* تأملات في كتاب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46
الأَصْحَاحُ الحَادِي وَالعِشْرُونَ
(1) دخول المسيح أورشليم (ع 1-11)
(2) تطهير الهيكل (ع 12-17)
(3) شجرة التين (ع 18-22)
(4) سلطان المسيح (ع 23-27)
(5) مثل الابنين والكرم (ع 28-32)
(6) مثل الكرّامين (ع 33-46)
1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2 قَائِلًا لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا». 4 فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 5 «قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ». 6 فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، 7 وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا. 8 وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. 9 وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!». 10 وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هذَا؟» 11 فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».
تبدأ من هذا الأصحاح، الأحداث التي تمت في الأسبوع الأخير من حياة المسيح على الأرض. ويذكرها الكتاب المقدس بالتفصيل، لأنها تختص بإتمام الخلاص للعالم كله.
اقترب المسيح من أورشليم (صباح يوم الأحد)، ومن قرية بيت فاجى التي تقع شرقها عند جبل الزيتون. فأرسل اثنين من تلاميذه قائلًا لهما: عندما تدخلان المدينة، تجدان أتانا (أنثى الحمار) وجحشا (الحمار الصغير)، فحلاهما من رباطهما، وإن اعترضكما أحد، فقولا الرب محتاج إليهما، فيتركهما معكما.
وقد كان هذا بترتيب إلهي، أو قد أُعْلِمَ أصحاب الأتان والجحش، بطريقة لم تُذكر في الكتاب المقدس، أنه سيأتي اثنان يطلبانهما للرب، فأعطوهما لهما.
"أتانا... وجحشا": يرمزان للبشر، أي اليهود والأمم، الذين صاروا في غباء الحمار بسبب ابتعادهم عن الله، سواء بالانشغال المادي، أو بعبادة الأوثان.
وانظر كيف كان اتضاع المسيح الذي يقول إنه محتاج لهما، مع أنه هو خالق كل شيء! وهكذا يُظهر احتياجه لنفوس أولاده، لترجع إليه فتحيا معه.
إنه واهب كل العطايا وكامل في ذاته، ولكن حبه واتضاعه، هما اللذان يجعلانه يطلب.
وانظر إلى حنان الله الراكب على الجحش، ولكن، حتى لا يتعب الجحش، يركب أيضًا على الأتان قليلا، ثم على الجحش قليلا، فهو يشفق على خليقته، فبالأحرى على البشرية.
والجحش لم يركبه أحد من قبل، وهذا يرمز لعدم الخضوع إلا لله.
وقد أعطى سلطانا للتلميذين، أي كهنة العهد الجديد، أن يحلوا البشرية من رباطاتها، وهو سلطان الحل والربط في سر الاعتراف الذي يُعطَى للتائبين.
ع4-5: "ابنة صِهْيَوْنَ": أحد أسماء أورشليم.
كعادة متى الإنجيلى، يعلن أن في المسيح إتمام النبوات. فقد تنبأ زكريا النبي (زك 9: 9) عن دخول المسيح أورشليم باتضاع ووداعة، ليملك على القلوب، وليس ملكا أرضيا، ولذا فموكبه بسيط، يركب على حيوانات ضعيفة مثل الأتان والجحش.
ع6:
تمم تلميذا المسيح ما أمرهما به، وأتيا إليه بالأتان والجحش، ليركب عليهما ويدخل أورشليم.
ع7:
خلْع الثوب وإعطاؤه للآخر، يعني في العرف اليهودي الخضوع له كرئيس، إذ يتنازل الإنسان عما هو ضرورى له ليخضع للآخر. وقد وضعوها باتضاع على الحيوانات التي سيركبها المسيح، لتتبارك بجلوسه عليها، بل وطرحوها على الأرض أيضًا لنفس السبب.† اخلع عنك اهتماماتك المادية بالصوم والتجرد، فتتمتع ببركة الله الذي تخضع له، فيملأك من نعمته.
