← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20
آية 1:- "«جَمِيعَ الْوَصَايَا الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ تَحْفَظُونَ لِتَعْمَلُوهَا، لِكَيْ تَحَيَوْا وَتَكْثُرُوا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا الأَرْضَ الَّتِي أَقْسَمَ الرَّبُّ لآبَائِكُمْ."
الله لن يزداد قداسة بقداستنا ولن تتأثر قداسته لو تنجسنا. إذاً لماذا يكرر الله ويشدد على حفظ الوصايا؟ الله لا يريد أن يتحكم فينا كما يقول الملحدين، ولكنه يريد لنا أن نحيا في بركة وفرح ..... ألم يخلقنا الله في جنة عَدْنْ (عَدْنْ עֵדֶן كلمة عبرية تعني فرح). إذاً لنفهم أن الوصايا هي لصالحنا.
حينما أراد الله أن يُظهر لشعبه أنه أعطاهم خيرات عظيمة، لم يذكر إخراجهم من أرض مصر، ولا شق البحر ولا شق الأردن ... إلخ.، بل قال لهم "وَأَعْطَيْتُهُمْ فَرَائِضِي وَعَرَّفْتُهُمْ أَحْكَامِي ٱلَّتِي إِنْ عَمِلَهَا إِنْسَانٌ يَحْيَا بِهَا. وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا سُبُوتِي لِتَكُونَ عَلَامَةً بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، لِيَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ" (حز12،11:20). فهذه الوصايا كانت للحياة. أما من يسعى وراء أي خطية فلسوف يستعبده إبليس "أُعْطِيكَ هَذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي" (مت9:4). فهذا هو أسلوب إبليس. والله لا يريد لأولاده أن يستعبدهم إبليس ويذلهم. والمسيح أتى وتجسد قدم لنا الفداء ليحررنا وقال "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ ٱلِٱبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا" (يو36:8). ولماذا فصل الله السبت عن باقي الوصايا في (حز12،11:20)؟ كان ذلك لأن من يحفظ التسع وصايا سيحيا ويجد بركة في حياته على الأرض. أما تقديس السبت يعني أن يخصص الإنسان يوما لله، فيه يلتصق بالله، فيحيا على الأرض حياة سماوية، ويذكر أنه ينتمي للسماء وليس للأرض.
آية 2:- "وَتَتَذَكَّرُ كُلَّ الطَّرِيقِ الَّتِي فِيهَا سَارَ بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هذِهِ الأَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْقَفْرِ، لِكَيْ يُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيَعْرِفَ مَا فِي قَلْبِكَ: أَتَحْفَظُ وَصَايَاهُ أَمْ لاَ؟"
يا ليتنا ونحن نُصلي صلاة الشكر نذكر كل حسنات الله وتأديباته لنا كل الحياة.
كل الطريق = قادهم الله في البرية لمدة 40 سنة، تنوعت خلالها معاملات الله معهم، أي طريقة معاملة الله لهم، حيث رعاهم وأعطاهم ماءً من صخرة، ومناً سماوياً، وطيوراً. وأيضاً كان يؤدبهم فكل أموره للخير، فهو كان يسمح لهم ببعض المشقات والألام.
لكي يذلك = سمح الله لهم ببعض المشقات كعقاب لهم وكتدريب روحي لنمو الإيمان للشعور خلال التجربة بالمذلة. والله يسمح لنا بهذا النوع من الإذلال كتأديب وحتى لا نسقط في البر الذاتي، وحتى نتلامس مع الله (الثلاث فتية رأوا الله في التجربة وليس في قصر الملك) فيكون لنا ثمار وهذا الإذلال يعطينا تزكية وأكاليل في الآخرة.
ويجربك = ليس لأن الله لا يعرف ولكن حتى تعرف أنت نفسك وتعرف نقاط ضعفك، وأيضًا لأن هذه التجارب فيها علاج وبعدها يكره الإنسان الخطية. قيل عن المسيح أنه "فاحص الكلى والقلوب" (رؤ23:2)، والله هو الذي خلقني وصوَّرني منذ البطن، فالله يعرف داخلي أكثر مما أعرفه أنا. إذًا قوله ويجربك تعني كما شرحناها في مقدمة سفر الخروج أن فائدة التجارب أنها مدرسة لنمو الإيمان. وقوله يُذِلك = هذه لأن التجربة تسبب ألام، لكنها كالدواء المر اللازم للعلاج فيحيا المريض، وقارن مع "لِأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ. يَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ" (أى18:5).
