محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
متي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
(مت 1:10-4 + مر13:3-19 + لو 12:6-16):-
(مت 1:10-4):-
ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ. وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولًا فَهِيَ هذِهِ: اَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ. فِيلُبُّسُ، وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا، وَمَتَّى الْعَشَّارُ. يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ. سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ.
ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا، وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ الأَمْرَاضِ وَإِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ. وَجَعَلَ لِسِمْعَانَ اسْمَ بُطْرُسَ. وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ. وَأَنْدَرَاوُسَ، وَفِيلُبُّسَ، وَبَرْثُولَمَاوُسَ، وَمَتَّى، وَتُومَا، وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسَ، وَسِمْعَانَ الْقَانَوِيَّ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. ثُمَّ أَتَوْا إِلَى بَيْتٍ.
وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ للهِ. وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضًا «رُسُلًا»: سِمْعَانَ الَّذِي سَمَّاهُ أَيْضًا بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ. يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. فِيلُبُّسَ وَبَرْثُولَمَاوُسَ. مَتَّى وَتُومَا. يَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى وَسِمْعَانَ الَّذِي يُدْعَى الْغَيُورَ. يَهُوذَا أَخَا يَعْقُوبَ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّمًا أَيْضًا.
لقد أمر الرب أن يطلبوا من رب الحصاد ليرسل فعلة إلى حصاده وهاهو قد استجاب، واختار التلاميذ الاثني عشر وأرسلهم للخدمة. ولا أحد يأخذ هذه الوظيفة لنفسه بل المدعو من الله (عب 4:5). ونلاحظ من إنجيل لوقا أن السيد اختار تلاميذه بعد أن قضى الليل كله في الصلاة. وهكذا تصلي الكنيسة قبل اختيار راعيها.
وليس مصادفة أن يكون عدد التلاميذ 12، فعدد أسباط الشعب في العهد القديم 12، فكأن المسيح يُعِّدْ شعبًا جديدًا برئاسة جديدة، ففي المسيح يصير كل شيء جديدًا. كان المسيح يعمل بهم وفيهم ليعد شعبًا وكنيسة جديدة. ورقم 12 يشير لمملكة الله على الأرض.
12 = 3 (الثالوث القدوس) × 4 (العالم) = المؤمنون بالله مثلث الأقانيم في كل العالم.
ولذلك كان أسباط العهد القديم أيضًا 12 فهم شعب الله في هذا العالم وبهذا المعنى حينما هلك يهوذا وصاروا أحد عشر فقط اختاروا متياس ليكمل عددهم إلى 12. وصار اسم الاثني عشر يستعمل للدلالة عنهم.
ثم دعا= هذا يدل كما رأينا سابقًا أن السيد سبق وتحاور معهم واختارهم وأقنعهم، واقتنعوا به، فلما دعاهم تبعوه في الحال. راجع (مت 18:4-21). وأعطاهم سلطانًا على أرواح نجسة= سلطان روحي وقوة روحية لهدم مملكة الشر. وللأسف كان يهوذا له هذا السلطان واستخدمه.
والسيد اختار الاثني عشر ليتتلمذوا على يديه، يعيشوا معه ويسمعوه ويرافقوه فيعرفوا فكره، وينقلوه لمن هم بعدهم وهذا ما نسميه الفكر الرسولي، هذا هو التقليد الكنسي. هو استلام الفكر بطريقة عملية وتسليمه من جيل إلى جيل، هي حياة المسيح وأسلوبه في كل تصرف يتعلمونها فيحيون بها. ولقد اختار السيد تلاميذه من وسط الناس البسطاء ليؤكد أن فضل قوتهم هو لله وليس منهم. لقد وهبهم السيد إمكانياته ليعملوا لا باسمهم بل باسمه ولحساب مملكته بكونه العامل فيهم. ونسمع في مرقس ولوقا أن المسيح صعد إلى الجبل ليصلي قبل اختيار تلاميذه، والجبل بعلوه يشير للسماويات، وكأن صلاته تشير لأنه سماوي متصل بالله أبيه، يسمو فوق الأرضيات بغناها وأمجادها، كأنه بارتفاعه على الجبل يبعد عن الأرضيات. وصلاة المسيح تشير لأنه إنسانيًا يمتلئ بالروح (لو1:4)، وهذا الامتلاء كان ليختار تلاميذه بقوة وإرشاد الروح. والمسيح بهذا فتح لنا الطريق كبشر أن نمتلئ بالروح حين نصلي فيفتح حواسنا على السمائيات. فحين تمتلئ الإنسانية التي في المسيح بالروح فهو يفتح الطريق أمامنا لنفس الامتلاء
حين نثبت فيه. وواضح من (لو 13:6) أنه كان هناك عدد كبير يتبع المسيح ولقد اختار منهم المسيح 12 فقط.ونلاحظ أن السيد قد اختار من ضمن التلاميذ يهوذا الذي خانه. لذلك على كل خادم أو راعي أن يحذر لئلا يسقط "من هو قائم ليحذر لئلا يسقط" ونلاحظ أن الكنيسة يستحيل أن تصل لدرجة الكمال على الأرض وسيبقى الزوان مع الحنطة. ونلاحظ في هذا أيضًا أن سيامة كاهن لن تصلح انحرافه لو كان هناك انحراف. ونقول أن يهوذا غالبًا كان في حالة جيدة وقت أن اختاره المسيح ولكن لمحبته للمادة هلك.
أما ما هي نوعية صلاة المسيح فهذا لن نستطيع أن نقول عنه إلا أنها راحة الروح مع الروح، هي راحة ابن مع أبيه، هي صلة المحبة بالمحبة والنور بالنور.
متى |
مرقس |
لوقا |
بطرس وأندراوس يعقوب ويوحنا فيلبس وبرثولماوس توما ومتى العشار يعقوب بن حلفى (لباوس الملقب تداوس) سمعان القانوي أي الغيور يهوذا الإسخريوطي |
بطرس يعقوب ويوحنا أندراوس وفيلبس وبرثولماوس متى وتوما يعقوب بن حلفى وتداوس سمعان القانوي يهوذا الإسخريوطي |
بطرس وأندراوس يعقوب ويوحنا فيلبس وبرثولماوس متى وتوما يعقوب بن حلفى وسمعان الغيور يهوذا أخا يعقوب يهوذا الإسخريوطي |
بمقارنة أسماء التلاميذ في الأناجيل الثلاثة نلاحظ الآتي:
1. الأول دائمًا هو سمعان بطرس لأنه دُعي أولًا وهو أكبرهم سنًا وكان يتكلم نيابة عنهم، وليس لرئاسته. ومتى ولوقا وضعا اسم أندراوس أخوه معه لكن القديس مرقس وضع اسم أندراوس مع فيلبس، وواضح ارتباطهما معا بصداقة (يو12: 20-22). ولكن بطرس كان مندفع في شخصيته، وهذا الاندفاع لا يعني بالضرورة أنها شجاعة فهو أنكر وشتم المسيح.
2. يعقوب ويوحنا هما ابنًا زبدي والمسيح أسماهم بوانرجس Βοανηργες (مر 3: 17)، وهو اسم يدل على غيرتهما وحماسهما (لو54:9). هذه الغيرة تحولت لحماس في الكرازة. ونلاحظ أن المسيح لا يغير طبيعة الشخص ولا شخصيته، بل هو استفاد بما فيهما من غيرة وقدسها أي صارت هذه الغيرة والحماسة لحساب مجد الله، والتهب كلاهما حبًا في الله وغيرة في اتجاه صحيح. المسيح يعرف أن كل منهم به ضعف وبه نقطة إيجابية استغلها المسيح وشفى الجميع من ضعفاتهم.
3. برثولماوس هو نثنائيل (يو45:1).
4. متى تواضعًا يقول عن نفسه متى العشار ولم يقل متى الإنجيلي. (هذا كان كعشار متواطئًا مع الرومان).
5. لباوس هو تداوس وهو نفسه يهوذا أخا يعقوب.
6. سمعان القانوي هو سمعان الغيور. قانوي تعريب للكلمة العبرية قانا وتعني الغيور. والغيورين هم حزب وطني قاوم هيرودس وهم جماعة من اليهود متعصبون لقوميتهم إلى أبعد حد، ويطالبون بالتحرر من نير الحكم الروماني مهما كلفهم هذا من ثمن. يرفضون قيام أي ملك غير الله نفسه، مستعدون أن يقوموا بأعمال تخريبية لأجل تحرير وطنهم من الرومان. وهذا حينما شفاه المسيح صار غيورًا على مجد الله وكنيسته.
