* تأملات في كتاب
عدد: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50
الأَصْحَاحُ السادس عَشَرَ
(1) الثورة ضد موسى وهارون (ع1-7)
(2) محاولة موسى تهدئة الثورة (ع8-17)
(3) الوقوف أمام الله والقصاص الإلهي (ع18-35)
(4) طرق المجامر (ع36-40)
(5) تذمر الشعب على موسى وهارون وعقاب الله لهم (ع41-50)
1 وَأَخَذَ قُورَحُ بْنُ يِصْهَارَ بْنِ قَهَاتَ بْنِ لاوِي وَدَاثَانُ وَأَبِيرَامُ ابْنَا أَلِيآبَ وَأُونُ بْنُ فَالتَ بَنُو رَأُوبَيْنَ 2 يُقَاوِمُونَ مُوسَى مَعَ أُنَاسٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ رُؤَسَاءِ الجَمَاعَةِ مَدْعُوِّينَ لِلاِجْتِمَاعِ ذَوِي اسْمٍ. 3 فَاجْتَمَعُوا عَلى مُوسَى وَهَارُونَ وَقَالُوا لهُمَا: «كَفَاكُمَا! إِنَّ كُل الجَمَاعَةِ بِأَسْرِهَا مُقَدَّسَةٌ وَفِي وَسَطِهَا الرَّبُّ. فَمَا بَالُكُمَا تَرْتَفِعَانِ عَلى جَمَاعَةِ الرَّبِّ؟». 4 فَلمَّا سَمِعَ مُوسَى سَقَطَ عَلى وَجْهِهِ. 5 ثُمَّ قَال لِقُورَحَ وَجَمِيعِ قَوْمِهِ: «غَدًا يُعْلِنُ الرَّبُّ مَنْ هُوَ لهُ وَمَنِ المُقَدَّسُ حَتَّى يُقَرِّبَهُ إِليْهِ. فَالذِي يَخْتَارُهُ يُقَرِّبُهُ إِليْهِ. 6 اِفْعَلُوا هَذَا: خُذُوا لكُمْ مَجَامِرَ. قُورَحُ وَكُلُّ جَمَاعَتِهِ. 7 وَاجْعَلُوا فِيهَا نَارًا وَضَعُوا عَليْهَا بَخُورًا أَمَامَ الرَّبِّ غَدًا. فَالرَّجُلُ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ هُوَ المُقَدَّسُ. كَفَاكُمْ يَا بَنِي لاوِي!»
ع1:
قورح هو ابن يصهار، ويصهار هو أخو عمرام أبو موسى وهارون وبالتالي يكون قورح هو ابن عم موسى وهارون، وهو المتزعم للفتنة والأحداث المؤسفة القادمة، وشاركه من سبط رأوبين في هذه الفتنة "داثان" و"أبيرام" و"أون"، إلاّ أن "أون" لم يذكر بعد هذا في أحداث الفتنة والتذمر ولهذا يرجح انسحابه ورجوعه وتوبته بعد اشتراكه الأول في التمرد.وقد كانت خيام القهاتيين بجوار خيام الرأوبينيين ولعل هذا ساعدهم في اتفاقهم على الثورة ضد موسى وهارون. فقورح يطالب بالكهنوت لأنه من سبط لاوى وابن عم موسى، أما الرأوبينيين فهم نسل البكر ويطالبون برئاسة الشعب بدلًا من موسى بالإضافة لتعميم الكهنوت في كل الأسباط، فتبعهم مائتان وخمسون رجل (ع2) من الرؤساء أو المتقدمين في الأسباط المختلفة، الكل يطالب بالكهنوت ولعلهم كانوا يطالبون بعودة الكهنوت لكل أسرة فيصير رئيسها هو الكاهن كما كان قبل عصر موسى.
ع2: رؤساء الجماعة
: أى من أكثر الناس شهرة على مستوى الشعب.مدعوين للاجتماع: أي ذوى شأن وتوجه لهم الدعاوى لحضور اجتماعات الشعب الهامة.