آية 3:- "فَأَذَلَّكَ وَأَجَاعَكَ وَأَطْعَمَكَ الْمَنَّ الَّذِي لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهُ وَلاَ عَرَفَهُ آبَاؤُكَ، لِكَيْ يُعَلِّمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الرَّبِّ يَحْيَا الإِنْسَانُ."
وأجاعك = فقد تأنى الله عليهم فترة قبل نزول المن ليُعلِّمهم الاتكال عليه لنمو الإيمان.
وهذه الآية استخدمها المسيح في الرد على إبليس. ولاحظ في ردود المسيح على إبليس أن المسيح يقول مكتوب ولم يقل أنا أرى ذلك فهو يشعُر أن كلمة الله لها قوتها فهل نفعل نفس الشيء ونُسلِّم بقوة الكلمة دون أن يكون لرأينا قيمة. والإنسان يحيا بكل ما يخرج من فم الرب = وكما أن الجائع وحده هو الذي يقدر قيمة الخُبز هكذا لا يعرف قيمة كلمة الله إلا من عرف أنها تقود حياته الداخلية الخفية وتُعطيها حياة، بل وحياته العملية.
كل ما يخرج من فم الرب = وماذا يخرج من فم الرب سوى كلمة الله أي كلمته الخالقة أي الأقنوم الثاني الذي به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان. وهو أعطى المن الذي أعطى للشعب حياة في الماضي وأعطانا جسده منًا حقيقيًا من يأكله يحيا به. ويخرج من فم الرب أيضًا كلمات الكتاب المُقدس وهذه تعطينا حياة فكلمة الله حيَّة وفعالة.
آية 4:- "ثِيَابُكَ لَمْ تَبْلَ عَلَيْكَ، وَرِجْلُكَ لَمْ تَتَوَرَّمْ هذِهِ الأَرْبَعِينَ سَنَةً."
عناية الله لهم شملت ملابسهم وأحذيتهم "وهناك تقليد يهودي يقول أن ملابسهم كانت تنمو معهم" وقد يكون هذا صحيحًا ولكن ما يُفهم بالأولى عناية الله وتدبيره، حتى في أتفه الأشياء كالملابس والأحذية (تث 5:29).
الآيات 5-6:- "فَاعْلَمْ فِي قَلْبِكَ أَنَّهُ كَمَا يُؤَدِّبُ الإِنْسَانُ ابْنَهُ قَدْ أَدَّبَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. وَاحْفَظْ وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَتَّقِيَهُ،"
آية 8،7:- "لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ آتٍ بِكَ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ. أَرْضِ أَنْهَارٍ مِنْ عُيُونٍ، وَغِمَارٍ تَنْبَعُ فِي الْبِقَاعِ وَالْجِبَالِ. أَرْضِ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَكَرْمٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ. أَرْضِ زَيْتُونِ زَيْتٍ، وَعَسَل."
عيون = أبار طبيعية وصناعية. وغمار = أي مياه غزيرة تخرج من الينابيع وتأتي من الأمطار. والبقاع = الأراضي المُنخفضة.
إذاً الرب إلهك يؤدبك (آيات 6،5) لكي تدخل الأرض الجيدة المملوءة عيونا وغمار تفيض ماء (آيات8،7). ولو حفظت وصايا الرب إلهك ستستقر في الأرض ولن يطردك أحدٌ منها. هذه الآيات نعيد صياغتها لتتماشى معنا كمسيحيين: الرب إلهنا يؤدبنا الآن ببعض التجارب، ولو حفظنا الوصايا ندخل ويكون لنا ميراث في مجد السماء عرش المسيح (رؤ21:3). ويقتادنا الخروف (المسيح) إلى ينابيع ماء حية (رؤ7: 17).
آية 9:- "أَرْضٌ لَيْسَ بِالْمَسْكَنَةِ تَأْكُلُ فِيهَا خُبْزًا، وَلاَ يُعْوِزُكَ فِيهَا شَيْءٌ. أَرْضٌ حِجَارَتُهَا حَدِيدٌ، وَمِنْ جِبَالِهَا تَحْفُرُ نُحَاسًا."
