* تأملات في كتاب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39
الأَصْحَاحُ الخَامِسُ عَشَرَ
(1) تقليد الشيوخ (ع 1-9)
(2) الأكل بأيدٍ غير مغسولة (ع 10-20)
(3) شفاء ابنة المرأة الكنعانية (ع 21-28)
(4) المسيح يشفي الجموع (ع 29-31)
(5) إشباع الجموع بالسبعة أرغفة (ع 32-39)
1 حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: 2 «لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزًا؟» 3 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ أَيْضًا، لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ؟ 4 فَإِنَّ اللهَ أَوْصَى قَائِلًا: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا. 5 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. 6 فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ! 7 يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلًا: 8 يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9 وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».
تقليد الشيوخ هو التعاليم الموروثة، والمسلَّمة من الآباء إلى الأبناء عند اليهود، لتفسير الكتب المقدسة وكل ما يختص بالعبادة، وهو أمر صالح وضرورى، فمنه عرف بولس الرسول اسمىّ الساحرين المقاومين لموسى، وهما يَنِّيسُ وَيَمْبْرِيسُ (2 تى 3: 8)، وعرف يهوذا قصة الخلاف بين رئيس الملائكة ميخائيل والشيطان حول جسد موسى النبي (يه 9). فالتقليد مهم جدا، وأوصى به الرسل في العهد الجديد للتمسك به. ولكن، أضاف بعض شيوخ اليهود تعاليم غريبة للتقليد، لم يذكرها الله وهي ضد وصاياه، منها ضرورة غسل الأيدى قبل تناول الطعام، وهذا ما وبخ به الكتبة تلاميذ المسيح لعدم تنفيذهم هذا التقليد. فقد حضر هؤلاء الكتبة والفرّيسيّون من أورشليم بعد ذياع صيت المسيح، ليس ليتعلموا منه شيئا، بل ليقاوموه ويمسكوا خطأ عليه.
ولكن تقليد الشيوخ الذي ذكروه، هو شيء إضافى لا قيمة له، لأن غسل الأيدى المذكور في الأسفار المقدسة، كان في أحوال أخرى للتطهير من خطايا معينة (لا 12-15).
ع3: أوضح المسيح لهم أن هناك إضافات لتقليد الشيوخ ليست سليمة، بل منها ما هو ضد وصايا الله.
الوصية تأمر بإكرام الأب والأم (خر 20: 12)، وكذلك الناموس يعاقب بالموت من يحتقر أحد والديه أو يشتمه (خر 21: 17). ولكن، أضيف تقليد غريب من شيوخ اليهود، بأنه يمكن للشخص أن يقدم قربانا للهيكل، وبهذا يُعْفَى من إكرام والديه، وهذا ضد روح الوصية، لأنه، كيف يهمل الابن احتياجات والديه استنادا على ذبيحة أو قربان قدمه، ويظن أن ذلك يرضى الله؟!
ع6:
يُفهم مما سبق أن ليس كل تقليد عند اليهود سليمًا، وهو ما يسميه الكتاب تقليد الناس، أما التقليد السليم فحسن جدًا.* لا تفسر الكتاب المقدس بحسب رأيك الشخصى وأغراضك، ولكن تمسك بتعاليم الكنيسة والآباء القديسين من الأجيال الأولى، واخضع لتفسير الكنيسة الجامعة، فتفهم المعنى الحقيقي، وانشغل بتطبيق الوصية أكثر من انشغالك بالمباحثات الفلسفية والجدل لإثبات آرائك.
"يا مراؤون": لأنكم تُظهرون غير ما في داخلكم، وهو أنكم متمسكون بشريعة الله في تدقيق، والحقيقة أنكم تُرضون أغراضكم، وهي تقديم المال للهيكل لمنفعتكم، وتهملون عمل الرحمة حتى للوالدين، وهذا ضد وصايا الله بوضوح.
