St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   job
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   job

تفسير الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

أيوب 28 - تفسير سفر أيوب

 

* تأملات في كتاب أيوب:
تفسير سفر أيوب: مقدمة سفر أيوب | أيوب 1 | أيوب 2 | أيوب 3 | أيوب 4 | أيوب 5 | أيوب 6 | أيوب 7 | أيوب 8 | أيوب 9 | أيوب 10 | أيوب 11 | أيوب 12 | أيوب 13 | أيوب 14 | أيوب 15 | أيوب 16 | أيوب 17 | أيوب 18 | أيوب 19 | أيوب 20 | أيوب 21 | أيوب 22 | أيوب 23 | أيوب 24 | أيوب 25 | أيوب 26 | أيوب 27 | أيوب 28 | أيوب 29 | أيوب 30 | أيوب 31 | أيوب 32 | أيوب 33 | أيوب 34 | أيوب 35 | أيوب 36 | أيوب 37 | أيوب 38 | أيوب 39 | أيوب 40 | أيوب 41 | أيوب 42

نص سفر أيوب: أيوب 1 | أيوب 2 | أيوب 3 | أيوب 4 | أيوب 5 | أيوب 6 | أيوب 7 | أيوب 8 | أيوب 9 | أيوب 10 | أيوب 11 | أيوب 12 | أيوب 13 | أيوب 14 | أيوب 15 | أيوب 16 | أيوب 17 | أيوب 18 | أيوب 19 | أيوب 20 | أيوب 21 | أيوب 22 | أيوب 23 | أيوب 24 | أيوب 25 | أيوب 26 | أيوب 27 | أيوب 28 | أيوب 29 | أيوب 30 | أيوب 31 | أيوب 32 | أيوب 33 | أيوب 34 | أيوب 35 | أيوب 36 | أيوب 37 | أيوب 38 | أيوب 39 | أيوب 40 | أيوب 41 | أيوب 42 | أيوب كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأَصْحَاحُ الثَّامِنُ وَالعِشْرُونَ

الحكمة

 

مقدمة:

في هذا الأصحاح لم يدافع أيوب عن نفسه، أو يعلن ضيقه من أصدقائه، ولكنه يتكلم عن موضوع هام، وهو الحكمة الحقيقية. وكان صوفر قد تمنى أن يعلن الله له حكمته بقوله: "ويعلن لك خفيات الحكمة أنها مضاعفة الفهم" ( أي 11: 6). وأجاب أيوب هنا، مظهرًا حكمة الله المخفية في الطبيعة، ومعلنًا السبيل إليها.

 

(1) الكنوز المخفية في الأرض ( ع1- 11)

(2) الحكمة أثمن من كل شيء ( ع 12- 19)

(3) أين تجد الحكمة ( ع20 - 28)

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(1) الكنوز المخفية في الأرض ( ع1- 11):

1 «لأَنَّهُ يُوجَدُ لِلْفِضَّةِ مَعْدَنٌ، وَمَوْضِعٌ لِلذَّهَبِ حَيْثُ يُمَحِّصُونَهُ. 2 الْحَدِيدُ يُسْتَخْرَجُ مِنَ التُّرَابِ، وَالْحَجَرُ يَسْكُبُ نُحَاسًا. 3 قَدْ جَعَلَ لِلظُّلْمَةِ نَهَايَةً، وَإِلَى كُلِّ طَرَفٍ هُوَ يَفْحَصُ. حَجَرَ الظُّلْمَةِ وَظِلَّ الْمَوْتِ. 4 حَفَرَ مَنْجَمًا بَعِيدًا عَنِ السُّكَّانِ. بِلاَ مَوْطِئٍ لِلْقَدَمِ، مُتَدَلِّينَ بَعِيدِينَ مِنَ النَّاسِ يَتَدَلْدَلُونَ. 5 أَرْضٌ يَخْرُجُ مِنْهَا الْخُبْزُ، أَسْفَلُهَا يَنْقَلِبُ كَمَا بِالنَّارِ. 6 حِجَارَتُهَا هِيَ مَوْضِعُ الْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ، وَفِيهَا تُرَابُ الذَّهَبِ. 7 سَبِيلٌ لَمْ يَعْرِفْهُ كَاسِرٌ، وَلَمْ تُبْصِرْهُ عَيْنُ بَاشِق، 8 وَلَمْ تَدُسْهُ أَجْرَاءُ السَّبْعِ، وَلَمْ يَعْدُهُ الزَّائِرُ. 9 إِلَى الصَّوَّانِ يَمُدُّ يَدَهُ. يَقْلِبُ الْجِبَالَ مِنْ أُصُولِهَا. 10 يَنْقُرُ فِي الصُّخُورِ سَرَبًا، وَعَيْنُهُ تَرَى كُلَّ ثَمِينٍ. 11 يَمْنَعُ رَشْحَ الأَنْهَارِ، وَأَبْرَزَ الْخَفِيَّاتِ إِلَى النُّورِ.

