* تأملات في كتاب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30
الأَصْحَاحُ الحَادِي عَشَرَ
(1) يوحنا يرسل تلميذين للمسيح (ع 1-6)
(2) شهادة السيد ليوحنا (ع 7-15)
(3) رفض الإيمان (ع 16-19)
(4) عقاب رافضي الإيمان (ع 20-24)
(5) بركات المتضعين (ع 25-30)
1 وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ أَمْرَهُ لِتَلاَمِيذِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ، انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ لِيُعَلِّمَ وَيَكْرِزَ فِي مُدُنِهِمْ. 2 أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 3 وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 4 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: 5 اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. 6 وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».
ع1: بعدما وضح المسيح لتلاميذه كيفية الكرازة، قدّم نفسه مثالا عمليا في تنفيذ ما أمرهم به، إذ بدأ يعلّم بما علّمهم به في المجامع المنتشرة بالجليل.
اهتم بأن تنفذ ما تعلّمه للآخرين، ليكون كلامك مؤثرا.قبض هيرودس الملك على يوحنا ووضعه في السجن. وإذ شعر يوحنا بدنو أجله، أراد أن يُلصق تلاميذه بالمسيح، فأرسل اثنين منهم بسؤال له، قائلًا: هل أنت هو المسيا المنتظر أم لا؟ ولم يكن يوحنا متشككا في ذلك، لأنه عرفه، وسجد له وهو في بطن أمه، وعندما عمّده، شهد أنه: "حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو 1: 29)، أي أنه المسيح الفادي، ولكنه أراد أن يُثَبِّتَ إيمان هذين التلميذين في المسيح، حتى يبشرا باقي رفقائهما تلاميذه، ليتبع الكل المسيح.
"المساكين": ليس فقط الفقراء والضعاف، بل بالأحرى المساكين بالروح، أي المتضعين.
كانت إجابة المسيح هي معجزاته التي رآها هذان التلميذان، وهي متنوعة، وتشمل شفاء الأمراض مهما كانت صعبة، وحتى لو كانت ترمز للنجاسة مثل البَرَصِ، أو أفقدت الإنسان الحياة بالموت، فهو قادر على تخليص الإنسان منها. وبالتالي، يستنتجان من هذا أنه هو المسيح.
* اجعل تصرفاتك الحسنة قدوة تبشر بمسيحك، خاصة عندما يتعذّر الكلام عن المسيح، لأن الأعمال أقوى من الكلام، ولا يكفي الكلام بدون عمل.
ع6:
ينبه المسيح التلميذين، حتى لا يعثرا أو يتشككا فيه، لأن بعض تلاميذ يوحنا كانوا يغارون له، حيث قد ظهر معلم أفضل منه، وتتبعه جموع كثيرة (يو 3: 26)، فيدعوهم للإيمان به، لأنه هو المسيا الذي أعد يوحنا الطريق له.
7 وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هذَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ 8 لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ. 9 لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. 10 فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 11 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12 وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13 لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14 وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ. 15 مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.
ع7:
"قصبة": أي عود بوص، وكان هذا القصب أو البوص يكثر عند نهر الأردن حيث كان يوحنا يعمد.بعد انصراف تلميذى يوحنا، تحدث عنه المسيح، غير قاصد التملق، ولكن ليشهد شهادة حق ليوحنا الذي أعد الطريق له، فقال: هل كان يوحنا قصبة تحركها الريح؟ والقصبة جوفاء، فهي تشير للإنسان الفارغ من نعمة الله، و"الريح" ترمز لأفكار العالم الشريرة. فالإنسان الذي له المنظر اللامع مثل القصبة، وفارغ داخليا من الله، يتأثر برياح التجارب والأفكار الشريرة.
ليس هذا هو يوحنا، بل هو إنسان ممتلئ من الله، يعد الطريق للمسيح بدعوة الناس للتوبة، وثابت في مبادئه مهما كان الشر محيطا به.
