← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26
اَلأَصْحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ
كان حزقيا رجلاً صالحًا، طهَّر الهيكل من الرجاسات الوثنية، لكن تبوأ ابنه منسى عرش يهوذا سنة 697 ق.م. وهو ابن اثنتي عشرة سنة. كان أشر ملوكهم، اشتهر ملكه بنشر العبادة الوثنية والرجاسات مع العنف وسفك الدماء، فصار الشعب أشر من الأمم (2 مل 21: 2-9).
هنا تظهر خطورة القائد، متى تنجس قلبه أفسد المجتمع، فتصير الصلوات بغير التوبة الصادقة مرفوضة، حتى إن قدَّمها موسى أو صموئيل أو إرميا. لقد حلَّ غضب الله على الجماعة التي أفسدتها القيادة الشريرة.
يتحدث إشعياء النبي عن عصر منسى الملك الذي سفك دماءً بريئة كثيرة (2 مل 21؛ 2 أي 33) حتى اشتهى الأبرار الموت، وحسبوه راحة مما رأوه بأعينهم. يقول: "باد الصدِّيق وليس أحد يضع ذلك في قلبه، ورجال الإحسان يُضمُّون، وليس من يفطن بأنه من وجه الشر يُضم الصدِّيق. يدخل السلام، يستريحون في مضاجعهم، السالك باستقامة" (إش 57: 1-2). وينطبق ذلك بأكثر وضوحٍ في أيام ضد المسيح حيث يملك إنسان الخطية في هيكل الرب ويضطهد الكنيسة (2 تس 2: 4 الخ)، حتى يُقال: "من هو مثل الوحش؟! من يستطيع أن يحاربه؟!" (رؤ 13: 4)، "وأُعطي أن يصنع حربًا مع القديسين ويغلبهم، وأُعطي سلطانًا على كل قبيلة ولسان وأمة... هنا صبر القديسين وإيمانهم" (رؤ 13: 7، 10). أمام هذا المُرّ يُقال: "من وجه الشر يُضم الصِّدّيق". إذ يُباد الصّديقون أو يُضطهَدون ويُقتَلون.
تكشف لنا حياة منسى عن المسئولية الشخصية لكل إنسانٍ في علاقته بالله، فالملك منسى كان شريرًا، بذل كل جهده في إفساد كل إصلاح قام به والده حزقيا الملك الصالح. هذا وقد كان جده لأبيه آحاز ملكًا شريرًا. والعجيب أن ابن منسى يوشيا الملك الصالح. وكأن يوشيا الصالح ابن منسى الشرير، والأخير بن حزقيا الصالح، والأخير ابن آحاز الشرير.
والعجيب أن الله سمح أن يحكم منسى 55 سنة أكثر من أي ملك من ملوك المملكتين، ربما لأجل تأديب الشعب الذي لم يبالِ بإصلاحات الملك الصالح حزقيا، بل حاولوا إرضاء الملك شكليًا، حتى إذ مات الملك سرعان ما كشفوا عن فسادهم الداخلي ومقاومتهم لعبادة الله.
هنا قد يتساءل المؤمن: ما هو دوري وأنا إنسان لا سلطان لي في المجتمع؟ يليق بكل مؤمنٍ أن يُصلِّي من أجل الملوك والرؤساء وأصحاب السلطان (1 تي 2: 1-8)، لا في مداهنة، وإنما من أجل الرب.
|
1-9. |
|
|
10-18. |
|
|
19-22. |
|
|
23-26. |
* من وحي 2 مل 21: لتُشرِقْ كلمتك بالنور على قلبي، وليعمل روحك القدوس في حياتي!
1 كَانَ مَنَسَّى ابْنَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ حَفْصِيبَةُ. 2 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ رَجَاسَاتِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 3 وَعَادَ فَبَنَى الْمُرْتَفَعَاتِ الَّتِي أَبَادَهَا حَزَقِيَّا أَبُوهُ، وَأَقَامَ مَذَابحَ لِلْبَعْلِ، وَعَمِلَ سَارِيَةً كَمَا عَمِلَ أَخْآبُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، وَسَجَدَ لِكُلِّ جُنْدِ السَّمَاءِ وَعَبَدَهَا. 4 وَبَنَى مَذَابحَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ الَّذِي قَالَ الرَّبُّ عَنْهُ: «فِي أُورُشَلِيمَ أَضَعُ اسْمِي». 5 وَبَنَى مَذَابحَ لِكُلِّ جُنْدِ السَّمَاءِ فِي دَارَيْ بَيْتِ الرَّبِّ. 6 وَعَبَّرَ ابْنَهُ فِي النَّارِ، وَعَافَ وَتَفَاءَلَ وَاسْتَخْدَمَ جَانًّا وَتَوَابعَ، وَأَكْثَرَ عَمَلَ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ. 7 وَوَضَعَ تِمْثَالَ السَّارِيَةِ الَّتِي عَمِلَ، فِي الْبَيْتِ الَّذِي قَالَ الرَّبُّ عَنْهُ لِدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ابْنِهِ: «فِي هذَا الْبَيْتِ وَفِي أُورُشَلِيمَ، الَّتِي اخْتَرْتُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، أَضَعُ اسْمِي إِلَى الأَبَدِ. 8 وَلاَ أَعُودُ أُزَحْزِحُ رِجْلَ إِسْرَائِيلَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُ لآبَائِهِمْ، وَذلِكَ إِذَا حَفِظُوا وَعَمِلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ، وَكُلَّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِهَا عَبْدِي مُوسَى». 9 فَلَمْ يَسْمَعُوا، بَلْ أَضَلَّهُمْ مَنَسَّى لِيَعْمَلُوا مَا هُوَ أَقْبَحُ مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
كَانَ مَنَسَّى ابْنَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ.
