← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37
الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ
(1) حزقيا يطلب صلاة أشعياء فيطمئنه (ع1-7)
(2) استمرار ملك أشور في تهديداته (ع8-13)
(3) صلاة حزقيا (ع14-19)
(4) استجابة الرب على فم أشعياء (ع20-34)
(5) هلاك سنحاريب وجيشه (ع35-37)
1 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ، مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ. 2 وَأَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ وَشِبْنَةَ الْكَاتِبَ وَشُيُوخَ الْكَهَنَةِ مُتَغَطِّينَ بِمِسْحٍ إِلَى إِشَعْيَا النَّبِيِّ ابْنِ آمُوصَ، 3 فَقَالُوا لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ حَزَقِيَّا: هذَا الْيَوْمُ يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ، لأَنَّ الأَجِنَّةَ قَدْ دَنَتْ إِلَى الْمَوْلِدِ وَلاَ قُوَّةَ لِلْوِلاَدَةِ. 4 لَعَلَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَسْمَعُ جَمِيعَ كَلاَمِ رَبْشَاقَى الَّذِي أَرْسَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُهُ لِيُعَيِّرَ الإِلهَ الْحَيَّ، فَيُوَبِّخَ عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعَهُ الرَّبُّ إِلهُكَ. فَارْفَعْ صَلاَةً مِنْ أَجْلِ الْبَقِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ». 5 فَجَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ حَزَقِيَّا إِلَى إِشَعْيَا، 6 فَقَالَ لَهُمْ إِشَعْيَا: «هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِكُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَخَفْ بِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ، الَّذِي جَدَّفَ عَلَيَّ بِهِ غِلْمَانُ مَلِكِ أَشُّورَ. 7 هأَنَذَا أَجْعَلُ فِيهِ رُوحًا فَيَسْمَعُ خَبَرًا وَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ، وَأُسْقِطُهُ بِالسَّيْفِ فِي أَرْضِهِ».
ع1:
عندما سمع حزقيا تجديفات سنحاريب على الله، حزن جدًا ومزق ثيابه، مثل نوابه الثلاث، كما تذكر الآية الأخيرة من الأصحاح السابق. ولبس حزقيا المسوح، دليلًا على تذللـه وذهب لبيت الرب؛ ليصرخ إليه، حتى ينقذه ودافع عن اسمه القدوس. وحزقيا يبين كيف يتصرف أولاد الله في الضيقة أمام أعدائهم، فملوك العالم، عندما يهددهم أحد بالحرب، يجمعون مشيريهم وقادة جيوشهم؛ ليردوا على أعدائهم، أما حزقيا، فالتجأ إلى الله قبل كل شيء.
ع2:
أرسل حزقيا كل من "ألياقيم" مدير شئون القصر و"شبنه" الكاتب ومعهم كبار الكهنة، مرتدين مسوحًا، إلى أشعياء النبي، محملين برسالة إليه من الملك. فالكل في حزن من التجديف على اسم الله. ونلاحظ التجاء حزقيا لنبى الله أشعياء، فهو يذهب إلى بيت الرب وإلى نبيه، أي أن ثقته في الله كاملة واتكاله عليه.ونرى اهتمام حزقيا في إرسال من سمعوا التجاديف الأشورية وأرسل معهم أعظم مساعديه، فهو يلتجئ إلى الله بكل قوته. ووصل مندوبى الملك إلى أشعياء وأبلغوه برسالة حزقيا.
† عندما تواجهك مشاكلًا وتهديدات صعبة، التجئ إلى الله أولًا ومهما كان الأمر محيرًا، صلى واطلب إرشاد أب اعترافك، فتسمع صوت الله ويرشدك في كل شيء.
