← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30
اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ
يُقدِّم لنا هذا الأصحاح المرحلة الأخيرة من السبي الكامل ليهوذا بواسطة بابل.
إذ حنث صدقيا الملك بقسمه ولم يفِ بتعهده أمام ملك بابل، حاصر الأخير أورشليم لمدة سنة وخمسة أشهر و29 يومًا (إر 37: 5، 11). انهارت المدينة بسبب المجاعة التي حلَّتْ بها، وهرب صدقيا مع رجال الحرب ليلاً، لكنهم تخلُّوا عن الملك وتفرَّقوا عنه، واستطاع جيش بابل اقتفاء أثره، ووضع أياديهم عليهم، وتسليمه لنبوخذناصر في رَبْلَة ليُحاكَم كمتمرِّدٍ.
أُلقي القبض أيضًا على كبار رجال القصر الملكي والقادة الذين حُسِبوا قادة التمرُّد، وقُتلوا في رَبْلَة.
نُهِبَ الهيكل وخُرِّب، وعُيِّن جدليا صديق إرميا النبي حاكمًا ليهوذا. اُغتيل جدليا واضطر الشعب أن ينزل إلى مصر.
وفي السنة السابعة والثلاثين من سبي يهوياكين رفعه أويل مردوخ ملك بابل عندما صار ملكًا وأكرم معاملته.
|
1-2. |
|
|
3-5. |
|
|
6-7. |
|
|
8-9. |
|
|
10-17. |
|
|
18-21. |
|
|
22-24. |
|
|
25-26. |
|
|
27-30. |
1 وَفِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِمُلْكِهِ، فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ، جَاءَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ هُوَ وَكُلُّ جَيْشِهِ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَنَزَلَ عَلَيْهَا، وَبَنَوْا عَلَيْهَا أَبْرَاجًا حَوْلَهَا. 2 وَدَخَلَتِ الْمَدِينَةُ تَحْتَ الْحِصَارِ إِلَى السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ صِدْقِيَّا.
وَفِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِمُلْكِهِ فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ،
جَاءَ نبوخذناصَّر مَلِكُ بَابِلَ هُوَ وَكُلُّ جَيْشِهِ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَنَزَلَ عَلَيْهَا،
وَبَنُوا عَلَيْهَا أَبْرَاجًا حَوْلَهَا. [1]
في السنة التاسعة لصدقيا ملك يهوذا تمرَّد على بابل، غالبًا ما حاول عقد تحالف مع مصر وصور وصيدا وموآب ضد بابل.
حدَّد الرب لحزقيال النبي السنة التاسعة من حُكْمِ صدقيا في الشهر العاشر في اليوم العاشر كيوم اقتراب نبوخذناصَّر من أورشليم. لقد طلب الرب منه أن يُدوِّن هذا التاريخ في مذكراته، وقد جاء مطابقًا لتاريخ حصار أورشليم النهائي (2 مل 25: 1)، وكأن الرب أراد إعلان أن ما يحدث ليس وليد المصادفة، ولا هو خطة بشرية، لكنها أحداث تتم بسماح إلهي بخطة مرتبة في توقيتٍ دقيقٍ.
كما سبق أن غزا الأشوريون إسرائيل على ثلاث دفعات هكذا سمح الله ليهوذا أن يُسبوا على ثلاث دفعات (2 مل 1:24؛ 10،1:25) معطيًا للقيادات والشعب الفرص المتكررة للتوبة.
نستنتج مما ورد في إر 28: 1-11 أن اليهود في أورشليم توقعوا رجوع الملك يهوياكين وآنية بيت الرب من بابل عن قريب؛ ومن إر 29: 25-28 أنه كان للمسبيين في بابل نفس الرجاء، وأرسل الملك صدقيا رسالة إلى ملك بابل (إر 29: 3)، وذهب هو أيضًا إلى بابل (إر 51: 59)، لكن نبوخذناصَّر لم يسمع لهم، ورجع صدقيا خائبًا، وكلم ملوك صور وصيدا وموآب وبني عمون وأدوم ليتحدوا معًا على ملك بابل (إر 27: 3)، وأرسل رسلاً إلى مصر أيضًا ليعطوه خيلاً وشعبًا كثيرين (حز 17: 15). وعصت مدينة صور على ملك بابل، إذ كان منهمكًا في أمورٍ في الشرق، فتشدَّد صدقيا وتمرَّد على بابل علانية.
كل جيشه: (إر 1:34) يوضح أن كل ممالك الأرض التي خضعت لسلطان نبوخذناصَّر وشعوبها كانوا يحاربون أورشليم بكونهم جيشًا لبابل.
على أورشليم: كانت الحرب في البداية على مدن يهوذا، فسقطت جميعها ماعدا لخيش وعزيقة، وهما مدينتان حصينتان على طريق مصر (إر 34: 7). اغتنم المصريون الفرصة عندما رأوا جيش بابل منقسمًا، فخرج جيش فرعون من مصر. وإذ سمع الكلدانيون المحاصرون لأورشليم ذلك صعدوا عن أورشليم (إر 37: 7) واتحدوا مع جيوشهم المحاصرة لخيش وعزيقة، فخاف المصريون ورجعوا إلى بلادهم (حز 17: 17)، وعاد نبوخذناصَّر إلى محاربة أورشليم.
أبراجًا: أقاموا متاريس، أي أكوام تراب قبالة السور (2 صم 20: 15) ثم بنوا أبراجًا على هذه المتاريس، ورموا من الأبراج والمتاريس بالسهام والرماح على المُحاصَرين، وبحجارة المنجنيق على الأسوار. كان كل شعب أورشليم وجيشها مُحاصَرين في الداخل.
وَدَخَلَتِ الْمَدِينَةُ تَحْتَ الْحِصَارِ،
إِلَى السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ صِدْقِيَّا. [2]
3 فِي تَاسِعِ الشَّهْرِ اشْتَدَّ الْجُوعُ فِي الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ خُبْزٌ لِشَعْبِ الأَرْضِ. 4 فَثُغِرَتِ الْمَدِينَةُ، وَهَرَبَ جَمِيعُ رِجَالِ الْقِتَالِ لَيْلًا مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ بَيْنَ السُّورَيْنِ اللَّذَيْنِ نَحْوَ جَنَّةِ الْمَلِكِ. وَكَانَ الْكِلْدَانِيُّونَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مُسْتَدِيرِينَ. فَذَهَبُوا فِي طَرِيقِ الْبَرِّيَّةِ. 5 فَتَبِعَتْ جُيُوشُ الْكِلْدَانِيِّينَ الْمَلِكَ فَأَدْرَكُوهُ فِي بَرِّيَّةِ أَرِيحَا، وَتَفَرَّقَتْ جَمِيعُ جُيُوشِهِ عَنْهُ.
فِي تَاسِعِ الشَّهْرِ اشْتَدَّ الْجُوعُ فِي الْمَدِينَةِ،
وَلَمْ يَكُنْ خُبْزٌ لِشَعْبِ الأَرْضِ. [3]
في الشهر الرابع (إر 52: 6) اشتد الجوع، وكان شرفاؤهم يفتشون المزابل، لعلهم يجدون شيئًا من الطعام فيها، وأكلت النساء أطفالهن، ومات ثلثهم بالوباء والجوع وسقط الثلث بالسيف، واقتيد الثلث للسبي (حز 5: 12).
وَهَرَبَ جَمِيعُ رِجَالِ الْقِتَالِ لَيْلاً،
مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ بَيْنَ السُّورَيْنِ اللَّذَيْنِ نَحْوَ جَنَّةِ الْمَلِكِ.
وَكَانَ الْكِلْدَانِيُّونَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مُسْتَدِيرِينَ.