7. يهوذا الإسخريوطي. وكلمة إسخريوطي تشير لعدة احتمالات
أ) من سكان مدينة قريوت (يش 2:15) وهذا هو أشهر تفسير.
ب) الشخص الذي يحمل كيس الدراهم وهو بالآرامية سيكاريوتا.
ج) الشخص الذي شنقَ من العبرانية أسكار وقد تعني قاتل أو ذَبَّاحْ.
والكل تجاوبوا مع عمل المسيح الشافي، ما عدا يهوذا الذي رفض عمل المسيح واستمر على محبته للمال ورغبته في منصب حينما يملك المسيح فيحصل على أموال أكثر.
8. هم خليط من الشخصيات فمنهم العشار وهذا باع نفسه للرومان لأجل الربح. وعلى النقيض منهم الغيور الوطني المتحمس لدرجة الشراسة ومنهم المقدام مثل بطرس. ويوحنا المملوء حبًا وعاطفة وتوما الشكاك. والأفضل والأدق أن نقول أنه عقلاني يريد أن يقتنع، والله في معاملاته معنا لا يرفض مثل هؤلاء بل يقنعهم كما قال إرمياء "أقنعتني يا رب فاقتنعت وألححت عليَّ فغلبت" (إر20: 7) هو تعود أن لا يترك تساؤلًا داخله أو استفسار دون أن يخرجه إلى خارج، وهذا لا يضايق الله، بل الله يجيب على تساؤلاتنا وبطريقة مقنعة. لكن الله يحزن ممن يتساءل بسخرية أو يشكك الآخرين. وطبيعة توما تجدها في (يو 14: 5). لكن كان لتوما محبة كبيرة للمسيح (يو 11: 16).
وكلهم جمعهم المسيح ليقدسهم ويغير طبيعتهم فيصيروا نورًا للعالم. اختارهم المسيح من الناس العاديين الخطاة ليترفقوا بإخوتهم. وظهر تغيير الطبيعة مثلًا في يوحنا الذي كان مملوءًا غيرة وحماسًا، يطلب نزول نار من السماء لتحرق رافضي المسيح، إلى يوحنا المملوء حبًا عجيبًا
للمسيح، وفي المسيح أحب الجميع. هي غيرة وحماس ولكن من نوع آخر. المسيح غَيَّر منهم وأرسلهم ليُغَيِّروا الناس ويصبح الكل خليقة جديدة.9. المسيح غيَّر أسماء البعض مثل سمعان جعله بطرس، وبطرس معناها صخرة لكونه أول من أعلن الإيمان بالمسيح أنه ابن الله، وعلى هذا الإيمان تبنى الكنيسة، فلا كنيسة إن لم يكن المسيح هو ابن الله. وهو غير الأسماء بسلطان فهو يهوه الذي غير اسم إبرام لإبراهيم..
10. بطرس بالآرامية تعني كيفاس أو صفا بمعنى صخرة (1 كو 22:3).
11. بوانرجس (يعقوب ويوحنا ابنا زبدي) هذا الاسم يعني ابنا الرعد.
12. أسماء فيلبس وأندراوس أسماء يونانية. وهؤلاء لهم مشكلة واضحة وهي التعامل مع الله من واقع الحسابات المادية.
13. قارن بين (مت 35:9) + (مت 1:10) نجد أن ما جاء المسيح ليعمله جعل التلاميذ يعملونه. لذلك غسل المسيح أرجل تلاميذه وطلب منهم أن يفعلوا نفس الشيء. ولذلك نصلي لقان غسل الأرجل مرتين، الأولى يوم خميس العهد والثانية يوم عيد الرسل.
آيات (5-8):-
هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا.
إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا.... إذهبوا إلى خراف بيت إسرائيل
= كان في الجليل مدن يونانية تعيش معزولة عن اليهود وكان اليهود والسامريين في بغضة شديدة لبعضهم البعض. فاليونانيون بوثنيتهم والسامرة بكراهيتها للتلاميذ فهم يهود، والتلاميذ بمحبتهم الناقصة (قبل حلول الروح القدس)، لن يمكن أن يشهدوا للمسيح وسط هذه المقاومة والإهانات والكراهية خصوصًا كما قلنا وهم لم يحل عليهم الروح بعد. وحلول الروح القدس عليهم سيعطيهم المحبة والاحتمال والصبر، والكلمة المناسبة. ولكن أرسلهم السيد أولًا إلى اليهود، حتى لا يكون لليهود عذر في رفضهم للمسيح. ولكن بعد صلب اليهود للمسيح ورفضهم بعد ذلك لتلاميذه وبعد حلول الروح القدس على التلاميذ أرسلهم الرب للأمم وللسامريين "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم" (مت 19:28 + أع 8:1).قد اقترب ملكوت السموات = هذا نفس ما قاله المعمدان (مت 2:3) وقاله السيد الرب بنفسه (مت 17:4). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فالسيد قد جاء ليؤسس ملكوته الروحي وهذا يتأسس في القلوب التائبة. فالقلب التائب يستطيع أن يملك الرب يسوع عليه، ولكن القلب غير التائب والمعاند لن يمكنه ذلك. لذلك كانت رسالة المعمدان ثم رسالة رب المجد نفسه هي توبوا (مت 2:3 + 17:4). وحينما يملك الله على القلب يعيش الإنسان في فرح، والعكس فحينما يملك إبليس يشيع الحزن والكآبة في القلب. ولأن ملكوت السموات فرح يقول المسيح لهم اكرزوا بأن الفرح الآن متاح لكم.
إشفوا مرضى.. إخرجوا شياطين = المسيح يعطي لتلاميذه إمكانيات جبارة للخدمة، تسندهم وتفتح الطريق أمامهم فالناس سوف تصدقهم حينما تصاحب المعجزات كرازتهم. وبهذا يعلنوا محبة الله للبشر التي تريد لهم الشفاء والحياة، وتريد لهم الحرية من سلطان الشيطان ليملك الرب بنفسه عليهم. ونلاحظ أنه في بداية معرفة المسيح يكون الشفاء الجسدي هو علامة عند المبتدئ لمحبة المسيح لهُ، ومع نضج المؤمن يسمح له الله ببعض الأمراض ليَكمُل (بولس الرسول مثال).
مجانًا أخذتم مجانًا اعطوا
= حتى لا يصبح جمع الأموال هدفًا لهم فيهتموا بالأغنياء ويتركوا الفقراء. وحتى لا يظنوا أنهم بقوتهم يفعلون هذا بل هم أخذوا المواهب مجانًا. ثم طالبهم السيد في الآية القادمة بأن لا يقتنوا ذهبًا ولا فضة. ولكن نلاحظ أنه قبل أن يطلب هذا أعطاهم هذه الإمكانيات الجبارة فالسيد لم يحرمهم من تلك الزمنيات إلاّ بعد أن أعطاهم الكثير. ولاحظ أن هذه الإرسالية كانت كتدريب في وجود المعلم.
(مت 9:10-15 + مر 7:6-13 + لو 1:9-6):-
(مت 9:10-15):-
لاَ تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌ طَعَامَهُ. «وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ. وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ.
وَدَعَا الاثْنَيْ عَشَرَ وَابْتَدَأَ يُرْسِلُهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ، وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ غَيْرَ عَصًا فَقَطْ، لاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ نُحَاسًا فِي الْمِنْطَقَةِ. بَلْ يَكُونُوا مَشْدُودِينَ بِنِعَال، وَلاَ يَلْبَسُوا ثَوْبَيْنِ. وَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا فَأَقِيمُوا فِيهِ حَتَّى تَخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ. وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمْ، فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ». فَخَرَجُوا وَصَارُوا يَكْرِزُونَ أَنْ يَتُوبُوا. وَأَخْرَجُوا شَيَاطِينَ كَثِيرَةً، وَدَهَنُوا بِزَيْتٍ مَرْضَى كَثِيرِينَ فَشَفَوْهُمْ.
وَدَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَعْطَاهُمْ قُوَّةً وَسُلْطَانًا عَلَى جَمِيعِ الشَّيَاطِينِ وَشِفَاءِ أَمْرَاضٍ، وَأَرْسَلَهُمْ لِيَكْرِزُوا بِمَلَكُوتِ اللهِ وَيَشْفُوا الْمَرْضَى. وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ: لاَ عَصًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ فِضَّةً، وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ. وَأَيَّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَهُنَاكَ أَقِيمُوا، وَمِنْ هُنَاكَ اخْرُجُوا. وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ فَاخْرُجُوا مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا الْغُبَارَ أَيْضًا عَنْ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ». فَلَمَّا خَرَجُوا كَانُوا يَجْتَازُونَ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ يُبَشِّرُونَ وَيَشْفُونَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ.
لا تقتنوا ذهبًا ولا فضة
= المقصود عدم الاهتمام بالاقتناء أو أن يحملوا هَمْ الغد، فالله سيرسل لهم ما يكفيهم. الله يريد منهم الاتكال الكامل عليه وأن لا يجدوا في المال ضمانًا للغد، وأن يهتموا فقط بالكرازة. عمومًا فمحبة المال أصل لكل الشرور. وكانوا يأكلون في بيوت تلاميذهم وكان هذا لتزداد المحبة بينهم وبين تلاميذهم. نحاسًا= أي النقود، فالنقود كانت من الذهب والفضة والنحاس. في مناطقكم = هي ثنية في رداء المنطقة تستعمل كما نستعمل الجيوب الآن. ولا مزودًا = كيس صغير يضعون فيه الطعام أثناء سفرهم.ولا أحذية = ويقول في مرقس بل يكونوا مشدودين بنعال = لا يعقل أن السيد يطلب منهم السير حفاة الأقدام، لذلك فليكونوا مشدودين بنعال، ولكن لا يحملوا همًا بزيادة، فيحملوا معهم أحذية لئلا ينقطع الحذاء الذي يلبسونه. حتى الحذاء عليهم أن لا يفكروا فيه، فهو سيدبر لهم كل شيء، بل ألم يكن حذاء مار مرقس المقطوع بداية الكرازة في مصر. ولا ثوبين.. ولا يلبسوا ثوبين (مرقص)= نفس المعنى أن لا يحملوا هم انقطاع ثوب فيلبسوا ثوبين، عليهم أن يذكروا أن ثياب بني إسرائيل ونعالهم لم تبلى مدة 40 سنة (تث 5:29-6)، فلا يحملوا شيئًا مضاعفًا. ولكن لاحظ قوله مشدودين بنعال أي أنهم على استعداد مستمر للحركة. وكلمة مشدودين فلأن الصنادل المستخدمة كان لها سيور يلفونها حول الساق، ويلزم حلها أولًا قبل خلعها، هذه التي اعتبر المعمدان نفسه غير أهل لحلها. ولا عصا (متى).. غير عصا فقط (مرقس).. لا عصا (لوقا) العصا تستخدم في السير ليستند عليها السائر، إذ أن الطرق غير ممهدة وهم يسيرون في جبال ووديان، وتستعمل العصا في الدفاع ضد الحيوانات. ويبدو من مقارنة الثلاثة أناجيل أن هناك خلاف بسيط في موضوع العصا ففي متى ولوقا لا يُسمح بحمل عصا وفي مرقس يُسمح بهذا. وطبعًا علينا ألاّ نكون حرفيين وأن نفهم روح الوصية، والمقصود أن من يحتاج لعصا فليأخذها ليستند عليها، ولكن لنفهم أن المهم هو الشعور الداخلي بالاتكال على السيد المسيح في كل شيء، لا يخاف الكارز من حيوان يهاجمه (خر 7:11) ولا من جوع أو عوز، فالله يدبر كل شيء. فلا نفهم عدم حمل العصا حرفيًا، أن المسيح يمنع ذلك لكن المسيح يطلب أن نلقي كل همنا عليه وهو يعولنا. عمومًا العصا تشير للحماية من عدو. ومعنى وجود نص يقول أحمل عصا ونص يقول لا تحمل عصا فهذا إشارة لأنه أن وجدت حماية استعملوها [كما حدث مع نحميا (نح 9:2)] وإن لم توجد فلا تحملوا همًا فأنا أحميكم (عز 21:8-23) فعزرا لم يطلب حماية ثقة في إلهه لكن نحميا إذ عرض عليه الملك جيشًا ليحميه لم يرفض.
وأية مدينة دخلتموها فإفحصوا من فيها مستحق= أي من هو مستحق أن تقيموا عنده، ويكون بيته كنيسة تُصَلَّى فيها الصلوات والقداسات. وأقيموا هناك حتى تخرجوا (متى). حيثما دخلتم بيتًا فأقيموا فيه حتى تخرجوا إذًا هم سيبحثون عن بيت سمعته طيبة ليقيموا فيه ولا يتنقلون من بيت إلى بيت حتى لا تتحول خدمة الكلمة إلى خدمة المجاملات، وإنما يركزوا كل فكرهم وجهدهم في العمل الكرازي وحده. وحتى لا تحدث منافسات بين البيوت في إكرامهم فينسون الخدمة.
حين تدخلون البيت سلموا عليه = السلام هي عادة يهودية، بل هي عادة في كل العالم. ولكن المقصود هنا هو منح البركة لهذا المكان. وإن كان أهل البيت مستحقين لهذه البركة ستكون لهم، وإن لم يكونوا مستحقين ترجع هذه البركة وهذا السلام لكم= فليرجع سلامكم إليكم. انفضوا غبار أرجلكم= بمعنى أنهم خرجوا من عندهم لا يريدون أدنى شيء منهم. وكان اليهود يعتقدون أن أرض إسرائيل مقدسة، لدرجة أنهم إذا كانوا يأتون من مملكة وثنية يقفون عند حدود بلادهم من الخارج وينفضون أو يمسحون الغبار من على أرجلهم، حتى لا تتنجس أرضهم بالغبار الذي من أرض وثنية. وهنا مثل حيّ لأولئك اليهود الذين يرفضون رسالة الإنجيل، فهم لا يعتبرون مقدسين بل يصلون إلى مستوى الوثنيين وعبدة الأصنام إذ رفضوا المسيح غافر الخطايا فاستقرت خطاياهم عليهم (نح 13:5 + أع 51:13).
سلموا عليه = بهذا تبدأ كنيستنا صلواتها، بأن يطلب الكاهن البركة والسلام للشعب بقوله "إيريني باسي Iryny paci أي السلام لجميعكم" وهذا ليس مثل السلام العادي بين الأشخاص العاديين وإلاّ ما معنى قول السيد يرجع سلامكم إليكم، إذًا هو بركة تمنح من الله. سدوم وعمورة= تكون حالتهم أكثر احتمالًا من هؤلاء الرافضين إذ أن سدوم وعمورة لم ترى المعجزات التي رآها هؤلاء. هنا نرى أن العذاب درجات. والمجد أيضًا درجات "فنجم يمتاز عن نجم" (1كو 41:15).
(مر6: 7):-
وَدَعَا الاثْنَيْ عَشَرَ وَابْتَدَأَ يُرْسِلُهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ.
أرسلهم اثنين اثنين= (جا 9:4-12) فواحد منهما يشجع الأخر ويعزيه إن هو ضعف. وهكذا ذهب برنابا مع بولس ثم سيلا مع بولس. أو أحدهما يعظ والآخر يصلي.
(مر 12:6-13):-
فَخَرَجُوا وَصَارُوا يَكْرِزُونَ أَنْ يَتُوبُوا. وَأَخْرَجُوا شَيَاطِينَ كَثِيرَةً، وَدَهَنُوا بِزَيْتٍ مَرْضَى كَثِيرِينَ فَشَفَوْهُمْ.
هنا نرى التلاميذ يخرجون في هذه المهمة التدريبية في وجود السيد بالجسد على الأرض، ويمارسوا عمل الكرازة. ونراهم يمارسون سر مسحة المرضى = دهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم. وهكذا تتمم الكنيسة هذا السر كما تسلمته من الرسل، وكما استلمه الرسل من السيد المسيح، وكما أمر معلمنا يعقوب (يع14:5-15). ونلاحظ أن يهوذا كان من ضمن التلاميذ، إذًا فهو قد عَلَّم ودهن بالزيت فشفى مرضى وأخرج شياطين، ولكن هلك إذ لم يقدر قيمة ما أخذ، فانطبق عليه قول السيد المسيح إني لم أعرفكم قط (مت 22:7-23).
