* تأملات في كتاب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35
الأَصْحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ
(1) اتضاع الطفولة (ع 1-5)
(2) العثرة (ع 6-14)
(3) التعامل مع المسيئين (ع 15-20)
(4) مدى التسامح مع الآخرين (ع 21-35)
1 فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2 فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ 3 وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4 فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5 وَمَنْ قَبِلَ وَلَدًا وَاحِدًا مِثْلَ هذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي.
ع1:
ما زال التلاميذ يفكرون في ملكوت السماوات بطريقة بشرية، فطلبوا أن يعرفوا من هو الأعظم في السماء. وهذا يظهر مباحثات وأفكار داخلهم عمن هو الأعظم فيهم، ومن سيكون رئيسا في الملكوت الجديد؛ ومحبة الرئاسة بالطبع نوع من الكبرياء.كان رد المسيح عليهم أن الأعظم، هو المتضع البرىء الذي يحب الكل. وقد قدم لهم إجابته بشكل عملى، فأقام طفل في وسطهم، وطالبهم أن يصيروا مثله في الاتضاع والبراءة والحب، فهذه هي شروط دخول الملكوت. ويلاحظ أنه لم يجب على سؤالهم وهو من هو الأعظم، بل أعلن شروط دخول الملكوت، ليُفهَم أنه بمحبة الرئاسة والكبرياء لن يدخلوا الملكوت.
ع4:
أجاب المسيح أخيرا على سؤالهم بأن الأعظم هو المتضع والبرىء المطيع لوصايا الله مثل هذا الطفل، وعلى قدر التميز في التشبه بالأطفال، يتمتع الإنسان بالمسيح في الأبدية.
ع5:
"باسمى": أي من أجل المسيح.من ناحية أخرى، أكرم المسيح الطفولة التي كانت مهملة في ذلك الوقت من كل فئات العالم، سواء الرومان أو اليونانيين أو اليهود، فقد أعلن انتساب الطفولة له، فمن يقبل طفلا ويراعيه ويهتم به، كمن قبل المسيح نفسه، لأن هذا القبول معناه الحب والحنان. فالناس يهتمون بإضافة وقبول الأغنياء، ولكن المسيح يوجه أنظارهم إلى قبول الضعفاء والمحتقَرين والمحتاجين، لأن الاهتمام بهم هو اهتمام بالمسيح.
† اهتم، ليس فقط بالأطفال، بل بكل إنسان ليس له من يسأل عنه، أو يعانى ضعفا، فمحبتك المقدمة له يفرح بها الله كأنها له شخصيا.
6 وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ. 7 وَيْلٌ لِلْعَالَمِ مِنَ الْعَثَرَاتِ! فَلاَ بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ! 8 فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلاَنِ. 9 وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ. 10 «اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 11 لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ. 12 مَاذَا تَظُنُّونَ؟ إِنْ كَانَ لإِنْسَانٍ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَضَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا، أَفَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ عَلَى الْجِبَالِ وَيَذْهَبُ يَطْلُبُ الضَّالَّ؟ 13 وَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ يَجِدَهُ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَفْرَحُ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الَّتِي لَمْ تَضِلَّ. 14 هكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ.
"الصغار": أي شخص ضعيف في قدراته ويمكن إسقاطه في الخطية، وهذا يشمل في الحقيقة كل المؤمنين، لأن الكل معرض للسقوط في الخطية.
"لُجَّةِ البحر": ملء البحر وعمقه.
العثرة خطية مضاعفة، إذ يسقط الإنسان في خطية وَيُسْقِطَ غيره. وتنتج العثرات من محبة الشهوات العالمية، وعدم المرونة، وقلة الإحساس بالآخرين، خاصة الضعفاء مثل الأطفال. لذا فهي جرم عظيم، ومن يصر على إعثار غيره ولا يتوب، فلابد أن يهلك، ويعبّر عن هلاكه بـ"أن يُعَلَّقَ في عنقه حجر الرحى"، وهو حجر ثقيل يستخدم في سحق الحبوب بأن يدار فوق حجر ثابت. وعندما يُلْقَى الإنسان المربوط بهذا الحجر، فإنه حتما سيغرق في البحر.
فإن كانت العثرات لا بُد أن توجد لأجل شر الناس، فالمسيح يعلن أن الويل ينتظر من يسبب عثرة وسقوط غيره، وصار محكوما عليه بالهلاك مثل الذي يغرق في عمق البحر، الذي يرمز للشهوات العالمية، فيسهل سقوطه في خطايا كثيرة، ويبتعد عن الله.
