* تأملات في كتاب
عدد: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41
الأَصْحَاحُ الخَامِسُ عَشَرَ
(1) تقدمات الذبائح (ع1-16)
(2) تقدمة العجين (ع17-21)
(3) تقدمة ذبائح خطايا السهو والعمد (ع22-31)
(4) كاسر السبت (ع32-36)
(5) صناعة أهداب وعصائب للثياب (ع37-41)
1 وكلم الرَّبُّ ِمُوسَى قائلًا: 2«كلم ِبَنِي إِسْرَائِيل وقل لهم: مَتَى جِئْتُمْ إِلى أَرْضِ مَسْكَنِكُمُ التِي أَنَا أُعْطِيكُمْ 3 وَعَمِلتُمْ وَقُودًا لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَفَاءً لِنَذْرٍ أَوْ نَافِلةً أَوْ فِي أَعْيَادِكُمْ لِعَمَلِ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ مِنَ البَقَرِ أَوْ مِنَ الغَنَمِ 4 يُقَرِّبُ الذِي قَرَّبَ قُرْبَانَهُ لِلرَّبِّ تَقْدِمَةً مِنْ دَقِيقٍ عُشْرًا مَلتُوتًا بِرُبْعِ الهِينِ مِنَ الزَّيْتِ 5 وَخَمْرًا لِلسَّكِيبِ رُبْعَ الهِينِ. تَعْمَلُ عَلى المُحْرَقَةِ أَوِ الذَّبِيحَةِ لِلخَرُوفِ الوَاحِدِ. 6 لكِنْ لِلكَبْشِ تَعْمَلُ تَقْدِمَةً مِنْ دَقِيقٍ عُشْرَيْنِ مَلتُوتَيْنِ بِثُلثِ الهِينِ مِنَ الزَّيْتِ 7 وَخَمْرًا لِلسَّكِيبِ ثُلثَ الهِينِ تُقَرِّبُ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ. 8 وَإِذَا عَمِلتَ ابْنَ بَقَرٍ مُحْرَقَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَفَاءً لِنَذْرٍ أَوْ ذَبِيحَةَ سَلامَةٍ لِلرَّبِّ 9 تُقَرِّبُ عَلى ابْنِ البَقَرِ تَقْدِمَةً مِنْ دَقِيقٍ ثَلاثَةَ أَعْشَارٍ مَلتُوتَةً بِنِصْفِ الهِينِ مِنَ الزَّيْتِ 10 وَخَمْرًا تُقَرِّبُ لِلسَّكِيبِ نِصْفَ الهِينِ وَقُودَ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ. 11 هَكَذَا يُعْمَلُ لِلثَّوْرِ الوَاحِدِ أَوْ لِلكَبْشِ الوَاحِدِ أَوْ لِلشَّاةِ مِنَ الضَّأْنِ أَوْ مِنَ المَعْزِ. 12 كَالعَدَدِ الذِي تَعْمَلُونَ هَكَذَا تَعْمَلُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَدَدِهِنَّ. 13 كُلُّ وَطَنِيٍّ يَعْمَلُ هَذِهِ هَكَذَا لِتَقْرِيبِ وَقُودِ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ. 14 وَإِذَا نَزَل عِنْدَكُمْ غَرِيبٌ أَوْ كَانَ أَحَدٌ فِي وَسَطِكُمْ فِي أَجْيَالِكُمْ وَعَمِل وَقُودَ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ فَكَمَا تَفْعَلُونَ كَذَلِكَ يَفْعَلُ. 15 أَيَّتُهَا الجَمَاعَةُ لكُمْ وَلِلغَرِيبِ النَّازِلِ عِنْدَكُمْ فَرِيضَةٌ وَاحِدَةٌ دَهْرِيَّةٌ فِي أَجْيَالِكُمْ. مَثَلُكُمْ يَكُونُ مَثَل الغَرِيبِ أَمَامَ الرَّبِّ. 16 شَرِيعَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُكْمٌ وَاحِدٌ يَكُونُ لكُمْ وَلِلغَرِيبِ النَّازِلِ عِنْدَكُمْ.
مقدمة
: ينتقل بنا هذا الأصحاح إلى حديث آخر تمامًا لا علاقة له بكل ما سبق من أحداث في الصحراء بل هو كلام يتعلق بمجموعة الشرائع المطلوبة من الشعب عند تقديم الذبائح وهي مشروحة بالتفصيل في سفر اللاويين.: أى أرض كنعان التي ستعطى للشعب.
