ولد يوشيا حوالي عام 646 ق.م. في أورشليم، أثناء حكم جده منسى، الذي كان وقتذاك قد عاد إلى الله وترك شروره، فتمتع يوشيا بجو روحي في القصر الملكى. وقد اهتمت أمه يديدة بنت عداية بتربيته تربية روحية (2 مل22: 1-2).
يوشيا كلمة معناها "الرب يشفي"، وهو حقًا شفى شعبه من انحرافهم وراء الأوثان وأعادهم إلى الله؛ لأن الشعب كان قد تأثر بالفترة الطويلة الشريرة التي عاشها منسى بعيدًا عن الله، ورجوعه لم يكن مؤثرًا بقوة على شعبه، بالإضافة إلى أن والد يوشيا وهو آمون الملك، الذي ملك سنتين، كان شريرًا وعبد الأوثان، فثبت الشعب في الشر وأبعدهم عن الله.
تملك يوشيا على عرش مملكة يهوذا وعمره ثمانى سنوات، أي حوالي عام 638 ق.م وغالبًا اهتمت أمه وبعض المشيرين الصالحين في القصر برعايته روحيًا، فأحب الله (2 أى34: 1، 2).
عندما بلغ عمره ستة عشر عامًا، أي بعد ثمانى سنوات من تملكه وهو فتى، بدأ يعلن محبته لله ويطلبه (2 أى34: 3). وهذا يؤكد أنه عاش في حياة روحية منذ طفولته. بل أنه استفاد من حياة جده منسى، الذي ابتعد فترة طويلة، من عمره عن الله، ثم عاد في آخر حياته، ثم أبيه آمون، الذي سار في الشر، فمات وهو شاب. فحاول يوشيا أن يبدأ وهو فتى مع الله؛ ليتمتع بحياة روحية معه، وحتى لا يموت قبل أن يحقق هذا، وهو ما حدث فعلًا، إذ أنه مات وعمره تسعة وثلاثين عامًا ولكنه كان قد حقق إصلاحات عظيمة جدًا، لم يحققها أحد مثله ولم يكن بعده، فهو الملك السادس عشر على مملكة يهوذا وآخر الملوك الصالحين.
عندما بلغ عمره عشرون عامًا، أي بعد تملكه بإثنتى عشر عامًا، بدأ إصلاحات بإزالة العبادة الوثنية، فحطم المذابح والسوارى وكل ما يتعلق بالأوثان؛ حتى لا يعود إليها أحد بسهولة، بل وأباد أيضًا كل ما يشجعها مثل السحرة. وحاول إبادة التماثيل الصغيرة (الترافيم)، التي في بيوت الشعب، لينقى شعبه (2 مل23: 24).
استغل ضعف الإمبراطورية الأشورية، فبدأ يمد نفوذه السياسى ويستولى على مساحات كبيرة من مملكة إسرائيل، التي احتلتها أشور، ووصل إلى السامرة شمالًا، وقصد بهذا أن يعيد إخوته اليهود، الذين من باقي الأسباط إلى الرب. وأزال العبادة الوثنية في بيت إيل والسامرة والبلاد المختلفة التي عاشت فيها الأسباط (2 مل23: 15، 19).
استمر يوشيا في إزالة الأوثان مدة ست سنوات، ولعله استطاع في هذه الفترة أن يجمع أموالًا كافية، ثم بدأ الاهتمام بترميم هيكل الله وعمره ستة وعشرون عامًا، أي بعد تملكه بثمانى عشر سنة (2 أى34: 8). وكان الهيكل قد أهمل أكثر من ستين عامًا من بداية حكم جده منسى، فاحتاج إلى ترميم كثير، فأكمله يوشيا وأعاد العبادة فيه.
أنعم الله على يوشيا -من أجل اجتهاده في ترميم الهيكل- أن يعثر رجاله على نسخة من سفر الشريعة في الهيكل؛ لعلها ظهرت عندما أهمل البيت وتهدم ولما قُرئ أمامه تأثر الكل، أم هو فكان تأثره أشد، فمزق ثيابه واتضع بتوبة وانسحاق (2 أى34: 14-21).
أرسل باهتمام روحي واتضاع إلى خلدة النبية يسألها من جهة ما كتب في سفر الشريعة، فأنبأته بغضب الله على مملكة يهوذا؛ لعبادتها الأوثان، ولكنه سيؤجل عقابه بعد أيام يوشيا، من أجل اتضاعه ومحبته لله (2 أى34: 22-28).
في نفس العام الذي رمم فيه الهيكل ووجد فيه سفر الشريعة، أي عندما كان عمره ستة وعشرين عامًا، دعا شعبه من مملكة يهوذا وكذا بقية الأسباط، ليعملوا عيد الفصح وتبرع هو ورؤساؤه بالماشية؛ لعمل هذا العيد، وتقدس الكهنة واللاويين، فكان عيدًا عظيمًا، لم يعمل مثله طوال حكم الملوك، أي منذ أكثر من خمسة قرون، إذ استعدوا له وقدموا ذبائح كثيرة، سواء ذبائح الفصح، أو ذبائح سلامة، وعمل الفصح في ميعاده (2 أى35: 10-19).
مرات بعد هذا ثلاثة عشر عامًا في هدوء، قاد يوشيا مملكته في عبادة الرب وخاصة في أورشليم. ولكن يبدو أن كثيرًا من بني إسرائيل خارج عاصمته احتفظوا ببعض تماثيل الأصنام الصغيرة. وظل يوشيا يدعو لعبادة الله، وسانده في هذا، الأنبياء المعاصرون؛ أرميا وحبقوق وصفنيا وباروخ.
عندما سمع بقيام جيش مملكة مصر لمعاونة أشور، وكان فرعون متجهًا إلى نهر الفرات، شعر أن دعم مصر لأشور قد يتبعه فقدان بعض ما استولى عليه من بلاد الأسباط، فقام ليقاوم فرعون، ولم يستشر الله بالصلاة، فقتله جيش فرعون (2 أى35: 20-24).
دفن في أورشليم، في قبور آبائه الملوك وعملوا له مناحة كبيرة ورثاه كثير من العظماء مثل أرميا - الذي كان مساندًا ليوشيا في إصلاحاته - وكذلك كل الشعب لسنوات طويلة (2 أى35: 25-27).
← تفاسير أصحاحات أخبار ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/chronicles2/josiah.html
تقصير الرابط:
tak.la/v6hnb55