ع3: أعلن حزقيا على فم مندوبيه - المرسلين إلى أشعياء - أن الضيق الذي يمرون به شديد جدًا؛ لأن سنحاريب أقوى منهم ويهدد ويجدف على اسم الله وهم أضعف من سنحاريب ولا يستطيعوا الرد عليه، ولكن رجاءهم كله في الله، القادر أن يرد عليه بشدة. ويشَّبه حالة الشعب بأمهات حبلى واقترب وقت الولادة وليس لهن قدرة عليها، فهم شعب الله وإلههم قوى، قادر أن يخرج ثمرة من البطن، أي يدافع عن شعبه، وإن كان لم يحدث بعد، فهُم في انتظار تدخل الله.
ع4، 5: ليت الرب إلهك يسمع ما قاله ربشاقى، المرسل من قبل سيده ملك أشور؛ ليهين الإله الحي فيعاقبه الرب على ما نطق به من تعيير، فصلى من أجل البقية الناجية منا بعد أن سبت مملكة إسرائيل (2 مل 18: 10، 11)؛ ولم يبقَ لحزقيا إلا مدينة أورشليم ومن فيها، فهو يعلن ضعفه وتذللـه أمام الله؛ ليرحمه وينقذه من يد سنحاريب وبالطبع لن يترك الله من يلتجئ إليه بإيمان واتضاع.
ع6، 7: طمأن أشعياء مندوبى حزقيا وأعطاهم رسالة إلى ملكهم، أن لا يخاف من نواب ملك أشور ويسميهم غلمان، لعل هذا تحقيرًا لهم ولقوتهم، فهي لا شيء أمام الله.
وأنبأهم بأن سنحاريب سيسمع خبرًا، يجعله يود الرجوع إلى بلاده. وهذا الخبر هو تحرك ترهاقة ملك الحبشة واستيلاءه على مصر، ثم استعداده لمهاجمة أشور.
8 فَرَجَعَ رَبْشَاقَى وَوَجَدَ مَلِكَ أَشُّورَ يُحَارِبُ لِبْنَةَ، لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ ارْتَحَلَ عَنْ لَخِيشَ. 9 وَسَمِعَ عَنْ تُرْهَاقَةَ مَلِكِ كُوشٍ قَوْلًا: «قَدْ خَرَجَ لِيُحَارِبَكَ». فَعَادَ وَأَرْسَلَ رُسُلًا إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلًا: 10 «هكَذَا تُكَلِّمُونَ حَزَقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا قَائِلِينَ: لاَ يَخْدَعْكَ إِلهُكَ الَّذِي أَنْتَ مُتَّكِلٌ عَلَيْهِ قَائِلًا: لاَ تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. 11 إِنَّكَ قَدْ سَمِعْتَ مَا فَعَلَ مُلُوكُ أَشُّورَ بِجَمِيعِ الأَرَاضِي لإِهْلاَكِهَا، وَهَلْ تَنْجُو أَنْتَ؟ 12 هَلْ أَنْقَذَتْ آلِهَةُ الأُمَمِ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ آبَائِي، جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصْفَ وَبَنِي عَدَنَ الَّذِينَ فِي تَلاَسَّارَ؟ 13 أَيْنَ مَلِكُ حَمَاةَ وَمَلِكُ أَرْفَادَ وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفْرَوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟»
ع8:
لبنة: مدينة في جنوب يهوذا، بين مقيدة ولخيش.ترك ربشاقى، المتحدث الرسمي بإسم سنحاريب، الجيش الأشوري يحاصر أورشليم ورجع إلى ملكه في لخيش، فوجده قد تركها وذهب لمحاربة لبنة، لعله باستيلائه على مدينة لبنة، التابعة ليهوذا، يضعف أورشليم ويخيفهم، فتستسلم له.
ع9: بلغ ملك أشور أن ترهاقة ملك كوش قد أعلن عليه الحرب، فشعر بضرورة الاستيلاء على أورشليم؛ ليقوى موقعه في مواجهة ترهاقة ويتفرغ لمحاربته؛ فأرسل إلى حزقيا؛ ليهدده للمرة الثانية ويخيفه، فقد ظهر ضعف حزقيا قبلًا، عندما دفع الفضة والذهب وأعلن خضوعه (2 مل 18: 14).
