← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
الأَصْحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ
ملك يهوآش بن أخزيا على يهوذا لمدة أربعين عامًا 835-796 ق. م. (2 أي 23: 1؛ 24: 27).
يمكن تقسيم هذه الفترة إلى قسميْن، قبل موت الكاهن يهوياداع وبعد موته. طوال الفترة الأولى كان يهوآش يعمل تحت إرشاد الكاهن بروح التقوى، وقد أمدَّ الله في حياة يهوياداع، فعاش حتى بلغ 130 عامًا (2 أي 24: 15). وهو أطول عمر منذ أيام عمرام والد موسى وهرون الذي عاش 137 عامًا (خر 6: 20).
بلا شك كان ليهوياداع دوره الفعَّال في حياة يهوآش كوصي عليه عمليًا، ومُعَلِّم له، ومُشِير، سواء في مقاومة عبادة البعل أو في الاهتمام بترميم الهيكل وعبادة الله الحي.
حقًا لقد قام سليمان الملك ببناء الهيكل بأفضل المواد جودةً، لكن عامل الزمن وعدم الاعتناء بصيانته والمحافظة عليه، وأيضًا انصراف الشعب عن عبادة الله، وقيام بني عثليا الخبيثة بهدمه ونقل الكثير من أوانيه ومقدساته إلى البعليم (2 أي 24: 7) دمَّر البيت.
يليق بالمؤمن مع اهتمامه ببيت الرب في هذا العالم حيث يجتمع شعب الله معًا ومع ملائكة الله للعبادة الروحية الملتهبة، أن يهتم ببناء بيت الرب الداخلي في قلبه، كما في قلوب إخوته، هذا الذي لا يستطيع الزمن أن يُحَطِّمَه، ولا يحتاج إلى صيانة مادية، ولا يقدر عدو الخير بكل قواته أن يُحَطِّمَه وينقل مقدساته إلى مواضع غير لائقة.
هذا هو البيت الذي من عمل روح الله القدوس، غير المصنوع بالأيدي.
ماذا أدعوه؟ جلجثة ثانية؟ أم مسكن الله مع الناس؟ أم عربون السماء؟ أم فردوس مُثمِر بالروح؟ أم مستشفي للنفوس، حيث يُمارِسُ الرب فيها عمله بكونه الطبيب السماوي؟ أم ميناء الراحة؟ أم كنزًا سماويًا لا يُسلَب ولا يُنهَب؟ أم سفارة الله؟ أم بيت الحب الإلهي والأخوي؟
v ذاك الفردوس الروحي هو الكنيسة، وتلك الشجرة المملوءة حياة هي الهيكل المقدس.
شجرة المعرفة خارج الباب، ومحبو العالم يقطفون منها الثمار كل يومٍ.
هنا (في الكنيسة) لا تدخل الحية التي أضلت أمنا حواء، لأن مريم واقفة لتسمع الكلمة من جبرائيل.
البتول والمستيقظ (الملاك) ينطقان هنا الحقيقة الجلية، وذاك الذي يتكلم المكر مطرود لئلا يتجاسر بعدُ.
انتهى الزمان الذي فيه تكلمت العجوز (حواء) مع الحية، ودخلت الصبية لتتكلم مع الملاك.
انهزم الكاروب ولا يسمحون له أن يحرس الجنة، والجنة مفتوحة فهلموا أيها الموتى وادخلوا عند القيامة.
لا توجد أبواب ولا حراس لشجرة الحياة، لقد دخل اللص، فمن لا يصير جميلاً (بهيًا) مثل القاتل؟
هلموا أيها الصالحون والطالحون (التائبون) ادخلوا وكلوا من الشجرة التي تنثر ثمارها على البعيدين والقريبين.
قطفت حواء الثمرة التي تقتل، وأعطت آدم، فمات كلاهما بسبب الطعام المملوء موتًا[1].
v الكنيسة في العالم هي ميناء عظيم مملوء أمانًا، كل من يتعب ليأتِ ويسترح على مائدتها.
أبوابها مفتوحة، وعينها صالحة، وقلبها واسع، ومائدتها زاخرة، ومزجها حلو لمن يستحقه.
ادخلوا يا محبي العالم من تيه العالم الشرير، واستريحوا في المنزل المملوء حنانًا للداخل إليه.
أيها الفاعل المتعب الذي يريد أن يغتني بالعذابات، لماذا تركض وراء غِنَى لا يدوم؟
أيها الغني الذي ضلَّ بسبب غناه، اقتنِ الله، وأبغض الغِنَى الذي سوف لا يصبح مُلكك بعد قليل...
هلم يا من يهرب وراء العالم الذي عذَّبه كثيرًا، هلم واسترح هنا في مقصورة النور في كل الملذات.
فيها الحياة، وفيها التطويبات وكل الملذات، وفيها يعيش المرء غنيًا بلا همّ[2].
|
1-3. |
|
|
4-16. |
|
|
17-18. |
|
|
19-21. |
1 فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِيَاهُو، مَلَكَ يَهُوآشُ. مَلَكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ ظَبْيَةُ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ. 2 وَعَمِلَ يَهُوآشُ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِهِ الَّتِي فِيهَا عَلَّمَهُ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ، 3 إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ.
فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِيَاهُو،
مَلَكَ يَهُوآشُ.
مَلَكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ.
وَاسْمُ أُمِّهِ ظَبْيَةُ، مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ. [1]
يُذكَر اسم أم الملك، لأنه كان لأم الملك في كثير من الدول الدور العملي في القصر، وتتسم بنوع من السلطة والاحترام (1 مل 15: 13).
وَعَمِلَ يَهُوآشُ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
كُلَّ أَيَّامِهِ الَّتِي فِيهَا عَلَّمَهُ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ. [2]
كان لرئيس الكهنة يهوياداع تأثيره على يهوآش الملك، فعمل الملك في أيام رئيس الكهنة ما هو مستقيم في عيني الرب تحت إرشاده، وإن كان لم ينزع المرتفعات. من أهم أعماله اهتمامه بترميم هيكل الرب الذي كان في حالة رديئة، لأن القادة والشعب على كل المستويات انشغلوا بالعبادة الوثنية لمدة طويلة وأهملوا عبادة الرب.
