← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17
الآيات (1-2):- "فَجَاءَ أَهْلُ قَرْيَةِ يَعَارِيمَ وَأَصْعَدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ أَبِينَادَابَ فِي الأَكَمَةِ، وَقَدَّسُوا أَلِعَازَارَ ابْنَهُ لأَجْلِ حِرَاسَةِ تَابُوتِ الرَّبِّ. وَكَانَ مِنْ يَوْمِ جُلُوسِ التَّابُوتِ فِي قَرْيَةِ يَعَارِيمَ أَنَّ الْمُدَّةَ طَالَتْ وَكَانَتْ عِشْرِينَ سَنَةً. وَنَاحَ كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَرَاءَ الرَّبِّ."
لقد أدرك أهل يعاريم أن التابوت يمثل حضرة الله فصعدوا بفرح وأتوا به في احترام إلى بيت أبيناداب ليبقى هناك قرابة 100 عام حتى نقله داود النبي (2صم6: 1-4). بينما كان سبب ضربات لأهل بيت شمس هو رائحة حياة لحياة ورائحة موت لموت. وكان أبيناداب لاويًا لكن ليس كاهنًا وإنه لتوبيخ شديد أن من يحرس التابوت لا يكون كاهنًا فقد أهان الكهنة الله بتصرفاتهم (أولاد عالي). وكانت الخيمة في نوب بينما التابوت في يعاريم وهذا بالتأكيد كان سببًا في تعطيل العبادة أو جعل العبادة غير كاملة لكنه إعلان عن مدى الانحطاط الروحي للشعب. ولم يهتم صموئيل بوضع التابوت في الخيمة فهدفه أن يدعو الشعب للتوبة وإبعادهم عن مظهريات وشكليات العبادة. وناح كل بيت إسرائيل: هي توبة جماعية نتيجة عمل وخدمة صموئيل الذي ظل 20 عامًا يدعو للتوبة ورفض كل عبادة غريبة وقارن بين قرية يعاريم وكيف إستقبلوا التابوت بفرح ووقار ووضعوه في بيت أبيناداب وبين بيتشمس حيث لم يعطه أحد الكهنة بيته بل تركوه على صخرة.
الآيات (3، 4):- "وَكَلَّمَ صَمُوئِيلُ كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتُمْ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ رَاجِعِينَ إِلَى الرَّبِّ، فَانْزِعُوا الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ وَالْعَشْتَارُوثَ مِنْ وَسْطِكُمْ، وَأَعِدُّوا قُلُوبَكُمْ لِلرَّبِّ وَاعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، فَيُنْقِذَكُمْ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». فَنَزَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَعْلِيمَ وَالْعَشْتَارُوثَ وَعَبَدُوا الرَّبَّ وَحْدَهُ."
بعد خدمة صموئيل 20 سنة وسط إسرائيل بدأ في العمل الجماعي. لقد بدأ صموئيل بعد هزيمة الشعب أمام الفلسطينيين وبعد عودة التابوت يؤسس مدرسة الأنبياء. وتزوج في هذه الفترة وأنجب اثنين وخلال الخدمة الهادئة انفتحت القلوب بالحب لله فتجمع الشعب بروح الوحدة والمحبة. وبعد 20 سنة وجد صموئيل الفرصة سانحة للمناداة بالتوبة الجماعية وشرح لهم سر فشلهم السابق وأنه في البعد عن الله، وعبادة الآلهة الغريبة. أو التعريج بين الفرقتين. العشتاروت: جمع عشتار وهي قرينة البعل وكان الفلسطينيون يعبدونها خلال تماثيل عليها صور للقمر أو كوكب الزهرة. هي آلهة للخصوبة وعبادتها إحتوت على الكثير من روح الخلاعة والرجاسات. وقد تكرست كاهنات لممارسة الدعارة في هياكل العشتاروت. أمّا البعل فالكلمة تعني السيد أو الرب بمعنى مالك أو سيد لامرأة أو لعبد. وعُبِدَ البعل تحت أشكال كثيرة وبتماثيل من الخشب أو الحجر أو المعدن عليها صورة الشمس بكونها أعظم ما في الطبيعة وأنها مصدر الحياة. وللأسف فقد سقط اليهود في هذه العبادات للبعل والعشتاروت بل وصنعوا تماثيلهم في الهيكل وتكرست نسائهم لهذه الدعارة وقدموا أولادهم ذبائح حيَّة لهذه الآلهة.
