← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37
اَلأَصْحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ
إذ قامت مملكة أشور بسبي إسرائيل، أرادت أن تسبي يهوذا. انقسمت المملكة إلى ثلاث فرق: فريق رأى أن يستسلم حتى لا تُحَطِّمهم أشور، وفريق آخر رأى أن يلجأ إلى مصر يتحالف معها ضد أشور، والأقلية القليلة جدًا أرادت أن تثق في الرب القادر أن يُخَلِّص. كان حزقيا الملك التقي من الفريق الثالث الذي لجأ إلى الصلاة. فأرسل الرب إشعياء النبي يؤكد له أن صلاته قد سُمعت.
|
1-7. |
|
|
8-9. |
|
|
10-13. |
|
|
14-19. |
|
|
20-34. |
|
|
35. |
|
|
36-37. |
1 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ، مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ. 2 وَأَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ وَشِبْنَةَ الْكَاتِبَ وَشُيُوخَ الْكَهَنَةِ مُتَغَطِّينَ بِمِسْحٍ إِلَى إِشَعْيَا النَّبِيِّ ابْنِ آمُوصَ، 3 فَقَالُوا لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ حَزَقِيَّا: هذَا الْيَوْمُ يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ، لأَنَّ الأَجِنَّةَ قَدْ دَنَتْ إِلَى الْمَوْلِدِ وَلاَ قُوَّةَ لِلْوِلاَدَةِ. 4 لَعَلَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَسْمَعُ جَمِيعَ كَلاَمِ رَبْشَاقَى الَّذِي أَرْسَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُهُ لِيُعَيِّرَ الإِلهَ الْحَيَّ، فَيُوَبِّخَ عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعَهُ الرَّبُّ إِلهُكَ. فَارْفَعْ صَلاَةً مِنْ أَجْلِ الْبَقِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ». 5 فَجَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ حَزَقِيَّا إِلَى إِشَعْيَا، 6 فَقَالَ لَهُمْ إِشَعْيَا: «هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِكُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَخَفْ بِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ، الَّذِي جَدَّفَ عَلَيَّ بِهِ غِلْمَانُ مَلِكِ أَشُّورَ. 7 هأَنَذَا أَجْعَلُ فِيهِ رُوحًا فَيَسْمَعُ خَبَرًا وَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ، وَأُسْقِطُهُ بِالسَّيْفِ فِي أَرْضِهِ».
فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذَلِكَ مَزَّقَ ثِيَابَهُ،
وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ، وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ. [1]
إذ سمع حزقيا الملك عن سخرية ربشاقى المُرَّة بالله الحي كما بالملك والقادة، قام بتمزيق ثيابه علامة عن شدة الحزن (2 مل 6: 30)، كما عن الندامة والتوبة (يوئيل 2: 12-13). يُحسَب إهانة مُرَّة أن يُمزَّق الثوب الملوكي أو أن يلتحف الجسم الملوكي بمسوحٍ، لكن إذ أُهين الله بكلمات التجديف التي نطق بها ربشاقى، لم يحتمل الملك أن يستوعب الموقف، فعبَّر عن مرارة نفسه بتمزيق ثيابه الملوكية والتحافه بالمسوح.
يرى حزقيا الملك أن الله هو إله المستحيلات، متخصص في المواقف المستحيلة. كشف عن ثقته في الرب، فقدَّم توبة، ودخل بيت الرب، يطلب مشورته وعونه. حقًا إن المشاكل هي فُرَص ذهبية لتدخُّل الله في حياتنا.
اتسم الملك حزقيا بالتواضع، فكان يلجأ إلى الرب، ويطلب مشورته خلال أنبيائه، لذلك وقف الرب ضد تهديدات العدو [7].
لم يدخل الملك إلى بيت الرب ليسأله بماذا يجيب هذا المُجدِّف، إنما لكي يتسلَّم الرب الأمر كله.
v الإيمان الذي بلا حماية (زمنية) يُسلِّحه الله.
أكَّد حزقيا خلال قوة الإيمان أنه بقوته الضعيفة أقوى من سنحاريب ملك أشور ونينوى الغنية بالآلاف التي لها.
جنَّد سنحاريب قوى أشور ومملكة مادي.
حطّم الممالك المجاورة بفِرَقه الضخمة، واتجه نحو المدينة المقدسة للرب. وقد ركَّز كل إمكانيات حربه المُكثَّفة ضدها وحدها.
وإذ فعل استعدادات كهذه، عاقه الله، فإن حربه أخَّرتْ خططه غير المقدسة. أرسلت إلى أورشليم رسالة فظة تحوي تهديدات بعجرفة.
تسلَّمها حزقيا بحزنٍ، وحملها إلى الرب قدام الهيكل. انبطح للصلاة ومعه شعبه في حزنٍ، وقرأ تلك الكلمات القاسية، وبلَّل الرسالة بدموعه الغزيرة، بهذا اتكل على الله.
بالصلاة وحدها، بالرغم من غيابه عن المشهد، نال نصرة مُحَطِّمة للأشوريين، الذين عانوا من موتٍ خطيرٍ عندما حاربهم الله.
كان لهذا العطف الذي ربحه اعتباره العظيم حتى أنه لم يتطلع بعينيه على العدو الذي هزمه.
ما أن عَبَرَتّ دموع شكواه فوق مجموعات الكواكب، ما أن ارتفعتْ مرثاته الخارجة من قلبٍ متواضعٍ وعبرت النجوم، واندفعت كلماته التقوية إلى آذان الأب العلي، حتى اهتزت الأبواب العلوية وانفتحت، وانحدر ملاك بجناحيه، يتنسم رائحة الهواء بنزوله اللطيف. وإذ تسلَّح بسيف الكلمة، ضرب الجيش الشرير، وتمجَّد في ذبح العدو النائم الصامت. وأحدث موتًا لـ185000 في وقتٍ واحدٍ...
في ذلك الوقت كان إشعياء وسيطًا لحزقيا[1].
القدِّيس بولينوس أسقف نولا
وَأَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ وَشِبْنَةَ الْكَاتِبَ وَشُيُوخَ الْكَهَنَةِ،
مُتَغَطِّينَ بِمِسْحٍ، إِلَى إشَعْيَاءَ النَّبِيِّ ابْنِ آمُوصَ. [2]
بدأت خدمة إشعياء النبوية في السنة التي مات فيها عزيا أو عزاريا (إش 6: 1)، قبل حوالي 40 عامًا (740 ق. م). تنبأ إشعياء في أيام عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا. وقد تجاهل آحاز إشعياء، أما حزقيا فأصغى لمشورته.
مع أن أشور كانت أعظم قوة عالمية في ذلك الحين، لكنها كانت عاجزة على أن تنتصر على يهوذا طالما كان إشعياء مشيرًا للملوك.
لقد سمع الياقيم وشبنة كلمات ربشاقى منه مباشرة، فكانا خير رسولين يبعثهما الملك إلى إشعياء النبي، يُعَبِّران بملامحهما ومشاعرهما عما قاله ربشاقى. لقد ارتديا المسوح، لأنهما كانا يُمثِّلان الملك المرتدي المسوح.
فَقَالُوا لَهُ: هَكَذَا يَقُولُ حَزَقِيَّا:
هَذَا الْيَوْمُ يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ،
لأَنَّ الأَجِنَّةَ قَدْ دَنَتْ إِلَى الْمَوْلِدِ، وَلاَ قُوَّةَ لِلْوِلاَدَةِ! [3]
اعترف حزقيا بأن مملكة يهوذا بلا قوة في وقتٍ تحتاج أن تكون قوية للغاية لتواجه القوة العظمى في العالم، أي أشور.
ما كان يشغل قلب حزقيا ليس فقط جسارة ربشاقى ليُعَيِّر الله الحي، وإنما أيضًا أنه قد حلَّ يوم شدة وتأديب وإهانة على يهوذا وأورشليم. لقد شبَّه هذا اليوم بيوم ولادة عسيرة مع عدم وجود قوة للولادة. لقد طالت مدة الطَلْقِ، فخارت قوى يهوذا، وصارت عاجزة عن الولادة، ويحتاج الأمر إلى تدخُّل الله نفسه صانع العجائب. فالأمر خطير للغاية، ويحتاج إلى عونٍ إلهي.
حسب حزقيا الملك ورجاله أن ما حلَّ بهم وبالشعب، إنما هو تأديب يستحقونه على خطاياهم. فقبل أن يشتكوا ربشاقى وملك أشور كمُجدِّفين، اشتكوا أنفسهم كخطاةٍ يستحقون التأديب.