أما بعد موت رئيس الكهنة، فجاءه رؤساء يهوذا وسجدوا له، وصار يسمع لهم، بسبب ضعف شخصيته. تركوا بيت الرب وعبدوا السواري والأصنام، فغضب الرب على يهوذا وأورشليم (2 أي 24: 17-19). وعندما حاول زكريا ابن الكاهن يهوياداع أو حفيده أن يرد الشعب إلى عبادة الله، أمر الملك يهوآش برجمه حتى الموت (2 أي 24: 17-18)، وقد أشار إلى ذلك السيد المسيح (مت 23: 35؛ لو 11: 51). مع هذا يعتبر يهواش أحد الملوك القلائل الذين أظهروا نوعًا من البرّ.
إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ،
بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ. [3]
كان السجود في المرتفعات مخالفًا لشريعة الرب (تث 12: 1-14)، لكنه لم يكن في بشاعة السجود للبعل. فقد اعتاد الشعب حتى في زمن الملوك الأتقياء أن يسجدوا للرب فيها (1 مل 15: 14؛ 22: 43).
واضح هنا أمانة يهوياداع في تعليم الملك يوآش. ويتضح تأثير يهوياداع عليه في أنه بعد أن مات يهوياداع سمع لرؤساء يهوذا وعبدوا السواري والأصنام (2 أي 17:24-19)، ولكن الآية في أخبار الأيام لا تشير أنه هو بنفسه الذي عبد الأصنام، بل سمح لرؤساء يهوذا بذلك، ولكنها مسئوليته بكونه الملك.
مع هذا، فإنه بدون التدمير التام لهذه المرتفعات، لم يكن ممكنًا أن يتم إصلاح جذري. للأسف لم يستخدم يهوياداع تأثيره على الملك الطفل وخضوع الكهنة والقيادات له في إزالة هذه المرتفعات، فمع ترميم الهيكل وغيرة الشعب في المساهمة العملية في ذلك، غير أن هذه المرتفعات لم تنزع عبادة الأصنام من قلوب القادة، الذين استغلوا وفاة يهوياداع للعودة إليها.
من الصعب تقييم الموقف، هل استراح قلب الكاهن للخلاص من عثليا الشريرة، وغيرة الشعب على ترميم الهيكل، ولم يرد أن يضغط عليهم أكثر بإزالة المرتفعات؟ هل خشي من ثورتهم أو غضب القادة عليه، باعتبار إزالة المرتفعات نوعًا من المبالغة في نظرهم؟ أو هل توقع الكاهن أن هذه المرتفعات ستزول تدريجيًا بالاهتمام بالعملي الإيجابي الخاص بالهيكل والعبادة؟ أسئلة يصعب الإجابة عليها. إنما كان يليق بهذا الكاهن العظيم أن ينصت إلى قول موسى النبي: فتذهب مواشينا أيضًا معنا، "لا يبقى ظلف" (خر 10: 26). فقد سمح فرعون لشعب إسرائيل أن يخرجوا بنسائهم وأولادهم، قائلاً: "غير أن غنمكم وبقركم تبقى" (خر 10: 24). وكانت الإجابة "لا يبقى ظلف". هكذا يليق بنا أن نخرج من سلطان إبليس ومملكته جميعنا بنسائنا وأولادنا ومواشينا، مُقدِّمين كل شيء لحساب ملكوت الله، ولا نترك لإبليس موضعًا في حياتنا. لن نترك له ظلفًا في حياتنا، حتى لا يكون له مجال للعمل الشرير في داخلنا.
كان يليق بيهوياداع أن يقول مع المرتل: "يا بنت بابل المخربة، طوبى لمن يجازيكِ جزاءكِ التي جازيتينا. طوبى لمن يمسك أطفالك، ويضرب بهم الصخرة" (مز 138: 8-9). فقد كانت المرتفعات أشبه بالأطفال الشريرة أو الأفكار الدنسة، إن تُركتْ تشب وتنمو وتفتح أبواب الشر من جديد.
لنقتلع بروح الرب الشر من جذوره ونُسَلِّم حياتنا له، ليُشَكِّلنا على صورة الله ومثاله.
v يقصد بأطفال بابل هنا الأفكار الشريرة... هذه التي إن شعرنا أنها صغيرة في البداية يجب علينا أن نمسكها، ونقطعها، ونضرب بها الصخرة، التي هي المسيح (1 كو 10: 4). يجب أن نقتلها حسب أمر الرب، ولا نترك فيها نسمة تتنفَّسها داخلنا[3].
v أناشدكم إذاً، أن تتجددوا (أف 4: 20–24؛ رو 12: 1–2). فلتتعلموا أنه في الإمكان أن تتجددوا، وتلقوا عنكم هيئة (الخنزير) التي هي صفة النفس غير النقية، وهيئة (الكلب)، التي تصف من ينبح ويعوي، ويتحدث بالبذاءات.
في الإمكان التحوُّل، حتى عن هيئة (الأفعى)، حيث يُخاطَب الأشرار بالقول: "أيها الحيات أولاد الأفاعي" (مت 23: 33). فإذا ما اقتنعنا أن في مقدورنا التحوُّل عن شبه الأفاعي والخنازير والكلاب، فدعنا نتعلم من الرسول، كيف يتم هذا التحوُّل، الذي يعتمد علينا. فهو يُعَبِّر عن ذلك في قوله: "ونحن جميعًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف، نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح" (2 كو 3: 17). فإن كنتَ قبلاً نابحًا، ثم شكَّلتك الكلمة وغَيَّرَتك، فقد تحوَّلتَ من كلبٍ إلى إنسانٍ. وإن كنتَ قبلاً غير طاهر، ولمستْ الكلمة نفسك، فقدَّمتَ ذاتك لها لتشكلك، فقد تحوَّلتَ من خنزيرٍ إلى إنسانٍ. وإن كنتَ قبلاً وحشًا شرسًا، واستمعت إلى الكلمة التي تستأنس وتروِّض، فحوَّلتك بمشيئتها إلى إنسانٍ، فلن تُخاطَب فيما بعد: "أيها الحيات أولاد الأفاعي" (مت 23: 33).
