← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
اَلأَصْحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ
في الأصحاح السابق رأينا كيف أقام الله ياهو ليبيد بيت أخآب الذي أفسد هو وزوجته وأسرته وكهنته ومعارفه مملكة إسرائيل، وكاد أن يحولها من شعب الله إلى شعب وثني يعبد البعل، ويقاوم الأنبياء ورجال الله. انتقل هذا الوباء إلى يهوذا، حيث دخلت الأسرتان في علاقة نسب. قام ياهو بقتل ملكي إسرائيل ويهوذا، وبقدر الإمكان كل من ينتمي لبيت أخآب. الآن استلمت عّثّلْيّا ابنة أخآب وإيزابل الحُكْم في يهوذا. وإذ حملت روح أمها الشريرة، وضعت في قلبها أن تبيد كل بيت داود، فلا يستلم أحد منهم الحكم، كما تفرغت لنشر العبادة الوثنية في يهوذا. وهي المرأة الوحيدة التي استلمت الحكم في مملكتي يهوذا وإسرائيل.
اهتم يهوشافاط ملك يهوذا بتقوية مملكة يهوذا؛ لكنه قام بتزويج ابنه يهورام لعثليا ابنة أخآب. هذا الزواج، في رأي الكثيرين، كان جزءًا من خطة شيطانية لإدخال الوثنية في يهوذا[1].
|
1-3. |
|
|
4-12. |
|
|
13-16. |
|
|
17-21. |
1 فَلَمَّا رَأَتْ عَثَلْيَا أُمُّ أَخَزْيَا، أَنَّ ابْنَهَا قَدْ مَاتَ، قَامَتْ فَأَبَادَتْ جَمِيعَ النَّسْلِ الْمَلِكِيِّ. 2 فَأَخَذَتْ يَهُوشَبَعُ بِنْتُ الْمَلِكِ يُورَامَ، أُخْتُ أَخَزْيَا، يُوآشَ بْنَ أَخَزْيَا وَسَرِقَتْهُ مِنْ وَسَطِ بَنِي الْمَلِكِ الَّذِينَ قُتِلُوا، هُوَ وَمُرْضِعَتَهُ مِنْ مُخْدَعِ السَّرِيرِ، وَخَبَّأُوهُ مِنْ وَجْهِ عَثَلْيَا فَلَمْ يُقْتَلْ. 3 وَكَانَ مَعَهَا فِي بَيْتِ الرَّبِّ مُخْتَبِئًا سِتَّ سِنِينَ. وَعَثَلْيَا مَالِكَةٌ عَلَى الأَرْضِ.
فَلَمَّا رَأَتْ عَثَلْيَا أُمُّ أَخَزْيَا أَنَّ ابْنَهَا قَدْ مَاتَ،
قَامَتْ فَأَبَادَتْ جَمِيعَ النَّسْلِ الْمَلِكِيِّ. [1]
في الأصحاح السابق رأينا إنسانًا يدفعه الرب إلى عرش مملكة إسرائيل، ليبيد كل البيت الذي أفسد القادة والشعب. لكن للأسف وإن كان قد أبادهم لم يعرف كيف يُسلِّم قلبه للرب، حتى يتحقق فيه قول الحكيم: "قلب الملك في يد الرب، كجداول مياه حيثما شاء يميله" (أم 21: 1). الآن يُقدِّم لنا صورة أخرى خطيرة لامرأة تستلم الحكم في يهوذا، وعوض أن تضع قلبها في يد الرب، وضعت في قلبها أن تقاوم الرب، فقاومت نفسها، وحطَّمتْ مركزها وحياتها وهي لا تدري. هذان الاثنان: الملك ياهو في إسرائيل والملكة عثليا في يهوذا، مع أنهما نقيضان، الأول يبدو كمن له غيرة على عبادة الله الحيّ، والثانية كانت لها غيرة على نشر عبادة البعل. لكن كليهما إذ لم يضعا قلبيهما في يد الرب، يقدمان لنا دعوة واحدة من أجل بنيان مملكة الله في داخلنا، وهي أن نضع قلوبنا في يد ملك الملوك، إذ جعلنا "ملوكًا وكهنة" (رؤ 1: 6).
v أودع نفسك في يديّ الرب، ليس فقط عندما ترحل من الجسد، بل حتى وهي بعد في الجسد، فلتكن في يديّ الرب. لأنك لا تراها (لا ترى نفسك)، ولا ترى مصدرها، ولا موضع بلوغها. إنها فيك، وهي أيضًا مع الله. "قلب الملك في يد الرب"، الذي يقودها ويوجهها... إن كان قلب إنسانٍ في يد الرب، كم بالأكثر تكون نفسه؟[2]
v إن كان قلب الملك في يد الله. فإنه لا يخلص بقوة الذراعين، بل بالقيادة الإلهية. الآن ليس أي إنسانٍ عشوائيًا في يد الله، بل ذاك الذي يتأهل لاسم الملك[3].
v ملوك الأرض هم الذين يسيطرون على الخطية، لهذا فإن الذين يحكمونها يقدمون تشكرات.
بالتأكيد لا يشير النبي إلى ملوك هذا العالم، إذ كُتب: "قلب الملك في يد الرب".
هل يمكن ولو إلى لحظة تظن أن قلب يوليان الجاحد في يد الله؟ حاشا! أو قلب نيرون أو مكسيميانوس أو داكيوس المُضطهِدِين؟ حاشا! لا، فإنه يتحدث عن الذي يسيطرون على الخطية، وذلك لأن قلبهم في يد الله، هؤلاء الذين يغلبون الرذائل وأهواء نفوسهم، وبهذا يسودون على الخطية[4].
v هل قلب منسّى في يد الله؟... هل قلوب ملوك يهوذا الأشرار في يد الله؟...
لذلك فإن الملوك هم القديسون، وقلوبهم في يد الرب[5].
عثليا أم أخزيا ملك يهوذا، وهو غير أخزيا ملك إسرائيل ابن أخآب وإيزابل.
بعد اغتيال ابنها، وضعت في قلبها إبادة كل النسل الملكي بغدرٍ رهيبٍ. لعلها ظنت أنها تستطيع أن تقاوم الوعد الإلهي الخاص بإقامة الملوك من نسل داود، فكما أُبيد نسل بيت أبيها، أرادت إزالة المُلك من كل بقية نسل داود.
أدخلت عثليا ابنة أخآب وإيزابيل وأرملة يهورام ملك يهوذا عبادة البعل إلى يهوذا، وكانت مثل أمها في شرورها وعنفها. لم تتأخر عن سفك الدم لتحقيق هدفها. تسلطت على رجلها (2 مل 8: 18، 27؛ 2 أي 21: 6)، وعلى ابنها (2 أي 22: 2-4).
يرى القديس مار أفرام السرياني[6] أن عثليا كانت تحث ابنها أخزيا أن يعمل خلال أبناء الإثم على سحب الكهنة من بيت الرب لعبادة الأوثان، وكان ابنها كأعمى يطيعها دون مناقشة. ولما استلمت الحكم بعد اغتيال ابنها أرادت تحقيق ذلك بنفسها، كي تسحب اليهود من عبادة الرب إلى العبادة القديمة لأهل صيدون.
