← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33
اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ
(1) التحصن ضد الغزو الأشوري (ع1-8)
(2) تهديدات سنحاريب (ع9-19)
(3) استجابة الله لصلاة حزقيا (ع20-23)
(4) شفاء حزقيا وإنشاءاته، ثم موته (ع24-33)
1 وَبَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ وَهذِهِ الأَمَانَةِ، أَتَى سِنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَدَخَلَ يَهُوذَا وَنَزَلَ عَلَى الْمُدُنُ الْحَصِينَةِ وَطَمِعَ بِإِخْضَاعِهَا لِنَفْسِهِ. 2 وَلَمَّا رَأَى حَزَقِيَّا أَنَّ سِنْحَارِيبَ قَدْ أَتَى وَوَجْهُهُ عَلَى مُحَارَبَةِ أُورُشَلِيمَ، 3 تَشَاوَرَ هُوَ وَرُؤَسَاؤُهُ وَجَبَابِرَتُهُ عَلَى طَمِّ مِيَاهِ الْعُيُونِ الَّتِي هِيَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ فَسَاعَدُوهُ. 4 فَتَجَمَّعَ شَعْبٌ كَثِيرٌ وَطَمُّوا جَمِيعَ الْيَنَابِيعِ وَالنَّهْرَ الْجَارِيَ فِي وَسَطِ الأَرْضِ، قَائِلِينَ: «لِمَاذَا يَأْتِي مُلُوكُ أَشُّورَ وَيَجِدُونَ مِيَاهًا غَزِيرَةً؟» 5 وَتَشَدَّدَ وَبَنَى كُلَّ السُّورِ الْمُنْهَدِمِ وَأَعْلاَهُ إِلَى الأَبْرَاجِ، وَسُورًا آخَرَ خَارِجًا، وَحَصَّنَ الْقَلْعَةَ، مَدِينَةَ دَاوُدَ، وَعَمِلَ سِلاَحًا بِكِثْرَةٍ وَأَتْرَاسًا. 6 وَجَعَلَ رُؤَسَاءَ قِتَال عَلَى الشَّعْبِ، وَجَمَعَهُمْ إِلَيْهِ إِلَى سَاحَةِ بَابِ الْمَدِينَةِ، وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ قَائِلًا: 7 «تَشَدَّدُوا وَتَشَجَّعُوا. لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا مِنْ مَلِكِ أَشُّورَ وَمِنْ كُلِّ الْجُمْهُورِ الَّذِي مَعَهُ، لأَنَّ مَعَنَا أَكْثَرَ مِمَّا مَعَهُ. 8 مَعَهُ ذِرَاعُ بَشَرٍ، وَمَعَنَا الرَّبُّ إِلهُنَا لِيُسَاعِدَنَا وَيُحَارِبَ حُرُوبَنَا». فَاسْتَنَدَ الشَّعْبُ عَلَى كَلاَمِ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا.
ع1:
بعد كل أمانة حزقيا وشعبه لله في تطهير بلادهم من العبادة الوثنية وتقديس الهيكل وإعادة الاحتفالات الدينية، بأعياد الفصح والفطير، فوجئ حزقيا بمهاجمة سنحاريب ملك أشور، الذي كان يسيطر على العالم وقتذاك، فهاجم مدن مملكة يهوذا وطمع أن يسقط أورشليم ويأخذ كل مملكة يهوذا، كما استولى هو والملوك السابقون له على مملكة إسرائيل الشمالية وعلى عاصمتها السامرة قبل أيام حزقيا بأيام قليلة.وقد نتعجب لسماح الله بهذه الضيقة العظيمة لحزقيا، رغم صلاحه، ولكن لو تمهلنا؛ لفهمنا ما يلي:
الله أَجَّل هذه الضيقة إلى أن يتقوى حزقيا وشعبه، ويتقدسوا ويعبدوا الله بأمانة، أي لم يعطل أعمالهم الإيجابية وسعيهم نحو الله.
سمح بهذا الهجوم لامتحان إيمان حزقيا وشعبه وفعلًا صلوا وطلبوا الله بكل قلوبهم.
تمجد الله بعد هذا مجدًا عظيمًا، في سحق الأعداء بشكل لم يتخيله شعب الله، فثبت إيمانهم.
