← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42
رأينا الإصحاح السابق كراهية غير طبيعية ونجد في هذا الإصحاح حب فوق الطبيعة.
فمحبة يوناثان لداود محبة غير طبيعية. فما هي المحبة الطبيعية وما هي المحبة الغير الطبيعية؟ المحبة الطبيعية هي المحبة بحسب الغريزة، فمن الطبيعي أن تحب الأم أبناءها، ومن الطبيعي أن يحب الإنسان من يحبه. ولكن ليس من الطبيعي أن يحب يوناثان أو أي شخص أحدا يعلم أن وجوده سيحرمه من عرش المُلك، ومن الواضح أن يوناثان كان يعلم أن الله أعطى الملك لداود، وبهذا فوجود داود سيحرمه من الملك. فمن أين أتت هذه المحبة؟ لا يوجد سوى مصدر واحد للمحبة ألا وهو الله، "فالله محبة" (1 يو4: 16) وهذا يعني أن الله مصدر يشع محبة لكل الخليقة. ومن له الإمكانية على إستقبال موجات المحبة هذه تجده:-
1) يُدرك كم هي عميقة محبة الله له، بل ولكل الخليقة فيبادل الله حبًا بحب ولا يعود ينشغل بأحد سواه ولا يعود يبحث عن شيء إلا كل ما يمجد اسم الله.
2) تنعكس منه موجات الحب هذه لكل أحد... لله أولًا ولكل الناس حتى أعداءه بل ولكل الخليقة.
ومن الذي له هذه الإمكانية؟ هو من له القلب النقي الخالي من الكراهية والحقد والحسد. وبقدر ما يكون القلب نقيا، بقدر ما تجده محبا لكل الناس. هذا يكون كمرآة تعكس محبة الله لكل أحد. ولكن الخطية تطمس مرآة نقاوة الإنسان فلا يشعر بمحبة الله ويكره كل أحد بل يكره حتى نفسه.
لذلك نجد أن شاول المملوء حسدا يكره داود، فالحسد الذي يملأ قلبه طمس هذه المرآة. فكان كرؤساء كهنة اليهود والفريسيين الذين أسلموا المسيح حسدا (مر15: 10). أما يوناثان المملوء غيرة على مجد الله فهو قد ركز نظره على كل ما يمجد اسم الله غير باحث عن مجد نفسه، فلم يشع منه غير المحبة، وبالذات وبالأكثر لهذا الشاب الذي وجد فيه نفس المحبة لله والغيرة على مجد اسمه، فهذا الشاب داود يعمل ما يريده يوناثان ألا وهو مجد الله، وهذا ما يظهر في كلامه مع شاول أبيه (1صم19: 5).
هذه المحبة الغير الطبيعية هي أول ثمرة للروح القدس (غل5: 22). لذلك فعدم وجود المحبة في إنسان فهذا يعني موته (راجع 1يو3: 14، 15) فلماذا؟ لأن عدم وجود المحبة لهو دليل على إنطفاء الروح القدس إذ لا توجد ثماره. والروح القدس هو الذي يثبتنا في المسيح ويجعلنا خليقة جديدة لها قلب نقي (كمرآة لامعة) قادر على أن يستقبل موجات الحب الإلهي ويشعها محبة لكل البشر، ونحن نخلص إن كان لنا هذه الخليقة الجديدة (غل6: 15).
ولذلك يقول السيد المسيح "لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم (فهذه محبة بالطبيعة) ...أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم" (هذه محبة ليست بحسب الطبيعة ولكنها عطية من الله) (مت5: 43 – 47).
ومحبة يوناثان لداود كانت محبة من هذا النوع، قلب نقي لا يبحث عن نفسه بل على كل ما يمجد الله، فلم يحسد داود على ملك أو مملكة، لأن عينه كانت مثبتة على مجد الله، فأحب داود الذي بأعماله وغيرته يمجد اسم الله. ومن ينشغل بالنظر إلى الله لا يعود يلتفت إلى شيء حتى نفسه. فقال داود عن محبة يوناثان له "محبتك لي أعجب من محبة النساء" (2صم1: 26). فالرجل يحسد الرجل حين يحصل على مركزًا أعلى منه، لكن المرأة التي تحب رجلها ستفرح برجلها إذا حصل على أعلى المناصب ولن تحسده عليها بل ستفتخر بها.
