← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25
اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ وَالثَّلاَثُونَ
(1) حكم منسى الشرير (ع1-9)
(2) سجن منسى وتوبته (ع10-13)
(أ) تمجيد الله (ع1-5)
(ب) إله التائبين (ع6-9)
(ج) إقرار منسى بخطاياه (ع10-13)
(د) اتضاع منسى وطلب الغفران (ع14-18)
(3) إصلاحات منسى وموته (ع14-20)
(4) تملك آمون على يهوذا (ع21-25)
1 كَانَ مَنَسَّى ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. 2 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ رَجَاسَاتِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 3 وَعَادَ فَبَنَى الْمُرْتَفَعَاتِ الَّتِي هَدَمَهَا حَزَقِيَّا أَبُوهُ، وَأَقَامَ مَذَابحَ لِلْبَعْلِيمِ، وَعَمِلَ سَوَارِيَ وَسَجَدَ لِكُلِّ جُنْدِ السَّمَاءِ وَعَبَدَهَا. 4 وَبَنَى مَذَابحَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ الَّذِي قَالَ عَنْهُ الرَّبُّ: «فِي أُورُشَلِيمَ يَكُونُ اسْمِي إِلَى الأَبَدِ». 5 وَبَنَى مَذَابحَ لِكُلِّ جُنْدِ السَّمَاءِ فِي دَارَيْ بَيْتِ الرَّبِّ. 6 وَعَبَّرَ بَنِيهِ فِي النَّارِ فِي وَادِي ابْنِ هِنُّومَ، وَعَافَ وَتَفَاءَلَ وَسَحَرَ، وَاسْتَخْدَمَ جَانًّا وَتَابِعَةً، وَأَكْثَرَ عَمَلَ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ. 7 وَوَضَعَ تِمْثَالَ الشَّكْلِ الَّذِي عَمِلَهُ فِي بَيْتِ اللهِ الَّذِي قَالَ اللهُ عَنْهُ لِدَاوُدَ وَلِسُلَيْمَانَ ابْنِهِ: «فِي هذَا الْبَيْتِ وَفِي أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ أَضَعُ اسْمِي إِلَى الأَبَدِ. 8 وَلاَ أَعُودُ أُزَحْزِحُ رِجْلَ إِسْرَائِيلَ عَنِ الأَرْضِ الَّتِي عَيَّنْتُ لآبَائِهِمْ، وَذلِكَ إِذَا حَفِظُوا وَعَمِلُوا كُلَّ مَا أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ، كُلَّ الشَّرِيعَةِ وَالْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ عَنْ يَدِ مُوسَى». 9 وَلكِنْ مَنَسَّى أَضَلَّ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ لِيَعْمَلُوا أَشَرَّ مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
ذكرت هذه الآيات وشرحت في (2 مل21: 1-9)، وفيها نرى انغماس منسى في عبادة أوثان الأمم المحيطة به، مخالفًا وصايا الله وأقام تماثيل الأوثان في بيت الرب. ويضيف هنا أنه عمل تمثال الشكل (ع7)، أي تمثال على شكله. وهذا يظهر مدى كبرياؤه وأنانيته وابتعاده عن الله، حتى أنه وضع نفسه إلهًا بدل الله.
† افحص نفسك، لئلا يكون فيك بعض الأنانية وتفضيل نفسك عن الآخرين، فهذه عبادة لنفسك وابتعاد عن الله. اعرف خطاياك وقدم توبة، فتنال بركات الله في حياتك.
10 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مَنَسَّى وَشَعْبَهُ فَلَمْ يُصْغُوا. 11 فَجَلَبَ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ الجُنْدِ الَّذِينَ لِمَلِكِ أَشُّورَ، فَأَخَذُوا مَنَسَّى بِخِزَامَةٍ وَقَيَّدُوهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى بَابِلَ. 12 وَلَمَّا تَضَايَقَ طَلَبَ وَجْهَ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَتَوَاضَعَ جِدًّا أَمَامَ إِلهِ آبَائِهِ، 13 وَصَلَّى إِلَيْهِ فَاسْتَجَابَ لَهُ وَسَمِعَ تَضَرُّعَهُ، وَرَدَّهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى مَمْلَكَتِهِ. فَعَلِمَ مَنَسَّى أَنَّ الرَّبَّ هُوَ اللهُ.