ع2، 3:
طم: سد وردم.عندما رأى حزقيا الملك نية سنحاريب أن يهاجم أورشليم، تشاور مع رؤسائه، أي مستشاريه، الذين يقودون الشعب، وهذا يبين اهتمام حزقيا وتقديره لآراء من حوله، فهو ليس مستبدًا. وبعد التشاور أتفقوا على استعدادات لمواجهة سنحاريب؛ أولها طم عيون الماء، التي حول أورشليم؛ حتى لا يجد الأعداء ماء ليشربوا، فينسحبوا من محاصرة أورشليم لعطشهم. أما أورشليم فكان داخلها عيون ماء تغذيها، وبالتالي لا تتعرض للعطش إذا حوصرت، خاصة وأن حزقيا طم العين الرئيسية التي تغذى أورشليم وحول مجراها من تحت الأرض إلى داخل المدينة (ع30).
ع4: تحمس عدد كبير من رجال يهوذا وأسرعوا يردمون عيون الماء، المحيطة بأورشليم وكذا كان هناك نهر صغير بجوار أورشليم، غالبًا كان يمتلئ بمياه الأمطار ولم يعد له وجود حاليًا، فردموه أيضًا؛ حتى عندما تأتى جيوش أشور لمحاصرة أورشليم لا يجدوا ماءً ويضطرون للانسحاب لعطشهم. وهنا نجد اهتمام الشعب بالدفاع عن بلادهم واعتمادهم على الله، فتقدموا بشجاعة، غير خائفين من قوات أشور القادمة عليهم.
وطم المياه يرمز إلى عدم تسليم إمكانياتنا للشيطان؛ ليستخدمها لإهلاكنا.
ع5: اكمالًا للاستعدادات الحربية، بنى حزقيا الأجزاء المنهدمة من سور أورشليم، وارتفع بها، حتى وصلت إلى الأبراج المبنية على السور.
وبنى أيضا سورًا آخرًا حول أورشليم؛ لتحصينها ولعرقلة وصول الأعداء إليها.
وحصن أيضًا القلعة، التي هي جزء من أورشليم وتسمى مدينة داود، أو مدينة صهيون، أو الأكمة، وهي قلعة حصينة يصعب اقتحامها، ويمكن مهاجمة الأعداء منها إذا حاولوا اقتحام أورشليم. وهيأ أيضًا حزقيا أسلحة كثيرة دفاعية، مثل الأتراس، وأسلحة هجومية أيضًا.
وهذا يبين أمانة حزقيا وشعبه، إذ عملوا كل ما في وسعهم للدفاع عن أورشليم المدينة المقدسة.
وترمز هذه التحصينات إلى أهمية أن يسلح الإنسان الروحي نفسه بالأسلحة الروحية، التي تعتبر كسور يحميه من هجمات العدو؛ وهي صلواته وقراءاته وأصوامه وكل وسائط النعمة.
ع6-8: بعد هذه الاستعدادات عمل حزقيا أهم شيء وهو تثبيت إيمان جنوده وتشجيعهم، إذ جمع رؤساء جيوشه في ساحة أورشليم وشجعهم بأن الله الذي معهم أقوى من أي عدو، حتى لا ينزعجوا من كثرة، أو قوة أشور؛ لأن الله أقوى من قوة البشر، وهو بهذا يتكلم مثل أليشع، الذي شجع غلامه بقوله "الذى معنا أكثر من الذين معهم" (2 مل6: 16)، فصدق الشعب كلام حزقيا وثبت إيمانهم وتشددوا واستعدوا للحرب.
† كن واثقًا أن الله الذي معك أقوى من كل قوى العالم، فلا تضطرب من تقلبات العالم، أو شر المحيطين بك، فالله قادر أن ينجيك من مؤامراتهم، تمسك به في صلوات كثيرة، وأعمل واجباتك بأمانة واطمئن، فهو يحميك من كل شر.
