← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26
أولًا: بطرس الرسول
بطرس هو الرسول الظاهر
في هذا الجزء من السفر
ص1 – ص12
"اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ، عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ،"
الكلام الأول = هو إنجيل لوقا أمّا الكلام الثاني فهو سفر الأعمال المكمِّل للكلام الأول. الكلام الأول هو ما ابتدأ يسوع أن يعمله وهو على الأرض بالجسد والثاني هو ما استمر المسيح يعمله في كنيسته بواسطة تلاميذه بقيادة الروح القدس.
ثاوفيلس = تعني محب الإله. فالكتاب موجه لكل من يحب الله. وواضح هنا أنه فقد منصبه، لأن لوقا لا يقول العزيز كما قال في إنجيله. والعزيز هو لقب منصب روماني.
يفعله ويُعلم به = فالإنجيل هو تعليم وعمل معًا (يع 22:1 + مت 19:5). لقد ثبت المسيح أقواله بأعماله "تعلموا مني، لأني وديع ومتواضع (مت 29:11).
آية (2):-
"إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ، بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ."
ارتفع فيه= فهو استمر يعلم حتى يوم صعوده. بعدما أوصى بالروح القدس = بعد أن قدَّم وصاياه بالروح القدس لتلاميذه، وهنا يسميهم رسل =هذا هو عملهم الآن. هنا نسمع أن السيد يقدم وصاياه بالروح، وقيل أنه يخرج الشياطين بالروح (مت 28:12).
آية (3):-
"اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ."
ظهور المسيح لتلاميذه وللمجدلية، كان تثبيتًا للقيامة وقوتها ومجدها وإظهارًا لسلطانه على الموت. وليشهد التلاميذ بعد ذلك عن القيامة بكل ثقة وتأكيد.
ببراهين = حتى لا يظنوه روحًا أكل معهم وشرب وطلب من توما أن يضع إصبعه في جروحه. وبتوجيهاته اصطاد التلاميذ سمكًا بعد ليلة فاشلة. بل أن عددًا كبيرًا رأوه بعد القيامة، أكثر من 500 أخ (1كو 6:15).
الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ
= من يتوب تكون له قيامة أولى، ومن يعتمد يموت ويقوم مع المسيح وينضم إلى ملكوت الله، فإن عاش حياة التوبة مجاهدًا يكون له نصيب في القيامة الثانية كما قام المسيح من الأموات ويكون له مجد في السموات، لكن الآلام هي الطريق لهذا المجد. وأن بموت المسيح وقيامته صرنا نشترك معه في موته بالمعمودية فتغفر خطايانا، ونقوم معه وتكون لنا حياة هي حياته. وهذا هو ملكوت الله = مؤمنين ماتوا عن العالم ليحيا المسيح فيهم ويملك على قلوبهم ويخضعون لوصاياه عن حب فيحيون في فرح وسلام. دائسين على أمجاد وآلام هذا العالم (هذه هي الغلبة على العالم). ولهم حياة أبدية تبدأ الآن على الأرض وتمتد في السماء في المجد.أربعين يومًا = ما بين القيامة والصعود ومن المؤكد أن المسيح سلَّم لتلاميذه خلال هذه الفترة أسرار الكنيسة، المعمودية ووضع اليد والإفخارستيا التي هي إتحاد أيضًا مع المسيح في موته وقيامته. في هذه الأربعين يومًا لم يشفى أمراض، بل أعلن شخصه وإنه غالب العالم الشرير والشيطان والموت، من يقتنيه يقتنى الغلبة والحياة.
آية (4):-
"وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي،"
كان هذا اللقاء وهذا الحوار هو الأخير بين المسيح وتلاميذه وبعده صعد للسماء.
يَنْتَظِرُوا
= ليس في استرخاء بل في حالة صلاة إلى أن يحل عليهم الروح، فالروح لا يحل إلاّ على من يشتاق إليه ويطلبه في الصلاة وهذا ما حدث، فالتلاميذ بعد أن فارقهم المسيح بصعوده فقدوا التعزية فصاروا يطلبون الروح باشتياق ليعزيهم.موعد الآب = أي الروح القدس الذي وَعَدَهم به المسيح والذي ينبثق من الآب. ولا يمكن أن يحل الروح القدس إلاّ على من ينتظره بروح الصلاة والجهاد. وأسماه موعد الآب حسب ما قال إشعياء ويوئيل أنه روح الله (أش 15:32 + 3:44 + يؤ 28:2-32). والمسيح لم يحدد لهم موعد حلول الروح فملكوت الله لا يأتي بمراقبة. ووعد المسيح بحلول الروح عليهم نجده في (لو 43:24-49 + يو ص14 - ص16).
