← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27
اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ وَالثَّلاَثُونَ
(1) الفصح وتنظيم الهيكل (ع1-19)
(2) مقتل يوشيا (ع20-27)
1 وَعَمِلَ يُوشِيَّا فِي أُورُشَلِيمَ فِصْحًا لِلرَّبِّ، وَذَبَحُوا الْفِصْحَ فِي الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ. 2 وَأَقَامَ الْكَهَنَةَ عَلَى حِرَاسَاتِهِمْ وَشَدَّدَهُمْ لِخِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. 3 وَقَالَ لِلاَّوِيِّينَ الَّذِينَ كَانُوا يُعَلِّمُونَ كُلَّ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ كَانُوا مُقَدَّسِينَ لِلرَّبِّ: «اجْعَلُوا تَابُوتَ الْقُدْسِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ. لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَحْمِلُوا عَلَى الأَكْتَافِ. الآنَ اخْدِمُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ وَشَعْبَهُ إِسْرَائِيلَ. 4 وَأَعِدُّوا بُيُوتَ آبَائِكُمْ حَسَبَ فِرَقِكُمْ، حَسَبَ كِتَابَةِ دَاوُدَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، وَحَسَبَ كِتَابَةِ سُلَيْمَانَ ابْنِهِ. 5 وَقَفُوا فِي الْقُدْسِ حَسَبَ أَقْسَامِ بُيُوتِ آبَاءِ إِخْوَتِكُمْ بَنِي الشَّعْبِ وَفِرَقِ بُيُوتِ آبَاءِ اللاَّوِيِّينَ، 6 وَاذْبَحُوا الْفِصْحَ وَتَقَدَّسُوا وَأَعِدُّوا إِخْوَتَكُمْ لِيَعْمَلُوا حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ عَنْ يَدِ مُوسَى». 7 وَأَعْطَى يُوشِيَّا لِبَنِي الشَّعْبِ غَنَمًا، حُمْلاَنًا وَجِدَاءً، جَمِيعَ ذلِكَ لِلْفِصْحِ لِكُلِّ الْمَوْجُودِينَ إِلَى عَدَدِ ثَلاَثِينَ أَلْفًا وَثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْبَقَرِ. هذِهِ مِنْ مَالِ الْمَلِكِ. 8 وَرُؤَسَاؤُهُ قَدَّمُوا تَبَرُّعًا لِلشَّعْبِ وَالْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ حِلْقِيَا وَزَكَرِيَّا وَيَحْيِئِيلَ رُؤَسَاءِ بَيْتِ اللهِ. أَعْطَوْا الْكَهَنَةَ لِلْفِصْحِ أَلْفَيْنِ وَسِتَّ مِئَةٍ، وَمِنَ الْبَقَرِ ثَلاَثَ مِئَةٍ. 9 وَكُونَنْيَا وَشِمْعِيَا وَنِثْنِئِيلُ أَخَوَاهُ وَحَشَبْيَا وَيَعِيئِيلُ وَيُوزَابَادُ رُؤَسَاءُ اللاَّوِيِّينَ قَدَّمُوا لِلاَوِيِّينَ لِلْفِصْحِ خَمْسَةَ آلاَفٍ، وَمِنَ الْبَقَرِ خَمْسَ مِئَةٍ. 10 فَتَهَيَّأَتِ الْخِدْمَةُ، وَقَامَ الْكَهَنَةُ فِي مَقَامِهِمْ وَاللاَّوِيُّونَ فِي فِرَقِهِمْ حَسَبَ أَمْرِ الْمَلِكِ، 11 وَذَبَحُوا الْفِصْحَ. وَرَشَّ الْكَهَنَةُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَأَمَّا اللاَّوِيُّونَ فَكَانُوا يَسْلَخُونَ. 12 وَرَفَعُوا الْمُحْرَقَةَ لِيُعْطُوا حَسَبَ أَقْسَامِ بُيُوتِ الآبَاءِ لِبَنِي الشَّعْبِ، لِيُقَرِّبُوا لِلرَّبِّ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ مُوسَى. وَهكَذَا بِالْبَقَرِ. 