9 بَعْدَ هذَا أَرْسَلَ سِنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ عَبِيدَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَهُوَ عَلَى لَخِيشَ وَكُلُّ سَلْطَنَتِهِ مَعَهُ، إِلَى حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا وَإِلَى كُلِّ يَهُوذَا الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ يَقُولُونَ: 10 «هكَذَا يَقُولُ سِنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ: عَلَى مَاذَا تَتَّكِلُونَ وَتُقِيمُونَ فِي الْحِصَارِ فِي أُورُشَلِيمَ؟ 11 أَلَيْسَ حَزَقِيَّا يُغْوِيكُمْ لِيَدْفَعَكُمْ لِلْمَوْتِ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، قَائِلًا: الرَّبُّ إِلهُنَا يُنْقِذُنَا مِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ؟ 12 أَلَيْسَ حَزَقِيَّا هُوَ الَّذِي أَزَالَ مُرْتَفَعَاتِهِ وَمَذَابِحَهُ، وَكَلَّمَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ قَائِلًا: أَمَامَ مَذْبَحٍ وَاحِدٍ تَسْجُدُونَ، وَعَلَيْهِ تُوقِدُونَ؟ 13 أَمَا تَعْلَمُونَ مَا فَعَلْتُهُ أَنَا وَآبَائِي بِجَمِيعِ شُعُوبِ الأَرَاضِي؟ فَهَلْ قَدِرَتْ آلِهَةُ أُمَمِ الأَرَاضِي أَنْ تُنْقِذَ أَرْضَهَا مِنْ يَدِي؟ 14 مَنْ مِنْ جَمِيعِ آلِهَةِ هؤُلاَءِ الأُمَمِ الَّذِينَ حَرَّمَهُمْ آبَائِي، اسْتَطَاعَ أَنْ يُنْقِذَ شَعْبَهُ مِنْ يَدِي حَتَّى يَسْتَطِيعَ إِلهُكُمْ أَنْ يُنْقِذَكُمْ مِنْ يَدِي؟ 15 وَالآنَ لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ حَزَقِيَّا، وَلاَ يُغْوِيَنَّكُمْ هكَذَا وَلاَ تُصَدِّقُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ إِلهُ أُمَّةٍ أَوْ مَمْلَكَةٍ أَنْ يُنْقِذَ شَعْبَهُ مِنْ يَدِي وَيَدِ آبَائِي، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلهُكُمْ لاَ يُنْقِذُكُمْ مِنْ يَدِي؟». 16 وَتَكَلَّمَ عَبِيدُهُ أَكْثَرَ ضِدَّ الرَّبِّ الإِلهِ وَضِدَّ حَزَقِيَّا عَبْدِهِ. 17 وَكَتَبَ رَسَائِلَ لِتَعْيِيرِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ وَلِلتَّكَلُّمِ ضِدَّهُ قَائِلًا: «كَمَا أَنَّ آلِهَةَ أُمَمِ الأَرَاضِي لَمْ تُنْقِذْ شُعُوبَهَا مِنْ يَدِي، كَذلِكَ لاَ يُنْقِذُ إِلهُ حَزَقِيَّا شَعْبَهُ مِنْ يَدِي». 18 وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ بِالْيَهُودِيِّ إِلَى شَعْبِ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ عَلَى السُّورِ لِتَخْوِيفِهِمْ وَتَرْوِيعِهِمْ لِكَيْ يَأْخُذُوا الْمَدِينَةَ. 19 وَتَكَلَّمُوا عَلَى إِلهِ أُورُشَلِيمَ كَمَا عَلَى آلِهَةِ شُعُوبِ الأَرْضِ صَنْعَةِ أَيْدِي النَّاسِ.
ذكر معنى هذه الآيات ولكن ليس نصها وشرحت في (2 مل 18)، من أجل هذا سنشرح هذه الآيات لاختلاف بعض المعانى.
ع9:
لخيش: مدينة محصنة في مملكة يهوذا، تقع غرب حبرون، على بعد خمسة عشر ميلًا.استولى سنحاريب ملك أشور على مدينة كبيرة في يهوذا تسمى لخيش، ثم أرسل جيوشه إلى أورشليم؛ ليحاصرها ويستولى عليها. وأرسل سنحاريب على يد عبيده رسائل تهديد إلى الشعب، الساكن في أورشليم والواقف على أسوارها.