ع10:
نتيجة انغماس منسى وشعبه في عبادة الأوثان والشهوات الردية، لم يسمعوا لصوت الله، الذي كان على فم الأنبياء، مثل أشعياء.وهذا يبين محبة الله واهتمامه بالخطاة مهما انغمسوا في الخطية، فهو يطلب خلاص الكل.
† ثق أن الله يحبك ويطلب خلاصك مهما ابتعدت عنه ولكن ليتك تتجاوب مع دعوته وترجع سريعًا إليه مهما كانت خطاياك، فهو سيسامحك.
ع11:
خزامة: حلقة من النحاس توضع في أنف العبيد، أو الحيوانات؛ للدلالة على امتلاكها وخضوعها لسيدها.سمح الله للأشوريين، الذين يحكمون العالم وقتذاك، أن يهاجموا مملكة يهوذا ويقبضوا على الملك منسى ويضعوا خزامة في أنفه كالعبيد والحيوانات وقيدوه بسلاسل، ولعل ذلك بسبب اتهام وجه إليه بالتمرد على ملك أشور. وذهبوا به إلى بابل، التي كانت وقتذاك مدينة تحت سلطان ملك أشور.
ع12، 13: عندما تضايق منسى جدًا وصار في ذل شديد، في سجن بابل، وهو يعامل كالعبد، رجع إلى نفسه وشعر بخطاياه التي سببت له كل هذا الذل وقدم توبة بانسحاق أمام الله وصلى صلاة عميقة تقرأها الكنيسة في ليلة أبو غالامسيس، أي سبت الفرح، وهي جزء من الكتاب المقدس، حذف منه ولكن الكنيسة تعترف به وتقرأه في صلواتها.
وعندما تاب غفر الله له خطاياه وأعاده إلى ملكه في أورشليم.
لم يذكر سفر الملوك الثاني سجن منسى وصلاته، ثم رجوعه من بابل وإصلاحاته، لأنه عندما تاب، لم يستطع أن يغير الفساد الذي انتشر في الشعب بسبب شروره الكثيرة وسفر الملوك يهتم بحالة الشعب، أما سفر الأخبار فيهتم بالملوك كرموز للمسيح ويركز على الأعمال الصالحة التي عملوها، أكثر من شرورهم.
(هذا النص منقول من كتاب صلوات أسبوع الآلام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية)
1 أيها الرب ضابط الكل الذي في السماء إله آبائنا إبراهيم واسحق ويعقوب ونسلهم. 2 الذي خلق السماء والأرض وكل زينتهما. 3 الذي ربط البحر بكلمة أمره وختم أعماقه باسمه المخوف والمملوء مجدًا، الذي يفزع ويرتعد كل شيء من قدام وجه قوته.4 لأنه لا تحد عظمة مجدك. 5 ولا يدرك غضب رجزك على الخطاة. 6 ولا تحصى أو تدرك رحمة إرادتك، أنت الرب العلى الرحوم طويل الروح وكثير الرحمة وبار ونادم على شر البشر. 7 أنت أيضًا يا رب على قدر صلاحك رسمت توبة لمن أخطأ إليك. 8 وبكثرة رحمتك ناديت بتوبة للخطاة لخلاصهم. 9 أنت يا رب إله الأبرار لم تجعل التوبة للصديقين إبراهيم واسحق ويعقوب هؤلاء الذين لم يخطئوا إليك، بل جعلت التوبة لمثلى أنا الخاطئ. 10 لأنى أخطأت أكثر من عدد رمل البحر. 11 كثرت آثامى ولست مستحقًا أن أرفع عينى إلى السماء من أجل كثرة ظلمى. 12 بل أنحنى من أجل كثرة رباطاتى الحديدية ولا أرفع رأسى من خطاياى. 13 والآن بالحقيقة قد أغضبتك ولا راحة لى لأنى أسخطت رجزك، والشر صنعت بين يديك، ولم أفعل مشيئتك ولا حفظت وصاياك بل أقمت رجاساتى، وأكثرت نجاساتى. 14 والآن أحنى ركبتى قلبى وأطلب من صلاحك، أخطأت يا رب أخطأت، وآثامى أنا أعرفها. ولكنى أسأل وأطلب إليك يا رب اغفر لى ولا تهلكنى بآثامى، ولا تحقد علىَّ إلى الدهر، ولا تمسك علىَّ شرورى ولا تطرحنى في الدينونة في عمق أسفل الأرض. 15 لأنك أنت هو إله التائبين. 16 وفىّ أظهر صلاحك لأنى غير مستحق. 17 وخلصنى بكثرة رحمتك، فأسبحك كل حين كل أيام حياتى. 18 لأنك أنت هو الذي ترنم لك كل قوات السموات. 19 لك المجد إلى الأبد آمين.