الآيات (5-6):- "فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «اجْمَعُوا كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمِصْفَاةِ فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى الرَّبِّ» فَاجْتَمَعُوا إِلَى الْمِصْفَاةِ وَاسْتَقَوْا مَاءً وَسَكَبُوهُ أَمَامَ الرَّبِّ، وَصَامُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَقَالُوا هُنَاكَ: «قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَى الرَّبِّ». وَقَضَى صَمُوئِيلُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْمِصْفَاةِ."
يبرز هنا دور صموئيل كقاضٍ وكممثل للحكم الإلهي مثل (موسى ويشوع) ومصلح ديني. وهو يظهر للشعب قوة الصلاة ليشرح دور الله في حماية شعبه فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى الرَّبِّ فهو راعٍ روحي يعرف أنه لا يقدر أن يقود الشعب بدون الصلاة فالله هو القائد الحقيقي. والشعب في تذلله أمام الرب اسْتَقَوْا مَاءً وَسَكَبُوهُ أَمَامَ الرَّبِّ: كأنهم يقولون في توبتهم نحن قد إنسكبنا أمامك يا رب بلا أمل في أن يجمعنا أحد ثانية فإرحمنا وإجمعنا. إذًا معنى سكب الماء هو علامة اعتراف بالضعف إذ صاروا كالماء المنسكب لا يمكن جمعه إلا بيد إلهية. وهكذا قيل عن المسيح وهو مصلوب "كالماء إنسكبت" (مز22: 14).
وبعض الترجمات ترجمت الآية "وسكبوا قلوبهم بالتوبة أمامه كالماء" وتفهم أيضًا أنهم القوا خطاياهم عنهم كما يتخلص الإناء من الماء المنسكب، فهم قبلًا "شربوا الإثم كالماء" إذًا هي توبة رائعة إشتملت على التوبة والاعتراف والتذلل والانسكاب أمام الله والصوم.
الآيات (7-8):- "وَسَمِعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْمِصْفَاةِ، فَصَعِدَ أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَى إِسْرَائِيلَ. فَلَمَّا سَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ خَافُوا مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِصَمُوئِيلَ: «لاَ تَكُفَّ عَنِ الصُّرَاخِ مِنْ أَجْلِنَا إِلَى الرَّبِّ إِلهِنَا فَيُخَلِّصَنَا مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ»."
عدو الخير يثور ويثير رجاله مع كل توبة. فأهاج الفلسطينيين على الشعب، هو رفض الظلمة للنور. ولكن لنلاحظ أنه مع رجوع الشعب إلى الله بالتوبة تكون الحرب ليست ضد الشعب إنما ضد الله. والشعب خاف أن يتكرر ما حدث معهم في أفيق ولكن الآن هم في حالة توبة فطلبوا من صموئيل أن يصلي لأجلهم (في المرة السابقة لم يطلبوا صلاته ولا حتى مشورته). هم الآن باتوا مقتنعين بقوة شفاعة صموئيل.
آية (9):- "فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ حَمَلًا رَضِيعًا وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً بِتَمَامِهِ لِلرَّبِّ، وَصَرَخَ صَمُوئِيلُ إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِ إِسْرَائِيلَ، فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ."
صلاة صموئيل بلا ذبيحة تصبح بلا فائدة والذبيحة إشارة لحمل الله الذي قَدّمَ نفسه عنا ليشفع فينا. والمسيح قدّم نفسه ذبيحة وهو يشفع فينا وليس معنى هذا أن نكف عن الصلاة. والمحرقة علامة على تكريس الشعب الكامل لله وتسليم نفوس الشعب ليد الله تمامًا.
آية (10، 11):- "وَبَيْنَمَا كَانَ صَمُوئِيلُ يُصْعِدُ الْمُحْرَقَةَ، تَقَدَّمَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِمُحَارَبَةِ إِسْرَائِيلَ، فَأَرْعَدَ الرَّبُّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَزْعَجَهُمْ، فَانْكَسَرُوا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ. وَخَرَجَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمِصْفَاةِ وَتَبِعُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَضَرَبُوهُمْ إِلَى مَا تَحْتَ بَيْتِ كَارٍ."