 

ع2،1: يمحصونه: ينقونه من الشوائب.

يحدثنا أيوب عن المعادن الثمينة الموجودة في باطن الأرض، ويختار منها الفضة والذهب والحديد والنحاس، فهي مختلطة بحجارة الأرض وتستخرج منها.

والفضة لها أصل، أي معدن خام يوجد مختلطًا بالشوائب في باطن الأرض تُستخرج منه. وقوله يوجد للفضة معدن ومكان للذهب يبين أن هذين المعدنين يوجدان داخل الأرض، ولكن ليس بكثرة، وذلك لأنهما معدنان ثمينان، ويستخدمان كثيرًا في الزينة والرفاهية. أما المعادن الضرورية التي تستخدم كثيرًا، مثل الحديد والنحاس، فتوجد بوفرة أكثر منهما، لذلك قال عنهما أنهما مختلطان بالتراب والحجارة.

إن كان البشر يتعبون في البحث عن هذه المعادن الثمينة ويستخرجونها من باطن الأرض، فكم يكون أجدى البحث عن الله المختفى وراء المخلوقات التي خلقها، أي بالتآمل في الطبيعة نكتشف خالقها وحكمته الفائقة.

 

St-Takla.org Image: Nature speaks of the glory of God (Job 28:1-28) صورة في موقع الأنبا تكلا: الطبيعة تنطق بمجد الله (أيوب 28: 1-28)

St-Takla.org Image: Nature speaks of the glory of God (Job 28:1-28)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الطبيعة تنطق بمجد الله (أيوب 28: 1-28)

ع3، 4: يتكلم أيوب عن المناجم التي يستخرجون منها المعادن، وهي مظلمة ولكن بالحفر داخلها يصل الإنسان إلى المعدن المطلوب، فالله وضع نهاية للظلمة التي في أعماق المنجم، حيث يصل الإنسان إلى المعدن الذي يريده. والإنسان يفحص ويبحث عن المعادن في كل طرف، أي في أقاصى الأرض، والله يرشده فيصل إلى هذه المعادن.

أخيرًا يصل الإنسان في أعماق المناجم إلى " حجر الظلمة " أي الحجارة المختلطة بالمعدن الذي يبحث عنه، فيفرح به، ويخرجه، ويستخلص منه معدنه. وفيما هو يبحث عن هذه المعادن يتعرض لأخطار كثيرة، قد تنهى حياته، ولكن من أجل أهمية هذه المعادن يحتمل الإنسان هذه الصعوبات الشديدة.

وكانوا يحفرون المناجم في الجبال والصحارى، بعيدًا عن أماكن سكن البشر، وعندما يحفرون المناجم يربطون العمال بالحبال، ويدلونهم إلى أسفل هذه الحفر؛ ليبحثوا عن المعادن.

وعندما يبدأ الحفر في المنجم للوصول إلى المعدن المطلوب، قد يشعر البعض أن هذا العمل غير مفيد، ولكن بعد الجهد الشاق للوصول إلى المعدن تظهر أهمية هذا المجهود. كذلك من يجاهد في الحياة الروحية قد يبدو أمام البعيدين عن الله أن هذا العمل غير مفيد، ولكن عندما يتمتع أولاد الله بالسلام والفرح يشعر الناس بأهمية جهادهم الروحي.

 

ع5:إذا ظن البعض أنه يوجد معادن في باطن الأرض الزراعية التي تنتج المحاصيل التي يأكلها الإنسان، فإنه من أجل أهمية هذه المعادن يقلبون الأرض ويحفرونها ويستخرجون هذه المعادن، ويعملون أفرانًا في هذه الأرض لإستخلاص المعادن من الحجارة والتراب.