أظهر إشعياء هذه الروح الغريبة التي عند الكتبة والفرّيسيّين (أش 29: 13)، وهي التمسك بالعبادة الشكلية، ولكن القلب مبتعد عن الله، وأية إضافة إلى كلام الله هي وصايا الناس، وليست من وصايا الله.
أما إذا كان كلاما شفهيا قاله الله لموسى والأنبياء، أو قاله المسيح لتلاميذه، فهذا هو التقليد السليم.
10 ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا وَافْهَمُوا. 11 لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ». 12 حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَقَالُوا لَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا الْقَوْلَ نَفَرُوا؟» 13 فَأَجَابَ وَقَالَ: «كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ. 14 اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ». 15 فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هذَا الْمَثَلَ». 16 فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضًا حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ 17 أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ؟ 18 وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، 19 لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ. 20 هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا الأَكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».
"دعا الجمع": قد يكون حديثه مع الكتبة والفرّيسيّين على جانب ولم يسمعه الجمع الذي يتبعه، أو قد يكون أمام الجمع ولكنه وجّه الحديث للشعب حتى يعلمهم الحقائق الروحية، فهو جرىء لا يهاب مقاومات الأشرار ويعنى بالحق دائما.
"اسمعوا وافهموا": أي اصْغَوْا باهتمام ووعى لما أقوله.
أراد المسيح أن يدخل بالجموع إلى العمق، فلا يكتفوا بالسطحية التي ينادى بها الفرّيسيّون، وهي الاهتمام بغسل الأيدى قبل الأكل، ولكن الاهتمام بما يخرج من داخل الإنسان ويظهر في كلامه، فإن كان شريرا فهذا ينجسه.
ولا علاقة بكلام المسيح هنا بالصوم كما يدعى مقاومو الصوم، بل هو كلام عن غسل الأيدى قبل الأكل. أما الصوم، فأكده بوضوح مرات كثيرة، مثل تعليمه عن الصوم في عظته على الجبل (ص 6: 16-18).
ع12:
"حينئذ": بعد انصراف الجموع والكتبة والفرّيسيّين، دخل المسيح مع تلاميذه بيتا (مر 7: 17)، ودار هذا الحديث."نفروا": اغتاظوا وتضايقوا، لأنه وصفهم بالمرائين، إذ أن تعاليمهم هي وصايا الناس وليست وصايا الله، ويقصد الوصية الخامسة من الوصايا العشر، الخاصة بإكرام الوالدين.
نبه التلاميذ معلمهم أن الفرّيسيّين تضايقوا من كلامه، لأنه كشف رياءهم وتمسكهم بتعاليم ليست من الله، ويلصقونها بتقليد الشيوخ.
ع13:
أوضح لهم المسيح أنه لا بُد من الخضوع لكلام الله، وعدم الرياء، لنكون أغصانا في يد الله يغرسها في كنيسته، لأنه مهما كان شكل النبات جميلا، ولم يغرسه الله، سَيُقْلَعُ ويُلقَى في النار، لأنه زوان وليس حنطة؛ فهكذا أيضًا الفرّيسيّون المراؤون.
ع14: قال لهم: "اتركوهم"، ويقصد إهمالهم لهم ولتعاليمهم، لعلهم إذ تتركهم الجموع يتوبوا.
وأعلن أنهم عميان عن الحق، يعبدون كرامتهم ويقودون اليهود الذين يتبعونهم بتعاليم الضلال، وهم عميان أيضًا بتعاليم الفرّيسيّين المضللة، وإذا قاد الأعمى أعمى آخر، يسقطان في حفرة الهلاك.. أي ينبه تلاميذه بالابتعاد عن الفرّيسيّين وتعاليمهم المضللة، حتى لا يتأثروا بهم ويضلوا عن الحق.