اجتمع قورح ومن معه (ع1) مع مائتين وخمسين من أشهر شخصيات الشعب وذوى الشأن "ذوى اسم"، ويوضح هذا العدد أن هذا التحالف لم يكن له سوى غرض واحد وهو مقاومة موسى وهارون.
ع3: كان دافع هذا التذمر هو الغيرة والحقد والحسد ولهذا لم يستطع قورح ومن معه إخفاء مشاعرهم، فواجهوا موسى وهارون بقولهم .. "كفاكما" والمقصود كفاكما هذا التميز والترفع وهذه المكانة التي لكما، فالله متاح للشعب كله وهو الساكن في وسط الجماعة ومقدسها ولا حاجة لنا لوسيط أو كاهن .. فأى منا يستطيع أن يقوم بالعمل الذي تقومان به.
ع4: حزن موسى وانزعج جدًا مما سمعه، فسجد أمام الرب "سقط على وجهه"، ملتجئًا وشاكيًا ومتذللًا لكي يتدخل الله أمام هذا الأمر الخطير الذي من شأنه أن يقسم الشعب ويبدد وحدته.
ع5، 6: بعد هذه الصلاة الخاضعة والمتذللة والانطراح أمام الله، تكلم موسى مع قورح وجماعته قائلًا .. أن الحكم والاختيار هو لله وحده .. فهو الذي يقرر من يختاره لخدمته، والذي يختاره الله يقربه كاهنًا له، وطلب أيضًا موسى من قورح وكل جماعته أن يأتوا غدًا أمام الرب حاملين مجامرهم، متشبهين بالكهنة الذين يحملون مجامر البخور أمام الله وربما كان لديهم مجامر يستخدمونها في عبادتهم العائلية قبل نزول شريعة موسى عندما كان رب الأسرة هو كاهنها.
ع7: طلب منهم موسى أيضًا أن يوقدوا مجامرهم عندما يأتوا في اليوم التالي ويضعوا بها بخورًا لتقديمه أمام الله، والله هو الذي يحدد إن كان يقبل تقدمتهم من البخور أم لا. وتعبير "كفاكم" يا بنى لاوى هو تعبير عن استياء موسى من موقفهم وهو يعلم أنهم مخدوعون من الشيطان ويطلبون ما ليس لهم وما لم يسمح به الله ويقصد ببنى لاوى قورح ومن يتبعه من سبط لاوى.
من الدروس الروحية الهامة التي نستخلصها من الأعداد السابقة:
قد يستخدم عدو الخير أقرب الأقرباء "ابن العم" لمحاربة الإنسان فتكون الحرب خطيرة ومحرجة جدًا.
نتعلم أيضًا أن حرب الغيرة إن لم تُقمَع في مهدها، فهي تسيطر على الإنسان ومشاعره فتفضحه تصرفاته التالية.
إن الإنسان الروحي أمام الحرب الشديدة لا يجد حلًا سوى أن يسجد أمام الله متذللًا أن ينقذه.
ما أحلى أن يخلى الإنسان ذاته ويترك الحكم والقصاص لله ضابط الكل.