آية (5):-
"لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ»."
هم قبلوا سابقًا معمودية الماء، وكانوا يعمدون بالماء. وعند حلول الروح القدس سيقبلون معمودية الروح، وهم قبلوا كتلاميذ معمودية الماء ومعمودية الروح في وقتين متعاقبين، أمّا نحن فنأخذهما كفعل أو كعمل واحد الآن. كان وضع التلاميذ وضع استثنائي لأن الروح لم يكن قد
حلَّ عليهم بعد.
"أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا رَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ،"
هنا نرى التلاميذ كيهود ما زالوا على تعلقهم بالوطن الأرضي وطلبهم ملك أرضى، وهذا انتهى تمامًا بعد حلول الروح القدس. لقد تصوَّر التلاميذ أن حلول الروح القدس كما وَعدَهم المسيح وكما تنبّأ يوئيل وإشعياء من قبل، هو بداية لملكوت أرضى وعودة الملك لإسرائيل. هذه الحيرة سببها غياب الروح القدس، أمّا بعد حلول الروح القدس فقد فهموا معنى الملكوت السماوي، ألم يقل لهم المسيح أن الروح يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم (يو 26:14). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وبنفس المفهوم الأرضي للملكوت طلب يوحنا ويعقوب ابنا زبدي أن يجلسا عن يمين المسيح ويساره في ملكوته. أمّا ملكوت الله فاتسع ليشمل الأرض كلها والسماء، ولم يعد حدود لإسرائيل. فإسرائيل الله شمل السماء والأرض.
الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ
= الأزمنة تقال على وقت أطول والأوقات على وقت أقصر. ويقال أن الأزمنة تعنى الزمن أمّا الأوقات فتعنى الحوادث الزمنية التي تصاحب ذلك. والله حر يعلن ما يشاء في الوقت الذي يشاءه هو. إن كشف الأزمنة والأوقات ليس في صالح نمو ملكوت الله. ولكن علينا بثقة أن نعمل ونجاهد دون أن ننظر إلى تحديد مواعيد، بل بثقة ننتظر مجيئه وأنه سيأتي.
آية (8):-
"لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ»."
لكِنَّكُمْ
= المسيح أمام لهفة التلاميذ لمعرفة المستقبل يطمئنهم بأنه سيكون لديهم القوة الكافية للشهادة للمسيح وتأسيس هذا الملكوت في كل العالم. فبدل اللهفة على معرفة الأزمنة فليهتموا برسالتهم. ولكن لاحظ أن المسيح يتعامل مع مفاهيمهم الخاطئة وضعفهم البشرى بوداعة بروح المعلم الذي يرفع مستوى تلاميذه يوما بعد يوم.شُهُودًا
= ونحن نشهد للمسيح بأعمالنا الصالحة فالكرازة جزء من الشهادة.قُوَّةً
= هي قوة فوق الطبيعة، قوة تصنع المعجزات، وتغير قلوب البشر. وهذه القوة سيستمدونها من الروح القدس الذي سيحل عليهم فهو روح القوة (2تى1: 7). وسبق السيد وشرح لهم أن لا يخافوا حين يقفون أمام ملوك وولاة، فالروح القدس سيعطيهم ما يتكلمون به (مت 19:10 + لو 21: 14، 15). والتسلسل الذي قاله المسيح هنا عن انتشار الكرازة :- أورشليم / اليهودية / السامرة / أقصى الأرض. هو ما نراه مطبقًا وتم حسب هذه النبوة تمامًا عبر سفر الأعمال.
ص1 - ص7 |
تغطى الشهادة في أورشليم. |
||
تغطى الشهادة في اليهودية والسامرة. |
|||
الباقي من السفر |
تغطى الشهادة في كل الأرض حتى روما. |
والبداية كانت بأورشليم ففيها نفوس معدَّة ومهيَّأة تربت على خوف الله وطاعة الناموس، نفوس كانت أمينة لله، تابوا على يد المعمدان وتتلمذوا على الناموس لا غرض لهم سوى مجد الله. هؤلاء لم ولن يتركهم الله، وآمن منهم 3000 نفس بعظة بطرس يوم الخمسين. إذًا المسيح هنا يلفت نظرهم بملكه على كل العالم، عوضًا عن مُلْك الله على إسرائيل فقط.