بعد عقاب الشعب واتجاهه مرة أخرى نحو الصحراء والبحر الأحمر، يبدأ الله حديثه مع موسى مجددًا لهم وعده بدخول هذه الأرض ويؤكد أنه سيعطيها لهم في النهاية بالرغم من الشعوب العديدة التي تسكنها، فبعد أن عاقبهم يعود فيشجعهم بأنه سيدخلهم، أي سيدخل أبناءهم، إلى أرض كنعان. وهذه الشرائع هي التي سيتممونها هناك حيث يزعون الأرض ويكون لهم قمح وزيت وخمر بوفرة إذ كانوا يقتاتون بالمن في البرية ولا يزرعون.
ع3: عملتم وقودًا للرب
: تعبير معناه "قدمتم ذبائحكم للرب".نافلة: ذبيحة اختيارية تقدم كتعبير عن المحبة لله.
هذا العدد مقدمة للأعداد من (4-11)، فيبدأ في هذا العدد بذكر أنواع الحيوانات المقدمة في الذبائح المختلفة تمهيدًا لما سوف يطلب منهم من تقدمات مصاحبة لهذه الذبائح.
: 2,3 لتر.
ربع الهين: 0,950 لتر.
كل من قدم حيوان الذبيحة "قربانه" إلى الله وأمام الخيمة، عليه أيضًا أن يقدم "عشرا" من الدقيق المعجون بالزيت ومقدار الزيت الذي يعجن به الدقيق هو ربع الهين، أما الخمر الذي كان يسكب على الذبيحة أو المذبح فحجمه أيضًا ربع الهين.
ملاحظة: كانت هذه التقدمات الغرض منها تعليم الشعب الآتي:
أن كل ما نقدمه لله هو من الخير الذي أنعم به علينا.
سكيب الخمر يشير للفرح، والله لا يقبل شيء من إنسان ما لم يقدمه بفرح قلب الله.
الخمر أيضًا يشير إلى دم المسيح الذي سفك على عود الصليب فأعطى خلاصًا للعالم كله.
سكب الخمر أيضًا يشير إلى أن بذل العرق والدم والجهاد من أجل التمتع بالخلاص وملكوت السموات.
ع6، 7: كانت التقدمة السابقة مصاحبة للخروف العادي، أما الكبش وهو الخروف الكبير الذكر والمميز بقرونه الكبيرة فكانت التقدمات المصاحبة له من دقيق ملتوت وخمر مسكوب تزيد قليلًا، فالدقيق صار ضعفًا والسكيب صار ثلثًا بدلًا من ربع.
ع8-10: أما إذا كانت الذبيحة ثورًا أي ابن بقر، فتزيد أيضًا تقدمة الدقيق إلى ثلاثة أعشار وتقدمة الخمر إلى نصف الهين.
وقود: إشارة إلى أن هذه التقدمات تقدم على المذبح.
رائحة سرور: أي ما يقدمه الإنسان بسرور للرب يقبله الله أيضًا بسرور ورضا.
ع11، 12: جاء هذان العددان مراجعة لكل الأعداد السابقة والمتعلقة بالتقدمات السابقة فيعود ويذكر أسماء الحيوانات مرة أخرى ويؤكد أن لكل ذبيحة تقدماتها الخاصة بها والتي عادة ما تتناسب مع حجمها.
ع13، 14: يساوى الله الوطنى، أي العبرانى الأصل، بالغريب في التقدمة، فالتقدمة لله لا ترتبط بالجنسية أو اللون بل بالذبيحة وهذا يرمز للمسيح الذي يتساوى فيه الجميع. والمقصود هنا بالغريب نوعين :
اللفيف: أي المصريون اللذين خرجوا مع الشعب من مصر.
في وسطكم: أي الشعوب التي عاشت بينهم مثل الجبعونيين أيام يشوع بن نون وصارت بينهم معاهدات سلام وناسبوا وتزوجوا من الشعب وصاروا منهم.
ع15، 16: هذان العددان هما مراجعة وتأكيد لما سبق بأن شريعة التقدمات السابقة هي شريعة دهرية وأبدية ولا يستثنى منها الغريب أو الضيف.