وَاسْمُ أُمِّهِ حَفْصِيبَةُ. [1]
منسى بن حزقيا: ملك لمدة 55 عامًا (697-642 ق. م)، وهي أطول مدة حَكَمَ فيها ملك في المملكة المنقسمة. في أيام حُكْمِه بلغت المملكة الذروة. وكان يسودها سلام بين أشور ويهوذا، وذلك في أيام آسرحدون (681-668 ق.م) وآشور بانبال (668-626 ق.م).
لم يكن منسى بالملك الصالح، لكن الله أراد الكشف عن أمانته هو (الله) بالنسبة لشعبه بالرغم من عدم أمانة الملك والقادة والشعب.
كان حزقيا قصير النظر في اهتمامه بالدولة ككلٍ، وأيضًا في اهتمامه بأسرته، فنشأ ابنه لا على منوال أبيه الصالح، بل مقتديًا بجدِّه الشرير، فتبنَّى ممارسات البابليين والكنعانيين الشريرة، الذين طردهم الرب أمامهم، وسلمهم أرض الموعد.
لم يُصغِ منسى لأقوال الأنبياء، بل قاد شعبه إلى الخطية (2 أي 33).
دعا يوسف اسم بكره منسَّى، قائلاً لأن الله أنساني كل تعبي وكل بيت أبي (تك 41: 51). ولعل حزقيا جعل لابنه هذا الاسم، لأن الله أقامه من مرضه، وأعطاه نسلاً بعد خوفه من أنه يموت بلا نسل، فأنساه كل تعبه. عند ولادته كان عمر أبيه حوالي 42 سنة، ثلاث سنوات بعد شفائه من مرضه.
حفصيبة، معناها "مسرتي بها" (إش 62: 4).
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
حَسَبَ رَجَاسَاتِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. [2]
كان منسى متشامخًا بمركزه وهو صغير السن، حاسبًا نفسه أحكم من أبيه. إذ تسيَّب منسى، ليعيش حسب أهوائه، صار مستعبدًا لها، لكن عندما سمح الله له بالسبي، تاب ورجع إلى مملكته (2 أي 33: 13).
كان الإصلاح في أيام حزقيا مُفرحًا للشعب (2 أي 29: 36). ولكن إلى حين، وليس من القلب. لهذا إذ ملك منسى وهو ابن 12 سنة أماله الرؤساء إلى الرجوع إلى عبادة الأصنام، وربما كان إشعياء النبي قد مات، هذا الذي كان مشيرًا لأبيه وجده.
هذه هي المرة الوحيدة التي سمح الله لملكٍ شريرٍ أن تمتد مملكته كل هذا الزمان، ربما لأن كثير من القادة والشعب تظاهر بالتديُّن في أيام أبيه الصالح حزقيا، لكن كانت تنقصهم مخافة الرب في قلوبهم. فأراد الله من جانب أن يفضح هؤلاء الأشرار أمام أنفسهم، لعلهم يندمون ويرجعون إليه. ومن جانب آخر سمح بذلك حتى إذ يُسبَى الملك الشرير في بابل، يندم ويتوب فيغفر له الرب ويرده إلى كرسيه. بهذا يكشف الله عن طول أناته مع الأشرار، منتظرًا توبتهم.
v كان منسى شريرًا إلى أبعد حد (2 مل 21: 2-7). لقد نشر إشعياء ومزَّقه، وتدنس بكل العبادات الوثنية، ولطَّخ أورشليم بدم الأبرياء، لكنه عندما أُسر استخدم خبرته في محنته مستعينًا بالتوبة كعلاج، إذ يقول الكتاب عنه أنه تواضع جدًا أمام الرب، وصلَّى إليه، فاستجاب له، ورده إلى مملكته (2 أي 33: 12). فإن كانت التوبة قد أنقذت من نشر النبي ومزقه، أفما تخلصك أنت يا من لم ترتكب مثل هذا الشر العظيم؟![1]
v أنا لم أطلب منه، وهو حملني على كتفيه، أحضرني إلى حظيرته.
بإرادتي انهزمتُ، لأن خطاياي أضلتني، والآن ندمتُ وأتيتُ، ألا يفتح لي الباب لئلا تأكلني الذئاب خارج حظيرته؟
يداه سُمرتا بالمسامير، ولم يتركني، لأنني كنت حبيبه، وجعلتني خطاياي غريبًا عنه.
والآن تذللتُ وعُدتُ، هل سيلقيني كالغصن المرذول؟
لا، يا دياني، شري لا يغلب حنانك.
لا يا رب، لست أقول إن ذنبي أكبر من أن يُغفَر.
التوبة تطلب منك، هذه التي اعتادت أيها الحنان أن تعكس كلامك، وتحل أحكامك. بعد أن أردتَ أن تقلب نينوى لأنها أخطأت، لم تسمح لك أن تقبلها بعد أن تابت... لم ترجع أبدًا التوبة بخجلٍ من باب الحاكم. لم يُوجد وقت لم يُستجَب فيه للتوبة؛ لم تطلب قط إلا ونالت...
قال واضع الناموس: "ليس جيدًا أن يؤخذ خبز البنين، ويُلقي للكلاب" (مت 15: 26). تقول التوبة: "نعم، يحسن أن تأكل الكلاب من فُتات أصحابها"...