تبع إسرائيل الفلسطينيين إلى بيت كار.
فأرعد الرب: "الرب يحارب عنكم وأنتم تصمتون" لقد استجاب الله لصلاة صموئيل ولذبيحته خلال الطبيعة وأعطى الغلبة لشعبه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لقد أهاج عدو الخير إبليس أعداء شعب الله ضدهم لغيظه من توبتهم ولكن كل حروبه تؤول إلى تزكيتنا وتكليلنا ما دمنا في يده (1بط1: 6، 7).
ملحوظة:-
صموئيل لاوي وليس كاهن والله أرشده لتقديم ذبيحة فهو نبي أولًا لهُ وضع خاص. والكهنة قد لوثوا أنفسهم. وكانت ذبيحته وصلواته أقوى من كهنة خطاة يحملون تابوت العهد. ونلاحظ أيضًا أن الهزيمة كانت بالرعد (عمل نعمة الله) وحرب الشعب (جهادهم).
آية (12):- "فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ حَجَرًا وَنَصَبَهُ بَيْنَ الْمِصْفَاةِ وَالسِّنِّ، وَدَعَا اسْمَهُ «حَجَرَ الْمَعُونَةِ» وَقَالَ: «إِلَى هُنَا أَعَانَنَا الرَّبُّ»."
لقد تحققت النصرة في ذات الموقع الذي حدثت فيه الهزيمة قبلًا وأُخِذ التابوت. لذلك أخذ صموئيل حجرًا ونصبه ودعاه حجر المعونة (دَعَا اسْمَهُ «حَجَرَ الْمَعُونَةِ») ليكون شاهدًا على عمل الله مع شعبه التائب فيذكر إسرائيل سبب الهزيمة الأولى (الخطية) وسبب الانتصار الآن (التوبة).
الآيات (13-14):- "فَذَلَّ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَلَمْ يَعُودُوا بَعْدُ لِلدُّخُولِ فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ كُلَّ أَيَّامِ صَمُوئِيلَ. وَالْمُدُنُ الَّتِي أَخَذَهَا الْفِلِسْطِينِيُّونَ مِنْ إِسْرَائِيلَ رَجَعَتْ إِلَى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَقْرُونَ إِلَى جَتَّ. وَاسْتَخْلَصَ إِسْرَائِيلُ تُخُومَهَا مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَكَانَ صُلْحٌ بَيْنَ إِسْرَائِيلَ وَالأَمُورِيِّينَ."
بركات التوبة وبركات أو الثمار التي نخرج بها من معارك إبليس ضدنا حينما يثير علينا حروبًا نخرج منها ببركات أكثر. فلقد استفاد الشعب من حرب فلسطين ضدهم في الآتي:
1- لَمْ يَعُودُوا بَعْدُ لِلدُّخُولِ فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ: حتى أيام شاول.
2- ذُلّ الفلسطينيين وكانت كسرتهم بداية لهزائم متلاحقة.
3- استرد الشعب المدن التي أخذها الفلسطينيون سابقًا.
4- حين رأى الأموريين ما حدث تصالحوا مع اليهود لخوفهم منهم فعاش الشعب في سلام.
الآيات (15-17):- "وَقَضَى صَمُوئِيلُ لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. وَكَانَ يَذْهَبُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَيَدُورُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَالْجِلْجَالِ وَالْمِصْفَاةِ، وَيَقْضِي لإِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ هذِهِ الْمَوَاضِعِ. وَكَانَ رُجُوعُهُ إِلَى الرَّامَةِ لأَنَّ بَيْتَهُ هُنَاكَ. وَهُنَاكَ قَضَى لإِسْرَائِيلَ، وَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ."
كان صموئيل راعٍ نشيط يدور في أماكن كثيرة بيت إيل والجلجال والمصفاة ولم يُعِد صموئيل مجد شيلوه ولا أعاد التابوت للخيمة فماذا كانت فائدة التابوت في الحرب السابقة وهم في خطاياهم، لذلك اهتم بالإصلاح الداخلي للشعب وعدم التركيز على مكان معين حتى لا يدنسوا المكان بفكر وثني. فسر القوة هو في التوبة وليس في المكان.
← تفاسير أصحاحات صموئيل الأول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل الأول 8 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير صموئيل الأول 6 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2ph72pk