كان الكبرياء وراء دمار كل من ياهو الذي اختاره الرب لتأديب بيت أخاب، ودمار عثليا. كلاهما استلما العرش، وظنا أنهما بقوتهما وحكمتهما قادران على تحقيق رسالتهما بكل نجاحٍ. فمع ما كان لهما من قدرات وإمكانيات ومواهب، غير أن عدم رجوعهما إلى الله بروح التواضع، يطلبان مشورته وحكمته واستلام عجلة القيادة بنفسه فشلا، بل ودمرَّا نفسيهما بالرغم من مظاهر النجاح البرَّاقة في بداية استلام كل منهما للعرش.
الكبرياء أو التشامخ هو طريق تدمير الإنسان لنفسه مهما كان مركزه.
v لاحظوا هؤلاء الناس المتكبرين المستهترين، لاحظوا الثور وهو يُعَد للذبح، يُترَك ليجول في حرية، يُدَمِّر ما يريد، حتى يوم ذبحه... يشير الكتاب المقدس إليه في موضع آخر كذبيحةٍ وإنه يُترَك لحرية شريرة (أم 7: 22)[7].
v كل المتكبرين يحملون رقابًا متشامخة، فلا يمارسون الشرور فحسب، بل ويرفضون أن يحسبوها شرورًا. وعندما يُنتهَرون يُبَرِّرون أنفسهم[8].
v يحارب الأشرار الله، فتتحطم الأواني الخزفية وتصير كسرًا، هكذا ينتفخ البشر معتمدين على قوتهم الذاتية. هذا هو الدرع الذي يتحدث عنه أيوب بخصوص الشرير. "يجري ضد الله، على عنقه المتصلب لدرعه. ما هو "العنق المتصلب لدرعه" (راجع أي 15: 26)؟ ذاك الذي يعتمد بالأكثر جدًا على حمايته الذاتية[9].
v يفتخر أناس بكونهم أبناء حكام، وبقدرتهم على إنزال بعض الكهنة من درجاتهم الكهنوتية، مثل هؤلاء يتعظمون ويفتخرون من أجل أمور تافهة لا طائل من ورائها، وبالتالي فإنه لا يوجد أدنى سبب لتعظمهم هذا... ويوجد من يفتخرون بأنهم قد حصلوا على ما يسمونه امتياز Promotion يمكنهم من الإطاحة برؤوس الناس: إن مجد هؤلاء الناس يكون في خزيهم (في 3: 19). وآخرون يفتخرون بغناهم، ليس الغنى الحقيقي، بل الغنى الأرضي... لا تستحق كل هذه الأشياء حتى أن توضع في الاعتبار، ولا يليق بنا أن نفتخر بأي منها.
الأشياء التي تعطينا الحق في التعظم والافتخار، هي أن نفتخر بأننا حكماء، أو أن نفتخر (بتعقّل) بأننا منذ عشر سنوات مثلاً لم نقترب من الملذات الجسدية والشهوات، أو لم نقترب منها منذ الطفولة؛ أيضًا حينما نفتخر بحمل القيود في أيدينا من أجل السيِّد المسيح، هذه أشياء تدعو للافتخار عن حقٍ، ولكن حتى هذه الأشياء أيضًا، فإذا حكَّمنا عقلنا بالحق، نجد أنه ليس لنا أن نتعظم أو نفتخر بها.
كان لدى بولس الرسول ما يدعوه للتشامخ بسبب الرؤى والإعلانات والمعجزات والعلامات وبسبب الآلام التي تحمَّلها من أجل السيِّد المسيح، وبسبب الكنائس التي أقامها في أماكن كثيرة من العالم، في كل ذلك كان لديه ما يدعوه للافتخار، وبحسب الأشياء الخارجية الظاهرة التي تدعو للفخر، كان سيبدو افتخار بولس الرسول شيئًا طبيعيًا بالنسبة للناس؛ ومع ذلك، وبما أنه من الخطر عليه أن يفتخر، حتى بالنسبة لتلك الأشياء، فإن الآب في رحمته، كما أعطاه تلك الرؤى، أعطاه أيضًا على سبيل الرأفة به، ملاك الشيطان ليلطمه لئلاَّ يرتفع؛ ومن أجل هذا تضرع بولس إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقه، فأجابه الله: "تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تكمل" (2 كو 12: 7-9)[10].
v ابغض العظمة، لأنها الثمرة المملوءة موتًا.
لأن آدم أكل منها في عدن، وأعطته الموت.
وبها سقط الشيطان من البدء.
بها سقط بيت آدم من الفردوس.
ليس عند الله شيء بخس ومكروه كمثل حُب العظمة، ومن يتشامخ بالكبرياء.
فَأَخَذَتْ يَهُوشَبَعُ بِنْتُ الْمَلِكِ يُورَامَ أُخْتُ أَخَزْيَا يُوآشَ بْنَ أَخَزْيَا،
وَسَرِقَتْهُ مِنْ وَسَطِ بَنِي الْمَلِكِ الَّذِينَ قُتِلُوا هُوَ وَمُرْضِعَتَهُ مِنْ مِخْدَعِ السَّرِيرِ،
وَخَبَّأُوهُ مِنْ وَجْهِ عَثَلْيَا فَلَمْ يُقْتَلْ. [2]
"عثليا" وتعني "الرب يتمجد". لكن للأسف لم تسلك كما يليق باسمها.
وضعت عثليا في قلبها إبادة أحفادها نسل أخزيا وكل النسل الملكي، لكنها فشلت، إذ اختطفت يهوشبع ابن أخيها يوآش بن أخزيا مع مرضعته وخبأته في بيت الرب لمدة ست سنوات، وذلك بعناية الرب، ساعدها في ذلك زوجها يهوياداع رئيس الكهنة التقي. بلا شك بكونها أخت أخزيا، كان لها حرية الدخول والخروج في القصر الملكي. أشفق خدّام البيت على الطفل الصغير، واتفقوا معها على إنقاذه. ذلك لأن الله قد وعد داود أن كرسيه يكون ثابتًا، وأن المسيا يأتي من نسل داود الملكي (2 صم 7)، فلم يسمح بالإبادة الكاملة. لقد حفظ الله يوآش من أجل عهده مع داود.
"يهوشبع" بنت الملك يهورام وأخت أخزيا من أبيه وليس من أمه كما يقول يوسيفوس[11]. لم تكن ابنة عثليا، لأنها قاومت شرها (2 مل 11: 2؛ 2 أي 22: 11)، وخلَّصتْ يوآش وأخفته ست سنين في الهيكل لكي لا تعثر عليه عثليا وتقتله. ربما لم يكن لدى عثليا عِلْم بوجود يوآش، لهذا لم تبحث عنه لتقتله.
أخفت يهوشبع يوآش الصغير في بيت الرب، حتى يمكنه أن يحتل مركزه كقائد للشعب (2 مل 11: 12). هكذا أخفت مريم أخاها موسى (خر 2: 3)، وأخفت راحاب الجاسوسين (يش 2: 4) ويوسف ومريم أخفيا الطفل يسوع في مصر (مت 2: 13) حتى يحين الوقت المناسب.