8 وَقَال مُوسَى لِقُورَحَ: «اسْمَعُوا يَا بَنِي لاوِي. 9 أَقَلِيلٌ عَليْكُمْ أَنَّ إِلهَ إِسْرَائِيل أَفْرَزَكُمْ مِنْ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيل لِيُقَرِّبَكُمْ إِليْهِ لِكَيْ تَعْمَلُوا خِدْمَةَ مَسْكَنِ الرَّبِّ وَتَقِفُوا قُدَّامَ الجَمَاعَةِ لِخِدْمَتِهَا؟ 10 فَقَرَّبَكَ وَجَمِيعَ إِخْوَتِكَ بَنِي لاوِي مَعَكَ وَتَطْلُبُونَ أَيْضًا كَهَنُوتًا! 11 إِذَنْ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَتِكَ مُتَّفِقُونَ عَلى الرَّبِّ. وَأَمَّا هَارُونُ فَمَا هُوَ حَتَّى تَتَذَمَّرُوا عَليْهِ؟» 12 فَأَرْسَل مُوسَى لِيَدْعُوَ دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ ابْنَيْ أَلِيآبَ. فَقَالا: «لا نَصْعَدُ! 13 أَقَلِيلٌ أَنَّكَ أَصْعَدْتَنَا مِنْ أَرْضٍ تَفِيضُ لبَنًا وَعَسَلًا لِتُمِيتَنَا فِي البَرِّيَّةِ حَتَّى تَتَرَأَّسَ عَليْنَا تَرَؤُّسًا؟ 14 كَذَلِكَ لمْ تَأْتِ بِنَا إِلى أَرْضٍ تَفِيضُ لبَنًا وَعَسَلًا وَلا أَعْطَيْتَنَا نَصِيبَ حُقُولٍ وَكُرُومٍ. هَل تَقْلعُ أَعْيُنَ هَؤُلاءِ القَوْمِ؟ لا نَصْعَدُ!». 15 فَاغْتَاظَ مُوسَى جِدًّا وَقَال لِلرَّبِّ: «لا تَلتَفِتْ إِلى تَقْدِمَتِهِمَا. حِمَارًا وَاحِدًا لمْ آخُذْ مِنْهُمْ وَلا أَسَأْتُ إِلى أَحَدٍ مِنْهُمْ». 16 وَقَال مُوسَى لِقُورَحَ: «كُنْ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَتِكَ أَمَامَ الرَّبِّ أَنْتَ وَهُمْ وَهَارُونُ غَدًا 17 وَخُذُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتَهُ وَاجْعَلُوا فِيهَا بَخُورًا وَقَدِّمُوا أَمَامَ الرَّبِّ كُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتَهُ.مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَجْمَرَةً. وَأَنْتَ وَهَارُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مَجْمَرَتَهُ».
ع8-10: تكلم موسى أولًا مع قورح وأتباعه من سبط لاوى محاولًا احتواء الأزمة وتوجيه النصح لهم، فخاطبهم قائلًا لماذا هذه الثورة، ألم يختاركم الله دون غيركم من الأسباط وميَّزكم وأعطاكم كرامة خدمة بيته ومحتوياته دون غيركم، وهي كرامة عالية جدًا، ومع هذا كله لم تكتفوا بل تجاسرتم وطلبتم خدمة الكهنوت التي خصصها الله لهارون وبنيه وحدهم، فما تصنعوه الآن هو تعدٍ للترتيب والقصد الإلهي.
ع11: يلفت موسى هنا نظر قورح والتابعين له ويحذره أن ما يصنعه هو تذمر واعتراض وثورة على الله نفسه وليس على هارون الذي ليس بيده شيء سوى إنه منفذ للرسم الإلهي الذي سبق الله وأعلنه.
ع12: بعد الحديث مع قورح واللاويين أراد موسى، الخادم الأمين، أن يفعل نفس الشئ وينصح كل من داثان وأبيرام من سبط رأوبين، فدعاهما للقائه، ولكنهما رفضا بكبرياء لقاءه معلنين بشدة كراهيتهما وحقدهما وإصرارها على المطالبة بالكهنوت.
ع13: جاء ردهما خالٍ من كل لياقة وأدب بل تجاوزا هذا إلى الوقاحة عينها، إذ كان ردهما على موسى ... أنسيت أنك السبب في خروجنا من أرض الخير "مصر" وأتيت بنا لبرية سيناء القاحلة حتى تسود علينا رئيسًا بدلًا من فرعون. وبالطبع كان كلامهما محض افتراء، فمصر كانت أرضًا للمذلة والعبودية والسخرة، وكلامهما أيضًا يوضح تمردهما ونسيانهما يد الله القوية في الضربات العشر وانشقاق البحر، وكان هذا أيضًا تجديفًا لأن الله لم يخرجهم ليميتهم بل لكي يرثوا أرض الموعد التي تفيض لبنًا وعسلًا، ولكن بسبب كثرة تذمرهم عاقبهم الله بتأجيل الدخول إلى هذه الأرض.