ع10، 11: أرسل سنحاريب تهديدًا بصيغة التعجب لسكان أورشليم؛ لأنهم يتحصنون داخل أورشليم، معلنًا لهم بطلان اتكالهم على كلام حزقيا ملكهم، الذي يقول لهم إن إلههم سيحميهم من أشور. واتهم سنحاريب حزقيا بأنه يخدع شعبه ويعرضهم للموت جوعًا وعطشًا في أورشليم، التي يحاصرها الأشوريون وسيستولون عليها.
ع12: ولعدم فهم سنحاريب قال للشعب إن حزقيا قد هدم مذابح إلهه، ودعا شعبه للذبح والعبادة أمام مذبح واحد، الذي هو في بيت الرب. وبالطبع فإن سنحاريب لا يفهم الفرق بين الله والآلهة الوثنية، ويظن أن هدم مذابح الأوثان هو هدم لمذابح الله.
ع13-15: بكبرياء تكلم سنحاريب، معلنًا أنه هو وآباؤه قد استولوا على كل بلاد العالم، التي ذهبوا إليها ولم تستطع آلهتهم أن تحميهم من أشور، وبالتالي لن يستطع إله بني إسرائيل أن يحميهم من يد أشور. وكلام حزقيا هو مجرد خداع لشعبه، أي أن سنحاريب يؤكد حقيقة قوته الساحقة لكل البلاد، مهما كانت قوة آلهتها.
وهذا يبين جهل سنحاريب؛ لأن كل الآلهة الوثنية شياطين وليس لها قيمة أمام قوة الله، الإله الحقيقي وحده، إله إسرائيل.
† لا تنزعج من منطق البشر الضعيف الذي حولك واعتمادهم على قوتهم، فهي لا شيء أمام قوة إلهك. تحصن به وأطلب معونته واسلك باستقامة أمامه، وثق أنه يحميك وينجيك.
ع16-19: تجرأ عبيد سنحاريب وتكلموا بوقاحة على الله وعلى حزقيا، أكثر مما تكلم ملكهم. وأرسل سنحاريب رسائل تهديد يعير فيها الله وحزقيا الملك، مؤكدًا قوته الساحقة، التي ستسحق أورشليم.
وصرخ عبيد سنحاريب بأصوات عالية باللغة اليهودية، التي يفهمها شعب الله؛ لتخويفهم، حتى يخضعوا ويستسلموا مثل باقى البلاد، التي استسلمت لأشور، معتبرين أن إله إسرائيل مجرد إله، مثل باقي آلهة الأمم الوثنية.
وإساءة الأعداء بالكلام على حزقيا، كما تكلموا على الله، هو شرف عظيم لحزقيا أن اسمه ارتبط بالله،ويؤكد صلاحه؛ لذا لاتنزعج إن أساء إليك أهل العالم لأنك متمسك بالله ووصاياه وتعاليم الكنيسة.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
20 فَصَلَّى حَزَقِيَّا الْمَلِكُ وَإِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ لِذلِكَ وَصَرَخَا إِلَى السَّمَاءِ، 21 فَأَرْسَلَ الرَّبُّ مَلاَكًا فَأَبَادَ كُلَّ جَبَّارِ بَأْسٍ وَرَئِيسٍ وَقَائِدٍ فِي مَحَلَّةِ مَلِكِ أَشُّورَ. فَرَجَعَ بِخِزْيِ الْوَجْهِ إِلَى أَرْضِهِ. وَلَمَّا دَخَلَ بَيْتَ إِلهِهِ قَتَلَهُ هُنَاكَ بِالسَّيْفِ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ أَحْشَائِهِ. 22 وَخَلَّصَ الرَّبُّ حَزَقِيَّا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ مِنْ سِنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ وَمِنْ يَدِ الْجَمِيعِ، وَحَمَاهُمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. 23 وَكَانَ كَثِيرُونَ يَأْتُونَ بِتَقْدِمَاتِ الرَّبِّ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَتُحَفٍ لِحَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، وَاعْتُبِرَ فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ الأُمَمِ بَعْدَ ذلِكَ.
