أخبار الأيام الثاني 36 - تفسير سفر أخبار الأيام الثاني

(1) تملك يهوآحاز ويهوياقيم ويهوياكين على يهوذا (ع1-10)

(2) تملك صدقيا على يهوذا (ع11-16)

(3) السبي البابلي (ع17-21)

(4) الرجوع من السبي (ع22، 23)

ذكرت هذه الآيات وشرحت في (2 مل23: 31-37، 24: 5-9).

ونرى فيها تملك يهوآحاز بعد أبيه يوشيا لمدة قصيرة وهي ثلاثة أشهر عمل فيها الشر، ثم عزله نخو ملك مصر عن عرشه في أورشليم، وأسره، وأرسله إلى مصر. وعين أخيه ألياقيم ملكًا بدلًا منه وغير اسمه إلى يهوياقيم؛ كل ذلك ليظهر ملك مصر سلطانه وسيطرته على يهوذا.

لما تملك يهوياقيم عمل الشر في عينى الرب وظل على العرش إحدى عشر عامًا، وإذ تمرد على ملك بابل قبض عليه؛ ليأخذه أسيرًا إلى بابل، وغالبًا عدل عن رأيه فقتله وألقى جثته وأخذ جزءً من آنية بيت الرب وبعض السبايا ونقلهم إلى بابل.

بعد موت يهوياقيم، تملك ابنه يهوياكين، وعمل الشر في عينى الرب، فقبض عليه نبوخذنصر ملك بابل، بعد حوالي ثلاثة أشهر من تملكه، وأخذه أسيرًا وسجنه في بابل، وأخذ معه الجزء الأكبر من آنية بيت الرب الثمينة وسبايا كثيرين إلى بابل. ثم ملك صدقيا عمه، ويقول هنا أخاه في (ع10)؛ إذ أحيانًا يدعى العم أخ، كما في حالة إبراهيم ولوط، فقد كان إبراهيم عم لوط وخاطبه أخي (تك13: 8).

† تهاون الملوك الأشرار وأدخلوا عبادة الأوثان إلى الهيكل وأورشليم، فنزع الله آنية الهيكل الثمينة، إذ اغتصبها ملك بابل. فلا تتهاون بإدخال الشر إلى قلبك وتدنس جسدك وأفكارك؛ لئلا ينزع الله إمكانياتك وتفقد قوتك؛ إذ يتخلى عنك الله، فيزعجك الشيطان. ولكن الله بحنانه مستعد أن يقبلك ويجدد حياتك؛ إن كنت تتوب وترجع إليه، مهما كانت شرورك.

رسم توضيحي (3): أبناء يوشيا بحسب ترتيب ميلادهم

St-Takla.org Image: Necho the King of Egypt Eliakim son of Josiah (Jehoahaz’s brother) king over Judah and Jerusalem, and changes his name to Jehoiakim (2 Chronicles 36: 4) - 2 Chronicles, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: نخو ملك مصر يُملِّك ألياقيم ابن يوشيا (أخو يهوآحاز) على يهوذا وأورشليم، ويغير اسمه إلى يهوياقيم (أخبار الأيام الثاني 36: 4) - صور سفر أخبار الأيام الثاني، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ذكر تملك صدقيا وتم شرحه في (2 مل25: 1-7) ولكن نرى في الآيات التالية تلخيصًا لحكم صدقيا.

ع11: عزل نبوخذنصر يهوياكين الملك، وملَّك بدلًا منه عمه متنيا، وغير اسمه إلى صدقيا. وكان عمره وقتذاك إحدى وعشرين عامًا، وذلك ليظهر تسلطه على المملكة، وملك حوالي إحدى عشر سنة، مثل يهوياقيم أخيه. كما ملك أيضًا يهوآحاز ويهوياقيم كل منهما حوالي ثلاثة أشهر، ولعل الله سمح بهذا أن يملك يهوآحاز ثلاثة أشهر؛ ليحترس يهوياقيم الذي بعده ويسير مع الله ولا يقتدى بأخيه الذي سبقه؛ لئلا يعزل ولكنه للأسف لم يطع الله ويعبده. وتكرر نفس الأمر بعد ذلك، وقد انشغل يهوياقيم أن يملك ابنه يهوياكين، بل وملكه معه أثناء حياته عشر سنوات، ثم ملك بعد موت يهوياقيم لمدة ثلاثة أشهر، وبعد ذلك سباه نبوخذنصر إلى بابل. ولم يرتدع صدقيا ويسير مع الله فكانت نهايته، بعد حوالي إحدى عشر عامًا، أن يسبى هو أيضًا إلى بابل.

† ليتك تتعلم من أخطاء الآخرين، فتجتنبها وترجع إلى الله وتحفظ وصاياه، فتنجى نفسك من فخاخ الشياطين، وتتمتع برعاية الله ومحبته.

