونى: تخلوا عنى ولم يساعدونى.
إمائى: جمع آَمَة وهي العبدة، أو الجارية.
نكهتى: رائحة فمى.
خممت: أنتنت.
رذلونى: رفضونى.
5- ابتعاد الأحباء: الشكوى الخامسة لأيوب هي أن الله أبعد عنه كل محبيه، وأولهم إخوته. ويقصد ليس فقط إخوته الجسديين، بل كل أقاربه ومحبيه الذين في مكانة إخوته. وأيضًا كل من يعرفون أيوب - وهم بالطبع كثيرين - هربوا وابتعدوا عنه. وهذا جعل أيوب يشعر بالوحدة والعزلة.
كذلك تخلى عن أيوب أقاربه في ساعة ضيقته، والأحباء يظهرون في ساعة الضيقة لنجدة حبيبهم، ولكن هؤلاء ابتعدوا وتركوه يعانى. بل أكثر من هذا أن كل معارفه نسوه. وهذا شيء في غاية الغرابة إذ كيف يكونون أحباء ويرون حبيبهم في ضيقة غير عادية، ومع هذا ينسونه وينشغلوا عنه باهتمامات حياتهم. إنه مؤلم جدًا للنفس.
بالإضافة إلى هذا فإن من يعملون تحت يد أيوب من العبيد والإماء عاملوه بجفاء كأنه شخص غريب أجنبى عن البيت ولم يستجيبوا له إذا طلب منهم شيئًا، رغم تذلل أيوب لعبيده وترجيه منهم أن يساعدوه.
مما زاد أيوب إحساسًا بالعزلة ابتعاد امرأته عنه، إذ كرهت رائحة فمه، ولعل هذا كان بسبب أمراضه، فلم تحتمل رائحته وتركته. والمقصود بأبناء أحشاء أيوب، هم أبناء عبيده الذين ولدوا في بيته. ويعتبروا في مكانة أبنائه، أو هو في اتضاعه يعتبرهم مثل أبنائه وعاملهم بأبوة، أو يكون المقصود أبناء سراريه، أي أبنائه من الجواري، ولكنهم عندما رأوا ضيقاته ومرضه نفروا منه وصار في نظرهم كجثة نتنة، لا يمكن الاقتراب إليها، فاشمئزوا منه. وأكثر من هذا أنه إذا قام، أو تحرك يسمع عبيده هؤلاء يدينونه ويتكلمون عليه رديًا، فلم يعودوا يحترمونه، أو يوقرونه.
والخلاصة أن كل الرجال المقربين إلى أيوب كرهوه، بل صاروا ضده، وانقلبت محبتهم إلى عداوة. وفى النهاية لم يوجد إنسان واحد يتعاطف معه، أو يهتم به. وهذا منتهى القسوة.
ع20: يلخص أيوب آلامه في النهاية، فيقول مثلًا شائعًا وهو أن جلده ولحمه قد لصق بعظامه ونجا بجلده أسنانه، أي أنه استطاع أن ينجو بحياته بعد أن فقد كل شيء، لأن الأسنان ليس لها جلد، إنما هو تعبير عن نجاته بالكاد وبصعوبة وفقدانه كل شيء.
ع21، 22: يظهر أيوب في النهاية غرضه من كل شكواه، وهو طلب الشفقة والرأفة من أصدقائه؛ لأن يد الله وهي يد قوية وثقيلة قد مسته بتجارب شديدة، فهو محتاج لمساندة أصدقائه.
فهو يطلب من أصدقائه ألا يعادوه ويطاردوه بكلامهم القاسى، فإن لم يستطيعوا مساعدته، فعلى الأقل لا يقفون ضده.
ويقول لهم أخيرًا لماذا لا تشبعون من لحمى، والمقصود إدانتهم له ونميمتهم عليه، خاصة وأن لحمه كاد ينتهى، لأن جسده أصبح ضعيفًا جدًا بسبب أمراضه الكثيرة. والمعنى أنه احتمل توبيخات كثيرة منهم أضعفته، بالإضافة إلى ضعف جسده والمرض، فكاد ينتهى. فيطلب منهم الرحمة.
أن أيوب في شكواه هذه يشبه المسيح الذي تركه الكل وقال هو بنفسه لتلاميذه "وتتركوننى وحدى" (يو16: 32). وكتب عنه الأنبياء، قائلين على لسانه "رفضونى أنا الحبيب مثل ميت مرذول" (مز38: 20، 22) (الترجمة القبطية).
