← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20
بعد أن أعلن الله البركات واللعنات خشى الله أن يسقط الشعب في اليأس بعد أن أخبرهم بغضبه وهنا يُخبرهم بثلاث أمور مهمة:-
1- لا داعي لليأس فطريق التوبة مفتوح حتى وإن ضرب الله الخاطئ.
2- الوصية ليست صعبة فهو يعين الإنسان على تنفيذها.
3- كل إنسان حر... إذًا طاعة الوصية متوقفة على قراري وإرادتي وبحريتي.
وهذا الإصحاح يعتبره البعض نبوة عن دعوة اليهود في آخر الأيام للإيمان.
آية 1:- "«وَمَتَى أَتَتْ عَلَيْكَ كُلُّ هذِهِ الأُمُورِ، الْبَرَكَةُ وَاللَّعْنَةُ، اللَّتَانِ جَعَلْتُهُمَا قُدَّامَكَ، فَإِنْ رَدَدْتَ فِي قَلْبِكَ بَيْنَ جَمِيعِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَيْهِمْ،"
فإن رددت في قلبك = إن التأديب كثيرًا ما يرد الإنسان إلى صوابه، فإن رجع إلى نفسه وراجع ضميره وندم على خطاياه يفتح له الله باب التوبة ويعده بالمغفرة. وأول خطوة في طريق التوبة كما فعل الابن الضال حين قارن بين حاله وحال خدام أبيه، بعدها عاد لأبيه.
آية 2:- "وَرَجَعْتَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكَ، وَسَمِعْتَ لِصَوْتِهِ حَسَبَ كُلِّ مَا أَنَا أُوصِيكَ بِهِ الْيَوْمَ، أَنْتَ وَبَنُوكَ، بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ،"
شرط التوبة أن تكون غير مترددة وبكل القلب يطيع وصايا الله = سمعت لصوته ويترك كل منافس لله في حياته. فالأوثان التي عبدوها، والخطايا التي تستعبد الإنسان تكون كمنافس لله في قلب الإنسان "لَا تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلَا تَعْبُدْهُنَّ، لِأَنِّي أَنَا ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ إِلَهٌ غَيُورٌ".. "ٱلرُّوحُ ٱلَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى ٱلْحَسَدِ" (خر5:20؛ يع5:4). كلمة الحسد في رسالة القديس يعقوب هي نفسها كلمة غيور في الوصايا العشر في سفر الخروج.
آية 3:- "يَرُدُّ الرَّبُّ إِلهُكَ سَبْيَكَ وَيَرْحَمُكَ، وَيَعُودُ فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ بَدَّدَكَ إِلَيْهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ."
قارن مع قول القديسين "التوبة تحوِّل الزاني إلى بتول". ولاحظ قول الله "هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ ٱلشِّرِّيرِ؟ يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ. أَلَا بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا" (حز 23:18).
آية 4-10:- "إِنْ يَكُنْ قَدْ بَدَّدَكَ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ، فَمِنْ هُنَاكَ يَجْمَعُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، وَمِنْ هُنَاكَ يَأْخُذُكَ، وَيَأْتِي بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي امْتَلَكَهَا آبَاؤُكَ فَتَمْتَلِكُهَا، وَيُحْسِنُ إِلَيْكَ وَيُكَثِّرُكَ أَكْثَرَ مِنْ آبَائِكَ. وَيَخْتِنُ الرَّبُّ إِلهُكَ قَلْبَكَ وَقَلْبَ نَسْلِكَ، لِكَيْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا. وَيَجْعَلُ الرَّبُّ إِلهُكَ كُلَّ هذِهِ اللَّعَنَاتِ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَعَلَى مُبْغِضِيكَ الَّذِينَ طَرَدُوكَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَتَعُودُ تَسْمَعُ لِصَوْتِ الرَّبِّ، وَتَعْمَلُ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ، فَيَزِيدُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ خَيْرًا فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ، فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وَثَمَرَةِ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةِ أَرْضِكَ. لأَنَّ الرَّبَّ يَرْجعُ لِيَفْرَحَ لَكَ بِالْخَيْرِ كَمَا فَرِحَ لآبَائِكَ، إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ الْمَكْتُوبَةَ فِي سِفْرِ الشَّرِيعَةِ هذَا. إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ."