ع8:
وضع الجمع أيضا ثيابهم على الأرض لتتبارك، كما قطعوا أغصانا من الشجر وفرشوها في الطريق، ليمر عليها بالأتان أو الجحش، لتتكتسى الأرض بالخضرة، أي الخير، لأنه هو صانع الخيرات."أغصانا من الشجر": تشير للنبوات التي قيلت عن المسيح، وتكمل الآن فيه. وتشير أيضًا لكل ما هو مرتفع، فيكون عند قدميه، لأنه هو خالق الكل.
ع9:
كل الجموع التي سبقته لتفرش له الطريق، والتي تتبعه، أعلنوا إيمانهم به أنه هو المسيا المنتظر ابن داود، الآتي باسم الرب ليخلّصهم."الجموع الذين تقدموا": تشير لرجال الله في العهد القديم.
"والذين تبعوا": ترمز إلى المؤمنين في العهد الجديد، الذين آمنوا ببشارة الإنجيل، فالكل يطلب خلاصه في المسيح.
"أوصنا": معناها خَلِّصْنَا، فهو المخلّص الذي يرفعهم إلى الأعالى في ملكوت السماوات. وتأتى أيضًا بمعنى المجد.
كان موكبًا شعبيًّا بسيطًا ولكن جبارًا، إذ تعلقت القلوب بالمسيح الذي أحبهم واهتم برعايتهم، وتساءل رؤساء المدينة والكهنة لمن هذا الموكب، فعلموا أنه ليسوع الناصرى الذي يعلّم الجموع، ويشفى أمراضهم ويعتنى بهم.
† اهتم أن تكسب محبة الآخرين، وليس أن ترتفع عليهم بمركزك وسلطانك، فكل هذا زائل.
12 وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ 13 وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!» 14 وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. 15 فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ!»، غَضِبُوا 16 وَقَالُوا لَهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟» 17 ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ.
كان يتصل بالهيكل مجموعة من الصالات المكشوفة أو الساحات، يتجمع فيها الشعب. وفيها كان التجار يبيعون ما يحتاجه القادمون إلى الهيكل من حيوانات أو طيور ليقدموها على المذبح.
وكان اليهود من بلاد مختلفة يأتون في الأعياد، فرتّب الكهنة صيارفة لتغيير العملات إلى العملة اليهودية، وكان لهم مكسب مادي كبير من هذه التجارة.
وهكذا تحولت انشغالات الناس من الاهتمام بالعبادة إلى شراء حاجياتهم، وقد تكون هناك مبيعات أخرى يبيعونها ليس لها علاقة بالعبادة.
فإن كان ضروريا توفير بعض الاحتياجات الخاصة بالعبادة، فيجب أن يكون بيعها خارج كل ساحات الهيكل، حتى تظل كل أماكن الهيكل للعبادة والتعليم.
ظهرت غيرة المسيح على بيت الله، حين ضفر سوطا (يرمز للروح القدس الذي يوبخنا على انشغالنا بالأفكار المادية داخل الكنيسة) ليطرد به الحيوانات والطيور والتجمعات الكبيرة للتجارة داخل الهيكل (يو 2: 15)، معلنا أن بيت الله مكرس للصلاة والعبادة فقط، كما قال إشعياء (إش 56: 7)، وليس للمكاسب التجارية، إذ صار الكهنة وتابعوهم محبين للمال مثل اللصوص الذين يسرقون ليكنزوا أموالا كثيرة. فبهذه التجارة، حوّلوا الهيكل إلى مغارة يجمع فيها اللصوص مقتنياتهم المادية. وقد طرد المسيح الباعة من الهيكل يوم الاثنين، أي اليوم التالي بعد دخوله أورشليم، ولكم متى لا يهتم بترتيب الحوادث.
بعد تطهير الهيكل، صار هناك هدوء وفرصة للعمل الروحي، فَشَفَى العمى والعرج ليستنيروا بمعرفة الله، ويسرعوا في طريق الحياة الروحية.