في بيت الله لا نحتمي فقط من الأعداء الأشرار، بل وننال كرامة، إذ ترتفع رؤوسنا، ونُقدِّم ذبائح التهليل والتسبيح. فيه تتيقن قلوبنا من النصرة الكاملة، لذا نرفع رؤوسنا بفرحٍ واعتزازٍ، مع أننا نرى نفوسنا وقد أحاط بها الأعداء من كل جانب يهددوننا.
كان يُنظَر إلى الهيكل كموضع أمان (2 مل 11: 3؛ نح 6: 10)، سرّ أمانه ليس حصونه وحوائطه، وإنما الله الساكن فيه، والشركة معه التي تُختبَر داخله. بحقٍ يجد المؤمن في بيت الرب أمانه وسلامه الداخلي وراحته وسعادته ونموه الدائم.
"واحدة سألتُ من الرب وإياها التمس، أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي، لكي أنظر إلى جمال الرب وأتفرس في هيكله". (مز 27: 4)
"مغروسين في بيت الرب، في ديار إلهنا يزهرون". (مز 92: 13)
"مبارك الآتي باسم الرب، باركناكم من بيت الرب". (مز 118: 26)
"فرحتُ بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب". (مز 122: 1)
"من أجل بيت الرب إلهنا ألتمس لك خيرًا". (مز 122: 9)
"هوذا باركوا الرب يا جميع عبيد الرب الواقفين في بيت الرب بالليالي". (مز 134: 1)
"الواقفين في بيت الرب في ديار بيت إلهنا". (مز 135: 2)
v "مغروسين في بيت إلهنا في ديار إلهنا يزهرون" (مز 92: 13). نُغرَس في موضع، ونزهر في موضع آخر. هنا نُغرَس، وفي ملكوت الله نزهر...
لقد غُرست في بيت الرب، أي في الكنيسة، ليس بين الأسوار، وإنما في تعاليمها، إذ يقول الرب: "ملكوت الله داخلكم" (لو 17: 21). كل من يُغرَس في بيت الرب، وتنمو جذوره هنا، يأتي بالزهور هناك...
نبدو أننا في بيتٍ هنا، لكن بالمقارنة مع الملائكة والقوات الأخرى لا نكون في بيت نهائي، وإنما في دارٍ فقط. نحن الآن في البداية، لا في نهاية الكمال. سوف لا نكون ملائكة بل مثل الملائكة. لا تحسب هذا بالأمر الهيِّن بالنسبة لك يا إنسان، إن كنتَ ستصيرُ مثلَ ملاكٍ[12].
v يدخل الحديقة ليغرس شجر زيتون صغير (شتلات) في بيت الرب (مز 128: 3)، ويروي البار المزدهر مثل نخلة (مز 92: 13)، والكرمة المُثمِرة بينبوع دمه[13].
تمت السرقة إما من بين جثث القتلى، إذ ظنوا أنه ميت، أو من جناح الحضانة.
"مخدع السرير"، الترجمة الحرفية "حجرة المراتب أو الأسرة"، غالبًا ما كانت حجرة لتخزين المراتب، وهو موضع لم يخطر على أحد أن يبحث فيه عن بني الملك.
هنا نقف في دهشةٍ من حكمة العناية الإلهية الخفية. فقد تزوجت ابنة يهورام الملك الشرير كاهنًا غيورًا. فمن جانب الأميرة استطاعت أن تقوم بدور إنقاذ الطفل، ومن جانب آخر استطاع زوجها الكاهن أن يحفظه في مكان آمن لا يخطر على الملكة أن يكون مخبأ لإنقاذ أحد أبناء الملك ومعه مرضعته.
يبدو أن في قيام الملكة عثليا بإبادة جميع النسل الملكي لم تقم بعمل إحصاء لهم وتسجيل أسمائهم والتأكد من قتلهم، إنما ظنت أنها صاحبة سلطان تأمر فتُطاع من كل رجال القصر والقائمين بالإبادة.
وَكَانَ مَعَهَا فِي بَيْتِ الرَّبِّ مُخْتَبِئًا سِتَّ سِنِينَ،
وَعَثَلْيَا مَالِكَةٌ عَلَى الأَرْضِ. [3]
لم تدرك عثليا أن الله هو ملك الملوك، وحسبت أنها صاحبة السلطان، تفعل ما تشاء دون رقيب سماوي، وأنه لا توجد قوة تقف أمامها. لقد سبق فحذر الحكيم من غضب الملك، حاسبًا أنه كأسدٍ يزمجر لا لينتقم، إنما ليترك الشر الذي يفعله الإنسان يحطمه، إذ يقول: "رُعب الملك كزمجرة الأسد، الذي يغيظه يُخطئ إلى نفسه" (أم 20: 2). من هو هذا الملك إلا الأسد الخارج من سبط يهوذا. يقول العلامة أوريجينوس: [الحديث هنا في هذا الموضع مفتوح عن المسيح بكونه الملك، فمن يُغضب المسيح بخطيته، فإن خطاياه ذاتها تقف ضده[14].]
لم يكن للملكة عثليا أن تفكر في الهيكل أو تهتم به، إذ كانت تمارس عبادة الأوثان وتحبها.
"عثليا مالكة على الأرض"، أي لمدة ست سنوات كانت عبادة البعل قائمة، وأُهملت عبادة الرب، وبُني معبد للبعل، وتعيَّن له كاهن (2 مل 11: 18).
بمقارنة ما ورد في (2 مل 12: 5-12) مع (2 أي 24: 7)، يظهر مدى اهتمام عثليا بنشر عبادة البعل في يهوذا وإبطال العبادة في بيت الرب قدر المستطاع. لقد حسبت بيت الرب أشبه بمخازن تُسحَب منه الأواني لاستخدامها في هيكل البعل، إذ كان قريبًا منه.
لم يخطر على فكر عثليا أن تتقصَّى ما يحدث في بيت الرب، فقد كانت واثقة أنه تدريجيًا سينهار بقوة أمام هيكل البعل.
