← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
اَلأَصْحَاحُ الْعِشْرُونَ
في الأصحاح السابق رأينا حزقيا الملك بإيمانه الحي وتواضعه مع وضع حياته في يدي الله استطاع أن يغلب سنحاريب ملك أشور، لا بقوة عسكرية ولا بتحالف مع مصر ضد أشور، وإنما بعمل الله الفائق. نال وعدًا ونبوة عن عدم دخول سنحاريب أورشليم وعجزه عن إطلاق سهمٍ يدخل المدينة، وعدم تقدمه بترس أو إقامة مترسة عليها، إنما يرجع في الطريق الذي جاء منها، ويُغتال في معبد الوثن بمدينته بواسطة أيدي ابنيه. الآن يتحدى حزقيا الموت كآخر عدو يواجه الإنسان (1 كو 15: 28)، وينال وعدًا إلهيًا بإضافة خمسة عشر عامًا على عمره. كما طلب علامة من النبي أن الرب يشفيه، ونالها. هذا العظيم في إيمانه هرب من الأسد الذي يجول يزأر، ويفترس من يجده (1 بط 5: 8)، وسقط في خداع الحية، ألا وهو في الكبرياء الباطل، فكشف للعدو أسراره معتزًا ببيته وخزائنه وأسلحته. سقوطه هذا حطَّم بنيه ومملكته حتى بعد موته!
|
1-6. |
|
|
7. |
|
|
8-11. |
|
|
12. |
|
|
13. |
|
|
14-18. |
|
|
19. |
|
|
20-21. |
1 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ مَرِضَ حَزَقِيَّا لِلْمَوْتِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ إِشَعْيَا بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَوْصِ بَيْتَكَ لأَنَّكَ تَمُوتُ وَلاَ تَعِيشُ». 2 فَوَجَّهَ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ قَائِلًا: 3 «آهِ يَا رَبُّ، اذْكُرْ كَيْفَ سِرْتُ أَمَامَكَ بِالأَمَانَةِ وَبِقَلْبٍ سَلِيمٍ، وَفَعَلْتُ الْحَسَنَ فِي عَيْنَيْكَ». وَبَكَى حَزَقِيَّا بُكَاءً عَظِيمًا. 4 وَلَمْ يَخْرُجْ إِشَعْيَا إِلَى الْمَدِينَةِ الْوُسْطَى حَتَّى كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ قَائِلًا: 5 «ارْجعْ وَقُلْ لِحَزَقِيَّا رَئِيسِ شَعْبِي: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ دَاوُدَ أَبِيكَ: قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ. قَدْ رَأَيْتُ دُمُوعَكَ. هأَنَذَا أَشْفِيكَ. فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَصْعَدُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. 6 وَأَزِيدُ عَلَى أَيَّامِكَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَأُنْقِذُكَ مِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ مَعَ هذِهِ الْمَدِينَةِ، وَأُحَامِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَجْلِ نَفْسِي، وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي».
فِي تِلْكَ الأَيَّامِ مَرِضَ حَزَقِيَّا لِلْمَوْتِ.
فَجَاءَ إِلَيْهِ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ، وَقَالَ لَهُ:
هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَوْصِ بَيْتَكَ،
لأَنَّكَ تَمُوتُ وَلاَ تَعِيشُ. [1]
واضح من الآية 6 أن مرض حزقيا كان في فترة غزو سنحاريب الأشوري على المدينة المذكورة في الأصحاح 18 (2 مل 18).
ربما يتساءل البعض: هل يُغَيِّر الله قراره الخاص بتحديد حياة حزقيا الملك وإعلانه له على لسان إشعياء النبي؟ ما أعلنه الله لإشعياء على لسان النبي لم يكن قرارًا إلهيًا، إنما هو إعلان عما كان يلزم أن يتم حسب قوانين الطبيعة التي وضعها الله والتي من حق الله أن يُغَيِّرها إن أراد. أما أن يمتد عمر حزقيا الملك فقد كان معروفًا لدى الله، ولم يعلنه إلا كثمرة لتواضع الملك وصراخه لله. فالله لم يُغَيِّر إرادته، إنما قدَّم للملك ما هو فائق للقوانين الطبيعية، فبحسب المرض المُصاب به كان سيموت، لكن الله الذي سمح له بالمرض وهبه الشفاء.
v أتريد أن تعرف ما هي قوة التوبة؟
أتريد أن تعلم سلاح الخلاص القوي، وتدرك قوة الاعتراف؟
بالاعتراف ضرب حزقيا خمسة وثمانين ألفًا ومائة من أعدائه (2 مل 19: 25). يا له من أمرٍ عظيمٍ، لكنه يُحسَب قليلاً بالنسبة لما أذكره لك. إذ بالتوبة استطاع الملك أن يحصل على تغيير في القول الإلهي الذي نطق به فعلاً. إذ لما مرض قال له إشعياء: "أوصِ بيتك، لأنك تموت ولا تعيش" (2 مل 20: 1). هل يمكن أن يقوم استثناء بعد، أو يوجد رجاء شفاء بعدما قال له النبي: "لأنك تموت"؟!
لكن حزقيا لم يكف عن التوبة. وبتذكره ما هو مكتوب: "متى رجعت وبكيت تخلص" (راجع إش 30: 15)، اتجه بوجهه إلى الحائط وهو على سريره، رافعًا ذهنه إلى السماء (حيث لا تعوق الحائط بلوغ الصلوات بورعٍ إلى السماء) وقال: "اذكرني يا رب. يكفي أن تذكرني فأُشفى!" (راجع إشعياء 38) إنك لا تخضع للزمان، بل أنت خالق القانون. أنت واهب قانون الحياة وتدبيرها حسب إرادتك، إذ لا تعتمد حياتنا على يوم ميلادنا، ولا على اقتران النجوم معًا في برجٍ واحد كما يظن البعض في غباوة[1].
يرى الآباء أن الله يُحدِّد عُمْرَ الإنسان بحكمته الإلهية التي تفوق الفكر البشري، كما وضع قوانين طبيعة تؤثر على عمره، وإن كان الله وهو واضع القوانين يمكن أن يتخطاها من أجل محبته للإنسان. توجد أيضًا عوامل كثيرة من بينها حياة الإنسان الروحية، فيسمح للبار كما للشرير بأن يعيش لمدة طويلة أو قصيرة لإعطاء كل فرصة لتوبة الإنسان وخلاص نفسه وتمتعه بالمجد هو أو الجماعة المنتمي إليها، أو التي حوله.
v "الذين يؤخذون قبل الوقت، حيث يفيض الغمر على أساسهم" (راجع أي 22: 16)... كل إنسان يؤخذ من هذه الحياة في وقت سبق معرفته قبل الزمن بسلطان إلهي. لكن يلزم معرفة أن الله القدير، في خلقته لنا وتدبير أمورنا، يُعَيِّن حدود (حياتنا) حسب استحقاق كل أحدٍ. فقد يلزم الشرير أن يعيش وقتًا قصيرًا، لئلا يسيء إلى كثيرين يسلكون باستقامة، وقد يلزم أن يبقى الإنسان الصالح مدة أطول في الحياة، حتى يكون معينًا في أعمال صالحة لكثيرين.