هذا ولم يقترح الملك ورجاله حلاً للمشكلة، أو نقمة من أشور، إنما طلبوا من رجل الله أن يعرض القضية بأكملها على الله، ويترك الأمر بين يديه ليفعل كيفما يشاء.
لَعَلَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ يَسْمَعُ جَمِيعَ كَلاَمِ رَبْشَاقَى الَّذِي أَرْسَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُهُ،
لِيُعَيِّرَ الإِلَهَ الْحَيَّ،
فَيُوَبِّخَ عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعَهُ الرَّبُّ إِلَهُكَ.
فَارْفَعْ صَلاَةً مِنْ أَجْلِ الْبَقِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ. [4]
يطلب الملك من إشعياء أن يصلي إلى الله، لعله يسمع تعييرات ربشاقى الذي أرسله ملك أشور.
ماذا يعني بالبقية الموجودة؟ لقد سبق فقاد أشور إسرائيل (العشرة أسباط) إلى السبي، وقد بقيت مملكة يهوذا (سبطا يهوذا وبنيامين) كبقية قليلة. هذا وقد استولى أشور على مدن كثيرة من يهوذا وبقيت أورشليم كبقية قليلة جدًا تحتاج إلى عونٍ إلهيٍ وإلى تدَّخلٍ سماويٍ لإنقاذها.
طلب الملك من إشعياء الصلاة عنه وعن المملكة، لكنه لم يتواكل، بل ذهب هو بنفسه إلى بيت الرب، ونشر الرسائل أمام الهيكل. يليق بنا إذ نطلب من أحبائنا سواء الراقدين أو المجاهدين الصلاة عنا، نشترك معهم في الصلاة والطلبة بروح التوبة والتواضع.
يدعو حزقيا الإله الذي يُعَيِّره ربشاقى وملكه سنحاريب "ليُعيِّر الإله الحيً"، هذا الإله الذي لا يقدر أشور على الوقوف أمامه!
فَجَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ حَزَقِيَّا إِلَى إِشَعْيَاءَ، [5]
فَقَالَ لَهُمْ إِشَعْيَاءَ: هَكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِكُمْ:
هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَخَفْ بِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ،
الَّذِي جَدَّفَ عَلَيَّ بِهِ غِلْمَانُ مَلِكِ أَشُّورَ. [6]
يطمئن الرب الملك حزقيا بأن ما قاله غلمان أشور مجرد كلام [6]، وإن بدا ناريًا ورنانًا، لكنه لا يحمل قوة، لا يقدر أشور أن يقف أمام الريح الذي يهب عليه [7].
هَئَنَذَا أَجْعَلُ فِيهِ رُوحًا، فَيَسْمَعُ خَبَرًا، وَيَرْجِعُ إِلَى أَرْضِهِ،
وَأُسْقِطُهُ بِالسَّيْفِ فِي أَرْضِهِ. [7]
إن كان حزقيا قد ارتعب أمام تهديدات أشور، فإذ لجأ إلى الله، أعلن له رجل الله بأن الله يجعل فيه روح الرعب، ويُسْمِعه خبرًا يجعله يُسرِع بالعودة إلى بلده، حيث يُغتال هناك بواسطة ابنيه. الخبر الذي أعلنه إشعياء النبي ليس فقط أن سنحاريب يفشل في دخوله أورشليم، وإنما سيواجه موتًا مرعبًا عند رجوعه إلى أرضه.
حل هذه المشكلة لا يحتاج إلا إلى روح أو ريح أو نفخة تهب على الملك، فيتبدد ويهلك.
يُقدِّم إشعياء في هذه النبوة أربعة تحذيرات لملك أشور:
أولاً: يجعل فيه نفخة أو ريح، أو إشاعة تزعجه ربما بخصوص "ترهاقة".
ثانيًا: يسمع خبرًا خاصًا بقتل المئة والخمسين وثمانين ألفًا من جيشه في ليلة واحدة دون أن يفقد يهوذا جنديًا واحدًا، أو يستخدم سلاحًا ضدهم.
ثالثًا: يرجع إلى أرضه في حالة هزيمةٍ مُنْكَرةٍ لم تحل به من قبل، أي في خزيٍ وعارٍ.
رابعًا: يسقط بالسيف لا في معركة كبطلٍ، وإنما في أرضه حيث يغتاله ابناه في هيكل إلهه الوثن.
8 فَرَجَعَ رَبْشَاقَى وَوَجَدَ مَلِكَ أَشُّورَ يُحَارِبُ لِبْنَةَ، لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ ارْتَحَلَ عَنْ لَخِيشَ. 9 وَسَمِعَ عَنْ تُرْهَاقَةَ مَلِكِ كُوشٍ قَوْلًا: «قَدْ خَرَجَ لِيُحَارِبَكَ». فَعَادَ وَأَرْسَلَ رُسُلًا إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلًا:
فَرَجَعَ رَبْشَاقَى وَوَجَدَ مَلِكَ أَشُّورَ يُحَارِبُ لِبْنَةَ،
لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ ارْتَحَلَ عَنْ لَخِيشَ. [8]
بذل ربشاقى كل جهده لدخول أورشليم بمحاصرتها دون الدخول معها في معركة. لكن إذ رجع بعد حديثه مع مندوبي حزقيا الملك، وجد ملك أشور قد دخل في حربٍ أخرى مع لِبنة، وكان قد سحب معه الجيش من لخيش. هذا وكلا الموقعين لبنة ولخيش ليسا بعيديْن عن بعضها البعض، فهُمَا على جبال يهوذا جنوب أورشليم.
وَسَمِعَ عَنْ تِرْهَاقَةَ مَلِكِ كُوشَ قَوْلاً:
قَدْ خَرَجَ لِيُحَارِبَكَ. فَعَادَ وَأَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلاً: [9]
كانت تحركات جيش أشور سريعة وغير متوقعة. ذهب ربشاقى إلى لخيش حيث كان سنحاريب يحارب، فوجده قد تركها، لأن ملك كوش خرج يحاربه. فلئلا يستغل حزقيا الموقف، أرسل ربشاقى رسالة إليه يستخف به ويُهَدِّده طالبًا الاستسلام، وأنه سيحاصره سريعًا.
معروف أن ترهاقة لم يصر ملكًا قبل سنة 690 ق.م، لذلك غالبًا ما ذكر الكتاب اسم ترهاقة على ملك كوش أو على صعيد مصر في الجنوب، بكونه لقبًا له شهرته بالنسبة لبعض ملوك كوش في ذلك الحين.
كان ترهاقه ملك مصر العليا، بينما سو (Sabaco) So ملك مصر السفلى. كان ترهاقة ملكًا قويًا، وقد ترك آثارًا كثيرة، تكشف عن أنه كان عظيمًا. جاء اسمه في هيكل مدينة هابو Medinet Abou أنه كان لديه أسرى حرب كثيرون.
غالبًا كان تحرُّك ترهاقة بجيشٍ عظيمٍ لمحاربة أشور هو الخبر أو الإشاعة التي تنبأ عنها إشعياء النبي [7]. هذا الخبر لم يكن غريبًا بالنسبة لسنحاريب وربشاقى، إنما كانا يتوقعان تحالف يهوذا مع مصر ضد أشور، وقد سبق فحذَّر ربشاقى يهوذا من هذا التحالف، مُشَبِّهًا مصر بالقصبة المرضوضة، من يتكئ عليها تثقب كفه (2 مل 18: 21).
تحرَّك ربشاقى لمواجهة معركة مع مصر، وفي نفس الوقت أرسل يُهَدِّد حزقيا كي يُربكه ويقلقه بتوقُّع نصرة أكيدة وسريعة لأشور على مصر، وعودة لأشور لحصار أورشليم. وكأن ربشاقى أراد أن يُحَطِّم نفسية حزقيا، فلا يقوم بأدنى مقاومة حتى أثناء غيابه أو انشغاله بمعركة أخرى.
جاءت الرسالة تهاجم إله حزقيا الملك، وكأن المعركة في حقيقتها بين إبليس والله.