4 وَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ أَرْسَلَ يَهُويَادَاعُ فَأَخَذَ رُؤَسَاءَ مِئَاتِ الْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةِ، وَأَدْخَلَهُمْ إِلَيْهِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَقَطَعَ مَعَهُمْ عَهْدًا وَاسْتَحْلَفَهُمْ فِي بَيْتِ الرَّبِّ وَأَرَاهُمُ ابْنَ الْمَلِكِ. 5 وَأَمَرَهُمْ قَائِلًا: «هذَا مَا تَفْعَلُونَهُ: الثُّلْثُ مِنْكُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي السَّبْتِ يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ بَيْتِ الْمَلِكِ، 6 وَالثُّلْثُ عَلَى بَابِ سُورٍ، وَالثُّلْثُ عَلَى الْبَابِ وَرَاءَ السُّعَاةِ. فَتَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ الْبَيْتِ لِلصَّدِّ. 7 وَالْفِرْقَتَانِ مِنْكُمْ، جَمِيعُ الْخَارِجِينَ فِي السَّبْتِ، يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ بَيْتِ الرَّبِّ حَوْلَ الْمَلِكِ. 8 وَتُحِيطُونَ بِالْمَلِكِ حَوَالَيْهِ، كُلُّ وَاحِدٍ سِلاَحُهُ بِيَدِهِ. وَمَنْ دَخَلَ الصُّفُوفَ يُقْتَلُ. وَكُونُوا مَعَ الْمَلِكِ فِي خُرُوجِهِ وَدُخُولِهِ». 9 فَفَعَلَ رُؤَسَاءُ الْمِئَاتِ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ، وَأَخَذُوا كُلُّ وَاحِدٍ رِجَالَهُ الدَّاخِلِينَ فِي السَّبْتِ مَعَ الْخَارِجِينَ فِي السَّبْتِ، وَجَاءُوا إِلَى يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ. 10 فَأَعْطَى الْكَاهِنُ لِرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ الْحِرَابَ وَالأَتْرَاسَ الَّتِي لِلْمَلِكِ دَاوُدَ الَّتِي فِي بَيْتِ الرَّبِّ. 11 وَوَقَفَ السُّعَاةُ كُلُّ وَاحِدٍ سِلاَحُهُ بِيَدِهِ مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ الأَيْمَنِ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ الأَيْسَرِ حَوْلَ الْمَذْبَحِ وَالْبَيْتِ، حَوْلَ الْمَلِكِ مُسْتَدِيرِينَ. 12 وَأَخْرَجَ ابْنَ الْمَلِكِ وَوَضَعَ عَلَيْهِ التَّاجَ وَأَعْطَاهُ الشَّهَادَةَ، فَمَلَّكُوهُ وَمَسَحُوهُ وَصَفَّقُوا وَقَالُوا: «لِيَحْيَ الْمَلِكُ».
وَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ أَرْسَلَ يَهُويَادَاعُ،
فَأَخَذَ رُؤَسَاءَ مِئَاتِ الْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةِ،
وَأَدْخَلَهُمْ إِلَيْهِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ،
وَقَطَعَ مَعَهُمْ عَهْدًا،
وَاسْتَحْلَفَهُمْ فِي بَيْتِ الرَّبِّ،
وَأَرَاهُمُ ابْنَ الْمَلِكِ. [4]
قام رئيس الكهنة بوضع خطة مُحْكَمَة وحكيمة، حتى لا تقوم عثليا بتدبير مضاد. فلم تنجح خطتها، إذ فوجئت بأن المملكة عادت لنسل داود بعد سبع سنوات من حكمها، وذلك بتدبير إلهي على يد يهوياداع.
يهوياداع: اسم عبري معناه "الله يعرف". كان رئيس الكهنة في أيام أخزيا وعثليا ويوآش. وهو زوج يهوشبع أخت الملك أخزيا. وضع في قلبه مع زوجته إنقاذ الطفل يوآش من يد عثليا، إذ كان هو الوحيد من بيت داود، من خلاله لا يزول الحكم من نسل داود. قام بالاهتمام به، ودبَّر الروح القدس بواسطته خطة سياسية لتجليسه ملكًا وهو طفل في السابعة من عمره، وكان يقوم بدور الوصاية.
بسبب أعماله المجيدة في مساندة يوآش وإزالة الأوثان وإصلاح الهيكل، دُفِنَ في مدافن الملوك بأورشليم ( 2 أي 24: 15 الخ). فقد اهتم بحركة تجديد شاملة:
1. تجليس الملك الجديد على عرشه.
2. إقامة عهد بين الرب والملك وشعبه أن يصيروا شعب الله [17].
3. إقامة عهد بين الملك والشعب [17].
4. قام الشعب كله بتحطيم بيت البعل [18].
5. قاموا بتحطيم تماثيل البعل [18].
6. قتلوا متَّان كاهن البعل [18].
7. تعيين الكهنة نظارًا على بيت يهوه.
8. حدوث فرح شامل وسلام في كل المدينة بالتجديدات التي تمت تحت إشراف يهوياداع [20].
ظهور يوآش أصغر ملك في كل تاريخ إسرائيل ويهوذا، يُعتبَر لحظة حاسمة. إذ تم تجليسه وهو في السابعة من عمره، ملك 40 عامًا. وإن كان للأسف انحرف في أيامه الأخيرة، واغتاله خدامه وهو في السابعة والأربعين من عمره.
حرصت الكنيسة منذ العصر الرسولي ألا يُسام القادة الروحيين، خاصة الأساقفة في سنٍ صغيرٍ، مع عدم تجاهل من وُهبوا حكمة وتقوى وتعقُّل من الشباب.
جاء في قوانين الرسل القديسين عن سيامة الأسقف [أما بخصوص الأساقفة نسمع من ربنا أن الراعي الذي يُسام أسقفًا للكنائس في أية إيبارشية يلزم أن يكون بلا لوم ولا عيب، متحررًا من كل أنواع الشر السائد بين عامة الناس، ولا يكون أقل من الخمسين سنة. فإن مثل هذا يكون قد عبر فترة الشباب في حياة صالحة... ولكن إن كان في إيبارشية صغيرة لا يوجد شخص متقدم في السن، فليُسم شخص أصغر على أن تكون له سمعة صالحة لدى جيرانه، وأن يحسبوه أهلاً لوظيفة أسقف، عبر صباه في وداعة وتعقُّل كما لو كان شخصًا شيخًا، وذلك بعد امتحانه ووجود تقرير عنه، يُسام في سلام... فإن يوشيا في الثامنة من عمره ملَكَ باستقامة (2 مل 22: 1). بنفس الكيفية يوآش حكم الشعب في السابعة من عمره (2 أي 24: 1؛ 2 مل 11: 3-4). لهذا، وإن كان الشخص صغيرًا، فليكن وديعًا ولطيفًا وهادئًا. لأن الرب الإله يقول بإشعياء: "وإلى هذا أنظر، المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي" (إش 66: 2)[15].]
خلال هذه السنوات الست التي أُخفي فيها الطفل يوآش في الهيكل، كان روح الرب يعمل بقوة في حياة يهوياداع، فقد تلمّذ ليس فقط كهنة غيورين على مملكة الله، وإنما كان له دوره الفعَّال حتى في حياة الجلادين والسعاة وغيرهم ليُعد قادة وشعبًا يرفضون عنف عثليا ومقاومتها لعمل الله. وقد حان الوقت لأخذ موقف جريء علني على مستوى القادة والشعب للخلاص من عثليا وجبروتها، وقبول لا الطفل يوآش ملكًا بل بالحري الخضوع لله نفسه والرجوع إليه.
الجلادون: كانوا يجلدون المذنبين، كما يُقصَد بهم حُراس الملك، وكانوا أحيانًا أجنبيين. جعل داود حرَّاسه من الأجانب الذين كان يقدر أن يتكل عليهم أكثر من الإسرائيليين إذا حدثت فتنة أو شغب في الشعب (2 صم 15: 18).
السعاة: أي الرسل الذين يُرسَلون من مكانٍ إلى آخر يحملون أوامر الملك، أدخلهم يهوياداع (غالبًا كان رئيس الكهنة) إلى بيت الرب، أي إلى الغرفة التي كان فيها يختبئ ابن الملك.
ولا شك أنهم كانوا هم وكثيرون من بني يهوذا مشتاقين إلى الخلاص من اغتصاب عثليا للمُلك، ورجوعه إلى بيت داود.