صلاة منسى
(هذا النص منقول من كتاب صلوات أسبوع الآلام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية)
هذه الصلاة تعترف بها الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية وهي صلاة معروفة منذ العصر الرسولي ووجدت في الترجمة السبعينية لأسفار العهد القديم وتقرأها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ضمن الصلوات المختارة من الكتاب المقدس في ليلة سبت الفرح بعد الجمعة العظيمة. وقد وردت هذه الصلاة في الطبعة اللاتينية للكتاب المقدس بعد سفر أخبار الأيام الثاني ووجدت أيضًا في النسخة الإسكندرانية للكتاب المقدس المحفوظة في المتحف البريطاني، ووردت أيضًا في النسخ اليونانية السريانية والأرمنية والقبطية والحبشية وكل النسخ المأخوذة عن النسخة اليونانية. وهي صلاة توبة رائعة قدمها منسى لله بعد حياة طويلة شريرة، قاد شعبه فيها إلى عبادة الأوثان وكل شر، وبعدها سمح الله له أن يسبى إلى بابل ويلقى في السجن وفى ذل القيود رجع منسى نفسه وقدم هذه الصلاة فهي تناسب كل إنسان يتوب عن خطاياه لتشجعه وتعطيه رجاء في الحياة الجديدة. وقد أوردنا نص الصلاة وفيما يلي تفسيرها.
1 أيها الرب ضابط الكل الذي في السماء إله آبائنا إبراهيم واسحق ويعقوب ونسلهم. 2 الذي خلق السماء الأرض وكل زينتهما. 3 الذي ربط البحر بكلمة أمره وختم أعماقه باسمه المخوف والمملوء مجدًا، الذي يفزع ويرتعد كل شيء من قدام وجه قوته.4 لأنه لا تحد عظمة مجدك. 5 ولا يدرك غضب رجزك على الخطاة.
ع1: يبدأ منسى صلاته بالتأمل في صفات الله وعظمته؛ لأنه إذا عرف الإنسان الله يشعر بقداسته ويتضاءل أمامه وهكذا يبدأ أن يشعر بمخافة الله فتقوده للتوبة.
ويرى منسى في الله خلال هذه الآية ثلاث صفات هي:
ضابط الكل
الذي في السماء
إله آبائنا
ع2: الصفة الرابعة التي يمجد منسى الله عليها، أنه خالق كل شيء؛ السماء والأرض وكل ما فيهما، فقد زين السماء؛ ليس فقط بالنجوم والكواكب، بل بالأحرى الملائكة وزين الأرض ليس فقط بالأشجار والنباتات والحيوانات، بل فوق الكل بالإنسان، الذي من أجله خلق كل شيء، فهو يحبه وبالتالي يفرح بتوبته رجوعه إليه.
ع3: يرى منسى في هذه الآية ثلاث صفات أخرى جديدة في الله، بخلاف الأربع صفات السابقة وهي:
5- ربط البحر:
فرغم عظمة البحار والتي تستطيع أن تقلب أكبر السفن بأمواجها العالية ولكن الله وضع لها قانونًا هو قانون المد والجزر، الذي به لا تستطيع الأمواج أن تغطى اليابسة، بل إذ تقترب المياه من الشاطئ تعود ثانية إلى الأعماق، فالبحر يشبه الجبار المقيد بسلاسل، حتى لو تحرك نحو الأرض وما عليها يوقفه الله ويعيده إلى مكانه. كل هذا ينمى مخافة الله داخل الإنسان ليتوب.
6- ختم أعماق البحر
وإن كان الإنسان قد نزل إلى البحر وعرف عنه الكثير، ولكنه حتى الآن لا يستطيع أن يصل إلى كل أعماق البحار ولا يعرف الكائنات التي فيها ولا يحتمل الظروف الجوية هناك، فهذا يبين عظمة علم الله، التي يحاول الإنسان اكتشاف شيئًا منها. فيشعر الإنسان بضعف فهمه أمام الله ويتصاغر جدًا فيذهب عنه كل كبرياء.