ع8:
يتساءل المسيح: هل كان لباس يوحنا من الثياب الناعمة؟ كلا... لأن هؤلاء المدللين المتنعمين، يجلسون داخل القصور في المدن.وترمز هذه الثياب للجسد المدلل بالشهوات والراحة، لكن يوحنا كان زاهدا، لباسه خشن وطعامه متجرد، لأن انشغال قلبه كان بالله وخدمته، ويحيا متقشفا في البرية. لذلك يعلن المسيح عظمة يوحنا وثباته في الإيمان، وأن إرسال تلميذيه له كان لربط تلاميذه به، وليس لأجل نفسه.
كان يوحنا المعمدان أعظم من أنبياء العهد القديم كلهم، لأنهم اشتهوا أن يروا المسيح، ولم يَرَوْا، وإنما تنبأوا عنه فقط. أما يوحنا فتنبأ عنه ثم عاينه، بل وعمّده، فهو الملاك الذي هيأ الطريق للمسيح (ملا 3: 1).
ع11:
يوحنا هو أعظم البشر، ولكن المسيح، الأصغر منه بستة أشهر، هو الأعظم منه.وهناك رأي آخر أن يوحنا هو أعظم رجال العهد القديم ولكن أصغر مؤمن في العهد الجديد أعظم منه من جهة تمتعه بالأسرار المقدسة في الكنيسة وكل بركات العهد الجديد.
ع12:
يبين المسيح هنا أهمية الجهاد الروحي لنوال ملكوت السماوات، فعلى قدر نعمة العهد الجديد التي أعدها يوحنا المعمدان، يلزم الجهاد الروحي للتمسك بها. بل تظهر ضرورة التغصّب، أي يجبر الإنسان نفسه، ولا يدلل جسده، ليترك خطاياه، ويتمسك بصلواته وعلاقته بالله، وأيضا اختطاف كل فرصة روحية للتقرب إلى الله والتمتع بعشرته."إلى يوحنا": لأنه آخر أنبياء العهد القديم.
"إن أردتم أن تقبلوا": لو كان لكم إيمان لقبلتم ما سأقوله الآن.
إن كان هدف جميع الأنبياء هو الإعداد لمجىء المسيح، فإن يوحنا هو السابق الذي أعد الطريق له مباشرة، وقد أتى بروح إيليا، فهذا هو تحقيق الوعد بمجىء إيليا، ولكن بطريقة روحية وليست جسدية، كما سيحدث في نهاية الأيام (ملا 4: 5-6)، إذ يأتي إيليا بجسده كما صعد بجسده إلى السماء، ليعلن صوت الله قبل يوم الدينونة الأخير.
ولأهمية هذه التعاليم، يقول المسيح: من له أذنان داخليتان في القلب ليسمع ويؤمن، فليسمع، لأن كثيرين منهم كانوا متشككين، ولم يؤمنوا أن يوحنا هو الآتي بروح إيليا لإعداد طريق المسيا المنتظر، لأنهم لو آمنوا بهذا، فمعناه إيمانهم به أنه هو المسيا المنتظر؛ فهو يدعوهم للإصغاء الشديد والفهم والإيمان.
* لكيما تكون قويا في إعلان الحق والتمسك بوصايا الله، تحتاج للتجرد مثل يوحنا المعمدان. فلا تدلل نفسك بشهوات كثيرة وراحة للجسد، فتصبح لك إرادة قوية في جهادك الروحي وعبادتك، ثم في خدمتك وإعلانك لاسم المسيح.
16 «وَبِمَنْ أُشَبِّهُ هذَا الْجِيلَ؟ يُشْبِهُ أَوْلاَدًا جَالِسِينَ فِي الأَسْوَاقِ يُنَادُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ 17 وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا! 18 لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ. 19 جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا».
"الجيل": يقصد الكتبة والفرّيسيّين ورؤساء الكهنة الرافضين الإيمان بالمسيح.
"أولادا": أي ضعفاء في فهمهم واستيعابهم للمعاني الروحية وكلام الله، ومتقلبين في آرائهم.
"الأسواق": مكان اجتماع الأولاد للعب.
