← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27
اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
حاول يهورام ملك إسرائيل إخضاع موآب التي عصت عليه بقيادة ملكها ميشع. تحالف يهورام مع يهوشافاط ملك يهوذا ومع ملك أدوم، ولم تجد جيوشهم الثلاثة ماء في برية أدوم. أصبح الموقف حرجًا. بتحالفهم كانت لديهم إمكانيات عسكرية قوية، لكن لم يكن لديهم أبسط الأمور وأرخصها ألا وهو الماء. وبسبب نقصه كان يمكن أن يُصابوا، لا بالهزيمة فحسب، بل وبالموت عطشًا. وعندما اكتشفوا وجود أليشع نزل إليه الملوك الثلاثة، ورفض أليشع في البداية معاونة يهورام، وأمره أن يذهب إلى أنبياء والديه أخآب وإيزابل. لكنه قبل أن يساعدهم من أجل يهوشافاط؛ طلب أن يأتوه بعواد. ولما ضرب العواد كانت عليه يد الرب، فأمرهم أن يحفروا في الوادي جبابًا كثيرة لجمع الماء الذي سيأتي يقينًا عن طريق أدوم دون أن يروا ريحًا أو مطرًا. كما تنبأ لهم بهزيمة موآب هزيمة منكرة، وقد تم كل ما تنبأ به.
تحالف ملوك يهوذا وإسرائيل وأدوم الثلاثة معًا، دون مشورة الله. هذا التحالف لم يفدهم شيئًا بدون تدخُّل الله لينقذ جيوشهم التي كان ينقصها الماء. فكما أنقذ الله شمشون، إذ كاد يموت من العطش، فشق الله الكفة التي في لحي، وخرج منها ماء فشرب، ورجعت روحه فانتعش (قض 15: 18-19)، هكذا أرسل الله مياهًا للجيوش الثلاثة بطريقة فائقة للطبيعة.
حاصروا ميشع ملك موآب في عاصمته، وفي أثناء الحصار أصعد ابنه البكر مُحرَقة على السور لإلهه على مرأى من إسرائيل، فانصرفوا عنه، ورجعوا إلى أرضهم.
|
1 - 3. |
|
|
4 - 5. |
|
|
6 - 12. |
|
|
13 - 20. |
|
|
21 - 26. |
|
|
27. |
1 وَمَلَكَ يَهُورَامُ بْنُ أَخْآبَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ، فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ لِيَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا. مَلَكَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً. 2 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَإِنَّهُ أَزَالَ تِمْثَالَ الْبَعْلِ الَّذِي عَمِلَهُ أَبُوهُ. 3 إِلاَّ أَنَّهُ لَصِقَ بِخَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. لَمْ يَحِدْ عَنْهَا.
وَمَلَكَ يَهُورَامُ بْنُ أخآب عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ،
فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ لِيهوشافاط مَلِكِ يَهُوذَا.
مَلَكَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً. [1]
عند موت أخزيا بن أخآب ملك أخوه يهورام، لأن أخزيا لم يكن له ابن.
في السنة الثامنة عشرة ليهوشافاط، وكان قد صار ليهورام بن يهوشافاط سنتان ملكًا على يهوذا مع أبيه (2 مل 1: 17). وكانت هناك صداقة بين المملكتين، لأن يهورام بن يهوشافاط تزوج عثليا ابنة أخآب. وكان لهذا الصداقة أثرها الطيب على إسرائيل، فلم يعمل يهورام شرًا كأبيه وأمه، إذ أزال تمثال البعل الذي عمله أبوه، كما كان لها أثرها الشرير على يهوذا، إذ دخلت عبادة البعل يهوذا.
v المجالسة مع الذين ليسوا حكماء تفتت القلب، ومحادثة الفضلاء ينبوع عذب.
v لا تتنازل مع المسترخين، وإلا صيَّرتَ نفسك في الدرجة السفلى، بل لتكن مناجاتك مع محبي الخير، ليكون سكناك معهم في الأعالي. لذلك ليكن مقامك بشجاعة في المواضع التي فيها المعرفة العليا. اذهب إلى بلدة الضوء، ولا تتنازل عند الخطاة.
v إن كانت لك صداقة مع أحد الإخوة وانتابك ضرر بسبب مخالطتك إياه، فأسرع واقطع نفسك منه. لستُ أقول لك هكذا أيها الحبيب لتبغض الناس، كلا. وإنما لتقطع أسباب الرذيلة.
v "لا تضلوا، فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1 كو 15: 33)... أنت تحتقر الذهب، يوجد آخر يحب الذهب. أنت ترفض الغنى، هو يطلب الغنى بشغفٍ. أنت تحب الصمت والضعف والحياة الخاصة، أما هو فيجد سعادته في الأحاديث الباطلة بلا تريث في الميدان العام والشوارع... لا تبقَ معه تحت سقفٍ واحدٍ. لا تعتمد على عفتك السابقة. فإنك لا تقدر أن تكون أكثر قداسة من داود، أو أحكم من سليمان... إن كان دورك في العمل الكهنوتي هو أن تفتقد أرملة أو عذراء لا تدخل البيت وحدك. ليصحبك أشخاص لا يسيئون إليك... لا تجلس بمفردك مع سيدة سرًا بدون شهود. إن كان لديها أمر سري تريد أن تبوح به، يجب أن يكون معها مربية أو عذراء أو أرملة، أو سيدة متزوجة. لا تقدر أن تفيض بأسرارها لك بدون وجود صديقة لها[1].
بينما يذكر (2 مل 17:1) أن يهورام كان ملكًا على يهوذا يسجل لنا هنا أن يهوشافاط كان هو ملك يهوذا. فقد كانت العادة لدى ملوك كثيرين في العالم في إسرائيل وبابل والدولة الرومانية الخ. أن يشترك الابن مع الملك في الحكم حتى ينال خبرة، فلا يحدث خلل بموت الملك الأب. هنا عيَّن يهوشافاط ابنه يهورام (يورام) ملكًا شريكًا معه، وبقى معه خمس سنوات (853-848 ق.م). وهكذا أصبح في إسرائيل ويهوذا ملكان بذات الاسم.
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
وَلَكِنْ لَيْسَ كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ،
فَإِنَّهُ أَزَالَ تِمْثَالَ الْبَعْلِ الَّذِي عَمِلَهُ أَبُوهُ. [2]
أزال يهورام تمثال البعل، ربما كان عمودًا حجريًا أو صنمًا نُحِتتْ عليه صورة البعل مع نقش عنه لكنه لم يُدمِّره، بل استبعده من موضعه أو من هيكله، لذلك أُعيد فيما بعد، وقام ياهو بتطهير البلد منه (2 مل 10: 26-27).
"أزال تمثال البعل": يقوم البعض بالإصلاح بالامتناع عن خطايا معينة وترك الأخرى. أو إزالة الخطايا في أيام الصوم، والتهاون معها في المناسبات كحفلات الزواج غير اللائقة، أو إصلاح أخطاء عقائدية دون الالتزام بالحياة المقدسة في الرب.
إِلاَّ أَنَّهُ لَصِقَ بِخَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ.
لَمْ يَحِدْ عَنْهَا. [3]
صار يربعام الأول مضربًا للأمثال في الشر، إذ هو أول ملوك مملكة الشمال، أقام عجلين ذهبيين في دان وبيت إيل للعبادة، وأفسد نظام الكهنوت والأعياد، ودفع الشعب نحو الارتداد عن الله، وحرمهم من التمتع بالعبادة في الهيكل بأورشليم.
كان السجود للعجلين في دان وبيت إيل أمرًا سياسيًا أكثر منه دينيًا. لأنه لو أزال هذه العبادة لرجع الشعب ليسجد للرب في أورشليم، هذا الرجوع يصحبه رجوع سياسي، وخضوع لملوك يهوذا.
v كان ابن أخآب اسمه أخزيا، الذي يقول عنه الكتاب إنه فعل الشر في عيني الرب، وسار في طريق أبيه أخآب، وفي طريق إيزابل أمه (1 مل 51:22-52).
ثم يقول الكتاب إن أخ أخزيا هو يورام الذي كُتِبَ عنه أنه سار في خطايا بيت يربعام (2 مل 3:3).
وبعد يورام ملك أخزيا الثالث الذي تقول عنه القصة إنه فعل أيضًا الشر أمام الرب مثل بيت أخآب. وحينما جاء الوقت لمعاقبة بيت أخآب الذي لم يكف عن الشر أمام الرب حتى الجيل الرابع، فقد مُسح بعد ذلك ملك على إسرائيل وهو ياهو بن يهوشافاط بن نمشي الذي قتل أخزيا وأيضًا إيزابل، وقتل أيضًا سبعين ابنًا آخرين لأخآب وكأنه ينفذ ذروة الغضب الإلهي، حتى أنه حصل على نعمة وكرامة بسبب ذلك. إذ قال الله له: "مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَحْسَنْتَ بِعَمَلِ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيَّ، وَحَسَبَ كُلِّ مَا بِقَلْبِي فَعَلْتَ بِبَيْتِ أَخْآبَ، فَأَبْنَاؤُكَ إِلَى الْجِيلِ الرَّابعِ يَجْلِسُونَ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ" (2 مل 10: 30).