جاء في (2 أي 23: 2) أنهم بعد معاهدتهم السرية جالوا في يهوذا، وجمعوا اللاويين ورؤوس آباء إسرائيل، وأتوا بهم إلى أورشليم، وقطعوا هم أيضًا عهدًا مع الملك في بيت الرب. وسلَّحهم يهوياداع بالحراب والمجان والأتراس التي في بيت الرب.
وَأَمَرَهُمْ: هَذَا مَا تَفْعَلُونَهُ.
الثُّلْثُ مِنْكُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي السَّبْتِ يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ بَيْتِ الْمَلِكِ، [5]
كان داود النبي قد قسَّم الكهنة واللاويين إلى 24 فرقة لقيام كل فرقة بالخدمة حسب دورها. وقد اختار يهوياداع يوم السبت لإعلان تجليس يوآش ملكًا في الهيكل، لأنه هو يوم احتشاد المؤمنين معًا. وغالبًا ما دعا يهوياداع كل الفرق للحضور دون أن يعلموا ما سيعلنه، إنما كان قد أعدهم لقبول الطفل الذي من نسل داود ملكًا.
لم يكن لديهم أسلحة، وقد اجتمع الشعب للعبادة، وبخطة مُحْكَمة تم توزيع الأسلحة التي كان داود الملك قد خزَّنها في الهيكل [10]، على المسئولين بإعلان تجليس يوآش ملكًا. كانت فرصة مبهجة لكل الشعب الذي فقدوا الأمل في استلام أحد من بيت داود الكرسي، إذ ظنوا أنه لم يعد بعد أحد منهم على قيد الحياة.
وَالثُّلْثُ عَلَى بَابِ سُورٍ،
وَالثُّلْثُ عَلَى الْبَابِ وَرَاءَ السُّعَاةِ.
فَتَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ الْبَيْتِ لِلصَّدِّ. [6]
كان الحراس ثلاثة أقسام. أمر يهوياداع أن ثلثهم يحرسون بيت الملك، أي القصر الذي كانت عثليا ساكنة فيه. وثلثان يقومان بحراسة بيت الرب حول الملك يوآش [7].
الثلث الأول، أي حراس بيت الملك انقسموا إلى ثلاث أقسام:
أ. قسم على باب السور، غالبًا المدعو باب الأساس (2 أي 23: 5).
ب. قسم على الباب وراء السعاة.
ج. قسم ربما كان في بيت الحراس تحت الطلب.
خلال هذا التنظيم العادي أراد يهوياداع ألا ترى عثليا الملكة شيئًا يدل على الخيانة.
جَمِيعُ الْخَارِجِينَ فِي السَّبْتِ،
يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ بَيْتِ الرَّبِّ حَوْلَ الْمَلِكِ. [7]
الذين كانوا قد أكملوا مدة خدمتهم، ولكن عليهم أن يحضروا إلى بيت الرب، ليقوموا بحراسته حول الملك، ولا ينصرفوا حسب العادة.
وَتُحِيطُونَ بِالْمَلِكِ حَوَالَيْهِ،
كُلُّ وَاحِدٍ سِلاَحُهُ بِيَدِهِ.
وَمَنْ دَخَلَ الصُّفُوفَ يُقْتَلُ.
وَكُونُوا مَعَ الْمَلِكِ فِي خُرُوجِهِ وَدُخُولِهِ. [8]
بخطة مُحْكَمة وضعها رئيس الكهنة، لم يدع فرصة لأحدٍ أن يتسلل إلى الطفل الملك ويقتله إرضاءً لعثليا الملكة. كما بكل إحكام لم يدع أن تُوجد فرصة لإحداث أي شغب أو اضطراب يُفسِد الاحتفال بتجليس الملك.
فَفَعَلَ رُؤَسَاءُ الْمِئَاتِ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ،
وَأَخَذُوا كُلُّ وَاحِدٍ رِجَالَهُ الدَّاخِلِينَ فِي السَّبْتِ مَعَ الْخَارِجِينَ فِي السَّبْتِ،
وَجَاءُوا إِلَى يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ. [9]
الداخلون هم الذين صار دورهم للخدمة، والخارجون هم الذين أكملوا مدة خدمتهم، لكنهم لم ينصرفوا.
فَأَعْطَى الْكَاهِنُ لِرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ الْحِرَابَ وَالأَتْرَاسَ،
الَّتِي لِلْمَلِكِ دَاوُدَ الَّتِي فِي بَيْتِ الرَّبِّ. [10]
خصَّص داود الملك هذه الحراب والأتراس للهيكل بعد أن ضرب جيش هدد عزر (2 صم 8: 9-11). ولما كانت هذه الأسلحة ليست من ذهب أو فضة، لذلك تجاهلها شيشق ملك مصر حين استولى على خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك (1 مل 14: 25-26).
وَوَقَفَ السُّعَاةُ كُلُّ وَاحِدٍ سِلاَحُهُ بِيَدِهِ،
مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ الأَيْمَنِ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ الأَيْسَرِ،
حَوْلَ الْمَذْبَحِ وَالْبَيْتِ،
حَوْلَ الْمَلِكِ مُسْتَدِيرِينَ. [11]
كانوا مصطفين في الدار أمام البيت، وامتدت الصفوف من الجانب الواحد إلى الآخر. كان باب الهيكل إلى الشرق، فكان جانب البيت الأيمن إلى الجنوب، والأيسر إلى الشمال.
يقصد بالمذبح هنا مذبح المحرقة الذي كان في الدار أمام البيت.
كانت الحراسة مُشَدَّدة حول الملك من كل جانبٍ، لكن الحراسة الحقيقية أن هذا التخطيط تم أمام بيت الرب المقدس والمُكرس لرب الجنود، فهو الحارس الحقيقي. يرنم المرتل، قائلاً: "إن لم يبنِ الرب البيت، فباطلاً يتعب البناؤون؛ إن لم يحفظ الرب المدينة، فباطلاً يسهر الحارس" (مز 127: 1).
v لِمَ تتألم، لأن لا بيت لنا ولا ستر ولا أناس؟ أليس من الأفضل لنا أن نسكن في باني بيتنا وبحراسة حارس بلدتنا؟ فإن لم يكن لداود موضع للراحة حتى وجده (وجد الله راحته)، فكيف نطلب نحن الراحة خارجًا عنه[16].
v مهما كنتَ أيها الراعي حذقًا ويقظًا في عملك، فلا يمكنك أن تنسب النجاح إلى خدمتك وإلى قوتك الشخصية واجتهادك في العمل. إذ أن الرب هو الذي يحفظ النفوس وحده، ونعمته تسهر عليها[17].
v "إن لم يحرس الرب المدينة، فباطلاً سهِرَ الحراس" (مز 127: 1)... إنَّنا نحرسكم في عملنا كوكلاء لله، لكنِّنا نحن أيضًا نود أن يحرسنا معكم.
إننا كما لو كنَّا رعاة بالنسبة لكم، لكنِّنا أيضًا في رعاية الله، إذ نحن خراف زملاء لكم.
إننا معلِّمون بالنسبة لكم، لكنِّنا بالنسبة لله فهو السيِّد الواحد، ونحن زملاء لكم في مدرسته.