ع14: يستكمل داثان وأبيرام اعتراضهما على تلبية دعوة موسى بالحديث معه، فيقولان في صورة اتهام لموسى أنك لم تحقق أيضًا ما وعدت به، فأين الأرض بحقولها وخيراتها وكرومها... ويوجهون سؤالا لموسى "هل تقلع أعين هؤلاء القوم"؟! ومعناه هل يمكنك إعماء هذا الشعب فلا يرى حقيقة ما نحن عليه من حال سئ في البرية.. فأنت إذًا السبب والمسئول عن كل هذا ولذلك لن نصعد لنتحدث معك في شيء.
ع15:
استاء موسى جدًا من حديث "داثان" و"أبيرام"، وبدلًا من أن يدخل معهما في جدل لا جدوى منه، رفع قلبه إلى الله وصلى طالبًا ألا يلتفت الله إلى طلبة هؤلاء العصاة. وخاطب الله قائلًا أنت تعلم يا إلهي أننى برئ من كل اتهاماتهم الباطلة ولم أسئ لأحد من شعبى ولم آخذ من هؤلاء العصاة شيئًا حتى وإن كان حمارًا واحدًا.
ع16، 17: إذ لم يجد موسى فائدة من محاولة النصح الأخيرة، طلب من قورح وكل من معه في ثورته أن يجتمعوا غدًا مع هارون أيضًا أمام الرب ويأخذ كل رجل مجمرته موقدة ويحمل بخورًا لتقديمه أمام الله، ويحدد أن عدد الرجال المشتركين في هذه الفتنة كان مائتين وخمسين رجلًا.
نأخذ من موسى مثلًا رائعًا في مواجهة المشاكل، فموسى ظلم في كل ما وُجِّه إليه من تهم كاذبة لا يحتملها إنسان، ولكنه في كل أموره كان يتوجه إلى الله بالصلاة. ونحن أيضًا قد يقع علينا ظلم وتواجهنا حرب غير متوقعة تهز كياننا ولكن ليس لنا سوى المخدع نرتكن عليه ونأخذ معونتنا منه والله الذي يسمع صلاتنا في الخفاء يجازينا علانية ويظهر الحق ويعطينا التعزية.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
18 فَأَخَذُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلُوا فِيهَا نَارًا وَوَضَعُوا عَليْهَا بَخُورًا وَوَقَفُوا لدَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ مَعَ مُوسَى وَهَارُونَ. 19 وَجَمَعَ عَليْهِمَا قُورَحُ كُل الجَمَاعَةِ إِلى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ فَتَرَاءَى مَجْدُ الرَّبِّ لِكُلِّ الجَمَاعَةِ. 20 وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: 21«افْتَرِزَا مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الجَمَاعَةِ فَإِنِّي أُفْنِيهِمْ فِي لحْظَةٍ!» 22 فَخَرَّا عَلى وَجْهَيْهِمَا وَقَالا: «اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟» 23 فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 24«كَلِّمِ الجَمَاعَةَ قَائِلًا اطْلعُوا مِنْ حَوَاليْ مَسْكَنِ قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ». 25 فَقَامَ مُوسَى وَذَهَبَ إِلى دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ وَذَهَبَ وَرَاءَهُ شُيُوخُ إِسْرَائِيل. 26 فَقَال لِلجَمَاعَةِ: «اعْتَزِلُوا عَنْ خِيَامِ هَؤُلاءِ القَوْمِ البُغَاةِ وَلا تَمَسُّوا شَيْئًا مِمَّا لهُمْ لِئَلا تَهْلكُوا بِجَمِيعِ خَطَايَاهُمْ». 