* لا تنزعج لضيق الأشرار من كلامك وسلوكك، بل ابتعد عنهم حتى لا تتأثر بمخالطتهم، وَصَلِّ لأجلهم.
"أجاب بطرس": رد بطرس، وسؤاله للمسيح ليس عن نفسه، بل نيابة أيضًا عن باقي التلاميذ، إذ قال: "فسر لنا هذا المثل"، والمسيح بعد ذلك خاطبهم كلهم.
"هذا المثل": أي كلام المسيح المذكور في (ع11)، لأنه شعر أنه يحمل معاني أخرى تحتاج إلى توضيح، فسماه مثلا.
سأل التلاميذ، وأكثرهم بطرس اندفاعا، عن معنى ما قاله المسيح للجموع، فتعجب المسيح لعدم فهمهم، بعدما شرح لهم أمثالا كثيرة سابقة. ولكن، برفق أبوته، شرح لهم أيضًا قوله بأن الأطعمة التي تدخل الفم، تتحول إلى غذاء يسرى في الجسم، والفضلات يتخلص منها، فهي طعام مادي لا ينجس الإنسان، بل ما يضره منها يتخلص منه، وليس لهذه الأطعمة تأثير على النفس.
ما يخرج من فم الإنسان، أي من قلبه، يعبّر عنه ويحاسَب الإنسان عليه، وليس على ما يأكله.
ثم أعطى أمثلة من الخطايا، بدأها بالأفكار الشريرة، باعتبارها مصدرا للخطايا الفعلية، مثل القتل والزنا والسرقة.
والمقصود بالفسق نوع من الزنا، وبالتجديف الشتيمة على الله أو الناس.
* اهتم بنقاوة كلامك وتصرفاتك، وإن أخطأت فتب، وحاسب نفسك على ما في قلبك أكثر من اهتمامك بشكلك الخارجي.
21 ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22 وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23 فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24 فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25 فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» 26 فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». 27 فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». 28 حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.
ع21:
انصرف يسوع من منطقة جَنِّيسَارَتَ لعله يبتعد عن المناقشات غير المفيدة للفرّيسيّين، أو عن زحام الجموع، وحتى يُظهر محبته للأمم، الذين يكثرون في صور وصيدا، حيث أنه جاء لخلاص العالم كله."صور وصيدا": مدينتان على البحر الأبيض المتوسط غرب الجليل في لبنان الحالية.
ع22:
"ارحمنى": لأن مرض ابنتها يسبب آلاما شديدة لها."ابن داود": آمن اليهود أن المسيا هو ابن داود، فلما رأوا قوة المسيح ومعجزاته، قالوا إنه ابن داود أي المسيا. ولما سمعت هذه المرأة الأممية بالمسيح، نادته كما يلقّبه اليهود.
إذ اجتاز المسيح بجوار صور وصيدا، خرجت إليه امرأة أممية من نسل كنعان ابن حام ابن نوح. والكنعانيون هم السكان الأصليون لأرض الميعاد، قبل أن يأتي اليهود مع يشوع.
كانت ابنتها مجنونة لأن بها شيطان (مر 7: 25)، وسمعت بقوة المسيح الشافية، فخرجت تطلب إليه أن يشفى ابنتها.
ع23:
لم يهتم المسيح، ومضى في طريقه. أما هى، فظلت تصرخ متوسلة إليه أن يشفى ابنتها، حتى أن تلاميذه حنّت قلوبهم عليها، فطلبوا منه أن يستجيب لصراخها.وهذا ما أراده المسيح، أن يحرّك قلوب التلاميذ، ويُشعرهم بمسئوليتهم عن خلاص العالم كله، وليس اليهود فقط.
ع24: أجاب المسيح بعكس طِلبَتهم، معلنا ما ظنه اليهود، وما بدأ به أولا، وهو أنه أتى لأجل خلاص اليهود المؤمنين بالله. ولكنه في الحقيقة قد أتى لليهود أولا، ثم امتد بعد ذلك ليطلب كل الأمم، بدليل مجيئه إلى هذه البلاد وإتمام المعجزة.