4 وَقَالَ يَهُوآشُ لِلْكَهَنَةِ: «جَمِيعُ فِضَّةِ الأَقْدَاسِ الَّتِي أُدْخِلَتْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، الْفِضَّةُ الرَّائِجَةُ، فِضَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ حَسَبَ النُّفُوسِ الْمُقَوَّمَةِ، كُلُّ فِضَّةٍ يَخْطُرُ بِبَالِ إِنْسَانٍ أَنْ يُدْخِلَهَا إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، 5 لِيَأْخُذَهَا الْكَهَنَةُ لأَنْفُسِهِمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِهِ، وَهُمْ يُرَمِّمُونَ مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ، كُلَّ مَا وُجِدَ فِيهِ مُتَهَدِّمًا». 6 وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لِلْمَلِكِ يَهُوآشَ لَمْ تَكُنِ الْكَهَنَةُ رَمَّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. 7 فَدَعَا الْمَلِكُ يَهُوآشُ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ وَالْكَهَنَةَ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا لَمْ تُرَمِّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ؟ فَالآنَ لاَ تَأْخُذُوا فِضَّةً مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكُمْ، بَلِ اجْعَلُوهَا لِمَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ». 8 فَوَافَقَ الْكَهَنَةُ عَلَى أَنْ لاَ يَأْخُذُوا فِضَّةً مِنَ الشَّعْبِ، وَلاَ يُرَمِّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. 9 فَأَخَذَ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ صُنْدُوقًا وَثَقَبَ ثَقْبًا فِي غِطَائِهِ، وَجَعَلَهُ بِجَانِبِ الْمَذْبَحِ عَنِ الْيَمِينِ عِنْدَ دُخُولِ الإِنْسَانِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. وَالْكَهَنَةُ حَارِسُو الْبَابِ جَعَلُوا فِيهِ كُلَّ الْفِضَّةِ الْمُدْخَلَةِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. 10 وَكَانَ لَمَّا رَأَوْا الْفِضَّةَ قَدْ كَثُرَتْ فِي الصُّنْدُوقِ، أَنَّهُ صَعِدَ كَاتِبُ الْمَلِكِ وَالْكَاهِنُ الْعَظِيمُ وَصَرُّوا وَحَسَبُوا الْفِضَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. 11 وَدَفَعُوا الْفِضَّةَ الْمَحْسُوبَةَ إِلَى أَيْدِي عَامِلِي الشُّغْلِ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَأَنْفَقُوهَا لِلنَّجَّارِينَ وَالْبَنَّائِينَ الْعَامِلِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، 12 وَلِبَنَّائِي الْحِيطَانِ وَنَحَّاتِي الْحِجَارَةِ، وَلِشِرَاءِ الأَخْشَابِ وَالْحِجَارَةِ الْمَنْحُوتَةِ لِتَرْمِيمِ مَا تَهَدَّمَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ، وَلِكُلِّ مَا يُنْفَقُ عَلَى الْبَيْتِ لِتَرْمِيمِهِ. 13 إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ لِبَيْتِ الرَّبِّ طُسُوسُ فِضَّةٍ وَلاَ مِقَصَّاتٌ وَلاَ مَنَاضِحُ وَلاَ أَبْوَاقٌ، كُلُّ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ مِنَ الْفِضَّةِ الدَّاخِلَةِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، 14 بَلْ كَانُوا يَدْفَعُونَهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ، فَكَانُوا يُرَمِّمُونَ بِهَا بَيْتَ الرَّبِّ. 15 وَلَمْ يُحَاسِبُوا الرِّجَالَ الَّذِينَ سَلَّمُوهُمُ الْفِضَّةَ بِأَيْدِيهِمْ لِكَيْ يُعْطُوهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِأَمَانَةٍ. 16 وَأَمَّا فِضَّةُ ذَبِيحَةِ الإِثْمِ وَفِضَّةُ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ فَلَمْ تُدْخَلْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، بَلْ كَانَتْ لِلْكَهَنَةِ.
كانت عثليا وأتباعها قد اعتدوا على الهيكل، وصيَّروا أقداسه للبعل (2 أي 7:24)، فأراد يوآش ترميم الهيكل، ووضع تدبيرًا للكهنة بأن يأخذوا كل الفضة التي تدخل للهيكل، ويستعملوها في الترميم، وكانت مصادر الفضة:
1. ثمن التقدمات التي أراد أصحابها فداءها بفضة (لا 11:27-12).
2. الفضة الرائجة، أي فضة النفوس وهي ½ شاقل لكل نفسٍ، بشاقل القدس، عن كل ذكرٍ من سن 20 فما فوق (خر 30: 11-12).
3. التبرعات، أي المبلغ الذي يود الإنسان أن يقدمه بمحض اختياره كتقدمةٍ للرب.
لكن هذه الطريقة لم تنجح، لأن الكهنة اهتموا بمصالحهم بالأكثر، ولذلك وبعد مضي زمان طويل، لم يحدث تقدُّم في ترميم الهيكل، فمنع الملك الكهنة من أن يأخذوا الفضة من الشعب.
وَقَالَ يَهُوآشُ لِلْكَهَنَةِ:
جَمِيعُ فِضَّةِ الأَقْدَاسِ الَّتِي أُدْخِلَتْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ،
الْفِضَّةُ الرَّائِجَةُ،
فِضَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ حَسَبَ النُّفُوسِ الْمُقَوَّمَةِ،
كُلُّ فِضَّةٍ يَخْطُرُ بِبَالِ إِنْسَانٍ أَنْ يُدْخِلَهَا إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، [4]
شعر الملك بمسئوليته في ترميم الهيكل. فمن جانبٍ، لأنه كملكٍ يُسأل أمام الله عن هذا العمل الذي لا يستطيع أحد غيره أن يقوم به، ومن جانب آخر يشعر أن الهيكل هو الحصن الذي اختبأ فيه منذ طفولته المبكرة من وجه عثليا الغادرة.