(مت 16:10-42):-
«هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ. فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ. وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ. «لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ! فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ، وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ. أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي، وَمَنْ يَقْبَلُني يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ، وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ».
السيد أرسل تلاميذه، وها هو يخبرهم مقدمًا بالآلام التي ستواجههم فرسالة التلاميذ هي نشر السلام، ولكن العالم الشرير سيواجههم بشره. والسيد يسبق ويخبرهم حتى إذا ما رأوا تحقيق ذلك لا يفزعوا ولا يفاجئوا، بل يطمئنوا ويزداد إيمانهم، فمن يعرف المستقبل هو قادر أن يحميهم (يو 29:14 + يو 1:16-4).
كغنم في وسط ذئاب= والعجيب أن هؤلاء الغنم حولوا الذئاب إلى غنم، ألم يتحول شاول الطرسوسي إلى غنم (رو36:8) بعد أن كان ذئبًا (فى6:3). وربما يتساءل البعض لماذا لم يجعلنا الله أسودًا وسط الذئاب؟
1. حتى نعتمد عليه وحده كأسد خارج من سبط يهوذا (رؤ5:5). الله يعمل مع الغنم الوديع المتشبه به، فهو حمل الله. أمّا من يعتمد على قوة ذراعه، فهذا لا يُسَّر به الله (مز 1:147). ويتركه ولا يدافع عنه. وكل مَنْ ينتقم لنفسه لا يرضي الله، وبهذا يصير الغنم ومعهم المسيح أقوى من الذئاب.
2. تصوَّر أن الرُسُلْ كانوا أسودًا فماذا كان يحدث ؛ سيهرب منهم الناس ولا يسمعون لهم، ولكن الناس إذ رأوا ضعفهم ورأوا قوة الله تعمل فيهم وتحميهم آمنوا بالله، فالغنم فقط هي القادرة أن تكرز. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى (2كو9:12-10). وكيف نكرز بحَمَلْ هو المسيح ولنا صورة وحوش (هل سيصدقنا أحد).
3. الله لا يعمل بنا إلاّ لو كنا ضعفاء حتى لا نفسد خطته، لذلك لم يرسلنا كأسود وسط العالم، فالقوة لن تكون سببًا في نمو الكرازة، إنما الوداعة، وعمل المسيح بنعمته فينا. مثال:- ريشة الفنان عليها أن لا تختار الألوان، بل تترك هذا للفنان، أما لو تدخلت الريشة لتختار الألوان لخرجت لوحة فاسدة. والقوي إذا رأى ذئبًا سيقتله غير عارف أن الله بحكمته وصبره سيحوله إلى غنم بعد قليل، فالله حوَّل الإمبراطورية الرومانية كلها للمسيحية بعد أن كانت إمبراطورية متوحشة. حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام= الحمام لا يحمل حقدًا نحو أحد حتى لو ذبحوا أفراخها أمام عينها، ولا تلقي فخاخًا لأحد. والحمام يحيا في جماعة محتفظين بالمحبة (الكنيسة يجب أن تكون هكذا) يبتهجون معًا في وحدة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وحمامة نوح عادت لفلك نوح بينما أن الغراب عاش على الجيف. وهكذا المؤمن لا يرتاح سوى في الكنيسة تاركًا نجاسة العالم. الحمامة بغصن الزيتون في فمها صارت رمزًا للسلام والبساطة والمحبة ولكن ليس معنى البساطة أن لا نكون حكماء. فيلتزم الإنسان المسيحي بحكمته حتى لا يصنع له أحدا فخًا، لا يعطي لأحد مجالًا أن يلقي له الفخاخ أو يخدعه. ولاحظ أن كلمة بسيط قد تترجم في الكتاب المقدس Single hearted وقد تترجم Simple والمقصود أن يكون للقلب اتجاه واحد هو البحث عن مجد الله وهكذا الحمام تجده دائمًا له اتجاه واحد هو بيته يعود إليه، ولذلك استخدموا الحمام الزاجل في حمل الرسائل وهكذا عادت حمامة نوح إلى الفلك.
ولكن لماذا تشبيه الحكيم بالثعبان؟
1) الحية تختبئ في الصخر والمؤمن يحتمي في المسيح.
2) الحية مطاردة من الجميع وهكذا المؤمنين (راجع بقية الإصحاح).
3) الثعبان يدخل من ثقب صغير لينسلخ عنه جلده العتيق فيخرج إلى حياة جديدة، والمؤمن يدخل من الباب الضيق ليخلع الإنسان العتيق ويلبس الجديد (كو9:3-10). قارن مع من يدخل من الباب الضيق ويتغير عن شكله بتجديد ذهنه (مت13:7 + رو2:12). الثقب الصغير هو التغصب في الامتناع عن الخطية والتغصب على الصلاة والصوم... إلى آخره. وهذا ما يسمى الجهاد في المسيحية. والنتيجة أن النعمة تغير شكل الإنسان إلى الخليقة الجديدة (2كو17:5).
4) الحية معروف عنها الحذر الشديد من الخطر. هكذا المؤمن فليحذر ولتكن عينه مفتوحة حتى لا يقع في عثرة.
5) عندما يُقْتَلْ، يترك كل جسمه للضرب ولكنه يحفظ رأسه ويخبئها، ففيها حياته. وكيف نحتفظ برؤوسنا.
(أ) الرأس هو الإيمان بالمسيح، فلنتمسك بالإيمان ولو خسرنا كل شيء. فالمسيح هو رأس الكنيسة (أف 23:5). إذًا هو رأسنا.
(ب) الرأس هو مكان الأفكار، والأفكار هي أداة إبليس لتحريك شهوات الجسم، فمن الرأس تأتي أفكار الشهوة والحسد والتذمر وتعظم المعيشة والحقد والانتقام. وعلى المؤمن إذا هاجمته هذه الأفكار أن يصرخ للرب يسوع لينزع عنه هذه الأفكار فيحمي حياته.
ولكن أيضًا نجد أن الروح القدس يضع أفكارا مقدسة في رؤوسنا، إذًا فلنحفظ عقولنا بأفكار مقدسة كل اليوم وهذا يكون بصلاة يسوع أو تأمل في مزمور أو ترديد آيات، وهذا معنى "صلوا بلا انقطاع" (1تس5: 17)، وراجع معنى شروط الحيوان الطاهر (لا 11).إذًا فلنحافظ على أنفسنا بحكمة الحيات ولكن بوداعة الحمام وكسب ود الآخرين ومحبتهم ليستمعوا لتعاليم الملكوت وتفقد الذئاب وحشيتها.
(آية 10: 16):- هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ.
كان الرب يسوع يستخدم صور وتشبيهات مألوفة لليهود ليفهمها تلاميذه والسامعين بسهولة ولكن بعد أن يضعها في إطارها الصحيح وليس كما يفهمها اليهود. فمثلا كان الربيين يستعملون تعبير الغنم وسط الذئاب عن أنفسهم وسط الأمم. وغير معناها ليصير تلاميذه هم الغنم وسط ذئاب اليهود والسنهدريم. وكان الربيين يستعملون أيضًا تعبير "ليس التلميذ أفضل من معلمه".
آية (17):-
وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ.
ولكن إحذروا من الناس
= حاولوا أن تحافظوا على أنفسكم بحكمة الحيات ووداعة الحمام، ولكن لتعلموا أن هذه هي طبيعة العالم الذي أرسلكم وسطه. فلا تستغربوا من إضطهاده لكم. فستكونون مكروهين من العالم لانتمائكم لي، فالعالم يكرهني أنا حقيقة.إحذروا
= لا تسقطوا أنفسكم في مشاكل فكونوا حذرين في كلامكم وتصرفاتكم، فلا تعطوهم فرصة تصيد خطأ عليكم.
آية (18):-
وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ.
شهادة لهم وللأمم = قبولكم للألم واحتمالكم سيكون شهادة لي أمام هؤلاء الملوك وأمام الأمم. فكل من يحتمل الألم حتى الموت فهو واثق مما يقوله، وهذا ما سيجعل هؤلاء الملوك يفكرون في هذه الدعوة. بل السلام والفرح الذي قابل الشهداء به الآلام والموت كان سببًا في إيمان كثيرين وفي انتشار الكرازة .