مرة أخرى فإن الشرير يلزم أن يبقى مدة أطول في الحياة حتى يضيف أعمالاً شريرة إلى أعماله. وهكذا البار قد يمارس حياة صادقة تتطهر بامتحانه، أو يلزم سحب الإنسان الصالح بأكثر سرعة، لئلا إن عاش أكثر، قد تفسد براءته.
لكن ليوضع في الاعتبار إن رآفات الله هي التي تهب الخطاة فرصة للتوبة. على أي الأحوال قد تُوهَب لهم أزمنة ولا يرجعون، ليحملوا ثمار الندامة، بل يخدمون الشر، وبرحمة الله ينالون الأزمنة لعلهم يتخلون عن تصرفاتهم.
بالرغم من أن الله القدير يعرف مسبقًا وقت موت كل أحدٍ، متى تنتهي حياته، لا يقدر أحد أن يموت قبل أوانه، بل في الوقت المُعيَّن لموته، فإنه إن كان قد أُضيف إلى حياة حزقيا خمسة عشر عامًا (2 مل 20؛ إش 38)، فإن زمن حياته بالحقيقة زاد عن النهاية التي كان يستحقها، وقد سبق فعرف الله وقته في هذه اللحظة والتي فيما بعد يسحبه من الحياة الحاضرة.
هذا الأمر هكذا: ماذا يعني "يُقطَع الأشرار قبل أوانهم" سوى أن كل أولئك الذين يحبون الحياة الحاضرة يعدون أنفسهم لفترات أطول من تلك الحياة؟ وعندما يسحبهم الموت من الحياة الحاضرة، فإن الفترات الطويلة لحياتهم التي اعتادوا أن يتخيلوها تكون قد سُحبت منهم، إنها تُقطع إربًا. بحق قيل عن هؤلاء: "أساسهم قد أفاض بطوفان"...
وُصف قايين إنه أول من أسس مدينة على الأرض (تك 4: 17)، وهو بهذا أكد بوضوح أنه غريب، حيث كان غريبًا عن الثبات في العالم الأبدي، فأنشأ أساسًا على الأرض. بكونه غريبًا عن الأمور العلوية وضع استقراره في أساسٍ لأمورٍ سفلية، ووضع استقرار قلبه في اللذة الأرضية.
v طول أناة الخالق ستدين مرقيون، أقصد صبره في انتظار توبة الخاطي لا موته، إذ يريد رحمة لا ذبيحة (هو 6:6)، محوِّلاً نظره عن أهل نينوى، نازعًا الدمار الذي نطق به بالفعل ضدهم (يونان 3: 10)، واهبًا لدموع حزقيا امتدادًا لحياته (2 مل 20: 1)[2].
فَوَجَّهَ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ،
وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ: [2]
على نقيض أخزيا عندما مرض، لجأ حزقيا إلى رجل الله إشعياء، وليس بعل زبوب إله عقرون (2 مل 1: 1-2). فقد اتسم حزقيا بأنه رجل صلاة (2 مل 19: 1، 14، 15).
آمن حزقيا الملك أنه ليس من وجه للمقارنة بين أسلحته وأسلحة أشور، ولا بين إمكانياته العسكرية وإمكانيات أشور، لكن لا تتوقف المعركة على كمية الأسلحة أو قدرتها والخطط العسكرية، وإنما على وجه الله الذي يديره نحو شعبه، فيتمتعون بالنصرة، أو يديره عنهم، فتفقد الأسلحة التي بين أيديهم قدرتها ورسالتها، وتتحول من الحماية ضد العدو إلى الاتجاه المضاد. كما أن كل الأمور تعمل للخير للذين يحبون الله (رو 8: 28)، هكذا كل الأمور تتحول للهلاك للذين يجحدون الله، وللنصرة للذين يتقونه!
آهِ يَا رَبُّ، اذْكُرْ كَيْفَ سِرْتُ أَمَامَكَ بِالأَمَانَةِ وَبِقَلْبٍ سَلِيمٍ،
وَفَعَلْتُ الْحَسَنَ فِي عَيْنَيْكَ.
وَبَكَى حَزَقِيَّا بُكَاءً عَظِيمًا. [3]
لعل السبب الرئيسي أنه لم يكن بعد قد وُلد منسى (2 مل 21: 1)، فلم يوجد من يخلفه على العرش، الأمر الذي أرْبَكَه، إذ كيف يتحقق الوعد لبيت داود أنه يبقى إلى الأبد. في هذا يضعف حزقيا جدًا على خلاف إبراهيم الذي قدَّم ابنه ذبيحة دون خوف، واثقًا أن وعد الله يتحقق حتمًا، مؤمنًا بالله القادر أن يُقيمه من الأموات. لقد أنجب حزقيا بعد ذلك "منسى" محب عبادة الأوثان الذي أثار غضب الله على يهوذا (2 مل 23: 26).
على أي الأحوال كان حزقيا رجل صلاة، لم يفقِد الخبر رجاءه في الرب، بل عرف كيف يُصلي ويُصارع. لقد وجَّه وجهه إلى الحائط، ربما متجهًا نحو الهيكل كعادة اليهود، ليُصلي إلى الرب قائلاً: "آه يا رب اذكر كيف سرتُ أمامك بالأمانة وبقلبٍ سليمٍ (كاملٍ) وفعلتُ الحسن في عينيك". تطلع حزقيا إلى حياته بكونها رحلة خلالها سار مع الله (تك 5: 24؛ 1 مل 9: 4) بإخلاص لا في كمال مطلق، وإنما هادفًا نحو الكمال (مت 5: 45)، بفكرٍ واحدٍ غير مترددٍ ولا منحرفٍ. لقد بكى حزقيا بكاءً عظيمًا.
فريكنديوس Verecundus وهو كاتب أفريقي، مات سنة 522م اهتم بمناقشة الفصول الثلاثة التي تحمل فكرًا نسطوريًا، يقول إن الله في رحمته تطلع إلى حزقيا ليس فقط لينزع عنه هلاك الموت الذي أوشك أن يحل به، بل أضاف إلى حياته خمس عشرة سنة، فسبَّح بالتسبحة الواردة في إشعياء 38: 10-20[3].
ختم حزقيا تسبحته بوعدٍ قدَّمه ذبيحة شكر لله شافيه، قائلاً: "الرب لخلاصي. فنعزف بأوتارنا كل أيام حياتنا في بيت الرب" (إش 38: 20).
حزقيا الملك كرجل صلاة سلك في الرب، إذ يقول: "آه يا رب، اذكر كيف سرتُ أمامك". بكل أمانة سلك حزقيا كمن هو في حضرة الرب يخدمه (تث 5: 30-33؛ 30: 15، 16). ما كان يشغله في شدة مرضه، لا سلطانه ولا غناه وثروته ولا مباهجه، إنما التصاقه بالله بأمانة.
v إذ سمع أنه يموت، لم يصلِّ حزقيا لكي يمنحه سنين أكثر، بل أن يسمح له أن يقف أمام حكم الله كما يشتاق، فقد عرف أن سليمان أرضَى الله بعدم سؤاله أن يهبه حياة أطول. إذ كان يُعد للرحلة إلى الرب استعرض أعماله، كيف سار أمام الرب في الحق وكمال القلب.