7- يرتعد كل شيء أمامه:
إن كان الله يحرك البحر بيده كأنه ألعوبة صغيرة، فكل ما في السماء وما على الأرض يفزع أمام قوته، فعندما تهب الزوابع والأعاصير تقتلع أمامها الأشجار الضخمة والمباني وتحرك البحار فتفيض على الأرض. وعندما تتحرك الجبال بالزلازل والجبال الثلجية بالحرارة وكل شيء يفزع أمام قوة الله يشعر الإنسان بضعفه ويثق في نفس الوقت بقوة الله التي تحميه، فيلتجئ إلى أحضان الله بتوبة وانسحاق.
ع4: يرى في هذه الآية صفة جديدة في الله وهي :
8- غير محدود
فمجد الله الذي يظهر في الطبيعة بأشكال مختلفة يفوق عقل الإنسان ويصعب عليه أن يعرف عنه كل شيء مما يبهر الإنسان، فيتضع أمام الله ويظل يتأمل جماله كل الأيام لأنه غير محدود.
ع5: ويرى منسى صفة جديدة تخص الإنسان مباشرة وهي:
9- غضب رجزه
فالله العظيم البار القدوس كله نور ويتنافر مع أي شر، بل يغضب بشدة على الخطاة، المتمادين في شرهم وهذا يزيد مخافة الله في قلب الإنسان، مما يدفعه للتوبة.
† تأمل صفات الله لينجذب قلبك إليه، فتسبحه وتمجده، فيدفعك هذا للطهارة ورفض كل خطية.
6 ولا تحصى أو تدرك رحمة إرادتك أنت الرب العلى الرحوم طويل الروح وكثير الرحمة وبار ونادم على شر البشر. 7 أنت يا رب على قدر صلاحك رسمت توبة لمن أخطأ إليك. 8 وبكثرة رحمتك ناديت بتوبة الخطاة لخلاصهم. 9 أنت يا رب إله الأبرار لم تجعل التوبة للصديقين إبراهيم واسحق ويعقوب هؤلاء الذين لم يخطئوا إليك، بل جعلت التوبة لمثلي أنا الخاطئ.
ع6: ينتقل منسى في صلاته وهو يتأمل صفات الله إلى محبته للبشر ورحمته وغفرانه لخطاياهم ويرى فيه ما يلي:
رحمته الغير محدودة
العلى الرحوم
طويل الروح
بار ونادم على الشر
ع7، 8: ثم يرى منسى صفة جديدة في الله نحو أولاده التائبين وهي:
5- صلاحه:
الذي ظهر في استعداده أن يغفر جميع خطايا أولاده ووضع الطريق إلى ذلك وهو التوبة.
ع9: يمجد في النهاية منسى الله، الذي يقبل أشر الخطاة ويقول له وإن كنت تنسب نفسك للآباء الأبرار إبراهيم واسحق ويعقوب؛ لأنك بار وقدوس، لكنك عندما وضعت التوبة لم تقصد بها الأبرار، بل الخطاة الأشرار مثلي أنا منسى، الذي فعلت شرورًا كثيرة أمامك.
† ما أجمل التوبة فهي الطريق العظيم، الذي ينقل أشر الخطاة إلى أحضان الله، لذا فأسرع إليها مهما كانت خطاياك لتتمتع بمحبته الإلهية.
10 لأنى أخطأت أكثر من عدد رمل البحر. 11 كثرت آثامى ولست مستحقًا أن أرفع عينى إلى السماء من أجل كثرة ظلمى. 12 بل أنحنى من أجل كثرة رباطاتى الحديدية ولا أرفع رأسى من خطاياى. 13 والآن بالحقيقة قد أغضبتك ولا راحة لى لأنى أسخطت رجزك، والشر صنعت بين يديك، ولم أفعل مشيئتك ولا حفظت وصاياك بل أقمت رجاساتى، وأكثرت نجاساتى.
ع10: يقر منسى بانسحاق أن خطاياه كثيرة جدًا وتكررت بشكل لا يستطيع أن يحصيها، حتى أنه يقول أنها أكثر من عدد رمل البحر وهذا يبين أمرين:
تمادَى منسى عشرات السنين في نشر عبادة الأوثان وكل الشهوات والشرور المصاحبة لها.