10 «هكَذَا تُكَلِّمُونَ حَزَقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا قَائِلِينَ: لاَ يَخْدَعْكَ إِلهُكَ الَّذِي أَنْتَ مُتَّكِلٌ عَلَيْهِ قَائِلًا: لاَ تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. 11 إِنَّكَ قَدْ سَمِعْتَ مَا فَعَلَ مُلُوكُ أَشُّورَ بِجَمِيعِ الأَرَاضِي لإِهْلاَكِهَا، وَهَلْ تَنْجُو أَنْتَ؟ 12 هَلْ أَنْقَذَتْ آلِهَةُ الأُمَمِ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ آبَائِي، جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصْفَ وَبَنِي عَدَنَ الَّذِينَ فِي تَلاَسَّارَ؟ 13 أَيْنَ مَلِكُ حَمَاةَ وَمَلِكُ أَرْفَادَ وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفْرَوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟»
هَكَذَا تُكَلِّمُونَ حَزَقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا قَائِلِينَ:
لاَ يَخْدَعْكَ إِلَهُكَ الَّذِي أَنْتَ مُتَّكِلٌ عَلَيْهِ قَائِلاً:
لاَ تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. [10]
لم يستسلم ربشاقى ظانًا أنه يعود إلى أورشليم يحاصرها ويفتحها. وقد جاءت هذه الرسالة تطابق نفس الحديث الذي وجَّهه ربشاقى قبلاً (2 مل 18: 29).
إِنَّكَ قَدْ سَمِعْتَ مَا فَعَلَ مُلُوكُ أَشُّورَ بِجَمِيعِ الأَرَاضِي لإِهْلاَكِهَا،
وَهَلْ تَنْجُو أَنْتَ؟ [11]
هَلْ أَنْقَذَتْ آلِهَةُ الأُمَمِ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ آبَائِي،
جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصْفَ وَبَنِي عَدْنَ الَّذِينَ فِي تَلاَسَّارَ؟ [12]
عدن هنا لا تعني منطقة جنة عدن التي وردت في سفر التكوين، وإنما تُعرَف اليوم باسم بيت عديني Bit-Adini جنوب حاران (حز 27-23، عا 1: 5).
أَيْنَ مَلِكُ حَمَاةَ وَمَلِكُ أَرْفَادَ وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفْرَوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟ [13]
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
14 فَأَخَذَ حَزَقِيَّا الرَّسَائِلَ مِنْ أَيْدِي الرُّسُلِ وَقَرَأَهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَنَشَرَهَا حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ. 15 وَصَلَّى حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، الْجَالِسُ فَوْقَ الْكَرُوبِيمَ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. 16 أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَاسْمَعْ. اِفْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ، وَاسْمَعْ كَلاَمَ سَنْحَارِيبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ اللهَ الْحَيَّ. 17 حَقًّا يَا رَبُّ إِنَّ مُلُوكَ أَشُّورَ قَدْ خَرَّبُوا الأُمَمَ وَأَرَاضِيَهُمْ، 18 وَدَفَعُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى النَّارِ. وَلأَنَّهُمْ لَيْسُوا آلِهَةً، بَلْ صَنْعَةُ أَيْدِي النَّاسِ: خَشَبٌ وَحَجَرٌ، فَأَبَادُوهُمْ. 19 وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ، فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ الأَرْضِ كُلُّهَا أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ الإِلهُ وَحْدَكَ».
فَأَخَذَ حَزَقِيَّا الرَّسَائِلَ مِنْ أَيْدِي الرُّسُلِ وَقَرَأَهَا،
ثُمَّ صَعِدَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ،
وَنَشَرَهَا أَمَامَ الرَّبِّ. [14]
كان حزقيا يؤمن بأن الله حاضر في كل مكان، ويسمع صوت مؤمنيه أينما وُجدوا، ويرى كل شيءٍ، وليس شيء مخفيًا عن عينيه، لكن الهيكل يُحسَب مسكنه الخاص، وله اعتباره عند الرب. لقد ذهب كطفلٍ بسيطٍ يثق في محبة أبيه وحكمته وقدرته، أسرع إليه في بيته كما في حضنه الإلهي، ليكون تحت حمايته الإلهية ومراحمه.
عرض الملك حزقيا الصالح الرسائل التي كانت في أيدي الرسل أمام الرب نفسه في الهيكل المقدس. كان حزقيا واثقًا أن الله يعلم بكل ما فيها، لكن نشره لها في بيت الرب فيه إعلان عن ثقته الكاملة في الرب، وأنه يُقدِّم المشكلة الخطيرة بكل تفاصيلها للمُعِين الإلهي، طالبًا الخلاص. هكذا يمكن للمؤمن، إذ يعرض مشاكله بصراحة وإيمان أمام الرب في هيكله المقدس، يجيبه ويُقدِّم له الحلول.
وَصَلَّى حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ:
أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ،
الْجَالِسُ فَوْقَ الْكَرُوبِيمَ،
أَنْتَ هُوَ الإِلَهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ.
أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. [15]
لجأ حزقيا إلى الملك الأعظم من ملك أشور (18-19). صلَّي بإيمان، فاستجاب له ملك الملوك. تُعتَبَر صلاة حزقيا مثالاً حيًا للصلاة الحقيقية، فمع دالته لدى الله يتحدث بلغة الوقار.
أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَاسْمَعْ.
افْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ،
وَاسْمَعْ كَلاَمَ سَنْحَارِيبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ اللَّهَ الْحَيَّ. [16]
كثرًا ما تكرَّرتْ الطلبة "أمل يا رب أذنك"، ففي مرارة صرخ حزقيا الملك إلى الرب الجالس فوق الكاروبيم: "أمل يا رب أذنك، واسمع. افتح يا رب عينيك، وانظر". وكثيرًا ما كرَّر المُرَتِّل هذه العبارة (مز 17: 6؛ 31: 2؛ 45: 10) وهو تعبير يصدر من شخصٍ يشعر أنه أشبه بطفلٍ على صدر أبيه، يود أن يهمس في أذنيه. إنها تصدر عن شخصٍ وديعٍ متواضعٍ، يُسَر به الرب، القائل: "تعلموا مني، فإني وديع ومتواضع القلب".
بقوله: "أمل يا رب أذنك"، يود المؤمن أن يقول له، إني عاجز عن أن أُعَبِّر عما في داخلي بفمي ولساني، وليس من أحدٍ يقدر أن يسمع تنهدات قلبي، ويُدرِك ما في أعماقي، ويشاركني مشاعري سواك.
لعل المؤمن يشعر بأنه قد يُحرَم في كثير من الأوقات من الشركة الجماعية في العبادة بسبب الضيق، لكن الله وحده يُقَدِّر ما في أعماقه!
v إنه يميل بأذنه إن كنت لا ترفع رقبتك، فإنه قريب من المتواضعين، وبعيد عن المرتفعين...
إنه في الأعالي، ونحن أسفل، لكننا لسنا متروكين. "نحن خطاة، مات المسيح لأجلنا، فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بارٍ. ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضًا أن يموت" (رو 5: 7، 8). لكن ربنا مات لأجل الأشرار. إذ لم يتقدمنا أي استحقاق لنا من أجله مات ابن الله، بل بالحري، إذ لا توجد استحقاقات، ظهرت رحمته عظيمة... "لأني مسكين وبائس أنا" (مز 86: 1). لا يميل أذنه للغني، بل للمسكين والبائس، أي للمتواضع الذي يعترف إليه أنه محتاج إلى رحمته، وليس إلى المكتفي الذي يرفع نفسه ويفتخر، كمن لا يحتاج إلى شيءٍ. هذا الذي يقول: "أشكرك أني لستُ مثل هذا العشار". فقد افتخر الفريسي باستحقاقاته، واعترف العشار بخطاياه (لو 18: 11-13)...
لا يأخذ أحد يا إخوتي ما قلته كما لو كان الله لا يسمع للذين لديهم ذهب وفضة وأسرة وحقول. فإبراهيم في غناه كان مسكينًا ومتواضعًا، يحترم كل الوصايا ويطيعها. بالحق كان يحسب كل غناه كلا شيءٍ، وبحسب وصية الله كان مستعدًا أن يُقدِّم ابنه ذبيحة (تك 22: 10)، الذي لأجله كان يحفظ كل ثرواته. لتتعلموا أن تكونوا مساكين ومحتاجين، سواء كان لديكم شيء في هذا العالم أو لم يكن لديكم[2].