ع10: رغم أن سنحاريب في غاية الخوف من ترهاقه تظاهر بالقوة وأرسل يهدد حزقيا ويشككه في قوة إلهه، إذ هو عاجز عن حمايته من ملك أشور.
جوزان: تقع على نهر خابور شمال بابل في المملكة الأشورية.
حاران: تقع بالقرب من نهر الفرات وهي على طريق تجارى وهي تقع على طريق تجارى، تأتى إليها قوافل من دمشق ونينوى وكركميش.
رصف: هي مدينة تقع في العراق الحالي وهي بين حماة والفرات.
بنى عدن: كانوا يسكنون بالقرب من نهر الفرات وكانت عاصمتهم تلاسار ومعناها تل أشور.
أرفاد ومدينة سفراويم وهينع وعوا أنظر (2 مل 17: 24، 18: 34).
واصل ربشاقى تهديداته لحزقيا، فذكره بما فعله ملوك أشور مع الشعوب التي حاولت التمرد على أشور وكيف انتصرت عليها ولم تستطع آلهة هذه الأمم أن تدافع عنهم، وبالطبع إلهك لن يستطع أن ينجيك، فهو مثل هذه الآلهة، عاجز أمام قوة ملوك أشور.
† "كثيرون قالوا ليس خلاص بإلهه" (مز ) أيها الحبيب أن الحرب واحدة وإن اختلف الزمان وهي التشكيك في قوة الله ويمين قدرته لتفقد إيمانك ورجاءك ... لا تهتم بل تشدد، وإن ثقلت عليك الحروب إهرب لصدر أب اعترافك وحضن كنيستك .. هناك تجد عونًا.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
14 فَأَخَذَ حَزَقِيَّا الرَّسَائِلَ مِنْ أَيْدِي الرُّسُلِ وَقَرَأَهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَنَشَرَهَا حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ. 15 وَصَلَّى حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، الْجَالِسُ فَوْقَ الْكَرُوبِيمَ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. 16 أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَاسْمَعْ. اِفْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ، وَاسْمَعْ كَلاَمَ سَنْحَارِيبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ اللهَ الْحَيَّ. 17 حَقًّا يَا رَبُّ إِنَّ مُلُوكَ أَشُّورَ قَدْ خَرَّبُوا الأُمَمَ وَأَرَاضِيَهُمْ، 18 وَدَفَعُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى النَّارِ. وَلأَنَّهُمْ لَيْسُوا آلِهَةً، بَلْ صَنْعَةُ أَيْدِي النَّاسِ: خَشَبٌ وَحَجَرٌ، فَأَبَادُوهُمْ. 19 وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ، فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ الأَرْضِ كُلُّهَا أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ الإِلهُ وَحْدَكَ».
ع14:
إستلم حزقيا رسائل التهديدات من أيدي رسل ملك أشور التي حملوها إليه، وبعد أن قرأ محتواها دخل إلى الهيكل وبسطها أمام الرب.ونلاحظ أن التهديدات الأشورية في هذه المرة كانت مكتوبة؛ لإخافة بني إسرائيل ولكن حزقيا دخل بإيمان إلى بيت الرب، مطالبًا إياه أن يدافع عن اسمه، أمام استهزاء الأمم عليه، فكان واثقًا من قوة الله، التي ستعمل وتتمجد.
ع15: صلى حزقيا أمام الرب قائلًا: أيها الرب إله إسرائيل، الجالس على عرشه، الذي تحمله الملائكة، أنت هو الإله الوحيد لكل شعوب الأرض. أنت خلقت السماء والأرض، فأعلن بذلك أن الله وحده هو الإله وفوق الملائكة وخالق العالم كله.
ع16:
إصغى يا رب إلى تجديفات ملك أشور وأطلع على كلام سنحاريب، الذي بعث به إلى ليهينك يا الله، أنت الإله الحي وحدك.