سعيد هو الضمير الذي يتذكر الأعمال الصالحة في وقت الضيق. "طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله" (مت 5: 8)، أو كما هو مكتوب في موضع آخر: "من يتمجد في نقاوة قلبه؟" (راجع أم 20: 9).
هذا هو التفسير: يُنسَب إليه كمال القلب، لأنه حطَّم الأصنام، وأزال أواني البعل من الهيكل (2 مل 23: 4)، وسحق الحية النحاسية (2 مل 18: 4)، وصنع أمورًا أخرى يذكرها الكتاب[4].
v ليس شيء أكثر مسرة من الضمير القويم والرجاء الصالح.
إن كنتَ تريدُ أن تتعلم هذا، لتسأل ذاك الذي في لحظات رحيله وقد شاخ؛ فإننا إن ذكرناه بالولائم الفخمة التي تمتع بها، والمجد والكرامة والأعمال الصالحة التي مارسها يومًا ما وصنعها، إن سألناه: ماذا يبهجك بالأكثر، فإننا نراه يخجل من الأمور الأخرى ويغطي وجهه، أما في هذه فيطير ويثب متهللاً. هكذا حزقيا أيضًا عندما كان مريضًا لم يتذكر الولائم الفخمة والمجد أو الحياة الملوكية بل البرّ، إذ يقول: "اذكر كيف سرت أمامك بالأمانة" (2 مل 20: 3)[5].
وَلَمْ يَخْرُجْ إِشَعْيَاءُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْوُسْطَى،
حَتَّى كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ: [4]
مع تقوى حزقيا الملك وصلواته الحارة، تحدث الله معه خلال نبيه إشعياء، كما تحدث مع يربعام الثاني خلال يونان النبي (2 مل 14: 25). فالعلاقة الشخصية مع الله والحب الناري في قلب المؤمن لا يعني عزله عن التدبير الكنسي.
ارْجِعْ وَقُلْ لِحَزَقِيَّا رَئِيسِ شَعْبِي:
هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ دَاوُدَ أَبِيكَ:
قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ.
قَدْ رَأَيْتُ دُمُوعَكَ.
هَئَنَذَا أَشْفِيكَ.
فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَصْعَدُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. [5]
صدر الأمر الإلهي إلى إشعياء أن يذهب إلى الملك ليخبره: "هكذا قال الرب إله داود أبيك، قد سَمعتُ صلاتك، قد رأيت دموعك. هأنذا أُضيف إلى أيامك خمس عشرة سنة". جاءت الإجابة سريعة جدًا؛ ربما تحدث الله مع إشعياء فمًا لفم قبل خروجه من القصر الملكي بينما كان يُعطي نصائح روحية لرجال القصر لتهيئة الجو بعد موت الملك.
على مدى مائة عام من تاريخ يهوذا (732-640 ق.م) كان حزقيا الملك الوحيد الأمين في علاقته بالله. وبسبب إيمانه وصلاته ودموعه شفاه وأنقذ بلده من الأشوريين وأطال عمره.
v إنه (الآب) أيضًا "أب المراحم" (2 كو 1: 3). وُصف في الأنبياء "مملوء حنوًا ولطفًا وسخيًا في الرحمة" (مز 86: 15؛ 112: 4؛ 145: 8؛ يون 4: 2).
في يونان تجدون عمل الرحمة الرائع الذي أظهره لأهل نينوى المصلِّين (يون 3: 8). وكيف كان تصرفه (الثابت) أمام دموع حزقيا (2 مل 20: 3-4). كيف كان مستعدًا أن يغفر لأخآب زوج إيزابل دم نابوت، عندما هدأ من غضب (الله)، (1 مل 21: 27، 29). كيف غفر فورًا لداود عند اعترافه بخطاياه (2 صم 12: 13)، مفضلاً طبعًا بالحقيقة توبة الخاطي عن موته، وذلك من أجل رحمته المملوءة حنوًا (حز 33: 11)[6].
v لنستعر كلمات الرسول هذه التي كانت أمثلة لنا (1 كو 10: 6)؛ وقد كُتبت لكي نؤمن أن الرب أكثر قوة عن كل النواميس الطبيعية الخاصة بالجسد كما يظهر (الرب) نفسه حافظًا الجسد[7].
v البكاء وحده يقود للضحك المطوّب![8]
v توجد معمودية (خامسة) وهي عاملة بالأكثر، معمودية الدموع حيث كان داود يُعوِّم كل ليلة سريره، ويغسل فراشه بدموعه[9].
v من يقتني فرحًا عظيمًا إلا ذاك الذي يبكي كثيرًا، وكأنه ينال نعمة المجد العتيد بثمن دموعه؟![10]
v كثرة حزن الدموع هي موهبة من الله، تُعطَى باجتهاد طلبات السائل[11].
وَأَزِيدُ عَلَى أَيَّامِكَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً،
وَأُنْقِذُكَ مِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ مَعَ هَذِهِ الْمَدِينَةِ،
وَأُحَامِي عَنْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَجْلِ نَفْسِي، وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي. [6]
غيَّر الرب كلماته –إن صح التعبير– التي قالها لحزقيا بواسطة إشعياء من أجل صلواته ودموعه الصادرة من أعماق قلبه.
أي شيء أوضح من هذا البرهان أنه خلال رحمة الرب وصلاحه يبدو كمن يكسر كلمته، وعوض ما سبق أن أعده بتحديد موعد الموت حسب قوانين الطبيعة التي وضعها، أضاف 15 عامًا لحياته، عوض الإصرار على قرارٍ لا رجعة فيه؟[12]
يرى القديس أغسطينوس[13] أن حزقيا كان يجب أن يموت خلال المسببات الطبيعية مثل المرض، لكنه أضاف 15 عامًا إلى حياته، هذه الإضافة يَعرِفها الله قبل تأسيس العالم، محتفظًا بها في إرادته. ما فعله من إضافة حقَّق ما في خطة الله إذ يعلم ما كان سيفعله حزقيا وما كان يهبه الله إياه.
ما يشغل ذهننا ليس البحث في هل الله كان قد سبق فحدَّد عمر حزقيا ثم تراجع عنه بإضافة 15عامًا إليه، وإنما إدراك قوة الصلاة بروح التوبة في حياتنا، فقد وهبته حياة بعدما كان يجب أن يموت حسب قوانين الطبيعة. الصلاة بكونها التصاق بالله واهب الحياة قادرة على كل شيءٍ، وغالبة للموت، موت الخطية.
v أي شيء أكثر وضوحًا من هذا البرهان، أنه من أجل الرحمة والصلاح يُغَيِّر الرب كلمته، وبدلاً من الترتيب المسبق الخاص بالموت يمد حياة ذاك الذي صلَّى خمسة عشر عامًا، مفضِّلاً ذلك عن أن يوجد جامدًا بعدم تغيير قراره؟
بنفس الطريقة أيضًا جاءت العبارة الإلهية لأهل نينوى: "بعد ثلاثة أيام تهلك نينوى، (يون 3: 4) LXX. لطَّف من هذه العبارة القاسية المفاجئة بتوبتهم وصومهم، وتحوَّلت الرحمة مع الصلاح لمعالجة الأمر بسهولة[14].