13 وَشَوَوْا الْفِصْحَ بِالنَّارِ كَالْمَرْسُومِ. وَأَمَّا الأَقْدَاسُ فَطَبَخُوهَا فِي الْقُدُورِ وَالْمَرَاجِلِ وَالصِّحَافِ، وَبَادَرُوا بِهَا إِلَى جَمِيعِ بَنِي الشَّعْبِ. 14 وَبَعْدُ أَعَدُّوا لأَنْفُسِهِمْ وَلِلْكَهَنَةِ، لأَنَّ الْكَهَنَةَ بَنِي هَارُونَ كَانُوا عَلَى إِصْعَادِ الْمُحْرَقَةِ وَالشَّحْمِ إِلَى اللَّيْلِ. فَأَعَدَّ اللاَّوِيُّونَ لأَنْفُسِهِمْ وَلِلْكَهَنَةِ بَنِي هَارُونَ. 15 وَالْمُغَنُّونَ بَنُو آسَافَ كَانُوا فِي مَقَامِهِمْ حَسَبَ أَمْرِ دَاوُدَ وَآسَافَ وَهَيْمَانَ وَيَدُوثُونَ رَائِي الْمَلِكِ. وَالْبَوَّابُونَ عَلَى بَابٍ فَبَابٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَحِيدُوا عَنْ خِدْمَتِهِمْ، لأَنَّ إِخْوَتَهُمُ اللاَّوِيِّينَ أَعَدُّوا لَهُمْ. 16 فَتَهَيَّأَ كُلُّ خَدَمَةِ الرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ لِعَمَلِ الْفِصْحِ وَإِصْعَادِ الْمُحْرَقَاتِ عَلَى مَذْبَحِ الرَّبِّ حَسَبَ أَمْرِ الْمَلِكِ يُوشِيَّا. 17 وَعَمِلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْمَوْجُودُونَ الْفِصْحَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ، وَعِيدَ الْفَطِيرِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 18 وَلَمْ يُعْمَلْ فِصْحٌ مِثْلُهُ فِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَيَّامِ صَمُوئِيلَ النَّبِيِّ. وَكُلُّ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَعْمَلُوا كَالْفِصْحِ الَّذِي عَمِلَهُ يُوشِيَّا وَالْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ وَكُلُّ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ الْمَوْجُودِينَ وَسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ. 19 فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ لِمُلْكِ يُوشِيَّا عُمِلَ هذَا الْفِصْحُ.
أشير إلى هذه الآيات باختصار في (2 مل23: 21-23) وهنا نشرح هذا الحدث العظيم من خلال تفسير هذه الآيات:
وقد ذُكر هذا الفصح في سفر الملوك الثاني باختصار وتحدث بالتفصيل عن إزالة العبادة الوثنية؛ لأنه يهتم بالشعب وحياته مع الله، أما أسفار الأخبار فتهتم بالملك؛ لأنه رمز للمسيح والكهنوت، لذا يذكر كاتب السفر عمل الفصح بالتفصيل.
ع1: يعلن كاتب السفر أن يوشيا قد عمل الفصح في ميعاده وهو الرابع عشر من الشهر الأول وكان ذلك في السنة الثامنة عشر لملكه، أى كان عمره ستة وعشرون عامًا. وقد استطاع يوشيا أن يعمل الفصح في ميعاده؛ لأنه وجد سفر الشريعة واستعد لعمل الفصح، أما حزقيا الملك فلم يستطع أن يصنع الفصح في ميعاده. فعمله متأخرًا شهرًا عن الميعاد؛ لذا يعتبر فصح يوشيا أعظم؛ لأنه عمله باستعداد كامل له.
واهتمام يوشيا بالفصح يعتبر عملًا كبيرًا؛ لأن الفصح هو أهم أعياد اليهود، وقد بدأت حياتهم به عند خروجهم من أرض مصر وتحررهم من عبوديتها وهو أيضًا نهاية للآلهة اليهودية، إذ صنع المسيح الفصح لآخر مرة يوم خميس العهد وبعده أقام العشاء الربانى، الذي هو سر الأفخارستيا، الذي كان يرمز إليه الفصح.