فكرة التقدمات والعطايا لله صارت تتضاءل في أذهان الناس، إذ اكتفى الجميع بالعشور فقط، ولكن متى نقدم أكثر من العشور بفرح، يكون ما نقدمه رائحة سرور مقدمة لله يقبلها بفرح ... ولا تنسَ أن كل ما نقدمه هو من عطايا الله لنا.
17 وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 18«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: مَتَى دَخَلتُمُ الأَرْضَ التِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِليْهَا 19 فَعِنْدَمَا تَأْكُلُونَ مِنْ خُبْزِ الأَرْضِ تَرْفَعُونَ رَفِيعَةً لِلرَّبِّ. 20 أَوَّل عَجِينِكُمْ تَرْفَعُونَ قُرْصًا رَفِيعَةً. كَرَفِيعَةِ البَيْدَرِ هَكَذَا تَرْفَعُونَهُ. 21 مِنْ أَوَّلِ عَجِينِكُمْ تُعْطُونَ لِلرَّبِّ رَفِيعَةً فِي أَجْيَالِكُمْ.
يجدد الله حديثه للشعب كما فعل في (ع2) عن الشرائع الآتية بعد سكناهم الأرض التي سيمنحها إياهم، وتعبير "تأكلون من خبز الأرض" معناها أنهم استقروا وزرعوا الأرض وحصدوها وصار لهم قمح ودقيق يصنعون منه خبزًا خاصًا بهم، وبالتالي كان عليهم أن يرفعوا أي يقدموا للرب تقدمة "رفيعة".
ع20:
أما هذه التقدمة فكانت أن يقدم الإنسان لله أول قرص من عجين قام بتخميره لصناعة الخمر.البيدر: هو الجرن الذي يستخلص فيه القمح من السنابل.
والمقصود أن أول كمية قمح تخرج من البيدر أو الجرن وتكفى لصناعة قرص من الخبز، على الإنسان أن يأخذها ويطحنها ويعجنها ويقدمها كباكورة من الجرن مباشرة إلى الله قبل أن يأخذ خبزًا لنفسه.
ع21: يؤكد هنا أهمية تقديم البكور، فيعيد الله عليهم في هذا العدد ضرورة تقديم بكر العجين للرب وكان يأكله الكهنة وأسرهم (نح10: 37).
إن شعرت أن كل ما تناله في الحياة هو عطية من الله فمن الطبيعي إذًا أن تشرك الله معك في التمتع بهذه العطايا بأن تقدم له بكورها ليفرح معك إخوته المحتاجون.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
22«وَإِذَا سَهَوْتُمْ وَلمْ تَعْمَلُوا جَمِيعَ هَذِهِ الوَصَايَا التِي كَلمَ بِهَا الرَّبُّ مُوسَى 23 جَمِيعَ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى مِنَ اليَوْمِ الذِي أَمَرَ فِيهِ الرَّبُّ فَصَاعِدًا فِي أَجْيَالِكُمْ 24 فَإِنْ عُمِل خُفْيَةً عَنْ أَعْيُنِ الجَمَاعَةِ سَهْوًا يَعْمَلُ كُلُّ الجَمَاعَةِ ثَوْرًا وَاحِدًا ابْنَ بَقَرٍ مُحْرَقَةً لِرَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ مَعَ تَقْدِمَتِهِ وَسَكِيبِهِ كَالعَادَةِ وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ المَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 25 فَيُكَفِّرُ الكَاهِنُ عَنْ كُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ لأَنَّهُ كَانَ سَهْوًا. فَإِذَا أَتُوا بِقُرْبَانِهِمْ وَقُودًا لِلرَّبِّ وَبِذَبِيحَةِ خَطِيَّتِهِمْ أَمَامَ الرَّبِّ لأَجْلِ سَهْوِهِمْ 26 يُصْفَحُ عَنْ كُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل وَالغَرِيبِ النَّازِلِ بَيْنَهُمْ لأَنَّهُ حَدَثَ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ بِسَهْوٍ. 27«وَإِنْ أَخْطَأَتْ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ سَهْوًا تُقَرِّبْ عَنْزًا حَوْلِيَّةً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ 28 فَيُكَفِّرُ الكَاهِنُ عَنِ النَّفْسِ التِي سَهَتْ عِنْدَمَا أَخْطَأَتْ بِسَهْوٍ أَمَامَ الرَّبِّ لِلتَّكْفِيرِ عَنْهَا فَيُصْفَحُ عَنْهَا. 29 لِلوَطَنِيِّ فِي بَنِي إِسْرَائِيل وَلِلغَرِيبِ النَّازِلِ بَيْنَهُمْ تَكُونُ شَرِيعَةٌ وَاحِدَةٌ لِلعَامِلِ بِسَهْوٍ. 30 وَأَمَّا النَّفْسُ التِي تَعْمَلُ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ مِنَ الوَطَنِيِّينَ أَوْ مِنَ الغُرَبَاءِ فَهِيَ تَزْدَرِي بِالرَّبِّ. فَتُقْطَعُ تِلكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا 31 لأَنَّهَا احْتَقَرَتْ كَلامَ الرَّبِّ وَنَقَضَتْ وَصِيَّتَهُ. قَطْعًا تُقْطَعُ تِلكَ النَّفْسُ. ذَنْبُهَا عَليْهَا».