إن أردنا أن يحرسنا الله الذي تواضع من أجلنا وتمجَّد لكي يحفظنا. فلنتَّواضع نحن أيضًا. فلا يحسب أحد أنه شيء، فإنَّه ليس لأحدٍ شيء صالح، ما لم يكن قد أخذه من الله الذي هو وحده صالح.
v هذا هو البيت الذي نبنيه بالحياة الفاضلة الحية، والذي يبنيه الله بمعاونته لنا لكي نحيا في حياة فاضلة، إذ "إن لم يبنِ الرب البيت، فباطلاً يتعب البناؤون" (مز 127: 1)[18].
وَأَخْرَجَ ابْنَ الْمَلِكِ، وَوَضَعَ عَلَيْهِ التَّاجَ، وَأَعْطَاهُ الشَّهَادَةَ،
فَمَلَّكُوهُ وَمَسَحُوهُ وَصَفَّقُوا،
وَقَالُوا: لِيَحْيَ الْمَلِكُ [12]
تمت مراسيم تجليس الملك العبراني (2 أي 23: 11) بالأعمال التالية:
ا. إحضار ابن الملك الذي كان مختفيًا في الهيكل من وجه عثليا ست سنوات.
ب. الإعلان عنه أنه الملك الشرعي.
ج. وضع التاج على رأسه. كلمة تاج هنا هي ذاتها المستخدمة بالنسبة لرئيس الكهنة، أي الإكليل الذهبي حول الرأس وبه شريط.
د. مسحه ملكًا. ذكر الكتاب المقدس مسح شاول أول ملك إسرائيل بواسطة صموئيل النبي (1 صمم 10: 1)، وأيضًا داود الملك (2 صم 2: 4)، كما مُسح سليمان (1 مل 1: 39)، ويوآش. وكان الملك يُدعى "مسيح الرب" (1 صم 12: 3، 5؛ 2 صم 1: 14، 16؛ مز 2: 2؛ حب 3: 13).
هـ. عند مسح الملك يُعطى نسخة من شريعة موسى، حيث يلتزم أن يسلك بها (تث 17: 18). وضع لنا سفر التثنية واجبات الملك بخصوص حفظ شريعة الله (تث 17: 18).
يقصد بالشهادة التي تُعطَى للملك قسم من أسفار موسى (تث 17: 18)، أو ما كان صموئيل قد كتبه (1 صم 10: 25)، أو الوصايا العشرة. الشهادة عبارة عن درج به الشريعة الإلهية مع إشارة أنها هي المُرشِد في تدبير أمور الدولة.
كلمة "أعطاه" لم ترد في بعض النُسخ، لذلك يفهم البعض أن الكاهن وضع عليه التاج والشهادة، أي جعلها فوق رأسه دليلاً على أن الملك يخضع لشريعة الله.
و. تصفيق الشعب بأياديهم وهتافهم له علامة قبوله بالإجماع والترحيب به. يلفت Harmer أنظارنا أن النص العبري هنا كما في المزمور 47: 1؛ إش 55: 2 جاء "يد" وليس: "أيادٍ"، لأن كل شخص يضرب بلطف بيده على شفتيه كعلامة على الفرح[19].
ز. الصراخ: "ليحيا الملك"؛ "الله يخلص الملك"!
صوَّر لنا هذا السفر الاحتفال بتتويج الطفل يوآش ملكًا بمراسيم تحمل الكثير من القدسية، قام بها رئيس الكهنة بنفسه، هذا الذي إلى سنوات كان يترقب هذا اليوم المُفرِح، وأعدَّ له الكثير. وكلَّفه من الجهد والمال الكثير. إنه صورة لتتويجنا ملوكًا وكهنة لله أبيه (رؤ 1: 6). يتحقق هذا الاحتفال المزدوج في مياه المعمودية حيث نتمتع بالميلاد الجديد، ونُحسَب أولاد ملك الملوك وننعم بالكهنوت العام، حيث نقدم ذبائح الشكر والتسبيح. هذا التتويج لم يتم بعد ست سنوات، إنما أعد له الله لقرون طويلة، وكلَّفه إرسال الآباء والأنبياء وتسليم الشريعة، بل كلفه بذل ابنه الوحيد لخلاص العالم.
يحدثنا آباء الكنيسة الأولى عن خلقة الإنسان ليكون ملكًا ورئيسًا أو حاكمًا:
v لم يدخل الإنسان البشري (آدم) إلى عالم الموجودات بعد (أي حتى اليوم السادس)... فإنه لا يليق بالحاكم أن يظهر قبل ظهور الأمور التي يسيطر عليها.
لكن ما أن صارت سلطنته مستعدة، حيث أعد الخالق كل الأشياء كمسكنٍ ملوكيٍ للملك القادم، حتى أُعلن عن الحاكم!
هذا المسكن الملوكي هو الأرض والجزائر والبحر والسماء التي هي كقوسٍ يحوط فوق الكل أشبه بسقفٍ لها.
في هذا القصر اختزن غنى من كل نوع: كل عالم النباتات والحيوانات، كل ما له جسد ونَفَسْ وحياة. وإن أراد أحد أن يُحصي الأمور المادية كغنى، يجد أيضًا كل ما هو جميل وذوو قيمة في نظر الإنسان، من ذهب وفضة وحجارة كريمة، يتمتع بها.
لقد خبأ الخالق هذه الأشياء بفيض في حضن الأرض، كما لو كانت كنزًا ملوكيًا، حتى متى ظهر الإنسان البشري في العالم، يتأمل بعضها، ويسيطر على البعض الآخر. فإنه إذ يتمتع بهذه الأمور، يشكر واهب الخيرات. وإذ ينظر جمال الأمور التي يراها وضخامتها، ينجذب إلى قوة خالقها العظيمة غير المُدرَكة[20].
v بلياقة يُدعَى القديسون ملوكًا في لغة الكتاب المقدس، إذ يرتفعون فوق العواطف الجسدية ويضبطون ملذات الشهوة، ويُلطِّفون من لهيب الطمع، ويَحنون تشامخ الكبرياء، ويسحقون اقتراحات الجسد، ويُطفئون نار الهوى.
إنهم ملوك، لأنهم يتعلمون ألاَّ يستسلموا لانفعالات التجارب بقبولها، ولا بجنون السيادة بالسيطرة عليها.
إنهم يُوضعون إلى الأبد على عرش ملكوت المجد الأبدي، ويتقبلون سلطان إدانة الآخرين...
هكذا يقول الرب لكنيسة لاودكية: "من يغلب، فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي، كما غلبتُ أيضًا، وجلستُ مع أبي في عرشه" (رؤ 3: 21)...