آية (9):-
"وَلَمَّا قَالَ هذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ."
سَحَابَةٌ
= (2صم22 : 10، 11+ دا 13:7، 14 + مز3:104 + مر 13: 26) السحاب هنا هو لإخفاء المجد الذي لا يستطيع البشر أن يعاينوه، لذلك فهو إعلان عن حضور الله. فصعود المسيح كان يعنى أنه تمجد بجسده وهذا ما يعنيه الكتاب بقوله "يجلس عن يمين أبيه" (مز110: 1). وهذا المجد لا يستطيع إنسان أن يعاينه. ارْتَفَعَ = (يو 32:12).هو أخلى ذاته من قبل أي أخفى مجد لاهوته في جسده. والمسيح صعد بنفس جسده الذي صلب ومات وقام به، وجلس عن يمين أبيه به، أي تمجد بجسده.
الصعود ونبواته = مز 47:5،7،8 + مز 18:10 + مز 24:7 -10 + مز 110:1 + مز68: 18. صعود المسيح أعطي التلاميذ فكرة عن أن ملكوت المسيح سماوي وليس أرضي.
"وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، وَقَالاَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ»."
الملاكان هنا هما شاهدان بصعود المسيح. والملابس البيضاء هي إعلان عن قداستهما وطبيعتهما السمائية النورانية. ولقد طلب الملاكان من التلاميذ أن يكفوا عن البحث عما لا تدركه العين البشرية. والملاكان يعزيان التلاميذ لأن المسيح قد فارقهم بقولهم أنه سيعود. سيأتي هكذا كما رأيتموه = أي بنفس جسده الذي صلب به وقام به وصعد به. ولاحظ أن مجيء المسيح لن يكون أرضيًا ليحكم على الأرض 1000 سنه كما يظن أصحاب الملك الألفي بل سيأتي على السحاب (مت 24: 30) وذلك لا ليحكم على الأرض ولكن ليأخذ مختاريه معه إلى السماء (مت 24: 31 +2 تي 4: 17).
آية (12):-
"حِينَئِذٍ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ أُورُشَلِيمَ عَلَى سَفَرِ سَبْتٍ."
في لو24: 5 يشير لأن هذا حدث في بيت عنيا. وبيت عنيا متاخمة لجبل الزيتون، وعلى بُعد حوالي 2 كم من الجبل. فهم خرجوا مع المسيح من بيت عنيا إلى جبل الزيتون ومن هناك صعد المسيح. فعادوا إلى أورشليم التي هي على بعد مسافة 1 كم من جبل الزيتون.
سفر سبت = هي المسافة المسموح بالسفر بها خلال يوم السبت وهي تقدر بحوالي 1 كم. وفي (لو 24: 25) نجد التلاميذ يعودون فرحين إذ حصلوا على وعد بأنه سيعود. والصعود كان من على جبل الزيتون، والزيتون يؤخذ منه زيت المسحة والتي يحل بها الروح القدس على الممسوح، والمعنى أن المسيح بهذا يشير أنه ذاهب للسماء ولكنه سيرسل لهم الروح القدس.
آية (13):-
"وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ وَتُومَا وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا أَخُو يَعْقُوبَ."
نلاحظ أن بطرس دائمًا اسمه يتقدم باقي التلاميذ في كل قوائم أسماء التلاميذ التي وردت في أناجيل متى ومرقس ولوقا وفي سفر الأعمال وسمعان الغيور هو سمعان القانوي. وكان يتبع جماعه الغيورين وهي جماعه متعصبة تنادي بالتحرر من الرومان بالقوة. ومجموعه الغيورين هذه هي التي تسببت في إشعال الحرب مع الرومان التي أحرقت فيها أورشليم.
القانوى = أي الذي من قانا.
العلية = هي غرفة فوق السطح في البيوت اليهودية تستعمل كغرفه صلاة وخلوة. وكان هذا المنزل هو منزل مريم أم القديس مرقس كاروز ديارنا المصرية. وفي هذه العلية أقام الرب العشاء الأخير فحسبت أول كنيسة في العالم. ويبدو أنها كانت متسعة فشملت التلاميذ وغيرهم.
آية (14):-
"هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ."
نلاحظ أن الروح القدس يحل على مَنْ يصلي بحرارة ولجاجة = يواظبون وبنفس واحدة = هنا ارتباط وإتحاد في الفكر والقلب. وكانت صلواتهم هي صلوات السواعي اليهودية. مع النساء = هؤلاء الذين تبعن المسيح من الجليل (لو 8: 1-3 + مت 27: 55، 56 + مر 15: 41).