: نسيتم أو كان تقصيركم غير مقصود.
يحدث الله الشعب عن طريق موسى قائلًا لهم أنه إذا حدث تقصير من الشعب كله في أي من الوصايا أو شرائع العبادة التي أعطاها الله للشعب وكان هذا بسبب النسيان ولم يكن عمدًا، فعليكم الالتزام بكل ما هو آتٍ عبر كل أجيالكم للتكفير عن هذا الخطأ (راجع لا 4).
من اليوم الذي أمر فيه الرب: أي منذ تسلمكم الوصايا والشرائع.
ع24: خفية
: بدون علم الجماعة.بالطبع كان على الشعب الاعتذار عن هذا الخطأ، وإن كان سهوًا أو عفويًا، فيقدم الشعب من أمواله ذبيحتين، واحدة منهم ذبيحة خطية وهي تيس أي ذكر الماعز، وعندما تقدم ذبيحة الخطية ويقبل الله اعتذارهم يقدمون بعد ذلك ذبيحة محرقة وهي ثور يقدم لله رائحة سرور كهدية جماعية من الشعب للرب.
ملاحظة: ذكر الثور قبل التيس ربما لغلو ثمنه عنه، ولكن كان التيس يقدم أولًا، فالاعتذار الواجب يكون قبل هدية المصالحة.
ليس كافيًا عندما نخطئ أن نقدم اعتذارنا شفاهيًا فقط لله أو الامتناع عن الخطية وحدها، بل علينا أيضًا أن ننمو في الفضيلة والحياة الروحية مثل الصلاة وقراءة الكتاب المقدس.
ع25، 26: متى صنع الشعب هذا، أي قدموا ذبيحتى الخطية والمحرقة، غفر الله لهم خطيتهم والتمس لهم العذر لأن هذه الخطية كانت سهوًا، فالله الرؤوف يشفق ويقدر الضعف البشرى ولكن على الإنسان تقديم التوبة والاعتذار في كل الأحوال، ويوضح الله أن مغفرته وصفحه يشمل الجميع من الشعب العبرانيين وكذلك الغرباء المتمردين الذين يسكنون معهم أو الخارجين معهم من أرض مصر.
وقودًا للرب: استخدم تعبير وقود مع ذبيحة المحرقة فقط لأنها كانت تحرق بكاملها رائحة سرور للرب.
أما إذا وقع إنسان واحد في خطية السهو وليس الشعب كله، فعليه أيضًا الاقتراب لله بالتوبة من أجل التكفير عن خطيته، فيقدم ذبيحة فداءً عن نفسه من الماعز الناضج (ابن سنة)، وكان التكفير يحدث بأن يأخذ دم الذبيحة ويصبه أسفل المذبح ليحترق، فتكون هذه إشارة واضحة لدم المسيح المسفوك على الصليب، والذي بدونه لا يحدث أي تكفير لخطايا الإنسان (راجع لا 4).
لم يستثن الله الغريب المقيم بين الشعب من هذه الشريعة، وفى هذا معنى روحي جميل وهو عند نزول ضيف عند أحد منا لا ينبغى أن نجامله على حساب الله بل بالحرى يخضع هو لنظامنا وصلواتنا وأصوامنا ونشجعه على ذلك بدلًا من أن ننساق نحن معه.
