St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   21-Resalet-Botros-1
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

بطرس الأولى 4 - تفسير رسالة بطرس الأولى

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بطرس الرسول الأولى:
تفسير رسالة بطرس الأولى: مقدمة رسالة بطرس الأولى | بطرس الأولى 1 | بطرس الأولى 2 | بطرس الأولى 3 | بطرس الأولى 4 | بطرس الأولى 5

نص رسالة بطرس الأولى: بطرس الأولى 1 | بطرس الأولى 2 | بطرس الأولى 3 | بطرس الأولى 4 | بطرس الأولى 5 | بطرس الأولى كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

آية 1:- فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ.

تسلحوا أنتم أيضًا بهذه النية = أي نية احتمال الآلام من أجله في جهادنا وفي حياتنا عمومًا. وهذه تحمل معنيين:

1. احتمال الألم حتى الموت بمنطق إن كان المسيح قد تألم فلماذا لا أحتمل أي ألم يسمح به، خصوصًا لو وضعت في قلبي أن ما يسمح به من ألم هو للمنفعة. (هذا عن الألم الموضوع علينا مثل شوكة الجسد التي أصابت بولس الرسول أو الإضطهادات التي وقعت على المسيحيين).

2. صلب الأهواء فنكون كالأموات لا نطلب ملذات هذا العالم. وهذا عن الألم الاختياري مثلما قال بولس الرسول "أقمع جسدي وأستعبده" (1كو9: 27).

ولاحظ قوله تسلحوا فمن وضع في قلبه أنه مستعد للموت عن العالم من أجل المسيح، يكون له هذا كسلاح ضد إبليس. فإبليس دائما يأتي ليشتكي الله في أذاننا بأن الله لا يحبنا إذ قد تخلى عنا بسبب هذه التجربة أو ذاك المرض، فإذا وجدنا مستعدين لا أن نقبل المرض فقط بل لأن نموت يهرب منا مهزوما. فالذي يجده إبليس متقبلًا الألم بفرح بل ومستعدًا للموت لأجل المسيح يهرب من أمامه إبليس مهزوما إذ لم يستطع أن يوقع بينه وبين الله أو يشككه في محبة الله.

نقطة أخرى يضيفها الرسول فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ = فمن يضع في قلبه أنه مات مع المسيح وصلب أهواءه مع شهواته، طالبا المعونة من الروح القدس على تنفيذ حكم الموت كل يوم وكل ساعة، نجد أنه مع أن جسده حي إلا أنه لا سلطان لشهواته عليه، حتى يظن الإنسان أن طبيعته قد تغيرت، ولكن الجسد لا تتغير طبيعته، ولكن هذا هو مفعول النعمة، والدليل إن من يتهاون في شركته مع الروح القدس تعود إليه عادات جسده أشر من الأول (رو 13:8). ولكن الله في محبته لنا حينما يجدنا غير قادرين على الجهاد يسمح لنا ببعض الآلام في الجسد بها نكره العالم وخطاياه. فالصليب إذًا يساعدنا على كراهية العالم وبهذا نكمل. إذًا الألم هو وسيلة علاج روحية من الله، ومن يحبه الرب يؤدبه وهذا معنى = فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ،"

 

آية 2:- لِكَيْ لاَ يَعِيشَ أَيْضًا الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ، لِشَهَوَاتِ النَّاسِ، بَلْ لإِرَادَةِ اللهِ.

لكي لا يعيش الزمان الباقي = ومن منا يعرف مقدار الزمان الباقي؟

إذا فلنستعد من الآن، بنية صادقة على صلب شهواتنا والروح يعين.

 

آية 3:- لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ.

الزمن الذي قضيناه في الشرور هو أكثر مما ينبغي فلنكف عن الشر. إرادة الأمم = أقصى الشرور الأخلاقية بين الأمم كان يقرها الضمير الاجتماعي وكانت المراسيم الوثنية في العبادة تؤيد هذه الشرور.

 

آية 4:- الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ يَسْتَغْرِبُونَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَرْكُضُونَ مَعَهُمْ إِلَى فَيْضِ هذِهِ الْخَلاَعَةِ عَيْنِهَا، مُجَدِّفِينَ.

يستغربون = كم تكون دهشة الخاطئ أو الوثني، إذ يرى زميله بعدما آمن وتاب لا يشترك معه ولا يدري أن الله وهبه خليقة جديدة. يجدفون = بأن ينسبوا إلى المؤمنين الكبت والحرمان والجهل، دون أن يدركوا مقدار السعادة التي هم فيها.

 

آيات 6،5:- الَّذِينَ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا لِلَّذِي هُوَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ.

فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ.

يبشر الرسول المتألمين أن الله سيدين هؤلاء الأشرار الذين يجدفون ويستهزئون، وفي آية 7 يكمل أن نهاية كل شيء قد اقتربت أي نهاية شرور الأشرار وآلام الأبرار. والله يدين الأحياء والأموات.