ع17، 18: أنها حقيقية يا رب ما فعله ملوك آشور، من تخريب لأراضي وبلاد تلك الشعوب وأحرقوا آلهتهم، التي لم تقاوم؛ لأنها أصنام وآلهة كاذبة، بل هي صناعة أيدي البشر، من خشب وحجر.
ع19: تضرع حزقيا إلى الرب قائلًا: أنقذنا يا رب من يد ملك أشور، فتعرف جميع ممالك الأرض، أنك أنت الإله الحقيقي وحدك. وتظهر ثقة حزقيا في الله، في مطالبته أن يتدخل الآن، أي بسرعة، ليتمجد إسمه. فهو يغير على اسم الله ويثق في قوته. ومن محبة حزقيا لا يطيق أن يهان اسم الله أمامه ويريد أن يظهر الله قوته؛ لعل الشعوب تؤمن وتخضع له.
† تكلم بثقة مع الله في الصلاة، خاصة عندما يستهزئ البعض بقدرته، أو يتكلمون عنه رديًا وأطلب منه أن يعلن مجده ويسندك وينقذك من كل المحيطين بك. فهو فوق الكل وقادر على كل شيء.
20 فَأَرْسَلَ إِشَعْيَا بْنُ آمُوصَ إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلًا: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي صَلَّيْتَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ: قَدْ سَمِعْتُ. 21 هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْهِ: احْتَقَرَتْكَ وَاسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ، وَنَحْوَكَ أَنْغَضَتِ ابْنَةُ أُورُشَلِيمَ رَأْسَهَا. 22 مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ؟ وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتًا؟ وَقَدْ رَفَعْتَ إِلَى الْعَلاَءِ عَيْنَيْكَ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ! 23 عَلَى يَدِ رُسُلِكَ عَيَّرْتَ السَّيِّدَ، وَقُلْتَ: بِكَثْرَةِ مَرْكَبَاتِي قَدْ صَعِدْتُ إِلَى عُلْوِ الْجِبَالِ، إِلَى عِقَابِ لُبْنَانَ وَأَقْطَعُ أَرْزَهُ الطَّوِيلَ وَأَفْضَلَ سَرْوِهِ، وَأَدْخُلُ أَقْصَى عُلْوِهِ، وَعْرَ كَرْمَلِهِ. 24 أَنَا قَدْ حَفَرْتُ وَشَرِبْتُ مِيَاهًا غَرِيبَةً، وَأُنَشِّفُ بِأَسْفَلِ قَدَمَيَّ جَمِيعَ خُلْجَانِ مِصْرَ. 25 أَلَمْ تَسْمَعْ؟ مُنْذُ الْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ، مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ صَوَّرْتُهُ. الآنَ أَتَيْتُ بِهِ. فَتَكُونُ لِتَخْرِيبِ مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ حَتَّى تَصِيرَ رَوَابِيَ خَرِبَةً. 26 فَسُكَّانُهَا قِصَارُ الأَيْدِي قَدِ ارْتَاعُوا وَخَجِلُوا، صَارُوا كَعُشْبِ الْحَقْلِ وَكَالنَّبَاتِ الأَخْضَرِ، كَحَشِيشِ السُّطُوحِ وَكَمَلْفُوحٍ قَبْلَ نُمُوِّهِ. 27 وَلكِنِّي عَالِمٌ بِجُلُوسِكَ وَخُرُوجِكَ وَدُخُولِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ. 28 لأَنَّ هَيَجَانَكَ عَلَيَّ وَعَجْرَفَتَكَ قَدْ صَعِدَا إِلَى أُذُنَيَّ، أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ وَلِجَامِي فِي شَفَتَيْكَ، وَأَرُدُّكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ. 29 «وَهذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ: تَأْكُلُونَ هذِهِ السَّنَةَ زِرِّيعًا، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خِلْفَةً. وَأَمَّا السَّنَةُ الثَّالِثَةُ فَفِيهَا تَزْرَعُونَ وَتَحْصِدُونَ وَتَغْرِسُونَ كُرُومًا وَتَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 30 وَيَعُودُ النَّاجُونَ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا، الْبَاقُونَ، يَتَأَصَّلُونَ إِلَى أَسْفَل وَيَصْنَعُونَ ثَمَرًا إِلَى مَا فَوْقُ. 31 لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ، وَالنَّاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا. 32 «لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُّورَ: لاَ يَدْخُلُ هذِهِ الْمَدِينَةَ، وَلاَ يَرْمِي هُنَاكَ سَهْمًا، وَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِتُرْسٍ، وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً. 33 فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ يَرْجعُ، وَإِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ لاَ يَدْخُلُ، يَقُولُ الرَّبُّ. 34 وَأُحَامِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ لأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي».