ربما كان ترميم بيت الرب على نفقة الملوك، وأما يهوآش فقصد أن يجعله على نفقة الشعب، تحت تدبير الكهنة [4-6]، حتى لا يُحرَم أحد من المساهمة بطريقٍ أو آخر من القيام بدورٍ فعالٍ في هذا العمل، ونوال بركته.
إذ لم يتم ذلك جعل كل الفضة الداخلة في بيت الرب في صندوق، يُستخدَم جزء منها لترميم بيت الرب بواسطة رئيس الكهنة وكاتب الملك. هذا كان له أثره على دَخْل الكهنة.
الفضة الرائجة، أو فضة النفوس وهي نصف شاقل عن كل نفسٍ (خر 30: 11-16). لم تكن النقود قد صُكت في ذلك الحين، فكانت تُقدَّم سبائك تُعرَف قيمتها بالوزن (1 مل 20: 39).
لِيَأْخُذَهَا الْكَهَنَةُ لأَنْفُسِهِمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِهِ،
وَهُمْ يُرَمِّمُونَ مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ،
كُلَّ مَا وُجِدَ فِيهِ مُتَهَدِّماً. [5]
كان الهيكل في حاجة إلى ترميم، لأنه تعرَّض للإهمال والتلف من القادة الأشرار السابقين وبخاصة الملكة عثليا (2 أي 7:24، 8). خصَّص الملك صندوقًا لهذا الغرض، فأعلن ترميم الهيكل وإزالة الرجاسات التي تراكمت بداخله على مدى السنوات، كما أزال الأصنام وكل آثار للعبادة الوثنية.
مع ذلك ومما يؤسف له أن الكهنة لم يكونوا أمناء على الأموال التي تُوهب لغرضٍ غير محدد! ولذلك فإن القانون اليوناني وقتئذ قضى بإمكانية مراجعة حسابات الهيكل بين آن وآخر، بل أن اليهود أنفسهم كثيرًا ما سألوا الكهنة عن حسابات الهيكل (2 مل 12 : 15؛ 22: 17)[4].
وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لِلْمَلِكِ يَهُوآشَ،
لَمْ تَكُنِ الْكَهَنَةُ رَمَّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. [6]
يبدو أنه مضى زمن طويل لم يتحرَّك فيه الكهنة لترميم بيت الرب، ولعل السبب في ذلك أحد العوامل التالية، أو بعضها:
1. كان دخل بيت الرب قليلاً لا يكفي للنفقات الضرورية.
2. كان الكهنة يهتمون بدخلهم الخاص أكثر من ترميم بيت الرب.
3. عدم ثقة الشعب في تدبير الأموال بطريقةٍ لائقة.
4. دفع الشعب بسخاء للترميم، ولكن الكهنة احتفظوا بمبلغ للترميم، دون أن يتحركوا للعمل، فأُصيب الشعب بشيءٍ من الإحباط، وتوقفوا عن الدفع.
فَدَعَا الْمَلِكُ يَهُوآشُ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ وَالْكَهَنَةَ، وَسَأَلَهُمْ:
لِمَاذَا لَمْ تُرَمِّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ؟
فَالآنَ لاَ تَأْخُذُوا فِضَّةً مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكُمْ،
بَلِ اجْعَلُوهَا لِمَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. [7]
لقد انتظر الملك لسنوات طويلة، ولم يتحرك الكهنة للعمل، فطلب من الكهنة أن يتم جمع المال للترميم بطريقة أخرى، ربما لكسب ثقة الشعب في القيام بالترميم في جديةٍ تحت إشراف رئيس الكهنة مباشرة ونائب عن الملك.
العجيب أن الملك الذي له هذه الغيرة وهذا الحماس لترميم بيت الرب، انحرف إلى عبادة الأوثان بعد موت رئيس الكهنة. فهل كان الملك يهتم بالمبنى دون الإصلاح الداخلي في النفس، أم كان صادقًا في رغبته في الإصلاح من جهة المبنى والحياة التقوية، وأن ما حلَّ به بعد ذلك كان انحرافًا بسبب تأثير بعض القادة عليه بعد موت رئيس الكهنة.
تُرَى هل كانت شخصية الملك ضعيفة، لا يحمل في داخله أعماقًا قوية وأساسًا ثابتًا، يتحرَّك حسبما يمليه الغير عليه. فيسلك تارة بروح التقوى، وأخرى بالشر.
فَوَافَقَ الْكَهَنَةُ عَلَى أَنْ لاَ يَأْخُذُوا فِضَّةً مِنَ الشَّعْبِ،
وَلاَ يُرَمِّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. [8]
فَأَخَذَ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ
صُنْدُوقاً وَثَقَبَ ثَقْباً فِي غِطَائِهِ،
وَجَعَلَهُ بِجَانِبِ الْمَذْبَحِ عَنِ الْيَمِينِ عِنْدَ دُخُولِ الإِنْسَانِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ.
وَالْكَهَنَةُ حَارِسُو الْبَابِ جَعَلُوا فِيهِ كُلَّ الْفِضَّةِ الْمُدْخَلَةِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. [9]
استخدم الملك نظام الصندوق المثقوب لتجميع الفضة، لترميم بيت الرب، وكان رئيس الكهنة وكاتب الملك لهما سلطان على فتْح هذا الصندوق.
كان الصندوق في الدار في المدخل عن يمين المذبح، ليراه كل من يدخل البيت. تجاوب الشعب بسخاء في العطاء (2 أي 24: 10). بدأ العمل وتم في فترة وجيزة.
كان حارسو الباب يراقبون الداخلين، فلا يسمحون بدخول عبادة وثنية أو ما يخالف شريعة الرب.
وَكَانَ لَمَّا رَأَوُا الْفِضَّةَ قَدْ كَثُرَتْ فِي الصُّنْدُوقِ،
أَنَّهُ صَعِدَ كَاتِبُ الْمَلِكِ وَالْكَاهِنُ الْعَظِيمُ،
وَصَرُّوا وَحَسَبُوا الْفِضَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. [10]
ما حدث في ذلك الحين ويتكرر كثيرًا عبر الأجيال، يكشف عن دور القائد. فالشعب بوجهٍ عامٍ متى رأى القائد مملوءًا غيرة، يتفاعل معه ويتجاوب بقوة. فما أظهره يوآش من رغبةٍ جادةٍ للعمل دفع الكثيرين للمساهمة بسخاءٍ عجيبٍ!