الأب يوسف
v إذ ضُرب حزقيا بالخوف الشديد المفاجئ عند اقتراب الموت جلبت له دموعه وصلواته تأجيلاً مؤقتًا لموته لمدة خمسة عشر عامًا (2 مل 20، إش 38)[15].
فَقَالَ إِشَعْيَاءُ: خُذُوا قُرْصَ تِينٍ.
فَأَخَذُوهَا وَوَضَعُوهَا عَلَى الدَّبْلِ فَبَرِئَ. [7]
ورد استخدام التين في حالة القروح في سجلات الشرق الأوسط قديمًا. ذكرت في لوحات ترجع إلى القرن العشرين ق. م في أيام رأس شمرا. وفي حديث القديس باسيليوس الكبير عن عدم رذل فن الطب بسبب إساءة البعض استخدامه، أشار إلى طلب إشعياء النبي استخدام التين في شفاء حزقيا الملك.
v ليس بسبب عدم استفادة بعض الخطاة من فن الطب ننكر كل المزايا الصادرة عنه. لأنه يليق بنا ألا نرذل كل الفنون مجتمعة لمجرد إساءة استخدامها بواسطة طالبي اللذة بلا ضابط لصناعة الطهي أو الخبز أو النسيج، إذ يمارسونها من أجل لذَّاتهم الخاصة متعدين حدود الحاجة الضرورية. على العكس فإننا نظهر إساءتهم لاستخدامها في الحدود النافعة، وذلك باستخدامنا لها بقدرٍ سليمٍ. هكذا باستخدامنا صناعة الطب ينبغي علينا ألا نُسيء إلى من قدَّم الموهبة الإلهية بسوء استخدامنا لها، فلا نضع رجاءنا في الشفاء في يد الطبيب...
هذا ما نلاحظه لدى بعض الأشقياء الذين لا يترددون في دعوة أطبائهم "مُخَلِّصينْ" saviors لهم. على الجانب الآخر، فإن جحد المنافع الصادرة عن هذا الفن تمامًا هو علامة على شر طبيعتنا.
لم يظن حزقيا في قرص التين (2 مل 7:20) أنه وحده علة شفائه، ولا حسب هذه الثمرة هي مصدر شفاء جسده، بل مجد الله، شاكرًا إياه لخلقه التين[16].
v تشير الكرمة في مواضع ليست بقليلة إلى الرب نفسه، وتشير شجرة التين إلى الروح القدس، إذ يجعل الرب قلوب البشر مبتهجة (مز 104: 5)، والروح يشفيها. لقد أُمر حزقيال أن يصنع لزقة بكتلة من التين، الذي هو ثمرة الروح، فيُشفَى. بحسب الرسول هذا الشفاء يبدأ بالحب. إذ يقول: "ثمر الروح محبة فرح سلام طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف" (غل 5: 22-23). بسبب المسرة العظيمة التي لهذه الثمار يدعوها النبي تينًا روحيًا. لهذا يقول أيضًا ميخا: "يجلسون كل واحدٍ تحت كرمته وتحت تينته، ولا يكون من يرعب" (مي 4: 4). الآن، من المؤكد أن الذين يلجأون إلى الروح ويستريحون تحته، وتحت ظل الكلمة، لن يرتعبوا ولا يخشون من يقلق قلوب البشر[17].
8 وَقَالَ حَزَقِيَّا لإِشَعْيَا: «مَا الْعَلاَمَةُ أَنَّ الرَّبَّ يَشْفِينِي فَأَصْعَدَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ؟» 9 فَقَالَ إِشَعْيَا: «هذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ يَفْعَلُ الأَمْرَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ: هَلْ يَسِيرُ الظِّلُّ عَشْرَ دَرَجَاتٍ أَوْ يَرْجعُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ؟». 10 فَقَالَ حَزَقِيَّا: «إِنَّهُ يَسِيرٌ عَلَى الظِّلِّ أَنْ يَمْتَدَّ عَشْرَ دَرَجَاتٍ. لاَ! بَلْ يَرْجعُ الظِّلُّ إِلَى الْوَرَاءِ عَشْرَ دَرَجَاتٍ!». 11 فَدَعَا إِشَعْيَا النَّبِيُّ الرَّبَّ، فَأَرْجَعَ الظِّلَّ بِالدَّرَجَاتِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا بِدَرَجَاتِ آحَازَ عَشْرَ دَرَجَاتٍ إِلَى الْوَرَاءِ.
وَقَالَ حَزَقِيَّا لإِشَعْيَاءَ:
مَا الْعَلاَمَةُ أَنَّ الرَّبَّ يَشْفِينِي فَأَصْعَدَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ؟ [8]
فَقَالَ إِشَعْيَاءُ: هَذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ يَفْعَلُ الأَمْرَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ:
هَلْ يَسِيرُ الظِّلُّ عَشَرَ دَرَجَاتٍ أَوْ يَرْجِعُ عَشَرَ دَرَجَاتٍ؟ [9]
يظهر شوق حزقيا الملك للشفاء وإطالة عمره من طلبه علامة من الرب أنه يحقق له ما وعده به عن طريق رجل الله إشعياء النبي. يرى البعض أن هذه العطية وُهبت له، لأنه لم يكن لدى حزقيا ابن يستلم العرش، إذا استلم ابنه العرش وهو في اثنتي عشرة سنة من عمره (2 مل 21: 1)، أي وُلد خلال هذه الخمسة عشر عامًا. وإن كان للأسف قد أفسد منسى الأعمال الصالحة في الرب التي حققها أبوه حزقيا. فإصرار حزقيا على هذا الطلب لم يكن للبنيان. هذا، ومن جانب آخر إذ شُفي الملك وجاء مندوبو ملك بابل يقدمون له هدايا ويكرمونه سقط في كبرياءٍ باطل كما نرى في هذا الأصحاح. وكأنه يليق بنا أن تكون طلباتنا حسب مشيئة الله، نُسَلِّمه أمورنا، لأننا لا نعرف ما هو لبنياننا وبنيان الآخرين.
طلب حزقيا الملك علامة أخرى من الرب على أنه يفعل ما تكلم بخصوص شفائه.
فَقَالَ حَزَقِيَّا: إِنَّهُ يَسِيرٌ عَلَى الظِّلِّ أَنْ يَمْتَدَّ عَشَرَ دَرَجَاتٍ.
لاَ! بَلْ يَرْجِعُ الظِّلُّ إِلَى الْوَرَاءِ عَشَرَ دَرَجَاتٍ! [10]
تُسمى مزولة آحاز "بدرجات آحاز" أو "سلم آحاز"، فقد كانت مزولة المصريين في ذلك العصر عبارة عن سلالم صغيرة يصعد عليها الظل وينزل.
يمكننا أن نستنتج مما ورد في (2 أي 32: 31) أن هذا الحدث فائق للطبيعة. لذلك بلغ خبره إلى البابليين الذين انشغلوا بالفلك، وكانوا يعبدون الكواكب، ويهتمون بتحركاتها. فقد أدركوا أن أمرًا غريبًا غير طبيعي قد حدث في تحركات الكواكب، وإذ بحثوا الأمر سمعوا عما حدث مع حزقيا الملك، وأبلغوا ملكهم بذلك[18].