† ما أجمل أن تستعد لكل ممارسة روحية؛ لتشعر بها وتتمتع بالله، فتصلى مزاميرًا وأنت ذاهب للكنيسة وتصلى عند بابها؛ حتى تشعر بالقداس الإلهي وتمهد نفسك للصلاة بقراءة، أو ميطانية، أو ترنيمة، لتساعدك على التركيز في كلمات الصلاة والله يفرح باهتمامك، فيهبك تعزيات ومشاعر حارة
ع2:
حراساتهم: أعمالهم ومسئولياتهم.بعد أن رمم يوشيا الهيكل، الذي كان مهملًا، إهتم بتشجيع الكهنة، فوزع العمل عليهم بحسب مسئولياتهم كل واحد في مكانه، سواء في خدمة تقديم الذبائح على المذبح النحاسى، أو المرحضة، أي البحر للإغتسال، أو خدمة تقديم البخور، أو المنارة، أو خبز الوجوه، بالإضافة إلى فحصهم الشعب المتقدم للعبادة؛ ليكون طاهرًا وخاليًا من البرص. وذلك بحسب ما تعلم من شريعة موسى وكل من علموه، كما سيظهر في الآيات التالية، أي أنه كان مدققًا ومهتمًا بكل ما تسلمه؛ ليعمل كل شيء بما يرضى الله.
ع3: إهتم يوشيا بإقامة اللاويين في أعمالهم ويقصد بهم الكهنة واللاويين؛ لأن الكهنة جزء من سبط لاوى ويصفهم هنا بأمرين ليؤكد عليهم الإلتزام بهما وهما:
تعليم الشعب شريعة الله.
الاهتمام بتقديس أنفسهم ليكونوا قدوة للشعب.
وأمر الكهنة بإعادة تابوت عهد الله إلى مكانه في قدس الأقداس، إذ أنه كان قد استبعد من مكانه لأحد هذه الأسباب:
لعل الملوك الأشرار قد استبعدوا التابوت ووضعوه في حجرة جانبية في الهيكل لعدم اهتمامهم بعبادة الرب.
لعل الكهنة الصالحين أيام الملوك الأشرار قد أخفوا التابوت في أحد حجرات الهيكل؛ حتى لا تمتد أيدي الملوك إليه، لتحطيمه واستخدام الذهب الذي عليه.
أمر يوشيا اللاويين أن يهتموا بخدمة الرب في بيته ومساعدة الشعب على العبادة وإرشادهم في كل الطقوس.
ع4، 5: طلب يوشيا من اللاويين أن يرتبوا - عن طريق رؤسائهم - الخدمة عليهم بحسب بيوت آبائهم، أي يقسموا أنفسهم إلى فرق، تقوم كل خدمة بخدمة بيت الرب لمدة أسبوع، بحسب ما علم داود، ثم ابنه سليمان، إذ قسم اللاويين إلى أربعة وعشرين فرقة وكل فرقة تخدم البيت لمدة أسبوع مرتين في السنة، هذه الفرق كانت للكهنة وأيضًا اللاويين (1 أى24) وهذا يبين تدقيق يوشيا واهتمامه بخدمة تنظيم الهيكل على أكمل وجه.
ع6: أمر يوشيا اللاويين بعمل الفصح في ميعاده وطلب منهم أيضًا أن يتقدسوا ويقدسوا أخوتهم من باقي الأسباط ويعلموهم اختيار خروف الفصح، بحسب ما نصت الشريعة ويذبحوا لهم الخروف ويعلموهم كيف يأكلونه، لأن يوشيا كان قد قسم فرق اللاويين على الأسباط؛ لتكون كل مجموعة من اللاويين مسئولة عن عدد من اخوتهم، فيتم كل شيء بنظام وتدقيق في هذا العيد العظيم، عيد الفصح، كما أشارت الآية في (ع5) "حسب أقسام بيوت آباء إخوتكم بنى الشعب وفرق بيوت آباء اللاويين".
ونلاحظ أمر يوشيا للاويين أن يتقدسوا ويقدسوا إخوتهم استعدادًا لعمل الفصح، فالطهارة والنقاوة أمر ضرورى في حياة أي خادم قبل أن يبدأ خدمته، فيطهر قلبه بالتوبة والصلاة.