ندمه الشديد على هذه الخطايا وشعوره بكثرة خطاياه.
ع11: لأجل كثرة خطايا منسى يشعر بانسحاق شديد، فينظر إلى الأرض، أي إلى التراب الذي أخذ منه؛ لأن آدم أبوه قد خلق من التراب. ويشعر بعدم استحقاقه أن يرفع عينيه نحو الله في السماء. فرغم اشتياقه إلى الحياة النقية السماوية، لكنه في اتضاع يعلن أنه في ذاته غير مستحق لها.والله هو الذي سيهبه الغفران كنعمة مجانية، فيستطيع أن ينظر إليه.
يزيد إحساسه بالندم أنه ظلم الكثيرين، ليس فقط من أخذ حقوقهم، بل من أعثرهم؛ لأنه أزاغ شعبه عن عبادة الله وشجعهم على الوثنية وكل شر فيها (2 مل21: 9). ووصل ظلمه إلى أقرب الناس إليه، فقد قتل ابنه، إذ قدمه ذبيحة لمولك فأحرقه بالنار؛ ليرضى هذا الإله الوثني (2 مل21: 6) والخلاصة أنه سفك دماءً كثيرة ظلمًا (2 مل21: 16).
ع12: وتدفع منسى خطاياه لينحني برأسه نحو الأرض، ليس فقط من أجل ثقل القيود الحديدية، التي ربطت بها يديه. ولكن بالأكثر فظاعة خطاياه، التي حملها على ظهره فانحنى إلى الأرض باكيًا منسحقًا؛ ليحرمه الله، ويغفر له.
ع13:
أسخطت رجزك: أثرت غضبك الشديد علىَّ واستحققت كل عقاب.رجاساتي: شروري الدنسة والقذرة.
يعلن منسى مسئوليته عن إثارة غضب الله عليه بسبب كثرة خطاياه. وهذا جعله مضطربًا، فاقدًا لسلامه وراحته. وإذ تاب منسى اكتشف أن خطاياه مكشوفة أمام الله، بل أنه في جهل عمل كل هذه الشرور بين يدي الله. وإن كان الله قد أطال أناته عليه، لكنه كان يستحق التأديب وكل عقاب.
ويعلن أيضًا منسى مسئوليته عن رفض وصايا الله ومشيئته، إذ أنه عمل عكسها وهي الخطايا، وكل أنواع النجاسة والدنس. وفى تحدى لله أقام منسى الأصنام والعبادة الوثنية في كل مكان من مملكته، بل أمام هيكل الله نفسه وهو الآن يعترف أن كل هذه خطايا شنيعة جدًا.
† إن كنت تقدم توبة عن خطاياك وتظهر شناعتها، فأنت تستدر مراحم الله عليك وتتمتع برحمته، ولكنك إن أهملت التوبة تجلب على نفسك غضب الله، فاهتم بمحاسبة نفسك كل يوم لتنام مطمئنًا بين يدى الله.
14 والآن أحنى ركبتى قلبى وأطلب من صلاحك، أخطأت يا رب أخطأت، وآثامى أنا أعرفها. ولكنى أسأل وأطلب إليك يا رب اغفر لى ولا تهلكنى باثامى، ولا تحقد علىَّ إلى الدهر، ولا تمسك علىَّ شرورى ولا تطرحنى في الدينونة في عمق أسفل الأرض. 15 لأنك أنت هو إله التائبين. 16 وفىّ أظهر صلاحك لأنى غير مستحق. 17 وخلصنى بكثرة رحمتك، فأسبحك كل حين كل أيام حياتى. 18 لأنك أنت هو الذي ترنم لك كل قوات السموات. 19 لك المجد إلى الأبد آمين.
ع14:
تحقد علىَّ إلى الدهر: أي تلقيني في العذاب الأبدي عقابًا على خطاياي.أخيرًا في اتضاع يعبر عنه، ليس فقط في إحناء ركبتيه، بل ركبتي قلبه، أي ينسحق منسى، ومن هذا الاتضاع، ينظر إلى صلاح الله، طالبًا غفران خطاياه، فهو غير مستحق لكثرة خطاياه ولكن رجاؤه في رحمة الله. فهو إذ يقر ويؤكد خطاياه ومعرفته بشروره، يتضرع إلى الله؛ ليغفر له كل هذه الخطايا ولا يحاسبه عليها، أو يغضب ويحقد عليه بسبب هذه الشرور، فيلقيه في الهلاك الأبدي.