الختان الروحي للقلب معناه تجديد الحياة وكمالها ونزع كل خطية من الإنسان والله بروحه القدوس (بنعمته) يفعل هذا (رو13:8) لو أظهر الإنسان بجهاده وندمه استعداده لذلك. أكثر من أبائك = الله دائمًا يعمل أعمالًا مدهشة جديدة كل يوم.
(الآية9):- فَيَزِيدُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ خَيْرًا... لأَنَّ الرَّبَّ يَرْجعُ لِيَفْرَحَ لَكَ بِالْخَيْرِ كما فرح لأبائك.
هذه هي محبة الله، الله لا يُسَّر بأن يُعاقب، بل فرحة الله بأن يعطي الخيرات لأولاده ويراهم فرحين. هو فرِح بكل الخير الذي أعطاه لأبائهم، ويريد أن يفرح بأن يعطيهم هم أيضاً.
آية 11:- "«إِنَّ هذِهِ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ لَيْسَتْ عَسِرَةً عَلَيْكَ وَلاَ بَعِيدَةً مِنْكَ."
إذًا الوصايا ليست صعبة (1 يو 3:5) فنعمة الله تسند وتساعد لذلك فنيره هين وحمله خفيف (مت30،29:11) المهم أن يقرر الإنسان أنه يختار طريق الله. والوصايا لَيْسَتْ.. بَعِيدَةً مِنْكَ = لأن الرب قد سبق وكلمهم بها من على الجبل وكلمهم بها موسى وهرون وهي مكتوبة على ألواح وطالما أرسل الله لهم أنبياء يحملون وصاياه ورسائله.
الله خلق الإنسان وكان ناموسه مطبوعًا على قلبه بالمحبة (الناموس الطبيعي أو الضمير). ولكن بعد الخطية تحجر القلب، فما عاد الإنسان يعرف الوصايا، إذ ما عادت محبة الله تملأ القلب (يو23:14). وأعطى الله الشعب، الناموس على يد موسى وهم رأوا الله ذلك اليوم، فما صارت الوصايا بعيدة عنهم. وقال القديس إغريغوريوس عن ذلك "أعطيتني الناموس عوناً".
آية 12:- "لَيْسَتْ هِيَ فِي السَّمَاءِ حَتَّى تَقُولَ: مَنْ يَصْعَدُ لأَجْلِنَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَأْخُذُهَا لَنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَلَ بِهَا؟"
كلمة الرب ليست صعبة المنال أو عالية على مستوى الإنسان كأنها في السماء لا نصل لها.
آية 13:- "وَلاَ هِيَ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ حَتَّى تَقُولَ: مَنْ يَعْبُرُ لأَجْلِنَا الْبَحْرَ وَيَأْخُذُهَا لَنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَلَ بِهَا؟"
وكلمة الرب ليست في عبر البحر = الأصل العبري في عمق البحر لا يصل إليه إنسان.
آية 14:- "بَلِ الْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ جِدًّا، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ لِتَعْمَلَ بِهَا."
بل كلمة الرب في فمك = فالله أمرهم أن يرددوها ولو فعلوا ستكون في قلبك = إذا رددتها وتأملت فيها ستتمسك بها وتحبها (وهذه فائدة ترديد آية أو اسم يسوع طوال اليوم فيتقدس قلب الإنسان). وهذا يمكن تنفيذه سواء في العهد القديم أو العهد الجديد والفارق في المستوى, ففي العهد القديم نسمع الوصايا لا تزني / لا تقتل وفي العهد الجديد نسمع لا تنظر لتشتهي ولا تغضب.