آية (1):- "فَهَرَبَ دَاوُدُ مِنْ نَايُوتَ فِي الرَّامَةِ، وَجَاءَ وَقَالَ قُدَّامَ يُونَاثَانَ: «مَاذَا عَمِلْتُ؟ وَمَا هُوَ إِثْمِي؟ وَمَا هِيَ خَطِيَّتِي أَمَامَ أَبِيكَ حَتَّى يَطْلُبَ نَفْسِي؟»"
بعد أحداث الإصحاح السابق ومحاولات شاول المتعددة لقتل داود والثلاث إرساليات لقتله أدرك أن شاول مصمم على قتله فجاء ليوناثان ليتشاور معهُ فهو الصديق الذي يثق فيه. بل راجع آية (1 صم 20: 14، 15) تجد يوناثان قد أدرك أن الله أعطى الملك لداود وهو قبل إرادة الله بفرح بل ظهرت صداقته لداود وحمايته لهُ أكثر. وسؤال داود ليوناثان هل يهرب من البلد كلها؟ هكذا حين أغلق حسد شاول كل الأبواب أمام داود يفتح الرب قلب ابن شاول ليحمي داود. وسؤال داود وما هو اثمي؟ كرره في (مز7: 1-5) وهذا يعادل (يو30:14) ولكن هذا ليس بعجيب فالإنسان حين يسلك بالكمال لا بُد وأن يثور ضده عدو الخير.
الآيات (2-4):- "فَقَالَ لَهُ: «حَاشَا. لاَ تَمُوتُ! هُوَذَا أَبِي لاَ يَعْمَلُ أَمْرًا كَبِيرًا وَلاَ أَمْرًا صَغِيرًا إِلاَّ وَيُخْبِرُنِي بِهِ. وَلِمَاذَا يُخْفِي عَنِّي أَبِي هذَا الأَمْرَ؟ لَيْسَ كَذَا». فَحَلَفَ أَيْضًا دَاوُدُ وَقَالَ: «إِنَّ أَبَاكَ قَدْ عَلِمَ أَنِّي قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، فَقَالَ: لاَ يَعْلَمْ يُونَاثَانُ هذَا لِئَلاَّ يَغْتَمَّ. وَلكِنْ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ، إِنَّهُ كَخَطْوَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَوْتِ». فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: «مَهْمَا تَقُلْ نَفْسُكَ أَفْعَلْهُ لَكَ»."
كخطوة بيني وبين الموت= الموت صار قريبًا مني جدًا بسبب حقد شاول.
آية (5):- "فَقَالَ دَاوُدُ لِيُونَاثَانَ: «هُوَذَا الشَّهْرُ غَدًا حِينَمَا أَجْلِسُ مَعَ الْمَلِكِ لِلأَكْلِ. وَلكِنْ أَرْسِلْنِي فَأَخْتَبِئَ فِي الْحَقْلِ إِلَى مَسَاءِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ."
لاحظ أن داود يتكلم مع يوناثان بمنتهى الإحترام كولي للعهد فهو لا يستغل الصداقة في أن يتهاون في حقوق صديقه. ونجده يقول لهُ أَرْسِلْنِي = أي إسمح أن أذهب، ففي غياب شاول هو يأتمر بأمر يوناثان. ثم نجده قبل أن يفارقه (آية41) يسجد لهُ 3 مرّات علامة إحترام.
هُوَذَا الشَّهْرُ غَدًا = كانوا يقدمون الذبائح أول كل شهر من الشهور القمرية. فرأس الشهر القمري هو عيد تقدم فيه الذبائح، ثم يقيمون الولائم بعد ذلك (عد28 : 11).
آية(6):- "وَإِذَا افْتَقَدَنِي أَبُوكَ، فَقُلْ: قَدْ طَلَبَ دَاوُدُ مِنِّي طِلْبَةً أَنْ يَرْكُضَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ مَدِينَتِهِ، لأَنَّ هُنَاكَ ذَبِيحَةً سَنَوِيَّةً لِكُلِّ الْعَشِيرَةِ."