فَدَعَا إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ الرَّبَّ،
فَأَرْجَعَ الظِّلَّ بِالدَّرَجَاتِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا بِدَرَجَاتِ آحَازَ
عَشْرَ دَرَجَاتٍ إِلَى الْوَرَاءِ. [11]
سمع الله لصلاة حزقيا، وتطلع إلى دموعه، وتذكر وعده مع داود أبيه، إذ يذكر الله عهده مع الأب لدى أبنائه (خر 20: 5، مز 89: 28-29). أعطاه سؤل قلبه، ما نطق به بلسانه وما تحدث به بقلبه: وهبه طول العمر، وخلاصًا من ملك أشور، وحماية عن مدينته أو عاصمة مُلْكِه أورشليم.
أعطاه الرب علامة كطلبه، فقد اختلف حزقيا عن أبيه الشرير الذي رفض أن يطلب علامة من الله (إش 7: 10).
الله أب كل الأنوار يُحرِّك الشمس ويوجهها لأجل بنياننا. جاءت العلامة الإلهية لتأكيد تحقيق الوعد الإلهي هكذا: رجوع الشمس عشر درجات [8]. يرى البعض أنها مجرد تراجع للظل على الدرجات التي تقود إلى "بلكونة" في القصر أو تقود إلى العلية. ويرى البعض أنها كسوف للشمس حدث في 11 يناير 689 ق.م.[19] الشمس هي المقياس الصادق للزمن، وهي في يد الله محرِّك التاريخ والأحداث والزمن نفسه، استخدمها علامة في أيام يشوع (يش 10: 12)، وأيضًا في أيام حزقيا، وعند صُلب رب المجد، وقبل مجيئه الأخير حيث تظلم الشمس.
كاستجابة لصلاة إشعياء النبي من أجل حزقيال أوقف الرب قوانين الطبيعة، وعاد بالزمن إلى الوراء، هذا الذي كان يُقاس برجوع درجات الشمس.
قيل: "الآمر الشّمس فلا تشرق، ويختم على النجوم" (أي 9: 7). لا يتوقع أحد ما ألا تشرق الشمس في موعدها، إذ وضع لها الرب قوانين ثابتة. لكنه إن شاء فلا تشرق. مرة أمر أن تقف لخدمة شعبه فوقفت (يش 10: 12). ما حدث في أيام يشوع بن نون يعلن عمل الله العجيب خلال خدامه، وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي: [إن كانت الشمس قد توقفت في جبعون، والقمر في وادي إيلون إلاَّ أن هذا العمل ليس عمل ابن نون، بل عمل الرب الذي سمع الصلاة، هذا الذي انتهر البحر، وعلى الصليب جعل الشمس تظلم (مت 27: 45)[20].] هكذا أيضًا بالنسبة للنجوم، فهو وحده يقدر أن يختمها أو يخفيها عن أعيننا. الله بإرادته يحفظ نظام سير الطبيعة كامتداد لعملية الخلق، وكعمل من أعمال العناية الإلهية.
يُعَلِّق القديس يوحنا الذهبي الفم عن العلامات العجيبة التي صنعها الرب، سواء في العهد القديم أو في العهد الجديد، كيف يُغيِّر طبيعة الأشياء. فقد غيَّر طبيعة البحر (يو 14: 12)، وغيَّر أشعة الشمس هنا، وأوقف الشمس والقمر (يش 10:13)، وطبيعة أتون النار (دا 3)، وطبيعة الأسود الجائعة (دا6: 22). لكن ما هو أعظم من الكل ما يفعله في طبيعة الإنسان، إذ يقول لموسى النبي: "أنا جعلتك إلهاً لفرعون" (خر 7: 1) [إنه يوجهنا لنبني أنفسنا هيكلاً له. وإن كنت لم تخلق السماء لكنك تُوجد هيكل الله (1 كو 6: 19)، فإن السماء معروفة أنها مسكنه حيث يسكن الله فيها. نحن أيضاً سماء بالمسيح، يقول الكتاب: "أقامنا وأجلسنا معه على يمينه" (راجع أف 2: 6) ووهبنا أن نعمل أعمالاً أعظم مما عمله[21].]
كيف يمكن للظل أن يتراجع؟
من الواضح أن هذا كان معجزة. فلو كانت العلامة يسهل تحقيقها، فلن تكون علامة على تأكيد كلام الله (2 مل 20: 10)، وأية محاولة لتفسير ما حدث تكون مجرد استنتاج. الله يمكنه تسخير الطبيعة لتحقيق مشيئته ويمكن تحقيق إرادته بطريقة تتحدى التفسيرات الطبيعية. الله يصنع المعجزات وهذه إحدى معجزاته[22].
قيل بخصوص مزامير المصاعد الخمسة عشر (مز 120–134)، إن حزقيا الملك الذي شُفي، في بهجته بعمل الله العجيب معه نظَّم عشرة مزامير ليقارنها بعشرة درجات دوران الشمس، العلامة التي قدَّمها إشعياء النبي إليه بأن الرب يشفيه (2 مل 20: 8-10؛ إش 38). أضيف إليها أربعة مزامير كتبها داود النبي ومزمور كتبه سليمان الحكيم، ليصير المجموع خمسة عشر مزمورًا تقابل الخمس عشرة سنة التي أضافها الرب لحياة حزقيا[23]. ويقال إن مزامير المصاعد هي تذكار للسنوات الخمس عشرة التي ذهبت لحزقيا بعد مرضه (2 مل 8: 20–11).
كانت هذه المزامير تُنشَد بواسطة الكهنة عند صعودهم درجات الهيكل الخمس عشرة كل عام أثناء عيد المظال. (سبع درجات تؤدي إلى الدار الخارجية، وثماني درجات إلى الدار الداخلية). كما قيل إن فرق التسبيح المكونة من اللاويين كانت تقف على كل درجة لتُرنِّم أحد هذه المزامير كجزءٍ من الخدمة الدينية. ويتطلع كثير من الآباء إلى هذه المزامير أو التسابيح بكونها السلم الروحي، الذي تصعد خلاله النفس في الإلهيات، من مرحلة إلى أخرى. تنطلق نحو حضن الآب وتستقر فيه، ترتفع من مجدٍ إلى مجدٍ." إنها تصعد من أرض الغربة، وتتجه نحو أورشليم العليا.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَرْسَلَ بَرُودَخُ بَلاَدَانُ بْنُ بَلاَدَانَ مَلِكُ بَابِلَ رَسَائِلَ،
وَهَدِيَّةً إِلَى حَزَقِيَّا،
لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّ حَزَقِيَّا قَدْ مَرِضَ [12]
رأينا أن بعض الدارسين يعتقدون بأن خبر شفاء حزقيا الملك انتشر في بابل بسبب تتبع حكماء لحركات الكواكب، وإدراكهم أن أمرًا غريبًا قد حدث، وإذ تساءلوا سمعوا عن العلامة التي أُعطيت لحزقيا الملك لتأكيد شفائه بقوة إلهية.
ربما كان بعض اليهود يعملون كخصيان أي كبار الموظفين في القصر الملكي البابلي قبل أن تصير بابل إمبراطورية عظيمة تستولي على أشور، وقبل حدوث السبي البابلي ليهوذا[24].