 

ع6: يحدثنا أيوب عن بعض الكنور التي تستخرج من الأرض، ويقدم لنا الياقوت الأزرق، وهو حجر كريم ثمين يلى الماس في عظمته، والياقوت غالبًا يكون أزرقًا ولكن توجد منه أنواع أخرى لونها أحمر، أو أصفر. وكذلك نجد بين الأحجار التي في باطن الأرض الذهب، وهو من أثمن المعادن ويستخدم في أغراض كثيرة من أهمها الزينة.

 

ع7، 8: كاسر: طائر جارح مثل النسر. والطيور الجارحة هي التي تفترس لحوم الحيوانات وتنقض عليها من الهواء.

باشق: هو من الطيور الجارحة من عائلة النسر، ويتميز بأنه حاد النظر.

أجراء: جمع جرو وهو مولود الأسد أو الكلب.

السبع: الأسد.

يعده: فعل مأخوذ من عدو أي جرى سريع.

الزائر: الذي يزأر وهو الأسد.

يوضح أيوب أن الطريق لإكتشاف هذه الكنوز التي في باطن الأرض لا يصل إليها إلا الإنسان الذي يهبه الله الحكمة. أما باقي المخلوقات مهما كانت قوتها لا تستطيع إكتشاف هذه الأحجار الكريمة. فالطيور الجارحة، ذات النظر الحاد لا تستطيع أن ترى هذه الكنوز المختفية في الأرض. وكذلك الأسد بكل قوته وكبريائه لا يستطيع أن يحفر ويصل إليها.

 

ع9: الصوان: حجر شديد الصلابة ويسمى أيضًا الجرانيت.

والإنسان الذي وهبه الله الحكمة يستطيع أن يصل إلى أقوى الأحجار في باطن الأرض وهو الصوان. ويعانى الإنسان معاناة شديدة ومجهود كبير في الحفر، حتى يصل إلى هذه الأحجار العظيمة.

 

ع10، 11: سربًا: مجموعة متتابعة من الطيور أو الحيوانات والمقصود هنا تتابع الحفر؛ حتى تكون سرداب وهو نفق تحت الأرض.

يشرح أيوب ما وصل إليه الإنسان بحكمة الله، إذ استطاع أن يحفر في الأرض سراديب؛ ليصل إلى الأحجار الثمينة، فيراها ويتمتع بها.

بل استطاع الإنسان أيضًا أن يحمى هذه السراديب من الإنهيار، فمنع رشح المياه من الأنهار؛ وبهذا استطاع أن يصل إلى هذه الكنوز ويخرجها فوق الأرض، ويستخدمها، وبهذا أظهر الخفيات التي في باطن الأرض وأصعدها إلى النور.

عجيبة هي حكمة الله الذي كنز للإنسان كل هذه الكنوز في باطن الأرض، وبالجهد والتعب وصل إليها الإنسان، فكم بالحرى أهم من هذا أن يدخل الإنسان إلى أعماق الله؛ ليكتشف محبته ويتمتع بعشرته، ويقتنى فضائل ثمينة يتحلى بها في حياته.

وعلى قدر ما يتعب الإنسان سيصل إلى بركات كثيرة. فمن يزرع الأرض تعطيه قمحًا، أما من يحفر ويبذل مجهودًا كبيرًا، فإنه يحصل على الكنوز المخفية في الأرض.

ثابر في جهادك الروحي وصلواتك، لتصل إلى الله مهما حاول الجسد، أو العالم تعطيلك. وأعلم أن جهادك غالى جدًا عند الله، وهو يسندك ويفهمك؛ لتصل إلى التمتع بالله في الأرض، ثم في السماء.

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(2) الحكمة أثمن من كل شيء ( ع 12- 19):