27 فَطَلعُوا مِنْ حَوَاليْ مَسْكَنِ قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ وَخَرَجَ دَاثَانُ وَأَبِيرَامُ وَوَقَفَا فِي بَابِ خَيْمَتَيْهِمَا مَعَ نِسَائِهِمَا وَبَنِيهِمَا وَأَطْفَالِهِمَا. 28 فَقَال مُوسَى: «بِهَذَا تَعْلمُونَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلنِي لأَعْمَل كُل هَذِهِ الأَعْمَالِ وَأَنَّهَا ليْسَتْ مِنْ نَفْسِي. 29 إِنْ مَاتَ هَؤُلاءِ كَمَوْتِ كُلِّ إِنْسَانٍ وَأَصَابَتْهُمْ مَصِيبَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ فَليْسَ الرَّبُّ قَدْ أَرْسَلنِي. 30 وَلكِنْ إِنِ ابْتَدَعَ الرَّبُّ بِدْعَةً وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَاهَا وَابْتَلعَتْهُمْ وَكُل مَا لهُمْ فَهَبَطُوا أَحْيَاءً إِلى الهَاوِيَةِ تَعْلمُونَ أَنَّ هَؤُلاءِ القَوْمَ قَدِ ازْدَرُوا بِالرَّبِّ». 31 فَلمَّا فَرَغَ مِنَ التَّكَلُّمِ بِكُلِّ هَذَا الكَلامِ انْشَقَّتِ الأَرْضُ التِي تَحْتَهُمْ 32 وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَاهَا وَابْتَلعَتْهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وَكُل مَنْ كَانَ لِقُورَحَ مَعَ كُلِّ الأَمْوَالِ 33 فَنَزَلُوا هُمْ وَكُلُّ مَا كَانَ لهُمْ أَحْيَاءً إِلى الهَاوِيَةِ وَانْطَبَقَتْ عَليْهِمِ الأَرْضُ فَبَادُوا مِنْ بَيْنِ الجَمَاعَةِ. 34 وَكُلُّ إِسْرَائِيل الذِينَ حَوْلهُمْ هَرَبُوا مِنْ صَوْتِهِمْ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «لعَل الأَرْضَ تَبْتَلِعُنَا». 35 وَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلتِ المِئَتَيْنِ وَالخَمْسِينَ رَجُلًا الذِينَ قَرَّبُوا البَخُورَ.
ع18، 19: فى كبرياء وتحريض، لم يجمع قورح فقط المائتين وخمسين بل جمع معهم كثيرين جدًا من الشعب "كل الجماعة"، ووقف المائتان وخمسون يحملون نارًا غريبة وبخورًا في مجامرهم، أما مجمرة هارون فكانت نارها مقدسة، وعند اجتماع كل الجماعة ظهر مجد الرب للجميع في صورة عمود السحاب على الأرجح.
ع20-22: تكلم الرب مع موسى وهارون وأمرهما بألا يقفا في وسط الجماعة، بل يبعدا عنها وذلك لأن الله عازم على إبادتهم، وبالرغم من عصيان قورح نجد قلب موسى شفيع شعبه يتحدث مع الله ثانية ويطلب منه العفو عنهم طالبًا من الله ألا يأخذ خطيئة فرد واحد ويجازى بها كل الشعب، لأن شر الشعب أقل بكثير من شر من قام بتحريضه.
بعد هذه الصلاة الشفاعية لموسى، نجد أن الرب استجاب له وأمره بأن ينصح الشعب بالابتعاد عن الجمهرة والالتفاف حول قورح وداثان وأبيرام وألا تقترب الجماعة حتى من مساكنهم.
: الظالمون أو الطغاة.
في (ع12) طلب موسى من داثان وأبيرام الصعود إليه والحديث معه، وبالرغم من رفضهما فهو هنا يذهب بنفسه لمكان إقامتهما ويأخذ معه بعض رؤساء الشعب كشهود، وخاطب كأمر الرب كل الجماعة التي تسكن بجوار خيام داثان وأبيرام مناديًا عليهم بالخروج من المنطقة كلها وعدم الاختلاط أو لمس شيء من متاع داثان وأبيرام حتى ينجوا من الغضب الإلهي والقصاص الذي سيتم سريعًا.
ع27: استجاب الشعب لنداء موسى وابتعد، وخرج أيضًا من خيامهم كل أهل داثان وأبيرام من كبيرهم لصغيرهم ووقف كل خارج خيمته أمام بابها.