أسرعي أيتها النفس التائبة خطاكِ نحو التوبة وعيشي. ها أنتِ تسمعين ربك يحلف: "لا أريد موت الخاطي" (حز 33: 11).
لا تطلبي أن تمكثي في خطاياكِ لئلا تموتي. عودي إليه مثلما عادت سارة إلى إبراهيم (تك 12: 10- 20).
لا يطيب لكِ عيش العالم، كما لا تطيب لسارة مائدة الملك مثل عِشرة إبراهيم.
لم تُعيَّر لأنها عادت، وأنتِ أيضًا لا تلامين إذا ذهبت (لله). إنك تُلامين لو لم تجيئي.
إن أتيتِ يبسط ذراعيه، ويستقبلكِ، ويحملكِ، ويقدمكِ لأبيه، ويفرح بكِ، ويحبكِ، ويقول لكِ هكذا:
"ها صورتنا المفقودة قد وُجدتْ،
ها ابنتنا المسلوبة قد رجعت،
ها مقتنانا الذي نهبه الغرباء قد عاد إلينا".
إذًا يصير في السماء فرح لجميع الملائكة. الذين يبتهجون بوجودكِ، ويُسرون بتوبتكِ، ويسبحون بعودتكٍ. الآب الذي قبلكِ، والابن الذي أتى بكِ، والروح القدس الذي أعادكِ. له المجد والشكر والعظمة في كل الدهور إلى أبد الأبد، آمين[2].
v بالحقيقة يتحرك الإنسان الحكيم نحو التوبة عن أخطائه، أما الغبي فيجد مسرة فيها. "البار يتهم نفسه" (أم 18: 17)، أما الشرير فهو مدافع عن نفسه. البار يود أن يسبق متهمه في ذكر خطاياه، أما الشرير فيود أن يخفيها. واحد يندفع في بدء حديثه ليكشف عن خطيته، والآخر يحاول أن يستبعد الاتهام عنه بثرثرة حديثه كمن لا يكشف عن خطيته[3].
وَعَادَ فَبَنَى الْمُرْتَفَعَاتِ الَّتِي أَبَادَهَا حَزَقِيَّا أَبُوهُ،
وَأَقَامَ مَذَابِحَ لِلْبَعْلِ، وَعَمِلَ سَارِيَةً،
كَمَا عَمِلَ أَخْآبُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ،
وَسَجَدَ لِكُلِّ جُنْدِ السَّمَاءِ وَعَبَدَهَا. [3]
كل ما أزاله حزقيا من شرور الكنعانيين في عبادتهم ورجاساتهم أعاده ابنه منسى.
"البعل": الإله الفينيقي الحارس. وقد سقط إسرائيل في هذه العبادة الوثنية منذ عصر القضاة (قض 2: 13). وأقام الملك منسى تمثالاً للبعل في الهيكل نفسه (2 مل 21: 3، 5، 7).
عبادة كل جند السماء: ربما ترجع إلى زمان آحاز (2 مل 33: 12)، وأصلها من الأشوريين والكلدانيين الذي كان منجموهم يدَّعون أنهم يَصِلُون إلى معرفة المستقبل بمراقبة حركات الأجرام السماوية، التي كان بعض الوثنيين يتعبَّدون لها، وأن هذه الحركات لها أثرها على أمور العالم. وتُدعَى النجوم جند السماء بسبب كثرتها ونظامها. يرى البعض أنها لا تعني هنا الملائكة والطغمات السمائية، بل جند السماء الذين سقطوا.
كانت عبادة جند السماء ممنوعة تمامًا حسب شريعة الله (تث 4: 19؛ 17 2-7). هاجمها الأنبياء (إش 47: 13؛ عا 5: 26). لم يصغِ منسى لا للشريعة ولا للأنبياء [7، 8؛ 2 أي 33: 2-10].
وَبَنَى مَذَابِحَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ الَّذِي قَالَ الرَّبُّ عَنْهُ:
فِي أُورُشَلِيمَ أَضَعُ اسْمِي. [4]
انحطَّ الشعب في ذلك الوقت، فأقاموا الأوثان في بيت الرب كما فعل منسى الذي "بنى مذابح في بيت الرب... ووضع تمثال السارية التي عمل في البيت" (2 مل 21: 3، 7)، وارتكبوا الفحشاء هناك تحت اسم التكريس للرب.
كان لبيت الرب دار داخلية (1 مل 6: 36) أو دار للكهنة (2 أي 4: 9)، ودار أخرى (1 مل 7: 8) التي كان فيها بيت الملك، وكانت دارًا كبيرة (1 مل 7: 9؛ 2 أي 4: 9)، تحتوي على جميع الأبنية كالهيكل وقصر الملك وغيرهما. ولم يكتفِ منسَّى بإقامة ذبائح وثنية في أماكن خارجية كما فعل سليمان (1 مل 11: 7)، بل أقامها في نفس المكان الذي كان الرب قد وضع اسمه فيه.