ع20: ذكرت صلاة حزقيا واستجابتها بالتفصيل في (2 مل19: 14-36) وتم شرحها، أما هنا، فيشير الكاتب إليها باختصار، ويوضح كيف اتحدت صلاة حزقيا الملك مع أشعياء النبي وارتفعت إلى السماء؛ ليخلص الله شعبه من أشور. وهذا يبين الأصدقاء الحقيقيين، الذين يظهرون وقت الشدة، فأشعياء كان المساند لحزقيا في صلاته واستجاب الله لهما وأنقذ شعبه، كما يظهر في الآيات التالية.
† كن مدققًا في اختيار أصدقائك؛ لأن الأصدقاء الروحيين والمخلصين، هم الذين يبقون معك وسط الضيقة فتطمئن في صداقتك لهم. وما أحلى أن تصادق القديسين قبل البشر، فيساعدوك في علاقتك مع الله وينجدونك وقت الشدة.
ع21: استجاب الله لصلاة حزقيا وأشعياء، وأرسل ملاكه، فقتل جبابرة جيش أشور. ويخبرنا سفر الملوك أن عدد المقتولين كان مئة وخمس وثمانين ألفًا، أي أبادهم إبادة ساحقة؛ حتى هرب سنحاريب الملك إلى بلاده وترك محاصرة أورشليم ودخل معبد إلهه؛ ليستنجد به، فهجم عليه ابناه الخارجان من أحشائه وقتلاه، واستولى ابن ثالث له وهو أسر حدون على العرش.
وهكذا يظهر استهزاء الله بقوة الأعداء، فقد أباد الجيش الجبار، الذي اكتسح العالم كله ولكنه لا يستطع أن يؤذى أولاد الله، بل مد الله يده وقتل المتميزين في جيش سنحاريب، فقتل كل جبار بأس وكل رئيس وكل قائد، حتى أن الجنود الباقين لم يعد لهم قيمة ولا يستطيعوا مواصلة محاصرة أورشليم.
وشعر سنحاريب بضعفه، إذ قتل كل معاونيه، فهرب لئلا يقتله الملاك. ولكن الله سمح أن يقتل مقتلًا شنيعًا وهو في حماية آلهته الوثنية وبيد أولاده؛ ليكون عبرة أمام كل الأمم؛ حتى لا يحاول عدو مهاجمة شعب الله؛ لأن إلههم أقوى من كل الآلهة.
ع22: بإبادة جيش أشور خلص الله شعبه ومدينته المقدسة أورشليم، وصار رعب شعب الله على كل الأمم المحيطة به وبالتالي صاروا في حصانة وفى حماية الله.
ع23: شعرت الأمم المحيطة بمملكة يهوذا بعظمة حزقيا الملك وقوة إلهه، فحاولوا استرضاء حزقيا بتقديم هدايا وتحف ثمينة، فتعاظم جدًا.
24 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ مَرِضَ حَزَقِيَّا إِلَى حَدِّ الْمَوْتِ وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ فَكَلَّمَهُ وَأَعْطَاهُ عَلاَمَةً. 25 وَلكِنْ لَمْ يَرُدَّ حَزَقِيَّا حَسْبَمَا أُنْعِمَ عَلَيْهِ لأَنَّ قَلْبَهُ ارْتَفَعَ، فَكَانَ غَضَبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ. 26 ثُمَّ تَوَاضَعَ حَزَقِيَّا بِسَبَبِ ارْتِفَاعِ قَلْبِهِ هُوَ وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ، فَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِمْ غَضَبُ الرَّبِّ فِي أَيَّامِ حَزَقِيَّا. 27 وَكَانَ لِحَزَقِيَّا غِنًى وَكَرَامَةٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ خَزَائِنَ لِلْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالْحِجَارَةِ الْكَرِيمَةِ وَالأَطْيَابِ وَالأَتْرَاسِ وَكُلِّ آنِيَةٍ ثَمِينَةٍ، 28 وَمَخَازِنَ لِغَلَّةِ الْحِنْطَةِ وَالْمِسْطَارِ وَالزَّيْتِ، وَأَوَارِيَ لِكُلِّ أَنْوَاعِ الْبَهَائِمِ، وَلِلْقُطْعَانِ أَوَارِيَ. 