حَقًّا يَا رَبُّ إِنَّ مُلُوكَ أَشُّورَ قَدْ خَرَّبُوا الأُمَمَ وَأَرَاضِيَهُمْ [17]
وَدَفَعُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى النَّارِ. لأَنَّهُمْ لَيْسُوا آلِهَةً،
بَلْ صَنْعَةُ أَيْدِي النَّاسِ: خَشَبٌ وَحَجَرٌ، فَأَبَادُوهُمْ. [18]
وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ،
فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ الأَرْضِ كُلُّهَا أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ الإِلَهُ وَحْدَكَ. [19]
فَأَرْسَلَ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلاً:
20 فَأَرْسَلَ إِشَعْيَا بْنُ آمُوصَ إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلًا: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي صَلَّيْتَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ: قَدْ سَمِعْتُ. 21 هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْهِ: احْتَقَرَتْكَ وَاسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ، وَنَحْوَكَ أَنْغَضَتِ ابْنَةُ أُورُشَلِيمَ رَأْسَهَا. 22 مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ؟ وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتًا؟ وَقَدْ رَفَعْتَ إِلَى الْعَلاَءِ عَيْنَيْكَ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ! 23 عَلَى يَدِ رُسُلِكَ عَيَّرْتَ السَّيِّدَ، وَقُلْتَ: بِكَثْرَةِ مَرْكَبَاتِي قَدْ صَعِدْتُ إِلَى عُلْوِ الْجِبَالِ، إِلَى عِقَابِ لُبْنَانَ وَأَقْطَعُ أَرْزَهُ الطَّوِيلَ وَأَفْضَلَ سَرْوِهِ، وَأَدْخُلُ أَقْصَى عُلْوِهِ، وَعْرَ كَرْمَلِهِ. 24 أَنَا قَدْ حَفَرْتُ وَشَرِبْتُ مِيَاهًا غَرِيبَةً، وَأُنَشِّفُ بِأَسْفَلِ قَدَمَيَّ جَمِيعَ خُلْجَانِ مِصْرَ. 25 أَلَمْ تَسْمَعْ؟ مُنْذُ الْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ، مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ صَوَّرْتُهُ. الآنَ أَتَيْتُ بِهِ. فَتَكُونُ لِتَخْرِيبِ مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ حَتَّى تَصِيرَ رَوَابِيَ خَرِبَةً. 26 فَسُكَّانُهَا قِصَارُ الأَيْدِي قَدِ ارْتَاعُوا وَخَجِلُوا، صَارُوا كَعُشْبِ الْحَقْلِ وَكَالنَّبَاتِ الأَخْضَرِ، كَحَشِيشِ السُّطُوحِ وَكَمَلْفُوحٍ قَبْلَ نُمُوِّهِ. 27 وَلكِنِّي عَالِمٌ بِجُلُوسِكَ وَخُرُوجِكَ وَدُخُولِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ. 28 لأَنَّ هَيَجَانَكَ عَلَيَّ وَعَجْرَفَتَكَ قَدْ صَعِدَا إِلَى أُذُنَيَّ، أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ وَلِجَامِي فِي شَفَتَيْكَ، وَأَرُدُّكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ. 29 «وَهذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ: تَأْكُلُونَ هذِهِ السَّنَةَ زِرِّيعًا، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خِلْفَةً. وَأَمَّا السَّنَةُ الثَّالِثَةُ فَفِيهَا تَزْرَعُونَ وَتَحْصِدُونَ وَتَغْرِسُونَ كُرُومًا وَتَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 30 وَيَعُودُ النَّاجُونَ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا، الْبَاقُونَ، يَتَأَصَّلُونَ إِلَى أَسْفَل وَيَصْنَعُونَ ثَمَرًا إِلَى مَا فَوْقُ. 31 لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ، وَالنَّاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا. 32 «لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُّورَ: لاَ يَدْخُلُ هذِهِ الْمَدِينَةَ، وَلاَ يَرْمِي هُنَاكَ سَهْمًا، وَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِتُرْسٍ، وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً. 33 فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ يَرْجعُ، وَإِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ لاَ يَدْخُلُ، يَقُولُ الرَّبُّ. 34 وَأُحَامِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ لأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي».
هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي صَلَّيْتَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ:
قَدْ سَمِعْتُ. [20]
قدَّم الله الإجابة للملك الصالح من خلال رجل الله إشعياء النبي.
يرى القديس أغسطينوس أن الذي يدعو الله لا يسقط في الرعب، حيث لا يوجد ما يُسبِّب رعبًا حقيقيًا، إذ يقول: [هل يوجد خوف إن فقد إنسان الغِنَى؟ لا يوجد خوف، ومع ذلك يخاف البشر في هذه الحالة. ولكن إن فقد إنسان الحكمة، فبالأولى يوجد خوف، ومع هذا فهم لا يخافون... إنك تخاف لئلا ترد المال (الذي وهبك الله إياه)، وتريد أن تفقد الخلاص.]
v عندما كان حزقيا في ضيق انظرْ ماذا فعل لكي يخلص، إذ لبس المسوح وما إلى ذلك. لكنه إذ كان في فرجٍ سقط خلال ارتفاع قلبه (2 مل 19: 20).
عندما كان الإسرائيليون في ضيقٍ نموا جدًا في العدد، وعندما تركهم لأنفسهم انحدروا إلى دمارهم[3].
هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْهِ:
احْتَقَرَتْكَ وَاسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ.
وَنَحْوَكَ أَنْغَضَت ابْنَةُ أُورُشَلِيمَ رَأْسَهَا. [21]
عندما يتحدث الله مع شعبه يكشف لهم خطاياهم لكي يرجعوا إليه بالتوبة، فيتمتعون بنعمه. أما حينما يتكلم عن شعبه مع مضايقيهم، فيتحدث عنهم بأسلوب مُفرِح. الآن إذ يوجِّه الحديث لسنحاريب يقول له: "احتقرتْكَ واستهزأتْ بك العذراء ابنة صهيون الخ". يدعو شعبه ابنة صهيون (ابنة أورشليم)، أي ابنة الله الساكنة في مدينته، وتتمتع بهيكله المقدس. يحرسها الله ويحفظها بكونها ابنته المحبوبة لديه، وبكونه أباها المُحِب! إنها تسخر وتستخف بملك أشور الذي يظن في نفسه أعظم من الله وأقوى منه.
وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتًا،
وَقَدْ رَفَعْتَ إِلَى الْعَلاَءِ عَيْنَيْكَ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ؟ [22]
ظن سنحاريب ورجاله أن يهوذا أشبه بعذراء جميلة وطاهرة يُمكِنُ اغتصابها بسهولةٍ، لا حوْل لها ولا قوة، إن قورنت بالممالك التي اهتزت وارتعبت بل واستسلمت لأشور قبل أن يحاربها ويُبَدِّد هياكلها ويُحَطِّم حصونها. وقد جاءت إجابة الرب لإشعياء أن يهوذا ابنة صهيون الطاهرة والجميلة هي في حضن أبيها السماوي، يهبها قوة وفرحًا ونصرة على كل من يحاول أن يمد يده عليها، أو يُهدِّدها.
إنها تتطلع إلى من يسخر بها وتضحك عليه، لأنها في ظل القدير تجلس مطمئنة.
يدعو إشعياء الله "قدوس إسرائيل"، وقد استخدم إشعياء كلمة "قدوس" 26 مرة (راجع إش 6: 3). إذ عيَّر ملك أشور ورجاله الله، فإنما يعير القدوس الذي بلا عيب.
عَلَى يَدِ رُسُلِكَ عَيَّرْتَ السَّيِّدَ،
وَقُلْتَ: بِكَثْرَةِ مَرْكَبَاتِي قَدْ صَعِدْتُ إِلَى عُلْوِ الْجِبَالِ،
إِلَى عِقَابِ لُبْنَانَ،
وَأَقْطَعُ أَرْزَهُ الطَّوِيلَ وَأَفْضَلَ سَرْوِهِ،
وَأَدْخُلُ أَقْصَى عُلْوِهِ وَعْرَ كَرْمَلِهِ. [23]
كان أشور وقادته يفتخرون بأنهم دخلوا لبنان، وحطَّموا أرزه وسروه. لم يقل إنه هزم جيشها، لأنها استسلمت ولم تدخل معه في معركة. أنها ككثيرٍ من الممالك أرسلت ترحب بقدومه وقبولهم العبودية له دون الدخول في أية معركة، ومع هذا إذ كانوا يستقبلونه بالتهليل خشية غضبه وانتقامه كان يُحَطِّم حتى أشجارها!
يُصَوِّر الكاتب سنحاريب بقدرته العظيمة وهو يقتحم بمركباته الكثيرة أية دولة، ويصعد بالمركبات على قمم الجبال، فلا تستطيع العوائق الطبيعية أن تقف أمامه!