وَبَنَى مَذَابِحَ لِكُلِّ جُنْدِ السَّمَاءِ فِي دَارَيْ بَيْتِ الرَّبِّ. [5]
وَعَبَّرَ ابْنَهُ فِي النَّارِ،
وَعَافَ وَتَفَاءَلَ وَاسْتَخْدَمَ جَانًّا وَتَوَابِعَ،
وَأَكْثَرَ عَمَلَ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ. [6]
عبد الإسرائيليون مولك بعد دخولهم أرض الموعد؛ فبنى سليمان هيكلاً له على جبل الزيتون (1 مل 11: 7)؛ وأجاز منسى ابنه في النار، تكريمًا لهذا التمثال. وكان تمثال هذا الإله مصنوعًا من النحاس، ويداه ممتدتين كما لو كانتا تطلبان أن تحتضنا الطفل المُقدَّم ذبيحة. كانوا يوقدون نارًا في التمثال النحاسي حتى يحمر تمامًا، ويضعون الطفل على الذراعين المحميتين بين دقات الطبول والرقص، فيحترق الطفل تمامًا. يظن البعض أن هذا كان يتم تكريمًا لكوكب زحل ساتورن وهو إله الزراعة عند الرومان، والبعض يحسبونه تكريمًا للشمس، والبعض كوكب عطارد (رسول الآلهة، وإله التجارة والفصاحة والمكر واللصوصية عند الرومان).والبعض كوكب الزهرة، فينوس، إلهة الحب والجمال عند الرومان الخ.
وَوَضَعَ تِمْثَالَ السَّارِيَةِ الَّتِي عَمِلَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي قَالَ الرَّبُّ عَنْهُ لِدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ابْنِهِ:
فِي هَذَا الْبَيْتِ وَفِي أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ أَضَعُ اسْمِي إِلَى الأَبَدِ. [7]
تمثال السارية: ربما كان حسب رسم أخذه من بلاد أشور. وكان التمثال عمودًا مزينًا بقرون تيوس، وعلى رأس العمود صورة نخلة، وحوله شبكة من معدنٍ فيها صور نخل وبراعم ورمان وكروز صنوبر وإشارات إلى كثرة التوالد وأعضاء التناسل مما يهيج الشهوات.
وَلاَ أَعُودُ أُزَحْزِحُ رِجْلَ إِسْرَائِيلَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُ لآبَائِهِمْ،
وَذَلِكَ إِذَا حَفِظُوا وَعَمِلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ،
وَكُلَّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِهَا عَبْدِي مُوسَى. [8]
يؤكد الرب لشعبه أنه لن يسمح لهم بالسبي إن حفظوا الوصية وسلكوا فيها.
فَلَمْ يَسْمَعُوا، بَلْ أَضَلَّهُمْ مَنَسَّى،
لِيَعْمَلُوا مَا هُوَ أَقْبَحُ مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. [9]
بعد عرض قائمة بتعديات منسى المتعمدة، من ممارسات قبيحة ورجاسات الأمم، وتدنيس هيكل الرب بوسيلة أو أخرى، دفع الشعب للشر حتى قيل: "أضلهم منسى، ليعملوا ما هو أقبح من الأمم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل".
صاروا أشر من الأمم، لأنهم عرفوا الإله الحقيقي، ومعهم الشريعة، ولديهم الأنبياء، ومع ذلك سجدوا لآلهة كثيرة مختلفة، أما الأمم فسجدوا كل أمة لإلهها.
وكما يقول السيد المسيح: "وأما ذلك العبد الذي يعلم إرادة سيده ولا يستعد، ولا يفعل بحسب إرادته، فيُضرَب كثيرًا، ولكن الذي لا يَعْلَم ويفعل ما يستحق ضربات يُضرَب قليلاً. فكل من أُعطي له كثيرًا يُطلَب منه كثير، ومن يودعونه كثيرًا يطالبونه بأكثر" (لو 12: 47-48).
v أضلهم منسّى ليفعلوا الشر أكثر مما فعله الأمم الذين أهلكهم أمام شعب إسرائيل[4].
قوانين الرسل القديسين
v لا يُناقش في جريمة من يعرف إرادة سيِّده ويهملها ولا يعمل ما هو لائق بها كواجب ملتزم به، إذ يُحسَب في عارٍ واضحٍ ويستحق ضربات كثيرة. لكن لماذا يتحمَّل ضربات ولو قليلة من لا يعلم إرادة سيِّده ولا يفعلها؟ لأنه لم يرد أن يعرفها مع أن في قدرته أن يعرفها...
إنها لدينونة عنيفة يسقط تحتها من يعلمون. هذا ما يظهره تلميذ المسيح القائل: "لا تكونوا معلمين كثيرين يا إخوتي، عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم" (يع 3: 1). فإن عطيَّة المواهب الروحيَّة وفيرة للذين هم رؤساء الشعب، إذ يكتب الحكيم بولس إلى الطوباوي تيموثاوس: "فليعطك الرب فهمًا في كل شيء" (2 تي 2: 7)، "لا تهمل أيضًا موهبة الله التي فيك بوضع يديّ" (راجع 2 تي 1: 6).
من هذا يظهر أن مُخلِّص الكل إذ يعطيهم أكثر يطالبهم أكثر.
ما هي الفضائل التي يطالبهم بها؟ الثبات في الإيمان، والتعليم الصحيح، والتأسيس حسنًا في الرجاء، والصبر بلا زعزعة، والقوَّة الروحيَّة التي لا تُغلَب، والفرح والشجاعة في كل تقدَّم حسن، بهذا نصير قدوة للآخرين في الحياة الإنجيلية. فإن عشنا هكذا يمنحنا المسيح الإكليل، الذي به ومعه السبح والسلطان للآب والروح القدس إلى أبد الأبد آمين[5].
v انظر كيف يكشف بوضوح أنه لأمر خطير أن يخطئ إنسان بمعرفةٍ عن أن يخطئ بجهلٍ. ومع هذا فليس لنا أن نحتمي تحت ظلال الجهل، لأنه يوجد فارق بين أن تكون جاهلاً، وأن تكون غير راغبٍ في المعرفةٍ. فالإنسان الذي قيل عنه إنه "كف عن التعقل عن عمل الخير" (مز 36: 3) إرادته مخطئة وليس له حق الاعتذار بالجهل. ومع هذا فالجهل لا يبرر أحدًا أو يعفيه عن عقاب النار الأبديَّة... وإنما ربَّما يخفف عن العقوبة، إذ لم يقل عبثًا... "معطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله" (2 تس 1: 8)[6].