برودخ بلادان غالبًا هو نفسه مردوخ للادان الملك الكلداني الذي حكم مرتين (721-710؛ 703 ق. م)، وكان يحمل عداوة مستمرة لأشور، انهزم أمام أشور مرتين، وطُرِدَ من بابل. بعث هذه الإرسالية لحزقيا غالبًا لكي ما يقيم تحالفًا مع يهوذا ضد أشور، خاصة وأنه سمع عن خلاص حزقيا العجيب من جيش أشور (2 أي 32: 31).
وفقًا لتسلسل الأحداث الذي ذُكر في (2 مل 20: 12-15)، أتى الوفد الذي أرسله بردوخ بلادان (انظر إش 39: 1) لزيارة حزقيا بعد غزو سنحاريب عام 701 ق.م. ومع ذلك وبحسب الأدلة التاريخية، هرب بردوخ بلادان إلى عيلان Elan بعد أن طُرِدَ من بابل سنة 702 ق. م بواسطة سنحاريب. كيف يتفق التسلل الزمني بين هذه الآيات؟
الإجابة: إن حقيقة وصف غزو سنحاريب الذي ذُكر في كل من سفر الملوك الثاني وإشعياء، جاء قبل وصف الزيارة التي قام بها بردوخ بلادان. وهذا لا يعني أن هذا هو الترتيب الزمني للأحداث. في سفر الملوك الثاني الأصحاح الثاني يبدأ بعبارة "في تلك الأيام". ولكن هذا لا يشير بالضرورة إلى أن الأحداث التالية حدثت في نفس التوقيت الزمني. هذه الجملة تستخدم كثيرًا لإدخال مقطع جديد وهي مشابهة لعبارة "وفي تلك الأيام and it come to pass". نجد هذا النوع من الاستخدام في (قض 17: 6؛ 18: 1؛ 19: 1؛ إس 1: 2). كما يمكن الإشارة إلى أن الكلمة العبرية "hem" يمكن ترجمتها هنا "تلك those" كما يمكن أيضًا أن تعطي معنى "هذه these". ويحدد السياق أي منهما يستخدم. فيمكن ترجمة هذه العبارات إلى "في هذه الأيام In these days".
الزيارة التي وردت في (2 مل 20: 12-15) حدثت بالفعل قبل غزو سنحاريب الذي ورد في (2 مل 18-19)، وهذا يؤكد صحة حقيقة أن الملك حزقيا مات فيما بين 698 و696 ق.م. وبما أن الله قد أمد عمره 15 سنة، فهذا يعني أن وقت مرض حزقيا كان حوالي عام 713 ق. م. وهذا التاريخ الزمني يتفق مع زيارة الوفد الذي أرسله بردوخ بلادان الذي طرده سنحاريب عام 702 ق.م[25].
فَسَمِعَ لَهُمْ حَزَقِيَّا، وَأَرَاهُمْ كُلَّ بَيْتِ ذَخَائِرِهِ،
وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ وَالأَطْيَابَ وَالزَّيْتَ الطَّيِّبَ،
وَكُلَّ بَيْتِ أَسْلِحَتِهِ وَكُلَّ مَا وُجِدَ فِي خَزَائِنِهِ.
لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ لَمْ يُرِهِمْ إِيَّاهُ حَزَقِيَّا فِي بَيْتِهِ وَفِي كُلِّ سَلْطَنَتِهِ. [13]
أحد سمات الكتاب المقدس أنه يستعرض أحيانًا أخطاء أبطال الإيمان مثل إبراهيم وداود وحزقيا. بحكمة روحية وتواضع واتكال على الله خلص حزقيا من جيش أشور، وبجهالة صار أسيرًا لحب الظهور، فعرض كل ما في خزائنه وكل بيت ذخائره وكل بيت أسلحته للغرباء.
v عندما كان حزقيا في ضيقٍ، انظروا ماذا فعل لأجل خلاصه؛ لقد لبس المسوح وما إلى ذلك، وعندما كان في وسعٍ سقط في كبرياء قلبه (2 مل 19: 20). لهذا يقول الكتاب المقدس: "إذا أكلت وشبعت، فاحترز" (تث 6: 11-12)[26].
14 فَجَاءَ إِشَعْيَا النَّبِيُّ إِلَى الْمَلِكِ حَزَقِيَّا وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا قَالَ هؤُلاَءِ الرِّجَالُ؟ وَمِنْ أَيْنَ جَاءُوا إِلَيْكَ؟» فَقَالَ حَزَقِيَّا: «جَاءُوا مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، مِنْ بَابِلَ» 15 فَقَالَ: «مَاذَا رَأَوْا فِي بَيْتِكَ؟» فَقَالَ حَزَقِيَّا: «رَأَوْا كُلَّ مَا فِي بَيْتِي. لَيْسَ فِي خَزَائِنِي شَيْءٌ لَمْ أُرِهِمْ إِيَّاهُ». 16 فَقَالَ إِشَعْيَا لِحَزَقِيَّا: «اسْمَعْ قَوْلَ الرَّبِّ: 17 هُوَذَا تَأْتِي أَيَّامٌ يُحْمَلُ فِيهَا كُلُّ مَا فِي بَيْتِكَ، وَمَا ذَخَرَهُ آبَاؤُكَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ إِلَى بَابِلَ. لاَ يُتْرَكُ شَيْءٌ، يَقُولُ الرَّبُّ. 18 وَيُؤْخَذُ مِنْ بَنِيكَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْكَ، الَّذِينَ تَلِدُهُمْ، فَيَكُونُونَ خِصْيَانًا فِي قَصْرِ مَلِكِ بَابِلَ».
فَجَاءَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ إِلَى الْمَلِكِ حَزَقِيَّا وَقَالَ لَهُ:
مَاذَا قَالَ هَؤُلاَءِ الرِّجَالُ، وَمِنْ أَيْنَ جَاءُوا إِلَيْكَ؟
فَقَالَ حَزَقِيَّا: جَاءُوا مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، مِنْ بَابِلَ، [14]
فَقَالَ: مَاذَا رَأُوا فِي بَيْتِكَ؟
فَقَالَ حَزَقِيَّا: رَأُوا كُلَّ مَا فِي بَيْتِي.
لَيْسَ فِي خَزَائِنِي شَيْءٌ لَمْ أُرِهِمْ إِيَّاهُ. [15]
فَقَالَ إِشَعْيَاءُ لِحَزَقِيَّا: اسْمَعْ قَوْلَ الرَّبِّ: [16]
هُوَذَا تَأْتِي أَيَّامٌ يُحْمَلُ فِيهَا كُلُّ مَا فِي بَيْتِكَ وَمَا ذَخَرَهُ آبَاؤُكَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ إِلَى بَابِلَ.
لاَ يُتْرَكُ شَيْءٌ، يَقُولُ الرَّبُّ. [17]
كما سبق فقدَّم إشعياء النبي للملك حزقيا رسالة إلهية مملوءة حنانًا وترفقًا (19؛ 20: 1-11) أيضًا قدَّم له رسالة تأديبية من قبل الرب.