يفرق الله في عدله بين ما يصنعه الإنسان سهوًا أو عن ضعف بشرى من جهة، وبين ما يرتكبه من شر بتجاسر وبإرادة كاملة وتخطيط سابق أي سبق إصرار، فالله يعتبر الخطايا المتعمدة هي احتقار مباشر لشخصه القدوس ولكلامه ووصاياه ولهذا تكون العقوبة هنا مناسبة للخطأ وشديدة أيضًا، فكانت العقوبة هي القطع. والقطع هنا معناه أن يفرز هذا الإنسان ويطرد من جماعة الشعب ويصير مصيره في يد الله حسب حكمته وقضائه، وللتدليل على شدة الخطأ يؤكد الله مرة ثانية "قطعا تقطع" وأن ذنب هذه النفس على صاحبها الذي صنع خطيته بوعى وتخطيط كامل.
ونحن لا نعلم ماذا كان يحدث بعد ذلك، فهل كانت تقبل هذه النفس مرة أخرى إن تابت أم لا، ولكن قصة داود النبي تؤكد لنا أن الله لا يرفض إلى الدهر القلب التائب بل يقبله بمراحمه الواسعة، فليست خطية بلا مغفرة إلا التي بلا توبة .. ولكن أيضًا علينا الاحتراس كل الاحتراس من احتقار كرامة الله القدوس بصنع الشر بلا مبالاة أو بتعمد.
32 وَلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلًا يَحْتَطِبُ حَطَبًا فِي يَوْمِ السَّبْتِ. 33 فَقَدَّمَهُ الذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَبًا إِلى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ. 34 فَوَضَعُوهُ فِي المَحْرَسِ لأَنَّهُ لمْ يُعْلنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. 35 فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «قَتْلًا يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بِحِجَارَةٍ كُلُّ الجَمَاعَةِ خَارِجَ المَحَلةِ». 36 فَأَخْرَجَهُ كُلُّ الجَمَاعَةِ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ فَمَاتَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.
ع32:
بعد الحديث مباشرة عن خطايا العمد وما تمثله من احتقار لله وازدراء أو استخفاف بوصيته، تأتى هنا حادثة تؤكد عدم تهاون الله مع الخاطئ المتعمد، فيذكر لنا الوحى الإلهي هنا قصة رجل كسر وصية السبت ولم يقدسه بأن خرج من خيمته وأخذ في جمع وتكسير بعض الحطب يوم السبت.: الحبس.
عندما رأى ذلك بعض من الشعب، أخذوه وقدموه لموسى وهارون أمام كل الشعب، ولما كان موسى وهارون لا يعلمان ماذا يصنعان به، إذ كانت هذه أول مرة يكسر فيها إنسان سبتًا، فحبسوه حتى يتسنى لموسى سؤال الرب بشأنه.
أطلب مشورة الله قبل أي عمل مهما كانت خبرتك أو مركزك، كما لم يعتمد موسى على فهمه وسأل الله، وحينئذ يرشدك الله ويباركك ويحميك من متاعب كثيرة.
ع35: عند سؤال موسى للرب، جاءت العقوبة حاسمة ورادعة ... فكان الحكم قتله رجمًا بالحجارة خارج المحلة وأن يشترك كل الشعب في رجمه.
ويلاحظ في هذه الحادثة الآتي:
1- لم يكن في العقوبة ظلم،2- إذ كسر الرجل أحد الوصايا العشر الهامة فاستحق العقوبة.
3- أهان هذا الإنسان كرامة الله ولم يبالِ بطاعته وخرج عن عرف كل بنى شعبه.
4- لم يتعلم من العقوبات السابقة التي أنزلها الله على شعبه عند عصيانه.
5- لم يهتم بالتحذير السابق أن كل نفس تصنع الخطية عمدًا تقطع من شعبها.
6- كان غاية في البجاحة والوقاحة إذ تجاسر وصنع هذه الخطية في وسط النهار.
7- كان لا بُد من أن تكون العقوبة رادعة حتى يخاف الشعب كله ولا يتكرر مثل هذا الحدث ويتعلم الشعب أن الله يغير على مجده.
ع36: فى خوف شديد ورهبة، أطاع الشعب أمر الله وقام بتنفيذ العقوبة على هذا الإنسان... فكان درسًا لا ينساه أحد وتعليمًا عمليًا لا تمحوه الأيام بأن وصايا الله واجبة الاحترام وإذرائها يعنى الموت والهلاك.