ع28، 29: فى قوة الخادم الواثق من إلهه، بدأ موسى الكلام قائلًا لكل الجماعة ... إذا عاش هؤلاء القوم، أي داثان وأبيرام وكل من لهم، عيشة طبيعية وماتوا أيضًا ميتة طبيعية فلست أنا نبيًا أو مرسلًا من الله لكم، ولكن إن صنع الرب أمرًا عجيبًا وانشقت الأرض وبلعت كل هؤلاء بداخلها، تكون هذه هي العلامة القوية على شرهما والعقوبة المناسبة على ما صنع هؤلاء القوم من ازدراء بالرب وتعالى عليه.
ع31-33: ما كاد موسى ينهى كلامه حتى انشقت الأرض بالفعل كقوله في مشهد مخيف ومرعب وابتلعت داثان وأبيرام وكل أسرهم وكذلك كل أملاك قورح وعائلته، إلا أن قورح لم يكن ممن هلكوا في هذا المشهد كما سنرى لاحقًا في (ع35).
ع34: انطبقت
: انغلقت.عند نزولهم إلى باطن الأرض أحياء وبعد انطباقها مرة أخرى، ومع ارتفاع صراخ أصواتهم عند نزولهم، خافت كل جماعة الشعب وهربت بعيدًا كنوع من أنواع ردود الفعل النفسية من هذا المشهد المرعب جدًا، وقالوا في أنفسهم لنهرب بعيدًا لئلا تبتلعنا الأرض أيضًا.
ع35: أما المشهد الثاني، والذي كان أمام خيمة الاجتماع، حيث قورح والمائتان والخمسون رجلًا المجتمعون بمجامرهم والذين أرادوا أن ينتزعوا الكهنوت لنفوسهم بغيرة حمقاء فكان عقاب الرب أيضًا شديدًا لهم إذ خرجت نار من عند الرب وأحرقتهم أحياء، وبالطبع صار خوف عظيم أيضًا في الشعب كالخوف السابق عند انفتاح الأرض وابتلاع الاحياء.
واحترق قورح مع هؤلاء الرجال كما يذكر في (عد 26: 10)، ولكن بنى قورح خافوا الله ولم يسيروا في عصيان والدهم فنجوا من العقاب الإلهي كما يذكر في (عد 26: 11). وقد ظهر قديسون من بنى قورح مثل صموئيل النبي (1 أى 6: 28) وهيمان المرنم (أى6: 33)، وهذا يؤكد أن من يطيع الله ينجو من غضبه بل يباركه أيضًا ببركات كثيرة.
جمع موسى بين القلب المحب والشفيع لشعبه وبين القائد الحاسم أمام الخطأ وخاصة الخطأ الموجه إلى الله وعبادته، هكذا يكون الخادم والكاهن الأمين، يتسع قلبه بالحب والعطف على شعبه كله، أما فيما يتعلق بحقوق الله وعقيدة الكنيسة ونظام عبادتها وطقسها فلا يفرط ولا يتهاون لانه مؤتمن من الله على هذه كلها.
36 ثُمَّ قَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 37«قُل لأَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الكَاهِنِ أَنْ يَرْفَعَ المَجَامِرَ مِنَ الحَرِيقِ وَاذْرِ النَّارَ هُنَاكَ فَإِنَّهُنَّ قَدْ تَقَدَّسْنَ. 38 مَجَامِرَ هَؤُلاءِ المُخْطِئِينَ ضِدَّ نُفُوسِهِمْ فَليَعْمَلُوهَا صَفَائِحَ مَطْرُوقَةً غِشَاءً لِلمَذْبَحِ لأَنَّهُمْ قَدْ قَدَّمُوهَا أَمَامَ الرَّبِّ فَتَقَدَّسَتْ. فَتَكُونُ عَلامَةً لِبَنِي إِسْرَائِيل». 39 فَأَخَذَ أَلِعَازَارُ الكَاهِنُ مَجَامِرَ النُّحَاسِ التِي قَدَّمَهَا المُحْتَرِقُونَ وَطَرَقُوهَا غِشَاءً لِلمَذْبَحِ 40 تِذْكَارًا لِبَنِي إِسْرَائِيل لِكَيْ لا يَقْتَرِبَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ ليْسَ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ لِيُبَخِّرَ بَخُورًا أَمَامَ الرَّبِّ فَيَكُونَ مِثْل قُورَحَ وَجَمَاعَتِهِ كَمَا كَلمَهُ الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى.