يرى القديس أغسطينوس أن الذين لا يعترفون بخطاياهم، وفي تشامخ يدخلون كما في معركة ضد الله، تنكسر كل أسلحتهم التي يعتمدون عليها.
أَنَا قَدْ حَفَرْتُ وَشَرِبْتُ مِيَاهًا غَرِيبَةً،
وَأُنَشِّفُ بِأَسْفَلِ قَدَمَيَّ جَمِيعَ خُلْجَانِ مِصْرَ. [24]
إن كانت مصر تعتز بنهرها العظيم، فيفتخر أشور أنه لا يترك لها نقطة ماء، يسلب كل ممتلكاتها حتى مياه خلجانها. وكأنه أينما دخل لا يترك لأهل المملكة شيئًا حتى الماء للشرب!
ولعله يقصد أن المشاة من جيشه، إذ يدخلون أية دولة حتى مصر، فمن كثرة عددهم يحفرون آبارًا للشُرْب، فتجف الآبار، ولا يجد الجند نقطة ماء تحت أقدامهم.
أَلَمْ تَسْمَعْ؟ مُنْذُ الْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ،
مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ صَوَّرْتُهُ.
الآنَ أَتَيْتُ بِهِ. فَتَكُونُ لِتَخْرِيبِ مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ،
حَتَّى تَصِيرَ رَوَابِيَ خَرِبَةً. [25]
بقوله: "ألم تسمع؟!" [25]، يليق بأشور أن يرجع إلى التاريخ ليدرك هذا الإله الحي وذراعه الرفيعة؛ كيف يُعَيِّر القدير الذي صنع مع شعبه عجائب؟!
فَسُكَّانُهَا قِصَارُ الأَيْدِي قَدِ ارْتَاعُوا وَخَجِلُوا.
صَارُوا كَعُشْبِ الْحَقْلِ وَكَالنَّبَاتِ الأَخْضَرِ،
كَحَشِيشِ السُّطُوحِ، وَكَمَلْفُوحٍ قَبْلَ نُمُوِّهِ. [26]
وَلَكِنِّي عَالِمٌ بِجُلُوسِكَ وَخُرُوجِكَ وَدُخُولِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ. [27]
يليق بأشور أن يُدرِك بأنه لا يعرف حقيقة الإله الحي القدوس، وأن هذا الإله يعرف جلوسه وخروجه ودخوله ومشاعره الخفية. إنه أتفه من أن يقف أمام الله في معركة، إمكانياته تُحسَب كلا شيء، فأشور أشبه بعشب الحقل أو نبات أخضر ضعيف أو حشائش موضوعة على السطح أو غرس لبذرة حنطة لم تنمُ بعد لتحمل سنبلة، فكيف يدخل في معركة مع رب الجنود؟ إن كان أشور يعتمد على خططه الحربية الخفية، فالله عالمٌ بجلوسه وخروجه ودخوله وهيجانه عليه.
لأَنَّ هَيَجَانَكَ عَلَيَّ وَعَجْرَفَتَكَ قَدْ صَعِدَا إِلَى أُذُنَيَّ،
أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ، وَلِجَامِي فِي شَفَتَيْكَ،
وَأَرُدُّكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ. [28]
لماذا يضع الله خزامته في أنف ملك أشور، ولجامًا في شفتيه، أي كما لو كان حيوانًا؟ اعتاد أشور أن يذل المسبيين، خاصة الملوك والنبلاء وأصحاب المراكز، ويتعامل معهم بوحشية كأنهم حيوانات. ما يفعله بهم يرتد عليه، بالكيل الذي يكيل به للمسبيين يُكال له ويزداد.
في كبرياء ظن سنحاريب أن ما بلغه من إنجازات بفضل قدرته وجهوده، ولم يدرك أن ذلك كان بسماح من الله. كان الأشوريون يعاملون الأسرى بعنفٍ، فكانوا يجدون لذاتهم وتسليتهم في تعذيبهم؛ يقلعون عيونهم، ويمزقون جلودهم، ويسلخونها بعنفٍ جزءًا فجزءًا حتى يموتوا. وإذ كانوا يتطلعون إلى الأسير كعبدٍ، يضعون خزامة في أنفه.
إن كان أشور قد أذل الأمم والملوك، فيليق به أن يدرك ضعفه أمام الله الحي الذي في جسارة مُرَّة يسخر به ويُجدِّف عليه. إنه يضع خزامته في أنفه، ولجامه في فمه، فيصير كحيوانٍ ذليلٍ يُسحَب من الخزامة وباللجام، ولا يدري إلى أين هو ذاهب.
v أما بالنسبة لي فقد أحضرني نبوخذناصر في سلاسل إلى بابل، أي إلى بلبلة الذهن. هناك وضع عليّ نير العبودية. هناك وضع خزامة في أنفي. أمرني أن أُسَبِّحَ بإحدى تسابيح صهيون. فقلتُ له: "الرب يعتق المسبيين، الرب يفتح أعين العميان" ( مز 14-15)[4].
وَهَذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ: تَأْكُلُونَ هَذِهِ السَّنَةَ زِرِّيعًا،
وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خِلْفَةً.
وَأَمَّا السَّنَةُ الثَّالِثَةُ فَفِيهَا تَزْرَعُونَ وَتَحْصِدُونَ،
وَتَغْرِسُونَ كُرُومًا وَتَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. [29]
أعطى الرب حزقيا علامة أنه مهتم بشعبه، بالرغم من حملات الأشوريين ضدهم، التي كان لها أثرها على محصول تلك السنة، وأيضًا السنة التالية، لكن في السنة الثالثة يتمتعون بمحاصيل أرضهم حيث يكونون في سلام من تهديدات العدو (يوئيل 2: 12-14؛ مي 2: 12-13؛ صف 3: 8-20).
وَيَعُودُ النَّاجُونَ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا، الْبَاقُونَ،
يَتَأَصَّلُونَ إِلَى أَسْفَلٍ، وَيَصْنَعُونَ ثَمَرًا إِلَى مَا فَوْقُ. [30]
الوعد الأعظم هو الثمر المتكاثر في مجيء المسيا، إذ توجد بقية مُقدَّسة تؤمن به وتشهد لأجل خلاص البشرية. هذا وعد إلهي، لأن غيرة رب الجنود على الخلاص تفعل هذا.
لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ وَالنَّاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ.
غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا. [31]
في كل جيل يهتم الله بالبقية الأمينة الباقية لحساب ملكوته. يستخدمهم كشرارة نار حبٍ، ينفخها لتُلهبَ الكثيرين بالحب الإلهي، وتنزع عنهم برودة الجمود وعدم الإيمان.
الله لا يتجاهل البصيص الذي في شعبِ ما أو في قلبٍ ما، فإنه يعمل بالقليل كما بالكثير، ليُخَلِّص على كل حال قومًا.
تحققت نبوة إشعياء بخصوص "البقية" بتجسد كلمة الله وحلول الروح القدس في يوم البنطقستي (أع 2).
لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُّورَ:
لاَ يَدْخُلُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ، وَلاَ يَرْمِي هُنَاكَ سَهْمًا،
وَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِتُرْسٍ، وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً. [32]
يُقدِّم الرب وعدًا أن سنحاريب لن يدخل مدينة أورشليم، ولا يستخدم أسلحة ضدها.
بالرغم من أن سنحاريب افتخر بأنه استولى على 46 مدينة من مملكة يهوذا، وأن حزقيا كان سجينًا في أورشليم لم يخرج منها كطائرٍ في قفصٍ، لكن الله برعايته لم يسمح له بالاستيلاء على مدينة أورشليم ولا يهاجمها بأسلحة، وذلك لأمانة الله وعهده مع داود، بالرغم من عدم أمانة الشعب وتجديفهم [22، 23، 27، 28؛ 18: 34-35). يُقدِّم الله تأكيدات أن ملك أشور ليس فقط يفشل في اقتحام المدينة، وإنما لن يدخلها، ولا يقف على مسافة منها تسمح له أو لجيشه أن يرمي سهمًا عليها، ولن يجسر أن يتقدَّم نحوها بترسٍ أو يقيم عليها مترسة.
v إذن أين مسكن الله؟ في أورشليم وفي صهيون. في أورشليم حيث يقوم السلام، وفي صهيون حيث برج المراقبة. ليت النفس البشرية التي بها سلام الله والتأمل، وثانيًا تكون في الكنيسة وبالتأكيد مرتبطة بالأسفار المقدسة.