ذَبِيحَةً سَنَوِيَّةً = هي وقت فرح واجتماع أُسَري. يَرْكُضَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ = أي يسرع بتقديم الذبيحة ويرجع سريعًا ليكون في خدمة الملك. وبيت لحم هي مدينة داود.
آية(7):- "فَإِنْ قَالَ هَكَذاَ: حَسَنًا. كَانَ سَلاَمٌ لِعَبْدِكَ. وَلكِنْ إِنِ اغْتَاظَ غَيْظًا، فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أُعِدَّ الشَّرُّ عِنْدَهُ."
ولكن إن إغتاظ غيظًا = إن غضب شاول لغياب داود فذلك معناه أنه يضمر الشر في نفسه، فغضبه قطعًا لن يكون لأنه حُرِمَ من رؤية وجه داود، لكن غضبه سيكون لأنه حُرِم من فرصة قتله.
الآيات (8-11):- "فَتَعْمَلُ مَعْرُوفًا مَعَ عَبْدِكَ، لأَنَّكَ بِعَهْدِ الرَّبِّ أَدْخَلْتَ عَبْدَكَ مَعَكَ. وَإِنْ كَانَ فِيَّ إِثْمٌ فَاقْتُلْنِي أَنْتَ، وَلِمَاذَا تَأْتِي بِي إِلَى أَبِيكَ؟». فَقَالَ يُونَاثَانُ: «حَاشَا لَكَ! لأَنَّهُ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ الشَّرَّ قَدْ أُعِدَّ عِنْدَ أَبِي لِيَأْتِيَ عَلَيْكَ، أَفَمَا كُنْتُ أُخْبِرُكَ بِهِ؟». فَقَالَ دَاوُدُ لِيُونَاثَانَ: «مَنْ يُخْبِرُنِي إِنْ جَاوَبَكَ أَبُوكَ شَيْئًا قَاسِيًا؟». فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: «تَعَالَ نَخْرُجُ إِلَى الْحَقْلِ». فَخَرَجَا كِلاَهُمَا إِلَى الْحَقْلِ."
لأنه بعهد الرب = أي عهد بالحق وبضمير سليم وليس فيه أي خداع أو خيانة، ويكون من يَعِدْ ناظرا إلى الله أثناء وعده، مرتعدا من أن خداعه شاهد عليه الله وسيعاقب.
أَدْخَلْتَ عَبْدَكَ = أي دخلت معي في عهد وهذا تواضع منك يا يوناثان فأنت ابن الملك.
آية(12-13):- "وَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: «يَا رَبُّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ، مَتَى اخْتَبَرْتُ أَبِي مِثْلَ الآنَ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ، فَإِنْ كَانَ خَيْرٌ لِدَاوُدَ وَلَمْ أُرْسِلْ حِينَئِذٍ فَأُخْبِرَهُ، فَهكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ لِيُونَاثَانَ وَهكَذَا يَزِيدُ. وَإِنِ اسْتَحْسَنَ أَبِي الشَّرَّ نَحْوَكَ، فَإِنِّي أُخْبِرُكَ وَأُطْلِقُكَ فَتَذْهَبُ بِسَلاَمٍ. وَلْيَكُنِ الرَّبُّ مَعَكَ كَمَا كَانَ مَعَ أَبِي."
يَا رَبُّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ = في الترجمة السبعينية "الرب إله إسرائيل هو شاهد" أو هو يعلم. وهذه العادة كانت في تلك الأيام أن يكون القسم في صيغة صلاة أحيانًا. وهذا يفسر قوله في الآية 8 "لأنك بعهد الرب". والقسم كان ليؤكد أمانته في نقل نوايا شاول نحو داود، فإن كان أبوه سينطق بالخير على داود سيبعث إليه رسولًا يطمئنه ليعود إلى البلاط وإن كان العكس سيخبره ليهرب.
آية(14):- "وَلاَ وَأَنَا حَيٌّ بَعْدُ تَصْنَعُ مَعِي إِحْسَانَ الرَّبِّ حَتَّى لاَ أَمُوتَ،"
كان من عادة الملوك حين يستلمون الحكم أن يقتلوا الملك السابق وكل نسله حتى يطمئن الملك الجديد أنه لا توجد فرصة للثورة ضده من شخص من النسل الملوكي. وقد نفذ داود هذا.