ع7: لإتمام الفصح وحتى لا يعتذر أحد من الشعب، بسبب فقره تبرع يوشيا من ماله الخاص بثلاثين ألفًا من الغنم لعمل الفصح، بالإضافة إلى ذلك تبرع أيضًا بثلاثة آلاف من البقر؛ ليعملها الشعب ذبائح سلامة، ليفرحوا مع الرب ابتهاجًا بهذا العيد العظيم، وكذلك قدم الملك من الجداء وكانت مقبولة لعمل الفصح ويقدمها الفقراء لرخص ثمنها عن الخراف (خر12: 5).
وهذا يبين أمرين تميز بهما يوشيا :
سخاء يوشيا في العطاء.
اهتمامه الشديد أن يعمل الشعب كله الفصح ويفرحوا مع الله بذبائح السلامة.
ع8: واقتدى رؤساء الكهنة الذين في بيت الرب بالملك، يوشيا في تبرعه لعيد الفصح، فقدموا هم أيضًا تبرعًا كبيرًا هو ألفين وست مائة من الغنم لعمل الفصح وثلاث مئة من البقر لذبائح السلامة.
ع9: واقتصدى أيضًا رؤساء اللاويين بيوشيا الملك فتبرعوا بخمسة آلاف من الغنم للفصح وخمس مئة من البقر لذبائح السلامة. وهذا يبين خضوع الخدام، أي الكهنة واللاويين للملك واقتداؤهم به ومخافتهم لله، أى أن القداسة قد سرت في المملكة كلها وهذا بالطبع كان مفرحًا لله.
لو قارنت التبرعات التي تبرع بها يوشيا الملك ورؤساؤه (ع7-9) بما قدمه حزقيا ورؤساؤه (2 أخ 30: 24) ستلاحظ سخاء يوشيا ورؤسائه أكثر من حزقيا، وهذا يبين اهتمام يوشيا الكبير وظروفه الطيبة التي ساعدت على هذا العطاء أكثر من ظروف حزقيا المالية الضيقة، وبالتالي كان هذا الفصح أعظم فصح عمل طوال عهد الملوك.
ع10، 11: بهذا التنظيم العظيم تهيأ الكهنة واللاويون والشعب لعمل الفصح، فقام الكهنة بذبح الحيوانات وقام اللاويون بسلخ جلودها، ورش الكهنة الدم على المذبح النحاسى وهذا كان طقسًا جديدًا لم يعمل أيام موسى في مصر، إذ لم يكن قد تكامل تسلم موسى الشريعة ونظام الذبائح.
ع12: نزع الكهنة الأجزاء المخصصة للذبيحة، لتقدم لله للمذبح النحاسى وتحرق عليه (لا3: 9)، ثم اعطوا باقي الذبيحة؛ ليشويها الشعب ويأكلونها. وكانوا يذبحون وينزعون ما يقدم للمحرقة، ثم يوزعون الباقى على الشعب حسب بيوت آبائهم، أي أن كل شيء كان يتم بنظام دقيق رغم ضخامة العمل. وعمل الكهنة أيضًا ذلك بذبائح السلامة التي من البقر، كما عملوا بذبائح الفصح. كل هذا بحسب ما نصت شريعة موسى.
ع13:
المراجل: جمع مرجل وهو قدر كبير.الصحاف: جمع صحفة وهي الطبق.
بعد أن ذبح الكهنة الفصح وسلخه اللاويون وأعطوا الشعب، أخذه الشعب وشووه، كما نصت الشريعة، وإن كان الأصل العبري لكلمة "شووا" وكلمة "طبخوها" في هذه الآية كلمة واحدة هي "باشال" وهي تعني طبخ، أي أنهم طبخوها كما ذكر في (تث16: 7).
بعد ذلك طبخوا ذبائح السلامة -التي هي الأقداس- في القدور ووضعوها في الأطباق ليأكلوها. ولعل اللاويين ساعدوا في الطبخ، ثم أعطوا الشعب.
ع14: بعد أن اطمأن اللاويون على إعداد الفصح لكل الشعب، اهتموا بإعداد الفصح للكهنة، أي طبخوا لهم الفصح؛ لأن الكهنة كانوا مشغولين بإصعاد الأجزاء التي تحرق لله من الذبائح على المذبح النحاسى. وأخيرًا أعد اللاويون الفصح لأنفسهم وأكلوه.