ع12: إتسم حكم صدقيا بالابتعاد عن الله وتشجيع عبادة الأوثان وانتشار الظلم والشهوات الشريرة، بل وأكثر من هذا، أساؤا إلى أنبياء الله الذين أرسلهم، خاصة أرميا النبي العظيم، الذي كان قويًا في إعلان الحق لكل فئات المملكة، بالإضافة إلى أنبياء آخرين، مثل دانيال وحزقيال وباروخ وأوريا النبي الذي قتل أيام يهوياقيم (أر26: 20-23). ونرى اهتمام الله الذي يرسل في فترات الضعف الشديد أنبياء كبار، مثل أرميا ودانيال وحزقيال؛ ليعلنوا صوته بقوة.

ع13: لم يكتفِ صدقيا بالسير في طريق الشر، بل أيضًا حلف وتعهد لنبوخذنصر ملك بابل أن يخضع له ولكنه عاد فتمرد عليه (حز17: 18)، رغم كل تحذيرات وإنذارات أرميا، عاند ورفض الرجوع إلى الله بالتوبة.

ع14: أما رؤساء الكهنة والمعلمين والقادة وكل الشعب، فقد تأثروا بشر صدقيا، فعبدوا الأوثان ودنسوا بيت الرب بتركهم شريعته والسلوك ضدها، فأغاظوا الله.

ع15، 16: يظهر حنان الله على شعبه في تنبيههم ودعوتهم للتوبة، قبل أن ينزل العقاب وهو السبي بفترة طويلة، فأرسل رسله الأنبياء، ليس فقط قبل السبي مباشرة، مثل أرميا ودانيال وحزقيال وأوريا السابق ذكرهم في (ع12)، بل أيضًا أرسل مبكرًا إيليا وأليشع وأشعياء وغيرهم من الأنبياء؛ لعلهم يتوبون، فيصفح عنهم.

ولكنهم أهملوا كلام الله، بل وتطاولوا بالإساءة إلى أنبيائه، ليس فقط بالاستهزاء، بل حتى قتلوهم، مثل أشعياء الذي نشروه بمنشار خشب، وبالتالي إذ لم ينفع معهم أي دواء، ولم يعد هناك فرصة ليشفوا من أمراضهم الروحية، اضطر أخيرًا لمعاقبتهم بالسبي، حتى يعود بعضهم بالتوبة إليه، فيسامحهم.

17 فَأَصْعَدَ عَلَيْهِمْ مَلِكَ الْكِلْدَانِيِّينَ فَقَتَلَ مُخْتَارِيهِمْ بِالسَّيْفِ فِي بَيْتِ مَقْدِسِهِمْ. وَلَمْ يَشْفِقْ عَلَى فَتًى أَوْ عَذْرَاءَ، وَلاَ عَلَى شَيْخٍ أَوْ أَشْيَبَ، بَلْ دَفَعَ الْجَمِيعَ لِيَدِهِ. 18 وَجَمِيعُ آنِيَةِ بَيْتِ اللهِ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَخَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنِ الْمَلِكِ وَرُؤَسَائِهِ أَتَى بِهَا جَمِيعًا إِلَى بَابِلَ. 19 وَأَحْرَقُوا بَيْتَ اللهِ، وَهَدَمُوا سُورَ أُورُشَلِيمَ وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ قُصُورِهَا بِالنَّارِ، وَأَهْلَكُوا جَمِيعَ آنِيَتِهَا الثَّمِينَةِ. 20 وَسَبَى الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّيْفِ إِلَى بَابِلَ، فَكَانُوا لَهُ وَلِبَنِيهِ عَبِيدًا إِلَى أَنْ مَلَكَتْ مَمْلَكَةُ فَارِسَ، 21 لإِكْمَالِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا، حَتَّى اسْتَوْفَتِ الأَرْضُ سُبُوتَهَا، لأَنَّهَا سَبَتَتْ فِي كُلِّ أَيَّامِ خَرَابِهَا لإِكْمَالِ سَبْعِينَ سَنَةً.

ذكر هذا الحدث وتم شرحه في (2 مل25: 1-21) ويذكره هنا بإيجاز بأسلوب جديد سنشرحه؛ ليكمل المعنى ويضيف إليه بعض الإضافات.

ع17: إذ رفض الشعب حنان الله وإشفاقه عليهم (ع15) سمح لملك بابل أن يؤدبه، فحاصر أورشليم، ثم هجم عليها وقتل من فيها ولم يشفق على أحد، سواء فتى، أو فتاة، كبيرًا، أو صغيرًا، فكان قاسيًا وأهلك كل من صادفه وكان ذلك عام 587 ق.م إن هذه هي النتيجة الطبيعية للشر، فمن يهمل طول أناة الله، لابد أن يواجه في النهاية المتاعب والهلاك.