فَذَهَبُوا فِي طَرِيقِ الْبَرِّيَّةِ. [4]
يعتقد البعض أنه حديقة سليمان في إيثام على بعد حوالي 6 أميال جنوب أورشليم، تُعرَف بحدائقها الجميلة (2 مل 25 :4؛ جا 2 :5-9؛ إر 4:39؛ 7:52).
انشغل الملك والنبلاء والقادة الدينيون بالغِنَى والسلطة، وظنوا أنهم في أمان داخل أسوار أورشليم الحصينة، ولم يدركوا أنها ستُحاصَر وتُدمَّر، ويعجز قاضيها أو ملكها (صدقيا) عن حمايتها. كان صدقيا - آخر ملك من نسل داود - يجلس على كرسي أورشليم حين استولى نبوخذناصَّر عليها (2 مل 25: 1).
فَتَبِعَتْ جُيُوشُ الْكِلْدَانِيِّينَ الْمَلِكَ،
فَأَدْرَكُوهُ فِي بَرِّيَّةِ أَرِيحَا،
وَتَفَرَّقَتْ جَمِيعُ جُيُوشِهِ عَنْهُ. [5]
واضح أن الملك صدقيا هرب من الجانب الجنوب الشرقي للمدينة، متّجهًا نحو أريحا خلال البرية. ربما كان قصد صدقيا أن يعبر الأردن ويلتجئ إلى موآب. هرب ليلاً دون أن يراه الكلدانيون، ولما عرفوا تبعوه، ونفَّذوا فيه ما ورد في نبوتين: الأولى في (إر 32: 4-5)، أنه يُسَلَّم ليد ملك بابل. والثانية في (حز 12: 13)، أنه يؤتى به إلى بابل أرض الكلدانيين، ولكنه لا يراها وهناك يموت.
6 فَأَخَذُوا الْمَلِكَ وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَلِكِ بَابِلَ إِلَى رَبْلَةَ وَكَلَّمُوهُ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ. 7 وَقَتَلُوا بَنِي صِدْقِيَّا أَمَامَ عَيْنَيْهِ، وَقَلَعُوا عَيْنَيْ صِدْقِيَّا وَقَيَّدُوهُ بِسِلْسِلَتَيْنِ مِنْ نُحَاسٍ، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى بَابِلَ.
فَأَخَذُوا الْمَلِكَ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَلِكِ بَابِلَ إِلَى رَبْلَة،
وَكَلَّمُوهُ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ. [6]
بعد القبض عليه أُرسل صدقيا إلى رَبْلَة على نهر الـOrontes في سوريا، التي كانت المقر الرسمي لحملة نبوخذناصَّر للغرب. كانت رَبْلَة مركزًا حربيًا لملك بابل، لأنه كان في نفس الوقت يحاصر أورشليم ومدينة صور، فكان تارة يذهب إلى صور، وأخرى إلى أورشليم، ويتردد إلى رَبْلَة التي تتوسط الاثنين، فاتخذها مركزًا له.
وَقَتَلُوا بَنِي صِدْقِيَّا أَمَامَ عَيْنَيْهِ،
وَقَلَعُوا عَيْنَيْ صِدْقِيَّا،
وَقَيَّدُوهُ بِسِلْسِلَتَيْنِ مِنْ نُحَاسٍ،
وَجَاءُوا بِهِ إِلَى بَابِلَ. [7]
سُجّلت لنا عقوبته هنا، أما موته فسُجِّل في (حز 12: 12) إلخ.
سجَّلتْ الوثائق القديمة للشرق الأوسط آخر ما رآه صدقيا وهو جزاء غباوته الشريرة: قُتِلَ ابناه المحبوبان لديه بطريقة مرعبة، بقيت هذه الصورة تلازمه حتى موته وهو سجين في بابل (إر 52: 11).
قيَّدوه بسلسلتين، واحدة في يديه، والأخرى في رجليه. والعجيب أن أحدًا من الملوك الأربعة لم يتعظ مما حدث مع سلفه، واستمروا في شرورهم، بل أكمل صدقيا مكيال الإثم حين نقض القَسم الذي حلفه لنبوخذناصَّر. ونلاحظ أن الخطية تفسد حكمة الأشرار، فقرار تمرُّد صدقيا على ملك بابل بعدما حدث ليهوياقيم هو قرار لا يوصف سوى بالغباء. أظهر له ملك بابل بعض الرحمة إذ لم يقتله، بل جعله في السجن إلى يوم موته (إر 34: 5).
لقد سبق أن قدَّم له إرميا النصيحة التالية:
"وكلمت صدقيا ملك يهوذا بكل هذا الكلام قائلاً: ادخلوا أعناقكم تحت نير ملك بابل واخدموه وشعبه واحيوا.
لماذا تموتون: أنت وشعبك بالسيف بالجوع والوبأ، كما تكلم الرب عن الأمة التي لا تخدم ملك بابل؟!
فلا تسمعوا لكلام الأنبياء الذين يكلمونكم، قائلين: لا تخدموا ملك بابل، لأنهم إنما يتنبأون لكم بالكذب.
لأني لم أرسلهم يقول الرب، بل هم يتنبأون باسمي بالكذب، لكي أطردكم، فتهلكوا أنتم والأنبياء الذي يتنبأون لكم" (إر 27: 12-15).
كرَّر إرميا النبي ما قاله لرسل الملوك لصدقيا الملك، حتى بدا كمن هو عميل لبابل وخائن لبلده.
كان من الصعب على أي يهودي خاصة الملك أن يسمع تلك الكلمات: "ادخلوا أعناقكم تحت نير ملك بابل"، فقد عرفوا أن الله إلههم هو المُحَرِّر من نير العبودية، إذ سبق فوعد: "أن الرب إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر من كونكم لهم عبيدًا، وقطع قيود نيركم وسيركم قيامًا" (لا 26: 13)، فكيف يطلب منهم أن ينحنوا ليُدخلوا أعناقهم تحت نير ملك وثني؟! إنها علامة غضب الله! كانت إحدى اللعنات التي يسقط تحتها الشعب في عصيانه للوصية هي: "تُستعبَد لأعدائك الذين يُرسلهم الرب عليك... فيجعل نير حديد على عنقك حتى يهلكك، يجلب الرب عليك أُمَّة من بعيد من أقصاء الأرض كما يطير النسر، أُمَّة لا تفهم لسانها..." (تث 28: 48 الخ).
لم يسمع صدقيا له، بل سجنه، لا نعرف المدة التي قضاها إرميا في السجن. وكان مصير الملك السبي (587 ق.م) بعد أن قُتل ابناه أمام عينيه، وفُقأت عيناه (2 مل 25: 1-7).
يُقَدِّم لنا إرميا النبي سبع نبوات نطق بها في أورشليم، أعلنها في مواضع كثيرة (إر 21: 3-7؛ 24: 8-10؛ 25: 8-29)، وقد تحققت حرفيًا كما جاء في (2 مل 25؛ 2 أي 36):
أ. يدفع الله مدينة أورشليم ليد ملك بابل، فيأخذها (إر 32: 4).
ب. لا يفلت صدقيا ملك يهوذا من يد الكلدانيين (إر 32: 4).
ج. بالتأكيد يُدفَع صدقيا ملك يهوذا ليد ملك بابل (إر 32: 4).
د. سيتكلم صدقيا ملك يهوذا مع ملك بابل فمًا لفمٍ، وعيناه تريان عينيه (إر 32: 4).
هـ. يسير بصدقيا إلى بابل (إر 32: 5).
تنبأ حزقيال النبي عن صدقيا أنه لا يرى بابل (حز 12: 13). بالفعل حُمِلَ الملك إلى بابل، لكن إذ فقأوا عينيه في رَبْلَة (2 مل 25: 4-7، إر 52: 8، 11) لم يرها.
وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:
[يُعلِنُ أحد الأنبياء: "لا يرى بابل" (حز 12: 13) وآخر يقول: "يسير به إلى بابل" [5] وتبدو النبوة كأنها متناقضة. ولكن الأمر غير ذلك، إذ كلاهما حق، فإنه لا يرى بابل وإن كان يُحمَل إليها... لأنه في اليهودية تُفقأ عيناه، لأنه حيث حنث بالقسم هناك يثبت ذلك عليه وينال العقوبة.
كيف يُحمَل إلى بابل؟ مسبيًا!
فإن العقوبة مضاعفة: حرمان من البصر والسبي[1].]
[لقد خان العهد وحنث بالقسم ولو مع رجلٍ وثنيٍ، لهذا نال عقوبة مضاعفة: السبي مع العمى.
هذا هو ثمر خيانة العهد مع الناس، فكم بالأحرى مع الله؛ إنها تُفقد النفس حريتها والبصيرة الداخلية نورها، فيخضع الإنسان لعبودية داخلية وعمى داخلي.]
v ماذا تظن في نبوخذناصَّر؟ ألم تسمع عنه في الكتاب المقدس كيف كان متعطشًا لسفك الدماء، وحشًا كالأسد[2]؟!
ألم تسمع عنه أنه أخرج إلى النور عظام الملوك من قبورهم (إر 8: 1، با 2: 25)؟ ألم تسمع أنه حمل الشعب إلى السبي؟
ألم تسمع أنه فقأ عيني الملك بعدما أراه ابنيه يذبحان؟! (2 مل 25: 7).
ألم تسمع أنه كسر الشاروبيم إلى أجزاء؟! لست أقصد الشاروبيم غير المنظورين -هذا ما لا يخطر على الفكر قط يا إنسان- بل الصورتين المنحوتتين على غطاء التابوت الذي في وسطه يتكلم الله بصوته، كما داس تحت قدميه حجاب القدس، وأخذ مذبح البخور، وحمله إلى مذبح الأوثان؟! (2 أي 26: 7) أخذ كل التقدمات، وحرق الهيكل من أساساته!
أية عقوبة شديدة يستحقها هذا من أجل ذبحه الملوك، وحرقه القدس، وسبيه الناس، وحمله الأواني المقدسة إلى بيت الأوثان؟! أما يستحق الموت عشرات الألوف؟!
لقد رأيت تفاقم شروره! تعال لترى محبة الله الحانية! لقد تحوَّل إلى وحشٍ بريٍ، وتأدب بالسكنى في البرية لكي يخلص. لقد صارت له مخالب كالأسد، إذ كان زائرًا على القدس. أكل العشب كالثور، إذ كان بهيمي لا يعرف من الذي أعطاه المملكة. تبلل جسمه بالندى، لأنه رأى النار تنطفئ بالندى ولم يؤمن.
وماذا حدث؟ يقول: "بعد هذا أنا نبوخذناصَّر رفعت عيني إلى السماء... وباركت العلي، وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد" (دا 4: 34).
إذ عرف العلي نطق بالحمد لله، وتاب عن فعله. لقد عرف ضعفه، فأعاده الله إلى كرامة ملكه.
ماذا إذن؟ هل عندما اعترف نبوخذناصَّر الذي فعل كل هذه الأعمال ردَّه إلى الملك وغفر له، وأنت عندما تتوب ألا يهبك مغفرة الخطايا وملكوت السماوات، متى عشت في حياة بلا لوم؟!
الرب محب للبشر، مُسرِع إلى المغفرة، لكنه يظهر العقوبة (التأديب)! إذن ليته لا ييأس أحد من خلاصه![3]
8 وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ، فِي سَابِعِ الشَّهْرِ، وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ عَبْدُ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 9 وَأَحْرَقَ بَيْتَ الرَّبِّ وَبَيْتَ الْمَلِكِ، وَكُلَّ بُيُوتِ أُورُشَلِيمَ، وَكُلَّ بُيُوتِ الْعُظَمَاءِ أَحْرَقَهَا بِالنَّارِ.
وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ فِي سَابِعِ الشَّهْرِ،
وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ نبوخذناصَّر مَلِكِ بَابِلَ،
جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ عَبْدُ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، [8]
قال أنبا بيمين: "لو لم يأتِ نبوزرادان قائد حُرَّاس ملك بابل، لما كان قد حُرِقَ هيكل الرب (2 مل 25: 8-9)، وهذا معناه أنه لو لم تدخل إلى النفس مسرَّات شهوة البطن والتواني والجشع لما هُزِمَتْ الروح في حربها مع العدو".
وَأَحْرَقَ بَيْتَ الرَّبِّ وَبَيْتَ الْمَلِكِ.
وَكُلَّ بُيُوتِ أُورُشَلِيمَ وَكُلَّ بُيُوتِ الْعُظَمَاءِ أَحْرَقَهَا بِالنَّارِ. [9]
وَجَمِيعُ أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ مُسْتَدِيرًا هَدَمَهَا، كُلُّ جُيُوشِ الْكِلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ مَعَ رَئِيسِ الشُّرَطِ. [10]
إذ سقطت أورشليم في السبي، سُلِبَ هيكل الرب تمامًا، وجُرِّد من كل ما فيه. البيوت أُحرِقَتْ، وهُدِمَتْ أعمدة الهيكل.
أُحرِقَ بيت الرب بعد بنائه بحوالي 380 سنة، وتحققت النبوات: (إر 21: 10؛ 34: 2؛ 38: 18، 23؛ ومز 79).
v كان هذا العمل إعلانًا عن حرق البابليين للمدينة (2 مل 25: 9) على يد نبوزردان رئيس الشرطة وعبد نبوخذناصَّر ملك بابل. فإذ تركت المدينة المقدسة قداسة الحياة، استحقت الإبادة بأيدي الأعداء الأمميين.
تأتي النجاسة بعد إدمان الشراهة، في هذا يشهد النبي، رافضًا أن يخفي أمورًا ما عندما يتكلم عن حقائق ظاهرة قائلاً: "وجميع أسوار أورشليم مستديرًا هدمها كل جيوش الكلدانيين الذين مع رئيس الشرطِ" (2 مل 25: 10).
رئيس الشرط هو البطن التي نُجِّلها ونعطيها العناية الفائقة حتى تمتلئ بفرح بأطايب الطعام.
أما أسوار أورشليم، فهي فضائل النفس التي ترتفع إلى فوق، مشتهية السلام الروحاني السماوي. هكذا يهدم رئيس الشرط أسوار أورشليم، لأنه عندما تنتفخ البطن، وتستبد بها الشراهة، تتحطم كل فضائل النفس بالنجاسة[4].
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
10 وَجَمِيعُ أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ مُسْتَدِيرًا هَدَمَهَا كُلُّ جُيُوشِ الْكِلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ مَعَ رَئِيسِ الشُّرَطِ. 11 وَبَقِيَّةُ الشَّعْبِ الَّذِينَ بَقُوا فِي الْمَدِينَةِ، وَالْهَارِبُونَ الَّذِينَ هَرَبُوا إِلَى مَلِكِ بَابِلَ، وَبَقِيَّةُ الْجُمْهُورِ سَبَاهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ. 12 وَلكِنَّ رَئِيسَ الشُّرَطِ أَبْقَى مِنْ مَسَاكِينِ الأَرْضِ كَرَّامِينَ وَفَلاَّحِينَ. 13 وَأَعْمِدَةَ النُّحَاسِ الَّتِي فِي بَيْتِ الرَّبِّ وَالْقَوَاعِدَ وَبَحْرَ النُّحَاسِ الَّذِي فِي بَيْتِ الرَّبِّ كَسَّرَهَا الْكِلْدَانِيُّونَ، وَحَمَلُوا نُحَاسَهَا إِلَى بَابِلَ. 14 وَالْقُدُورَ وَالرُّفُوشَ وَالْمَقَاصَّ وَالصُّحُونَ وَجَمِيعَ آنِيَةِ النُّحَاسِ الَّتِي كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهَا، أَخَذُوهَا. 15 وَالْمَجَامِرَ وَالْمَنَاضِحَ. مَا كَانَ مِنْ ذَهَبٍ فَالذَّهَبُ، وَمَا كَانَ مِنْ فِضَّةٍ فَالْفِضَّةُ، أَخَذَهَا رَئِيسُ الشُّرَطِ. 16 وَالْعَمُودَانِ وَالْبَحْرُ الْوَاحِدُ وَالْقَوَاعِدُ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ لِبَيْتِ الرَّبِّ، لَمْ يَكُنْ وَزْنٌ لِنُحَاسِ كُلِّ هذِهِ الأَدَوَاتِ. 17 ثَمَانِي عَشَرَةَ ذِرَاعًا ارْتِفَاعُ الْعَمُودِ الْوَاحِدِ، وَعَلَيْهِ تَاجٌ مِنْ نُحَاسٍ، وَارْتِفَاعُ التَّاجِ ثَلاَثُ أَذْرُعٍ، وَالشَّبَكَةُ وَالرُّمَّانَاتُ الَّتِي عَلَى التَّاجِ مُسْتَدِيرَةً جَمِيعُهَا مِنْ نُحَاسٍ. وَكَانَ لِلْعَمُودِ الثَّانِي مِثْلُ هذِهِ عَلَى الشَّبَكَةِ.