لذلك، ها أنت ترى أنه على مضض عاقب نسل الأشرار في الجيل الرابع، بينما من يقدم إكرامًا له، يبسط رحمته عليه إلى الجيل الرابع. لذلك كف أيها اليهودي عن توجيه الاتهام لعدل الله، وكنوعٍ من المديح، نحن نقبل بالتأكيد ذلك القول: مفتقدًا خطايا الآباء في الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع[2].
4 وَكَانَ مِيشَعُ مَلِكُ مُوآبَ صَاحِبَ مَوَاشٍ، فَأَدَّى لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ خَرُوفٍ وَمِئَةَ أَلْفِ كَبْشٍ بِصُوفِهَا. 5 وَعِنْدَ مَوْتِ أَخْآبَ عَصَى مَلِكُ مُوآبَ عَلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ.
وَكَانَ مِيشَعُ مَلِكُ مُوآبَ صَاحِبَ مَوَاشٍ،
فَأَدَّى لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ خَرُوفٍ وَمِئَةَ أَلْفِ كَبْشٍ بِصُوفِهَا. [4]
ورد اسم هذا الملك "ميشع" أو ميسا في الحجر الأثري الموآبي، وقد ورد فيه قيام حروب بين عمري ملك إسرائيل مع موآب، فخضع الأخير له ولابنه أربعين عامًا، لكن موآب عصى إسرائيل وأخذ مدنًا؛ غالبًا ما حدث هذا في أيام مُلك أخزيا (2 مل 1: 1).
يقول القديس مار أفرام السرياني[3] أن الكلمة noqds المذكورة هنا في الكتاب المقدس مشتقة عن العبرية، ويمكن ترجمتها "ملك رعاة الكباش".
جاءت كلمة "بصوفها" في الأصل بدون حرف الباء، فكانت موآب تقدم صوف مئة ألف خروف ومئة ألف كبش كل عام.
إذ كان ملك موآب يقدم هذه الكمية من الصوف لمئة ألف خروف ومئة ألف كبش، فهذا يدل على غنى بلاد موآب بالمواشي، وعلى سلطة إسرائيل عليها.
وَعِنْدَ مَوْتِ أخآب عَصَى مَلِكُ مُوآبَ عَلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. [5]
إذ مات أخآب الذي قمع موآب وجد ملكها فرصته للعصيان على إسرائيل. لم يتحرَّك أخزيا لذلك حتى جاء خليفته يهورام، فتحالف مع يهوشافاط ملك يهوذا لمحاربة موآب، وكادا أن يلزماه بالتسليم، لكنهما إذ شاهداه يُقدِّم ابنه ذبيحة [27] رجعا إلى بلادهما مغتاظين.
كانت موآب على حدود إسرائيل في الجنوب الشرقي، وكانت تطمع في أرض إسرائيل الخصبة. قامت حروب كثيرة بين موآب وإسرائيل ويهوذا. وقد سجَّل ميشع ملك موآب بعضًا منها نحو سنة 840 ق.م، ونقش انتصاراته على لوح يُدعَى "حجر موآب" اُكتشف عام 1869م.
6 وَخَرَجَ الْمَلِكُ يَهُورَامُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنَ السَّامِرَةِ وَعَدَّ كُلَّ إِسْرَائِيلَ. 7 وَذَهَبَ وَأَرْسَلَ إِلَى يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا يَقُولُ: «قَدْ عَصَى عَلَيَّ مَلِكُ مُوآبَ. فَهَلْ تَذْهَبُ مَعِي إِلَى مُوآبَ لِلْحَرْبِ؟» فَقَالَ: «أَصْعَدُ. مَثَلِي مَثَلُكَ. شَعْبِي كَشَعْبِكَ وَخَيْلِي كَخَيْلِكَ». 8 فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ طَرِيق نَصْعَدُ؟». فَقَالَ: «مِنْ طَرِيقِ بَرِّيَّةِ أَدُومَ». 9 فَذَهَبَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَمَلِكُ يَهُوذَا وَمَلِكُ أَدُومَ وَدَارُوا مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ. وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِلْجَيْشِ وَالْبَهَائِمِ الَّتِي تَبِعَتْهُمْ. 10 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «آهِ، عَلَى أَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الْمُلُوكِ لِيَدْفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مُوآبَ!». 11 فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «أَلَيْسَ هُنَا نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ الرَّبَّ بِهِ؟» فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ: «هُنَا أَلِيشَعُ بْنُ شَافَاطَ الَّذِي كَانَ يَصُبُّ مَاءً عَلَى يَدَيْ إِيلِيَّا». 12 فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «عِنْدَهُ كَلاَمُ الرَّبِّ». فَنَزَلَ إِلَيْهِ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ وَمَلِكُ أَدُومَ.
خَرَجَ الْمَلِكُ يَهُورَامُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ السَّامِرَةِ،
وَعَدَّ كُلَّ إِسْرَائِيلَ، [6]
تمرُّد موآب أثار يهورام لمحاربتهم لتأديبهم.
وَذَهَبَ وَأَرْسَلَ إِلَى يهوشافاط مَلِكِ يَهُوذَا يَقُولُ:
قَدْ عَصَى عَلَيَّ مَلِكُ مُوآبَ.
فَهَلْ تَذْهَبُ مَعِي إِلَى مُوآبَ لِلْحَرْبِ؟
فَقَالَ: أَصْعَدُ. مَثَلِي مَثَلُكَ.
شَعْبِي كَشَعْبِكَ، وَخَيْلِي كَخَيْلِكَ. [7]
التجاء يهورام بن أخآب إلى يهوشافاط كان بسبب الصداقة، لأن أخت يهورام تزوجت ابن يهوشافاط.
فَقَالَ: مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ نَصْعَدُ؟
فَقَالَ: مِنْ طَرِيقِ بَرِّيَّةِ أدوم. [8]
كان الذهاب إلى موآب عن طريقين أحدهما إلى الشرق بعد عبور الأردن إلى الجنوب. والآخر إلى الجنوب غرب بحر لوط ثم إلى الشرق إلى أدوم، ومنها إلى الشمال نحو موآب. ربما كان الموآبيون مستعدين للدفاع في الشمال، ولم يتوقعوا الهجوم من الجنوب. واستحسن يهوشافاط الطريق الثاني لسبب آخر، وهو أن يكون أدوم أيضًا معهما.
جاء في (1 مل 22: 47) أنه لم يكن ملك في أدوم، إنما كان بها ملك وكيل، دُعي هنا ملكًا، ربما كان تحت حماية يهوذا.
اقترح يهوشافاط أن يواجه موآب خلال أدوم، بهذا تتجنب الجيوش حصون موآب التي على حدودها، والقيام بالهجوم من خلف موآب حيث لم تتوقع موآب ذلك.
"أدوم" هو لقب عيسو الذي كان عنيفًا، يحمل عداوة ضد أخيه يعقوب. كلمة "أدوم" تعني "دموي" أو "أحمر" أو "سافك دمٍ"، فهو يُمثِّل الشيطان الذي لا يطيق مملكة الله، إذ هو مُحِب للقتال. أُطلق هذا الاسم على الإقليم الذي يسكنه عيسو، أي على أرض سعير (تك 32: 3)، وهو إقليم جبلي وعر، استولى عليه عيسو ونسله بعد طردهم الحوريين (تث 2: 12).
بنو أدوم هم نسل عيسو (تك 36: 19)؛ غالبًا ما كانوا يحملون عداوة لليهود ترجع إلى أيام يعقوب وعيسو (أدوم) حيث اغتصب الأول البكورية منه. لم يأذن بنو أدوم للعبرانيين أن يعبروا في أرضهم بعد خروجهم من مصر (عد 20: 14-41)، وإن كان الله أمر شعبه ألا يسيئوا التعامل مع الأدوميين بكونهم إخوتهم (تث 23: 7-8).
حارب شاول الملك الأدوميين (1 صم 14: 47)؛ وغزا داود أدوم، وأقام عليها حُرَّاسًا (2 صم 8: 13-14). هرب هدد - أحد أمراء أدوم - إلى مصر، وصار خصمًا لسليمان (1 مل 11: 14-22).
تحالف يهورام بن أخآب مع ملك يهوذا وملك أدوم وحاربوا موآب (2 مل 3: 5-9). وقد عاون الأدوميون إسرائيل ويهوذا في حربهم ضد ميشع ملك موآب (2 مل 3: 4-27)
وفي أيام يورام بن يهوشافاط عصى أدوم يهوذا، وأقاموا لأنفسهم ملكًا (2 مل 8: 20؛ 1 أي 21: 8-10). وقتل أمصيا عشرة آلاف من الأدوميين طوح بهم من فوق قمة الصخرة، فقتلهم في وادي الملح، وأخذ سالع[4] عاصمة بلادهم (2 مل 14: 7؛ 2 أي 25: 11-12). وفي أثناء حكم آحاز غزا الأدوميون سبط يهوذا وأخذوا منه أسرى. وقد ابتهجوا عند تخريب نبوخذناصَّر أورشليم (مز 137: 7).
تنبأ الأنبياء ضدها بسبب عدائها الشديد لإسرائيل، كما تنبأوا بإدماجها ضمن ملكوت الله (إر 49: 7-22، مرا 4: 21-22، يؤ 3: 19 الخ).
فَذَهَبَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَمَلِكُ يَهُوذَا وَمَلِكُ أدوم،
وَدَارُوا مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ.
وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِلْجَيْشِ وَالْبَهَائِمِ الَّتِي تَبِعَتْهُمْ. [9]
"مسيرة سبعة أيام"، مسيرة الجيش بعد اجتماع الملوك الثلاثة. الماء في تلك المنطقة قليل، والجيوش الثلاثة معًا كثيرة، الأمر الذي لم يضعه القادة في الحسبان.
"وداروا مسيرة سبعة أيام": هذه مسيرة الجيوش التي اجتمعت باجتماع الثلاثة ملوك. لكن الماء في تلك المنطقة قليل والجيش كبير. لم يدرس القادة هذه المشكلة قبل التحرُّك، وهذا من سوء التدبير.
كانت الجيوش وحيواناتهم في حاجة إلى مياه أكثر مما يمكنهم حملها.
آهِ! عَلَى أَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الْمُلُوكِ لِيَدْفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مُوآبَ! [10]
فَقَالَ يهوشافاط: أَلَيْسَ هُنَا نَبِيٌّ لِلرَّبِّ، فَنَسْأَلَ الرَّبَّ بِهِ؟
فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ:
هُنَا أليشع بْنُ شَافَاطَ الَّذِي كَانَ يَصُبُّ مَاءً عَلَى يَدَيْ إِيلِيَّا. [11]
سؤال يهوشافاط يوضح أن غالبية الكهنة قد غادروا المملكة، وكثير من الأنبياء الحقيقيين كانوا يهربون من مجالس الملوك، إذ يتطلع الملوك إليهم كرسل شؤم.
ما قاله يهوشافاط هنا هو ما قاله قبلاً حين تفاوض الملكان في محاربة راموت جلعاد (1 مل 22: 5-7)، وهذا القول يكشف عن مخافة للرب، غير أنه كان يجب أن يسأل الرب من البداية قبل التحرُّك.
"كان يصب ماءً على يديّ إيليا"، أي كان خادمًا وتلميذًا له. إذ لم يكن تُستخدَم الملاعق والشوَّك في الأكل كانوا يهتمون بغسل الأيادي بعد كل أكلة. يستخدمون الأبريق والطست وكان للطست قاعين، واحد علوي عليه غطاء مملوء ثقوبًا حتى متى غسل الإنسان يديه تنزل المياه في القاع الأسفل ولا تظهر المياه غير النظيفة، كما يوجد بروز على الغطاء يستخدم كوعاءٍ توضع فيه قطعة الصابون.
غسل الأيدي غالبًا ما يقوم به الخدم. وكأن أليشع كان تلميذًا وخادمًا لإيليا[5].
فَقَالَ يهوشافاط: عِنْدَهُ كَلاَمُ الرَّبِّ.
فَنَزَلَ إِلَيْهِ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيهوشافاط وَمَلِكُ أدوم. [12]
أظهر الملوك الثلاثة تواضعًا، إذ ذهبوا إلى النبي، ولم يطلبوا أن يأتي إليهم.
نزول الثلاثة ملوك للقاء مع أليشع، دون أن يستدعوه ليحضر إليهم، تبرز نظرتهم إليه، إذ يسكب الله مهابة على خدَّامه ورسله وتلاميذه الذين يخشونه. فمن يخشى الرب، يهبه الرب مهابة في أعين حتى الأشرار المقاومين له.
13 فَقَالَ أَلِيشَعُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «مَا لِي وَلَكَ! اذْهَبْ إِلَى أَنْبِيَاءِ أَبِيكَ وَإِلَى أَنْبِيَاءِ أُمِّكَ». فَقَالَ لَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «كَلاَّ. لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الْمُلُوكِ لِيَدْفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مُوآبَ». 14 فَقَالَ أَلِيشَعُ: «حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ، إِنَّهُ لَوْلاَ أَنِّي رَافِعٌ وَجْهَ يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا، لَمَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكَ وَلاَ أَرَاكَ. 15 وَالآنَ فَأْتُونِي بِعَوَّادٍ». وَلَمَّا ضَرَبَ الْعَوَّادُ بِالْعُودِ كَانَتْ عَلَيْهِ يَدُ الرَّبِّ، 16 فَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: اجْعَلُوا هذَا الْوَادِيَ جِبَابًا جِبَابًا. 17 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَرَوْنَ رِيحًا وَلاَ تَرَوْنَ مَطَرًا وَهذَا الْوَادِي يَمْتَلِئُ مَاءً، فَتَشْرَبُونَ أَنْتُمْ وَمَاشِيَتُكُمْ وَبَهَائِمُكُمْ. 18 وَذلِكَ يَسِيرٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَيَدْفَعُ مُوآبَ إِلَى أَيْدِيكُمْ. 19 فَتَضْرِبُونَ كُلَّ مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ، وَكُلَّ مَدِينَةٍ مُخْتَارَةٍ، وَتَقْطَعُونَ كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، وَتَطُمُّونَ جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ، وَتُفْسِدُونَ كُلَّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ بِالْحِجَارَةِ». 20 وَفِي الصَّبَاحِ عِنْدَ إِصْعَادِ التَّقْدِمَةِ إِذَا مِيَاهٌ آتِيَةٌ عَنْ طَرِيقِ أَدُومَ، فَامْتَلأَتِ الأَرْضُ مَاءً.
فَقَالَ أليشع لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: مَا لِي وَلَكَ!
اذْهَبْ إِلَى أَنْبِيَاءِ أَبِيكَ وَإِلَى أَنْبِيَاءِ أُمِّكَ.
فَقَالَ لَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: كَلاَّ.
لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الْمُلُوكِ لِيَدْفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مُوآبَ. [13]
تحدث أليشع بأسلوبٍ قاسٍ عن ملوك إسرائيل الأشرار الذين كانوا يستشيرون البعل (2 مل 1: 2-3).
"ما لي ولك": تحدث أليشع النبي مع يهورام ملك إسرائيل الشرير بشجاعة. واضح من الحديث أن يهورام وإن كان قد أزال تمثال البعل لكنه لم يبد عبادة البعل. لقد أعلن الملك أنه لن يذهب إلى أنبياء البعل، إذ لم يكن يثق فيهم وأن عبادته للبعل لم تكن من قلبه، وإنما لتحقيق مآربه السياسية.
فَقَالَ أليشع: حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ،
إِنَّهُ لَوْلاَ أَنِّي رَافِعٌ وَجْهَ يهوشافاط مَلِكِ يَهُوذَا،
لَمَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكَ وَلاَ أَرَاكَ. [14]
"حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه": استخدم أليشع النبي ذات أسلوب أبيه إيليا النبي (1 مل 17: 1).
بقوة وصراحة قال ليهورام: "لما كنت أنظر إليك ولا أراك"، فقد كرس يهورام قلبه وحياته لحساب البعل، ولم يكن لله نصيب فيه، أما يهوشافاط فارتبط بالله وتأهل لقبول نعمته الإلهية.
من أجل عبده داود، كان لا يزال يوجد سراج لله في يهوذا، يهوشافاط ملك يهوذا. أخطأ هذا الملك بتحالفه مع يهورام بن أخآب ملك إسرائيل الشرير، ومع هذا عندما طلبا أليشع النبي، قبل الدعوة من أجل يهوشافاط.
كان يهوشافاط كاملاً، تقيًا يخاف الرب، لكن الرب انتهره على خطية اتحاده مع الأشرار (2 أي 1:19-3؛ 37:20)، لكنه لم يترك الرب ولم يسجد للأوثان. لقد انتفع الأشرار بوجود بارٍ في وسطهم، غير أن هذا سبَّب له متاعب كثيرة.
v اعترض النبي ووبخ بعنف يهورام، لكنه كان مسرورًا بيهوشافاط، وقدَّم له رجاء في الخلاص. في نفس الوقت وعد بأنه خلال تدخله (وساطته) هو ورفقائه تتحقق النصرة خلال وكالة الرب[6].
وَالآنَ فَأْتُونِي بِعَوَّادٍ.
وَلَمَّا ضَرَبَ الْعَوَّادُ بِالْعُودِ، كَانَتْ عَلَيْهِ يَدُ الرَّبِّ. [15]
طلب النبي عوّادا يضرب قطعة موسيقية، غالبًا ما كانت لتسبحة أو ترنيمة. في هذا الجو الموسيقي الهادئ ينتزع جو القلق والاضطراب، فيعلن الله إرادته له. هذا يساعد في العبادة، ويُعد القلب لسماع صوت الله.
الموسيقى وصوت التسبيح والترنيم يساعد المؤمن في العبادة، ويُعد قلبه للاستماع لكلمة الله. كان داود يضرب بالعود لأجل شاول (1 صم 16: 23)، وكان أنبياء العهد القديم يستخدمون الترنيم بآلات موسيقية.
v يشير الكتاب المقدس إلى آلة موسيقية تعطي صوتًا، أو عودًا (قيثارة) كما جاء في العبرية، وذلك لتقديم تشكرات لصوت الموسيقى الذي يجعل كل الجنود يجتمعون لإبادة أعدائهم. هنا توجد شهادة لكلمات أليشع. بهذا عندما تتم المعجزة لا يستطيعون أن ينسبوها للبعل أو الأصنام التي يتعبَّدون لها. بالحقيقة كان الجيش يضم أعدادًا ضخمة من عابدي الأوثان[7].
v عزف العوّاد، وفاضت المياه في قاع المجاري.