تحذير
: على كل من يتألم أن لا يقول للمسيح "لماذا تجعلني أنا أتألم" فبهذا نجعل من المسيح خصم بينما هو يحيا فيَّ فلا تتصور أنه منفصل عنك بينما هو متحد بك وقد أعطاك حياته.
آيات (19-20):-
فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ.
آيات فيها تشجيع فالله سيعطيهم بالروح القدس الذي فيهم أن تفيض منهم الحكمة وقوة الحجة لإذاعة بُشرَى الخلاص (أر 4:1-9). في تلك الساعة = لا تستغرب يا أخي إن كنت تخاف الآن أن يأتي عصر اضطهاد، لأنك لا تشعر في داخلك أنك قوي بما فيه الكفاية حتى تحتمل. ولا تستغرب إن لم تشعر بقوة حجتك الآن. لأن الله يَعِد أن يعطي القوة والحكمة بل يسكب الفرح داخلك في الساعة التي تحتاج فيها ذلك وليس الآن.
آيات (21-22):-
وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.
المقاومة لا تقف عند حدود، بل سيقف ضد المؤمن حتى أهل بيته وأقاربه. ولكن السيد إذ يخبرنا بما سيحدث يطلب منا الصبر بروح الثقة في إلهنا ومسيحنا وبروح الرجاء في الأبدية. والصبر المطلوب من المؤمن ليس هو الصبر في مواجهة الإضطهاد فقط بل الصبر في احتمال أي ألم يسمح به الرب، والصبر على تنفيذ وصايا المسيح حتى آخر يوم في حياتنا
"بصبركم إقتنوا أنفسكم" (لو21: 19).
آية (23):-
وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
متى طردوكم فاهربوا = هنا السيد يضع مبدأً هامًا، فإذا ثارت العاصفة وكان هناك فرصة أن نهدئ منها، بأن نبتعد فلنبتعد، ولا نعطي فرصة للمضايقين أن يزدادوا غضبًا وثورة، لا داعي أن يلقي أحد نفسه وسط المخاطر التي قد لا يحتملها جسده الضعيف، ولكن إن وقعنا في أيديهم وطلبوا منا أن ننكر إيماننا، هنا لزم الاستشهاد. وهرب الكارزين من مدينة إلى مدينة سيكون فيه فرصة لانتشار الإيمان وهذا ما حدث في بداية المسيحية، إذ حينما أثار اليهود الاضطهاد ضد الكنيسة هرب المسيحيون إلى كل مكان فانتشرت الكرازة.
لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان
= فهم عليهم حين يثوروا ضدهم أن يهربوا إلى مدينة أخرى يكرزون فيها، ثم يقابلهم اضطهاد آخر فيهربوا إلى مدينة أخرى ليكرزوا فيها. وحينما يكملون كل مدن إسرائيل يأتي ابن الإنسان، فما معنى هذا؟ هناك معنيين:-1- حين ينتهي إيمان المختارين من اليهود يأتي ابن الإنسان ليدين الأمة اليهودية على كل ما اقترفته حتى الصليب، وستخرب أورشليم والهيكل بعد أن يخرج منها الذين آمنوا، وهذا ما حدث سنة 70 م. فلقد أحرق تيطس أورشليم وقتل أكثر من مليون وصلب 120000 وأحرقهم وهدم الهيكل تمامًا. وكان هذا بعد أن تشتت المسيحيين في كل مكان. بل في خلال حصار أورشليم هرب منها كل المسيحيين ولم يبق منهم ولا واحد، فلم يُؤذي مسيحي واحد خلال هذا الحصار.
2- حتى الآن هناك يهود سيؤمنون ونحن نعلم أن دخول البقية للإيمان هو علامة على نهاية الأيام ومجيء المسيح في مجيئه الثاني. فقول السيد لا تكملون مدن إسرائيل = قد يشير لكمال دخول البقية من اليهود للمسيحية في نهاية الأيام (رو 11: 15، 25-32).
3- تعبير ابن الإنسان مأخوذ من (دا7: 13 + 22) وفيه تصوير لإبن الإنسان الديان. فاليهود يفهمون التعبير على أنه للدينونة. وهذا ما حدث فعلا سنة 70م. على يد تيطس الروماني. ويعتبر هذا مجيء غير مرئي لإبن الإنسان ليدين فيه أورشليم. لكن مجيئه الثاني العلني سيكون للدينونة العامة ولخلاص أبدي لمن ينتظرونه. وبهذا يمكننا فهم حجم الغضب عند قيافا عندما سمع قول الرب يسوع أثناء محاكمته "من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة .." (مت26: 64) فمن قول الرب "من الآن" فهم قيافا أن المسيح يقصد - أن دينونة إسرائيل تبدأ من الآن.
آيات (24-25):-
لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!
هنا المسيح يقدم نفسه كقدوة في احتمال الألم. وبهذا تصير أسلحة المؤمن التي يقدمها له الله لاحتمال الألم.
1- الروح القدس الذي يتكلم فيه ويمنحه القوة.
2- الصبر والرجاء إلى المنتهى وهذا يعطيه لنا الروح فالله لم يعطنا روح الفشل.
3- المسيح كقدوة في احتماله الألم. (راجع 1بط1:4)
4- المسالمة بقدر إمكاننا مع من يضطهدوننا حتى لا نثيرهم.
ولاحظ أن السيد المسيح لم يَعِدْ أن يمنع الألم عمن يتبعه، ولكن وَعْدْ المسيح كان بأن يملأ القلب سلامًا من الداخل، فالألم الخارجي ينتصر عليه السلام الداخلي والعزاء الداخلي والفرح الداخلي. وهذه هي النصرة على الألم في المسيحية. والمسيح هنا يضع نفسه كمثال، فإن كان قد تألَّم وهو رب المجد أفلا نقبل الألم، بل قيل عنه أنه تَكَمَّلَ بالألم (عب 10:2). أفلا نقبل الألم لنكون كاملين. فما يسمح به الله هو لأجل أن نتكمل. هو تكمل بالألم ليشابهنا في كل شيء، ونحن نتكمَّل بالألم لنَكمُل ونشبهه.
بعلزبول= بعلزبوب هو إله العقرونيين (فهو إله الذباب طارد للذباب) (والعقرونيين في فلسطين) واليهود أسموه بعلزبول تحقيرًا له فمعناه (إله الأقذار).
رب البيت = (رأي إدرشيم العالم اليهودي المتنصر) هذا التعبير الذي إستخدمه الرب هنا غالبا له معنى راجع لأنه حين طهر الهيكل المرة الأولى، سخر منه الفريسيين إذ قال أن البيت هو بيت أبيه. وقالوا هو رب البيت بلهجة ساخرة. بل أكملوا - بل هو بعلزبول وهذه معناها:- بعل = رب + زبول = تعني الهيكل بالذات. وكان اليهود يعتقدون أن هناك 7 سماوات، وفي السماء الرابعة وإسمها زبول (تكتب زبهول ZABHOOL) يوجد أورشليم السماوية وبها الهيكل، وأن الملاك ميخائيل هو الذي يخدم في هيكلها. ومن الناحية الأخرى فهناك كلمة أخرى متشابهة ولكنها مختلفة في الهجاء هي (زببول - ZABBOOL) وهذه تعني تقديم الذبائح للأوثان. وبالتالي يصبح اللقب الذي أعطوه للمسيح بعلزبول هو رئيس هيكل عبادة الأوثان، وهو أسوأ أنواع الشياطين وهو الذي يغوي الناس على العبادة الوثنية.
آيات (26-27):-
فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ.