دُمِّر سور أورشليم وبقي هكذا لقرنٍ ونصف (نح 2: 11-6: 16).
وَبَقِيَّةُ الشَّعْبِ الَّذِينَ بَقُوا فِي الْمَدِينَةِ
وَالْهَارِبُونَ الَّذِينَ هَرَبُوا إِلَى مَلِكِ بَابِلَ،
وَبَقِيَّةُ الْجُمْهُورِ سَبَاهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ. [11]
الهاربون الذين هربوا إلى ملك بابل، كانوا قد هربوا أثناء الحصار، ولجأوا إلى البابليين.
وَلَكِنَّ رَئِيسَ الشُّرَطِ أَبْقَى مِنْ مَسَاكِينِ الأَرْضِ كَرَّامِينَ وَفَلاَّحِينَ. [12]
كعادة البابليين، إذ كانوا يسبون شعبًا ما يتركون الفقراء والمساكين في الأرض ويحملون إلى بابل ذوي المواهب والقدرات للانتفاع بهم. في دراستنا لسفر دانيال[5] لاحظنا أن ملك بابل أقام معهدًا في قصره تحت إشراف أشفنز (دا 1: 3).
ربما كان هذا المعهد يضم أقسامًا كثيرة، من بينها قسم خاص بأبناء أشراف اليهود لتُقدَّم لهم دراسة تناسب ثقافتهم ولغتهم.
أما إقامة هذا المعهد لتخريج رجالٍ حكماء يعاونون الملك، فيكشف عن حكمة الملك واتساع أُفقه وجديته. أما عن اختياره بعض الفتيان من نسل ملوك اليهود وأشرافهم فكان ذلك لعدة أسباب منها: شعوره الدائم بالرجل الغالب الذي يحمل فتيان الملوك والإشراف لا ليذلهم ويعذبهم، بل لخدمة قصره وتدبير شئون الدولة. ومن جانب آخر، فإنه بهذا يدفع هؤلاء الفتيان بما لهم من مواهب على الخضوع له وعدم التفكير في الثورة ضده لحساب بلدهم. كما يُعطي هذا شيئًا من الراحة النفسية لعامة اليهود أنه يوجد في القصر من يُمثلهم.
اتسم هؤلاء الفتيان بالآتي:
* شرف النسب.
* جمال الجسد وقوته.
* حذاقة في الحكمة.
* أصحاب معرفة.
* القدرة على تقديم العلم للغير.
* القدرة على الوقوف في القصر، أي على تحويل الحكمة والمعرفة والفهم إلى عملٍ يمارسونه خلال حياتهم اليومية.
مع ما لديهم من شرف وصحة جسدية وحكمة ومعرفة وخبرة، أراد الملك أن يتمتعوا بالثقافة البابلية ولغتها لينتزعهم من انتمائهم لبني جنسهم ويربطهم ببلده.
في حكمة لم يُحَطِّم ما قد وُهبوا به ولا حقَّر من شأنهم، بل أراد تحويل طاقاتهم لحساب قصره الملوكي.
هؤلاء كان من بينهم من كانوا يقودون التسبيح في أورشليم. وقد طُلِبَ منهم أن يُرَنِّموا بإحدى تسابيحهم التي كانوا يُسَبِّحون بها في الهيكل بأورشليم. لم يكن ممكنًا لهم وهم محرومون من التمتُّع بالهيكل أن يُسَبِّحوا بفرحٍ وتهليلٍ في أرض السبي. يُسَجِّل لنا المُرَتِّل مشاعر الذين كانوا في السبي، قائلاً: "لأنّه هناك سألنا الّذِين سبونا كلام ترنِيمةٍ، ومعذِّبونا سألونا فرحًا: رنِّموا لنا مِن ترنِيماتِ صِهيون" (مز 137: 3).
v نقرأ أن الأعداء ما أن هاجموا المدينة العظيمة المقدسة، حيث كانت تمارس عبادة الله فيها، حتى جرُّوا سكانها والمغنيين والأنبياء (مثل حزقيال ودانيال) إلى بلدهم التي هي بابل.
يُروى عن هؤلاء الأسرى أنهم عندما اُحتجزوا في الأرض، رفضوا أن يرنموا بالتسبحة الإلهية عندما أمرهم المنتصرون عليهم، وأن يعزفوا في مدينة دنسة، وعلَّقوا قيثاراتهم على الصفصاف، وكانوا يبكون عند أنهار بابل.
إنهم مثل أشخاص يبدو لي إني أحدهم، إذ طُردتُ من مدينتي، ومن وطني المقدس، حيث فيها تعلَن النواميس المقدسة نهارًا وليلاً، ويُسمَع فيها التسابيح والأغاني والكلمات الروحية.
وفيها أيضًا يوجد نور الشمس على الدوام.
وفيها نصير في اتصال بأسرار الله برؤيا متيقظة في النهار؛ وفي الليل في الأحلام ننشغل بما تراه النفس، وما تتداوله في النهار. في اختصار، الإيحاء بالأمور الإلهية التي تسود على الدوام.
أقول إنني أُطرَد من هذه المدينة، وأصير مسبيًا في أرضٍ غريبةٍ، حيث لا تكون فيَّ قوة للتزمير، وذلك مثل هؤلاء القدامى، وأُعَلِّق آلة الموسيقى التي لي على الصفصاف، وتصير الأنهار في موضع رحلتي، فأعمل في الوحل، ولا يكون لي قلب لأغني بالتسابيح، حتى أتذكرها.
نعم، خلال انشغالي المستمر بأمورٍ أخرى أنساها، وأصير كمن فَسَدَتْ ذاكرته نفسها[6].
وَأَعْمِدَةَ النُّحَاسِ الَّتِي فِي بَيْتِ الرَّبِّ،
وَالْقَوَاعِدَ وَبَحْرَ النُّحَاسِ الَّذِي فِي بَيْتِ الرَّبِّ،
كَسَّرَهَا الْكِلْدَانِيُّونَ،
وَحَمَلُوا نُحَاسَهَا إِلَى بَابِلَ. [13]
سبق أن سلب الكلدانيون أورشليم مرتين قبل هذه المرة المذكورة هنا (دا 1: 2؛ 2 مل 24: 13)، وكان أكثر الآنية الباقية من النحاس. مع ضخامة أعمدة النحاس كسروها، فزال جمالها، لذلك يُسَجِّل الكاتب بحسرة مواصفات الأعمدة.
وَالْقُدُورَ وَالرُّفُوشَ وَالْمَقَاصَّ وَالصُّحُونَ وَجَمِيعَ آنِيَةِ النُّحَاسِ الَّتِي كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهَا أَخَذُوهَا [14]
وَالْمَجَامِرَ وَالْمَنَاضِحَ.