37 وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 38«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل أَنْ يَصْنَعُوا لهُمْ أَهْدَابًا فِي أَذْيَالِ ثِيَابِهِمْ فِي أَجْيَالِهِمْ وَيَجْعَلُوا عَلى هُدْبِ الذَّيْلِ عِصَابَةً مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ. 39 فَتَكُونُ لكُمْ هُدْبًا فَتَرُونَهَا وَتَذْكُرُونَ كُل وَصَايَا الرَّبِّ وَتَعْمَلُونَهَا وَلا تَطُوفُونَ وَرَاءَ قُلُوبِكُمْ وَأَعْيُنِكُمُ التِي أَنْتُمْ فَاسِقُونَ وَرَاءَهَا 40 لِكَيْ تَذْكُرُوا وَتَعْمَلُوا كُل وَصَايَايَ وَتَكُونُوا مُقَدَّسِينَ لِإِلهِكُمْ. 41 أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَكُونَ لكُمْ إِلهًا. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ».
بعد أن تجاسر أحد أفراد الشعب واحتقر الله وكسر السبت ناسيًا وصيته، طلب الله من موسى أن يأمر الشعب بأن يصنعوا تذكارًا ماثلًا أمام أعينهم يجعلهم يتذكرون دائمًا الوصايا الإلهية ... أما هذا التذكار فكان كالآتي:
أهداب: مجموعة من الخيوط تمثل خصلة، كزر الطربوش، أو ما يطلق عليه بالعامية (شراشيب).
أذيال: نهايات.
عصابة: شريط يكلف فوق الأهداب لونه أزرق من أغراضه تثبيت هذه الأهداب.
طلب الله من الشعب أن يلتزم بصناعة أهداب عند أذيال ثيابهم، وتنزل هذه الأهداب من قطعة من القماش باللون الأسمانجونى أي الأزرق، كرمز أن الشرائع والوصايا المتنوعة "الأهداب" مصدرها السماء الزرقاء وأن الشريعة كلها سمائية.
ع39:
أما الغرض عند رؤية هذه الأهداب فهو تذكر الشريعة السمائية وأن أعين الإنسان تظل على وصايا الله فلا يزوغ قلبه وراء أهوائه يمينًا ويسارًا، وكذلك الأعين تكون ثابتة على الوصايا الإلهية فلا ترى سوى الله وأحكامه.والله يستخدم تذكارات مادية حتى لا ننسى تعاليمه، فيذكر أولاده بقسط المن والفصح وأمور كثيرة حتى لا ينسوا عمله معهم، وما زال يذكرنا في العهد الجديد من خلال طقوس الكنيسة لنثبت في محبته. ولكن للأسف ينشغل البعض بالمظهر دون الجوهر مثل الفريسيين الذين اهتموا بهذه العصائب والأهداب وتركوا محبة الله والرحمة فوبخهم المسيح (مت23: 4، 5).
ع40: كنتيجة لتعلق أعين الإنسان بالوصايا وحرصه على إتمامها وإرضاء قلب الله، يصير مقدسًا ومخصصًا لله.
ع41: وفى نهاية حديث الله مع شعبه يذكرهم بأنه هو الإله الوحيد لهم، الذي حل أسرهم وأخرجهم بذراع قوية من أرض مصر ليكون لهم إلهًا ويكونوا له شعبًا ولكن بشرط قداستهم وتذكرهم لوصاياه.
ملاحظة: لازال اليهود في كثير من أنحاء العالم يرتدون هذه الأهداب سواء في المناسبات الدينية أو في حياتهم اليومية .. فيلفوا أوساطهم (خصائرهم) بقطعة من القماش ذو الزرقة الفاتحة وتنتهي بهذه الأهداب وذلك ليعلنوا تمسكهم بوصايا إلههم.
أخى الحبيب صار لنا الصليب تذكارًا ماثلًا أمام أعيننا لا يذكرنا فقط بوصايا الله بل بحبه وفدائه لنا جميعًا... إجعل عينيك على الصليب فتأخذ معونة وقوة من تذكرك لحب المسيح لك، فلا تقوى عليك الخطية ولا يصير لها سلطان عليك بل تدوسها أنت بسلطان أبناء الله.
← تفاسير أصحاحات العدد: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير العدد 16 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير العدد 14 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/numbers/chapter-15.html
تقصير الرابط:
tak.la/2xv3yvr