بالتأكيد فيها يكون السلام ومسكن الله وعاصمته، هناك يُحَطِّم سهام القسيّ البارقة، السهام التي يصوِّبها الشيطان. يُحَطِّم الرب دومًا الدرع والسيف وأسلحة الحرب[5].
فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ يَرْجِعُ،
وَإِلَى هَذِهِ الْمَدِينَةِ لاَ يَدْخُلُ، يَقُولُ الرَّبُّ. [33]
إن كان ربشاقى قد هدَّد حزقيا بأنه سيعود ليحاصر أورشليم، فإنه لن يعود إلى أورشليم، بل يرجع جيشه إلى أشور في خزيٍ وعارٍ.
وَأُحَامِي عَنْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ، لأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي،
وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي. [34]
"من أجل نفسي". هذا الوعد بعدم تسليم أورشليم لسنحاريب، ليس عن فضل أو استحقاق شعبها، وإنما من أجل أمانة الله وعهده مع داود عبده. إن سلام أورشليم يخص الله نفسه، لا يأتمن كائنًا ما على حمايتها من سنحاريب.
صلوات القديسين تسند النفس المجاهدة الراغبة في التوبة، أما إذا أصرَّتْ على عنادها فلا نفع لها، إذ يقول الرب لإرميا النبي: "وأنت فلا تُصلِ لأجل هذا الشعب ولا ترفع لأجلهم دعاء ولا صلاة، ولا تلح عليًّ لأني لا أسمعك" (إر 7: 16؛ 11: 14). الله الذي قال: "أُحامي عن هذه المدينة لأُخَلِّصها من أجل نفسي ومن أجل داود عبدي" (2 مل 19: 34) في أيام حزقيا الملك البار، لم ينطق بهذا في أيام الشر المتكاثر حين سلَّم المدينة لنبوخذناصر. تظهر شكلية العبادة في الاعتماد على صلوات القديسين المنتقلين والمجاهدين دون أية رغبة في التوبة والندامة.
لقد استفاد يعقوب المجاهد من صلوات أبيه، إذ يقول للابان: "لولا أن إله أبي كان معي لكنت الآن قد صرتُ فارغًا" (تك 31: 42). كما يقول الله عن نفسه: "أحامي عن هذه المدينة لأخلصها من أجل نفسي ومن أجل داود عبدي" (2 مل 19: 34). قال هذا حين كان حزقيا البار ملكًا، لكنه لم يقلها في أيام الشر حين سلَّم المدينة لنبوخذناصر.
لا يمنع الله إرميا من تقديم الصلوات عن الشعب، فإنه يُسَرّ أن يجد قلوبًا مفتوحة بالحب، تُصلِّي للغير في غير أنانية، لكنه يؤكد له أن هذه الصلوات ليست بذات قيمة بالنسبة للشعب ما لم يُقدِّم الشعب نفسه توبة.
لقد كانت الشفاعة عن الشعب جزءًا حيًا من عمل الأنبياء والكهنة، فصموئيل النبي يقول: "وأما أنا حاشا لي أن أُخطِئ إلى الرب، فأكف عن الصلاة من أجلكم" (1 صم 12: 23). وفي المصفاة إذ هاج الفلسطينيون عليهم، قالوا لصموئيل: "لا تكف عن الصراخ من أجلنا إلى الرب إلهنا، فيُخلِّصنا من يد الفلسطينيين" (1 صم 7: 8). وأيضًا موسى كان يشفع في شعبه، حتى قال الرب له: "اتركني ليحمَى غضبي عليهم وأفنيهم، فأُصيَّرك شعبًا عظيمًا" (خر 32: 10).
والقديس يوحنا الذهبي الفم كرجل كنسي إنجيلي واعٍ، خشي أن يفهم عامة الشعب صلوات القديسين تواكلاً وتراخيًا في الجهاد الروحي، لهذا نجده يؤكد:
v ما أعظم بركات صلوات القديسين إن كنا نحن أيضًا نعمل[6].
v حقًا إن صلوات القديسين لها قوتها العظيمة بشرط توبتنا وإصلاح حياتنا.
v إن كنا مُهمِلين لا نستطيع أن ننال خلاصًا حتى ولا بمساعدة الآخرين. وعلى العكس فإننا إن كنا ساهرين متيقظين نقدر أن نفعل ذلك بأنفسنا... لستُ أقول هذا لأنفي طلبات القديسين، وإنما لكي أوقف إهمالكم واكتفاءكم بالثقة في الآخرين وأنتم مطروحون على ظهوركم نائمين[7].
v حسنًا، إننا ننتفع بصلوات القديسين، إن كنا نحن أنفسنا متيقظين.
قد تقول: وما حاجتي إلى صلوات القديسين مادمتُ أنا نفسي متيقظًا؟
إن كنا نفكر تفكيرًا صادقًا ندرك أننا في حاجة إليها على الدوام، فبولس لم يقل: ما حاجتي إلى صلوات (الآخرين) مع أن الذين كانوا يصلون عنه كانوا غير مستحقين للصلاة عنه، ولا هم على قدم المساواة معه، وأنت تقول: ما حاجتي إلى الصلاة؟...
إنك محتاج بالأكثر إلى الصلوات بسبب شعورك بعدم احتياجك إليها. نعم فإنك وإن صرت كبولس، فأنت محتاج إليها. لا تستكبر لئلا تسقط.
أتريد أن تعرف فائدة الصلوات؟...
اسمع يعقوب وهو يقول للابان: "لولا أن إله أبي كان معي، لكنتَ الآن صرتُ فارغًا" (تك 31: 42).
اسمع أيضًا ما يقوله الله: "أُحامي عن هذه المدينة لأخلصها، من أجل داود عبدي" (2 مل 19: 34). متى قال هذا؟ في أيام حزقيا الذي كان بارًا. فلو أن الصلوات تفيد الأشرار المتمسكين بشرهم فلماذا لم يقل هذا في أيام نبوخذناصر بل أسلم المدينة؟ لأن الشر قد غلب بالأكثر. أيضًا صموئيل نفسه صلَّى عن الإسرائيليين وانتصر. ولكن، متى؟ عندما سرّوا هم أيضًا الله، عندئذ حاربوا الأعداء. تقولون: وما هي الحاجة إلى صلاة الغير إن كنتُ أنا نفسي أُسرّ الله؟ لا تقل هذا يا إنسان. نعم توجد حاجة وحاجة إلى صلاة أكثر. اسمعوا الله يقول عن أصدقاء أيوب: "عبدي أيوب يصلي من أجلكم، فتُغفَر خطاياكم" (راجع أي 8:42). حقًا لقد أخطأوا، لكن ليست خطية عظيمة. لكن هذا البار الذي أنقذ أصدقاءه بالصلاة، في الوقت الذي فيه لم يكن اليهود قادرين على إنقاذ الهالكين. لقد تعلَّموا هذا؛ اسمعوا الله يقول بالنبي: "إن وقف نوح ودانيال وأيوب، إنهم لا يخلصون بنيهم وبناتهم" (راجع حز 14:14، 16). فقد انتصر الشر. مرة أخرى: "وإن وقف موسى وصموئيل..." (إر 1:15). انظروا قيل هذا عن النبيين، لأن كليهما صليا عنهم، ولم ينتصرا... يليق بنا أن نطلب منهم الصلاة، رافعين أياديهم من أجلنا، وفي نفس الوقت نلتصق نحن بالفضيلة[8].
v ها أنتم ترون أنه بينما يُعرف لنا فإنه من الجانب الآخر يُعرف لأعدائنا، مظهرًا لهم قدرته. أيام حزقيا تذكروا الوحوش الذين هاجموه بأعدادٍ غفيرةٍ، وبعد أن حاصروا كل شيءٍ كما في شبكة رحلوا تاركين خلفهم أغلبهم جثثًا ميتة[9].
v صلاح الله هائل، وغالبًا ما يجد طريقه ليهب خلاص الأغلبية من أجل قلة من الأبرار. ولماذا أقول من أجل قلة من الأبرار؟ غالبًا إن لم يُوجد بار في الحياة الحاضرة يتحنَّن على الأحياء من أجل فضائل الراحلين، ويصرخ عاليًا: "وأُحامي عن هذه المدينة لأخلصها من أجل نفسي، ومن أجل داود عبدي" (2 مل 9: 34). حتى إن كانوا ليسوا أهلاً للخلاص فهو يخلصهم[10].