مع إخوته = هؤلاء لم يؤمنوا به في حياته. وقد يكونوا أولاد يوسف من زواج سابق أو أولاد خالة أو عمة المسيح. وهم يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا وهم آمنوا به بعد القيامة (مر 3:6 + مت 55:13 + يو 5:7). ويعقوب أخو الرب ظهر له المسيح بعد قيامته في ظهور خاص (1كو 7:15).
"وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ قَامَ بُطْرُسُ فِي وَسْطِ التَّلاَمِيذِ، وَكَانَ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ مَعًا نَحْوَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ. فَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ الَّذِي سَبَقَ الرُّوحُ الْقُدُسُ فَقَالَهُ بِفَمِ دَاوُدَ، عَنْ يَهُوذَا الَّذِي صَارَ دَلِيلًا لِلَّذِينَ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ، إِذْ كَانَ مَعْدُودًا بَيْنَنَا وَصَارَ لَهُ نَصِيبٌ فِي هذِهِ الْخِدْمَةِ."
نحو 120 = كان اليهود يحددوا رقم 120 كأصغر رقم لا بُد أن يتوفر لأي جماعة يهودية لتأخذ صفتها الجماعية ويكون لها الحق في تدبير ذاتها وكان هذا تقليد يهودي. وبطرس يشير للنبوات التي تنبأت عن يهوذا ليشرح أن خيانة يهوذا ليست حدثًا عارضًا إنما قصة لها جذورها العميقة وبمشورة الله الأزلية. وواضح هنا دور بطرس القيادي ربما لسنه أو لغيرته. ونفهم أنه طالما أن الرب اختار يهوذا فهو إذًا كان صالحًا وقت اختياره لكنه انحرف فيما بعد لذلك ينبه بولس الرسول "إذًا من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط (1كو 12:10) واختيار السيد ليهوذا فيه درسين لنا:
(1) أن تقبل الكنيسة الكل وتعطى كل واحد فرصة للتوبة.
(2) أن لا يتشبه به أحد ويحب المال.
هذه الخدمة = هي خدمة الشهادة لله كوكلاء سيقدمون حسابًا عنها.
بفم داود = بطرس وغيره استخدموا نبوات العهد القديم للإشارة للمسيح (أع 25:2 + 34:2 + 2: 31-32) فاعتبر أن أعداء صاحب المزامير هم أعداء المسيا (أع 4: 25، 26، 27) والرسل استبدلوا كلمة عبدك بكلمة فتاك.
"فَإِنَّ هذَا اقْتَنَى حَقْلًا مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ، وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسْطِ، فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا. وَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، حَتَّى دُعِيَ ذلِكَ الْحَقْلُ فِي لُغَتِهِمْ «حَقَلْ دَمَا» أَيْ: حَقْلَ دَمٍ."
يهوذا رمى الفضة لرؤساء الكهنة، وهم اشتروا الحقل. لكن بطرس كنوع من الاحتجاج على عمل يهوذا نسب له شراء الحقل بمعنى "ما الذي اقتنيته يا يهوذا بفضة خيانتك". ويهوذا بعد أن شنق نفسه سقط وانسكبت أحشاءه. والحقل سُمِّيَ حقل دم لأن المال ثمن دم يُسلَّم للموت. وجاء في إنجيل القديس متى "قَائِلاً:«قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا». فَقَالُوا:«مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!» فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ" (آيات 5،4). فقال البعض أن هناك تناقض. والحقيقة واضحة جداً وليس هناك تناقض فيما حدث: فيهوذا مضى وخنق نفسه، ثم سقط على شيء ما فإنشق من الوسط وإنسكبت أحشاؤه. ولم يحدث هذا خفية بل صار ذلك معلوما = أي خبر عرفه الناس وتحدثوا عنه.
آية (20):-
"لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ. وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ."
المزمور هو (مز 25:69، 28 + 8:109، 16، 17). وبطرس هنا يفكر في شخص يتحمل مسئولية الكرازة. فهو اعتبر أن الرب اختار 12. إذًا هو يريدهم 12. وفي (مز 25:69) نجد الآية لتصر دارهم خرابا.ً فالكلام ليس عن يهوذا فقط بل عن رؤساء الكهنة الذين صلبوا المسيح. وهذا تم بالفعل إذ خَرِبَ الهيكل وأوقف الكهنوت سنة 70 م. بل أن تيطس قتل وذبح وأحرق الكهنة مع رؤسائهم.