خلال هذا الرمز أشار إلى صوت المسيح بطريقة لائقة، إذ حفظ قيثارة الروح على الصليب. حقًا لقد صرخ ربنا مرتين وأسلم روحه بصراخ (مت 27: 46-50؛ مر 15: 34-37).
في الحال مجَّد قائد المئة الأممي الرب (مت 27: 54؛ مر 15: 39)، بهذا صار اهتداء الأمم واضحًا بصفة خاصة.
بعد أن أكمل المسيح على خشبة الصليب المجد الجديد، انفتحت للحال الينابيع، وفاضت أنهار المياه الحيّة على شعوب الأمم، الذين رُمز لهم بالوادي. وذلك كما قال يسوع قبل آلامه: من يؤمن بي فليشرب. وكما قالت الكتب "تجري من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو 7: 38).
بهذا تتحقق كلمة النبي الذي يعزف على القيثارة للأمم باسم الرب (مز 108: 3)[8].
فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ:
اجْعَلُوا هَذَا الْوَادِيَ جبابًا جبابًا. [16]
الجباب جمع "جب" يستخدم لحفظ المياه. وقد جاءت الوصية هنا أن يجعلوا جبابًا في الوادي، أي يعلنوا إيمانهم عمليًا بتوقع فيض المياه الساقطة من الجبال، حيث تسقط الأمطار بعيدًا، وتجري إليهم من الجبال إلى الوادي الذي هم حالين فيه.
عملوا جبابًا في أرض يابسة قبل ظهور أية بوادر للمطر، هكذا بالإيمان نصدق مواعيد الله، ونعمل في يقين بتحقيقها.
طلب الله منهم أن يعملوا جبابًا لحفظ الماء، فلا يكتفوا بشرب الماء، إنما يحرصوا على حفظ ما يتبقى من ماء، وذلك كما طلب ربنا يسوع: "اجمعوا الكسر"!
لعلهم دهشوا لقوله: "جبابًا، جبابًا"، فإنه ليس ماء، ولا ما يدل على سقوط أمطار، ولم يكن الوقت شتاء، حيث المطر لا يسقط في الصيف في الشرق الأوسط.
يريد الله أن يعمل، فيُقدِّم إله المستحيلات ما هو مستحيل بالنسبة لنا. يطلب منا أن نعمل قدر إمكانياتنا بالرغم من أن عطيته مجانية، وليس ثمنًا أو مكافأة لاستحقاقنا. إن كان الله يرسل ماءً دون رياح أو أمطار على الوادي، هذه المياه تملأ الوادي، إنما يلتزم الملوك أن يحفروا جبابًا تمتلئ ماء لتشرب الجيوش وكل حيواناتهم.
لماذا طلب الرب أن يحفروا في الوادي جبابًا؟
1. بلا شك كان عدد المحاربين في الجيوش الثلاثة ضخمًا جدًا. وكان اجتماعهم معًا فرصة لكي يتمجد الله وسط هذه الأعداد، لأن قادة جيش إسرائيل والجنود إن لم يكن جميعهم فأغلبهم كانوا من عبدة البعل، وكل جيش أدوم يعبدون الأوثان. فحفر الجباب قبل ظهور أية بوادر للمطر تجعل الكل يتساءلون ما هذا الذي نفعله.
الإنسان الظمآن يود ألا يرهق نفسه بالعمل حتى لا يزداد ظمأه. لكن الملوك الثلاثة أصدروا الأمر بحفر الجباب، وربما ظن الكثيرون أن هذا العمل يحمل نوعًا من الغباء. فإذ امتلأت الجباب ماءً دون رياح ولا أمطار، ما كان يمكن لأحدهم أن ينكر عمل الله الحيّ، الذي يستحيل على الأوثان تحقيقه.
كما طلب أليشع عوادًا ليُسَبِّح الله علانية أمام الجيوش الثلاثة، هكذا تحرَّكتْ الجيوش الثلاثة لحفر الجباب.
2. كان يكفي أن يطلب الله أن يضعوا أواني المياه في الطل فتمتلئ ماءً، لكن الله يريد أن يعطينا أكثر مما نسأل وفوق ما تحتاج.
3. طلب حفر الجباب يكشف عن تكريمه للإنسان، فذاك الذي يملأ الجباب ماءً دون رياح أو أمطار، أما كان قادرًا أن يُرسل سحابًا تمطر عليهم، فيرتوون هم وحيواناتهم. لكنه أراد لهم أن يعملوا القليل حسب إمكانياتهم، وهو يقوم بالمستحيلات.
يؤكد القديس يوحنا الذهبي الفم دور المؤمن العملي، ويهبه الله ما هو فائق للطبيعة.
v "ليس للإنسان طريقه" (إر 10: 23). لا يقف (النبي) عند هذا، إنما يضيف: "لَيْسَ لإِنْسَانٍ... أَنْ يَهْدِيَ خَطَوَاتِهِ".
الآن ما يعنيه هو ما يلي: "ليس كل شيءٍ يتوقف علينا. بعض الأمور تعتمد علينا، والبعض على الله. بمعنى اختيار الأفضل، وأخذ القرار، وإظهار الغيرة واحتمال كل متاعب يتحقق بناء على نيّتنا، بينما بلوغ هذه إلى النتيجة المطلوبة، وحفظنا من الانحراف نحو الخطأ، وبلوغ هدف الأعمال الفاضلة تتحقق بنعمةٍ من فوق.
كما ترون، الله هو الذي يمنحنا الفضيلة، دون أن يترك كل شيءٍ حتى لا ننحرف في غباوتنا، ولا يأخذ كل شيء بطريقة ننحرف إلى اللامبالاة. مع هذا الجانب البسيط لمسعانا، يقوم بنفسه بالجانب الأكبر.
في الواقع إن كان كل شيءٍ يتوقف علينا، يتشامخ البعض فيسقطون. لننصت لقول الفريسي (لو 18: 10-14)، أي تشامخ بلغ إليه، كيف تباهى، حاسبًا رأسه أكبر من العالم كله.
لذلك عوض أن يكون كل شيء يعتمد علينا، ترك القليل لنا، لتوجد حجة أن نكلل بحقٍ.
لقد أشار في المثل الذي فيه قال إنه وجد أناسًا في الساعة الحادية عشرة وأرسلهم إلى الحقل للعمل (مت 20: 6-7). لكن أي عمل يقدر أن يتمموه في الساعة الحادية عشرة، لا شيء! فإنه حتى الوقت القصير كان كافيًا ليعطيهم الله المكافأة كاملة[9].
لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ:
لاَ تَرُونَ رِيحاً، وَلاَ تَرُونَ مَطَراً،
وَهَذَا الْوَادِي يَمْتَلِئُ مَاءً،
فَتَشْرَبُونَ أَنْتُمْ وَمَاشِيَتُكُمْ وَبَهَائِمُكُمْ. [17]
إذ يعلنون إيمانهم بنوال بركة الرب خلال المياه الموهوبة لهم، ولم يكن الوقت موسمًا للمطر، إذ غالباً ما تسقط الأمطار في منطقة الشرق الأوسط في الشتاء، وليس في الصيف كما في مناطقٍ أخرى، حتى أن سقوط المطر في الإسكندرية يقال عنه بالعامية "الدنيا بتشتي".
لم يكن لدى أليشع النبي ذهب أو فضة أو ثروات أو جيوش، لكنه كان غنيًا بالله الذي يُشبع كل احتياجاته واحتياجات من يطلب عنهم. وقف الملوك الثلاثة وقادة جيوشهم يتوسلون إليه، ليسد نقائصهم. إنه بالله أغنى من كل الملوك.
v أيها المتميز اُنظر إلى عظائمه، كم هي عديدة، ومنها تتعرف على سلطانه الذي لا يُحد.
ثلاثة ملوك طالبوه بالماء ليسقيهم، وكما طُلب منه استطاع أن يعطي بفيضٍ.
حدث عطش عظيم حلَّ بالملوك والجيوش، فوجههم إلى أليشع حتى يتوسلوا إليه.
كان الإلهي غنيًا، لأن غناه حقيقي، وملوك الأرض وطئوا عتبته مثل المساكين.
بسبب الحاجة أتى قادة العساكر والأسياد إلى بابه ليسدّ احتياجاتهم.
فقرُ هذا العالم مملوء بالغنى، كما أن غناه هو فقر بالنسبة للمتميزين.
لم يكن لذاك الغني ذهب وفضة ولا مقتنيات ولا مبانٍ في هذا العالم.
لكن كان يملك شفاء المياه عندما تفسد، ويشفي الينابيع المعلولة إن طلبوا منه.
ويمنع الموتَ، ويعطي الحياة للبشر، ويأمر حيوانات الغابة للقيام بمهماته.
يصنع المستنقعات في الأرض العطشانة للجنود، ويبدل الماء إلى زيت حيث لزم.
ويعطي للعواقر أبناء من أحشائهن، ولو لزم يحيي الميت بتضرعه.
ويُحلِّي المرارة عندما تصادفه، ويكثّر الخبزَ القليل بنبوته.
ويطهر برص الأجسام لو يصادفه، ويرى بعين النبوة كل الخفايا.
ويُلبِس البرص من يسرق ويكذب عليه، ويغرق الخشب في النهر بخلاف العادة.