هنا يظهر اهتمام اللاويين بالشعب أولًا، ثم بأنفسهم في النهاية. وهذه هي المحبة الحقيقية؛ أن يقدم الإنسان الآخر عن نفسه ويدبر احتياجات الآخرين، قبل احتياجاته.
ع15: يضيف هنا أيضًا أن فرقًا من اللاويين قامت بأعمال أخرى أثناء عيد الفصح، مثل:
المغنون أي اللاويين المسئولين عن التسبيح تحت قيادة بنو آساف، كانوا يسبحون طوال فترة الاحتفال بعيد الفصح، وذلك طبقًا لما عمله داود عندما أقام رؤساء المغنين آساف وهيمان ويدوثون وكل من يتبعهم من اخوتهم المغنيين، فاهتم يوشيا بإتمام نفس نظام التسبيح.
البوابون المسئولون عن حراسة أبواب الهيكل.
كل هذه الفرق، اهتم اخوتهم اللاويون أن يعدوا لهم الفصح لانشغالهم بخدمتهم؛ حتى في النهاية الكل يأكل ويفرح معًا بعيد الفصح.
ويظهر من هذا تدقيق يوشيا أن يعمل كل الطقوس التي وصلت إليه سواء من شريعة موسى (ع6، 12، 13) ومن آبائه داود وسليمان (ع4).
ع16، 17: وهكذا أتم يوشيا الفصح وعيَّد الكل به، ثم عيدوا عيد الفطير بعده، الذي استمر سبعة أيام. والفصح يرمز لذبيحة المسيح على الصليب والفطير - الذي يخلو من الخمير - يرمز للحياة النقية البعيدة عن الشر، التي يحياها الإنسان، الذي من المسيح وينال خلاصه من خلال الكنيسة وأسرارها.
ونلاحظ أهمية خدمة اللاويين، التي تشمل أكبر الأعمال وأقلها ولكن كلها هامة؛ لأنها مقدمة لله بأمانة، فقد حملوا تابوت عهد الله واهتموا أيضًا بسلخ الحيوانات وطبخها ووضعها في الأطباق.
ع18، 19: كان هذا الفصح الذي أتمه يوشيا في السنة الثامنة عشر لملكه أعظم فصح عُمل طوال فترة الملوك، فلم يعمل مثله من أيام القضاة، الذين آخرهم صموئيل النبي. وقد اشترك فيه كل شعب مملكة يهوذا وكذلك اخوتهم من الأسباط، الذين أطاعوا الله واستجابوا لدعوة يوشيا.
يظهر مما سبق في هذا الإصحاح والذي يسبقه، أن يوشيا اهتم بالتطهير وإزالة الأوثان، ثم بترميم بيت الرب، فأنعم عليه الله باكتشاف وصاياه وحينئذ تحرك ليجدد عهده مع الله، بعمل الفصح. فمن يهتم بالتوبة عن خطاياه وبناء حياته الروحية، يكشف له الله معرفته ويجدد عهده مع الله. وهذا ما يتم من خلال التوبة والاعتراف والتناول من الأسرار المقدسة والاهتمام بقراءة وصايا الله وحفظها في الكتاب المقدس والاهتمام بالبنيان الروحي، أي بكل وسائط النعمة.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
20 بَعْدَ كُلِّ هذَا حِينَ هَيَّأَ يُوشِيَّا الْبَيْتَ، صَعِدَ نَخُوُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى كَرْكَمِيشَ لِيُحَارِبَ عِنْدَ الْفُرَاتِ. فَخَرَجَ يُوشِيَّا لِلِقَائِهِ. 21 فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رُسُلًا يَقُولُ: «مَا لِي وَلَكَ يَا مَلِكَ يَهُوذَا! لَسْتُ عَلَيْكَ أَنْتَ الْيَوْمَ، وَلكِنْ عَلَى بَيْتِ حَرْبِي، وَاللهُ أَمَرَ بِإِسْرَاعِي. فَكُفَّ عَنِ اللهِ الَّذِي مَعِي فَلاَ يُهْلِكَكَ». 22 وَلَمْ يُحَوِّلْ يُوشِيَّا وَجْهَهُ عَنْهُ بَلْ تَنَكَّرَ لِمُقَاتَلَتِهِ، وَلَمْ يَسْمَعْ لِكَلاَمِ نَخُوٍ مِنْ فَمِ اللهِ، بَلْ جَاءَ لِيُحَارِبَ فِي بُقْعَةِ مَجِدُّو. 23 وَأَصَابَ الرُّمَاةُ الْمَلِكَ يُوشِيَّا، فَقَالَ الْمَلِكُ لِعَبِيدِهِ: «انْقُلُونِي لأَنِّي جُرِحْتُ جِدًّا». 24 فَنَقَلَهُ عَبِيدُهُ مِنَ الْمَرْكَبَةِ وَأَرْكَبُوهُ عَلَى الْمَرْكَبَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي لَهُ، وَسَارُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَمَاتَ وَدُفِنَ فِي قُبُورِ آبَائِهِ. وَكَانَ كُلُّ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ يَنُوحُونَ عَلَى يُوشِيَّا. 25 وَرَثَى إِرْمِيَا يُوشِيَّا. وَكَانَ جَمِيعُ الْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ يَنْدُبُونَ يُوشِيَّا فِي مَرَاثِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ، وَجَعَلُوهَا فَرِيضَةً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَهَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي الْمَرَاثِي. 26 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوشِيَّا وَمَرَاحِمُهُ حَسْبَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ. 27 وَأُمُورُهُ الأُولَى وَالأَخِيرَةُ، هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا.