كانت بابل في ذلك الوقت دولة صغيرة، ولم يكن يتخيل أحد قط أنها تغلب أشور، وتصير إمبراطورية ضخمة، تقتحم أورشليم وتسلب كل خزائنها وتسبي نبلاءها سنة 586 ق. م. هذا وحُمل منسى بن حزقيا إلى بابل بواسطة ملك أشوري (2 أي 33: 11).
v نقرأ عن حزقيا ملك يهوذا أنه كان رجلاً بارًا كاملاً في كل شيء، ومشهودًا له من الأسفار المقدسة، سقط بسهمٍ واحدٍ من المجد الباطل، بعد أن تعددت فضائله. وهكذا قهر التفاخر والغرور ذاك الذي استطاع بصلاة واحدة أن يقضي على مائة وخمسة وثمانين ألف جندي من جيش الأشوريين، بواسطة الملاك في ليلة واحدة.
سأغفل عن ذكر قائمة فضائل هذا الملك الطويلة، مكتفيًا بواحدة منها فقط. فبعد أن حدَّد الرب ختام حياته ويوم وفاته، نجح أن يمدها خمسة عشر عامًا بصلاة واحدة. ورجعت الشمس إلى الوراء عشرة درجات، كانت قد تقدمتها صوب الغروب، وبعودتها بددت خطوط الظل التي تبعت مسارها. وبهذه المعجزة الخارقة لنواميس الطبيعة امتد النهار الواحد نهارين للعالم كله. ومن ثمَّ اطمأن حزقيا الملك إلى أن الرب سيهبه الشفاء وطول العمر.
لكن بعد علامات عظيمة بهذا القدر لا يكاد يصدقها العقل، وبعد مثل هذه الأدلة على طيبته، اسمع ماذا يقول الكتاب المقدس عن ضروب هذا النجاح بالذات الذي قضى عليه: "في تلك الأيام مرض حزقيا إلى حد الموت، وصلى إلى الرب، فكلمه وأعطاه علامة"... تلك التي قرأنا عنها في السفر الرابع من الملوك، التي ذكرها إشعياء النبي بصدد رجوع الشمس إلى الوراء... لكن يقول الكتاب المقدس "لم يُردَّ حزقيا حسبما أُنعم عليه، لأن قلبه ارتفع، فكان غضب عليه وعلى يهوذا وأورشليم، ثم تواضع حزقيا بسبب ارتفاع قلبه هو وسكان أورشليم، فلم يأتِ عليهم غضب الرب في أيام حزقيا" (2 أي 24:32، 26)[27].
وَيُؤْخَذُ مِنْ بَنِيكَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْكَ الَّذِينَ تَلِدُهُمْ،
فَيَكُونُونَ خِصْيَاناً فِي قَصْرِ مَلِكِ بَابِلَ. [18]
حدث ذلك غالباً قبل تمرد بابل على الإمبراطورية الأشورية، وقام سنحاريب بتدميرها عام 689 ق.م، أعاد ابنه آسرحدون بناء مدينة بابل، ولم يدرك أنها ستغتنم الفرصة حين يضعف ملوك أشور لتصبح أمة صغيرة وبعد سنوات تتمرد ثانية على أشور وتصير القوة العظمى في العالم بعد أن تقضي على أشور عام 612 ق.م.
v اهدأ يا من تفتخر بنفسك، لا تتبجح! فإن كانت ثروتك ترفع قلبك، فهي ليست بأكثر من ثروة حزقيا، الذي تمادَى وتشامخ بها أمام البابليين، فحُملت كلها إلى بابل.
إن كنت تفتخر بأبنائك، فسيُقادون من عندك إلى الوحش كأبناء حزقيا الملك الذين اقتيدوا بعيدًا، وصاروا خصيان في قصر ملك بابل (2 مل 20: 18؛ إش 39: 7).
وإن كنت تفتخر بحكمتك، فإنك في هذا لا تفوق رئيس صور، إذ قيل له: "ها أنت أحكم من دانيال، سرّ ما لا يُخفي عليك" (حز 28: 3).
وإن ارتفع عقلك متكلاً على عمرك أنك كثير السنوات، فعددها ليس بأكثر من سني رئيس صور الذي حكم المملكة خلال أيام (الكثير من ملوك) من بيت يهوذا... وإذ كانت سنوات ملك صور كثيرة لذلك قال في قلبه طوال هذا الوقت: "أنا إله، وفي كرسي الله أجلس في قلب البحار" (حز 28: 2). لكن حزقيال قال له: "أنت إنسان لا إله" (حز 28: 2). فبينما كان رئيس صور بين حجارة النار يتمشى (حز 28: 14) كانت الرحمة تحل عليه. ولكنه عندما تشامخ قلبه صار "الكروب المظلل (وقد) حطَّمه"[28].
v في مَثَلِ الغني، كان يفتخر بزيادة حقوله، لكن الله قال له: "يا غبي، هذه الليلة تُطلب نفسك منك، فهذه التي أعددتها لمن تكون؟" (لو 12: 20) بنفس الطريقة عندما سمع حزقيا الملك من إشعياء المصير المؤلم لمملكته بعد أن مجَّد نفسه أمام مبعوثي بابل بعرض كنوزه وودائعه الثمينة[29].
فَقَالَ حَزَقِيَّا لإِشَعْيَاءَ:
جَيِّدٌ هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ.
v بالتأكيد لم يُسر حزقيا البار أن كارثة السبي ستحِّل على بنيه، لكنه لم يستطع أن يعارض إرادة الله، ولهذا استقبل أوامر الله بصبرٍ كخادمٍ متواضعٍ. هكذا يمكن للشخص أن يقبل هذا الاستحقاق ويشهد بفضيلته حتى وهو في السبي. فإرميا لم تقل سعادته في السبي (إر 37-38)، ولا دانيال (دا 1: 6)، ولا عزرا (عز 7: 6)، ولا حنانيا وعزاريا وميصائيل لم تكن سعادتهم أقل مما لو لم يسقطوا في السبي (دا 3: 19-96 س).
لقد دخلوا السبي بطريقة حتى يجلبوا للشعب تعزيات في السبي مع الرجاء في الخروج منه[30].
فَقَالَ حَزَقِيَّا لإِشَعْيَا: «جَيِّدٌ هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ».
ثُمَّ قَالَ: فَكَيْفَ لاَ، إِنْ يَكُنْ سَلاَمٌ وَأَمَانٌ فِي أَيَّامِي؟ [19]
ماذا يعني حزقيا الملك بقوله عن تأديب الرب له وللشعب: "جيد هو قول الرب الذي تكلمت به"؟ سوى أن حزقيا أدرك خطأه في تصرفه مع إرسالية بابل، وفي تواضعٍ انحنى لتأديب الرب.
مع قبول حزقيا تأديب الرب للأُمة كلها بسبب خطاياه، لكن يبدو أنه لم يبالِ بذلك ما دام التأديب يحل بعد موته. نظرة مؤلمة قصيرة المدى، فالقائد الناجح هو الذي يتطلع إلى الأجيال القادمة، ويهتم بها.
v عندما يبتعد القلب عن فحص ذاته، لا يدرك الخسائر التي يعاني منها، أو يتعرف على خطورتها. فإن حزقيا لم يدرك إنه أخطأ عندما استعرض كنوزه للغرباء. عندما نخطئ في القلب، يصير ما نفعله داخل أنفسنا مخفيًا عن البشر، لكننا نخطئ في عيني الله[31].