مَا كَانَ مِنْ ذَهَبٍ فَالذَّهَبُ، وَمَا كَانَ مِنْ فِضَّةٍ فَالْفِضَّةُ،
أَخَذَهَا رَئِيسُ الشُّرَطِ. [15]
وَالْعَمُودَانِ وَالْبَحْرُ الْوَاحِدُ وَالْقَوَاعِدُ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ لِبَيْتِ الرَّبِّ،
لَمْ يَكُنْ وَزْنٌ لِنُحَاسِ كُلِّ هَذِهِ الأَدَوَاتِ. [16]
أطال الكاتب الحديث عن هذه الأواني، وذلك لمحبته العظيمة لبيت الرب، وحزنه على خرابه، كما نحب ذكر فضائل أحبائنا الذين فقدناهم.
v بابل تعني "ارتباكًا"، والكأس الذهبي حقًا هو تعاليم الفلاسفة وبلاغة الخطباء.
من بالحق لم ينحرف بواسطة الفلاسفة؟
من لم ينخدع بواسطة خطباء هذا العالم؟
كأسهم ذهبية، وسمو بلاغتهم من الخارج، أما الداخل فمملوء سمًا، الذي لا يقدرون أن يخفوه إلا خلال بريق الذهب.
تذوقون عذوبة بلاغتهم لكي تتأكدوا ولا تشكوا أنه سمٌ قاتل[7].
ثَمَانِي عَشَرَةَ ذِرَاعًا ارْتِفَاعُ الْعَمُودِ الْوَاحِدِ،
وَعَلَيْهِ تَاجٌ مِنْ نُحَاسٍ،
وَارْتِفَاعُ التَّاجِ ثَلاَثُ أَذْرُع،ٍ
وَالشَّبَكَةُ وَالرُّمَّانَاتُ الَّتِي عَلَى التَّاجِ مُسْتَدِيرَةً جَمِيعُهَا مِنْ نُحَاسٍ.
وَكَانَ لِلْعَمُودِ الثَّانِي مِثْلُ هَذِهِ عَلَى الشَّبَكَةِ. [17]
الثلاثة أذرع ربما هي ارتفاع العمود بخلاف تاج العمود العلوي، لهذا جاء ارتفاع العمود في 1 مل 7: 16، إر 52: 22 خمس أذرع.
لعل المرتل كان يصف ما حلّ بالهيكل وهو يقول: "يبان كأنّه رافع فؤوسٍ، على الأشجار المشتبكة. والآن منقوشاته معًا، بالفؤوس والمعاول يكسرون (مز 74: 5-6).
إذ هجم الغزاة على الهيكل المقدس، برز واحد منهم كبطلٍ يحمل فأسًا ليقود الباقين لتحطيم النقوش الخشبية (1 مل 6: 18)، كمن يضرب أشجارًا كثيفة متشابكة.
يرى القديس أغسطينوس أن الغزاة إذ قاموا بتخريب الهيكل، أمسكوا بالفؤوس ليحطموا الأبواب والأثاثات الخشبية الجميلة بوحشية وغباوة كمن يضرب أشجار غابة متشابكة.
جاء وصف تدمير الهيكل في 2 مل 25: 8-17؛ إر 52" 12-23.
"جاء نبوزردان رئيس الشرط عبد ملك بابل إلى أورشليم، وأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وكل بيوت العظماء أحرقها بالنار... وأعمدة النحاس التي في بيت الرب والقواعد وبحر النحاس الذي في بيت الرب كسَّرها الكلدانيون وحملوا نحاسها إلى بابل..." (2 مل 25: 8 إلخ.).
v بهذه الطريقة، إذ لا يجد الشيطان الحق في جانبه يهاجم، ويقوم بتكسير أبواب الذين يسمحون له بالدخول، وذلك بالفؤوس والمعاول.
أما مخلصنا فلطيف، يُعَلِّمنا هكذا: إن أراد أحد أن يتبعه ويكون له تلميذًا، يأتي إليه ولا يُلزمه، بل يسأله: "أختي وعروسي".
فإن فتح له يدخل، وإن تأخر ولم يرد أن يفتح يفارقه[8].
18 وَأَخَذَ رَئِيسُ الشُّرَطِ سَرَايَا الْكَاهِنَ الرَّئِيسَ، وَصَفَنْيَا الْكَاهِنَ الثَّانِي، وَحَارِسِي الْبَابِ الثَّلاَثَةَ. 19 وَمِنَ الْمَدِينَةِ أَخَذَ خَصِيًّا وَاحِدًا كَانَ وَكِيلًا عَلَى رِجَالِ الْحَرْبِ، وَخَمْسَةَ رِجَال مِنَ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ وَجْهَ الْمَلِكِ الَّذِينَ وُجِدُوا فِي الْمَدِينَةِ، وَكَاتِبَ رَئِيسِ الْجُنْدِ الَّذِي كَانَ يَجْمَعُ شَعْبَ الأَرْضِ، وَسِتِّينَ رَجُلًا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْمَدِينَةِ 20 وَأَخَذَهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ وَسَارَ بِهِمْ إِلَى مَلِكِ بَابِلَ إِلَى رَبْلَةَ. 21 فَضَرَبَهُمْ مَلِكُ بَابِلَ وَقَتَلَهُمْ فِي رَبْلَةَ فِي أَرْضِ حَمَاةَ. فَسُبِيَ يَهُوذَا مِنْ أَرْضِهِ.
وَأَخَذَ رَئِيسُ الشُّرَطِ سَرَايَا الْكَاهِنَ الرَّئِيسَ،
وَصَفَنْيَا الْكَاهِنَ الثَّانِيَ،
وَحَارِسِي الْبَابِ الثَّلاَثَةَ. [18]
بالرغم من أن سرايا قد قُتل في رَبْلَة [21] فإن ابنه يهوصاداق رُحِّل (1 أي 6: 15). خلال نسل يهوصاداق جاء عزرا، الكاتب والمُصلِح العظيم، الذي عاد يومًا ما إلى أورشليم واستلم عمل جدِّه سرايا (عز 7: 1).
صفنيا الكاهن الثاني، أي نائب رئيس الكهنة، وكان يقوم بواجب رئيس الكهنة حين كان رئيس الكهنة تعوقه أية موانع طقسية، ربما هو الكاهن الذي أشار إليه إرميا النبي (إر 21: 1؛ 29: 5).
وَمِنَ الْمَدِينَةِ أَخَذَ خَصِيًّا وَاحِدًا كَانَ وَكِيلاً عَلَى رِجَالِ الْحَرْبِ،
وَخَمْسَةَ رِجَالٍ مِنَ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ وَجْهَ الْمَلِكِ،
الَّذِينَ وُجِدُوا فِي الْمَدِينَةِ،
وَكَاتِبَ رَئِيسِ الْجُنْدِ الَّذِي كَانَ يَجْمَعُ شَعْبَ الأَرْضِ،
وَسِتِّينَ رَجُلاً مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْمَدِينَةِ [19]
"الذين ينظرون وجه الملك": يقصد هنا وزراءه والقريبين منه ومشيريه الذين أشاروا عليه بالتمرُّد، لأن عامة الشعب لا يرون وجه الملك.
"كاتب رئيس الجند": كان دوره أن يَعد الجيش ويبلغهم أوامر القائد.
"وستين رجلاً من شعب الأرض"، أي كانوا من الرؤساء.
وَأَخَذَهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ،
وَسَارَ بِهِمْ إِلَى مَلِكِ بَابِلَ إِلَى رَبْلَة. [20]
فَضَرَبَهُمْ مَلِكُ بَابِلَ وَقَتَلَهُمْ فِي رَبْلَة فِي أَرْضِ حَمَاةَ.