ويجعل الحديدَ يطفو فوق الماء بخلاف الطبيعة، ويرى بالروح كمائن الملوك ويفضحهم.
ويصلي ويفتح العيون المغلقة، وتسير معه خيول النار حيثما يمشي.
ويغلق عيون أعداء بيت الله، ويرى من بعيد كل الأفعال كما لو كانت عن قُربٍ.
ويهزم الجند بصوت السلاح بدون معركة، ويعطي الشبع للمدن بنبوته.
ويُضعِف بكلمته جبابرة الملوك، ويظهر بالإعلانات أسرار المستقبل.
ويكشف للملوك موتهم عندما يمرضون، ويتنبأ مَن سيملك قبل أن يملك.
ويمسح الملوكَ ليقوموا بجبروت، ويعطي القوة للجبابرة في معاركهم.
(ولو) طلبوا منه الحياة للميت إن اقترب منه، يُظهر قوته بكل ثروات روحية[10].
وَذَلِكَ يَسِيرٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
فَيَدْفَعُ مُوآبَ إِلَى أَيْدِيكُمْ. [18]
بعد نوال بركة امتلاء الجباب بالماء بغزارة وبدون حدوث أمطار ومتاعب، ينالون البركة الثانية، وهي هزيمة موآب على أيديهم. حقًا إن الغير مستطاع لدى الناس مستطاع لدى الله (لو 1: 37؛ لو 18: 27)، إنه إله المستحيلات. وكما يقول السيد المسيح نفسه: "عند الله كل شيء مستطاع" (مت 19: 26؛ مر 10: 27).
إن كان الله اهتم بالجيوش الثلاثة؛ ربما كان الأغلبية متعبدة للبعل أو غيره من الأصنام، فقدَّم لهم ماءً بدون نزول مطر، واهتم بنصرتهم على موآب دون الدخول في معركة حربية، كم بالأكثر يهبنا أن نتمتع بعمل روحه القدوس، فتفيض في داخلنا ينابيع مياه، ويُقدِّم لنا نصرة على إبليس وكل قواته.
ما نظنه مستحيلاً في حياتنا الروحية يهبه لنا مسيحنا مجَّانًا وبفيضٍ، هكذا حتى في تنفيذ الوصية الإلهية التي تبدو لنا مستحيلة نجدها سهلة، بل عذبة ومفرحة.
v [ما هو مستحيل لدى البشر ممكن لدى الله] (مر 10: 27). هذا ما نتعلَّمه من المشورة التي قدَّمها الرسول لتيموثاوس: "أوْصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا، ولا يُلقوا رجاءهم على غير يقينيّة الغِنى، بل على الله الحيّ الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتُّع، وأن يصنعوا صلاحًا، وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة، وأن يكونوا أسخياء في العطاء، كرماء في التوزيع، مدّخرين لأنفسهم أساسًا حسنًا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الحقيقيَّة (الأبديَّة)" (1 تي 6: 17-20)[11].
فَتَضْرِبُونَ كُلَّ مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ،
وَكُلَّ مَدِينَةٍ مُخْتَارَةٍ،
وَتَقْطَعُونَ كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ،
وَتَطُمُّونَ جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ،
وَتُفْسِدُونَ كُلَّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ بِالْحِجَارَةِ. [19]
أمر موسى جيوش إسرائيل ألا يدمروا أشجار أعداء إسرائيل (تث 20: 19). ومع ذلك ورد هنا: "تقطعون كل شجرة طيبة" (2 مل 3: 19).
يعتقد بعض الدارسين أن ما ورد في سفر التثنية ينطبق فقط لاستخدام الأشجار في الحصار siege-works. لأنه قيل: [لا تقطعها لتستعملها في الحصار] [(تث 20: 19) حسب النص]. هذا يتناسب مع الحقيقة التي في سفر تثنية أن الأشجار الصالحة للأكل تستخدم ليأكل منها الإنسان، أما الأشجار التي لا يؤكل منها من الممكن أن يقطعها.
من الممكن أن يكون الأمر بعدم تدمير الأشجار خاص فقط بأرض الكنعانيين التي كانوا سيسكنون فيها في نفس الوقت، بينما في سفر الملوك الثاني يشير إلى تدمير موآب التي لن يسكنوا فيها[12]. هذا وقد اعتاد الوثنيون أن يقدموا العبادة الوثنية عند كل شجرة.
جاءت كلمة "طيِّبة" هنا بمعنى "صالحة". يقول السيد المسيح: "ليس أحد صالح إلا واحد، وهو الله" (مت 19: 17؛ مر 10: 18؛ لو 18: 19). هنا يتحدث السيد المسيح عن الصلاح المُطلَق الذي ينفرد به الله، لكن يوجد صالحون نسبيًا، كما توجد أشياء صالحة زمنيًا.
v إن وُجد في الكتاب المقدس آخر (غير الثالوث القدوس) صالح، مثل ملاك؛ أو إنسان (مز 37: 23)؛ أو خادم صالح (سي 7: 22)(*)؛ أو شجرة طيبة [19]، كل هؤلاء يُدعون صالحون ليس بالمعنى الدقيق للكلمة، لأن الصلاح فيهم عرضي وليس جوهريًا[13].
v أليس الله صالحًا؟ تذكَّر كيف أشبع آلاف الجموع في البرية بخبزٍ من السماء. لقد حال دون حدوث مجاعة، ولم تكن الجموع محتاجة إلى المشاركة في العمل لكي يشبعوا. لقد نعموا بالراحة لمدة أربعين عامًا، فلم تُبلَ ثيابهم ولم تتهرَّأ أحذيتهم.
أليس هو صالحًا؟ فقد أصعد الأرض إلى السماء، حتى أنه مثلما تعكس النجوم بهاء مجده في السماء كالمرآة، كذلك جوقة الرسل والشهداء والكهنة يتلألأون كالنجوم تمامًا، ويبعثون نورهم للعالم أجمع. فإذًا هو ليس صالحًا فحسب، بل أكثر من ذلك كثيرًا.
إنه الراعي الصالحٍ لخرافه... و"الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف".
لنفعي أؤمن أن الله صالح، و[صالح هو الاتكال على الرب](**). جيد هو الاعتراف بأنه هو الرب، لأنه مكتوب: [احمدوا الرب، فإنه صالح][14].
وَفِي الصَّبَاحِ عِنْدَ إِصْعَادِ التَّقْدِمَةِ،
إِذَا مِيَاهٌ آتِيَةٌ عَنْ طَرِيقِ أدوم،
فَامْتَلأَتِ الأَرْضُ مَاءً. [20]
بقوله "إصعاد التقدمة"، لا يعني هنا أن جيوش إسرائيل ويهوذا وأدوم كانت تقدم ذبائح وتقدمة في هذه المنطقة، إنما يقصد عندما كانت تُصعد تقدمة كل يوم صباحًا (خر 29: 38-39). فهنا إشارة إلى الوقت الذي كانت تُقدَّم فيه التقدمة الصباحية.
v يكون الإنسان بالحق صابرًا سواء عندما تخدشه الكوارث أو عندما ينحني من تشييد رجائه. بخصوص مزاج الفكر الشرير كُتب: [يحمدك إذا أحسنت إليه] (راجع مز 49: 18). هنا يتميز الذهن البار عن الشرير؛ حتى في وسط الضيق، الأول يعرف أن المجد لله القدير لا ينكسر مع الأمور العالمية، فلا ينهار مع انهيار المجد الخارجي، بل بالحري يؤكد أنه يكون أكثر قوة عندما يفقد الخيرات الزمنية.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
21 وَلَمَّا سَمِعَ كُلُّ الْمُوآبِيِّينَ أَنَّ الْمُلُوكَ قَدْ صَعِدُوا لِمُحَارَبَتِهِمْ جَمَعُوا كُلَّ مُتَقَلِّدِي السِّلاَحِ فَمَا فَوْقُ، وَوَقَفُوا عَلَى التُّخُمِ. 22 وَبَكَّرُوا صَبَاحًا وَالشَّمْسُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْمِيَاهِ، وَرَأَى الْمُوآبِيُّونَ مُقَابِلَهُمُ الْمِيَاهَ حَمْرَاءَ كَالدَّمِ. 23 فَقَالُوا: «هذَا دَمٌ! قَدْ تَحَارَبَ الْمُلُوكُ وَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالآنَ فَإِلَى النَّهْبِ يَا مُوآبُ». 24 وَأَتَوْا إِلَى مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ، فَقَامَ إِسْرَائِيلُ وَضَرَبُوا الْمُوآبِيِّينَ فَهَرَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ، فَدَخَلُوهَا وَهُمْ يَضْرِبُونَ الْمُوآبِيِّينَ. 25 وَهَدَمُوا الْمُدُنَ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يُلْقِي حَجَرَهُ فِي كُلِّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ حَتَّى مَلأُوهَا، وَطَمُّوا جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ وَقَطَعُوا كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ. وَلكِنَّهُمْ أَبْقَوْا فِي «قِيرِ حَارِسَةَ» حِجَارَتَهَا. وَاسْتَدَارَ أَصْحَابُ الْمَقَالِيعِ وَضَرَبُوهَا. 26 فَلَمَّا رَأَى مَلِكُ مُوآبَ أَنَّ الْحَرْبَ قَدِ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ أَخَذَ مَعَهُ سَبْعَ مِئَةِ رَجُل مُسْتَلِّي السُّيُوفِ لِكَيْ يَشُقُّوا إِلَى مَلِكِ أَدُومَ، فَلَمْ يَقْدِرُوا.