ليس بالمسكنة = أي لن تأكلوا بالتقتير فالخيرات كثيرة حتى في مناجم الحديد والنحاس.
آية 10:- "فَمَتَى أَكَلْتَ وَشَبِعْتَ تُبَارِكُ الرَّبَّ إِلهَكَ لأَجْلِ الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ الَّتِي أَعْطَاكَ."
الله يعلم ضعف الإنسان أنه متى شبع وعاش في سلام ينسى الله.
الآيات 11-14:- "اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ وَلاَ تَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَفَرَائِضَهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ. لِئَلاَّ إِذَا أَكَلْتَ وَشَبِعْتَ وَبَنَيْتَ بُيُوتًا جَيِّدَةً وَسَكَنْتَ، وَكَثُرَتْ بَقَرُكَ وَغَنَمُكَ، وَكَثُرَتْ لَكَ الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ، وَكَثُرَ كُلُّ مَا لَكَ، يَرْتَفِعُ قَلْبُكَ وَتَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ،"
للأسف هذه هي طبيعة الإنسان والحل هو الشُكر الدائم كما تُعلمنا الكنيسة على كل حال وفي كل حال. وتنبأ موسى أن الشعب سيعمل هذا فعلًا "فَسَمِنَ يَشُورُونَ وَرَفَسَ. سَمِنْتَ وَغَلُظْتَ وَٱكْتَسَيْتَ شَحْمًا فَرَفَضَ ٱلْإِلَهَ ٱلَّذِي عَمِلَهُ، وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلَاصِهِ (تث15:32).
آية 15:- "الَّذِي سَارَ بِكَ فِي الْقَفْرِ الْعَظِيمِ الْمَخُوفِ، مَكَانِ حَيَّاتٍ مُحْرِقَةٍ وَعَقَارِبَ وَعَطَشٍ حَيْثُ لَيْسَ مَاءٌ. الَّذِي أَخْرَجَ لَكَ مَاءً مِنْ صَخْرَةِ الصَّوَّانِ."
الطريق كان شاقًا لكن الله كان الرفيق فحفظهم.
آية 16:- "الَّذِي أَطْعَمَكَ فِي الْبَرِّيَّةِ الْمَنَّ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْهُ آبَاؤُكَ، لِكَيْ يُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ، لِكَيْ يُحْسِنَ إِلَيْكَ فِي آخِرَتِكَ."
سمح الله ببعض الآلام في الطريق ولكن النهاية أرض كلها خيرات. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهكذا في حياتنا الآن, فلنصبر ونُجاهد فخفة ضيقتنا الوقتية لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا (رو18:8 + 2كو17:4) فالآم الزمان الحاضر مهما كانت فهي خفيفة وعلينا احتمالها ناظرين للمجد الأبدي.
آية 18،17:- "وَلِئَلاَّ تَقُولَ فِي قَلْبِكَ: قُوَّتِي وَقُدْرَةُ يَدِيَ اصْطَنَعَتْ لِي هذِهِ الثَّرْوَةَ. بَلِ اذْكُرِ الرَّبَّ إِلهَكَ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لاصْطِنَاعِ الثَّرْوَةِ، لِكَيْ يَفِيَ بِعَهْدِهِ الَّذِي أَقْسَمَ لآبَائِكَ كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ."
هذه غواية أخرى يقع فيها الإنسان إذ يظن أنه بقوته يأتي بالخيرات. ولكن نعلم أن الله هو مُعطي كل الخيرات.
آية 19:- "وَإِنْ نَسِيتَ الرَّبَّ إِلهَكَ، وَذَهَبْتَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا وَسَجَدْتَ لَهَا، أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ أَنَّكُمْ تَبِيدُونَ لاَ مَحَالَةَ."
أشهد عليكم = فموسى سبق وأخبرهم.
آية 20:- "كَالشُّعُوبِ الَّذِينَ يُبِيدُهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِكُمْ كَذلِكَ تَبِيدُونَ، لأَجْلِ أَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ."
من هذه الآية نفهم لماذا سمح الله لهم أن يحرموا الشعوب الخاطئة؟ وذلك ليفهموا نتيجة الخطية.
← تفاسير أصحاحات التثنية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير التثنية 9 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير التثنية 7 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/dc3kj5h