وقد كان هذا الأسلوب، أي تبشير اليهود أولا، مناسبا، لأنهم كانوا يظنون أن الخلاص لهم فقط، فكانوا سيرفضونه إن أعلن أن خلاصه للعالم كله من بداية تبشيره. ولكن، بعد أن أقنعهم أن خلاصه روحيا وليس ماديا من الرومان، أظهر أنه خلاص لكل من يؤمن به من العالم كله.
ع25:
آمنت المرأة أن هذا هو المسيا المنتظر ابن داود، وأنه هو مخلّص العالم. فسجدت له لتعلن خضوعها وإيمانها به، وطلبت منه أن يعينها ويشفى ابنتها.
ع26:
تظاهر المسيح بعدم قبول طلبتها، ليُظهر إيمانها واتضاعها، فقال لها أنه قد أتى لخلاص اليهود، وهم أبناء الله لإيمانهم، ولا يصح أن تُعطَى نعمة الله التي تخص البنين، وتُطرَح للأمم الذين يعتبرهم اليهود مثل الكلاب.
ع27:
ظهر اتضاع المرأة العجيب، إذ قالت له: يكفينى الفتات (الكسر الصغيرة جدًا) الساقط من مائدة البنين، فأقرت أنها من الكلاب، ولكنها محتاجة لنعمته؛ وهذا أظهر أيضًا مدى إيمانها ولجاجتها في الصلاة.
ع28:
أخيرا، ظهر قصد المسيح وحبه واهتمامه بالأمم في شخص هذه المرأة، فكل ما سبق كان لإظهار مدى إيمانها وتمسكها به وصلواتها واتضاعها. فأعلن أمام الجموع عظمة إيمانها، ثم وهبها الشفاء لابنتها، فعادت سليمة في الحال.* تمسك بصلواتك مهما تأخرت استجابة الله، لتقتنى فضائل جديدة، مثل الاتضاع، ثم تنال ما تريده، بل يعظّمك الله في ملكوته أمام كل السمائيين.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
29 ثُمَّ انْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى جَانِب بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. 30 فَجَاءَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ، وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ 31 حَتَّى تَعَجَّبَ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوْا الْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ، وَالشُّلَّ يَصِحُّونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ. وَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيلَ.
ع29:
عاد المسيح من تخوم صور وصيدا بجوار البحر الأبيض إلى بحر الجليل، أي بحيرة طبرية، وصعد إلى الجبل الذي يرمز للارتفاع عن الأمور الأرضية، حتى أن الذين يصعدون إليه يعلنون تمسكهم به في صعودهم، فهم ليسوا مجرد مشاة في الطريق. وقد يكون ذهب إلى الجبل طلبا للراحة، ولكن الجموع حضرت إليه فاهتم بهم."إله إسرائيل": يبدو أن الجموع كانوا من الأمم فلما شفاهم المسيح، مجدوا إله إسرائيل، لأنهم يعرفون أن المسيح يهودي.
أعلنت الجموع حاجتها إلى المسيح، فقدموا إليه أحباءهم من المرضى بأنواع الأمراض المختلفة، فشفاهم جميعا بحنانه، حتى تعجّب الجموع لسلطانه الإلهي في شفاء جميع أنواع الأمراض.
وهذا يرمز روحيا لقدرة المسيح، له المجد، على شفاء كل من عطلت الخطية قدرته على الكلام أو النظر أو الحركة، ومجد الكل الله.
* الله مستعد أن يشفى جميع أمراضك، ويحل كل مشاكلك، خاصة الروحية منها. ولكن، ينبغي أن تلتجئ إليه بصلوات كثيرة واتضاع، طارحا كل احتياجاتك أمامه، واثقا من محبته القادرة أن تصنع لك كل شيء.