وَلَمَّا سَمِعَ كُلُّ الْمُوآبِيِّينَ أَنَّ الْمُلُوكَ قَدْ صَعِدُوا لِمُحَارَبَتِهِمْ،
جَمَعُوا كُلَّ مُتَقَلِّدِي السِّلاَحِ فَمَا فَوْقُ،
وَوَقَفُوا عَلَى التُّخُمِ. [21]
وَبَكَّرُوا صَبَاحاً وَالشَّمْسُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْمِيَاهِ،
وَرَأَى الْمُوآبِيُّونَ مُقَابِلَهُمُ الْمِيَاهَ حَمْرَاءَ كَالدَّمِ. [22]
لم يكن ممكنًا لهم أن يدركوا بأن هذه المجاري مملوءة ماءً، لأنه لم يحدث مطر يملأها، إنما إذ أشرقت الشمس عليها عكست هذا اللون على المياه فحسبوه دمًا، وللحال انطلقوا للنهب فانكسروا.
فيض المياه في الجباب التي تملأ الوادي أنقذت الجيوش الثلاثة من هلاك مُدمِّر بسبب نقص الماء. هذا الماء عينه أرعب بني موآب فهربوا.
هكذا إذ أشرق شمس البرّ على البشرية ارتوى المؤمنون بمياه الروح، بينما ارتعب غير المؤمنين، حاسبين هذه المياه دمًا مهلكًا. يقول بولس الرسول عن رائحة المسيح الذكية، إنها "لِهؤُلاَءِ رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ، وَلأُولئِكَ رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ" (2 كو 2: 16).
v لمن إذن "رائحة موت لموتٍ" إلا للذين لا يؤمنون، والذين لا يخضعون لكلمة (لوغوس) الله؟... مرة أخرى، من هم أولئك الذين يخلصون وينالون الميراث؟ بلا شك إنهم الذين يؤمنون بالله ويستمرون في محبته كما فعل كالب بن يفنة ويشوع بن نون (عد 30:14) والأطفال الأبرياء (يونان 11:4) الذين ليس لهم إحساس بالشر. لكن من هم أولئك الذين يخلصون الآن، ويتمتعون بالحياة الأبدية؟ أليس الذين يحبون الله، ويؤمنون بوعوده، ويصيرون أطفالاً في الخبث (1 كو 20:14)؟[15]
قَدْ تَحَارَبَ الْمُلُوكُ،
وَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً،
وَالآنَ فَإِلَى النَّهْبِ، يَا مُوآبُ. [23]
v في هجومهم لم يقاوم الموآبيون، بل أداروا وجوههم وهربوا، لأنهم لم يأتوا مسلَّحين. لم يأتوا ليحاربوا بل لكي يسلبوا[16].
وَأَتُوا إِلَى مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ،
فَقَامَ إِسْرَائِيلُ وَضَرَبُوا الْمُوآبِيِّينَ،
فَهَرَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ،
فَدَخَلُوهَا وَهُمْ يَضْرِبُونَ الْمُوآبِيِّينَ. [24]
لم تكن الجيوش الثلاثة تتوقع ما حدث، فإن أقصى ما كانوا يشتهونه أن الله –بصلاة أليشع– يهبهم ماءً ينقذهم من موت مُحَقَّق بسبب العطش. لكن الله السخي في عطائه، قدَّم لهم ماءً يرويهم ويروي حيواناتهم، وتبقى المياه تملأ الجباب ليتطلع إليها جيش موآب فيحسبونها دمًا. ألقى الموآبيون أسلحتم بأمر ملكهم لينطلقوا إلى النهب والسلب، دون الدخول في معركة، وإذا بهم يُسلِّمون أنفسهم بأنفسهم للجيوش التي استعادت طاقتها بالمياه.
لم تدخل الجيوش الثلاثة في معركة حقيقية، لأن هذا الجيش جاء إلى محلّتهم لا يحملون سلاحًا، ولا يتوقعون الدخول في حربٍ.
هذه صورة حيّة لعمل السيد المسيح الذي يحوِّل معركتنا مع إبليس إلى نصرة فائقة! عوض هدم مملكة المسيح التي في قلوبنا، يحل العار والخزي بمملكة إبليس.
v الآن يا أحبائي قد ذُبِحَ الشيطان، ذاك الطاغية الذي هو ضد العالم كله... لا يعود يملك الموت، بل تتسلط الحياة عوض الموت، إذ يقول الرب: "أنا هو... الحياة" (يو6:14)، حتى امتلأ كل شيءٍ بالفرح والسعادة، كما هو مكتوب: [الرب قد ملك فلتفرح الأرض](***)... الآن إذ بطل الموت وتهدمت مملكة الشيطان امتلأ الكل فرحًا وسعادة.
القديس البابا أثناسيوس الرسولي
v شدة عظيمة هكذا وحزن جسيم حلَّ بالشياطين وجنودهم في يوم صلب إلهنا، لأنه عند موته ونزوله إلى الجحيم صنع فيهم ما صنعه بفرعون والمصريين، وعتق بني آدم من حبسهم كما عتق بني إسرائيل من أرض مصر[17].
وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يُلْقِي حَجَرَهُ فِي كُلِّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ حَتَّى مَلأُوهَا،
وَطَمُّوا جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ،
وَقَطَعُوا كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ.
وَلَكِنَّهُمْ أَبْقُوا فِي قِيرِ حَارِسَةَ حِجَارَتَهَا.
وَاسْتَدَارَ أَصْحَابُ الْمَقَالِيعِ وَضَرَبُوهَا. [25]
"قير حارسة" أو "قير حارس" (إر 48: 31) أو "قير موآب" (إش 15: 1). وهي تُدعى حاليًا كرك، تقع على رأس تل حوله أودية عميقة، وهي مدينة منيعة محصنة مخصبة.
كلمة "قير" تعني "سورًا"، وربما كانت هذه المدينة وحدها محاطة بسورٍ، فأبقاها الإسرائيليون بعد أن هدموا المدن الأخرى. غير أنهم ضايقوا أهلها وضربوهم بالمقاليع.
فَلَمَّا رَأَى مَلِكُ مُوآبَ أَنَّ الْحَرْبَ قَدِ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ،
أَخَذَ مَعَهُ سَبْعَ مِئَةِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السُّيُوفِ لِيَشُقُّوا إِلَى مَلِكِ أدوم،
فَلَمْ يَقْدِرُوا. [26]
اتجه ملك موآب نحو ملك أدوم ربما ظن أنه أضعف من جيش إسرائيل ويهوذا. أو لأنه غضب عليه جدًا، لأنه كان سابقًا حليفه، وها هو قد تحالف مع عدّويه إسرائيل ويهوذا (2 أي 20: 22).
v خرج ثلاثة ملوك لمحاربة بني موآب: ملوك إسرائيل ويهوذا وأدوم.
تجمع ثلاثة ملوك للقتال ومحاربة موآب الضعيف، وشنوا عليه معركة قاسية...
لاقاهم عطش عظيم وأنهكهم، وجاء الملوك عند أليشع، واستجاب لهم.
صلى النبي، وفاضت جداول المياه السريعة للشعب الكبير، بدون ريحٍ ولا مطرٍ.
وامتلأ الوادي بمستنقعات الماء بإشارةٍ خفية، وشربت الشعوب المجتمعة للقتال.
تقووا وجابهوا الخطر بجبروتٍ، ودمرت الحرب الموآبي، وهلك الأثيم.
أحاطت به القوات المجتمعة، وخربت أرضه، ودمَّروا ميراثه بغضبٍ.
حميت المعركة، واستأصلوا قراه المحصنة، وأفسدوا وأبادوا جمال أرضه ومدنه.
رأى الوثني أن الحرب اشتدت عليه، ولم يقدر أن يقاوم خطر هذا القتال.
عزم الملكُ على الهروب ولم يسمحوا له، فوجد نفسه في وسط الأفواج السريعة.
وأحاطت به الحرب كأمواج بحرٍ عظيمٍ، ولم يجد مساعدًا ولا منقذًا ولا معينًا[18].
فَأَخَذَ ابْنَهُ الْبِكْرَ الَّذِي كَانَ مَلَكَ عِوَضاً عَنْهُ،
وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عَلَى السُّورِ.
فَكَانَ غَيْظٌ عَظِيمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ.
فَانْصَرَفُوا عَنْهُ وَرَجَعُوا إِلَى أَرْضِهِمْ. [27]
إذ شعر ملك موآب بالهزيمة تحرَّك بقوة لمحاربة أدوم وحده، فلم يقدر. عندئذ قدم ابنه البكر ذبيحة محرقة على السور. اغتاظ إسرائيل جدًا، وانصرفوا إلى أرضهم.
العجيب أن إسرائيل اغتاظ جدًا لتقديم ابن الملك البكر محرقة علانية، وحسب هذا رجاسة، فانصرف وعاد إلى أرضه، لكنه لم يفكر في إزالة عبادة الأوثان في بلده! فاض الله على الجيوش جداول مياه سريعة دون وجود ريح أو مطر، شرب منها الملوك الثلاثة والقادة والعسكر، ولم يفكر أحد في تقديم ذبيحة شكر أو تسبيح لله المعتني بهم. أما الوثني، فإذ دخل في ضيقة، وحوصرت مدينته، قدَّم ابنه البكر ذبيحة لصنمه.