† إن فرصة العمر يقدمها الله لك؛ حتى تعرفه وتتوب عن خطاياك، فليتك تنتهزها؛ لتقترب إليه وتتمتع برعايته على الأرض، ثم بعشرته ورؤية مجده؛ الذي لا يعبر عنه في السماء.

ع18: جمع نبوخذنصر أيضًا ما بقى من آنية بيت الرب، سواء الكبيرة، مثل الأعمدة النحاسية، أو الصغيرة، مثل الآنية الذهبية المستخدمة في القدس؛ أخذ كل ما له قيمة. وكان نبوخذنصر قد أخذ بعض الآنية في السبي الأول، أيام يهوياقيم عام 605 ق.م (ع7)، ثم جزء آخر وهو الثمين منها أيام يهوياكين عام 597 ق.م (ع10) والآن عام 587 ق.م في السبي الثالث، في نهاية حكم صدقيا، يأخذ ما بقى في بيت الرب. وقبض أيضًا على الرؤساء المسئولين عن الهيكل واستولى على كل الخزائن التي في بيت الرب وفى بيت الملك وأرسل كل هذا إلى بابل.

ع19: بعد أن أخذ جيش نبوخذنصر كل ما هو ثمين في بيت الرب، أحرقوه وهدموا سور أورشليم وأحرقوا أيضًا بيت الملك وقصور العظماء. وهكذا دمروا أورشليم في هذا السبي الثالث. وبعد هذا بأربع سنوات جاء نبوزردان رئيس الشرط إلى أورشليم وأخذ عددًا من السبايا إلى بابل وهذا هو السبي البابلي الرابع والأخير (أر52: 30).

ع20: يشير هنا إلى المسبيين في السبي الثالث والرابع، الذين أرسلوا إلى بابل وصاروا عبيدًا لنبوخذنصر لمدة سبعين عامًا؛ حتى سقطت بابل وملكت بدلًا منها مملكة مادي وفارس.

ع21: وبهذا تمت نبوة أرميا النبي أن السبي البابلي سيظل سبعين عامًا وهذا استيفاء لراحة الأرض، كما نصت الشريعة؛ لأن الله أمر أن يريحوا الأرض في السنة السابعة ولا يزرعوها (لا25: 4). ولكنهم أهملوا هذا فترات طويلة، منذ أيام يشوع حتى السبي البابلي، والفترة التي أهملت فيها الأرض كانت حوالي 490 سنة، وفيها زرعوا الأرض في السنة السابعة، فيكون الرقم 490 ÷ 7 = 70؛ لذا عاقبهم الله بأن استولى الكلدانيون على أورشليم واليهودية ودمروها وأهملت الزراعة فيها، فاستراحت الأرض إجباريًا سبعين عامًا، هي مدة السبي البابلي.

وكان شعب الله قد أهمل كل ما يتعلق بالسنة السابعة، ومنها تحرير العبيد إخوتهم، الذين يملكونهم، فسمح الله لهم أن يستعبدوا جميعًا سبعين سنة؛ استيفاءً لحقوق إخوتهم المظلومين.

22 وَفِي السَّنَةِ الأُولَى لِكُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ لأَجْلِ تَكْمِيلِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا، نَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ، فَأَطْلَقَ نِدَاءً فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ وَكَذَا بِالْكِتَابَةِ قَائِلًا: 23 «هكَذَا قَالَ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ: إِنَّ الرَّبَّ إِلهَ السَّمَاءِ قَدْ أَعْطَانِي جَمِيعَ مَمَالِكِ الأَرْضِ، وَهُوَ أَوْصَانِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا فِي أُورُشَلِيمَ الَّتِي فِي يَهُوذَا. مَنْ مِنْكُمْ مِنْ جَمِيعِ شَعْبِهِ، الرَّبُّ إِلهُهُ مَعَهُ وَلْيَصْعَدْ».

تدخل الله بطريقة معجزية، فجعل كورش، أول ملوك مملكة مادي وفارس، يسمع عن اليهود وكتابهم، أي نبوات أنبيائهم، التي تذكر أن كورش سيعيدهم إلى بلادهم ويبنون بيت الرب في أورشليم، ففرح بوجود اسمه في الكتب الدينية وأراد أن ينال بركة الله - كأحد الآلهة- فطلب من اليهود، الذين هم عبيد له، أن يعودوا إلى أورشليم ويبنوا بيتًا لإلههم، فينال هو بركة وقوة لملكه (اش44: 28).

† الله مستعد أن ينقذك مهما كانت الضيقات التي تعانى منها، فقط ارفع صلاتك باتضاع، وارجع إليه بكل قلبك، فتنال مراحمه الكثيرة.

← تفاسير أصحاحات أخبار ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

الصالحين من ملوك يهوذا

قسم تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة (اقرأ إصحاح 36 من سفر أخبار الأيام الثاني)

تفسير أخبار الأيام الثاني 35