†
دقق في كلامك ومظهرك وتصرفاتك، حتى لا تُعثر البسطاء وتُبعدهم عن اللهٍ... فكيف تُسقط من مات المسيح لأجلهم، كيف تسلمهم للخطية باستهانتك؟!إن الذي يعثر غيره قد تحجر قلبه بشهوات العالم، ولهذا كانت عقوبته شديدة جدًا.
ع8-9: "الحياة": يقصد حياتنا في العالم.
" أعرج... أقطع... أعور": أي تحيا بدون الشخص أو الأمر الذي تعتبره مهما مثل عضو من جسدك كرجلك ويدك وعينك.
"جهنم النار": العذاب الأبدي.
بعد أن تكلم عن خطورة إعثار الآخرين، ينبهنا ألا نعثر نحن ونسقط في الخطية، ويقول أنه مهما كان الأمر هاما، نتخلّص منه ما دام يعثرنا. وأعطى تشبيهات لأعضاء ضرورية في الجسم مثل الرجل واليد والعين التي ترمز للأمور الهامة في حياتنا، ما دامت تقودنا لشهوات رديّة، فلنبعد عنها، سواء كان صديق أو قريب أو مكان أو عمل معثر أو هواية، أو أي شيء يستخدمه إبليس لإسقاطنا في الخطية. فخير لك أن تعيش في هذه الحياة الأرضية متنازلا عن أمر هام، فتكون كالأعرج أو الأقطع أو الأعور، من أن تتمسك بما يعثرك ويسقطك في الخطية، فتذهب للعذاب الأبدي.
†
لا تقل سأترك الخطية وأتمسك بالعلاقة الشريرة، ما دمت قد سقطت، فاهرب بحياتك من هذه العلاقة، لأن خلاص نفسك أهم شيء. لا تتهاون وتُلْقِ بنفسك في العذاب الأبدي.ضع في قلبك أنك لا بُد أن تحيا للمسيح إلى الأبد، فتترك عنك كل ما يؤدى إلى الخطية، حتى لو أساء الناس الأشرار إليك بسبب ابتعادك عن الشر. فاحتمال أي شىء، حتى الموت نفسه، أسهل من العذاب الأبدي.
ع10-11: يتكلم هنا عن الاهتمام بالآخرين، وعدم إعثارهم بتهاوننا، مؤكدا قيمة نفوسهم أمام الله، ويعلن حقيقة إيمانية هامة أن لكل واحد منا ملاك حارس، فهؤلاء الأطفال أو البسطاء أو الضعفاء، نفوسهم لها قيمة أمام الله، ولهم ملائكة يصلّون عنهم دائما في السماء.
ومن ناحية أخرى، جاء المسيح لفداء هؤلاء المحتقَرين، وثمن خلاص نفوسهم هو دمه الكريم، وهو أعظم ما في الوجود.
† إياك والاستهانة، فإن سقط بسبب تهاونك أي شخص، فهذا يحزن الله وملائكته جدا، والله يستجيب لشفاعة ملائكة هؤلاء الناس، فيقيمهم من خطاياهم إن تابوا.
ع12-14: "التسعة والتسعين": يرمزون للملائكة الذين لم يسقطوا. وقد تُفسّر أيضًا بالأبرار في أعين أنفسهم، فيتركهم الله عنه لأنهم لا يشعرون بحاجتهم للخلاص، ويبحث عن الذي سقط ويشعر أنه شرير.
"على الجبال": حيث الأمان في الحظائر المخصصة له.
"الضال": هو من سقط في الخطية ويشعر بضعفه. ويرمز أيضًا للبشرية كلها التي ضلّت عن الله، تمييزا لها عن الملائكة الذين لم يسقطوا.
"يفرح به": لأنه كان ضالا وميتا، فعاش ورجع لحياته الحقيقية في الله بالتوبة.
يبيّن محبة الله لمن يعثرون لضعفهم، بمثل من له مائة خروف وضل واحد فقط، فهو لا ينشغل بالتسعة والتسعين، بل يغلق عليهم الحظيرة، ويخرج يبحث باهتمام حتى يجد هذا الضال. فالله يهتم ويطلب كل إنسان، مهما بدا ضعيفا أو حقيرا حتى يخلّصه.
† ثق أن لك مكانا في قلب الله لا يملأه أحد غيرك، فإن سقطت، تُبْ سريعا، لتعود إلى مكانك فتفرح وتُفرِحه.
15 «وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. 16 وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. 17 وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ. 18 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ. 19 وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، 20 لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ».
ع15:
"أخوك": أي إنسان."بينك وبينه": على انفراد حتى لا تحرجه أمام الآخرين، أو تثير كبرياءه فيحاول تبرير نفسه.
"ربحت أخاك": استعدت علاقتك الطيبة معه، وفي نفس الوقت، تَنَقَّى قلبه وعادت علاقته مع الله.