يدهش الكثيرون لماذا غضب الرب على إسرائيل عندما ذبح ملك موآب ابنه للشيطان. هذا ما يحدثنا عنه القديس مار يعقوب السروجي في شيء من الاستفاضة، في ميمره عن: أليشع وملك موآب الذي ذبح ابنه على السور.
v أخذتُ الكتاب، وإذ كنتُ اقرأ، فاجأني العجب من ملك موآب الذي ذبح ابنه على السور.
تركتُ القراءة، وتوقفتُ بعجبٍ عظيمٍ، ودخلتُ واجتهدتُ لأفهم بحبٍ صافٍ.
ذبح الوثني ابنه على السور لإبليس الدنس، ومن قبل الله حلَّ الغضب على إسرائيل.
لهذا أخذتني الحيرة لأتكلم عن عملٍ، خَفِيتْ علَّته على الكثيرين...
ذبح لإبليس، وغلب الشعبَ العظيم... وسماع الموضوع يقلق الكثيرين.
الآن عزمتُ أن أتكلم عنه إن وُجد حبٌّ في الأذن التي تسمع لكي تفهم[19].
v فجأة أخذ ابنه البكر الذي يحبه، وأصعده مُحرَقة فوق السور أمام عيون الكثيرين.
اشتد غضب الرب على الشعوب المحيطة به، واشتد الشرّ على العبرانيين والأدوميين.
وصار فرج للملك الوثني بذبيحة ابنه، وتوقفت حرب الملوك التي كانت تُشَن عليه.
وبذبيحة ابنه زالت عنه الخصومة الكبرى، وبدم بكره كسب في حرب الجبابرة...
ولهذا فالاستفسار هو عظيم: كيف انتصر وثني بذبيحة دنسة أصعدها؟
الحرب هي حرب الرب، والذبيحة قُرِّبت لإبليس، كيف نصره الرب بذبيحة نجسة؟
لم يكن يقدر صنمُ الملك الذي ذبح له ابنه على السور أن ينتصر ولا أن ينهزم.
الرب الذي في يديه الغلبة والهزيمة، ذبيحة الوثني لم تكن ذبيحته، بل كانت ذبيحة الأصنام.
مكتوب: إن غضب الرب اشتد على إسرائيل، أما إبليس الذي قبل الذبيحة فلم يحقق الغلبة.
لنستفسر الآن: لماذا نصر الرب ملكَ موآب، بينما ذبح بكره للصنم؟
رأى أن الوثني اتّكل على إلهه، فاشتد غضبه على شعبه إسرائيل.
ذاك صدّق بأن صنمه الفاسد ينقذه، وشعب الرب كان متشككًا من خلاص الرب له.
لهذا احتد غضبه على العبرانيين، لأنهم لا يحبونه، ولا يفتخرون به مثل الوثنيين.
أحب الوثني إلهه الذي ليس إلهًا، حتى ذبح له بِكرَه.
أنا الرب والإله والمُخَلِّص، لماذا لم تحبوني أيها العبرانيون كما أحب هو صنمه؟
أحب ملك موآب ذاك الذي هو لا شيء، كما لو كان شيئًا عظيمًا، وبمحبة عظمى ذبح له بِكرَه.
وأنا الكائن والرب والعظيم، حسبني الشعب كلا شيء، وأبغضني.
ولهذا أسحق من لم يحبوني، أمام هذا الوثني الذي فيه حبّ لإلهه.
صدَّق هذا الوثني الكذبَ ولم يتشكك، ويُكذِّب شعبي الحقيقة، ويرتاب في الخلاص.
هذا الوثني الذي لم يجد في إلهه قوة ولا عونًا ولا معجزة جبارة،
ولا آيات ولا انتصارات بأي شكل من الأشكال، وثق فيه وذبح له ابنه، ولم يتشكك.
إسرائيل الذي رأى قوتي وذراعي الرفيعة التي شقت البحر، وفجَّرت الصخرة، وحلَّت الماء،
وأنزلت المنّ، وأصعدت السلوى، وأجزلت الخيرات، وفتحت النهر، وأسقطت الأسوار، وقهرت الملوك.
في مصر القوّات، وعلى البحر المعجزات، وفي البرية المذهلات، وفي سيناء الرعدة، وفي كل مكان مآثر من كل نوعٍ.
بعد هذه العظائم التي صنعتُها، شعبي مرتاب ومتراخي، ولا يصدقني بأنه سينتصر بي.
ولهذا أسلمه أمام الخاسر، ليتعلم منه كيف يتكل على إلهه.
ذاك يحب صنمه دون أن يختبره، وأنا جربني الشعب بالقوّات ولا يحبني.
موسى علّمهم أن يحبوا إلههم، ولم يسمعوا له، والوثني وبَّخه بمحبته البالغة لصنمه.
ذبح له بكره مع أنه لم يختبر مساعدته، وأنا احتقرني شعبي بينما مساعداتي كثيرة جدًا.
لأجل هذا اشتد الغضب على إسرائيل، عندما ذبح الموآبي ابنه على السور لصنمه.
لكي يخجل الشعب الذي لم يحب الرب سيده، مثل هذا الوثني الذي برهن على محبته بذبح ابنه.
هؤلاء الملوك الثلاثة الذين حاربوا ذلك الوثني رأوا الأعجوبة التي صنعها أليشع.
مستنقعات الماء للعطاش للشعب العظيم أنهار سريعة في صحوٍ بدون ضبابٍ.
شربت هذه الجيوش ولم يُسبِّحوا، ورأوا الآية ولم يتحركوا ليشكروا بسبب الأعجوبة.
ولهذا طُردوا بذبيحة الوثني، لأنه ربط اتكاله بإلهه بدون آية.
رأوا في أليشع قوة موسى العظيم، الذي صلَّى وملأ الوادي بالماء وسقاهم.
تفجرت السيول للجيوش في طريق أدوم، كتلك الصخرة التي ولدت المستنقعات في شونم.
ولأنهم أنكروا مجد حدوث آية عظيمة، كانوا يُحتقرون بواسطة وثني لم يرَ آية وآمن.
خسر الشقي، وخربت أرضه، وفنيَ شعبه، ورأى القوات التي صنعها رب بني يعقوب.
وسمع أخبار القوات التي صنعها أليشع، ورأى بأم عينيه ذراع أدوناي السامية.
اشتدت الحرب العظمى التي أحاطت به، وضعف بالخطر المحيق به من كل جهةٍ.
لم يبتعد عن إلهه بسبب حدوث الأعجوبة، ولم يتشكك هذا الشقي، ويحتقر صنمه، لأنه خسر.
ولم يترك إيمانه لأنهم غلبوه، ولم يظن بأن إلهه ليس إلهًا، لأنه لم يخلصه.
وبعد كل هذا ذبح له بكره، وصدَّق بأنه يساعده، ولم يتشكك في الخلاص.
رأى الرب وصعد غضبه على إسرائيل، لأنه لم يكن ثابتًا عند إلهه مثل الوثني.
تلك الثقة التي في (الموآبي) بما ليس بشيءٍ، كان يطلبها الرب، لتصير لشعبه ويثق به...
بذبيحة الوثني احتقرهم وهزمهم، لأنهم لم يكونوا متكلين على الله مثله[20].
للقديس أفرآم السرياني تعليق آخر على ذبيحة الابن البكر لميشع ملك موآب، يرى أن مشيري الملك الحكماء أخبروه عن أعمال الله العجيبة، وطلبوا منه أن يُقدِّم أثمن ما لديه لهذا الإله، فقدَّم ابنه البكر، كما قدَّم إبراهيم ابنه، والقاضي يفتاح ابنته، فقبل الله ذبيحة ملك موآب.
v لذلك فإن ميشع الذي فقد كل رجاء له في جيوشه، حدث له تغيير كامل ومفاجئ من جهة سؤاله عونًا من الآلهة. فقد رأى أنه لا يمكن لكائنٍ بشري أن يعينه. قال له بعض حكماء بلده أنه من الضروري أن يتوسل طالبًا الرحمة من إله إسرائيل عن طريق ذبيحة غير عادية، تشبه تمامًا ذبيحة إبراهيم أب الإسرائيليين، وقد سُرّ بها الله، وذلك حسب التقليد الذي كان يتجدد بين الكنعانيين (تك 22: 1-18).
لقد عرفوا من الجميع الأمر العجيب جدًا الذي حدث أمام كل الموآبيين. إنه ليس أحد إلا (الله) هو الذي جعل المياه تفيض على شعبه في برية أدوم، فإنهم لم يسمعوا قط أو يعرفوا إله آخر يهب عابديه منافع أكثر مما يُقدِّمها هو.
لذلك فإن الملك الذي لم يستطع أن ينكر المعجزة التي رآها بعينيه، لم يرد أن يُحرَم من العون الكافي في تلك الظروف الصعبة المحيطة به.
لقد تأكد (في رجائه) وترك عبادة الأوثان بالتجائه إلى الله القدير الذي خلق بحرًا جديدًا في البرية. لهذا دعاه الحكماء ونبلاء موآب أن يقدم ذبيحة عظيمة، وهي بكره، عمود بيته، ورجاء مملكته على أسوار المدينة، أمام الجيوش التي حاصرته.