ع20:
كانت استجابة الرب لصلاة حزقيا سريعة، فقد أرسل إليه على فم أشعياء النبي يقول: الرب قد أصغى إلى ما اشتكيت إليه، من جهة سنحاريب ملك أشور. وهذا معناه اهتمام الله وأنه سيتصرف ويحميه ويعاقب المتطاولين عليه.
ع21:
أنغضت: هزت رأسها سخرية بمن أمامها.كان رد الله على صلاة حزقيا، قاله على فم أشعياء وهو يخاطب سنحاريب، فيقول له عن شعب الله، مشبهًا إياه بعذراء وفتاة، فهي تبدو في ضعف العذراء والفتاة ولكن قوتها جبارة في إلهها المساند لها. هذه العذراء استهزأت بك يا سنحاريب وسخرت منك. ويقول هذا بصيغة الماضى؛ لأن الله قد قرر الانتقام من سنحاريب وجيشه، الذي استهزأ بالله، وما دام الله قد قرر، فما أمر به سيتم حتمًا، لذلك تكلم بصيغة الماضى؛ لأن الله قد استخدم أشور لتأديب شعبه، حتى يتوبوا، لكنه يحب شعبه جدًا، فعندما صرخوا إليه باتضاع وتوبة وإيمان، أسرع لينجدهم وينتقم من أشور، الذي تكبر وظن أن قوته منه ولم يفهم أن هذا بسماح مؤقت من الله؛ لتأديب شعب الله.
ع22:
يواصل الله توبيخه لسنحاريب، فيقول له، كيف تجاسرت واستهزأت وجدفت على الله القدوس إله بنى إسرائيل؟ وبالطبع قد وصل هذا الكلام إلى جيش الأشوريين، عن طريق بعض الناس الخارجين من أورشليم، أو قد أعلنه الله على فم أحد رجال أورشليم من على السور وسمعه جيش الأشوريين.
ع23:
عقاب: طريق أعلى المرتفعات.الأرز: شجر عظيم وصلب ومرتفع ودائم الخضرة، يكثر على جبال لبنان.
السرو: نوع من الأشجار الصنوبرية مرتفع وهو مخروطى الشكل.
وعر: هو طريق غير ممهد، فيه صخور وأحجار ولكنه يقصد هنا، أنه غابات لا يمكن اقتحامها من كثافة أشجارها.
الكرمل: هو سلسلة جبال مغطاة بالأشجار الكثيفة في لبنان.
يكمل الله ويكشف كبرياء قلب سنحاريب المتعالى والمتشامخ والذي تطاول على اسم الله ذاته وعلى رسله أي مندوبى حزقيا وافتخر بأنه اقتحم كل البلاد العالية والغابات الكثيفة بأشجارها المرتفعة ولم يقف أمام مركباته رئيسًا أو طريقًا صعبًا، إذ قطع وأزاح كل العوائق. هذا الكلام كتبه سنحاريب في رسالته لحزقيا والله يكشفه الآن ليبين مدى كبريائه.