32 وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ» 33 فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعًا هذَا عَدَدُهُ؟» 34 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ وَقَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ». 35 فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، 36 وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ. 37 فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ سَبْعَةَ سِلاَل مَمْلُوءَةٍ، 38 وَالآكِلُونَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفِ رَجُل مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ. 39 ثُمَّ صَرَفَ الْجُمُوعَ وَصَعِدَ إِلَى السَّفِينَةِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ مَجْدَلَ.
استمر المسيح في اهتمامه بالجموع، سواء بشفاء أمراضهم، أو بتعاليمه الروحية، أو بالرد على أسئلتهم.
مر الوقت دون أن يشعروا، حتى أنهم قضوا معه ثلاثة أيام، ولم يطلبوا طعاما لانشغالهم بكلامه ومعجزاته. ولعلهم قد أكلوا ما خرجوا به من بيوتهم في اليومين الأول والثاني، وفي اليوم الثالث لم يعد معهم أي طعام، إذ كانوا لا يتوقعون أن يستمروا ثلاثة أيام خارج بيوتهم، ولكن كلام المسيح جذبهم.
المهم أن المسيح قد اهتم باحتياجاتهم المادية، وحدّث تلاميذه بذلك ليمتحن إيمانهم، خاصة بعد أن رأوا إشباع الجموع بالخمسة أرغفة والسمكتين، ولكنهم للأسف فكروا بعقلهم، وليس بإيمانهم، وأعلنوا عجزهم عن توفير طعام لهذه الجموع في البرية، خاصة وأن غالبية التلاميذ فقراء.
* اهتم بحياتك الروحية واتكل على الله، وثق أن ما يصعب عليك من احتياجاتك المادية سيوفره لك.
ع34:
طلب المسيح من تلاميذه أن يبحثوا عن الطعام الموجود مع الجموع، فلم يجدوا إلا سبعة أرغفة وقليل من صغار السمك.عدد سبعة يرمز للروح القدس الذي يعمل في الأسرار المقدسة، القادرة على أن تشبع كل احتياجات الإنسان الروحية.
أمر المسيح تلاميذه أن ينظموا الجموع، فأجلسوهم حتى يسهل توزيع الطعام عليهم، ويعاينوا في هدوء عظمة المعجزة. العجيب أنهم آمنوا أنهم سيأكلون، رغم علمهم بعدم وجود طعام إلا السبعة أرغفة والقليل من صغار السمك، ولكنه الإيمان الذي يرتفع فوق العقل ويؤثر على سلوك الإنسان.
أخذ المسيح الخبز والسمك، وشكر، كما في المعجزة السابقة، ليعلمنا الصلاة قبل تناول الطعام، وبارك بيده الإلهية، وكسر الخبز وأعطى تلاميذه ليوزعوا منه، وكذا من السمك، على كل الجموع الجالسة على الأرض؛ فالتلاميذ هم كهنة العهد الجديد المسئولون عن توزيع عطايا الله لكل المؤمنين.
ع37-39: أكل الكل، وكان عددهم نحو أربعة آلاف من الرجال، عدا النساء والأولاد. وعدد أربعة يرمز لأركان العالم الأربعة، الشمال والجنوب والشرق والغرب، وعدد ألف يرمز للسماء، أي أن بركة المسيح هي للعالم كله، تشبعه وترفعه للحياة السمائية.
بعدما أكل الجميع، جمع التلاميذ الكسر الباقية، فملأت سبع سلال، ويشير هذا أيضًا إلى عمل الروح القدس، فهو يُشبع الكل ويفيض.
وبعدما بارك المسيح الجموع وصرفهم، ركب السفينة في بحر الجليل، وذهب إلى مدينة تسمى مجدل.
← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير متى 16 |
قسم تفاسير
العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير متى 14 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/matthew/chapter-15.html
تقصير الرابط:
tak.la/8qxvr8z