هذا ما يجعل القادة في وضعٍ دقيقٍ، لأن تصرفاتهم، متى تمت بروح الغيرة المتقدة تلهب قلوب الكثيرين للعمل والبذل بقوة. وإن سلكوا بفتورٍ في شكلياتٍ بلا روح، انعكس هذا على الرعية.
يليق بالقادة لكي يكون لهم دورهم في حياة الشعب أن ينصتوا لقول السيد المسيح: "يا سمعان بن يونا، أتحبني؟... اِرع غنمي" (يو 21: 16). فبالحب تلتهب قلوب الشعب مع قلب القائد للعمل بغيرةٍ مقدسةٍ!
v "يا سمعان بن يونا أتحبُّني؟... اِرع غنمي" (يو 21).
ليتنا لا نحب ذواتنا، إنَّما نحبُّه هو، وبرعايتنا لغنمه نطلب ما له وليس ما لنا، لأنَّه من يقدر أن يحيا بذاته، يموت بالتأكيد إن أحب ذاته. وهو بهذا لا يكون محبًا لنفسه، إذ بحبُّه لنفسه يفقد حياته.
ليت رعاة القطيع لا يكونون محبِّين لذواتهم، لئلاَّ يرعوا القطيع كما لو كان مِلكًا لهم، وليس قطيع المسيح.
فيطلبون ربحًا ماديًا بكونهم "محبِّين للمال"،
أو يتحكَّمون في الشعب بكونهم "منتفخين"،
أو يطلبون مجدًا من الكرامة المقدَّمة لهم بكونهم "متكبِّرين"،
أو يسقطون في هرطقات "كمجدِّفين"،
ويحتقرون الآباء القدِّيسين "كعصاة على الوالدين"،
ويردُّون الخير بالشر على من يرغبون في إصلاحهم حتى لا يهلكون بكونهم "ناكرين للمعروف"،
ويقتلون أرواحهم وأرواح الغير "كمن هم بلا رحمة"،
ويحاولون تشويه شخصيَّات القدِّيسين "كشهود زور"،
ويطلقون العنان للشهوات الدنيئة "كغير طاهرين"،
ويشتكون دائمًا... "كغير رحماء"،
ولا يعرفون شيئًا عن خدمة الحب "كمن لا عطف فيهم"،
ويقلقلون البشريَّة بمناقشاتهم الغبيَّة "كعنيدين"،
ولا يفهمون ما يقولونه أو ما يصرُّون عليه "كعميان"،
ويفضِّلون المباهج الجسديَّة عن الفرح الروحي "كمحبِّين للذات أكثر من حبُّهم لله".
هذه وغيرها من الرذائل المشابهة سواء كانت كلَّها في مجموعها في شخصٍ واحد، أو أحدها تسيطر على شخصٍ وغيرها على آخر، فإنَّها تظهر بشكلٍ أو آخر من هذا الجذر وهو أن يكونوا "محبِّين لأنفسهم".
هذه الرذيلة التي يلزم أن يتحفَّظ منها من يرعون قطيع المسيح، لئلاَّ يطلبوا ما لذواتهم، وليس ما ليسوع المسيح، ويستخدموا سفك دم المسيح لتحقيق شهواتهم.
هؤلاء الذين يرعون قطيعه، يلزم أن يكون حبُّهم عظيمًا، بغيرةٍ روحيَّةٍ حتى يتغلَّبوا على الخوف من الموت، هذا الذي يجعلنا (الخوف من الموت) لا نرغب في الموت لكي نحيا مع المسيح. فالرسول بولس أيضًا يود أن ينفَق ويكون مع المسيح (في 1: 23).
قَّدم رئيس الكهنة وكاتب الملك صورة رائعة ومثلاً حيَّا للعمل المُشترَك، حيث لا يتجاهل الكهنة دور العلمانيين (إن صح التعبير)، ولا يعتزل العلماني عن الكهنة. فكل منهما يحتاج إلى الآخر، لأنه حيث يوجد الحب والتعاون يُعلِن الله عن حضوره، ويفيض ببركته على الجميع.
إن كان رئيس الكهنة مع كاتب الملك استطاعا بالحب أن يعملا لحساب ترميم الهيكل، فإنه يليق بالكهنة مع الشعب العمل لحساب وبنيان ملكوت الله في قلب كل إنسانٍ ما أمكن!
ليس للشعب دور في الكنيسة فحسب، وإنما هو الكنيسة بعينها، يعمل عمل الكنيسة الذي هو "الحب"، مُترجَمًا حسب مواهب كل عضوٍ فيها وإمكانياته ودوره في الجماعة المقدسة. لأن الحب يلزم التعبير عنه عمليًا.
v لا يمكن للحب أن يكون خاملاً. إن استطعت أرني حبًا عاطلاً لا يفعل شيئًا[5].
v هل نقول لك: "لا تحب شيئًا"؟ حاشا! فإنك إن لم تحب تكون متبلد الحس، ميتًا، مكروهًا، وبائسًا. حبْ؛ لكن اهتم أن تعرف ماذا تحب[6].
v من أجل هذا جاءنا (الرب) بتعاليمه السماوية العلوية، لكي ينزع عنا أفكارنا ونتمثَّل به بقدر استطاعتنا، ولكن كيف نتمثل بالمسيح؟
عندما نعمل في كل شيءٍ ما هو للصالح العام، ولا نطلب مجرد نفعنا الشخصي. يقول بولس الرسول: "لأن المسيح أيضًا لم يُرضِ نفسه، بل كما هو مكتوب تعييرات معيريك وقعت عليّ" (رو 15: 3، مز 69: 6).
إذن لا يطلب كل واحدٍ ما لنفسه (أي لا يكن سلبيًا)، إنما بالحق يطلب ما هو لخير نفسه متى اهتم بما هو لإخوته، فإن ما هو لخيرهم، إنما هو لخيرنا نحن، لأننا جسد واحد وأعضاء بعضنا لبعض...