"فَيَنْبَغِي أَنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا مَعَنَا كُلَّ الزَّمَانِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ إِلَيْنَا الرَّبُّ يَسُوعُ وَخَرَجَ، مُنْذُ مَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ عَنَّا، يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَاهِدًا مَعَنَا بِقِيَامَتِهِ»."
كانت الصفات التي يشترطونها فيمن يحل محل يهوذا:
(1) أن يكون قد عاصر الرب وسمعه ورآه وعاصر موته ورأى قيامته. دخل الرب وخرج = رافقنا أي تعامل فيها معنا الرب يسوع بكل ألفة ومحبة.
(2) أن يكون قد اجتمع مع الرسل = معنا وعَرِفَ أنهم الرسل المختارين وعاش كما يعيشون في إيمان بالمسيح وفي خوف الله. وربما كان اختيارهم من واحد من السبعين.
آية (23):- "فَأَقَامُوا اثْنَيْنِ: يُوسُفَ الَّذِي يُدْعَى بَارْسَابَا الْمُلَقَّبَ يُوسْتُسَ، وَمَتِّيَاسَ."
متياس = يعنى عطية يهوه. وهو بحسب تاريخ يوسابيوس فهو من السبعين وقد بشر بحسب التقليد الكنسي بلاد الحبشة. أما يوسف بارسابا فيروى عنه بابياس مستندًا على شهادة بنات فيلبس أنه شرب سم أفعى باسم المسيح متحديًا الوثنيين ولم يصبه أذى (مر 18:16) وهم اختاروا الأكثر حكمة وتقوى فكانا هذين الاثنين.
آية (24):- "وَصَلَّوْا قَائِلِينَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ، عَيِّنْ أَنْتَ مِنْ هذَيْنِ الاثْنَيْنِ أَيًّا اخْتَرْتَهُ،"
هم اختاروا اثنين رأوا أنهم أكفاء لهذه الخدمة وبالصلاة تمت القرعة و تركوا الاختيار لله. وكانت القرعة عادة متبعة عند اليهود. ولكن هذه أول وآخر مرة نسمع فيها عن القرعة في الإنجيل (العهد الجديد). فبعد هذا مباشرة حلَّ الروح القدس وصار يرشد الكنيسة ويقودها. وهناك الآن من أفراد الشعب من يلجأ للقرعة لتحديد أمر ما، وعلينا عدم الإسراف في هذه الطريقة فالله أعطانا الروح القدس ليرشدنا، بل هناك من يتشكك بعد ظهور القرعة إذا جاءت غير متفقة مع رغبته. وطوبى لمن لا يدين نفسه فيما يستحسنه (رو 22:14). فعلينا أن نصلي ونفكر ماذا نريد ونتخذ قرارنا بإيمان أن الله سيبارك في القرار الذي اتخذناه، وإن كان ليس من الله فهو قادر أن يبطله.
آية (25):- "لِيَأْخُذَ قُرْعَةَ هذِهِ الْخِدْمَةِ وَالرِّسَالَةِ الَّتِي تَعَدَّاهَا يَهُوذَا لِيَذْهَبَ إِلَى مَكَانِهِ»."
قرعة هذه الخدمة = هي قرعة تؤدى للآلام في طريق الخدمة الشاق ولكنه طريق المجد. تعداها يهوذا = بسقوطه وليذهب إلى مكانه الذي يستحقه على جريمته والذي اختاره بنفسه أي يموت ويهلك.
آية (26):- "ثُمَّ أَلْقَوْا قُرْعَتَهُمْ، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَتِّيَاسَ، فَحُسِبَ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ رَسُولًا."
حين استشهد بعد ذلك القديس يعقوب لم يختاروا أحدًا مكانه فمكانه محفوظ في السماء. ولكن يهوذا بسقوطه خسر مكانه في السماء فانتخبوا متياس مكانه (رؤ 12:21).
رقم 12 هو عدد الأسباط في العهد القديم وهو عدد التلاميذ في العهد الجديد وهو يشير لملكوت الله أي من هم شعب الله.
رقم 12 = 3 (الثالوث) × 4 (كل العالم). أي المؤمنين بالله مثلث الأقانيم في كل العالم.
وكان هذا هو عمل التلاميذ أن ينشروا الإيمان بالثالوث في كل العالم.
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 2 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
مقدمة سفر أعمال الرسل |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/w4fhd5w