كما شعر الآتون إلى الهيكل بأن المسيح هو المسيا المنتظر، ولعلهم كانوا معه في موكب دخوله إلى أورشليم، فرددوا الهتافات التي قالوها له، وخاصة الأطفال منهم، الذين حفظوا هذه العبارات من كثرة ترديدها، قائلين: "أوصنا لابن داود"، فتضايق رؤساء الكهنة والكتبة من هذه الهتافات لأنها إعلان واضح أنه هو المسيا المنتظر ابن داود كما قالت النبوات، وقالوا له: "أتسمع ما يقول هؤلاء؟"
رد عليهم المسيح بالمكتوب في الأنبياء عندهم، إن الله يُعِدُّ تسبيحا له، يرتفع من أفواه الأطفال (مز 8: 2).
ع17:
بعد هذا، ذهب المسيح إلى قرية بيت عَنْيَا ومعناها "بيت العناء"، وتقع شرق أورشليم، حيث بيت صديقه لعازر الذي أقامه من الموت، وبات هناك ليعود في اليوم التالي إلى أورشليم.† إن قلبك هو هيكل لله، فلا تدع أفكار العالم تشغله، لأن الله خلقه فيك لترفع منه الصلوات. فخصص وقتا كافيا لصلواتك قبل انشغالاتك؛ وأيضا أثناء أعمالك، ارفع قلبك بصلوات قصيرة لتتمتع بعشرة الله.
18 وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ، 19 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20 فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟» 21 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ. 22 وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ».
في الصباح، تحرك المسيح ماشيا من بيت عَنْيَا، عائدا إلى أورشليم ليعلم في الهيكل، فجاع، وهذا إثبات لناسوته. وفي الطريق، نظر من بعيد شجرة تين مملوءة بأوراق خضراء، فأتى إليها ليأكل تينا، ولكنه عندما وصل إليها لم يجد فيها ثمرا، فقال لها أنها لن تعطى ثمرا إلى الأبد، فيبست وماتت، وهذا إثبات للاهوته.
ويلاحظ أن متى البشير لم يهتم بترتيب زمن الأحداث مثل مرقس، لأن شجرة التين قد لعنها المسيح في صباح يوم الاثنين، ولاحظ التلاميذ أنها يبست في صباح يوم الثلاثاء كما ذكر مرقس البشير (مر 11: 14 و20)، أما متى فذكر لعنة التينة وتيبسها معا.
وقد فعل المسيح هذا ليعلن خطورة السطحية في الحياة الروحية، مثل اليهود الذين لهم مظهر المعرفة بالله، وليس لهم ثمار الحب للآخرين.
وكل إنسان له مظهر التقوى وليس له عمقها، فهو مرفوض من الله، ومحكوم عليه بالموت، إذ يُقْبِلُ إليه الناس ليعرفوا الله، فلا يجدون فيه ثمرا روحيا.
"شجرة تين": ترمز للأمة اليهودية وهيكلها. ولأنهم رفضوا المسيح، تم خراب الهيكل في عام 70 م. وجفاف التينة نبوة عن خراب أورشليم.
ونجد أن معجزات المسيح تعلن رحمته، وهذه هي المعجزة الوحيدة التي تعلن عدل الله، حتى تكون نظرتنا كاملة نحوه، فنتذكر رحمته وعدله في آن واحد، لكيما نتوب ونتمتع بمراحمه.
ع20-22: تعجب التلاميذ من جفاف التينة في الحال، فانتهز المسيح هذه الفرصة ليظهر لهم قوة الإيمان التي بها يصنعون كل شىء، حتى الجبل، يقدرون على نزعه من الأرض وإلقائه في البحر، إن كان لهم إيمان.
ويشير الجبل إلى الشهوات الكثيرة التي تملك على القلب، فإن كان للإنسان إيمان ويتمسك بالله، يستطيع أن يلقى بهذا الجبل إلى البحر الذي يمثل العالم، أي يتخلّص من الشهوات العالمية.