يوضح المسيح كيفية التعامل مع من يسىء إليك، فأول شيء هو أن تحبه، وتبادر بأن تذهب إليه لإنقاذه من التمادي في الخطأ الذي وقع فيه. فهو لم يضايقك فقط، بل أخطأ إلى الله ونفسه، فتذهب إليه بالحب لتعاتبه، حتى تُظهر له ما أخطأ فيه.
لم يقل توبخه، لأنه ليس المقصود إظهار أخطائه وإثباتها عليه، أو أخذ حقك منه، ولكن المقصود أن تربحه للمسيح، وتعيده إليه بحبك له واهتمامك بخلاصه، فتكون طريقة كلامك عتاب محبة بلطف ورقة.
ع16:
إن رفض سماع عتابك وظل مصرا على خطئه، فلا تيأس، بل خذ معك واحد أو اثنين من الأحباء، وخاصة المعروفين له، لعله بشفاعتهم يقتنع باستعادة العلاقات الطيبة معك، وإزالة أسباب الخلاف. فلا يكون عتابك مجرد رأي شخصي لك، بل اثنين أو ثلاثة يكون رأيهم أكثر تأثيرا. ومن ناحية أخرى، يكونان شاهديْن على المخطئ عند رفع الأمر للكنيسة، وذلك كما أوصى موسى في الشريعة (تث 17: 6).
ع17:
إن فشلَت هذه المحاولة الثانية للصلح، فلا تيأس أيضا، بل أخبر الكنيسة، أي الكهنة والخدام، ليحاولوا إقناعه بإزالة الخلاف واستعادة المحبة. وإن أصر على الخطأ، فعامله كما تعامل الوثني والعشار، أي البعيدين عن الكنيسة، فتحبه وتصلى من أجله، حتى لو كانت العلاقات مقطوعة بينكما بسبب رفضه، أو تكون علاقتكما محدودة وليست صداقة.
ع18:
تسندك الكنيسة في موقفك حتى لا تلوم نفسك، فهي من حقها أن تربطه، أي تمنعه من عضويتها وتناوله الأسرار،لإصراره على الخطأ. ولكن، إن عاد وتاب، فمن حقها أن تحله، وتكون له شركة في الكنيسة، والسماء أيضًا بعد نهاية هذه الحياة.وهنا تأكيد مرة ثانية لسلطان الكهنوت في سر الاعتراف، ليس فقط لبطرس كما ذكر في (مت 16: 19).
يفتح باب الرجاء لهذا الخاطئ المصر على خطئه، فبالرغم من حرمان الكنيسة له، تطالبك أنت وكل من يحبه أن تصلوا من أجله حتى يتوب.
ويشجعنا بأن اتفاق اثنين في المحبة والصلاة يكون عظيما في عينى الله، فيعطيهما طِلْبَتهما لرجوع هذا الخاطئ وتوبته.
ويؤكد أهمية الصلاة الجماعية باجتماع اثنين أو ثلاثة، فيحل المسيح ببركة خاصة في وسطهم، فهو يبارك كل مَنْ يصلي، ولكن هناك بركة إضافية وحلول خاص للمسيح في الصلاة الجماعية، وأعظم صلاة جماعية هي صلاة القداس حول جسد الرب ودمه، وامتدادا لها صلاة الأسرة في البيت، أي الزوجين والأبناء، ففيها يطلبون من أجل احتياجات البيت وترابطه، وتشجع أفراده على الحياة الروحية ومحبة بعضهم البعض.
† ليت محبتك تظهر، ليس فقط لمن يحبونك، بل بالأكثر لمن يسيئون إليك، فتسعى بالحب نحوهم لمصالحتهم وكسب نفوسهم. وإن فشلت كل محاولاتك، فواظب على الصلاة من أجلهم، مشفقا عليهم، فتزداد مراحم الله عليك.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
21 حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» 22 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ. 23 لِذلِكَ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ. 24 فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ. 25 وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا لَهُ، وَيُوفَي الدَّيْنُ. 26 فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. 27 فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ. 28 وَلَمَّا خَرَجَ ذلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ، كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلًا: أَوْفِني مَا لِي عَلَيْكَ. 29 فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلًا: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. 30 فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ. 31 فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ، حَزِنُوا جِدًّا. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ كُلَّ مَا جَرَى. 32 فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ. 33 أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟ 34 وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. 35 فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلاَتِهِ».
ع21:
سأل بطرس المسيح عن مدى احتمال أخطاء الآخرين والتسامح معهم، هل يسامح سبع مرات؟ وهذا الرقم ليس صغيرًا، لأن اليهود في كتابهم "التلمود"، يقولون أن التسامح ثلاث مرات. ويُفهم من سؤال بطرس أن التسامح له حدود ويسأل عنها.