ع24: بعد أن أعلن سنحاريب -في كبرياء- سيطرته على ملوك ورؤساء الدول في العدد الماضى، يعلن هنا -في هذا العدد- سلطانه على كل شعوب الأرض. ويقول بكبرياء "أنا". وشرب مياه غريبة: يقصد به أنه قد استولى على بلاد كثيرة، غريبة عنه وأخذ خيراتها وشرب مياهها. وأيضًا مصر وهي الإمبراطورية السابقة له ومازالت دولة قوية، يعلن أنه قد دخلها بجيوشه الكبيرة جدًا، فشرب مياهها، حتى لم يعد فيها مياه وداس أنهارها بباطن أقدام جنوده، معلنًا سيطرته وقوته وحشوده الضخمة. وهذا الكلام أيضًا لم يكتبه ولم يعلنه سنحاريب، كما ذكرنا في العدد السابق.
ع25:
روابى: جمع رابية وهي الأرض المرتفعة.بكبرياء قال سنحاريب قبلًا لحزقيا في (ع11)، ألم تسمع بقوة ملوك أشور، التي حطمت كل الشعوب المحيطة والآن الله يرد على ملوك أشور ويقول له، ألم تسمع أنت بما عملته، فمنذ البعيد، أي منذ الأزل، أنا دبرت في خطتى أن أجعلك يا سنحاريب أداة لتحطيم الشعوب، فأنت مجرد أداة في يدى ولكنك تكبرت علىَّ وظننت نفسك شيئًا، عندما خضعت لك دول كثيرة. ويسأل الله ملك أشور، ألم تسمع بقوتى في نبوات أنبيائى وعملى مع شعبى؟ فكيف تجاسرت أن تقف أمامي وتتكبر علىَّ؟ فأنا قد شققت البحر الأحمر ونشفت الأرض فعلًا، أيام موسى وكذلك أيام يشوع أوقفت المياه في نهر الأردن، أما أنت فتتكلم بأوهام ولم تنشف البحر فعلًا.
ع26:
الملفوح: نباتات جفت واحترقت من الريح الساخنة التي هبت عليها.يصف الله سكان البلاد التي اقتحمها ملك أشور، بأنهم ضعفاء وشبههم بأناس أيديهم قصيرة، لا يقدروا على الدفاع وذلك لأنهم يعتمدون على الأصنام وليس الله. ويشبههم أيضًا - عندما هجم عليهم أشور وخافوا وخزوا - بأنهم مثل الحشائش الضعيفة، التي تنمو في الحقول والنباتات الضعيفة اللينة الخضراء، في بداية نموها، قبل أن يصير لها سيقان قوية وثمار وشبهها أيضًا بحشيش السطوح وهو حشيش ضعيف وقصير؛ لأن ليس له عمق، ثم في النهاية يشبههم بنباتات صغيرة لم يكتمل نموها وهبت عليها رياح ساخنة، فجففتها وأحرقتها.
ع27: يخاطب الله ملك أشور، بأنه يرى كل شيء، فيرى كل تحركاته وأعماله وكلامه وكبرياءه وتطاوله على الله. والله يطيل أناته؛ لعله يتوب ولكن بالطبع سيعاقبه، ما دام مصرًا على هذا الكبرياء.
ع28:
خزامة: حلقة معدنية توضع في أنف العبيد، إذلالًا لهم.لجام: قطعة حديدية توضع في فم الفرس؛ لقيادته، حسبما يريد راكبه.
قال الله لسنحاريب، أن كبريائك وثورتك علىَّ قد سمعتهما، أنا الساكن في الأعالى، فصعد هذا الكبرياء إلىَّ وبالطبع سأعاقبك، كما عاقبت أنت ملوكًا كثيرين، عندما قبضت عليهم ووضعت خزامات في أنوفهم. وكانت هذه الفكرة قد ابتدعها ملوك الأشوريين؛ لإذلال من ينتصرون عليهم، فالآن الله يعملها فيهم، أو يكلمهم بها، فهم يفهمونها، أي سيذل الله ملك أشور، كعبد حقير، ثم يسيطر عليه، كما يسيطر الفارس على الفرس، فيعود به إلى بلاده هاربًا أمام قوة الله، كما سنرى في نهاية هذا الأصحاح.