ذكرت هذه الآيات وشرحت في (2 مل23: 28-30).
ع20:
نخو: فرعون مصر ويسمى نخو الثاني وهو من الأسرة السادسة والعشرين وقد حكم في الفترة (610-595 ق.م).كركميش: مدينة في شمال نهر الفرات تقع شرق حلب.
بعد عمل يوشيا الفصح في السنة الثامنة عشر لملكه (ع19) مرت ثلاثة عشر عامًا في هدوء إذ أن يوشيا ملك إحدى وثلاثين عامًا (2 أخ 34: 1)، ظل فيها يوشيا متمسكًا بعبادة الرب، أما شعبه في مملكة يهوذا فلم يكن بقلب كامل أمام الله. وهذا معناه أن آثار الفساد الذي عمله منسى الملك وبعده آمون ابنه لم يستطع يوشيا أن يزيله تمامًا من قلوب الشعب، فرغم إزالة يوشيا عبادة الأوثان لكن الشعب ظل يحبها ولعله احتفظ ببعض التماثيل في البيوت، بدليل أن:
الله لم يسمح بالسبي أيام يوشيا من أجل اتضاعه هو شخصيًا ورجوعه إلى الله.
ظل غضب الله على شعبه، كما ذكر في كلام خلدة النبية (2 أخ 34: 22-28).
سار أولاد يوشيا كلهم في عبادة الاوثان بعده وإنقاد الشعب لهم، أي كانت قلوبهم ما زالت متعلقة بالأوثان وحتى بيت يوشيا نفسه، أي أولاده أحبوا الأوثان.
في السنة الحادية والثلاثين من ملك يوشيا وكان عمره تسعة وثلاثين عامًا، علم أن نخو ملك مصر تحرك بجيشه متجهًا إلى كركميش ومدعيًا أنه سيساعد أشور على البلاد القوية المحيطة بها، مثل مادي وفارس وبابل. فخاف يوشيا من رجوع القوة لأشور؛ لأنه كان قد استغل ضعفها واستولى على بعض بلاد الأسباط، التي كانت خاضعة لها؛ حتى وصل إلى سهل يزرعيل والسامرة (2 مل23: 15-20). فقام ليحارب نخو ويصده عن الوصول إلى كركميش.
نلاحظ هنا في هذا الموقف أنه رغم تقوى يوشيا وتمسكه بعبادة الله لم يسأل الله أولًا قبل هذه الحرب وهذا خطأ أدى بحياته إلى الموت، ولعله لم يسأل الله بسبب فتور روحي أصابه ولكنه ظل يعبد الله هو وكل عاصمته أورشليم (2 أى34: 33).
بقعة مجدو: سهل بجوار جبل تابور يقع على الطريق الرئيسى بين مصر وبلاد بين النهرين، أي العراق.
عندما علم نخو أن يوشيا قام بجيشه ليحاربه، أرسل إليه ليبعد عن طريقه، وطمأنه أنه لا يريد أن يحاربه وأن الله إله فرعون، الذي صلى إليه لم يوجهه لمحاربة يوشيا.