v أي عذر لنا نحن الذين دخلنا القصر، وحُسبنا أهلاً أن ندخل الهيكل، وصرنا شركاء في التمتُّع بالأسرار غافرة الخطايا، ومع هذا نسلك أشر من اليونانيين (الأمم) الذين لم يشتركوا في شيءٍ من هذا القبيل؟[7]
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
10 وَتَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ قَائِلًا: 11 «مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَنَسَّى مَلِكَ يَهُوذَا قَدْ عَمِلَ هذِهِ الأَرْجَاسَ، وَأَسَاءَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِي عَمِلَهُ الأَمُورِيُّونَ الَّذِينَ قَبْلَهُ، وَجَعَلَ أَيْضًا يَهُوذَا يُخْطِئُ بِأَصْنَامِهِ، 12 لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى أُورُشَلِيمَ وَيَهُوذَا حَتَّى أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْمَعُ بِهِ تَطِنُّ أُذُنَاهُ. 13 وَأَمُدُّ عَلَى أُورُشَلِيمَ خَيْطَ السَّامِرَةِ وَمِطْمَارَ بَيْتِ أَخْآبَ، وَأَمْسَحُ أُورُشَلِيمَ كَمَا يَمْسَحُ وَاحِدٌ الصَّحْنَ. يَمْسَحُهُ وَيَقْلِبُهُ عَلَى وَجْهِهِ. 14 وَأَرْفُضُ بَقِيَّةَ مِيرَاثِي، وَأَدْفَعُهُمْ إِلَى أَيْدِي أَعْدَائِهِمْ، فَيَكُونُونَ غَنِيمَةً وَنَهْبًا لِجَمِيعِ أَعْدَائِهِمْ، 15 لأَنَّهُمْ عَمِلُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ، وَصَارُوا يُغِيظُونَنِي مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ آبَاؤُهُمْ مِنْ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ». 16 وَسَفَكَ أَيْضًا مَنَسَّى دَمًا بَرِيئًا كَثِيرًا جِدًّا حَتَّى مَلأَ أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَانِبِ إِلَى الْجَانِبِ، فَضْلًا عَنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي بِهَا جَعَلَ يَهُوذَا يُخْطِئُ بِعَمَلِ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. 17 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ مَنَسَّى وَكُلُّ مَا عَمِلَ، وَخَطِيَّتُهُ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 18 ثُمَّ اضْطَجَعَ مَنَسَّى مَعَ آبَائِهِ، وَدُفِنَ فِي بُسْتَانِ بَيْتِهِ فِي بُسْتَانِ عُزَّا، وَمَلَكَ آمُونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
وَقَالَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ، قائلاً: [10]
مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَنَسَّى مَلِكَ يَهُوذَا قَدْ عَمِلَ هَذِهِ الأَرْجَاسَ،
وَأَسَاءَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِي عَمِلَهُ الأَمُورِيُّونَ الَّذِينَ قَبْلَهُ،
وَجَعَلَ أَيْضًا يَهُوذَا يُخْطِئُ بِأَصْنَامِهِ [11]
أرسل الله لهم عبيده الأنبياء وهم هوشع ويوئيل وناحوم وحبقوق وإشعياء يُقدِّمون لهم كلمات الرب من نصائح وإرشادات، وإن لم يسمعوا يُقدِّموا لهم تحذيرات نبوية.
جاء حديث الرب خلال أنبيائه هنا أشبه بصحيفة اتهام ضد الملك وكل مملكته، على أساسها يصدر الحكم ضدهم، ما لم يرجعوا إلى الرب بالتوبة.
يقصد بالأموريين هنا جميع الكنعانيين (1 مل 21: 26؛ عا 2: 9: 10).
عندما يخطئ الملك ينظر إليه الشعب كقدوة، فيتمثلون به، لذلك إذ أخطأ منسى الملك وعبد الأصنام، جعل مملكة يهوذا تخطئ، وإن كانت توجد قلة أمينة للرب لم تقتدِ بالملك.
لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ:
هَئَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى أُورُشَلِيمَ وَيَهُوذَا،
حَتَّى أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْمَعُ بِهِ تَطِنُّ أُذُنَاهُ. [12]
يُعلن الله عن خطورة التأديب بقوله: "كل من يسمع به تطن أذناه"، وهو تعبير جاء في (1 صم 3: 11) عندما أخبر الله صموئيل النبي الصغير عما سيحل ببيت عالي الكاهن، حيث يُقضَى على بيته إلى الأبد، ولا يُكَفر عن شره بذبيحة أو تقدمة. وأيضًا في (2 مل 21: 12) عندما تحدث عن الشر الذي يحل على أورشليم ويهوذا بسبب رجاسات الملك منسى الذي سفك دمًا بريئًا كثيرًا جدًا حتى ملأ أورشليم. واستخدمه إرميا أيضًا ضد الكهنة والملوك مع كل الشعب السالك وراءهم.
يشير هذا التعبير إلى ارتكاب شرٍ عظيمٍ يقشعر كل من يسمع خبره. ويكشف عما وراء التهديدات من مرارة قاسية.