وما جعل الوصية سهلة التنفيذ في العهد الجديد المسيح الساكن فينا والروح القدس الذي يعيننا. ولقد اقتبس بولس الرسول هذا النص في (رو5:10-10) ويقصد بولس الرسول أنه يجب على الإنسان أن يؤمن إيمانًا كاملًا بسيطًا بعمل المسيح لأجل البشر وأن المسيح ليس بعيدًا فنقول أنه في السماء فالمسيح تجسد وجاء من السماء إلى بيت لحم وتحدث معنا فمًا لفم وليس كما تحدث للأنبياء من السماء (عب1:1 + 1يو1:1-4) وليس هو في عمق البحر وهذه تعني الموت (راجع يون3:2-6) أي لم يبق المسيح في القبر ولكنه قام ولم يعد ميتًا بعد ليعطينا حياة القيامة والنصرة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وأصبح قريب منا جدًا وفينا ولذلك يقول "اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ". بولس هنا فهم أن كلمة الله في هذه الآيات هو المسيح كلمة الله (يو14:1)، والمسيح ليس بعيدًا عنا.
الآيات 15-19: "«اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ، بِمَا أَنِّي أَوْصَيْتُكَ الْيَوْمَ أَنْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ لِكَيْ تَحْيَا وَتَنْمُوَ، وَيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِكَيْ تَمْتَلِكَهَا. فَإِنِ انْصَرَفَ قَلْبُكَ وَلَمْ تَسْمَعْ، بَلْ غَوَيْتَ وَسَجَدْتَ لآلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا، فَإِنِّي أُنْبِئُكُمُ الْيَوْمَ أَنَّكُمْ لاَ مَحَالَةَ تَهْلِكُونَ. لاَ تُطِيلُ الأَيَّامَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ عَابِرٌ الأُرْدُنَّ لِكَيْ تَدْخُلَهَا وَتَمْتَلِكَهَا. أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ،"
قدامك الحياة... والموت = أي الاختيار اختيارك، وكل إنسان حُر في قراره.
آية 20:- "إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلْتَصِقُ بِهِ، لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ وَالَّذِي يُطِيلُ أَيَّامَكَ لِكَيْ تَسْكُنَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفَ الرَّبُّ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا."
من يلتصق بالرب ويثبت فيه تكون لهُ حياة على هذه الأرض وفي الحياة الأبدية.
الآيات (رو10: 5-10):
"لِأَنَّ مُوسَى يَكْتُبُ فِي ٱلْبِرِّ ٱلَّذِي بِٱلنَّامُوسِ: «إِنَّ ٱلْإِنْسَانَ ٱلَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». وَأَمَّا ٱلْبِرُّ ٱلَّذِي بِٱلْإِيمَانِ فَيَقُولُ هَكَذَا: «لَا تَقُلْ فِي قَلْبِكَ: مَنْ يَصْعَدُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ؟» أَيْ لِيُحْدِرَ ٱلْمَسِيحَ، «أَوْ: مَنْ يَهْبِطُ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ؟» أَيْ لِيُصْعِدَ ٱلْمَسِيحَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ. لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ؟ «اَلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» أَيْ كَلِمَةُ ٱلْإِيمَانِ ٱلَّتِي نَكْرِزُ بِهَا: لِأَنَّكَ (تُتَرْجَم: وهي) إِنِ ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ ٱللهَ أَقَامَهُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ".
* في العهد القديم ظهر الله للشعب وأعطاهم الوصايا في منظر مخيف (خر16:19 – خر1:20). والله قصد أن يعلن كلمته بهذه الطريقة المخيفة لشعبه حتى يحفظوها عن خوف وينفذها فلا يموتوا ويهلكوا.
* أما في العهد الجديد فلقد تجسد كلمة الله وصار فينا، وأعطانا حياته، وأرسل لنا روحه القدوس يعيننا بنعمته على حفظ وصاياه.
ويلخص بولس الرسول طريق الخلاص في الآتي:-
ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ = الفم يشير للحياة الظاهرة وأقوالنا وتصرفاتنا وأعمالنا أمام الناس.
وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ = القلب يشير للحياة الداخلية والإيمان العميق بالمسيح.
المدخل هو الإيمان بالمسيح، إيماناً حياً عاملاً بالمحبة (غل6:5). وبالأسرار نثبت في المسيح ويسكن فينا الروح القدس يثبتنا في المسيح ويعطينا النعمة تعيننا.
بدون الإيمان بالقلب يصير إعترافنا الظاهري لغوًا وتعصبًا وشكليات. وبدون الحياة العاملة والإعتراف الظاهر يكون إيماننا ميتاً.
← تفاسير أصحاحات التثنية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير التثنية 31 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير التثنية 29 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/64xgzxc