فَسُبِيَ يَهُوذَا مِنْ أَرْضِهِ. [21]
مثل إسرائيل حُمِلَتْ يهوذا إلى الأسر بسبب خطاياها وارتدادها.
سبق أن أنذر الله شعبه، وأخيرًا سمح بتدمير يهوذا وأخذهم أسرى (تث 28). ويُسَجِّل لنا إرميا النبي في مراثيه مدى حزنه لمشاهدته ما حَلَّ بأورشليم.
توجد مراحل أخرى للسبي غير الثلاث أو الأربع مراحل الكبار. ونرى أن الله وجد أن أحسن علاج لخطايا يهوذا هو السبي. كان السبي الأول في السنة السابعة لنبوخذناصَّر (إر 52: 28) أو الثامنة (2 مل 24: 12) لما سُبي يهوياكين. والسبي الثاني في السنة الثامنة عشرة لنبوخذناصَّر (إر 52: 29) أو السنة التاسعة عشرة (2 مل 25: 8) حينما سُبي صدقيا. والسبي الثالث في السنة الثالثة والعشرين لنبوخذناصَّر حينما سَبَى نبوزرادان 745 نفسًا (إر 52: 30).
يرى كثير من الدارسين أن سبي يهوذا كان على ثلاث مراحل، ولكن يبدو أنه كان أكثر من ذلك، فنجد أن عدد المسبيين يختلف ما بين 2 مل 24، إر 52 ولكن نجد أن التواريخ المصاحبة تختلف أيضًا، فيبدو أنه كان بين السبي والسبي يصعد جيش بابل ليأخذ يعص المسبيين إلى بابل لاستخدامهم هناك.
قد يرجع السبب في الاختلافات في أعداد (المسبيين) وتواريخ السبي إلى الآتي:
1. كل كاتب ينسب التواريخ لشيءٍ مختلف عن الآخر.
2. الأعداد التي يكتبها واحد قد تشمل عدد من وصل لبابل فعلاً، والآخر يكتب الذين أُخذوا من أورشليم والبعض فُقد ومات في الطريق.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
22 وَأَمَّا الشَّعْبُ الَّذِي بَقِيَ فِي أَرْضِ يَهُوذَا، الَّذِينَ أَبْقَاهُمْ نَبُوخَذْنَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ، فَوَكَّلَ عَلَيْهِمْ جَدَلْيَا بْنَ أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ. 23 وَلَمَّا سَمِعَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْجُيُوشِ هُمْ وَرِجَالُهُمْ أَنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ وَكَّلَ جَدَلْيَا أَتَوْا إِلَى جَدَلْيَا إِلَى الْمِصْفَاةِ، وَهُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَثَنْيَا، وَيُوحَنَانُ بْنُ قَارِيحَ، وَسَرَايَا بْنُ تَنْحُومَثَ النَّطُوفَاتِيِّ، وَيَازَنْيَا ابْنُ الْمَعْكِيِّ، هُمْ وَرِجَالُهُمْ. 24 وَحَلَفَ جَدَلْيَا لَهُمْ وَلِرِجَالِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَخَافُوا مِنْ عَبِيدِ الْكِلْدَانِيِّينَ. اسْكُنُوا الأَرْضَ وَتَعَبَّدُوا لِمَلِكِ بَابِلَ فَيَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ».
وَأَمَّا الشَّعْبُ الَّذِي بَقِيَ فِي أَرْضِ يَهُوذَا الَّذِينَ أَبْقَاهُمْ نبوخذناصَّر مَلِكُ بَابِلَ،
فَوَكَّلَ عَلَيْهِمْ جَدَلْيَا بْنَ أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ. [22]
أقام نبوخذناصر جدليا بن أخيقام بن شافان حاكمًا على مدن يهوذا ووكيلاً عن ملك بابل، وكما نعلم أن أخيقام كان أحد الخمسة الذين أرسلهم الملك يوشيا إلى خلدة النبية ليسأل عن سفر الشريعة (2 مل 22: 12، 14)، وقد استخدم نفوذه لحماية إرميا (2 مل 26: 24)؛ أقام في المصفاة.
جدليا: اسم عبري معناه "يهوه عظيم". والد جدليا هو أخيقام، كان يسند إرميا في موقفه الخاص بعدم الاتكال على مصر في مقاومة بابل (إر 26: 24).
ربما كان تعيينه وكيلاً على الأرض استجابة لطلب إرميا الذي كان مقبولاً ومُعتبرًا عند نبوزرادان وملك بابل (إر 40: 1-6)، هذا وتدريب جدليا ونبوغه ونسبه لأسرة لها شهرتها جعلته بلا شك مقبولاً لدى البابليين.
كان يشير على اليهود أن يخضعوا لملك بابل (إر 38: 17-18). لم يكن جدليًا من النسل الملكي، وكان عادلاً ومستقيمًا، وغيورًا على الوطن.
ترك البابليون إرميا حيًّا (إر 39: 11-14؛ 40: 1-5)، فكان معينًا لجدليا في إعادة تنظيم يهوذا (إر 40: 6).
وُجِدَ خاتم من الطين (الخزف) يرجع إلى هذه الفترة، منقوش عليه "خاص بجدليا الذي على البيت[9]".
وَلَمَّا سَمِعَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْجُيُوشِ هُمْ وَرِجَالُهُمْ أَنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ وَكَّلَ جَدَلْيَا،
أَتُوا إِلَى جَدَلْيَا إِلَى الْمِصْفَاةِ،
وَهُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَثَنْيَا،
وَيُوحَنَانُ بْنُ قَارِيحَ،
وَسَرَايَا بْنُ تَنْحُومَثَ النَّطُوفَاتِيِّ،
وَيَازَنْيَا ابْنُ الْمَعْكِيِّ هُمْ وَرِجَالُهُمْ. [23]
كان رؤساء الجيوش قد هربوا مع صدقيا، ثم تفرَّقوا عنه بعد القبض عليه، والآن جاءوا إلى جدليا كنوعٍ من الخضوع لبابل.
المصفاة: إلى زمنٍ طويل كانت مركزًا له شهرته الروحية والسياسية (1 صم 10: 17؛ 1 مل 15: 22). كانت موقعًا مثاليًا للحكومة الخاصة بالمنطقة، خاصة وأن أورشليم كانت قد انهارت. تُدعَى حاليًا تل النصبة Tell en-Nasbeh، تبعد حوالي 9 أميال شمال أورشليم، وهي من البلاد التي كانت في ذلك الحين من المناطق الهادئة.
يتساءل البعض عن المصفاة هنا، هل يُقصَد بها تلك التي في جلعاد (قض 11: 21)، يقال إنها موضع الرجمة التي أقامها يعقوب وقوم لابان شهادة على العهد الذي أُقِيم بينهم (تك 31: 49)، وهناك اجتمع بنو إسرائيل لمحارب العمونيين (قض 10: 17)، واِلتقى يفتاح بابنته (قض 11: 34)، وربما كان موضعها تل رميت، أو أنها مصفاة التي في بنيامين حيث تم فيها انتخاب شاول ملكًا (1صم 10: 17، 21)، وحصَّنها آسا (1 مل 15: 22) وهناك قُتِلَ جدليا (2 مل 25: 23، 25) ويقال أنها قرية صموئيل النبي.
على أيّ الأحوال كانت المصفاة وجبل تابور في ذلك الحين مركزيْن هاميْن للعبادة الوثنية، فصارا رمزين للخراب الذي حلَّ بسبب العبادة الوثنية.
إسماعيل: لا يُعرَف حتى الآن عنه شيء، سوى أنه من النسل الملكي يقاوم البابليين، وربما كان له أمل أن يعود إلى السلطة.
يازنيا: حفيد حلقيا الكاهن (1 أي 5: 39). وُجِدَ هذا الاسم على ختم في المصفاة.