آية(15):- "بَلْ لاَ تَقْطَعُ مَعْرُوفَكَ عَنْ بَيْتِي إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ حِينَ يَقْطَعُ الرَّبُّ أَعْدَاءَ دَاوُدَ جَمِيعًا عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ»."
معنى الأيتين (14، 15) أن يوناثان عِلَمَ تمامًا أن الله اختار داود الملك ليملك بدلًا من شاول وهنا يطلب الأمان لنفسه في حياته والأمان لأولاده إن مات هو أي يوناثان.
الآيات (16-18):- "فَعَاهَدَ يُونَاثَانُ بَيْتَ دَاوُدَ وَقَالَ: «لِيَطْلُبِ الرَّبُّ مِنْ يَدِ أَعْدَاءِ دَاوُدَ». ثُمَّ عَادَ يُونَاثَانُ وَاسْتَحْلَفَ دَاوُدَ بِمَحَبَّتِهِ لَهُ لأَنَّهُ أَحَبَّهُ مَحَبَّةَ نَفْسِهِ. وَقَالَ لَهُ يُونَاثَانُ: «غَدًا الشَّهْرُ، فَتُفْتَقَدُ لأَنَّ مَوْضِعَكَ يَكُونُ خَالِيًا."
بيت داود = أي داود ونسله. مِنْ يَدِ أَعْدَاءِ دَاوُدَ = معنى الحلف أنه إذا خالف عهدهُ يطلب الرب من يدهُ، أي يجازيه على ما اقترفته يداه في حق عائلة يوناثان. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن يوناثان من محبته لم يطق أن يطلب مجازاة داود الذي يحبه حتى لو أخطأ ولو كان على سبيل العرض فقال يطلب الرب من يد أعداء داود. ونفس الأسلوب المهذب استخدمه دانيال مع نبوخذ نصر الملك (دا 4: 19).
آية(19-21):- "وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَنْزِلُ سَرِيعًا وَتَأْتِي إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَبَأْتَ فِيهِ يَوْمَ الْعَمَلِ، وَتَجْلِسُ بِجَانِبِ حَجَرِ الافْتِرَاقِ. وَأَنَا أَرْمِي ثَلاَثَةَ سِهَامٍ إِلَى جَانِبِهِ كَأَنِّي أَرْمِي غَرَضًا. وَحِينَئِذٍ أُرْسِلُ الْغُلاَمَ قَائِلًا: اذْهَبِ الْتَقِطِ السِّهَامَ. فَإِنْ قُلْتُ لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا السِّهَامُ دُونَكَ فَجَائِيًا، خُذْهَا. فَتَعَالَ، لأَنَّ لَكَ سَلاَمًا. لاَ يُوجَدُ شَيْءٌ، حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ."
يَوْمَ الْعَمَلِ = يشير إلى (1 صم 19: 2). فيوناثان كان قد قال له "أقم في خفية وإختبئ" فيبدو أنه مكان متفق عليه يختبئ فيه، لا يعرفه سواهما يوناثان وداود. ولكن قوله يوم العمل تفهم بمعنى يوم عملنا إتفاقا أن تختبئ في هذا المكان، وأنا أذهب لأكلم أبي بالخير عنك، فإن هدأ أبي أخبرك فتخرج من المخبأ وترجع ، وإن فشلت فأخبرك لكي تظل مختفيا.
حَجَرِ الافْتِرَاقِ = تَسمَّى هكذا بعد هذه الحادثة.
الآيات (22-24):- "وَلكِنْ إِنْ قُلْتُ هكَذَا لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا السِّهَامُ دُونَكَ فَصَاعِدًا. فَاذْهَبْ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَطْلَقَكَ. وَأَمَّا الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْنَا بِهِ أَنَا وَأَنْتَ، فَهُوَذَا الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِلَى الأَبَدِ». فَاخْتَبَأَ دَاوُدُ فِي الْحَقْلِ. وَكَانَ الشَّهْرُ، فَجَلَسَ الْمَلِكُ عَلَى الطَّعَامِ لِيَأْكُلَ."
لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَطْلَقَكَ = الرب سمح بهذا أن نفترق، هذا بسماح منه وليس بإرادتنا لأن شاول لو بقى داود سيقتله.