إنه ليس بالأمر المتضارب أن يُعلَن في موضع آخر أن تلاميذه سيأتون على اثني عشر عرشًا (مت 19: 28)، ويقول هنا إنهم يجلسون على عرشه. بالاثني عشر عرشًا يوضح الدينونة العامة، وبعرش الابن يُظهر السمو الخاص للسلطان القضائي.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
13 وَلَمَّا سَمِعَتْ عَثَلْيَا صَوْتَ السُّعَاةِ وَالشَّعْبِ، دَخَلَتْ إِلَى الشَّعْبِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، 14 وَنَظَرَتْ وَإِذَا الْمَلِكُ وَاقِفٌ عَلَى الْمِنْبَرِ حَسَبَ الْعَادَةِ، وَالرُّؤَسَاءُ وَنَافِخُو الأَبْوَاقِ بِجَانِبِ الْمَلِكِ، وَكُلُّ شَعْبِ الأَرْضِ يَفْرَحُونَ وَيَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. فَشَقَّتْ عَثَلْيَا ثِيَابَهَا وَصَرَخَتْ: «خِيَانَةٌ، خِيَانَةٌ!». 15 فَأَمَرَ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ رُؤَسَاءَ الْمِئَاتِ، قُوَّادَ الْجَيْشِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَخْرِجُوهَا إِلَى خَارِجِ الصُّفُوفِ، وَالَّذِي يَتْبَعُهَا اقْتُلُوهُ بِالسَّيْفِ». لأَنَّ الْكَاهِنَ قَالَ: «لاَ تُقْتَلُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ». 16 فَأَلْقَوْا عَلَيْهَا الأَيَادِيَ، وَمَضَتْ فِي طَرِيقِ مَدْخَلِ الْخَيْلِ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ، وَقُتِلَتْ هُنَاكَ.
وَلَمَّا سَمِعَتْ عَثَلْيَا صَوْتَ السُّعَاةِ وَالشَّعْبِ،
دَخَلَتْ إِلَى الشَّعْبِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، [13]
شعرت عثليا أن الموقف خطير للغاية، ومع هذا لم تُفكِّرْ في الهروب من القصر، إنما ظنت أنها قادرة أن تتصرف، فكبرياؤها جعلها تثق في قدرتها وحكمتها وسلطانها، وألا تنسحب في ضعفٍ وخزي. إنها كمُعلمها إبليس الذي في جرأة وقف يُجرِّب رب المجد يسوع، بل وذهب معه إلى جناح الهيكل، يطلب منه أن يستعرض إمكانياته، ويلقي بنفسه من هناك، فتحمله الملائكة.
وَنَظَرَتْ وَإِذَا الْمَلِكُ وَاقِفٌ عَلَى الْمِنْبَرِ حَسَبَ الْعَادَةِ،
وَالرُّؤَسَاءُ وَنَافِخُو الأَبْوَاقِ بِجَانِبِ الْمَلِكِ،
وَكُلُّ شَعْبِ الأَرْضِ يَفْرَحُونَ وَيَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ.
فَشَقَّتْ عَثَلْيَا ثِيَابَهَا، وَصَرَخَتْ: خِيَانَةٌ! خِيَانَةٌ! [14]
يصعب أن نُعَبِّرَ عن مشاعر الملكة بعد أن اطمأنت بقتل كل من يمكن أن يُجلَّس ملكًا، وعاشت ست سنوات في طمأنينة، أن تجد ملكًا طفلاً صغير السن تلتف حوله القيادات الدينية والسياسية، ويهلل له كل الشعب.
صرخت عثليا: خيانة! خيانة! والحق أنها هي التي قامت بالخيانة، حيث قتلت كل بيت داود حتى لا ينافسها أحد في الاستيلاء على العرش.
فَأَمَرَ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ رُؤَسَاءَ الْمِئَاتِ قُوَّادَ الْجَيْشِ:
أَخْرِجُوهَا إِلَى خَارِجِ الصُّفُوفِ،
وَالَّذِي يَتْبَعُهَا اقْتُلُوهُ بِالسَّيْفِ.
لأَنَّ الْكَاهِنَ قَالَ: لاَ تُقْتَلُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. [15]
أمر يهوياداع بالقبض عليها وإخراجها من بيت الرب وقتلها، بسبب اغتيالها لنسل داود حتى تستولي على الحكم ولا ينافسها أحد، ولأنها كانت تدعِّم نشر عبادة الأوثان وقامت ببناء هيكل له، ولأنها سلبت ما استطاعت من أواني بيت الرب لحساب معْبد البعل، ولأنها عدوَّة للشعب تُحطِّم سلامه.
حرص رئيس الكهنة على أمرين:
1. ألا تُقتَل في بيت الرب.
2. قتل كل من يتبعها للدفاع عنها أو الانتقام ممن يعارضها.
فَأَلْقُوا عَلَيْهَا الأَيَادِيَ،
ومَضَتْ فِي طَرِيقِ مَدْخَلِ الْخَيْلِ،
إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ، وَقُتِلَتْ هُنَاكَ. [16]
طريق مدخل الخيل غير طريق باب السعاة [19]. الذي كان الطريق الاعتيادي من بيت الرب إلى بيت الملك، وربما الطريق الذي مضت فيه عثليا هو طريق مربض الخيل الذي لبيت الملك.
17 وَقَطَعَ يَهُويَادَاعُ عَهْدًا بَيْنَ الرَّبِّ وَبَيْنَ الْمَلِكِ وَالشَّعْبِ لِيَكُونُوا شَعْبًا لِلرَّبِّ، وَبَيْنَ الْمَلِكِ وَالشَّعْبِ. 18 وَدَخَلَ جَمِيعُ شَعْبِ الأَرْضِ إِلَى بَيْتِ الْبَعْلِ وَهَدَمُوا مَذَابِحَهُ وَكَسَّرُوا تَمَاثِيلَهُ تَمَامًا، وَقَتَلُوا مَتَّانَ كَاهِنَ الْبَعْلِ أَمَامَ الْمَذَابحِ. وَجَعَلَ الْكَاهِنُ نُظَّارًا عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ. 19 وَأَخَذَ رُؤَسَاءَ الْمِئَاتِ وَالْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةَ وَكُلَّ شَعْبِ الأَرْضِ، فَأَنْزَلُوا الْمَلِكَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ وَأَتَوْا فِي طَرِيقِ بَابِ السُّعَاةِ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ، فَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْمُلُوكِ. 20 وَفَرِحَ جَمِيعُ شَعْبِ الأَرْضِ، وَاسْتَرَاحَتِ الْمَدِينَةُ. وَقَتَلُوا عَثَلْيَا بِالسَّيْفِ عِنْدَ بَيْتِ الْمَلِكِ. 21 كَانَ يَهُوآشُ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ حِينَ مَلَكَ.
وَقَطَعَ يَهُويَادَاعُ عَهْدًا بَيْنَ الرَّبِّ وَبَيْنَ الْمَلِكِ وَالشَّعْبِ،
لِيَكُونُوا شَعْبًا لِلرَّبِّ،
وَبَيْنَ الْمَلِكِ وَالشَّعْبِ. [17]
الآن بعد أن انتهت المُهمة الصعبة الخاصة بالخلاص من عثليا الشريرة، مغتصبة العرش، سافكة الدماء البريئة، حرص رئيس الكهنة أن يبدأ الملك بإقامة عهد بين الرب وبين الملك والشعب. فقد أراد من الملك أن يكون أمينًا في علاقته بالله، وعلاقته بشعب الله.
قام بتجديد العهد على مستوى الشعب كله (خر 19: 24؛ 27: 9). وأما العهد مع الشعب، فيقوم على أن يحكم بما يتناغم ويتفق مع الشريعة الإلهية. كما يلتزم الشعب بالحب والطاعة للملك في الرب.
في بداية ملكه كان يسلك باستقامة بفضل عمَّتِه يهوشبع، وخاله يهوياداع.
إلى زمن طويل لم يُجدِّدْ الملك والشعب عهدًا مع الرب.