† لا تتكبر على من حولك، فأنت تتكبر على الله، وإن كان - من طول أناته - يعطيك فرصًا للتوبة، فلا تضيعها؛ لئلا يعاقبك، فتنحط إلى الأرض في حقارة وذل.
ع29:
خلفة: هى ثمار تجمع من نفس النبات المزروع في الأرض من العام السابق فبعد جمع المحصول في العام الأول، تترك سيقان النباتات في الأرض فتعطى ثمار في العام التالي، تسمى خلفة.زريعًا: حبوب تسقط أثناء الحصاد وتعطى نباتات وثمار خلفة.
ثم أعطى الله لحزقيا علامات تطمئنه، أنه معه ولن يتركه، فبعد أن يتخلص حزقيا من الأشوريين بقوة الله، يهتم أيضًا الله بإطعام شعبه، فيسمح بأن تسقط البذار أثناء جمع الأشوريون محاصيل اليهود وهذه البذار تنبت نباتاتًا وتعطى محصول يكفى كل اليهود الباقين في مملكة يهوذا في هذا العام. ثم في العام التالي يجعل نفس النباتات تعطى ثمارًا، تكفى أيضًا شعبه في العام التالى؛ لأن العام التالي كان سنة سابعة، تحرم الشريعة زراعة الأرض فيها وتترك لتستريح، فالله دون زراعة سيجعل نفس النباتات تعطى خلفة؛ ليأكل شعبه. والمعروف في الزراعة أن الخلفة تكون أقل وأضعف من السنة الأولى، ولكن ببركة الله، يجعل المحصول كثيرًا وكافيًا لشعبه. أما في السنة الثالثة، فيبدأون بزراعة الأرض؛ لأنهم سيكونون مطمئنين بحماية الله - وقد استعادوا تحصين مدنهم وتجديدها.
وبهذا نرى أن الله يشعر بشعبه، الذي ظلمه الأشوريون، فأكلوا طعامه، فيعطيهم بدلًا منه طعامًا يكفيهم لم يزرعوه هو الزريع، ثم في السنة الثانية الخلفة.
هذه النبوة ترمز إلى بركة الله في شعبه، فرغم أن أشور قد اضطهدته وقتلت الكثيرين ولكن الله يبارك في الباقين، فيكثروا ويصيروا أمة عظيمة.
† لا تخشى التجارب التي تمر بك، أو ظلم الآخرين لك، فالله قادر أن يعوضك كل ما خسرته أضعافًا كثيرة. إطمئن فأنت في حماية إلهك، القادر على كل شيء.
ويعد الله شعبه، أنه بعد هزيمة الأشرار وهروبهم، يعود الشعب الناجى من الهلاك، وبسبب بركات إلههم، يصيرون كالأشجار القوية العالية الممتدة الجذور ويصنعون أثمارًا متنوعة في إشارة إلى انتعاش الشعب بعد الضيقة. ليس هذا فقط بل غيرة الرب القوى إله القوات على اسمه وعلى شعبه (عروسه) تجعله يبدد أعدائه ويسحق كل من تطاول على عروسه.
كذلك يمكن القول إنها نبوة عن الكنيسة، فمهما بدت ضعيفة في بعض الفترات، مضطهدة وتنقصها القوة، لكن عريسها السماوى سيدافع عنها وأبواب الجحيم لن تقوى عليها.
† لا تيأس من كثرة التجارب والضعف الظاهر عليك وكثرة سقطاتك، بل وتعييرات الأشرار، فكلها مؤقتة، ستنتهي، ما دمت قد لجأت إلى الله في توبة وانسحاق. وسيعوضك عن كل ما فاتك، فتحيا معه في قوة وتعطى ثمارًا روحية كثيرة.