آية(25):- "فَجَلَسَ الْمَلِكُ فِي مَوْضِعِهِ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى مَجْلِسٍ عِنْدَ الْحَائِطِ. وَقَامَ يُونَاثَانُ وَجَلَسَ أَبْنَيْرُ إِلَى جَانِبِ شَاوُلَ، وَخَلاَ مَوْضِعُ دَاوُدَ."
عند الحائط = في أشرف مكان قبالة المدخل.
آية(26):- "وَلَمْ يَقُلْ شَاوُلُ شَيْئًا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّهُ قَالَ: «لَعَلَّهُ عَارِضٌ. غَيْرُ طَاهِرٍ هُوَ. إِنَّهُ لَيْسَ طَاهِرًا»."
غير طاهر - غير الطاهر لا يأكل من اللحم المقدس إلاّ بعد أن يغتسل مساءً.
آية(27-29):- "وَكَانَ فِي الْغَدِ الثَّانِي مِنَ الشَّهْرِ أَنَّ مَوْضِعَ دَاوُدَ خَلاَ، فَقَالَ شَاوُلُ لِيُونَاثَانَ ابْنِهِ: «لِمَاذَا لَمْ يَأْتِ ابْنُ يَسَّى إِلَى الطَّعَامِ لاَ أَمْسِ وَلاَ الْيَوْمَ؟» فَأَجَابَ يُونَاثَانُ شَاوُلَ: «إِنَّ دَاوُدَ طَلَبَ مِنِّي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: أَطْلِقْنِي لأَنَّ عِنْدَنَا ذَبِيحَةَ عَشِيرَةٍ فِي الْمَدِينَةِ، وَقَدْ أَوْصَانِي أَخِي بِذلِكَ. وَالآنَ إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَدَعْنِي أُفْلِتُ وَأَرَى إِخْوَتِي. لِذلِكَ لَمْ يَأْتِ إِلَى مَائِدَةِ الْمَلِكِ»."
يتضح من آية (25، 27) أن داود كان لهُ مكان مميز وكان لغيابه أن تغيرت أماكن أبنير ويوناثان. وشعر شاول بغيابه. ابن يسى = يقول هذا كاحتقار.
آية(30-32):- "فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ عَلَى يُونَاثَانَ وَقَالَ لَهُ: «يَا ابْنَ الْمُتَعَوِّجَةِ الْمُتَمَرِّدَةِ، أَمَا عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدِ اخْتَرْتَ ابْنَ يَسَّى لِخِزْيِكَ وَخِزْيِ عَوْرَةِ أُمِّكَ؟ لأَنَّهُ مَا دَامَ ابْنُ يَسَّى حَيًّا عَلَى الأَرْضِ لاَ تُثْبَتُ أَنْتَ وَلاَ مَمْلَكَتُكَ. وَالآنَ أَرْسِلْ وَأْتِ بِهِ إِلَيَّ لأَنَّهُ ابْنُ الْمَوْتِ هُوَ». فَأَجَابَ يُونَاثَانُ شَاوُلَ أَبَاهُ وَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا يُقْتَلُ؟ مَاذَا عَمِلَ؟»"
ابْنَ الْمُتَعَوِّجَةِ = هو ينعته بأن أمه فاسدة ليهينه. أي هو فاسد مثل أمه فشاول فهم أن داود ويوناثان متفقين لِخِزْيِكَ = يعني أن حمايتك لداود ستؤدي إلى أنه يأخذ الملك منك.
وتصوُّر شاول أنه لو قتل داود فهو بهذا يُغَيِّر من خطة الله لإعطاء المملكة لداود لهو تَصوُّر عجيب حقا، فهل يستطيع شاول أن يغير إرادة الله؟! وقول شاول لا تثبت أنت ولا مملكتك يدل على أنه قد فهم أن الله قد أعطى المملكة لداود، فماذا يقال عن هذا إلا أنه عَمَى حقيقي ومنتهى الجهل، هذا لا يحدث إلاّ لمن أحزن روح الله وأطفأه فيكون كمن يتخبط في الظلمة بدون رؤية ولا حكمة. أما شاول هنا فقد وصل لحال أسوأ لأن الله كان قد نَزَع منه الروح تمامًا (1صم16: 14). والروح القدس هو "روح الحكمة" (إش11: 2) وهو "روح النصح" أي الذي يهدي ويرشد للقرار السليم (2 تي 1 : 7).