كان يهوياداع كرئيس للكهنة كمن هو وصي على الملك، الذي لم يكن من عائلته من يقوم بهذه الوصاية، لذلك كان يهوياداع الحاكم الفعلي في ذلك الوقت.
بدأ بثلاثة أعمال، وهي:
1. تجديد العهد بين الله والملك والشعب؛ وأيضًا بين الملك والشعب، هذا العهد كما ورد في (خر 19: 5-8؛ 24: 3-8؛ 34: 10-28). فيه يلتزم الملك بالخضوع لشريعة الرب، ويلتزم الشعب بالخضوع للملك.
2. إبادة عبادة البعل. يبدو أن يهورام أو عثليا كان قد بنى معبدًا للبعل في مدينة أورشليم. وكان متَّان رئيس كهنة البعل.
3. إدخال الملك
يوآش بيت الملك، وتجليسه على كرسي الملك.
وَدَخَلَ جَمِيعُ شَعْبِ الأَرْضِ إِلَى بَيْتِ الْبَعْلِ،
وَهَدَمُوا مَذَابِحَهُ، وَكَسَّرُوا تَمَاثِيلَهُ تَمَامًا،
وَقَتَلُوا مَتَّانَ كَاهِنَ الْبَعْلِ أَمَامَ الْمَذَابِحِ.
وَجَعَلَ الْكَاهِنُ نُظَّارًا عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ. [18]
بدأ الشعب بالتنفيذ العملي لتجديد عهدهم مع الله بإبادة العبادة الوثنية التي أدخلتها عثليا، فإنه ليس من شركة بين الله وبليعال، ولا بين النور والظلمة.
وَأَخَذَ رُؤَسَاءَ الْمِئَاتِ وَالْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةَ وَكُلَّ شَعْبِ الأَرْضِ،
فَأَنْزَلُوا الْمَلِكَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ
وَأَتُوا فِي طَرِيقِ بَابِ السُّعَاةِ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ،
فَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْمُلُوكِ. [19]
وَفَرِحَ جَمِيعُ شَعْبِ الأَرْضِ.
وَاسْتَرَاحَتِ الْمَدِينَةُ.
وقَتَلُوا عَثَلْيَا بِالسَّيْفِ عِنْدَ بَيْتِ الْمَلِكِ. [20]
فرح جميع الشعب، إذ ثمرة للالتصاق بالرب والعودة إليه هو التمتع بالسلام الداخلي والفرح الحقيقي.
كَانَ يَهُوآشُ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ حِينَ مَلَكَ. [21]
v هبْ لي أن أترنم مع سليمان الحكيم، قائلاً:
أنت مكوِّن الإنسان بحكمتك، لكي يسود الخلائق التي صنعتها.
ويسوس العالم بالقداسة والبرّ، ويجري الحكم باستقامة النفس (حك 9: 2-3).
تريد أن الجميع يصيرون بالحق ملوكًا وسادة وقادة،
لا ليَستعبدوا إنسانًا، مهمًا كانت ضعف قدراته،
بل يقودوا بروحك القدوس قلوبهم،
ويضبطوا بنعمتك حواسهم وعواطفهم.
وينعموا بمجد حرية أولاد الله!
v لم تخلق إنسانًا ليكون عبدًا لأخٍ أو أختٍ له،
بل ليحمل روح السلطة والسلطان.
فيسلك في الطريق الملوكي، ويَعْبُر إليك.
لا يهاب إبليس ولا كل ملائكته الأشرار.
ولا ينحني في مذلة لشهوة شريرة أو لذة باطلة.
ولا يستعبد نفسه لمحبة العالم أو شهوة المجد الباطل.
بل بروح الحب والتواضع، يلتصق كملكٍ مع أبيه ملك الملوك!
هبْ لي أن أكون كطفلٍ صغيرٍ ترعاني بحبك.
تكشف لي عن خطتك من نحوي.
وتهبني أن احتمي ببيتك المقدس، وأنعم بعذوبة حبك.
ليثر عدو الخير بكل قوته، وليظن أنه قادر على إبادة أبنائك،
فأنت ملجأ وحصن لنفسي.
أجد سلامي وفرحي ونجاحي في أحضانك!
v من يقيم ملكوتك داخلي سواك؟
من يحرس أعماقي من فخاخ العدو سوى روحك القدوس؟
أنت رب القوات! أنت حصني وخلاصي من الأعداء!
لتُعلن حضورك الإلهي في أعماقي!
بك أعبر رحلة حياتي في أمان!
بروحك القدوس تطير نفسي إلى سماواتك!
v اهتم يهوياداع رئيس الكهنة بإعداد الطفل يوآش ملكًا.
أعدَّ له موضعًا آمنًا في بيت الرب، حتى لا تقترب عثليا إليه.
وأقام حراسة مُشدَّدة لحمايته.
ووضع التاج والشهادة على رأسه.
مسحه ملكًا، فتهلل الكهنة وفرح الشعب!
يا له من احتفال مبهج للجميع!
v ماذا أقول عن تتويجي ملكًا، وإقامتي كاهنًا لله أبيك.
أعددتَ هذه الخطة الفائقة قبل أن تخلقني.
من أجلي أرسلتَ الآباء والأنبياء، وأعطيتني الناموس عونًا.
من أجلي تجسدت وتأنست، وشاركتني كل شيء ما عدا الخطية.
أُحصيتَ مع الأثمة، لكي أُحصى مع أبناء الله!
حملتَ عاري على الصليب، فأتمتع بشركة أمجادك!
تعد لي موضع راحة،
لا في بيت مصنوع بالأيادي، بل بذراعك الإلهي!
أقمتَ حراسة مشددة، حتى لا يتسلل عدو الخير إليّ.
جعلتني عضوًا في جسدك المقدس، فتشتهي الملائكة أن تحرسني!
لم يعد لإبليس العامل في قلب عثليًا أن يقتحم أعماقي.
v لتملك يا رب في أعماقي، فتنزع عني روح العبودية،
وتهبني فرح الروح.
_____
[1] Dake’s Annotated Reference Bible, 1995, p. 402.
[2] Death as a Good, 10:44.
[3] Homilies on Psalms (Ps. 32), homily 15: 9.
[4] Homilies on Psalms, homily 49 on Ps.137.
[5] Homilies on Psalms, homily 9 on Ps. 75.
[6] On the Second Book of Kings, 12:7.
[7] On Ps. 73 (72).
[8] On Ps. 129 (128).
[9] On Ps. 46 (45).
[10] Homilies on Jeremiah., Homily 12:8.
[11] Antiquities 9: 7: 1
[12] On Psalms, homily 21.
[13] Of the Holy Spirit, 3: 119.
[14] Exposition on Proverbs, Fragment 20:2.
[15] Constitutions of the Holy Apostles, Book 2, Sec.1.
[16] الرسالة السابعة والثلاثون عن الحرمان من التعزية:3 (ترجمة الأب سليم دكاش اليسوعي).
[17] On Ps. 127 (126).
[18] City of God 17: 12.
[19] Cf. James M. Freeman: Manners and Customs of the Bible, 1972, , article 346.
[20] De hom. Opif. 2.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الثاني 12 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير ملوك الثاني 10 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/nrny655