وَحَلَفَ جَدَلْيَا لَهُمْ وَلِرِجَالِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ:
لاَ تَخَافُوا مِنْ عَبِيدِ الْكِلْدَانِيِّينَ.
اسْكُنُوا الأَرْضَ وَتَعَبَّدُوا لِمَلِكِ بَابِلَ،
فَيَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ. [24]
خافت جيوش يهوذا أولاً من معاملة بابل لهم، ولكنهم تأكدوا فيما بعد، إذ حلف لهم جدليا قائلاً: "لا تخافوا" أنهم سينالون العفو إذا خضعوا واستسلموا وعادوا يستغلون الأرض، ويخضعون لجدليا وحكومته في المصفاة. ورجع أيضًا اليهود الذين غادروا البلاد قبل هجوم بابل، وكانوا قد التجأوا إلى شرق الأردن.
25 وَفِي الشَّهْرِ السَّابعِ جَاءَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَثَنْيَا بْنِ أَلِيشَمَعَ مِنَ النَّسْلِ الْمَلِكِيِّ، وَعَشَرَةُ رِجَال مَعَهُ وَضَرَبُوا جَدَلْيَا فَمَاتَ، وَأَيْضًا الْيَهُودُ وَالْكِلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْمِصْفَاةِ. 26 فَقَامَ جَمِيعُ الشَّعْبِ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ وَرُؤَسَاءُ الْجُيُوشِ وَجَاءُوا إِلَى مِصْرَ، لأَنَّهُمْ خَافُوا مِنَ الْكِلْدَانِيِّينَ.
وَفِي الشَّهْرِ السَّابِعِ جَاءَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَثَنْيَا بْنِ أَلِيشَمَعَ مِنَ النَّسْلِ الْمَلِكِيِّ،
وَعَشَرَةُ رِجَالٍ مَعَهُ،
وَضَرَبُوا جَدَلْيَا فَمَاتَ،
وَأَيْضًا الْيَهُودُ وَالْكِلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْمِصْفَاةِ. [25]
إذ بدأ السلام يدب في يهوذا، وتجمَّعتْ طاقات ممتازة حول جدليا، وبدأت الحقول تأتي بثمارٍ، بعث بعليس ملك بني عمون في شرق الأردن إسماعيل بن نثنيا ليقتل جدليا ومن معه من الذين كانوا يُمَثِّلون السلطة البابلية، سواء كانوا يهودًا أو كلدانيين.
كان بعليس ينتظر اغتنام فرصة رجوع جيوش بابل إلى وطنهم ليملك على ما بقي من البلاد في غرب الأردن، وقد حذر رؤساء الجيوش جدليا منه، مؤكدين له وجود مؤامرة مُدَبَّرة لقتله لتحطيم بقية يهوذا، أما هو فلم يُصَدِّق.
جاء في يوسيفوس[10] أن جدليا كان إنسانًا لطيفًا وكريمًا، لكنه وثق في أناسٍ ليسوا أهلاً لذلك، فدبَّروا موضوع اغتياله.
لقد أخطأ جدليا إذ لم يسمع لهم، وكان يليق به أن يرفع قلبه بالصلاة يطلب مشورة الله، وأن يلجأ إلى إرميا النبي الذي كان ملاصقًا له. هنا تظهر خطورة اتكال الإنسان على أفكاره وحده.
أعمال إسماعيل الخاصة بقتل جدليا والدور الذي قام به يوحنان، وأحداثهما وردت في (إرميا 40: 7 - 43: 7).
فَقَامَ جَمِيعُ الشَّعْبِ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ وَرُؤَسَاءُ الْجُيُوشِ،
وَجَاءُوا إِلَى مِصْرَ،
لأَنَّهُمْ خَافُوا مِنَ الْكِلْدَانِيِّينَ. [26]
"وجاءوا إلى مصر"، لقد ظنوا أن ملك بابل لابد سينتقم لقتل جدليا والبابليين الذين كانوا معه. ولن يُمَيِّز في انتقامه بين إسماعيل وأتباعه وبين الباقين. وكان إرميا قد أخبر يوحانان والذين معه بقرار الرب ألا يذهبوا إلى مصر، فلم يسمعوا لكلام الرب، بل ذهبوا وأخذوا إرميا معهم وتحققت نبوة موسى (تث 26:28).
عادوا بإرادتهم إلى أرض العبودية. وما فعلوه هنا يشبه ما يفعله كثيرون حين يسمح الله لهم ببعض التجارب، فيتركون الكنيسة ويرجعون إلى أرض العبودية، أي خطاياهم القديمة، ويدَّعون أنها تُعزِّيهم، وفيها ينسون آلامهم، ويجدون فيها الحماية من أحزانهم.
27 وَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِسَبْيِ يَهُويَاكِينَ مَلِكِ يَهُوذَا، فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ فِي السَّابعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ، رَفَعَ أَوِيلُ مَرُودَخُ مَلِكُ بَابِلَ، فِي سَنَةِ تَمَلُّكِهِ، رَأْسَ يَهُويَاكِينَ مَلِكِ يَهُوذَا مِنَ السِّجْنِ 28 وَكَلَّمَهُ بِخَيْرٍ، وَجَعَلَ كُرْسِيَّهُ فَوْقَ كَرَاسِيِّ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي بَابِلَ. 29 وَغَيَّرَ ثِيَابَ سِجْنِهِ. وَكَانَ يَأْكُلُ دَائِمًا الْخُبْزَ أَمَامَهُ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. 30 وَوَظِيفَتُهُ وَظِيفَةٌ دَائِمَةٌ تُعْطَى لَهُ مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ، أَمْرُ كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ.
وَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِسَبْيِ يَهُويَاكِينَ مَلِكِ يَهُوذَا،
فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ،
رَفَعَ أَوِيلُ مَرُودَخُ مَلِكُ بَابِلَ فِي سَنَةِ تَمَلُّكِهِ رَأْسَ يَهُويَاكِينَ مَلِكِ يَهُوذَا مِنَ السِّجْنِ [27]
أويل مردوخ (إنسان مردوخ) خلف نبوخذناصر إلى فترة قصيرة (561-560 ق. م).
وُجدت ألواح من عصر نبونيدس (555-539 ق. م.) تُسَجِّل الأعمال اليومية ليهوياكين الذي كان يُدعَى يواكين ملك أرض اليهود.
وُجِدَتْ ألواح ترجع إلى 594-569 ق.م بكتابة مسمارية Cuneiform جاء فيها أن مؤونة قُدِّمتْ ليهوياكين مع أبنائه الخمسة، واضح أنها ترجع إلى أيام نبوخذناصر قبل اعتلاء أويل مردوخ كرسي الحُكْم (562-560 ق.م)، مما يدل على نبوخذناصر كان يعامله بشيءٍ من التقدير كملكٍ، وأن ما فعله أويل مردوخ هو امتداد لنظرة نبوخذناصر له[11].
حتى بعد قتل جدليا [25] انتهى السفر ببارقة رجاء، فقد أُطلق يهوياكين من السجن، وأُعطي شيء من الحرية، إذ كان شعب الله في السبي.
أصبح أويل مردوخ بن نبوخذناصر ملكًا على بابل في عام 583 ق.م، أي بعد بداية السبي بأربع وعشرين سنة. وقد عامل يهوياكين بلطفٍ وسمح له أن يأكل معه على مائدته [29]. بعد ذلك قُتل أويل مردوخ في مؤامرةٍ دبَّرها صهره نرجل شراصر الذي خلفه على العرش.
v حكم أويل مردوخ بن نبوخذناصر المملكة بطريقة رديئة، كما سبَّب اضطرابات مع صراع عنيف، لذلك عندما عاد والده (من حملة عسكرية)، سجنه والده خشية أن يتمرَّد عليه، وذلك في نفس الموضع الذي كان فيه يهوياكين. صارت بينهما صحبة لمدة طويلة، صارا صديقين.