† الصلاة بإيمان ولجاجة تعطينا كل ما نطلبه، بشرط أن تكون موافقة لمشيئة الله. فلا تتراخَ واطلب من الله بإيمان كل احتياجاتك، وألحّ عليه، فهو يحب أن يسمع صوتك ويعطيك كل الخيرات.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
23 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْهَيْكَلِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب وَهُوَ يُعَلِّمُ، قَائِلِينَ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ وَمَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ؟» 24 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ قُلْتُمْ لِي عَنْهَا أَقُولُ لَكُمْ أَنَا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا: 25 مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟» فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ لَنَا: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 26 وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، نَخَافُ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّ يُوحَنَّا عِنْدَ الْجَمِيعِ مِثْلُ نَبِيٍّ». 27 فَأَجَابُوا يَسُوعَ وَقَالُوا: «لاَ نَعْلَمُ». فَقَالَ لَهُمْ هُوَ أَيْضًا: «وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.
ع23:
حاول رؤساء الكهنة والشيوخ اصطياد خطأ على المسيح، لأنه ليس من سبط لاوي المسئول عن التعليم، بل من سبط يهوذا.وإذ لاحظوا طرده للباعة وقوة تعاليمه، سألوه بأى سلطان يُعلّم ويصنع المعجزات، ومن أعطاه الإذن وسمح له أن يفعل هذا، هل بسماح من رئيس الكهنة؟
لم يسألوا ليعرفوا قوة الله التي فيه، ولكن، لعله يخطئ في أي تعبير، فيعتبروه كاسرا للناموس ونظام الهيكل.
إن كان رؤساء الكهنة قد استخدموا الخبث والمكر الإنساني، فقد رد عليهم المسيح، الحكمة الحقيقية، بسؤال، وليس قصده التهرب من الإجابة، لأن سؤاله يرد عليهم. أي أنهم لو آمنوا بدعوة يوحنا المعمدان، لآمنوا بكلامه عن المسيح وسلطانه. وكان سؤال المسيح عن مصدر معمودية يوحنا: هل هي من السماء، والله أرسله، أم هي من الناس، أي مجرد ادعاء بشرى؟
ففكروا في أنفسهم، إن اعترفوا أنها من الله، سيسألهم لماذا لم تؤمنوا به وتعتمدوا على يديه؟ وإن أعلنوا رفضهم لمعموديته، يخافون من الشعب، لأن الكل يعرف أنه نبي عظيم، فقالوا: "لا نعلم"، أي ظهر عجزهم عن الإجابة، لأنهم خافوا أعلان رأيهم الحقيقي، وهو رفضهم ليوحنا، لخوفهم على مركزهم وسلطانهم، وعدم استعدادهم للتوبة. فقال لهم المسيح: وأنا لن أقول لكم مصدر سلطانى.
وهكذا أفحمهم حتى يتوقفوا عن محاولة إيقاعه في خطأ، ويلتفتوا إلى ضعفهم، فيصلحوه بقبول دعوة يوحنا المعمدان، أي التوبة عن خطاياهم.
† لا تكن مغرضا في كلامك مع الآخرين، بل ابحث عما يفيدك، وتعلّم من الكل، وقدّم محبة للجميع.
28 «مَاذَا تَظُنُّونَ؟ كَانَ لإِنْسَانٍ ابْنَانِ، فَجَاءَ إِلَى الأَوَّلِ وَقَالَ: يَا ابْنِي، اذْهَب الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي. 29 فَأَجَابَ وَقَالَ: مَا أُرِيدُ. وَلكِنَّهُ نَدِمَ أَخِيرًا وَمَضَى. 30 وَجَاءَ إِلَى الثَّاني وَقَالَ كَذلِكَ. فَأَجَابَ وَقَالَ: هَا أَنَا يَا سَيِّدُ. وَلَمْ يَمْضِ. 31 فَأَيُّ الاثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ الأَبِ؟» قَالُوا لَهُ: «الأَوَّلُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ، 32 لأَنَّ يُوحَنَّا جَاءَكُمْ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَمَّا الْعَشَّارُونَ وَالزَّوَاني فَآمَنُوا بِهِ. وَأَنْتُمْ إِذْ رَأَيْتُمْ لَمْ تَنْدَمُوا أَخِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِهِ.