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
20 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ حَزَقِيَّا وَكُلُّ جَبَرُوتِهِ، وَكَيْفَ عَمِلَ الْبِرْكَةَ وَالْقَنَاةَ وَأَدْخَلَ الْمَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 21 ثُمَّ اضْطَجَعَ حَزَقِيَّا مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ مَنَسَّى ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ حَزَقِيَّا وَكُلُّ جَبَرُوتِهِ،
وَكَيْفَ عَمِلَ الْبِرْكَةَ وَالْقَنَاةَ،
وَأَدْخَلَ الْمَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ،
مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. [20]
حفر حزقيا قناة بين نبع جيحون وبركة سلوام، لكي يحصل على ماء في الجانب الشرقي من سور أورشليم، هذا الإمداد له أهميته، خاصة إذا ما سقطت أورشليم في حصار.
ثُمَّ اضْطَجَعَ حَزَقِيَّا مَعَ آبَائِهِ،
وَمَلَكَ مَنَسَّى ابْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ. [21]
كان حزقيا رمزًا للسيد المسيح، يُقدِّم لنا القديس أفراهاط صورة مبسطة لهذا الرمز مع مقارنة بينهما.
v حزقيا اُضطهد، كما أن يسوع اُضطهد.
حزقيا اُضطهد، وأهانه سنحاريب عدوه. يسوع أيضًا أهانه الشعب الغبي.
حزقيا صلى وغلب خصمه، وبصليب يسوع انهزم خصمنا.
كان حزقيا ملك إسرائيل، ويسوع هو ملك كل الأمم.
إذ كان حزقيا مريضًا، رجعت الشمس (درجات)، ولأن يسوع تألم أظلمت الشمس من نورها.
صار أعداء حزقيا جثثًا ميتة، وسيُطرح أعداء يسوع تحت قدميه.
كان حزقيا من عائلة بيت داود، ويسوع هو ابن داود حسب الجسد.
قال حزقيا: "سلام وأمان في أيامي" (2 مل 20: 19)، وقال يسوع لتلاميذه: "سلامي أتركه لكم" (يو 14: 27).
صلى حزقيا فشُفي من مرضه، وصلى يسوع وقام من مسكن الأموات.
حزقيا بعد قيامه من مرضه أضاف إلى سنواته، ويسوع بعد قيامته نال مجدًا عظيمًا.
حزقيا بعد إطالة عمره ملك الموت عليه، أما يسوع فبعد قيامته لا يُعطي للموت سلطان إلى الأبد[32].
v إذ كشف العدو عن أنيابه كأسد مفترس،
مزَّق حزقيا الملك ثيابه، وانسحق أمام الله.
لجأ إلى رجل الله ليسنده بصلواته!
الأسد الذي حطَّم ممالك كثيرة،
وحسب نفسه قادرًا أن يتحدَّى الله الحي،
انهار تمامًا، ولم يستطع أن يدخل مدينة الله.
فقد قوة جيشه بدون الدخول في معركة.
عاد الأسد، سنحاريب، بعد أن صار أضحوكة أمام الأمم.
تحوَّل ابناه اللذان من دمه إلى العداوة.
اغتالا أبيهما وهو ساجد أمام إلهه الوثن!
v هبْ لي يا رب روح القوة فلا أرتعب من زئير الأسد.
ليتجول إبليس في كل مكان، فإنه ليس له موضع في قلبي.
حيث تسكن فيّ، لا تقدر مملكة الظلمة أن تتسلل داخلي!
بك أتحدى إبليس الذي سحقته بصليبك!
v هوذا المرض ينهش بأنيابه جسمي الضعيف.
بحكم الطبيعة لا أستطيع مقاومة مرض خطير!
لكن أنت الطبيب السماوي،
سلطانك أعظم من كل النواميس الطبيعية.
تسمح بالمرض، وتشفي بقوتك.
ترد الحياة، وتبارك كل ثانية من ثواني عمري.
تضيف إلى حياتي لا خمسة عشر عامًا كهبة إلهية،
بل تهبني حياتك، فأختبر عربون الأبدية.
أتغنى مع الرسول بروح النصرة والتهليل:
أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية؟!
v لستُ أطلب شفاءً جسديًا،
ولا طول عمرٍ على هذه الأرض.
إنما هبْ لي ملكوتك المقدس في أعماقي.
قُدْ حياتي في القداسة التي لك.
هبْ لي أن أتمتع بك يا أيها الطريق والحق والحياة.
v لتكن حياة شعبك كله في يديك.
أنت تقود الكنيسة بروحك، وتهبها قوة وحبًا وتواضعًا!
للأسف اهتم حزقيا أن تكون حياته مملوءة سلامًا،
ولم يبالِ بما سيحل في الأجيال القادمة بعده.
هبْ لكنيستك حبًا فتحتضن الأجيال كلها.
هبْ لكنيستك سلامًا وعونًا حتى تأتي إلينا سريعًا على السحاب!
إننا في انتظار ظهورك على السحاب.
متى تأتي وتقيمنا وتحملنا إلى حضن أبيك؟!
_____
[1] Lecture 2: 15.
[2] Tertullian against Marcion, Book 2, ch. 17.
[3] Commentary on the Canticle of Hezekiah, 5: 1-2.
[4] Commentary on Isaiah 11 (38: 1-3.).
[5] Commentary on Matthew, 53:6-7.
[6] Tertullian against Marcion, Book 4, ch. 11.
[7] On the Resurrection, 58.
[8] In Jeremiah, homily 3:49.
[9] Oration, 39.
[10] Concerning Widows, 6.
[11] الآباء الحاذقون في العبادة ج 2، ص 186.
[12] Orthodox Study Bible.
[13] The Literal meaning of Genesis 6:17.
[14] Cassian: Conference 17:25.
[15] St. Jerome: Letters, 38:1.
[16] The Long Rules, Q. 55.
[17] Banquet of the Ten Virgins, 10: 5.
[18]William Madonald Believer's Bible Commentary, 1995, p. 415.
[19] R.E. Clements, p. 291.
[20] Paschal Ep. 29.
[21] On Ps. 12.
[22] When Critics ask: A popular handbook on Bible difficulties. Wheaton، III.: Victor Books. Geisler، N. L.، & Howe، T. A. (1992).
[23] J.R. Church: Hidden Prophecies in the Psalms, p. 337. (W. W. Wiersbe: Chapter-by-Chapter Bible Commentary, Thomas Nelson Publishers, Nashville 1994, p 394.)
[24] William Madonald Believer's Bible Commentary, 1995, p. 415.
[25] When Critics ask: A popular handbook on Bible difficulties. Wheaton، III.: Victor Books. Geisler، N. L.، & Howe، T. A. (1992).
[26] Homilies on Acts of Apostles, 16.
[27] المؤسسات لنظام الشركة 11: 10.
[28] Demonstrations, 5:7 (Of Wars).
[29] Against Marcion, 4: 28.
[30] Jacob ad the Happy Life, 8:36.
[31] Orthodox Study Bible.
[32] Demonstration 21:16.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الثاني 21 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير ملوك الثاني 19 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/27v56zd