ليس مكتوم لن يُستعلن = هو قول مشهور يستعمله الرب هنا لبيان انتشار الكرازة، والتي هي حتى الآن غامضة لكنها ستتوضَّح. فحتى وقت ما كان السيد يقول هذا الكلام، كانت فكرة الفداء والصليب غير معلومة لكنها كانت مكتومة. وأيضًا الأمجاد المعدة للكنيسة كانت مكتومة في هذا الوقت، بل ما زالت حتى الآن كلغز. الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور = ما يعلمه الآن لهم سرًا عليهم أن يذيعوه، أما معلمي اليهود فكانوا يهمسون في أذان تلاميذهم، ما كانوا يرفضون أن يعلنوه للجميع. والمسيح لم يكن له تعاليم سرية تخص بعضًا من الناس وتكون سرًا على العامة. ولكن المسيح كان يعلم التلاميذ ويرفع من مستواهم، ويعلن لهم بعضًا من أسراره التي كانت أعلى من مستوى العامة، فالمسيح يعطي تعاليمه بالتدريج حتى يقبلها السامع. وهو هنا يقول لتلاميذه، كل ما قلته إعلنوه وإجعلوه في النور. الأذن= ما قاله المسيح لتلاميذه فقط في جلسات خاصة. السطوح= ليسمع الجميع.
آية (28):-
وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ.
لا تخافوا فحياتكم ليست في يدهم بل في يد الله الذي في يده سلطان ليس فقط على أجسادهم بل على نفوسهم. فمن ينكر المسيح لأنه خائف من العذاب سينقذ جسده لأيام ولكن سيكون قد خسر نفسه أبديًا. وما أجمل أن نشعر أننا في يد الله الرحيم، وأنه لا سلطان لأحد علينا ما لم يكن الله قد أعطاه هذا السلطان (يو 11:19).
آيات (29-33):-
أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
إضطر السيد الرب أن يلجأ لهذه المقارنة ليثبت اهتمامه بنا فلا نخاف من أي اضطهاد. فالله استمر يخلق الأرض ألاف الملايين من السنين ليجعلها جنة حتى يخلق الإنسان ويمتعه بها، ولم يكن هذا لأجل العصافير. لكن السيد اضطر لهذا لأن الإنسان دائم الشك في محبة الله، بل أن هذه هي لعبة إبليس دائمًا أن يشكك الإنسان في محبة الله مع كل تجربة. بل أن اهتمام الله بالإنسان يصل إلى درجة معرفته بعدد شعور
رؤوسنا، ولكن الخائفين غير المؤمنين الذين ينكرون المسيح مع كل هذه المحبة فلا نصيب لهم في أمجاد السماء. هذا معنى أن المسيح ينكرهم = ما عادوا أعضاء في جسده، وما عاد المسيح يشملهم برحمته ويكفر عنهم بدمه، فالخلاص لمن هو ثابت في المسيح. هذه مثل "أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ3: 16).
وَفِي أَثْنَاءِ ذلِكَ، إِذِ اجْتَمَعَ رَبَوَاتُ الشَّعْبِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضًا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلًا تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ، فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ. وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا! أَلَيْسَتْ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ تُبَاعُ بِفَلْسَيْنِ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَيْسَ مَنْسِيًّا أَمَامَ اللهِ؟ بَلْ شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ. وَمَتَى قَدَّمُوكُمْ إِلَى الْمَجَامِعِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَحْتَجُّونَ أَوْ بِمَا تَقُولُونَ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ».
في (لو15:11) نجد الفريسيين يتهمون المسيح أنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين (قارن مع مت 22:12-24). وفي (لو53:11-54) نجد الفريسيين يراقبونه طالبين أن يصطادوا شيئًا من
فمه ليشتكوا عليه وذلك لحنقهم عليه، فهم يريدون أن يحجبوا الناس عنه فلا تنهار شعبيتهم ويفقدون كرامتهم وسلطانهم. لكن واضح أن تصرفهم جاء بنتيجة عكسية، فلقد جاءت ربوات (عشرات ألوف) الشعب ليسمعوا السيد الرب. وبهذا يكون رياء الفريسيين قد فشل ومشورتهم في الظلام قد انفضحت وظهر ريائهم في النور.فليس مكتوم لن يستعلن = الآن بحسب ترتيب إنجيل لوقا صار لهذه الآية مفهوم آخر. فلقد سبق وفهمنا أنها تشير لانتشار الكرازة، وهذا قد حدث الآن ورأينا عشرات الألوف مجتمعين حول المسيح. لكنها أيضًا صارت تشير لافتضاح الظلمة. فكل شر الشيطان فضحه الرب (كو 15:2). وكل مؤامرات الفريسيين في الظلمة صارت في النور مكشوفة وبهذا لم يهتم الشعب بكلام الفريسيين، لكنهم اجتمعوا حول المسيح. ولنعلم أن ثوب الرياء لا يستر صاحبه طويلًا، بل سيتمزق وينكشف ما تحته من نجاسة وضلال.
كل ما قلتموه في الظلمة يُسمع في النور وما كلمتم به الأذن في المخادع = هذه تختلف عمّا سبق في متى، ففي متى سمعنا "الذي تسمعونه في الأذن نادوا به على السطوح.. الذي أقوله في الظلمة قولوه في النور". وكان كلام السيد في متى يشير لضرورة أن يكرز التلاميذ بكل ما سمعوه من السيد أمّا هنا فالسيد يقصد أن يقول لتلاميذه.. تحاشوا الرياء.. لتكن حياتكم طاهرة نقية وبلا شر. لتكن حياتكم متفقة مع تعاليمكم وإلاّ ما تخفونه من شر سيظهر أمام الناس. ما ترتكبونه من شر في الظلمة سيظهر في النور. وتعني الآية أيضًا.. لا يكن لكم تعاليم سرية تخفونها عن الناس، وتعاليم خفية تخشون استعلانها للناس، فهذا ضعف وجبن من الخادم. والسيد نفسه كان يعلم في الهيكل كل يوم علنًا (يو 20:18-21) وبالنظر لمفهوم القديسين متى ولوقا معًا نفهم واجب الخادم والكارز أنه يعلم بكل ما سمعه من المسيح وأن تكون حياته نقية متفقة مع ما يعلم به، وأن لا تكون له تعاليم سرية فهذه ليست من المسيح بل من عنده فهو غير قادر أن يعلنها. ولا يكونوا كالفريسيين الذين يضمرون شيئًا ويتكلمون بشيء أخر.
تحرزوا من خمير الفريسيين= طبعًا المقصود هو رياء الفريسيين، أو كمن يخفي علاقته بالمسيح خوفًا من الناس. والخمير في بدايته يكون كمية صغيرة بالنسبة للعجين، كما أن الشر في بدايته يكون صغيرًا إذا ما قورن بالحق. ولكن من شأن كلاهما (الخمير والشر) سرعة الانتشار. وكما تخمر الخميرة العجين، هكذا يفسد الشر عقيدة الإنسان، وكلاهما يعمل في الخفاء. ورياء الفريسيين هو زيادة اهتمامهم بالناموس وطقوسه في الخارج، لكن أعمالهم رديئة في الخفية وهذه التصرفات تفسد الكنيسة.
آيات (4-5):- لا تخافوا:- وخوفكم هذا يدفعكم للرياء. قيل أن الجسد ما هو إلاّ صدفة تخفي لؤلؤة، واللؤلؤة هي النفس. فلماذا الاهتمام بالجسد. يا أحبائي = هذا شعور المسيح نحو خاصته.
آية (6):-أليست خمسة عصافير تباع بفَلسين= وقيل في (مت 29:10) أليس عصفوران يباعان بفَلس. ويبدو أن أربعة عصافير كانت تباع بفَلسين ويُعطَى لمن يشترى أربعة، عصفورًا زيادة مجانًا، فحتى هذا العصفور الذي بلا ثمن لا ينساه الله. الفَلس هو أصغر عملة متداولة في ذلك الوقت.
آية (7):- حتى شعرة واحدة من رؤوسنا لا تهلك إلاّ بسماح منه (لو 18:21). شعرة واحدة أي أصغر شيء فينا فشعرة تنقص لن نشعر بها، لكن المسيح مهتم بها.
آيات (8-12):-
اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا. لاَ تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌ طَعَامَهُ. «وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ.