الكرم: هو فرصة الحياة على الأرض التي نجاهد فيها في عبادة مقدسة لله، أو نضيعها في شهوات العالم.
أمام رفض رؤساء الكهنة والشيوخ للتوبة بدعوة يوحنا أو ببشارة المسيح، أعطاهم مثلا عن أب، هو الله، له ابنان:
الابن الأول: يرمز للأمم الذين رفضوا العمل معه في كرمه، أي الكنيسة، ولكنهم عادوا فتابوا وعملوا في الكرم. ويرمز أيضًا للعشارين والخطاة الذين عاشوا حياتهم بعيدا عن الله، ولكن آمنوا بالمسيح وتابوا وصاروا قديسين.
الابن الثاني: يرمز لليهود أو الكتبة والفرّيسيّين، الذين أعلنوا خضوعهم لله وتبعيتهم له بالكلام، ولكنهم رفضوا الحياة معه، أي الإيمان بالمسيح والالتصاق بكنيسته.
ثم سأل المسيح: مَن مِن الابنين عمل مشيئة الأب؟ فقالوا: الأول. فأعلن لهم بوضوح أن البعيدين عن الله مثل العشارين والزوانى، أي المنغمسين في كل خطية، يمكن أن يؤمنوا ويتوبوا، فيسبقوا إلى الملكوت من يسمون أنفسهم مؤمنين، مثل اليهود، ولكنهم لا يعملون مشيئة الله في المحبة وصنع الخير. فيكون البعيدون أبناء حقيقيين للكنيسة، أي هم المؤمنون بالمسيح، وليس اليهود الرافضون.
"في طريق الحق": يوحنا المعمدان أعلن لكم الحق بضرورة التوبة والرجوع إلى الله.
"لم تندموا أخيرا": أي ما زلتم مصرين على عدم التوبة، مكتفين بالعبادة الشكلية، وقلوبكم شريرة.
† إن ناداك الله للتوبة من خلال الكتاب المقدس أو تعاليم الكنيسة، أو بأى تعليق ممن يحيطون بك، أو من خلال أحداث الحياة، فلا تؤجل رجوعك إلى الله، ولا تعده بفمك، ثم تنشغل عنه بظروف الحياة، بل أسرع إلى أب اعترافك، وتناول من الأسرار المقدسة لتنال قوة، وتبدأ في جهادك الروحي وعشرتك مع الله.
33 «اِسْمَعُوا مَثَلًا آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْمًا، وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34 وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35 فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا. 36 ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذلِكَ. 37 فَأَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلًا: يَهَابُونَ ابْنِي! 38 وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الابْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39 فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40 فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41 قَالُوا لَهُ: «أُولئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا! 43 لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44 وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!». 45 وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ، عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46 وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ، خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.
ع33:
لخّص المسيح تاريخ الأمة اليهودية في هذا المثل."رب بيت": هو الله الذي غرس كرما، أي شعب اليهود نسل إبراهيم، وأحاطه بسياج، أي الوصايا والناموس على يد موسى.
"معصرة": هى احتمال الآلام من أجل التمسك بكلام الله وخدمته، هذه التي عجز عنها اليهود، فأكملها المسيح بصليبه، وجاز المعصرة وحده (إش 63: 3).
"برجا": رؤساء الشعب وشيوخه المسئولون عن مراقبة الشعب وهجمات الأعداء من فوق البرج، حتى ينبهونهم لذلك. ويشملوا رؤساء الأسباط والعشائر والمعلمين وكل قادة الشعب.
"كرامين": هم كهنة اليهود المسئولون عن رعاية الكرم المغروس ليعطى ثمارا مقدسة، أي فضائل وحياة نقية، في قلوب اليهود المؤمنين.
"وسافر": أي بعد أن أعلن نفسه واضحا كنار عظيمة على الجبل أيام موسى، والآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب، اختفى عن عيون الشعب لانهماكهم في الخطايا، فلم يعودوا يرونه كأنه مسافر.