لقد أراد أن يرى العبرانيون الذبيحة التي يقدمها لإله إبراهيم، حسب تعاليم إبراهيم[21].
v يقلد الناس الذين يمارسون أعمالاً صالحة، ليس عن حب لهذه الأعمال الصالحة، وإنما لأجل نفعها...
سمع ملك موآب عن يفتاح. لكن، إذ كانت ابنته البكر التي ذبحها وليس حيوانًا، لذلك تحنن الله عليه، مع أنه فعل هذا ليس عن حبٍ، وإنما عن ألمٍ. في حالة يفتاح، لو كانت الذبيحة هي أحد خدامه ما كان يبالي به أحد لو أنه قام بذبحه. ولكن لكي لا يقوم البشر بتقديم ذبائح من إخوتهم في البشرية جعل ابنته تلتقي به، حتى يخاف الآخرون من تقديم كائنات بشرية نذرًا لله[22].
توجد تفاسير أخرى كثيرة لهذه الذبيحة، منها:
أولاً: يتساءل البعض هل قدَّم ملك موآب ابنه محرقة (مي 6: 7) لإلهه كموش ليرغمه أنه يرضى عنه، أم أنه قدَّم ابن ملك أدوم الذي أسره ملك موآب (عا 1:2).
ثانيًا: ماذا يعني بالقول: كان غيظ عظيم في إسرائيل؟
أ. يرى البعض أن ملكي يهوذا وأدوم إذ شاهدا ملك موآب يقدم ابنه ذبيحة ندما على ما كانا قد سبَّباه من قسوة مُفرِطة، وألقيا بالمسئولية على ملك إسرائيل، إذ هو الذي حركهما للحرب.
ب. يفسر البعض هذه العبارة أن إسرائيل حنق حنقًا شديدًا، وانصرفوا عن ملك موآب، ورجعوا إلى أرضهم.
ج. يرى آخرون أن الغيظ كان من جانب الموآبيين على إسرائيل ويهوذا وأدوم عندما شاهدوا ملكهم يُقدِّم ابنه البكر مُحرَقة على السور، فتشددوا في الدفاع حتى التزم الإسرائيليون بالانصراف عنهم.
د. يرى البعض أن ملك موآب قدَّم ابن ملك أدوم ذبيحة، وكان ملك موآب سبق أن أسر هذا الابن، ويرون أن ما ورد في (عا 2: 1) إشارة إلى هذه الحادثة.
تقديم الذبائح البشرية عادة قديمة جدًا، كانت تمارسها الكثير من الأمم في عصور متباينة.
قدم Burder ملاحظة دقيقة، وقائمة طويلة للأمم التي كانت تُقدِّم ذبائح بشرية. من بينها: الأثيوبيون، والفينيقيون والسكيثيون والمصريون، والصينيون والفارسيون، والهنود وأهل بلاد الغال، والغوصيون، أهل قرطاجنة، والعرب والبريطانيون (قبل غزوات الانجلوسكسانيين)، والرومانيون. كانت تتم بطرق كثيرة، أحيانًا بالذبح بالسكين وأحيانًا بالغرق، وأحيانًا بالحرق بالنار، وأحيانًا بالدفن وهم أحياء.
تمثَّل الإسرائيليون الذين عبدوا الأوثان بجيرانهم الفينيقيين في هذا الأمر (راجع إر 19: 5؛ مي 6: 7).
منذ سنوات قليلة أُكتشف نقش في Behistun، وكما يقول عنه الأستاذ Grotefend من هانوفر بأن النقش أشار إلى أن نبوخذ ناصر قام بحرق ابنه حتى الموت لكي يحفظ بابل من ضيقة[23].
v بالحسابات البشرية ظنَّ ملوك يهوذا وإسرائيل وأدوم،
أنهم لا محالة منتصرون على موآب.
بدون مشورتك انطلق الثلاثة للحرب.
نسوا أبسط الحسابات الحربية.
اجتمعوا معًا في أدوم حيث كانت تنقصهم المياه.
مواردهم البشرية والعسكرية قوية.
لكن بسبب نقص الماء تعرَّضوا لهلاكٍ أكيدٍ.
v أصرَّ يهوذا أن يستشيرك خلال نبيّك أليشع.
وفي طول أناتك قدَّمتَ لهم أكثر مما سألوا.
طلبوا ماء ليرتووا من عطشهم ويتحركوا للحرب.
رويْتهم هم وحيواناتهم، وملأت جباب الوادي ماءً!
لم ترسل لهم رياحًا ولا أمطارًا،
فمن أين امتلأت الجباب؟!
أنت إله المستحيلات.
وهبتهم ما لم يحلموا به.
قدمت لهم ماءً بلا تعب،
ووعدتهم بالنصرة بدون معارك.
v قدَّمتَ ماءً ينقذ من في عطشهم التجأوا إليك،
نظره موآب فظنّه دمًا.
تحرك جيشه لا للحرب بل للسلب.
فسقطوا في فخ لم يخرجوا منه.
v إلهي تُسبِّحك نفسي، لأنك تفتح لي أبواب الرجاء.
حين يضيق الأمر أمام عينيَّ الجسديتين،
تفتح بصيرتي، فأنظر عجبًا!
خلال الضيق تشرق برحمتك عليّ!
تشرق يا شمس البرّ فيّ، فأستنير.
وببهائك تتبد مملكة الظلمة.
v يسبيني حبك، ويحررني من عبودية إبليس!
تسندني بروحك، وتقيم ملكوتك في داخلي!
لك المجد يا من تُحوِّل مرارتي إلى عذوبة.
تُحررني من الهاوية، وتصعد بي إلى سماواتك.
_____
[1] Letter 32.
[2] شرح إنجيل يوحنا، الإصحاح التاسع.
[3] On the Second Book of kings, 3:9.
[4] سالع Sela، ربما في موقع البتراء Petra حاليًا.
[5] Cf. James M. Freeman: Manners and Customs of the Bible, 1972, article 329.
[6] On the Second Book of kings, 3:9.
[7] On the Second Book of kings, 3:15.
[8] On the Second Book of Kings, 3:16.
[9] Homily on Jeremiah 10:23.
[10] الميمر 117 الثاني على إليشع وعلى ملك موآب الذي ذبح ابنه على السور (راجع نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني). الخوري بولس الفغالي، عظات حول أليشع النبي، ص 37.
[11] Ep. 79:3.
[12] When Critics ask: A popular handbook on Bible difficulties. Wheaton، III.: Victor Books. Geisler، N. L.، & Howe، T. A. (1992).
(*) توضيح من الموقع: كان مكتوبًا هنا "أو صالح (حك 1: 1)"، وبالنظر للنص الأصلي مع الشواهد الموضوعة في أحد النسخ، يبدو أن الترجمة لم تكن دقيقة، وخاصة في الشواهد، فتم تعديل الجملة إلى "أو خادم صالح (سي 7: 22)". وشاهد سيراخ في الأغلب من ترجمة أخرى بها دمج لترقيم الآيات، فتم وضع آية 22 بدلًا من 21 حسب النص التالي.
والنص هو:
"And if there be any other things which in Scripture are called good, whether angel (To 5.21), or man (Ps. 37.23, 112.5), or servant (Sir. 7.21), or treasure (To 4.9; Luke 6.45), or a good heart (Ye. 8.28), or a good tree (2 Kings 3.19; Matt. 7.17-19), all these are so termed catachrestically, having in them an accidental, not an essential goodness..."
[13]
De
Principiis 1: 2: 13.
(**) توضيح من الموقع: الشاهد للقول هو (مز 11: 8): "الاحْتِمَاءُ بِالرَّبِّ خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى إِنْسَانٍ". ونص القول كله:
"It concerns my interest to believe Him to be good, for “It is a good thing to trust in the Lord.”1932 It is to my interest to confess Him Lord, for it is written: “Give thanks unto the Lord, for He is good.”"
[14]
Exposition of Christian Faith, 2: 23-25, 27.
ترجمة الدكتورة نهي
عزت
[15] Adv. Haer. 4:28:3
[16] On the Second Book of Kings, 3:23.
(***) إضافة من الموقع: "اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ، فَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، وَلْتَفْرَحِ الْجَزَائِرُ الْكَثِيرَةُ." (مز 97: 1).
[17] On Belief in the Resurrection 2:110.
[18] الميمر 117 الثاني على إليشع وعلى ملك موآب الذي ذبح ابنه على السور (راجع نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني). الخوري بولس الفغالي، عظات حول أليشع النبي53-43.
[19] الميمر 117 الثاني على إليشع وعلى ملك موآب الذي ذبح ابنه على السور (راجع نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني). الخوري بولس الفغالي، عظات حول أليشع النبي52-53.
[20] الميمر 117 الثاني على إليشع وعلى ملك موآب الذي ذبح ابنه على السور (راجع نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني). الخوري بولس الفغالي، عظات حول أليشع النبي54-60.
[21] On the Second Book of Kings. 3:25-27.
[22] Commentary on Tatian’s Diatessaron, 10:3.
[23] CF. James M. Freeman: Manners and Customs of the Bible, 1972, , article 330.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الثاني 4 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير ملوك الثاني 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/fxt62x8