ع36، 37: أمر الرب موسى أمرًا جديدًا وهو أن يطلب من ألعازار الكاهن بن هارون أن يجمع المجامر المتبقية بعد هلاك الجميع في الحريق وأن يذرى ما بها من تراب ورماد متبقى. ويوضح الله أنه بالرغم من خطأ القوم، إلا أن هذه المجامر قد تقدست بخروج النار من عند الله وحرقها لها.
: أي الذين أخطأوا وجلبوا بذلك العقوبة على أنفسهم. أمر الله موسى بطرق هذه المجامر لمذبح المحرقة لأنها قد تقدّست بتقديمها لله، وتكون علامة بذلك لبني إسرائيل لا تنسى تذكارًا لما صنع العصاة المتمردون أصحاب الفتنة وكيف كانت نهايتهم، وقد صنع ألعازار كما أمره موسى تمامًا.
ع40: أجنبى
: من عامة الشعب ولكن ليس من نسل هارون المدعو للكهنوت.يوضح الله مرة أخرى هنا الغرض بأن يكون هذا الغطاء النحاسى الذي على المذبح هو تذكار تحذيرى لبني إسرائيل ألاّ يقترب رجل أجنبى ويتجاسر ويقدم بخورًا أمام الرب، فتكون عاقبته كعاقبة قورح الذي كلمه موسى ولم يعتبر أو يستمع لكلامه.
تذكر خطاياك الكبيرة التي سقطت فيها قديمًا وسامحك الله عنها لكي تتضع أمامه وتهتم بتوبتك كل يوم وتحترس من هذه الخطايا وتسعى لاكتساب الفضائل المضادة لها.
41 فَتَذَمَّرَ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل فِي الغَدِ عَلى مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلِينَ: «أَنْتُمَا قَدْ قَتَلتُمَا شَعْبَ الرَّبِّ». 42 وَلمَّا اجْتَمَعَتِ الجَمَاعَةُ عَلى مُوسَى وَهَارُونَ انْصَرَفَا إِلى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ وَإِذَا هِيَ قَدْ غَطَّتْهَا السَّحَابَةُ وَتَرَاءَى مَجْدُ الرَّبِّ. 43 فَجَاءَ مُوسَى وَهَارُونُ إِلى قُدَّامِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ. 44 فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 45«اِطْلعَا مِنْ وَسَطِ هَذِهِ الجَمَاعَةِ فَإِنِّي أُفْنِيهِمْ بِلحْظَةٍ». فَخَرَّا عَلى وَجْهَيْهِمَا. 46 ثُمَّ قَال مُوسَى لِهَارُونَ: «خُذِ المَجْمَرَةَ وَاجْعَل فِيهَا نَارًا مِنْ عَلى المَذْبَحِ وَضَعْ بَخُورًا وَاذْهَبْ بِهَا مُسْرِعًا إِلى الجَمَاعَةِ وَكَفِّرْ عَنْهُمْ لأَنَّ السَّخَطَ قَدْ خَرَجَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. قَدِ ابْتَدَأَ الوَبَأُ». 47 فَأَخَذَ هَارُونُ كَمَا قَال مُوسَى وَرَكَضَ إِلى وَسَطِ الجَمَاعَةِ وَإِذَا الوَبَأُ قَدِ ابْتَدَأَ فِي الشَّعْبِ. فَوَضَعَ البَخُورَ وَكَفَّرَ عَنِ الشَّعْبِ. 48 وَوَقَفَ بَيْنَ المَوْتَى وَالأَحْيَاءِ فَامْتَنَعَ الوَبَأُ. 49 فَكَانَ الذِينَ مَاتُوا بِالوَبَإِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلفًا وَسَبْعَ مِئَةٍ عَدَا الذِينَ مَاتُوا بِسَبَبِ قُورَحَ. 50 ثُمَّ رَجَعَ هَارُونُ إِلى مُوسَى إِلى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ وَالوَبَأُ قَدِ امْتَنَعَ.