هي تحريض على إعلان الإيمان بالمسيح ربًا علنًا. والإنكار هو إنكار المسيح أو إهمال وصاياه. وفي متى نسمع السيد يقول "أعترف أنا أيضًا به قدام أبي الذي في السموات". وهنا نسمع
قدام ملائكة الله. وكلا الاثنين واحدًا. فالملائكة دائمًا قدام الله. ولكن كون أن المسيح هنا يذكر ملائكة الله فهذا يعطينا شعور باهتمام الملائكة بنا فالمسيح وَحَّد السمائيين والأرضيين وجمع كلاهما فيه (أف 10:1). لذلك نجد أن السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب (لو 10:15) ونجد السمائيين يفرحون بالخلاص الذي صنعه الرب للبشر ويتكلمون باسمنا (رؤ 9:5-10) وكأن المسيح حين يعترف بي أمام الملائكة، كأنه يقدم لهم من صار لهم شريكًا في حياتهم السمائية وحياة التسبيح. فحين يقول:-أمام أبي
فالمعنى أيها الآب هؤلاء صاروا جزء من جسدي، إذًا هم صاروا أبناءً لك.أمام الملائكة
= صرنا شركاء لهم في السماء، هي دعوة لننضم لهم في حياتهم.آية (10):- أنظر تفسيرها في (مت 31:12-32).
الآيات (11-12):- أنا أعطيكم فمًا وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها (لو15:21).
(مت34:10-36):-
لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.
المسيح هو ملك السلام، جاء ليملأ قلوب المؤمنين به سلامًا (يو27:14) وبعد القيامة كانت هذه أيضًا عطيته (يو19:20+21+26). وصانعي السلام يُدعون أبناء الله (مت 9:5). فحين يقول السيد لا تظنوا إني جئت لألقي سلامًا على الأرض.. بل سيفًا= لا يقصد السلام الذي يعطيه داخل القلب والذي هو ثمرة من ثمار الروح القدس (غل 22:5) بل يقصد أن العالم لن يقبل المؤمنين به وسيثير حربًا ضدهم كما فعل العالم به هو نفسه (يو 18:15-20) وهذا ما حدث فعلًا من اليهود ثم الإمبراطورية الرومانية التي سفكت دمًا كثيرًا = بل سيفًا. والسيف يفسر أنه كلمة الله الذي به نحارب إبليس والخطية والذي به (بسيف الكلمة) انتشرت المسيحية في كل الأرض (عب 12:4) بل ثار أقارب المؤمن في وجهه وقتلوه =أعداء الإنسان أهل بيته.
الكنة = زوجة الابن.
مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.
من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني
= كان المؤمن معرضًا في أيام الاستشهاد لأن يقتل، فتأتي أمه تستعطفه ليترك الإيمان من أجل خاطرها، فيتركوه يحيا. لكن بهذا يصير حبه لأمه أكثر من حبه للمسيح، إذ أنكر المسيح، وبهذا صار لا يستحقه = فلا يستحقني ولكن هذه ممتدة حتى الآن. فإذا أصاب أبي أو أمي أو أحد أحبائي مرض أو أن الله سمح بانتقالهم، فأتخاصم مع الله وأوجه له كلمات صعبة قائلًا لماذا تفعل هذا يا رب!! فأنا بهذا قد أحببت غيره أكثر منه، بالتالي لا أستحقه.من وجد حياته يضيعها
= من يتصور أنه يخلص نفسه بأن ينكرني فهو في الحقيقة يضيع نفسه ويخسرها. وتفهم أيضًا الآن، بأن من يتصور أنه يجد حياته في ملذات العالم ناسيًا إلهه فهو بهذا يضيعها من أضاع حياته من أجلي يجدها = فالذي قدم حياته للاستشهاد معترفًا باسمي فله أمجاد السموات. ومن قدم جسده ذبيحة حيه وقد صلب أهوائه مع شهواته فله تعزيات الأرض وأمجاد السموات (رو 1:12+غل 24:5).من لا يأخذ صليبه ويتبعني
= هذه أول مرة يتحدث فيها المسيح عن الصليب وفيها نبوة بصلبه، فكوني أتبعه آخذًا صليبي فهذا يعني أن أمتثل به في حمله لصليبه. وحمل الصليب إشارة للألم واحتماله. والسيد كان هنا ينبههم أنهم سيجدون آلامًا وإضطهادات كثيرة وعليهم أن يحملوها، والعجيب أن من يقبل الصليب يملأه الله فرحًا على الأرض (أع 40:5-41) ومجدًا في السماء (رو 17:8). وقد لا يكون العصر عصر استشهاد ولكن أليست آلام المرض والضيقات هي صليب علينا أن نقبله بتسليم وبسكوت وهدوء وبلا تذمر واثقين في محبة الله أبونا السماوي الذي لن يسمح لنا بشيء إلا ما فيه خلاص نفوسنا، فيسكب الله فرحه في داخل المتألم، هذا معنى يأخذ صليبه=أي يحتمل الألم بشكر وبدون تذمر وبرضا بنصيبه. ويحمل الصليب أيضًا قبول تقديم الجسد كذبيحة حية (رو 1:12) وهذا ما نسميه صليب اختياري، وهو ترك ملذات العالم. وهذا ما قال عنه بولس الرسول مع المسيح صلبت فأحيا (غل 20:2). فمن يقبل هذا الصليب تكون له حياة، المسيح يحيا فيه. ولنرى كيف طبق بولس هذا على نفسه فهو بالرغم من آلام جسده الرهيبة كان يقمع جسده ويستعبده (1كو27:9) + (2كو7:12-8).
(لو 49:12-53+ مر 34:8-38 + لو 25:14-27):
«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا، وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟ أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ، أَقُولُ لَكُمْ: بَلِ انْقِسَامًا. لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ، وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الابْنِ، وَالابْنُ عَلَى الأَبِ، وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ، وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا، وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».
وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ».
(لو 25:14-27):-
وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ، فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.
قبل أن يتكلم الرب عن النار التي يلقيها على الأرض تكلم عن أننا وكلاء (لو12: 41 – 48)، وعلينا أن نحيا كوكلاء أمناء وحكماء مستعدين لذلك اليوم الذي سيأتي هو فيه فجأة. ولكن أيضًا من يحيا كوكيل أمين سيحتمل نار الاضطهاد هذه بصبر وتعزية.
جئت لألقي نارًا على الأرض
= سبق وفهمنا من إنجيل متى أن النار هي نار الإضطهاد والآلام. وهنا معنى جديد أن السيد سيرسل روحه الناري ليعزي المتألمين ويعطي حكمة لأولاد الله الذين هم وكلاء. فماذا أريد لو إضطرمت= في ترجمة أخرى "كم وددت لو إضطرمت". عمومًا فالتفسيرين متكاملين فكلما تضطرم نار الروح القدس في المؤمنين تثور ضدهم نار الإضطهاد. والعكس كلما تثور نار الإضطهاد يُسرِعْ السيد المسيح ويملأ المؤمنين به من نار الروح القدس، لتعطيهم حكمة يجيبوا بها السلاطين، وبها يمتلئوا تعزية وصبر. لذلك كم يود المسيح أن نمتلئ من نار الروح القدس المطهرة والمعزية والتي تعطي حكمة. وهذه الطبيعة النارية التي تحرق الخطية، طبيعة الروح القدس، قد ظهرت حين حل على التلاميذ على هيئة ألسنة نار. والمعمودية هي بالروح القدس ونار (مت 11:3) ، فهي لها فعل الإحراق والتطهير. عمومًا نار الله التي يلقيها، هي للشرير حريق. وللبار تطهير وتزكية وإشعال لنار الحب في قلبه والغيرة على كنيسته ومجده وانتشار مجده كنار. ولي صبغة أصطبغها= الصِبغة تأتي بغمر الشيء في الصَبغة. وهذه الكلمة تشير للمعمودية. لأن المعمد يبقى تحت الماء فترة وجيزة من الزمن مغمورًا تمامًا إشارة لموته مع المسيح، وكما أن المسيح بقى في القبر مماتًا في الجسد لفترة قليلة، هكذا يبقى المعمد فترة قليلة تحت الماء. ولكن السيد المسيح لم يصطبغ بغمره في الماء، بل بموته على الصليب مغطى بدمائه، فهو إصطبغ بدمه. وأسس سر المعمودية، حتى أن كل من يدفن في ماء المعمودية يكون قد مات مع المسيح، ويكون الخروج من ماء المعمودية كأنه قيامة مع المسيح.وهذه الآية تأتي بعد حديثه عن النار التي سيلقيها على الأرض:-
فهذه النار هي نار الآلام التي ستجوزها الكنيسة، ونار ألامه التي جازها هو على الصليب.