"عبيده": الذين أرسلهم ليأحذوا الثمار، وهم الأنبياء ورجال الله المرسلون لشعبه على مدى التاريخ، ليحصدوا حياة مملوءة فضائل من اليهود المؤمنين، ولكن للأسف قاومهم كهنة اليهود ورؤساؤهم فعذبوهم، وجلدوا بعضا، وقتلوا بعضا، ورجموا بعضا، أي رفضوا تعاليمهم التي هي صوت الله لهم.
وقد أطال الله أناته (صبره) عليهم، بأن أرسل أيضًا عبيدا آخرين أكثر من الأولين، أي عدد كبير من الأنبياء، فقاومهم الكهنة ورفضوهم مثل الأولين.
آخر فرصة وأكبر عمل قدمه الله للشعب اليهودي، هو تجسد ابنه الوحيد، كما ذكر لهم في نبوات الأنبياء ليخلّصهم.
وفي المَثَلِ، عَلم الكرامون أنه ابن صاحب الكرم والوارث لكل ما فيه، فبدلًا من أن يخضعوا له ويعطوه الأثمار، قاموا عليه وقتلوه.
ورؤساء الكهنة، لأغراضهم في الرئاسة والماديات، رفضوا أن يفهموا أن يسوع هو المسيا المنتظر. وبدلًا من أن يؤمنوا به، قاوموه لئلا يأخذ مركزهم، وصلبوه على الصليب.
وهكذا يظهر الكبرياء ومحبة الرئاسة التي أعمت عيون الكهنة، لدرجة رفض المسيا المنتظر ابن الله.
هذا هو مصير كهنة اليهود رافضى الإيمان بالمسيح، أي العذاب الأبدي.
"كرامين آخرين": التلاميذ والرسل والكهنوت المسيحي.
"الحجر": هو المسيح، والبناء هو الكنيسة، ورئيس البنائين الذي اختار هذا الحجر هو الله.
"عجيب في أعيننا": بحسب النظرة البشرية القاصرة، يبدو المسيح من أسرة متواضعة، وليس له غنى أو مركز مادى، ولكنه الله المتضع لأجل خلاصنا، ونحتاج لإيمان حتى نقبله.
ذكّرهم المسيح بالمكتوب في (مز 118: 22) عن الحجر الذي يظنه البناؤون غير نافع، ثم يكتشفون في النهاية أنه أصلح حجر ليكون رأسا للزاوية، أي يربط الحائطين معا. وهذا الحجر يرمز للمسيح مخلّص اليهود والأمم، فهو الذي أرسله الله، ولم يفهم الكهنة ذلك.
ويقرر المسيح بوضوح لرؤساء الكهنة أن ملكوت الله الذي وعد به شعبه، سيُنزَع منهم لعدم إيمانهم، ويُعطَى للأمم الذين يؤمنون به، ويقصد أن غير المؤمنين من اليهود، سيحل محلهم في كنيسة المسيح المؤمنون من الأمم.
ومن يقاوم المسيح، يسقط على الحجر ليهشمه، فيصاب هو برضوض، أي يقابل متاعب. ولكن، إن تاب وآمن، يقبله الله.
أما من يظل رافضا للإيمان به، فسيدينه في النهاية ويحكم عليه بالهلاك، أي يسقط عليه الحجر ويسحقه.
فهم رؤساء الكهنة والفرّيسيّون أن المثل كان عليهم، وبدلًا من أن يتوبوا، اغتاظوا منه وحاولوا القبض عليه، ولكنهم خافوا من الشعب، لأنه كان في نظرهم نبي عظيم.
† إذا كشف لك الآخرون أخطاءك، لا تقاومهم، بل أسرع للتوبة، فكلامهم رسالة من الله.
← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير متى 22 |
قسم تفاسير
العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير متى 20 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/matthew/chapter-21.html
تقصير الرابط:
tak.la/6ct52zm