ع41: رغم وضوح خطورة خطية التمرد أمام عيون كل الشعب، إلا أنهم سقطوا في التذمر على موسى لأجل موت قورح ومن معه، متناسين أن هذا هو عدل الله وجزاءهم الضرورى.
ع42، 43: أمام هذه الثورة الجديدة، لم يجد كل من موسى وهارون حماية من شر الشعب سوى الالتجاء إلى الله والوقوف أمام باب خيمة الاجتماع، فحلَّ مجد الرب ثانية وكانت علامة ذلك أن الخيمة قد تغطت بالسحابة.
تكرر المشهد ثانية وبنفس الحوار تقريبًا كما جاء في (ع21، 22)، فطلب الله من موسى وهارون أن يخرجا خارج الجماعة حتى يفنى المتذمرين، ولكننا نجد موسى يسجد أيضًا أمام الله مع أخيه هارون في علامة من علامات الخضوع من جهة والتماسًا للصفح والعفو الإلهي من جهة أخرى.
ع46، 47: علم موسى أن قضاء الله على العاصين من شعبه هذه المرة هي وباء مهلك وفتاك لا يترك الإنسان إلاّ ميتًا .. وبنفس القلب الأبوى المشفق على حماقة شعبه طلب بسرعة من هارون أن يأخذ نارًا مقدسة من المذبح ويخرج بها إلى كل الشعب ويمر عليهم بين خيامهم ويقدم تكفيرًا عن الشعب حتى يرفع الله غضبه ويوقف الوباء، وبالفعل صنع هارون كما أمره موسى تمامًا ووضع البخور وصلّى صلاة كفارية عن الشعب. وتوضح كلمة ركض كم كان هارون متعجلًا في تنفيذ الأمر لايقاف الوباء.
ع48:
عندما نزل هارون بين الشعب، أوقف انتشار الوباء، فصار المرضى الذين يموتون في جانب والأحياء الذين يحميهم هارون في جانب آخر، ووقف هارون بمجمرته بين الأموات والأحياء في صورة جميلة تجعل من كهنوته وصلاته وبخوره حاجزًا يمنع وصول شر عقوبة الخطية إلى باقى شعبه. ونرى أن الله استجاب لهذا العمل الكهنوتى الشفاعى فتوقف الوباء ولم ينتشر أكثر من ذلك وظهرت أمام الشعب كله عظمة الكهنوت وفاعليته في الحماية من الموت، هذا الكهنوت المحصور في هارون وبنيه، فعظموا الكهنوت وخافوا الله وموسى وهارون.
ع49: كان الثمن للخطية فادحًا والخسارة كبيرة، إذ كان عدد من مات في الوباء بسبب التذمر الثاني أربعة عشر ألفًا وسبعمائة بينما من مات في العقوبة الأولى كان قورح والمائتان والخمسون وأسرتا داثان وأبيرام.
ع50: ينتهى هذا الأصحاح معلنًا انتهاء الأحداث المؤسفة ورجوع الأمور لحالها الأول بعد ارتفاع الوباء وعودة هارون إلى موسى الذي ظل واقفًا منتظرًا مراحم الله على باب الخيمة.
أخى الحبيب ... ما أسوأ عدم قبول الإنسان إنذارات الله وعقوبته بل يتمادى في عصيانه وتذمره فيجلب على نفسه عقوبة أسوأ وأخطر من الأولى، فكن سريع الرجوع والندم واذهب إلى أبيك الكاهن تائبًا لتنال مراحم الله وعفوه بدلًا من الاستمرار في الشر فيأتى عليك غضب إلهي لا تحتمله.
← تفاسير أصحاحات العدد: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير العدد 17 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير العدد 15 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/numbers/chapter-16.html
تقصير الرابط:
tak.la/xmn7rat