جاء في إرميا: "هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل: هأنذا جالب على هذا الموضع شرًا كل من سمع به تطن أذناه" (إر 19: 3). إذ يتحدث عن التأديب الذي يحل بهم، فيبدو كضعيفٍ غير قادرٍ على الدفاع عن شعبه كإله إسرائيل مع أنه رب الجنود السماوية، إذ يُسَلِّم شعبه كما في ضعفٍ لأجل خلاصهم الأبدي.
لو أن الله ينتقم من الشرير مهما بلغ شره، لما كان يهدد، إنما يسمح بالتأديبات دون إنذار. الآن إذ ينذر إنما لكي يدفع منسى ومن معه إلى التوبة، فيرفع الله عنهم هذه التأديبات. هذا ما أكده القديس يوحنا الذهبي الفم في مناسبات كثيرة[8].
وَأَمُدُّ عَلَى أُورُشَلِيمَ خَيْطَ السَّامِرَةِ، وَمِطْمَارَ بَيْتِ أَخْآبَ،
وَأَمْسَحُ أُورُشَلِيمَ كَمَا يَمْسَحُ وَاحِدٌ الصَّحْنَ.
يَمْسَحُهُ وَيَقْلِبُهُ عَلَى وَجْهِهِ. [13]
المثل الذي يُقدِّمه الله للإنذار قوي، فإن كان شعب يهوذا ارتعب لما حدث مع إسرائيل من مرارة، فما حلَّ بمملكة إسرائيل يحل أيضًا بمملكة يهوذا، لأن الله ليس لديه محاباة. خراب السامرة كان شديدًا، ففقدت كل شيءٍ، كما يمسح الإنسان صحنًا ويقلبه، إذ لا يترك فيه أية آثار.
يُستخدَم الخيط والمطمار للبنيان، كما يُستخدمان أيضًا للهدم والدمار.
"كما يمسح واحد الصحن"، أي لا يبقى في أورشليم شيءٌ ما من مجدها وغناها. هذا التعبير يحمل احتقارًا، حيث تشبه أورشليم بصحنٍ، وأهلها بأقذارٍ يلزم إزالتها منه ليكون الصحن نظيفًا.
يقول الرب بإشعياء: "وأجعل الحق خيطًا، والعدل مطمارًا" (إش 28: 17)، وقاس داود النبي الموآبيِّين بالحبل للقتل وبحبلٍ للاستحياء (1 صم 8: 2).
وَأَرْفُضُ بَقِيَّةَ مِيرَاثِي،
وَأَدْفَعُهُمْ إِلَى أَيْدِي أَعْدَائِهِمْ،
فَيَكُونُونَ غَنِيمَةً وَنَهْبًا لِجَمِيعِ أَعْدَائِهِمْ، [14]
بقوله: "أرفض بقية مراثي" لا يعني إزالة العهد الذي أُقيم مع داود (مز 89: 30-37)، إنما يعني أن يهوذا التي كانت تُحسَب البقية لميراث ملكوت الله، لا تُعفى من التأديب على خطاياها.
ميراث الرب شعبه الذي يعتز به، وحين انشقت مملكة إسرائيل ورفضت الكهنوت اللاوي الذين من نسل هرون، كما رفضت بيت داود، رفض الرب هذا القسم من ميراثه، وصارت مملكة يهوذا بقية ميراثه، بقيت حوالي 140 سنة حتى سقطت هي أيضًا في السبي.
لأَنَّهُمْ عَمِلُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ،
وَصَارُوا يُغِيظُونَنِي مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ آبَاؤُهُمْ مِنْ مِصْرَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. [15]
الكتاب المقدس (العهد القديم) ليس تسجيلاً لغضب الله على شعبه، إنما هو تسجيل لطول أناة الله عبر التاريخ منذ أن أخرج شعبه من مصر على يدي موسى، وهو ينتظر أن يحمل ثمرًا، لكن الشعب يحمل تمردًا وعنادًا ومقاومة للحق الإلهي.
عملوا الشر في عينيّ الرب، فمن خطاياهم أنهم سجدوا على سطوح البيوت لكل جند السماء، وسكبوا سكائب لآلهة أخرى (إر 19: 13)، وصنعوا كعكًا لملكة السماء في شوارع أورشليم (إر 7: 18)، وبنوا مرتفعات توفة في وادي ابن هنوم ليحرقوا بنيهم وبناتهم بالنار (إر 7: 31)، وكان عند بيت الرب بيوت المأبونين، وكانت النساء ينسجن بيوتًا للسارية (2 مل 23: 7)، وكان الرؤساء أسودًا زائرة، والقضاة ذئابًا مفترسة، والأنبياء متكبرين غدَّارين، والكهنة منجسي القدس مخالفي الشريعة (صف 3: 3-4). وكان في المدينة إثم وجور واغتصاب وظلم وخصام (حب 1: 3-4).
وَسَفَكَ أَيْضًا مَنَسَّى دَمًا بَرِيئًا كَثِيرًا جِدًّا،
حَتَّى مَلأَ أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَانِبِ إِلَى الْجَانِبِ،
فَضْلاً عَنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي بِهَا جَعَلَ يَهُوذَا يُخْطِئُ بِعَمَلِ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. [16]
تعرَّض المؤمنون المخلصون لله لا إلى مضايقات فحسب، بل وإلى سفك دمائهم (يوئيل 3: 19). ولعل سفك الدم هنا يشير إلى الأبرياء الذين يُقدِّمون ذبائح بشرية للأوثان بغير إرادتهم، مثل الأبناء الأبرياء الذين يُقدِّمهم آباؤهم.