† ليتك تكون رحيمًا عندما ترى إنسانًا في ضيقة، أو مرض، أو يعانى من أية مشكلة. لا تحاول أن تعاتبه، أو تعلمه شيئًا قبل أن تتعاطف معه وتظهر له محبتك وتشجعه، خاصة وأن الله يعاملك بالرحمة ويشفق عليك بنوره ويعطيك الهواء لتتنسمه ويعولك ويهتم بك، قبل أن يدينك في اليوم الأخير.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
23 «لَيْتَ كَلِمَاتِي الآنَ تُكْتَبُ. يَا لَيْتَهَا رُسِمَتْ فِي سِفْرٍ، 24 وَنُقِرَتْ إِلَى الأَبَدِ فِي الصَّخْرِ بِقَلَمِ حَدِيدٍ وَبِرَصَاصٍ. 25 أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ، وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ، 26 وَبَعْدَ أَنْ يُفْنَى جِلْدِي هذَا، وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى اللهَ. 27 الَّذِي أَرَاهُ أَنَا لِنَفْسِي، وَعَيْنَايَ تَنْظُرَانِ وَلَيْسَ آخَرُ. إِلَى ذلِكَ تَتُوقُ كُلْيَتَايَ فِي جَوْفِي. 28 فَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا نُطَارِدُهُ؟ وَالْكَلاَمُ الأَصْلِيُّ يُوجَدُ عِنْدِي. 29 خَافُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ مِنَ السَّيْفِ، لأَنَّ الْغَيْظَ مِنْ آثَامِ السَّيْفِ. لِكَيْ تَعْلَمُوا مَا هُوَ الْقَضَاءُ».
يتقدم أيوب هنا إلى نبوات واضحة هنا عن المسيح وعن الأبدية، وهي أهم كلمات أيوب في جميع حواراته، لذا فهو يطلب أن تسجل كلماته وتكتب في سفر؛ بل وتكتب على الصخر بقلم من الحديد والرصاص، أي يصعب محوها. وقد تم هذا فعلًا وسجلت كلمات أيوب في هذا السفر الذي بين أيدينا.
ونلاحظ قوة هذه الكلمات التي في الآيات التالية وتأثيرها على أيوب، إذ لا نجد أي تذمر، أو ضيق في حواراته المقبلة ولا انزعاج من قسوة كلمات أصدقائه؛ لأن رجاءه في المسيح الفادى أعطاه سلامًا وهدوءً.
ومن هنا نفهم أن شكواه السابقة كان المقصود بها دعوة أصدقائه للسلوك السليم معه، أو مع أي إنسان في تجربة، أما هو فقد وضع رجاءه واعتماده على المسيح الفادى، والأبدية السعيدة التي تنتظره.
ع25: ينطق أيوب هنا بإيمانه العظيم بالمسيح، الذي سيأتى في ملء الزمان. ويتلخص إيمانه به فيما يلي:
ولىِّ
حى
والآخر على الأرض يقوم
ويشير أيوب أيضًا للمسيح الفادى الديان الذي سيقوم في اليوم الأخير؛ ليدين العالم كله، فيمجد المؤمنين به ويعاقب الأشرار.
ولعل أيوب قد رأى رؤيا ظهر فيها المسيح الولى الحى الفادى، الذي سيموت ويقوم من الأموات، وسيدافع عنه، وبالتالي فهو غير محتاج أن يتكلم كثيرًا، دفاعًا عن نفسه، فتعزى قلبه جدًا وهدأت نفسه.
: تشتاق.
يستكمل أيوب كلامه عن الحياة الأبدية، التي سيهبها له المسيح الفادى، فيقول أنه بدون جسده المادي سيرى الله. إذ يتغير جسده إلى جسم روحانى، وتعاين روحه المتحدة بجسده الروحانى الله في الأبدية، ويراه واضحًا، وتتعزى نفسه به إلى الأبد.
إلى جمال الأبدية يشتاق أيوب، بل تشتاق أحشاؤه ومشاعره التي يعبر عنها "بكليتاى"، والكلية تقوم بتنقية دم الإنسان، فهو يشتاق بروحه النقية أن يعاين الله ويتمتع به إلى الأبد.
ولعل أيوب قد رأى في الرؤيا كل هذا، أي رأى المسيح وتمتع بمعاينته، وانجذب قلبه إليه بشكل لم يستطع التعبير عنه، ففرح جدًا.
ع28، 29: يقدم أيوب في النهاية نصيحة لأصدقائه، مشفقًا عليهم، فقد حولت هذه الرؤيا موقف أيوب من أصدقائه، فبعدما رأى المسيح والأبدية أصبح قويًا ومستقرًا في سلام عجيب. وصب كل اهتمامه للعناية بأصدقائه وتوبتهم، فقال لهم:
كفاكم مطاردة لى وإساءة لشخصى بكلماتكم القاسية الخاطئة؛ لأنكم ستحاسبون عن كل كلمة خاطئة قلتموها.
بثقة أعلن لهم أن الحقائق والإيمان السليم عنده وليس عندهم، ويقصد الإيمان بالمسيح الفادى والحياة الأبدية، التي من أجلها يحتمل تجارب الحياة الزمنية المؤقتة.
يحذر أصدقاءه من سيف العدل الإلهي، الذي سيقابلونه في اليوم الأخير.
يحذرهم أيضًا من التمادي في الغيظ والغضب عليه - أى إدانة أيوب - لأن هذه الآثام التي يفعلونها بإدانتهم له تستوجب سيف العدل والقضاء الإلهي.
† عجيب هو الله في مساندته للصابرين، فهو يعزى قلوبهم أثناء الضيقة، لدرجة تنسيهم كل آلامهم، وتعطيهم سلامًا يفوق كل عقل. لذا فاصبر على ما تقابله من ضيقات، عالمًا أنها مؤقتة، بل وتنتظرك تعزيات إلهية لا يعبر عنها.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 20 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أيوب 18 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/job/chapter-19.html
تقصير الرابط:
tak.la/n8gq4hd