12 «أَمَّا الْحِكْمَةُ فَمِنْ أَيْنَ تُوجَدُ، وَأَيْنَ هُوَ مَكَانُ الْفَهْمِ؟ 13 لاَ يَعْرِفُ الإِنْسَانُ قِيمَتَهَا وَلاَ تُوجَدُ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 14 الْغَمْرُ يَقُولُ: لَيْسَتْ هِيَ فِيَّ، وَالْبَحْرُ يَقُولُ: لَيْسَتْ هِيَ عِنْدِي. 15 لاَ يُعْطَى ذَهَبٌ خَالِصٌ بَدَلَهَا، وَلاَ تُوزَنُ فِضَّةٌ ثَمَنًا لَهَا. 16 لاَ تُوزَنُ بِذَهَبِ أُوفِيرَ أَوْ بِالْجَزْعِ الْكَرِيمِ أَوِ الْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ. 17 لاَ يُعَادِلُهَا الذَّهَبُ وَلاَ الزُّجَاجُ، وَلاَ تُبْدَلُ بِإِنَاءِ ذَهَبٍ إِبْرِيزٍ. 18 لاَ يُذْكَرُ الْمَرْجَانُ أَوِ الْبَلُّوْرُ، وَتَحْصِيلُ الْحِكْمَةِ خَيْرٌ مِنَ اللّآلِئِ. 19 لاَ يُعَادِلُهَا يَاقُوتُ كُوشٍ الأَصْفَرُ، وَلاَ تُوزَنُ بِالذَّهَبِ الْخَالِصِ.

 

إن كان الإنسان يستطيع بحكمته أن يكتشف الكنوز التي في باطن الأرض، فإنه لا يستطيع اكتشاف المقاصد الإلهية في تدبير الكون إلا بالصلاة، لنوال الحكمة الإلهية. فأيوب يظهر في الآيات التالية نوع آخر من الحكمة أعلى من المذكور في الآيات السابقة وهي الحكمة الإلهية، التي وإن كانت تجازى الأبرار بالخير والأشرار بالعقاب ولكن أحيانًا يسمح للأبرار بالضيقات؛ ليزكى إيمانهم، ويعطى الأشرار نجاحًا في الحياة، حتى يشكروا الله ويتوبوا عن خطاياهم، فإن لم يقوموا بهذا يعاقبهم في الحياة الأخرى.

والخلاصة أن النوع الأول من الحكمة الذي يمكن الإنسان من اكتشاف الكنوز الأرضية يعطى لكل البشر. أما النوع الثاني من الحكمة وهو الحكمة الإلهية، فيوهب فقط لأولاد الله الذين يطلبونه.

 

ع12-14: الغمر: كان القدماء يظنون أن الأرض محاطة بالمياه من كل جانب ويسمون هذه المياه بالغمر.

يتساءل أيوب عن الحكمة الإلهية ويقول: أين توجد وأين يوجد الفهم الحقيقي، أي الفهم الإلهي؟ إنه ليس على الأرض بل مصدره السماء.

إن قيمة الحكمة الإلهية أعلى من الفهم الإنسانى. والله بمحبته يظهر لأولاده مدى عظمتها. أما باقي البشر فيظلوا لا يفهمون ولا يقدرون قيمتها.

لا يمكن اكتشاف الحكمة الإلهية السماوية إلا بمعونة الله. فالله موجود بتدابيره في كل الكون. ولا يفهمه إلا أولاده الطالبين إياه. وأيضًا الكتاب المقدس لا يمكن اكتشاف الله وحكمته فيه إلا بالصلاة.

والحكمة الإلهية هي الأقنوم الثاني، أي المسيح المتجسد؛ هو من السماء، وتجسد لنرى نحن البشر الضعفاء الحكمة تتحرك أمامنا. ولم ولن يعرف قيمته إلا من آمن به.

يستكمل أيوب حديثه، فيسأل الغمر هل الحكمة الإلهية عندك؟ فيقول لا، ثم يسأل البحر العميق، الذي لا يصل الإنسان إلى كل أعماقه، هل الحكمة الإلهية عندك؟ فيجيب لا. والخلاصة أن أيوب يسأل أين توجد الحكمة؟ والإجابة هي أنها عند الله وحده.

 

ع15-19: أوفير: مكان يوجد في جنوب شرق بلاد العرب، ويتميز بوجود مناجم للذهب الخالص فيه.

الجزع: حجر كريم يتكون من ثانى أكسيد السيليكون، يختلط بشوائب من أكسيد الحديد فيعطيه اللون المجزع كخطوط تتشرب في داخله. وهو حجر بلورى شفاف توجد فيه خطوط بيضاء وسوداء، أو ذات لون وردى.

الياقوت: حجر كريم ذو صلابة قوية تلى الماس، وهو يتكون من أكسيد الألومنيوم، ولونه شفاف مشرب بالزرقة غالبًا، وأحيانًا بالصفرة أو الحمرة.