يشبه المسيح قادة اليهود من الكتبة والفرّيسيّين وغيرهم، الذين رفضوا الإيمان بدعوة يوحنا المعمدان، وكذلك الإيمان بالمسيح، بمجموعة من الأولاد يلعبون في أسواق القرى وينقسمون إلى فرقتين، فرقة منهم تُزَمِّرُ وتعمل حركات مفرحة مضحكة، والفريق الآخر لم يتأثر ويَطْرَبْ، ثم أخذوا ينوحون ويُظهرون مظاهر الحزن، فلم يتأثر الفريق الثاني وينوح ويلطم، أي فشلوا في تغيير ملامحهم.
والمقصود بهذا التشبيه أن يوحنا المعمدان جاءت دعوته للتوبة بالتوبيخ والحزن على الخطية، فرفضوا التجاوب معه. ثم جاء المسيح ينادى بالحب ويشفى المرضى ليفرح القلوب، فرفضوا أيضًا.
"لا يأكل ولا يشرب": أي زاهد ومتجرد يكتفى بأقل الطعام.
"فيه شيطان": لسلوكه المنعزل عن الناس في البرية، فظنوه، بحياته الغريبة، يتعامل مع الشياطين.
"أكول وشريب خمر": مبالغة من شيوخ اليهود في اتهام المسيح، مع أنه يأكل ويشرب مثل باقي الناس.
كان يوحنا المعمدان زاهدا يعيش في البرية، فبدلًا من أن يتعلموا منه الزهد، اتهموه أنه فيه شيطان. أما يسوع المسيح فعاش بين الناس يأكل ويشرب مثلهم، ليسهل عليهم تتميم الوصايا في الحياة العادية، فاتهموه أنه منهمك في كثرة الأكل وشرب الخمر، وهذا طبعا غير حقيقي، كما اتهموه أنه محب للعشارين والخطاة، لأنه مثلهم يحب مجالس الأكل والشرب؛ مع أن المسيح جلس مع الخطاة لجذبهم للتوبة، مثلما جذب متى وزكا العشاريْن.
قادة اليهود هم مثل الأولاد، أي غير ناضجين روحيا. أما تلاميذ المسيح وتابعوه، فهم الناضجون روحيا.
أبناء الحكمة: الذين آمنوا بدعوة يوحنا وبشارة المسيح، فقد ظهر بر الحكمة في تابعيها، أي تابعى يوحنا المعمدان، ثم المسيح الحكمة الأزلية، وآمنوا بكلامه؛ أي تظهر قوة الحكمة وبرها فيمن يؤمنون بها، وهم التلاميذ والمؤمنون.
* لا تتسرع في الحكم على الآخرين حتى لا تخطئ، ولا تكن مغرضا لئلا تتحول فضائل الناس إلى خطايا في نظرك، بل على العكس، ابحث عن الله في فضائل الآخرين، لتتعلم وتتتلمذ على أيديهم، فتحب الكل، وتنمو في حياتك مع الله.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
20 حِينَئِذٍ ابْتَدَأَ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ لأَنَّهَا لَمْ تَتُبْ: 21 «وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ. 22 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكُمَا. 23 وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ. 24 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرْضَ سَدُومَ تَكُونُ لَهَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكِ».
بعد أن شرح الإيمان لسامعيه، ودعاهم أيضًا بالمعجزات، وبخهم على قساوة قلوبهم برفضهم الإيمان، وخاصة المدن التي في منطقة الجليل، لأنه صنع فيها معجزات كثيرة. فأعلن أن مصير كورازين (وهى مدينة في الجليل بجوار بيت صيدا وكَفْرَنَاحُوم) وبيت صيدا (وهى مدينة على بحيرة طبرية)، سيكون شنيعا في العذاب الأبدي، لأن التعاليم والمعجزات الواضحة، التي تدعو الناس بسهولة للإيمان، لو كانت قد صُنعت في مدينتى صور وصيدا القديمتين اللتين كانتا على البحر الأبيض المتوسط (في لبنان الحالية)، لتابتا قديما مستخدمتين مظاهر التذلل، من لبس الملابس الخشنة كالمسوح، ووضع الرماد على الرأس.