وغيرة شاول هذه من داود إذ عرف خطة الله في أن يعطيه الملك، ومحاولاته لقتل داود، هي نفسها غيرة الشيطان من الإنسان إذ عرف الشيطان خطة الله في أن يعطي الإنسان ميراث السماء ويحرم الشيطان منه، فأسقط آدم وبنيه وصار قتالا للناس منذ البدء (يو8: 44).
آية(33):- "فَصَابَى شَاوُلُ الرُّمْحَ نَحْوَهُ لِيَطْعَنَهُ، فَعَلِمَ يُونَاثَانُ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى قَتْلِ دَاوُدَ."
وصل جنون شاول هنا لمداه فحاول قتل ابنه. وهذه طريقة كل المضْطهِدين عبر العصور فهم حين لا يستطيعون الجواب يلجأوا للقوة الجسدية. فَصَابَى = فصوّب.
آية(34):- "فَقَامَ يُونَاثَانُ عَنِ الْمَائِدَةِ بِحُمُوِّ غَضَبٍ وَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنَ الشَّهْرِ، لأَنَّهُ اغْتَمَّ عَلَى دَاوُدَ، لأَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَخْزَاهُ."
ربما امتناع يوناثان من الأكل من الذبيحة، فطقسيًا يمنع المغموم من الأكل من الذبيحة.
آية (35):- "وَكَانَ فِي الصَّبَاحِ أَنَّ يُونَاثَانَ خَرَجَ إِلَى الْحَقْلِ إِلَى مِيعَادِ دَاوُدَ، وَغُلاَمٌ صَغِيرٌ مَعَهُ."
آية(36):- "وَقَالَ لِغُلاَمِهِ: «ارْكُضِ الْتَقِطِ السِّهَامَ الَّتِي أَنَا رَامِيهَا». وَبَيْنَمَا الْغُلاَمُ رَاكِضٌ رَمَى السَّهْمَ حَتَّى جَاوَزَهُ."
العلامة باستخدام السهام لئلاّ يكون شاول أو جواسيسه قد تابع يوناثان. ولكن يبدو أن يوناثان إطمأن أنه لا أحد يتابعه فذهب ليرى صديقه ويودعه.
الآيات (37-42):- "وَلَمَّا جَاءَ الْغُلاَمُ إِلَى مَوْضِعِ السَّهْمِ الَّذِي رَمَاهُ يُونَاثَانُ، نَادَى يُونَاثَانُ وَرَاءَ الْغُلاَمِ وَقَالَ: «أَلَيْسَ السَّهْمُ دُونَكَ فَصَاعِدًا؟». وَنَادَى يُونَاثَانُ وَرَاءَ الْغُلاَمِ قَائِلًا: «اعْجَلْ. أَسْرِعْ. لاَ تَقِفْ». فَالْتَقَطَ غُلاَمُ يُونَاثَانَ السَّهْمَ وَجَاءَ إِلَى سَيِّدِهِ. وَالْغُلاَمُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ شَيْئًا، وَأَمَّا يُونَاثَانُ وَدَاوُدُ فَكَانَا يَعْلَمَانِ الأَمْرَ. فَأَعْطَى يُونَاثَانُ سِلاَحَهُ لِلْغُلاَمِ الَّذِي لَهُ وَقَالَ لَهُ: «اذْهَبِ. ادْخُلْ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ». اَلْغُلاَمُ ذَهَبَ وَدَاوُدُ قَامَ مِنْ جَانِبِ الْجَنُوبِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. وَقَبَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ حَتَّى زَادَ دَاوُدُ. فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: «اذْهَبْ بِسَلاَمٍ لأَنَّنَا كِلَيْنَا قَدْ حَلَفْنَا بِاسْمِ الرَّبِّ قَائِلَيْنِ: الرَّبُّ يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ نَسْلِي وَنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ». فَقَامَ وَذَهَبَ، وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَجَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ."
← تفاسير أصحاحات صموئيل الأول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل الأول 21 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير صموئيل الأول 19 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/w42gajj