29 وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ أَبْرَاجًا وَمَوَاشِيَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ بِكَثْرَةٍ، لأَنَّ اللهَ أَعْطَاهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً جِدًّا. 30 وَحَزَقِيَّا هذَا سَدَّ مَخْرَجَ مِيَاهِ جَيْحُونَ الأَعْلَى، وَأَجْرَاهَا تَحْتَ الأَرْضِ، إِلَى الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ مِنْ مَدِينَةِ دَاوُدَ. وَأَفْلَحَ حَزَقِيَّا فِي كُلِّ عَمَلِهِ. 31 وَهكَذَا فِي أَمْرِ تَرَاجِمِ رُؤَسَاءِ بَابِلَ الَّذِينَ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ لِيَسْأَلُوا عَنِ الأُعْجُوبَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الأَرْضِ، تَرَكَهُ اللهُ لِيُجَرِّبَهُ لِيَعْلَمَ كُلَّ مَا فِي قَلْبِهِ. 32 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ حَزَقِيَّا وَمَرَاحِمُهُ، هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي رُؤْيَا إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ النَّبِيِّ فِي سِفْرِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ. 33 ثُمَّ اضْطَجَعَ حَزَقِيَّا مَعَ آبَائِهِ فَدَفَنُوهُ فِي عَقَبَةِ قُبُورِ بَنِي دَاوُدَ، وَعَمِلَ لَهُ إِكْرَامًا عِنْدَ مَوْتِهِ كُلُّ يَهُوذَا وَسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ. وَمَلَكَ مَنَسَّى ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
ع24-26: ذكرت أحداث مرض حزقيا وشفاءه وكبرياءه بالتفصيل وشرحت في (2 مل20: 1-19)، وذكرت أيضًا في (أش38، 39).
وهنا يتكلم باختصار عن مرض حزقيا، حتى قارب الموت، ثم صلى، فشفاه الله وأعطاه علامة، وهي رجوع الظل عشرة درجات. وعندما حضر وفد من بابل تكبر وأراهم عظمته وذخائره ولم يشكر الله، الذي أنعم عليه بهذا الشفاء المعجزى، بل انشغل بعظمته أمام الناس، فكان قرار الله -على فم أشعياء- بأن تحمل كل هذه الذخائر إلى بابل، ومن بنيه يؤخذ عبيد عند ملك بابل، ولكن لا يكون في أيام حزقيا، فتواضع الملك وكل سكان أورشليم وتابوا أمام الله. وقد حدث عقاب الله في هذا السبي البابلي، الذي كان سببه المباشر هو ابتعاد الملوك والشعب عن الله أيام السبي ورفض التوبة، بعكس حزقيا الصالح، الذي عندما أخطأ تواضع وتاب وتأثر به شعبه، فتواضعوا وتابوا مثله.
وتظهر محبة الله لحزقيا في أنه سمح له أن ينسحق ويشعر بضعفه الشديد أمام قوة أشور، ثم ينسحق تمامًا، عندما أقبل عليه الموت، حتى يصل إلى الموت عن العالم وإخلاء المشيئة ولا يكون له رجاء إلا الله، فصلى في المرتين صلاة عميقة، وهنا تمتع بسماع صوت الله، الذي كلمه على فم أشعياء؛ فاختباره لسماع الله جاء عندما انسحق تمامًا. ولا سبيل للتمتع بالله إلا بالتغرب عن العالم والارتفاع فوق مادياته وقطع كل الشهوات.
أوارى: معالف للماشية يأكلون فيها، أي حظائر.
بارك الله حزقيا من أجل صلاحه، الذي ذكر في (2 أخ 29-32)، فأعطاه غنى كثير، حتى أنه عمل خزائن للفضة والذهب والأحجار الكريمة وكذلك خزائن للأطياب والأواني الثمينة، بالإضافة إلى مخازن للأسلحة، مثل الأتراس. وعمل أيضًا مخازن للغلال مثل القمح ومخازن أيضًا لتخزين الخمر الناتج من الكروم الكثيرة، التي امتلكها، ومخازن أخرى لتخزين الزيت.
وأعطاه الله أيضًا ماشية كثيرة، فعمل حظائرًا للبقر والأغنام وكل أنواع البهائم وعمل أبراجًا وسط هذه الحظائر لرعايتها.