وبهذا، يُظهر مدى قساوة قلوب الساكنين في كورازين وبيت صيدا، لرفضهم الإيمان بالمسيح.
ع22:
في يوم الدينونة الأخير، سيكون عقاب صور وصيدا أقل من كورازين وبيت صيدا، لأن الأخيرتين رفضتا إيمان عظيم مقدم من المسيح نفسه لهما.ومعنى هذه الآية، أنه توجد درجات في العذاب الأبدي، وأن رافضى البشارة بالمسيح والحياة معه، سيكون عقابهم أشد من الذين لم يعرفوا المسيح وعاشوا في الخطية مثل الوثنيين.
* سيحاسَب الإنسان على قدر ما أُعلن له من نعم إلهية، فلهذا يلزم أن تحيا وتطبق ما سمعته في بيتك وكنيستك، فتكون هذه التعاليم مساندة لك في طريق الخلاص، ولا تحكم عليك يوم الدينونة.
ع23:
يتحدث المسيح عن كَفْرَنَاحُومَ التي صارت مركزا لكرازته في الجليل، فصنع فيها معجزات كثيرة، كان المفروض أن تخلّصها لتجد مكانا في السماء، ولكن للأسف تكبَّر أهلها، وشعروا أنهم أفضل ممن حولهم، كأنهم في السماء والمدن الأخرى أحقر منهم في الأرض، ورفضوا الإيمان به؛ فمصير هذه المدينة هو الهبوط إلى الجحيم.ومقدار عمل نعمة الله في كَفْرَنَاحُومَ، لو عُمِلَ في سدّوم قديما، لتابت ولم يتم فيها الحكم الإلهي بالحرق.
ع24:
ثم يؤكد أن عذاب سدوم في يوم الدينونة، سيكون أقل من عذاب كَفْرَنَاحُومَ التي رفضته، فالاثنتان ستهلكان، ولكن تزداد قسوة العذاب لكَفْرَنَاحُومَ من أجل رفضها للمسيح؛ وكذلك كل من يرفض اليوم الإيمان والسلوك المسيحي، سيكون عقابه أكثر.
25 فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. 26 نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ. 27 كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ. 28 تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. 29 اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. 30 لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ».
"في ذلك الوقت": أي بعد كلامه عن كبرياء البلاد التي بشرها ورفضته، وينتظرها عقاب شديد.
"أجاب": يبدو أن سؤالا وجهه البعض له عن مصير الدارسين للناموس، الموجودين في هذه البلاد، فأجاب بصلاة:
"أحمدك": كإنسان، يوجه الشكر لله من أجل حكمته وتدابيره.
"الحكماء والفهماء": الكتبة والفرّيسيّون الحكماء في أعين أنفسهم، والمتكبرون بعلمهم.
الأطفال: التلاميذ الضعفاء في معرفتهم، ولكنهم متضعين ومطيعين لكلامه.
"نعم": تأكيد للإجابة السابقة، بأن نعمة الله توهب للمتضعين.
"المسرة": فرح الله أن يهب نعمته للمتضعين.
في هذا الحديث العظيم بين الابن والآب، يعترف المسيح ويعلن حقيقة هامة، وهي أن معرفة الله توهب للبسطاء المتضعين، ويُحرَم منها الحكماء في أعين أنفسهم، أي المتكبرون، فالله لا يعطى مجده لآخر.
ع27:
"دُفع إلىّ من أبى": أي أن الابن نال السلطان الكامل لفداء وتخليص البشرية، وليس معنى دُفع أنه لم يكن له السلطان ثم ناله حينما تجسد، بل هو إعلان لنا كبشر أن الابن له كل سلطان الآب، فاليهود يعرفون الله في العهد القديم، فيُعرّفهم المسيح، الذي ظهر في العهد الجديد، بنفسه، أنه الله صاحب كل السلطان، لأنه واحد مع الآب في الجوهر."ليس أحد يعرف الابن": أي كل البشر، مهما كان إيمانهم، لن يعرفوا كل جوهر الله، لأنهم محدودون ومعرفتهم محدودة، فالله الآب فقط هو القادر أن يعرف الابن، لأنه مساوٍ له في الجوهر.