وهذه النار تشير أيضًا للروح القدس الذي حلَّ على الكنيسة بعد الصليب، بعد أن إصطبغ المسيح بدم صليبه.
كيف أنحصر حتى تكمل
= بمعنى كيف أهدأ حتى أتمم ما جئت لأجله.أتظنون إني جئت لألقي سلامًا
= كان اليهود يتصورون أن المسيح سيأتي ليعطيهم سلامًا زمنيًا ونصرة على الرومان (تلميذيّ عمواس). لكن السلام الذي يعطيه السيد المسيح هو سلام داخلي ينتصر على الآلام والضيقات الخارجية، هو سلام يفوق كل عقل.الصبغة
= بالنسبة لنا هي حياة نقبل فيها الألم والصليب بفرح.وكما إنحصر المسيح، (إنحصر هنا تأتي بمعنى احتماله الحزن والألم أي هو يعلن استعداده للألم والحزن حتى يتمم عمله) علينا كمؤمنين أن نعلن استعدادنا لحمل الصليب ولأي حزن أو ألم لنعلن كمال حبنا لهُ. في هذه الحالة سننعم بالسلام الحقيقي الذي ليس من هذا العالم.
كيف أنحصر حتى تكمل =How Distressed I am Till It Is Accomplished = كم أنا محزون ومُوجَع حتى أنهي العمل.
ينقسم الأب على الابن
... هذه نبوة ميخا النبي (مى 6:7).يبغض
= في العبرية الكلمة تترجم يبغض وتترجم أيضًا يحب أقل (تك30:29-31). وهكذا قيلت في (مت10: 37). فالمسيح واضع وصية أكرم أباك وأمك لن يطلب منا أن نبغضهم، بل أن لا نحب أحدا أكثر منه، فنتصادم معه لو لحقه ضرر.
(مر 34:8-38):-
وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ».
ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه= من يؤمن بالمسيح تكون له حياة أبدية (يو 25:11). أما لو ضاع عمرنا ومتنا دون إيمان حقيقي حيّ لن تكون لنا فدية، فالمقتول بعدما يموت لا يستطيع أن يعطي فدية لقاتله. حتى يحييه أو لا يقتله إذ هو مات، فزمان الفدية قد مضى.
ونلاحظ هنا أن كلام السيد المسيح عن الصليب وعن أهمية أن ينكر المؤمن نفسه كان ردًا على بطرس الذي بدا أنه رافض لفكرة الصليب (32). ونلاحظ في آية (34) أن شرط حمل الصليب هو شرط لكل مسيحي يريد أن يتبع
المسيح، إذ أن الكلام موجه للجميع وللتلاميذ. وشروط التلمذة هي أن يحمل صليبه = ينكر ذاته ويقبل بما سمح به الله ويتبعني = يطيع وصاياي.لأنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي = من يتبع المسيح الذي يبغضه العالم بل هو مرفوض من العالم، بالتالي سيكون مرفوضًا من العالم، والعالم يبغضه. وهذا قول الرب نفسه (يو15: 18 ، 19). فالعالم الذي يبغض المسيح ويرفضه سيبغض المؤمنين به معلنين هذا قدام الجميع. ولذلك نجد أن العالم يهزأ بالمؤمنين بل ويقتلهم، وهذا بدأ من أول يوم للمسيحية في العالم. وقطعا فإن كل من يحتمل السخرية والاستشهاد فهو قد حمل صليب المسيح. ولكن هناك من يستحي بالمسيح حتى لا يسخر منه أحد، ومثل هذا لن يعترف به المسيح. وكيف نعلن إيماننا بالمسيح؟ هذا لا يكون فقط بأن نعلن أننا مسيحيين ولكن باحترام وتنفيذ وصاياه أمام الجميع. ومن وصايا المسيح التي رأيناها في هذه الآيات رفض شهوات وملذات العالم.
(لو 25:14-27):-
وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ، فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.
ولا يبغض =المسيح يوضح لتابعيه صعوبة الطريق، وأنه ستأتي ساعة وظروف فيها يضطر أتباع المسيح أن يختاروا بينه وبين أحبائهم. بين الحياة بعيدًا عنه وبين الموت لأجله.وأنهم لن يستطيعوا أن يتبعوه ما لم يتركوا الأهل فيظهر هذا أمام الناس كأنهم يبغضون أهلهم بالنسبة لهذه العلاقة الجديدة مع المسيح. هنا يظهر حب الشخص لأهله بجانب حبه للمسيح كأنه بغضة لهم، أي يحبهم أقل من محبته للمسيح. عمومًا فالكلمة في العبرية تحتمل الترجمتين 1) يبغض 2) يحب أقل. وهذا ما قيل عن يعقوب وليئة أنه أحب راحيل أكثر منها (تك 30:29) ونفس الكلمة هنا مترجمة في إنجيل متى من أحب أبًا.. أكثر مني فلا يستحقني حتى نفسه=من يغضب من الله ويتخاصم معه ويمتنع عن الكنيسة بسبب مشكلة أو مرض أصابه هو يحب نفسه أكثر من المسيح. ومن يرفض الصليب ويمتع نفسه بمتع محرمة هو يحب نفسه أكثر من المسيح.
عمومًا إذا أحببنا الله سنحب الجميع حتى أعدائنا من خلاله محبة صحيحة.
وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا
= ما هو الصليب؟ بالنسبة لنا هو احتمال الألم، أما بالنسبة للمسيح فهو بذل الذات حتى آخر قطرة دم من أجل محبته للبشر . وهذه هي مدرسة المسيح التي يريد منا المسيح أن نتتلمذ فيها . ومن أراد أن يكون تلميذا للمسيح في هذه المدرسة فلينكر ذاته ويبذل نفسه على طريقة محبة المسيح الباذلة. ولذلك فأعلى درجات السمائيين هم الشهداء الذين بذلوا حياتهم من أجل محبتهم في الملك المسيح.
آيات(40-42):-
مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي، وَمَنْ يَقْبَلُني يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ، وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ.
هنا يشرح شرف وظيفة خدام الإنجيل باعتبارهم سفراء لهُ. وأن تكريمهم، فيه تكريم له هو شخصيًا.
بإسم نبي
= بصفة نبي أي هو قبله لأنه نبي مرسل من الله.مَنْ يقبل بارًا
= هو قبله لأجل الصلاح الذي في البار دون سواه من أمجاد العالم.أحد هؤلاء الصغار
= لاحظ هذه المقارنة.مَنْ يقبل نبي باسم نبي
مَنْ يقبل بار باسم بار
مَنْ سقى أحد هؤلاء الصغار.. باسم تلميذ
ومِن هنا نفهم أن المقصود بالصغار هم التلاميذ لبساطتهم وضعفهم وفقرهم.
والرب يقصد أن من يقبل تلاميذه لأنهم تلاميذه، فلن يضيع أجره، فهو قبلهم إكراما له هو.وكان جزاء أرملة صرفة صيدا على استضافتها إيليا أن أقام الله ابنها من الموت.
إذًا مفهوم هذه الآيات هو إكرام وقبول خدام الرب:
من يقبلهم يكون كمن قبل الرب نفسه فما نفعله بإخوته الأصاغر نكون قد فعلناه به
هو نفسه، ومن يقبل خادمًا يقبل الرب الذي أرسله. وهذا تشجيع من السيد المسيح لتلاميذه.مَنْ يقبل نبي لأن الله أرسله أو يقبل بارًا لأن الرب أرسله يكون له نفس أجر النبي الذي أرسله الرب أو نفس أجر البار الذي قدسه الرب.
أي خدمة تقدم لخدام الله لن يضيع أجرها فالله لا ينظر إلى كمية العطاء بل إلى قلب المعطي (مر 41:12-44).
وبهذا المفهوم ألا
يكون تكريم الكنيسة الأرثوذكسية للشهداء والقديسين متفق مع هذه الآية. أم يقول قائل لا يجوز لأنهم أموات!! هنا نقول أن إلهنا إله أحياء وليس إله أموات (مت 32:22). والله بارك لإسحق من أجل إبراهيم أبيه بينما كان إبراهيم قد مات (تك 24:26) وهكذا يقول الكتاب على لسان الله فإني أكرم الذين يكرمونني (1صم 30:2) أفلا نكرم نحن من يكرمهم الله.
← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير متى 11 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير متى 9 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/t2mf487