ولكن للأسف كثرة الغنى ساعدت حزقيا على الكبرياء، فغضب عليه الله، مع أنه في بداية ملكه، عندما كان فقيرًا ظهر صلاحه المتميز.
† بركات الله تظهر محبته لمن يتقيه وهي بأشكال مادية ولكن عندما ينضج الإنسان روحيًا يعطيه ما هو أعظم، أي البركات الروحية، فيشعر بالله معه ويتمتع بعشرته. كن مستقيمًا وتمسك بوصايا الله، فتتمتع ببركات كل أيامك.
ع30:
جيحون: عين ماء رئيسية تغذى أورشليم وتقع في وادي قدرون، شرق أورشليم وجنوب الهيكل وفيها، وهي أعلى من عين أخرى سفلية في نفس المكان.من أهم الأعمال التي قام بها حزقيا توفير المياه لسكان أورشليم، وذلك بعمل قناة سفلية تحت الأرض، أي نفق يخرج من عين جيحون العلوية ويدخل إلى داخل أورشليم. وبارك الله في هذا العمل، الذي جعل من الصعب محاصرة أورشليم وتعريض سكانها للعطش. وبارك الله أيضًا في أعمال حزقيا؛ لأجل تقواه وصلاحه.
وهذه القناة السفلية، التي تجرى فيه الماء تحت الأرض، ترمز لعمل الروح القدس الخفى داخل القلب؛ ليرويه ويشبعه.
ع31:
تراجم: جمع ترجمان والمقصود رسول يعرف أكثر من لغة، ويقصد هنا رسل بابل، الذين يعرفون اللغة البابلية واليهودية.تعرض حزقيا لتجربتين هما، هجوم جيش الأشوريين، ثم تجربة مرضه ومواجهته للموت. وفى التجربتين التجأ إلى الله، فأنقذه من يد أشور، بإرسال الملاك، الذي قتل جبابرة جيش أشور. وفى مرض الموت شفاه وأعطاه أعجوبة واضحة في الأرض كلها، وهي تراجع الظل عشرة درجات.
ولكنه تعرض لتجربة ثالثة هي امتحان من الله، إذ جاء إليه رسل من بابل، عندما رأوا أعجوبة تراجع الظل؛ ليهنئوه على شفائه، فسقط حزقيا في التجربة وتكبر وأظهر لهم غناه وأراهم ذخائره ونفائسه التي تظهر عظمته، ولم يلتجئ إلى الله بالصلاة قبل أن يريهم ما عنده، ولكنه عاد فتاب، بعد أن وبخه أشعياء النبي، وأعلن عقاب الله له بسبب كبريائه، فلما تاب جعل الله هذا العقاب يتم بعد حياته، أي في أيام نسله، الذين ابتعدوا عن الله، فحلت بهم نكبة السبي البابلي.
نلاحظ أن سفر أخبار الأيام هنا يركز على صلاح حزقيا وأعماله العظيمة وليس خطاياه؛ لأنه يظهر ملوك يهوذا الصالحين كرموز للمسيح.
ع32:
مراحمه: حسناته وأعماله الصالحة.تفاصيل حياة حزقيا الملك وأعماله الصالحة ليست مكتوبة في الكتاب المقدس ولكنها مذكورة في كتاب يسمى رؤيا أشعياء النبى، وهو ضمن مجموعة كتب تسمى سفر ملوك يهوذا وإسرائيل وهي كتب تاريخية وليست جزءًا من الكتاب المقدس.
ع33:
عقبة قبور بنى داود: افضل وأعظم مكان في هذه القبور.بعد ذلك مات حزقيا، فدفنوه في أعظم مكان بين قبور مدينة داود. وحزن عليه شعب أورشليم ومملكة يهوذا وعملوا له إكرامات كثيرة؛ لعلها مناحة ومراثى وحريقة كبيرة، كما تعودوا قديمًا، ثم ملك ابنه منسى عوضًا عنه.
ملحوظة: أنظر حياة حزقيا آخر الكتاب.
← تفاسير أصحاحات أخبار ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أخبار الأيام الثاني 33 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أخبار الأيام الثاني 31 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/chronicles2/chapter-32.html
تقصير الرابط:
tak.la/68jsg44