جاء في التقليد أنه في أثناء المذابح الجماعية التي قام بها منسى نُشر إشعياء نصفيْن عندما حاول أن يختبئ في كتله مجوفة من الخشب (عب 37:11-38)، وربما قُتل أنبياء آخرون في ذلك الوقت أيضًا.
واضح أن الذين تمسكوا بعبادة الرب، ورفضوا العبادة الوثنية، كانوا كثيرين، مات كثيرون كشهداء، إذ ملأ دمهم شوارع أورشليم.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ مَنَسَّى وَكُلُّ مَا عَمِلَ،
وَخَطِيَّتُهُ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. [17]
إذ لم يبالِ منسى بما حذره به رجال الله الأنبياء، صار سجينًا اقتاده ملك أشور. وإذ سقط في السبي رجع إلى الله ، إذ قيل عنه: "ولمّا تضايق طلب وجه الرب إلهه، وتواضع جدًّا أمام إله آبائه. وصلّى إليه، فاستجاب له وسمع تضرعه، وردّهُ إلى أورشليم إلى مملكته. فعلم منسّى أن الرب هو الله." (2 أي 33: 12-13).
v لقد سمعتم، أبناءنا المحبوبين، كيف أن الرب الإله عاقبه إلى حين ذاك الذي كان يُدمِن عبادة الأوثان، وقتل أبرياءً كثيرين، ومع هذا عندما تاب قبله وغفر له معاصيه وردّ له مملكته، فإنه ليس فقط يغفر للتائبين، بل ويرد لهم كرامتهم السابقة (2 أي 33: 12-13)[9].
قوانين الرسل القديسين
v هكذا ارتكب (منسى) مفاسد لا تُعَد، ومدَّ يديه على القديسين، وجلب رجاسات في الهيكل، وملأ المدينة بالقتل، وصنع أمورًا كثيرة فوق كل اعتبارٍ، ومع هذا بعد ممارسة شرٍ عظيمٍ لمدة طويلة، غسل نفسه من هذا كله بالتوبة وفحص نفسه. فإنه لا توجد خطية لا تخضع لقوة التوبة وتفسح الطريق لها، بل بالحري بنعمة المسيح إن أردنا أن نتغير، فهو يُعيننا. وإن أردتم أن تكونوا صالحين، ليس من يعوقكم عن ذلك، بل بالحري يوجد واحد يعوقنا، الشيطان، الذي ليس له سلطان، مادمتم تختارون ما هو أفضل، وتجتذبون الله لمعونتكم[10].
v الآن إذ يتأمل (منسى) في شروره ييأس في الإصلاح والتوبة، ويفقد كل ما ناله فيما بعد. لكنه إذ تأمل في حنو الله الذي بلا حدود عوض شناعة معاصيه يُحطِّم قيود الشيطان، وقام وصارع معه وتمم الجانب الصالح[11].
ديونسيوس
ثُمَّ اضْطَجَعَ مَنَسَّى مَعَ آبَائِهِ،
وَدُفِنَ فِي بُسْتَانِ بَيْتِهِ فِي بُسْتَانِ عُزَّا،
وَمَلَكَ آمُونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [18]
"بستان عُزَّرا": واضح أنه لم يُدفَن مع ملوك يهوذا. يرى البعض أن بستان عُزَّرا كان مزارًا مقدسًا لإله وهمي.
دُعي الملك عزيا أو عزريا عُزَّا.
دُفن خمسة عشر ملكًا من ملوك يهوذا في مدينة داود، ودُفِنَ منسى وابنه آمون في بستان عُزَّا، ودُفِنَ الأربعة الآخرون، واحد في مصر، واثنان في بابل، وواحد وهو يهوياقيم لم يُدفَنْ.
19 كَانَ آمُونُ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سَنَتَيْنِ فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ مَشُلَّمَةُ بِنْتُ حَارُوصَ مِنْ يَطْبَةَ. 20 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَمَا عَمِلَ مَنَسَّى أَبُوهُ. 21 وَسَلَكَ فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَ فِيهِ أَبُوهُ، وَعَبَدَ الأَصْنَامَ الَّتِي عَبَدَهَا أَبُوهُ وَسَجَدَ لَهَا. 22 وَتَرَكَ الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِ وَلَمْ يَسْلُكْ فِي طَرِيقِ الرَّبِّ.
كَانَ آمُونُ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ سَنَتَيْنِ فِي أُورُشَلِيمَ.
وَاسْمُ أُمِّهِ مَشُلَّمَةُ بِنْتُ حَارُوصَ مِنْ يَطْبَةَ. [19]
تبع هذا الملك الشرير والده في شره، كما تبع أخزيا أباه آخاب الشرير (1 مل 22: 51-53).
يبدو أن بعض الشعب لم يستحسنوا العبادة الوثنية، فقتلوا آمون ليُملِّكوا ابنه يوشيا وهو ابن ثماني سنين فقط، لكي يرجعوا إلى عبادة الرب، وأحاطوه من صغره بوسائلٍ تساعده على الارتباط بالإيمان بالله.
يطبة: ربما هي يطبات المذكورة في (عد 33: 33).