مترسة: حائط يبنيه العدو؛ ليستتر وراءه ويرمى من ورائه القذائف الحجرية، أو النارية ويمنع الخارجين من المدينة المحاصرة من أن يهربوا.
رغم قوة الحصار الأشوري على أورشليم، يطمئن الله حزقيا، بأن العدو لن يستطع الدخول إلى أورشليم واستخدام أسلحته ضدها، بل سيرجع إلى بلاده.
ع34: يؤكد الله أنه سيحمى مدينته أورشليم؛ من أجل تمجيد اسمه القدوس، الذي عيره الأعداء. والسبب الثاني، لحمايته مدينته، هو إكرامه لداود العظيم في تقواه والذي من نسله ويجلس على عرشه حزقيا الملك.
† الله يكرم قديسيه ويستجيب لشفاعتهم؛ لذلك نلجأ إليهم ونطلب وساطتهم.
35 وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ. 36 فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى. 37 وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلهِهِ، ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرَآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ آسَرْحَدُّونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
ع35:
حدث في تلك الليلة أن ملاك الرب أتى إلى معسكر الأشوريين وأهلك من جنودهم مائة وخمس وثمانون ألفًا. وما أن طلع النهار، حتى كانت جثثهم تملأ المعسكر.نلاحظ أن عقاب الله كان سريعًا جدًا، في ليلة نفس اليوم، الذي أعلن فيه الله عقابه، نفذ الحكم على سنحاريب وجيشه؛ لأن كبرياهم كان شديدًا.
ع36: إستطاع سنحاريب أن يهرب مع عدد قليل من جيشه، فأسرع إلى نينوى عاصمته. ولعله بهذا ظن أنه قد هرب من العقاب الإلهي ولكن كان ينتظره عقابًا لا نتخيله، سنراه في الآية التالية.
ع37:
أراراط: هضبة تقع شرق العراق الحالي وعليها استقر فلك نوح.كان سنحاريب في يأس شديد، عندما عاد إلى نينوى، فالتجأ إلى إلهه نسروخ في معبده، ليسنده وسجد أمام الصنم. وهناك نفذ الله حكمه، بشكل لا يتوقعه سنحاريب، إذ هجم عليه ابناه وقتلاه بالسيف، ثم هربا إلى هضبة أراراط.
فملك بعده ابن آخر له، يسمى آسر حدون.
نلاحظ أن حزقيا مر بثلاثة مراحل في علاقته بالله، أمام الهجوم الأشوري:
اعتمد على ذاته، فخاف وبحث عن حل بشرى، فأعلن خضوعه وعبوديته لملك أشور وأرسل له الفضة والذهب (2 مل 18: 14-16).
عندما خدعه سنحاريب وهجم عليه واستولى على مدن يهوذا وحاصر أورشليم، لم يجد حزقيا أمامه إلا الالتجاء لله؛ لينقذه (ع1).
عندما عير سنحاريب اسم الله وجدف عليه، طلب حزقيا من الله أن يتدخل ويدافع عن اسمه، إذ تعلق بمحبة الله وغار على اسمه القدوس (ع16).
ففى البداية كان معتمدًا على ذاته وفى المرة الثانية شعر بضعفه هو وشعبه وحاجته الشديدة لله، أما في المرة الثالثة، فتعلق قلبه بالله وغار على اسمه القدوس، فالضيقة جعلت حزقيا ينمو في علاقته مع الله.
† إن قوة الله قادرة على كل شيء وتصنع فوق ما يظنه الإنسان، لذا لا تضطرب، مهما كانت قوة أعدائك المسيئين إليك، فالله قادر أن ينجيك من أيديهم، بصورة لا تتوقعها.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الثاني 20 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير ملوك الثاني 18 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/kings2/chapter-19.html
تقصير الرابط:
tak.la/746hz85