ع15: يصف منسى الله بصفة جميلة، أنه إله التائبين، فليس هناك إنسان بلا خطية ولكن هناك من يرجع بالتوبة، فهو من أولاد الله وهناك من يصر على خطاياه، فهو من أولاد إبليس.
ع16: يترجى منسى الله أن يظهر فيه صلاحه أي رحمته، فرغم عدم استحقاق منسى يرجو الله أن يهبه الغفران كنعمة إلهية. ويتمنى أن يعطيه الله من صلاحه، أي يجعل منسى صالحًا.
ع17: إذ ينال منسى الخلاص من خطاياه الكثيرة والغفران بكثرة مراحم الله، يدفعه هذا إلى تسبيح الله وتمجيده كل أيام حياته. لأن الغفران الإلهي لكل هذه الخطايا يفوق العقل وليس لدى منسى إلا الشكر والتسبيح. هذا هو شعور كل تائب بالحقيقة أمام الله.
ع18: وهكذا ينضم منسى إلى الملائكة الذين هم قوات وأجناد السموات، فيسبح الله معهم، أي يعمل منسى عمله الطبيعي كإنسان، فيبدأ بالتسبيح على الأرض، الذي يكمل في السماء بعد انتقاله من هذا الجسد.
وواضح أن الإنسان المنغمس في الخطية ليست له ميول روحية، فلا يحب الصلاة والتسبيح ولكن إذ تتحرر خطاياه، تنطلق مشاعره للصلاة والتسبيح.
† أشكر الله كل يوم بعد أن تعترف بخطاياك؛ لأنه يقبلك ويغفرها لك وينتظرك في سرى الاعتراف والتناول، ليتمم لك نعمته. بل كن متمسكًا بصلواتك وتسابيحك كل يوم؛ لأنها هي حياتك الطبيعية ولذتك.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
14 وَبَعْدَ ذلِكَ بَنَى سُورًا خَارِجَ مَدِينَةِ دَاوُدَ غَرْبًا إِلَى جِيحُونَ فِي الْوَادِي، وَإِلَى مَدْخَلِ بَابِ السَّمَكِ، وَحَوَّطَ الأَكَمَةَ بِسُورٍ وَعَلاَّهُ جِدًّا. وَوَضَعَ رُؤَسَاءَ جُيُوشٍ فِي جَمِيعِ الْمُدُنِ الْحَصِينَةِ فِي يَهُوذَا. 15 وَأَزَالَ الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ وَالأَشْبَاهَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ، وَجَمِيعَ الْمَذَابِحِ الَّتِي بَنَاهَا فِي جَبَلِ بَيْتِ الرَّبِّ وَفِي أُورُشَلِيمَ، وَطَرَحَهَا خَارِجَ الْمَدِينَةِ. 16 وَرَمَّمَ مَذْبَحَ الرَّبِّ وَذَبَحَ عَلَيْهِ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ وَشُكْرٍ، وَأَمَرَ يَهُوذَا أَنْ يَعْبُدُوا الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ. 17 إِلاَّ أَنَّ الشَّعْبَ كَانُوا بَعْدُ يَذْبَحُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ، إِنَّمَا لِلرَّبِّ إِلهِهِمْ. 18 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ مَنَسَّى وَصَلاَتُهُ إِلَى إِلهِهِ، وَكَلاَمُ الرَّائِينَ الَّذِينَ كَلَّمُوهُ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، هَا هِيَ فِي أَخْبَارِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. 19 وَصَلاَتُهُ وَالاسْتِجَابَةُ لَهُ، وَكُلُّ خَطَايَاهُ وَخِيَانَتُهُ وَالأَمَاكِنُ الَّتِي بَنَى فِيهَا مُرْتَفَعَاتٍ وَأَقَامَ سَوَارِيَ وَتَمَاثِيلَ قَبْلَ تَوَاضُعِهِ، هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي أَخْبَارِ الرَّائِينَ. 20 ثُمَّ اضْطَجَعَ مَنَسَّى مَعَ آبَائِهِ فَدَفَنُوهُ فِي بَيْتِهِ، وَمَلَكَ آمُونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
ع14:
مدينة داود: تسمى أيضًا جبل صهيون وتقع في الجنوب الشرقي من أورشليم وتوجد فيها مدافن ملوك يهوذا.جيحون: هو وادي قدرون، الذي يمتد من الشمال الشرقي لمدينة أورشليم حتى جنوبها.