ع22: أجاب المسيح: "بل إلى سبعين مرة سبع مرات"، أي 490 مرة، وهذا رقم ضخم، والمقصود به هو التسامح بلا حدود، وعدم التفكير في مدى صدق المخطئ في عدم العودة إلى الخطأ.
† إن كان الله يطالبنا أن نتسامح بلا حدود، فهذا يطمئننا بأن رحمته واسعة جدا، وغفرانه لانهائى أيضا، ما دمنا نتوب ونرجع إليه، بشرط عدم التهاون، حتى لا نفقد روح التوبة ونترك الله.
يوضح المسيح فكرة الغفران بلا حدود للآخرين، فشبّه ملكوت السماوات، الذي نود أن نحيا فيه، وبدايته الكنيسة التي على الأرض، بملك (يرمز للمسيح الديّان) قدموا له عبدا، أي إنسانا خاطئا، مديونا بمبلغ ضخم جدا، وهو عشرة آلاف وزنة، ولمعرفة مدى ضخامة هذا المبلغ، نقول إن الذهب المستخدم في هيكل سليمان بكل عظمته كان ثمانية آلاف وزنة.
والمقصود أن خطايا الإنسان في حق الله ضخمة جدا، بل بلا حدود، لأن الله غير محدود والخطأ في حقه عقابه غير محدود.
ع25:
ظهر عجز هذا العبد، أي كل إنسان فينا يخطئ في حق الله، وبالتالي كان حكم الملك (الله) عليه، أن يباع هو وزوجته وأولاده، أي جسده ومواهبه، لعلها توفى شيئًا مما عليه، ولكنها لا تفيد شيئًا أمام هذا الدين الضخم جدًا. وبهذا، يظهر ضعف وشر كل إنسان فينا أمام العدل الإلهي.سجد هذا العبد طالبا التمهل عليه، حتى لا يباع، أي يُسلّم للشيطان والعذاب الأبدي. وهنا، يظهر غفران الله له، إذ سامحه وأطلقه هو وزوجته وأولاده، والمقصود كما ذكرنا بزوجته: جسده؛ وبأولاده: مواهبه. أي بدم المسيح الفادي رُفعت عنا خطايانا، وأعطانا تجديدا لأجسادنا وأرواحنا وكل مواهبنا.
فالله بحنانه لم يستجب طلبة العبد فقط، أي التمهل عليه، بل رفع عنه الدين، لأنه يعرف عجزه عن إيفائه مهما أُعْطِىَ له من الوقت.
"عشرة آلاف": يرمز رقم عشرة إلى خطأ العبد القاسى في الوصايا العشر، ويرمز رقم ألف إلى الأبدية، أي أنه يستحق العقاب الأبدي.
ورغم توسل العبد الثاني للأول أن يتمهل عليه، فإن العبد الأول كان قاسيا، ولم يغفر أو يسامح أخيه، بل ألقاه في السجن، أي يريد إهلاك نفسه وعذابه الأبدي.
ذلك، وهم يمثلون الكنيسة، حزنوا جدًا، فصلوا من أجل العبد الثاني المُلقَى في السجن.
وسمع الملك، أي الله، من الكنيسة، وأحضر العبد الأول ووبخه بشدة لقساوته، وعدم تقديره للغفران الإلهي الممنوح له، وقسوته في عدم الغفران لأخيه. وأمر أن يلقى في السجن، ليوفى ما عليه حتى آخر فلس من كل ديونه. والمقصود أن يظل في السجن، أي العذاب إلى الأبد، لعدم تسامحه مع من أخطأ إليه، لأنه لن يستطيع إيفاء هذا الدين غير المحدود.
ع35:
يؤكد المسيح في نهاية المثل أن المقصود منه عدم تسامح الله مع من لا يسامح غيره. وقال أبى، لأن من لا يسامح غيره لا يستحق أن يُدعَى الله أباه، فلم يقل أبوكم.† قدم توبتك كل يوم أمام الله، واثقا من غفرانه، فتقترن توبتك بالشكر الكثير. وإذ تجاهد لإصلاح أخطاءك، يسندك الله فيزداد شكرك له، وحينئذ تكون شفوقًا على المسيئين إليك لأنهم مرضى مثلك، يحتاجون للغفران الإلهي والدواء الشافى منه. فلا تتضايق منهم، لأن خطاياك في حق الله أعظم، بل تصلى لأجل نفسك ولأجلهم، فتشملكم جميعا مراحم الله.
← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير متى 19 |
قسم تفاسير
العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير متى 17 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/matthew/chapter-18.html
تقصير الرابط:
tak.la/tjbxq9z