وهنا نجد تنبيه إلهي على فم هذا الرجل الوثني؛ نخو ليوشيا؛ حتى يرجع هو أيضًا إلى إلهه ويسأله؛ هل يحارب نخو أم لا؟ إذ أن الله أراد إنقاذ يوشيا حتى آخر لحظة ولكنه اندفع؛ ليحارب نخو ولم يطلب الله. ووضع خطة حربية، فتنكر كجندى عادي ولم يلبس ملابسه الملوكية، لعله بهذا يحمى نفسه، ونسى أن الله هو الذي يحمى فقط أولاده. وبهذا أخطأ في نفس الخطأ الذي سقط فيه آخاب الشرير، الذي اعتمد على عقله فقط وتنكر، فقتل في الحرب (2 أى18: 29) ومعنى هذا أن كلام نخو إلى يوشيا كان رسالة من الله إليه، ليراجع نفسه. وهناك رأى بأن الله الذي تكلم عنه نخو هو إله إسرائيل، لعله ظهر لنخو وشجعه على محاربة أشور، وبهذا يكون معنى كلام نخو ليوشيا أن الله إله إسرائيل هو الذي حرك نخو على أشور وليس على يوشيا.
ع23: سمح الله أن يصاب يوشيا الملك بسهم في مكان خطر، فجرح جرحًا كبيرًا لعل السهم أصابه في قلبه، فطلب الملك ممن معه أن ينقلوه إلى مركبة ثانية؛ لأنه شعر بخطورة ما هو فيه؛ لعلهم يستطيعوا أن يسعفوه، أو على الأقل لا يتركونه بين يدى الأعداء، حتى لا ينكلوا به.
ع24: نقل عبيد يوشيا ملكهم بسرعة إلى مركبته الثانية التي تسير بجواره، وأسرعوا يخرجونه من الحرب وعادوا به إلى أورشليم، فمات هناك ودفنوه في مقابر الملوك بإكرام عظيم. واجتمع الشعب من أورشليم واليهودية وبكوا عليه وعملوا له مناحة عظيمة.
وهكذا مات يوشيا كما أعلمه الله على فم خلدة النبية، قبل أن يرى خراب وتدمير أورشليم وبلاد اليهودية؛ لأنه إنسان تقى اتضع أمام الله وحفظ وصاياه (2 أخ 34: 22-28).
ع25: اشترك كل العظماء في البكاء على يوشيا الملك الصالح، الذي لم يقم مثله من أيام داود ولا بعده على عرش يهوذا وتقدم أرميا النبي العظيم وعمل مرثاة له (أر22: 10، 11) وأشار إليه أرميا في مراثيه (مرا4: 20).
واشترك المغنيين والمغنيات في رثاء يوشيا، بل ظلوا سنينًا طويلة يرثونه وجعلوا هذا أمرًا ضروريًا على كل المغنيين أن يتذكروا يوشيا العظيم ويرثونه كل الأيام. كل هذا يبين مدى محبة الشعب له وإيمانهم ببره وتقواه.
وقد كُتبت مراثى يوشيا في كتاب المراثى وهو غير سفر مراثى أرميا، فلعله كان كتابًا عند اليهود جمعوا فيه مراثى العظماء.
ع26، 27: باقي أحداث حياة يوشيا التفصيلية ومحبته لشعبه وسلوكه بحسب ناموس الرب من طفولته حتى نهاية حياته، كل هذا كتب في سفر أخبار ملوك إسرائيل ويهوذا وهو ليس من أسفار الكتاب المقدس، بل سفرًا تاريخيًا.
† كن حريصًا طوال حياتك أن تطلب الله قبل كل أمر صغير، أو كبير ولا تكتف بأنك تحيا في الكنيسة وأنك قد طلبت الله في بعض الأمور الهامة في حياتك ولكن واظب على طلب الله كل يوم وقبل كل عمل، مهما بدا صغيرًا.
ملحوظة: أنظر حياة يوشيا آخر الكتاب.
← تفاسير أصحاحات أخبار ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أخبار الأيام الثاني 36 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أخبار الأيام الثاني 34 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/chronicles2/chapter-35.html
تقصير الرابط:
tak.la/7j5htcm