باب السمك: أحد أبواب أورشليم، يقع في شمالها ويقع بجوار سوق السمك؛ ليدخل منه الصيادون بأسماكهم.
الأكمة: مكان مرتفع محصن يقع شرق أورشليم وجنوب الهيكل وشمال مدينة داود، أو جبل صهيون.
بعد توبة منسى اهتم بمملكة يهوذا وبدأ بأورشليم، فبنى سورًا لها، يمتد من شمال المدينة عند باب السمك ويلف غربًا؛ حتى يصل إلى جنوب المدينة، عند وادي قدرون. وأيضًا بنى سورًا عاليًا حول الأكمة، التي هي مكان محصن جدًا.
أهتم أيضًا بحماية مدن يهوذا ووضع في كل منها أحد رؤساء جيشه، ومعه عدد كبير من العسكر.
وهذا يرمز إلى أن الإنسان التائب ينبغي أن يحصن نفسه ضد هجمات الشر ولا يكتفي برفض الخطية ولكن يقوى علاقته بالله؛ حتى لا يستطيع إبليس أن يهاجمه، أو يتغلب عليه.
† تمسك بجهادك الروحي طوال حياتك، ولا تكتفي بترك الخطايا الصعبة، التي سقطت فيها كثيرًا، بل كن مواظبًا على علاقتك بالله، ناميًا في مخافته ومحبته.
ع15:
الأشباه: تماثيل تشبه الآلهة ويقال أن منسى قد عمل تماثيل له أيضًا تشبهه ليتعبدوها.جبل بيت الرب: هو تل يقع شمال شرق مدينة أورشليم ويسمى جبل المريا.
من الأعمال الهامة التي عملها منسى الملك، بعد توبته، إزالته للأصنام ومذابح الأوثان، التي كان قد بناها في أورشليم، بل وفى داخل دارى بيت الرب (ع5) وطرح هذه التماثيل خارج أورشليم ولكنه للأسف لم يحطمها، أو يحرقها، كما فعل غيره من الملوك الصالحين، ولذا عندما ملك ابنه آمون بعده، أخذ هذه التماثيل وأقامها ثانية وعبدها وذبح (ع22).
ع16: أزال منسى العبادات الوثنية، التي أقامها في أيام ملكه الأول، عندما كان بعيدًا عن الله قبل أن يتوب، وهي مدة تصل إلى ما يقرب من خمسين عامًا؛ لأنه ملك خمس وخمسين عامًا وقد ملك وعمره اثني عشر عامًا وتم سبيه وعمره ثماني وخمسين عامًا (عام 648 ق.م) كما تشير المخطوطات القديمة، أي أنه تاب في السنوات الأخيرة من حياته، بعد رجوعه من بابل.
بعدما تاب اهتم منسى، ليس فقط بإزالة العبادات الوثنية، بل أهتم بدعوة شعبه لعبادة الله؛ لأنه رمم مذبح الله الذي كان قد أهمل عشرات السنوات، ثم قدم عليه ذبائح سلامة وشكر لله، الذي قبل توبته وشجع شعبه، بل أمرهم أن يعبدوا الله، كما أوصى في شريعته.
ع17: أزال منسى معابد الأوثان والتماثيل ولكن لم يسعفه الوقت أن يزيل المرتفعات التي كانوا يقدمون عليها عبادة لأجناد السماء ولكن منسى منع تقديم آية عبادة وثنية عليها، فكان الشعب يقدمون عليها عبادة لله وذبائح وإن كان هذا الأمر غير سليم؛ لأن الذبائح ينبغي أن تُقدم في هيكل الله فقط ولكنه على الأقل كانت هذه العبادة رجوع إلى الله ورفض للأوثان.
الرائين: جمع رائي وهو شخص يرى رؤى من الله ويتنبأ ويعلن صوت الله للشعب وكان يكتب الرؤى والنبوات والإرشادات في كتاب.