فإنه وإن لم يكن قريبًا ولا صديقًا، لكنه كإنسانٍ يشاركك نفس طبيعتك، وله نفس الرب، عبد رفيق لك، زميلك في رحلتك، وُلد معك في ذات العالم[7].
v لا تلقوا كل العبء على مُعلِّميكم، لا تلقوه بأكمله على من يقودكم... إن أردتم تستطيعون أن تُعلِّموا فيما بينكم أكثر منا، فإن لديكم فرصًا أكثر للالتقاء معًا، وتعرفون ظروف بعضكم أكثر منا، ولا تجهلون بعضكم بعضًا، لديكم أيضًا حرية أعظم في الحديث والحب والمودة، هذه الأمور ليست بقليلةٍ في التعليم...
أنتم أقدر منا أن ينتهر الواحد الآخر وينصحه...
أتوسل إليكم ألاَّ تهملوا هذه الموهبة، فإنه لكل واحدٍ منكم زوجته وصديقه وخادمه وقريبه...
إن كان لازمًا أن تذهب إلى جنازةٍ أو وليمةٍ أو تساعد قريبك في أمرٍ ما، فكيف تفعل هذه الأمور بقصد تعليمه الفضيلة؟ أرجوكم ألاَّ يُهمِل أحدكم هذا، فإنه يتقبَّل من الله مكافأة عظيمة...
تقول لي: لستُ بصاحب كلامٍ! لكن لا حاجة إلى الكلام ولا إلى الفصاحة... اسنده لا بكونك إنسانًا تفعل كل شيءٍ كما يليق، أي كمن يسلك بلا خطية، ولا كمُعَلِّمٍ له بل كصديقٍ وأخٍ له...
هذه هي الصداقة: "أخ يعين أخًا، يصير مدينة مُحصَّنة" (أم 18: 19).
ليست الصداقة أكْلاً وشُرْبًا، فإن مثل هذه توجد حتى بين اللصوص والقتلة. لكننا إن كنا حقيقة أصدقاء فليعتنِ كل واحدٍ بالآخر...
"احملوا بعضكم أثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح" (غل 6: 2).
v كل واحدٍ منكم – إذا أراد – فهو مُعَلِّم...
أنا أعرف عائلات كثيرة نالت نفعًا عظيمًا من فضائل خدمهم.
أُوجِّه حديثي للجميع بصفة عامة، كما لكل فردٍ على وجه الخصوص، ليهتم كل واحدٍ بخلاص أقربائه... فإن في هذا العمل نفعًا عظيمًا، ليس فقط يصير العمل خفيفًا على المُعلِّم، بل يشترك كل تلميذٍ في الآلام ليصير قادرًا أن يكون مُعلِّمًا...
v يمكننا أن نعتبر كل مؤمنٍ راعيًا لبيته وأصدقائه وخدمه وزوجته وأولاده.
v اجعلْ بيتك كنيسة.
v ليس كل شيءٍ يجعل الإنسان مثل المسيح كاهتمامه بأقربائه.
v لا أقدر أن أُصَدِّق خلاص إنسانٍ لا يعمل من أجل خلاص أخيه.
v ليس شيء تافهًا مثل مسيحي لا يهتم بخلاص الآخرين.
وَدَفَعُوا الْفِضَّةَ الْمَحْسُوبَةَ إِلَى أَيْدِي عَامِلِي الشُّغْلِ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ،
وَأَنْفَقُوهَا لِلنَّجَّارِينَ وَالْبَنَّائِينَ الْعَامِلِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، [11]
عاملو الشغل هم النجارون والبنَّاؤون والنَّحاتون والعاملون في الحديد والنحاس (2 أي 24: 12).
كان العاملون كثيرين، ومن أجناسٍ كثيرةٍ، دليلاً على عظمة العمل، لأن البيت كان متروكًا مُهمَلاً بلا إصلاح زمانًا طويلاً.
وَلِبَنَّائِي الْحِيطَانِ وَنَحَّاتِي الْحِجَارَةِ،
وَلِشِرَاءِ الأَخْشَابِ وَالْحِجَارَةِ الْمَنْحُوتَةِ،
لِتَرْمِيمِ مَا تَهَدَّمَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ،
وَلِكُلِّ مَا يُنْفَقُ عَلَى الْبَيْتِ لِتَرْمِيمِهِ. [12]
إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ لِبَيْتِ الرَّبِّ طُسُوسُ فِضَّةٍ وَلاَ مِقَصَّاتٌ وَلاَ مَنَاضِحُ وَلاَ أَبْوَاقٌ،
كُلُّ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ مِنَ الْفِضَّةِ الدَّاخِلَةِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، [13]
لم تُعمل آنية لبيت الرب حتى أكملوا ترميمه. وكان البيت فارغًا، لأن الملوك كانوا قد أخذوا آنيته، وأعطوها لمحاربيهم (1 مل 14: 26؛ 15: 18).
بَلْ كَانُوا يَدْفَعُونَهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ،
فَكَانُوا يُرَمِّمُونَ بِهَا بَيْتَ الرَّبِّ. [14]
وَلَمْ يُحَاسِبُوا الرِّجَالَ الَّذِينَ سَلَّمُوهُمُ الْفِضَّةَ بِأَيْدِيهِمْ،
لِيُعْطُوهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ،
لأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِأَمَانَةٍ. [15]
كان المشرفون على العمل مملوءين غيرة على بيت الرب، فلم يُطلب منهم حساب عما أنفقوه.