ذهب ابريز: ذهب خالص عالى النقاوة.

المرجان: صغار اللؤلؤ.

البلور: حجر أبيض شفاف وهو الزجاج النقى.

كوش: الحبشة

السؤال الثاني الذي يطرحه أيوب هو ما قيمة الحكمة الإلهية؟ ويجيب عن هذا السؤال في هذه الآيات فيقول لا يعادلها الذهب الخالص، ولا الفضة، ولا الأحجار الكريمة الثمينة، مثل الجزع والياقوت الأزرق والأصفر والمرجان. ولا المواد النادرة وقتذاك مثل الزجاج والبلور، إذ كانت لا توجد إلا في مصر، حيث تم اكتشافها وتصنيعها.

وقد ذكر أيوب أفضل المعادن وأنقاها، سواء في مصر، أو الحبشة، ليعلن أنه لا يوجد على الأرض أي شيء له قيمة مثل الحكمة الإلهية.

إن الحكمة الإلهية يفيضها الروح القدس في الكنيسة على المؤمنين، المتضعين المحبين لله، الرافعين أيادى طاهرة أمامه. فليتك تقبل إلى الله في كنيسته؛ لتتمتع بالسماء وأنت على الأرض، وتسلك بسلام في العالم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(3) أين تجد الحكمة ( ع20 - 28):

20 «فَمِنْ أَيْنَ تَأْتِي الْحِكْمَةُ، وَأَيْنَ هُوَ مَكَانُ الْفَهْمِ؟ 21 إِذْ أُخْفِيَتْ عَنْ عُيُونِ كُلِّ حَيٍّ، وَسُتِرَتْ عَنْ طَيْرِ السَّمَاءِ. 22 اَلْهَلاَكُ وَالْمَوْتُ يَقُولاَنِ: بِآذَانِنَا قَدْ سَمِعْنَا خَبَرَهَا. 23 اَللهُ يَفْهَمُ طَرِيقَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَكَانِهَا. 24 لأَنَّهُ هُوَ يَنْظُرُ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. تَحْتَ كُلِّ السَّمَاوَاتِ يَرَى. 25 لِيَجْعَلَ لِلرِّيحِ وَزْنًا، وَيُعَايِرَ الْمِيَاهَ بِمِقْيَاسٍ. 26 لَمَّا جَعَلَ لِلْمَطَرِ فَرِيضَةً، وَمَذْهَبًا لِلصَّوَاعِقِ، 27 حِينَئِذٍ رَآهَا وَأَخْبَرَ بِهَا، هَيَّأَهَا وَأَيْضًا بَحَثَ عَنْهَا، 28 وَقَالَ لِلإِنْسَانِ: هُوَذَا مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ الْحِكْمَةُ، وَالْحَيَدَانُ عَنِ الشَّرِّ هُوَ الْفَهْمُ».

 

ع20-22: يكرر أيوب في (ع20) ما سبق وقاله بالنص في (ع12). وذلك ليعرفنا أهمية البحث عن مصدر الحكمة الحقيقية، فيستحيل أن تجدها في أي مكان في الأرض.

فهى مخفية عن عيون البشر؛ حى لو كانوا أذكياء ومرتفعين في فلسفتهم ويحلقون في السماء مثل الطيور، أي لهم معرفة عالية جدًا.

أما الهلاك والموت، أي أرواح البشر الموجودة بعد الموت في الهاوية والجحيم، فيقولون: قد سمعنا بآذاننا عن الحكمة، أي بعد التخلص من الجسد الثقيل، فإن أرواح البشر لا تستطيع أن تدرك الحكمة الحقيقية ولكنها فقط سمعت عنها. والخلاصة أن الحكمة الحقيقية كما يؤكد أيوب، غير موجودة عند البشر. وبالتالي فلماذا يتناقش هو وأصدقاؤه حولها، لأنها غير موجودة عند البشر، بل عند الله، ويهبها لمن يريد من أولاده الخاضعين له.

 

ع23، 24: ثم يعلن أيوب بوضوح وقوة أن المصدر الوحيد للحكمة الحقيقية هو الله، فهو يعرف مكان الحكمة، لأنها عنده ويعرف طريقها، لأنه هو واضع طريقها وأسلوبها. فالحكمة هي الله الأقنوم الثاني.