v ليتنا نهتم بجنازات الراقدين، فإنها نافعة لنا ولهم لمجد الله. لنُقدِّم صدقات كثيرة لأجلهم، فنرسل معهم أفضل معونة للطريق. فإن كان مجرد ذكرى الناس الفاضلين، مع أنهم موتى، تسند الأحياء (إذ يُقال: "أحامي عن هذه المدينة لأخلصها، لأجل نفسي، ومن أجل داود عبدي" (2 مل 19: 34)، بالأكثر كل الصدقات لها فاعليتها هكذا. فإنها أقامت حتى الميت، عندما وقفت الأرامل حولها يُظهرن ما فعلته طابيثا Dorcas عندما كانت معهن (أع 9: 39). لذلك عندما يكون شخص على باب الموت، فليعد له صديق الميت الجنازة، ويحثُّوا الراحل أن يترك شيئًا للمحتاجين. هذه الثياب معه فليرسلها معه إلى القبر، جاعلاً المسيح وارثًا له... عندما يجعل المسيح وارثًا له مع أطفاله، فلتتأملوا العمل الصالح الذي يسحبه إليه، وإلى بنيه، هذه هي أفضل أنواع الجنازات. هذه تفيد الأحياء والراحلين. إن كنا هكذا نُدفن فسنصير ممجدين في القيامة[11].
v من أجل داود غُفرتْ خطايا ذريته، ومن أجل يسوع غُفرتْ خطايا الأمم[12].
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ،
وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا.
وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا،
إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيِّتَةٌ. [35]
في نفس اليوم الذي بلغت فيه رسالة ربشاقى إلى حزقيا بالليل، تم قتْل هذا العدد الكبير من الجيش بواسطة ملاك واحدٍ.
كان الأشوريون مطمئنين وفي أمان، وإذا بالرعب يحلّ عليهم، ويَهلك منهم مئة وخمس وثمانون ألف جنديًا (2 مل 19: 35).
تَصوَّر القديس مار يعقوب السروجي أن القديسة مريم التي سبق فالتقت برئيس الملائكة جبرائيل يوم أرسله الآب ليبشرها بتجسد الكلمة الإلهي في أحشائها (لو 1: 26-39)، عرفت أنه سبق فبشَّر دانيال النبي ببعض الأحداث التي تتحقق على يدي ابنها الحبيب. لم يكن ممكنًا لفرحته وبهجته وملامحه أن تزول من أمام عينيها. لقد سمعت أيضًا عن خدمات رئيس الملائكة ميخائيل رئيس جند الرب، الذي أنقذ الشعب بقتل 185 ألفًا في ليلةٍ واحدةٍ (2 مل 19 : 35). لكن ما أدهشها أن جميع الطغمات السماوية وقفت في دهشة في لحظات المحاكمة والصلب، دون أن يتحرَّك أحد منهم للشهادة له والدفاع عنه!
يرى البعض ما يقصده بملاك الرب كلمة الله قبل التجسد، وقد تحقق ذلك في ذات الليلة التي تلت حديث النبي إشعياء مع حزقيا (2 مل 19: 35).
لقد هُزِمَ سنحاريب في هذه المرة مع أنه سبق أن حاصر حزقيا وأذله، فقد جاء في إحدى الحفريات التي وجدت في خرائب نينوى[13] كلمات على لسان سنحاريب أنه هاجم حزقيا وأخذ 46 حصنًا ومدنًا صغيرة كما سَبَى 150 ,200 شخصًا من الكبار والصغار، من الذكور والإناث، وعدد كبير من الحيوانات؛ كما أغلق على حزقيا في أورشليم كعصفورٍ في قفص، ووضع سدودًا أمام مدينته وفرض عليه جزية مضاعفة الخ.
يُعلِّق البعض على أنه في الغروب كان جيش أشور محاصرًا أورشليم وأثناء الليل ضرب ملاك الرب الجند، وفي الصباح اكتشفوا الجثث الميتة، قائلين إنها نبوة عن عمل ربنا الخلاصي حين صُلب، إذ مات في الغروب، وقام في فجر الأحد. في الغروب حلَّ البكاء حيث أعلن الرب بصليبه مرارة الخطية التي حملها عنا، وفي الصباح قام من الأموات ليهبنا برَّه المُفرِح وحياته المقامة.
في الغروب هدَّد ربشاقى حزقيا أنه سيُدمِّر أورشليم. "وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مئة ألف وخمسة وثمانين ألفًا؛ ولما بكَّروا صباحًا إذ هم جميعًا جثث ميتة" (2 مل 19: 35). في المساء كان الشعب يبكي، وفي الصباح فرحوا بخلاص الله.
يقول أنثيموس أسقف أورشليم: [إن ربنا يسوع المسيح هو ابن البرّ الذي رفضه اليهود، فصاروا كمن هم في المساء محرومون من النور الإلهي والفرح، أما المسيحيون فيؤمنون بالمسيح، صاروا كمن في الصباح مملوئين بالفرح.]
v "بالعشاء ينصب البكاء خيمته" حلَّ هذا المساء evening عندما انطفأ نور الحكمة في الإنسان الخاطي، وسقط تحت حكم الموت؛ منذ ذلك المساء المحتوم، التزَم شعب الله بسكب الدموع وسط التعب والتجارب، مترقبًا حلول نهار الرب. يليق بالإنسان أن ينتظر حتى الصباح ليشهد لفرح قيامته التي انبعث نورها في باكورتها الأولى عندما قام ربنا عند شق الفجر.
v بالنسبة لربنا كان العشاء هو وقت دفنه، وشاهد صباح اليوم الثالث قيامته. أنتم أيضًا قد دُفنتم في العشاء في الفردوس، وفي اليوم الثالث أيضًا قُمتم. كيف تم ذلك في اليوم الثالث؟ نلخص الزمان كله هكذا:
كان هناك يوم واحد قبل الناموس؛
ثم جاء يوم ثانٍ تحت الناموس،
فيوم ثالث تحت النعمة. ذاك اليوم الذي عينه أظهره رأسنا نفسه خلال الثلاثة أيام، يجب إعادة تطبيقه أيضًا بالنسبة لكم...
الصباح هو زمن الرجاء والفرح؛ أما الوقت الحاضر فهو زمن الاحتمال والمحن.
v بالبكاء همست مريم بأصوات الألم، وهي تتحدث مع الجموع السماوية.
هلم يا جبرائيل وشاهد ربك يُسخَر منه، ويدق الأثمة المسامير في يديه.
وأنت يا ميخائيل يا رجل النار، لماذا تسكت؟ أين سيفك الذي دمَّر آلاف الأشوريين؟ (2 مل 19: 35)... لماذا بَرَدَ رمح نارك من الصالبين؟
إن كان التلاميذ هربوا من المُعَلِّم، وظل وحده، لماذا تركتموه أيها القوات النارية؟
إن كان الترابيون قد خافوا من الموت وهربوا منه، لماذا أيها اللامائتان ساكتان؟
اثنان منكم أهينا في أرض سدوم، فأضرمتما فيها بحر النار من أجنحتكما (تك 19).
إهانتكما لم تتأخر وثأرتما لهما، ألا تنتقما من الجسورين بسبب إهانة ربكما؟...
الملك مُهان وتقف الأجواق ساكتة، رب النار مُعلَّق على الخشبة، والنار هادئة.
هوذا الترابيون يقبضون على الابن، والمراتب صامتة والملائكة ساكتون، ولسان الغبار منطلق.
المراتب مغطاة وهم يبصقون في وجهه، والطغمات مرتجفة، وربهم الخفي مُحصَى بين الأثمة[14].
ربما يشير الصباح إلى تدخُّل ملاك الله ضد سنحاريب (2 مل 19: 35)، وربما إلى القيامة، عندما يتحدث المرتل عن الاستيقاظ في حضرة الرب (مز 3: 5؛ 17: 15).
التبكير في الصلاة هو السعي الدؤوب الجاد لطلب الله، قبل أن نسأل الآخرين المساعدة؛ الإنسان الذي يُقدِّم باكورة أفكار اليقظة لله لا يُحجم عن أن يكرِّس له بقية ساعات النهار الأخرى.
v تُتلَى الصلوات باكرًا في الصباح لكي تُكرَّس للرب كل الحركات الأولى التي للنفس والعقل، فلا يكون لنا أدنى اهتمام آخر خلاف تهليلنا وفرحنا وشبع قلوبنا بالتفكير في الله، كما هو مكتوب: "تذكرتُ الرب فابتهجتُ" (مز 77: 4 الترجمة السبعينية)، ولكي لا يتثقل الجسد بأي عمل آخر قبل إتمام الكلمات: "لأني إليك أصلي يا رب، بالغداة (في الصباح) استمع صوتي، بالغداة أقف أمامك وتراني"[15].