لهذا بعد موت نبوخذناصر وتعيين أويل مردوخ ملكًا جديدًا، أعطى ليهوياكين امتيازات وهبات.
هذه كانت مكافأة ليهوياكين، لأنه أطاع النبوة وخضع، فلم يحرمه الله من المكافأة التي يستحقها[12].
أشوداد أسقف Merv[13]
وَجَعَلَ كُرْسِيَّهُ فَوْقَ كَرَاسِيِّ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي بَابِلَ. [28]
وَغَيَّرَ ثِيَابَ سِجْنِهِ.
وَكَانَ يَأْكُلُ دَائِمًا الْخُبْزَ أَمَامَهُ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. [29]
تعامل أويل مردوخ بلطفٍ شديدٍ مع يهوياكين، فجعله فوق كل الملوك المسبيين في بابل، ونزع عنه ثياب السجن، وجعله يأكل معه كل أيام حياته.
وَوَظِيفَتُهُ وَظِيفَةٌ دَائِمَةٌ تُعْطَى لَهُ مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ،
أَمْرُ كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. [30]
يُفتتح سفر ملوك الثاني بإصعاد إيليا النبي إلى السماء. هذه هي شهوة قلب كل مؤمنٍ حقيقيٍ يسلك في الرب، ويُختَم بأسر بشعب يهوذا في بلدٍ أجنبي، وذلك تأديبًا لتجاهلهم السلوك في الرب. هذه هي ثمرة من لا يُعطِي لله الأولوية في حياته.
نجد لمحة رجاء في آخر السفر برفع وجه يهوياكين. هي رحمة من الله، وليست من ملك بابل، ليعرف الشعب أن الله لم يتركهم تمامًا، فيكون لهم رجاء في الخلاص والعودة. غالبًا فعل ملك بابل هذا بتأثير من دانيال والفتية الثلاثة.
بينما كان البابليون يدقون أبواب أورشليم لنهبها بعد عدة شهور، اشترى إرميا قطعة أرض، وهو يعلم أنه لن يستطيع أن يستقر فيها. لكنه أراد تأكيد أنه في المستقبل ستعود الحياة الطبيعية في يهوذا.
v عندما تبتدئون أن تغرقوا في ملذات الترف، اذكروا كيف أن اللذة قصيرة، تطلعوا إلى الخسارة. بالحقيقة إنها خسارة حيث يدفع الشخص مالاَّ كثيرًا لما فيه ضرره، يسبب له أمراضًا وضعفات. احتقروا الترف.
كم عدد الذين أصابتهم الشرور بسبب الترف؟
نوح سَكَرَ، وصار في فضيحة متعريًا؛ انظروا كم من شرور نبعتْ عن هذا (تك 9: 20).
عيسو فقد حقوق بكوريته بسبب نهمه، وفكَّر أن يكون قاتلاً لأخيه.
شعب إسرائيل جلس ليأكل ويشرب وقام يلعب (خر 32: 6).
لهذا يقول الكتاب المقدس: متى "أكلتَ وشبعتَ، تذكر الرب إلهك" (راجع تث 6: 11-12). إذ كانوا على حافة السقوط في الترف.
قيل: أما (الأرملة) المتنعمة فقد ماتت وهي حيَّة" (1 تي 5: 6) [14].
v كاد جميع شعب إسرائيل ويهوذا يفقدون الرجاء.
بدا كأن لا عودة إلى مدينة الله،
وليس من يأمل في الرجوع إلى الهيكل.
فقد صدقيا ابنيه وعينيه وكرامته.
وسُحِبَ كحيوانٍ بلا كرامة إلى السجن في بابل.
اُقتيد أبناء النبلاء إلى بابل،
يتعلمون الكلدانية،
ويفقدون حتى أسماءهم العبرية،
يهوياكين الملك المحبوب من شعبه في السجن في بابل.
مَلَكَ في أورشليم ثلاثة أشهر وعشرة أيام،
وها هو يقضي 37 عامًا في السبي مسجونًا.
v في وسط هذا الضيق الشديد يدك تُحرِّك الكل.
تسمح لابن ملك بابل أن يُسجَن مع يهوياكين.
ارتبط الاثنان بالحب معًا.
إذ صار السجين ملكًا على بابل.
كرَّم صديقه، فغيَّر ثياب سجنه،
وجعله رفيقًا معه على مائدته.
وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك.
أتيت بتواضعك إلى أرضنا،
وسلكت هنا كواحدٍ منا.
حتى نطمئن أنك تقبلنا أحباء لك في ملكوتك السماوي.
v لم تنسَ حتى الذي عمل الشر وأُلقي في السجن،
فهل تنسى شعبك الذي تعده عروسًا سماويًا؟
بدا كأن لا عودة لملكٍ من أبناء داود.
وكأن خيمة داود قد سقطت تمامًا!
نزلتَ من سماواتك وتجسَّدتَ.
ملكتَ على قلوب الكثيرين من كل الشعوب.
عوض ملوك من أبناء داود،
أتيتَ يا ملك الملوك لكي تُقِيم منّا ملوكًا.
وهبتنا لا التحرُّر من السبي البابلي،
بل حرية مجد أولاد الله السماوي!
v في وسط ضيقنا لا نلتقي بأويل مردوخ ابن الملك،
بل نلتقي بك يا ابن الله الوحيد.
تحسبنا أحباء، ترافقنا في آلامك.
تخلع عنا ثياب السجن، وتهبنا برَّك ثوب مجدٍ!
تَقْبَلنا لا لنأكل معك على مائدتك،
بل تقدم لنا جسدك ودمك حياة أبدية.
v متى تأتي على السحاب، فتحررنا من رباطات العالم؟!
تحملنا إلى العرش الإلهي، فننعم بكمال الحرية!
لك المجد يا محرر البشرية من عبودية الخطية!
مراحل نهب الهيكل
ناهب الهيكل |
الشاهد |
موقفه |
1. شيشق |
(1 مل 25:14) |
نهب الهيكل وأخذ بعض الكنوز. |
2. آسا |
(1 مل 18:15) |
قدَّم ما تبقَّى لملك أرام. |
3. عثليا |
(2 أي 24: 7) |
نهب أبناؤها الهيكل. |
4. يوآش |
(2 مل 18:12) |
أرسل الذهب إلى ملك أرام. |
5. يهوآش (إسرائيل) |
(2 مل 14:14) |
اغتصب كنوزه بعد هزيمة أمصيا. |
6. آحاز |
(2 مل 8:16) |
قدَّمها جزية لإرضاء أشور. |
7. حزقيا |
(2 مل 13:18) |
جعل سنحاريب الأشوري ينسحب. |
8. منسي |
(2 مل 21) |
بنى مذابح الأوثان في الهيكل. |
9. نبوخذناصَّر |
(2 مل 24-25) |
دمر الهيكل في الغزوة الثالثة ونهبه تمامًا. |
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
[1] St. Chrysostom: Concerning Statues, 19: 11.
[2] جاء في الطبعة المذكورة (قاسيًا متوحشًا في طبعه).
[3] Lecture 2: 17-19.
[4] الرعاية: الجزء الثالث، الفصل التاسع عشر، كيف نعظ الشرهين في الطعام، والمتعففين عنه؟، العظة 20.
[6] St. Gregory Thaumaturgus: Oration & Panegyric addressed to Origen, 16.
[7] Hom.62 on Ps. 82 (82).
[8] History of the Arians, 33.
[9] The New Bible Commentary, 3rd edition, Eerdmans Publishing Co., p. 368.
[10] Antiq. 10:9:1f.
[11] The New Bible Commentary, 3rd edition, Eerdmans Publishing Co., p. 368.
[12] Books of Sessions 2 Kings, 25:27.
[13] نسطوري.
[14] In Acts. hom. 27.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
فهرس التفسير |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير ملوك الثاني 24 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5m8brmg