والذى يؤكد أن الله وحده هو مصدر الحكمة، أنه يرى إلى أقاصى الأرض، فكل شيء مكشوف وعريان أمامه، بل يرى كل شيء في كل زمان، كل ما تحت السماء معروف لديه. والذي له هذه المعرفة هو وحده الذي له الحكمة الحقيقية. فالله يرى كل ما هو ظاهر، ويرى أيضًا ما هو داخل قلوب البشر ونياتهم، وكذلك يرى المستقبل. إنه كامل في معرفته، ولا يوجد كائن في السماء، أو على الأرض له كل هذه المعرفة، لأنه رغم قوة الملائكة وفهمهم، لكنهم أيضًا محدودين ولا يروا خفيات القلوب.

 

ع25، 26: الصواعق: جمع صاعقة وهي النار التي تنزل من السماء مع رعد نتيجة التفريغ الكهربى عند اصطدام السحب ببعضها.

مذهبًا: أسلوبًا.

أعطى أيوب أمثلة لقدرة الحكمة الإلهية وتدبيرها للكون، فقال إن الله جعل للريح وزنًا، أي أن الرياح محملة بالماء بالمقدار الذي يراه الله، ثم يتحول بخار الماء إلى قطرات المطر؛ ليملأ البحار والأنهار بالمقدار المناسب، ثم تتبخر مياه البحار والأنهار، وترتفع إلى السماء وتحملها الرياح، فالله قد دبر توازن في كمية الماء سواء على الأرض، أو في السماء. والله يجعل للريح وزنًا، فيجعل الرياح خفيفة كنسمة تلطف الجو حول الإنسان، أو يجعل الهواء بوزن ثقيل، أي عواصف مدمرة. حسبما يرى هو.

وهكذا نرى أن الخليقة كلها تتحرك بحسب تدبير الحكمة الإلهية لها، سواء بالنسبة للرياح، أو المطر، أو الصواعق، وبالتالي تطمئن قلوبنا أنه مدبر كل خير لنا وكل شيء محسوب ومرتب من قبله.

ينطبق الكلام عن الحكمة الإلهية في تجسد المسيح وفدائه. فالله الآب رأى الحكمة فيه منذ الأزل وأخبر بها في تجسد المسيح، وهيأ الحكمة في إعداده طريق الخلاص والفداء على الصليب.

 

ع27، 28: في الختام يعلن أيوب أن الله هو وحده الذي رأى الحكمة لأنها فيه، وأخبر بها أولاده القديسين. والله أيضاُ هو الذي أعد وهيأ الحكمة لخير أولاده وأوضح لهم هذا.

وينطبق الكلام عن الحكمة الإلهية في تجسد المسيح وفدائه. فالله الآب رأى الحكمة فيه منذ الأزل، وأخبر بها فى تجسد المسيح، وهيأ الحكمة في إعداده طريق الخلاص والفداء على الصليب، ثم يبحث عنها، أي أعلن قوتها في قيامة المسيح.

ثم لخص الله للإنسان كيفية الحصول على الحكمة الإلهية، فينال الإنسان هذه الحكمة بما يلي:

  1. مخافة الله، فإذ يهاب الإنسان الله، ويخضع له، يهبه الله هذه الحكمة السامية.

  2. الابتعاد عن الشر، فيتنقى الإنسان من معطلات الحكمة، ويسهل امتلائه بها من الله.

فالإنسان مطلوب منه أن يطيع وصايا الله وكل ما تعلنه له الحكمة الإلهية في الشريعة والتعاليم الإلهية. وفى نفس الوقت لا ينشغل بما لا يفهمه؛ لأن الله أخفاه عنه لحكمة منه، وسيعلنها له فيما بعد على الأرض، بعدما يعده لهذا الفهم، أو يعلنه في السماء، عندما يتحرر من ثقل الجسد. بل يظل الله يكشف هذه الحكمة إلى الأبد للإنسان؛ لأن هذه الحكمة غير محدودة ولا يمكن لإنسان أن يستوعب كل الحكمة الإلهية؛ لأن الإنسان محدود.

إن التوبة والاتضاع هما أقصر الطرق لنوال الحكمة الإلهية، فالله يريد أن يهبك حكمته، عندما تؤكد حبك له بترك الخطية كل يوم، والندم عليها، والاتضاع في صلوات كثيرة عند قدميه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/job/chapter-28.html

تقصير الرابط:
tak.la/sswn8gz