أما تفاصيل حياة منسى، سواء في فترة سلوكه الشرير وتشجيعه لعبادة الأوثان، التي أزاغ بها الشعب عن الله، فكلها مكتوبة في أخبار ملوك إسرائيل وكذلك أخبار الرائين. وفى هذه الكتب يُذكر توبيخ الرائين لمنسى أيام ابتعاده عن الله، ثم تحوى هذه الكتب توبته ورجوعه إلى الله، ثم صلاته، التي استجاب لها الله فأعاده من بابل، فبدأ إصلاحاته في أورشليم واليهودية، دليلًا على توبته ومحاولته أن يرجع الشعب إلى الله وإن كان عدد قليل منهم قد عاد لأنهم كانوا قد ثبتوا في عبادة الأوثان ونسوا الله.
ع20: مات منسى بعد أن ملك 55 عامًا عن عمر 67 سنة ويبدو أنه أوصى أن يدفنوه في بستان بيته؛ لأنه شعر بعدم استحقاقه أن يدفن في قبور الملوك وهذا يبين تواضعه وتوبته العميقة. ثم ملك بعده ابنه آمون.
21 كَانَ آمُونُ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سَنَتَيْنِ فِي أُورُشَلِيمَ. 22 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَمَا عَمِلَ مَنَسَّى أَبُوهُ، وَذَبَحَ آمُونُ لِجَمِيعِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي عَمِلَ مَنَسَّى أَبُوهُ وَعَبَدَهَا. 23 وَلَمْ يَتَوَاضَعْ أَمَامَ الرَّبِّ كَمَا تَوَاضَعَ مَنَسَّى أَبُوهُ، بَلِ ازْدَادَ آمُونُ إِثْمًا. 24 وَفَتَنَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ وَقَتَلُوهُ فِي بَيْتِهِ. 25 وَقَتَلَ شَعْبُ الأَرْضِ جَمِيعَ الْفَاتِنِينَ عَلَى الْمَلِكِ آمُونَ، وَمَلَّكَ شَعْبُ الأَرْضِ يُوشِيَّا ابْنَهُ عِوَضًا عَنْهُ.
ذكرت حياة آمون الملك في (2 مل 21: 19-26).
بعد موت منسى ملك ابنه آمون وكان عمره اثنين وعشرين عامًا، أي شابًا صغيرًا وهو الملك الخامس عشر على عرش يهوذا وسار في الشر وقدم ذبائح للأوثان وابتعد عن الله ولم يتعلم من توبة أبيه، التي تمت عندما دخل في ضيقة عظيمة في سجنه داخل بابل.
† ليتك تتعلم من فضائل الآخرين وأيضًا من أخطائهم، فتحاول اقتناء الفضائل وتبتعد عن الأخطاء، التي رأيت نهايتها المرة. إن كل ما يحدث حولك هو رسائل شخصية لك من الله؛ لتبتعد عن خطاياك وتقترب إليه.
ع23: استمر آمون في الشر وعبادة الأوثان ولم يرجع عنها بالتوبة إلى الله مثل أبيه؛ لعله قال سأتوب فيما بعد، كما تاب أبى ولكنى أريد أن أتمتع الآن بالشهوات ونسى أنه لا يعرف يوم نهايته في هذا العالم، فلم يملك إلا سنتين وهذا كان بتدبير الله؛ حتى لا يزيد في شروره ويبعد شعبه أكثر من هذا عن الله.
غالبًا كان الشعب مستمرًا في عبادة الأوثان ولم يتب مع منسى، مما ساعد آمون على عبادة الأصنام، لعل هذا بتشجيع مستشاريه وعبيده، وعمومًا هذا يبين لنا أن الشر الذي يعمله الإنسان يعثر الآخرين وإن تاب فقد لا يستطيع إعادة من أعثرهم إلى الله.
ع24:
أنهى الله حياة آمون بعد سنتين من تملكه وكان عمره حينئذ أربع وعشرون عامًا، إذ قام عليه عبيده وقتلوه وهكذا أتى شره على رأسه.
ع25: أغتاظ شعب مملكة يهوذا من قاتلى الملك فقتلوهم. ودفنوا آمون في بستان بيته الذي يدعى بستان عزا (2 مل21: 26) لم ملكوا ابنه الطفل الصغير يوشيا ملكًا بعده.
← تفاسير أصحاحات أخبار ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أخبار الأيام الثاني 34 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أخبار الأيام الثاني 32 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/chronicles2/chapter-33.html
تقصير الرابط:
tak.la/k9tta8r