"ولا أحد يعرف الآب": كما أن كل البشر المؤمنين بالله في العهد القديم، لا يمكنهم معرفة الله الآب كمال المعرفة، فالوحيد الذي يعرف الآب، هو الابن الذي له نفس جوهر الآب.
"من أراد الابن أن يُعْلَنُ له": هم القديسون الذين يُعَرّفهم المسيح بروحه القدّوس معرفة أكبر عن الله، ليس كل شىء، ولكن أكثر من غيرهم من البشر، وذلك لاتضاعهم واشتياقهم لمحبة الله.
لا أحد يعرف الله إلا جوهره نفسه، لأنه أعلى من إدراك البشر. فالابن يعرف الآب والآب يعرف الابن، أي الله فقط هو الذي يعرف نفسه. ولكن الله في محبته، أظهر نفسه لنا من خلال تجسد الابن، الذي يعرفنا بالله على قدر اتضاعنا، وهؤلاء المتضعون هم المختارون المتمتعون بمعرفة الله.
ع28:
"تعالوا إلىّ": دعوة لجميع البشر الذين يشعرون بمتاعبهم، واحتياجهم للخلاص. أما المنغمسون في العالم ويكتفون بشهواته، فلا يشعرون بحاجتهم للمسيح."المتعبين والثقيلى الأحمال": مِنْ ثِقَلِ الخطية، وتوبيخ الضمير، والمشاكل الناتجة عن خطاياهم، وكل ضغوط الحياة ومخاوفها.
"أريحكم": لم يعِد البشر بمنع الضيقات، ولكن يعدهم بالراحة أثناءها، إذ يحملها معهم وعنهم، فلا يشعروا بثقلها، ويتعزَّوْا ويفرحوا بعشرته.
تجسد المسيح ليحمل عنا أتعابنا وخطايانا على الصليب، فأحضانه مفتوحة ليرفع عنا خطايانا وكل ما ينتج عنها، فنجد سلامنا فيه، وهو قادر أن يدبر كل أمور حياتنا.
"نيرى": النير هو الخشبة الموضوعة على رقاب الحيوانات التي تجر الآلات الزراعية مثل المحراث، فحمل النير معناه إحناء الرقبة، أي الاتضاع، واحتمال الألم لأجل المسيح، وهذه هي سمات تابعى المسيح.
"تعلّموا منى": المسيح قدوة لنا في كل سلوكه على الأرض، وهو المثل الأعلى للبشرية.
"وديع": يحتفظ بسلامه وهدوئه الداخلي، ولا ينفعل لأي مكسب أو خسارة.
"متواضع": يضع نفسه تحت الكل، متخليا عن كل مجده.
"راحة لنفوسكم": الوداعة والتواضع هما الطريق لنوال الخلاص.
يطمئننا الرب أن نيره هيّن وخفيف، لأنه يحمله معنا، وإذا حمل اثنان حملا واحدا، فالثقل يكون على الأقوى. فإذا كان الله الأقوى - بلا حدود - يحمل معنا، فهو يحمل كل شيء عنا، فلا نشعر بأى تعب، بل نتمتع بعشرته طوال طريق حياتنا، ونعاين عمله فينا وفي النفوس التي نتعامل معها ونخدمها.
* اتضع تحت أقدام الكل، فتعرف الله وتتمتع بعشرته...
اقبل الألم لأجل الله، تراه بجوارك يشجعك، ويفرّح قلبك، ويرفع عنك أي ألم ومعاناة، لأنه يسندك في كل شيء.
← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير متى 12 |
قسم تفاسير
العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير متى 10 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/matthew/chapter-11.html
تقصير الرابط:
tak.la/9jmzc2x