نُصرَتنا أكيدة مادمنا في شركة مع رب القوات، الذي يحل فينا بروحه القدوس. يأمر الكواكب، فتحارب في المعركة؛ ويُرسل فرقًا من الملائكة أينما أراد، بينما أهلك ملاك واحد في ليلة واحدة 185.000 جنديًا (2 مل 19: 35). إنه رب القوات الذي تخضع له كل الطبيعة، يأمرها فتطيعه.
v هجوم الأشوريين قد خاب، وقدرة سنحاريب تحطَّمتْ تمامًا، بدموع حزقيا ومسوحه، وبتواضعه مع صومه[16].
v الصلاة أحيانا تحيي الأموات، وفي أحيانٍ أخرى تؤدي إلى موت الأحياء، مثلما حدث مع القديس بطرس الذي أعاد طابيثا إلى الحياة بالصلاة (أع 9: 40). ولكن سببت صلاته موت حنانيا وسفيره (أع 5: 3-10). أليشع الرجل الروحاني أعاد أبن المرأة الشونمية إلى الحياة (2 مل 4: 32-36) ولكن بلعنته خرجت دبتان وافترست الأطفال الذين سخروا منه (2 مل 2: 23-24)، وقصة حزقيا كانت أيضا مثيرة للدهشة وبصلاته أضاف الرب إلى أيامه كملكٍ (إش 38: 1-5)، ولكنه أهلك جيش الأشوريين بقوة الروح (2 مل 19: 35)[17].
يذكر القديس لوقا إبراء أُذُن ذلك العبد التي قطعها بطرس: "وضرب واحدٌ منهم عبد رئيس الكهنة، فقطع أذنه اليمنى. فقال يسوع: "دعوا إليّ هذا!" ولمس أذنه وأبرأها" (لو22: 50-51). ويضيف القديس متى: "فقال له يسوع: "رد سيفك إلى مكانه. لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون! أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي، فيُقدِّم لي أكثر من اثني عشر جيشًا من الملائكة؟" (مت 26: 52-53)
وهنا لنا تعليقان: الأول هو أنَّه لو أراد الله إنقاذ المسيح من الموت، سواء عن طريق الصليب أو عن طريق أية وسيلة إعدام أخرى، كما يقول هو له المجد، لكان الله قد قدَّم له "أكْثر من اثْنيْ عشر جيْشًا من الْملائكة"! وإذا كانت الكتيبة الرومانية في ذلك الوقت تتكون من 6000 جندي وضابط، فكم وكم يكون عدد الجيش الكامل؟! وإذا كان ملاك واحدٌ قد أهلك من جيش الأشوريين مئة ألف وخمسة وثمانين ألفا في ليلة واحدة (2 مل 19: 35)، فماذا يفعل "أكْثر من اثْنيْ عشر جيْشًا من الْملائكة" (مت26: 52-53) مع الذين جاءوا للقبض عليه لو أراد الله إنقاذه من أيديهم؟!
يتساءل القديس يوحنا الذهبي الفم بأنه إن كان ملاك واحد قتل 185 ألفا في ليلة واحدة، فلماذا قال لتلاميذه إنه إن أراد يطلب من الآب، فيرسل اثني عشر جيشَا من الملائكة. قال هذا بسبب ما بلغه تلاميذه من رعب، فقد ماتوا من الخوف[18].
v لم يكن ملاك الرب الحقيقي المُرسل إلى الأشوريين في حاجة إلى هياج ولا إلى ألاعيب خارجية ولا إلى إزعاج ولا إلى مظاهر رائعة، وإنما في هدوءٍ استخدم سلطانه، فأهلك مئة ألف وخمسة وثمانين ألفًا. أما الشياطين، فكمن ليس لهم سلطان، يحاولون أن يرعبوا على الأقل بألاعيبهم[19].
36 فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى. 37 وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلهِهِ، ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرَآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ آسَرْحَدُّونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ،
وَذَهَبَ رَاجِعًا، وَأَقَامَ فِي نِينَوَى. [36]
حاصر الأشوريون أورشليم، ولكنهم التزموا برفع الحصار بطريقة معجزية من قبل الله، إذ قيل: "وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مئة ألف وخمسة وثمانين ألفًا، ولما بكَّروا صباحًا إذ هم جميعًا جثث ميتة، فانصرف سنحاريب ملك أشور، وذهب راجعًا، وأقام في نينوى" (2 مل 19: 35-36). ما حدث هنا يحدث بصورةٍ أو أخرى، علانية أو خفية، في حياة الكنيسة في كل جيلٍ، كما في حياة أولاد الله كأعضاء في كنيسته. انصرف سنحاريب دون قتال مع يهوذا، إنما أُرسل ملاك واحد من عند الرب، فضرب في ليلةٍ واحدةٍ مئة ألفٍ وخمسة وثمانين ألفًا من جيش أشور.
وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلَهِهِ،
ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرَآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ،
وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ.
مَلَكَ أَسَرْحَدُّونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [37]
نسروخ هو الإله التقليدي لمنطقة مسبوتاميا (المصيصة أو مابين النهرين)، وُجد في آثار أشورية، له رأس نسر، وجسم إنسان كما له جناحان.
ما حدث هنا تم بعد عشرين عامًا من خلاص أورشليم، عندما أُغتيل والده، وجلس على العرش آسرحدون بن سنحاريب ملك 681-668 ق. م.
يرى البعض أن سفر يهوديت يروي الأحداث التي دارت بعد هزيمة سنحاريب ملك أشور في أيام حزقيا ملك يهوذا (2 مل 19: 35-37؛ 2 أي 32) حيث عاد منهزمًا إلى نينوى، فقتله ابناه، وخلفه في الحكم ابنه آسرحدون الذي أغار على بلادٍ كثيرةٍ منها بلاد مادي انتقامًا من أرفكشاد ملكهم الذي كان اليهود يحبونه.
v عيَّرك سنحاريب وقائده ربشاقى !
ظنا أنك مثل سائر آلهة الأمم، عاجز عن أن تُخلِّص!
أقمتَ أشور للتأديب، فظن أنه أعظم منك !
أرسلت ملاكك، فأهلك في ليلةٍ مئة وخمس وثمانين ألف جندي!
v أنت أقوى من كل قوة.
أنت حصني وخلاصي، فممن أخاف؟!
اليوم يوم بشارة بالنصرة الأبدية !
v إلى متى يحاصرني العدو،
ويُفقدني حرية مجد أولاد الله؟!
إلى متى يظنك كأحد آلهة الأمم الباطلة؟!
إلى متى يسخر بك ويذلني؟!
إلى متى أموت جوعَا في الحصار؟!
لأقترب إليك، فتقترب إليّ.
أنت شبعي، أنت كنزي، أنت نُصرتي !
لأفرح وأتهلل بخلاصي بك !
لأركض وأكرز بك، فينعم الكل معي.
أصرخ: اليوم يوم بشارة !
كيف أتراخى، وقد اهتز كل كياني.
كيف أصمت، وقد تحوَّلت حياتي إلى عيدٍ لا ينقطع !
لتملأ فمي بمواعيدك الإلهية، فأُبشِّر بها.
_____
[1] Paulinus of Nola: Poems 26:166-95.
[2] On Ps. 86 (85).
[3] In Acts, hom. 16.
[4] St. Jerome: Letters, 7:3.
[5] On Psalms, homily 9.
[6] In 2 Thes., hom 5.
[7] In Mat., hom 1: 7, 8.
[8] In 1 Thes., hom 1.
[9] On Ps: 48.
[10] Homilies on Genesis, 42: 23-24.
[11] Homilies on St. John Homily 85:6.
[12] Demonstration 21:13.
[13] Bultema, p. 344/5.
[14] راجع الميمر 177 على الكاروب واللص (راجع نص بول بيجان والدكتور بهنام سوني).
[15] The Long Rules, Q. 37.
[16] Against Jovinianus Book 2:15.
[17] Book of Perfection, 14.
[18] St. John Chrysostom: Hom. On Matthew, hom.84:1.
[19] Vita Antonii 28.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الثاني 20 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير ملوك الثاني 18 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qb9nr9g