وَأَمَّا فِضَّةُ ذَبِيحَةِ الإِثْمِ وَفِضَّةُ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ،
فَلَمْ تُدْخَلْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، بَلْ كَانَتْ لِلْكَهَنَةِ. [16]
في طاعةٍ لكلمة الرب (لا 5: 16؛ عد 5: 8-9)، فضة ذبيحة الإثم وفضة ذبيحة الخطية تُعطَى للكهنة ولا تدخل بيت الرب.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
17 حِينَئِذٍ صَعِدَ حَزَائِيلُ مَلِكُ أَرَامَ وَحَارَبَ جَتَّ وَأَخَذَهَا، ثُمَّ حَوَّلَ حَزَائِيلُ وَجْهَهُ لِيَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 18 فَأَخَذَ يَهُوآشُ مَلِكُ يَهُوذَا جَمِيعَ الأَقْدَاسِ الَّتِي قَدَّسَهَا يَهُوشَافَاطُ وَيَهُورَامُ وَأَخَزْيَا آبَاؤُهُ مُلُوكُ يَهُوذَا، وَأَقْدَاسَهُ وَكُلَّ الذَّهَبِ الْمَوْجُودِ فِي خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَهَا إِلَى حَزَائِيلَ مَلِكِ أَرَامَ فَصَعِدَ عَنْ أُورُشَلِيمَ.
إذ بلغ يهوياداع المئة والثلاثين من عمره مات، وسلك الملك يوآش حسب نصيحة الأمراء، فترك عبادة الله الحيّ التي كان أمينًا لها في حياة يهوياداع، وعادت عبادة الأصنام بواسطة نساء صيدون اللواتي كان قد عاقبهن في أيام رئيس الكهنة.
وعندما حاول زكريا بن يهوياداع أن يمنع هذا العمل الشرير بكل قوته بروح ناري، إذ كان واقفًا بين الهيكل والمذبح رُجِم في أرض الهيكل نفسه.
كثيرون اضطربوا لهذا التصرُّف الذي تم بأمر الملك نفسه، متجاهلاً فضْل يهوياداع عليه.
صرخ زكريا إلى الله كشاهدٍ لهذا العمل الإجرامي، قائلاً: "الرب ينظر ويطالب" (2 أي 24: 22).
v رأى الرجل القدِّيس (زكريا الكاهن) الكوارث التي ستحل سريعًا على الملك ومملكته. بعد عام غزا السريان (الأراميون) يهوذا وسلبوا الأرض واضطر يوآش لكي يُنقِذَ حياته أن يُقدِّم كل خيرات البيت الملكي والهيكل، ومع هذا فقد أُسيئت معاملته من أعدائه، فمرض ولازم الفراش، وسقط فريسة لخطة بعض خدامه وقتلوه (2 أي 24: 17-25)[9].
حِينَئِذٍ صَعِدَ حَزَائِيلُ مَلِكُ أرام وَحَارَبَ جَتَّ وَأَخَذَهَا.
ثُمَّ حَوَّلَ حَزَائِيلُ وَجْهَهُ لِيَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. [17]
"جت" كلمة عبرية تعني "معصرة"[10]، وهي إحدى مدن فلسطين الخمس العظمى: أشدود، جت، عقرون، غزة، أشقلون. يرى أغلب الدارسين أن موقعها الحالي "عراك المنشية" يبعد حوالي 7 أميال غرب بيت جبرين. كانت إحدى مدن العناقيين (يش 11: 22)، نشأ فيها العمالقة (2 صم 21: 22، 1 أي 20: 21)، أشهرهم جليات الجبار الذي قتله داود النبي (1 صم 17). كانت أحد حصون الفلسطينيين، أخذها داود منهم (2 صم 15: 18؛ 1 أي 18: 1) ثم تناقلت بين أيدي الفلسطينيين (1 مل 2: 39) ويهوذا (2 أي 11: 8) وأرام (2 مل 12: 17) ثم يهوذا (2 مل 13: 25) الخ.
هجوم أرام الوارد هنا حدث مؤخرًا في أيام يوآش. جاء هذا الهجوم كتأديب إلهي لانحراف الملك بعد موت رئيس الكهنة.
كان صعود حزائيل بتدبير الرب، تأديبًا لخطية الملك والرؤساء بتركهم الرب وقتلهم زكريا.
كان حزائيل قد ضرب جميع أرض جلعاد وباشان (2 مل 10: 32)، فبلغ إلى حدود يهوذا. ولم تكن أرض إسرائيل فاصلة بينه وبين يهوذا كما في الأول. فضرب يهوذا أيضًا إتمامًا لنبوة أليشع (2 مل 8: 12).
حارب حزائيل جت أولاً، وقصد أن يأخذ أورشليم في طريقه، وهو راجع إلى أرام.
فَأَخَذَ يَهُوآشُ مَلِكُ يَهُوذَا جَمِيعَ الأَقْدَاسِ،
الَّتِي قَدَّسَهَا يَهُوشَافَاطُ وَيَهُورَامُ وَأَخَزْيَا آبَاؤُهُ مُلُوكُ يَهُوذَا،
وَأَقْدَاسَهُ وَكُلَّ الذَّهَبِ الْمَوْجُودِ فِي خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ،
وَأَرْسَلَهَا إِلَى حَزَائِيلَ مَلِكِ أرام،
فَصَعِدَ عَنْ أُورُشَلِيمَ. [18]
أرسل يهوآش خزائن بيت الرب إلى حزائيل ليصعد عن أورشليم. قدَّس يهورام وأخزيا أقداسًا لبيت الرب، كما عبدا الأصنام. فكانت عبادتهما عبادة مختلطة.
لم يَذْكُرْ سفر أخبار الأيام أن حزائيل كان حاضرًا. ربما الكلام هنا عن قائد جيش الأراميين الذي ناب عن الملك، وكان كل شيء بأمر حزائيل وتدبيره كأنه كان حاضرًا. يرى البعض أنه أولاً أرسل الجيش، ثم ذهب بعد ذلك بنفسه.
لقد تمردت مملكة إسرائيل العاصية على الرب علانية منذ نُصب عجلا يربعام الذهبيين، حتى لا يشتاق الشعب إلى هيكل الرب في أورشليم، كما أقامت كهنة من غير سبط لاوي (1 مل 12: 28، 31)، وصنعت عيدًا في بيت إيل. لم نجد من ملوكهم من طلب الرب إلا مرة واحدة عندما اشتد الضيق بسبب الغزو الأرامي (2 مل 13: 4-5)، وبالفعل خلصهم الرب، "لكنهم لم يحيدوا عن خطايا بيت يربعام الذي جعل إسرائيل يخطئ، بل ساروا بها ووقفت السارية أيضًا في السامرة"...