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، كَمَا عَمِلَ مَنَسَّى أَبُوهُ. [20]
وَسَلَكَ فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَ فِيهِ أَبُوهُ،
وَعَبَدَ الأَصْنَامَ الَّتِي عَبَدَهَا أَبُوهُ، وَسَجَدَ لَهَا. [21]
v لا توجد خطية أخطر من عبادة الأوثان، فإنها عقوق ضد الله، ومع هذا حتى هذه الخطية تُغفَر بالتوبة الصادقة. أما إن أخطأ أحد متخذًا موقفًا مضادًا، وعن عمدٍ يحاول حتى إن كان الله يعاقب الشرير أو لا يعاقبه، مثل هذا ليس له مغفرة، حتى إن قال لنفسه: "يكون لي سلام، أسلك حسب عادات قلبي الشرير" (راجع تث 29: 19). مثل هذا يكون كآمون بن منسّى... إذ برَّر آمون عصيانه قائلاً: أبي منذ طفولته كان عاصيًا جدًا، وتاب في شيخوخته؛ الآن أنا أسلك حسبما تشتهي نفسي، وبعد ذلك أرجع للرب". وصنع شرًا في عينيّ الرب أكثر من كل الذين سبقوه. فأهلكه الله تمامًا، وحرمه من أرضه الصالحة. وغدر به عبيده، وقتلوه في بيته، ولم يملك سوى سنتين[12].
قوانين الرسل القديسين
وَتَرَكَ الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِ وَلَمْ يَسْلُكْ فِي طَرِيقِ الرَّبِّ. [22]
23 وَفَتَنَ عَبِيدُ آمُونَ عَلَيْهِ، فَقَتَلُوا الْمَلِكَ فِي بَيْتِهِ. 24 فَضَرَبَ كُلُّ شَعْبِ الأَرْضِ جَمِيعَ الْفَاتِنِينَ عَلَى الْمَلِكِ آمُونَ، وَمَلَّكَ شَعْبُ الأَرْضِ يُوشِيَّا ابْنَهُ عِوَضًا عَنْهُ. 25 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ آمُونَ الَّتِي عَمِلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 26 وَدُفِنَ فِي قَبْرِهِ فِي بُسْتَانِ عُزَّا، وَمَلَكَ يُوشِيَّا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
وَفَتَنَ عَبِيدُ آمُونَ عَلَيْهِ،
فَقَتَلُوا الْمَلِكَ فِي بَيْتِهِ. [23]
لم يُشرْ الكتاب إلى سبب اغتياله، هل بسبب شره أم لأسباب سياسية بسبب علاقته مع أشور.
فَضَرَبَ كُلُّ شَعْبِ الأَرْضِ جَمِيعَ الْفَاتِنِينَ عَلَى الْمَلِكِ آمُونَ،
وَمَلَّكَ شَعْبُ الأَرْضِ يُوشِيَّا ابْنَهُ عِوَضًا عَنْهُ. [24]
قام الشعب بقتل الذين اغتالوه.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ آمُونَ الَّتِي عَمِلَ،
مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. [25]
وَدُفِنَ فِي قَبْرِهِ فِي بُسْتَانِ عُزَّا،
وَمَلَكَ يُوشِيَّا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [26]
v أي عذر يمكن أن يُقَدِّمه منسى الملك عن فساده.
نشأ في بيت والده التقي،
وأرسلتَ له أنبياء أتقياء ينطقون بكلمتك!
وبطول أناتك احتملته.
v إلهي لم تُرسلْ لي ملاكًا ولا رئيس ملائكة ولا نبيًا لخلاصي.
بل نزلتَ إليَّ، وحملتَ عاري على الصليب،
وفتحتَ لي باب الفردوس،
ولم تدعني معوزًا شيئًا من فيض حبك ونعمتك.
v لتُشرِقْ بنور كلمتك في أعماقي،
فلا تتسلل الظلمة في داخلي.
وليعمل روحك القدوس في حياتي.
كلمتك تنير لي الطريق،
وروحك يحملني، فأطير إلى السماء.
v لتُمرِّر الخطية في فمي، فلا أشتهيها.
ولتكشف لي أسرار حبك،
فأرتمي في أحضانك، راجعًا إليك.
أنت كلي الحب والرحمة!
حزقيا الملك الصالح |
منسى ابنه الشرير |
|||
1. اتكل على الرب، ولم يكن مثله من الملوك (2 مل 5:18). 2. اهتم ببيت الرب والعبادة (2 أي 29). 3. أحيا الاحتفال بالفصح ودعا الشعب من المملكتين ودخلت صلواتهم إلى السماء (30). 4. دعا الشعب للطاعة للرب (2 مل 8:30). 5. أنقذه ملاك الرب هو وشعبه من أشور (2 مل 24:32). 6. كان لحزقيا غِنَى وكرامة كثيرة جدًا (2 مل 29:32)، "وأفلح حزقيا في كل عمله" (2 مل 3:32). |
1. عمل الشر في عيني الرب (2 مل 1:33). 2. أعاد بناء المرتفعات التي هدمها والده (2 مل 1:33). 3. أضل يهوذا وسكان أورشليم للاقتداء بالأمم (2 مل 9:33). 4. لم يصغِ هو وشعبه إلى كلمة الرب (2 مل 10:33). . اقتيد إلى بابل مُقَيَّدًا بسلاسل نحاس (2 مل 11:33).
|
_____
[1] Lecture 2: 14.
[2] الرسالة الثانية والعشرون.
[3] The Prayer of Job and David, Book 1, 6:20.
[4] Constitutions of the Holy Apostles, 2:22.
[5] In Luc Ser 93.
[6] On Grace & Freewill 5.
[7] In Ioan hom 34: 1.
[8] Cf. Concerning the Statues, homily 5:5-6; On Lazarus and the Rich Man, homily 6; On Repentance and Almsgiving 5:4.
[9] Constitutions of the Holy Apostles, 2:22.
[10] Homilies on Matt., homily 22:6
[11] Orthodox Study Bible.
[12] Constitutions of the Holy Apostles, 2:23.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الثاني 22 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير ملوك الثاني 20 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hyzf45n