أمام هذا العناد العلني والمستمر عبر الأجيال سلَّمهم الرب للسبي الأشوري، فتركوا أرضهم، كما تترك المرأة المطلقة بيتها الزوجي.
وَبَ
قِيَّةُ أُمُورِ يَهُوآشَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. [19]
جاء في (2 أي 24: 25) أنه عند ذهاب الأراميين تركوه مريضًا بأمراضٍ كثيرة، فلازم الفراش، واغتنم عبداه الفرصة ليقتلاه.
وَقَامَ عَبِيدُهُ وَفَتَنُوا فِتْنَةً،
وَقَتَلُوا يَهُوآشَ فِي بَيْتِ الْقَلْعَةِ حَيْثُ يَنْزِلُ إِلَى سَلَّى. [20]
بيت القلعة: بناها سليمان (1 مل 9: 15، 24)، وكان يوآش قد التجأ إليها وقت الخطر.
جُرِحَ يهوآش جرحًا خطيرًا عندما هاجمه جيش أرام بشرذمة قليلة (2 أي 24: 24-25). تعرَّض للاغتيال بواسطة اثنين من عبيده زاباد بن شمعة ويهوزاباد بن شمريت.
لم يدفنوه في قبور الملوك وإن كانوا قد دفنوه في مدينة داود، وذلك بسبب ارتداده عن عبادة الله وقتل زكريا بن يهوياداع (2 أي 24: 17-22).
أسباب مؤامرة الضباط على يوآش وردت في 2 أي 17:24-26. لقد بدأ يوآش في عبادة الأوثان، وقتل زكريا النبي، وانهزم أمام الأراميين. هكذا انحلت حياته، وصارت مملكته في خطر بسبب رجوعه عن الله.
قتله الضباط ليس لابتعاده عن الله، وإنما لارتباك شئون المملكة؛ وكأن الله سمح بقتله حين انحرف إلى الشر بإصرار، على أيدي أُناس أشرار.
إذ قتل زكريا بن يهوياداع، سمح الله بقتله بواسطة عبديه.
لأَنَّ يُوزَاكَارَ بْنَ شِمْعَةَ وَيَهُوزَابَادَ بْنَ شُومِيرَ عَبْدَيْهِ ضَرَبَاهُ فَمَاتَ،
فَدَفَنُوهُ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ،
وَمَلَكَ أَمَصْيَا ابْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ. [21]
دفنوه في مدينة داود، ولم يدفنوه في قبور الملوك، دليلاً على عدم تمتعه بالإكرام اللائق بالملوك.
v اهتم يوآش بترميم هيكلك في أورشليم الأرضية.
والتهبتْ القلوب لجمْعِ الفضة، والاشتراك في الترميم.
والآن، هوذا هيكلك في داخلي قد أهملتُه بإرادتي.
لا يحتاج ترميمه إلى ذهب وفضة وحجارة،
بل قدَّمتَ تكلفته على الصليب.
روحك القدوس يُقِيم منه فردوسًا سماويًا.
لا يحتاج إلى حراسة زمنية،
ولا إلى إمكانيات مادية.
تُقِيم منه فردوسًا سماويًا،
حيث تغرس صليبك المحيي فيه.
تغرس فيه شجرة الحياة،
ولا تجد شجرة معرفة الخير والشر مكانًا لها فيه.
لن تستطيع الحية أن تتسلل إليه في حضورك الإلهي.
ولن تميل أذني للاستماع إليها،
ما دام صوتك يُبهِجُ أعماقي.
v هيكلك في داخلي موضع مسرة أبيك،
ومعمل روحك الناري المحبوب لديه،
أيقونة حية للسماء وعربون للحياة السماوية.
v ماذا أدعو هذا الهيكل الذي أعدته يمينك.
هو مسكن لك، وحضور عجيب لجلالك.
هو مستشفى للنفوس،
حيث بجراحاتك تشفي كل أمراضي.
هو ميناء الراحة،
كل من يتعب يستظل فيه تحت جناحيك.
هو كنز، لا تَقْدِر قوات إبليس أن تسلبه!
هو موضع شهادة حية لك،
وسفارة للسماء على الأرض!
هو موضع لقاء السمائيين مع الإنسان الضعيف.
هو بيت الحب الإلهي والأخوي،
تسند رأسك فيه وتستريح!
v لتُقمْ ملكوتك في أعماقي،
وتقتلع كل جذور الخطية مني.
لتستلم كل كياني وقدراتي ومواهبي،
تُقدِّسها لك، فلا يكون لعدو الخير شيء في داخلي.
لأنسحب تمامًا من مملكته،
ولا أترك في أرضه ظلفًا.
بك أسحقُ الشر،
ولا أترك فكرًا شريرًا يختفي في داخلي.
بك يا صخرة الدهور أضرب كل طفلٍ لإبليس قاطن في أعماقي!
قدَّسني إلى التمام،
فأحملَ أيقونتك المُفرِحة!
_____
[1] الميمر 47 على ذاك الذي كان ينزل من أورشليم إلى أريحا ووقع عليه اللصوص (لو 10: 25-37) (راجع نص بول بيجان والدكتور بهنام سوني).
[2] ميمر 95 على تناول الأسرار المقدسة (راجع الأب بول بيجان – دكتور سوني بنهام). ملاطيوس برنابا، قصيدة لمار يعقوب السروجي الملفان في تناول الأسرار المقدسة، في المجلة البطريركية 34 (1985) 164-168، 214-219
[3] In Josh 15:3.
[4] وهو ما يشبه إلى حد كبير: هيئة الأوقاف الآن.
[5] On Ps. 31.
[6] On Ps. 32.
[7] In Ioan: hom 15: 3.
[8] In Hebr. hom 30: 4; In 2Thes. Hom 5; In Rom. P G: 60: 660; In Gen P G: 54: 607; In 1Cor. hom 25: 3; De sacer. 3: 10; In Acts hom 20: 4.
[9] On the Second Book of Kings, 12:20.
[10] Cf. James M. Freeman: Manners and Customs of the Bible, 1972, article, 1660.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الثاني 13 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير ملوك الثاني 11 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/rd6w94b