الأَحْيَاءَ:- هم الأحياء بالروح . وَالأَمْوَاتَ:- هم موتى الخطية، موتى بالروح أو الأَحْيَاءَ:- هم من سيكونوا أحياء بالجسد يوم مجيئه وَالأَمْوَاتَ:- من ماتوا قبل ذلك.

لأجل هذا بُشِّرَ الْمَوْتى:- بُشِّرَ = يقصد البشارة بالإنجيل (كما جاءت في الترجمة الإنجليزية). والموتى هم موتى الخطية "ابني هذا كان ميتا فعاش" + (يو 25:5) فالأموات الذين وصلت لهم بشارة الإنجيل، وإستمعوا له وآمنوا صاروا أحياء. وهؤلاء دانهم الأشرار وجدفوا عليهم وعلى إلههم آية 4 وهذا معنى = لكي يدانوا حسب الناس... ولكن ليحيوا حسب الله بالروح = ولكنهم بإيمانهم كانوا في نظر الله أحياء .

وتفهم الآية بأن الموتى هم من استشهدوا على اسم المسيح إذ دانهم العالم وحكم عليهم بالموت جسديا واعتبرهم أشرار، ولكنهم الآن أحياء عند الله في مجد. هم تألموا في عذاباتهم ولكنهم بهذا صاروا شركاء المسيح في الألم والمجد.

 

آية 7:- وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ.

إنما نهاية كل شيء قد اقتربت = هذه تفهم بثلاث طرق:-

1. نهاية الأيام وقرب المجيء الثاني وكان هذا هو شعور الكنيسة الأولى (1 يو 18:2) + (1 كو 52،51:15) + (1 تس 18:4). وهكذا ينبغي أن يكون شعورنا.

2. كانت نهاية أورشليم قد اقتربت، وكان انحلالها يبدو للعين العادية فكم وكم لمن هو مرتشد بالروح القدس. لقد كانت كنيسة العهد القديم في طريقها للنهاية لتبدأ كنيسة العهد الجديد. وهذا ما تؤكده (آية 17).

3. نهاية كل شيء في حياة كل فرد هي موته وانتقاله من هذا العالم.

فتعقلوا وإصحوا للصلوات= العاقل هو من يستطيع أن يميز بين ما هو خير وما هو شر له. فالعاقل الذي أدرك قرب النهاية عليه أن يلجأ لله بالصلاة ويكف عن ملذاته وشهواته. ويصح أن تفهم كلمة تعقلوا أي كفوا تمامًا عن الخمر ليكون لكم عقل سليم متيقظ متصل بالله، والكلمة تمتد لتشمل التوقف عن كل الملذات والشهوات.

وإصحوا = في حياة سهر دائم.

 

آية 8:- وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا.

الذي يحب إنسانا (والمحبة هي سمة المسيحية) يتغاضى عن أخطائه مهما كثرت، ويحاول إخفائها عن الآخرين، وذلك كما فعل أبو مقار، وكما قال السيد للخاطئة "إذهبي ولا تخطئي"، ويصلي لله حتى يغفر ذنوب من يحبهم ويستر على عيوبهم، ورب كل نعمة يرد لهذا المحب الكيل كيلين. وبمقارنة آية 7 بهذه الآية نجد أن الصلاة بدون محبة لا نفع لها بل هي غير مقبولة.

 

آية 9:- كُونُوا مُضِيفِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ.

في العصور المسيحية الأولى كانت هذه الوصية مهمة جدًا، فأين يبيت المسيحي المتغرب:

1) لو ذهب للوثنيين لأسلموه للموت.

2) لو ذهب إلى فندق يكون عرضة للنجاسة فالفنادق كانت مشهورة بهذا.

 والمسيحيين المتغربين غالبًا كانوا من المبشرين بالإنجيل خصوصًا لأنه لم تكن هناك كنائس، وكانوا يأخذون معهم خطابات للتعريف بهم من الكنيسة (2 كو 1:3). دمدمة = تذمر وضيق.

 

آيات 11،10- لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ. إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ. وَإِنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.

ليكن كل واحد: فلا يوجد في الكنيسة كلها إنسان بلا موهبة، ولا يوجد عضو في الكنيسة بلا عمل، ولأن كل عضو له عمل (أف 10:2) فالله يعطي له الموهبة (الوزنة) التي يكمل بها عمل الله. والمواهب قد تكون: مال / صحة / علم / مراكز / موهبة وعظ / موهبة إدارة / خدمة.....

والله يعطي ويوزع المواهب بالقدر الذي يرى فيه خلاصنا وتكامل الكنيسة، فليس معنى أن إنسانا له موهبة أقل أن الله لا يحبه، بل ما أخذه هو بالضبط ما يساعده على خلاص نفسه، ولكي يؤدي دوره الذي خلق له بنجاح. والمواهب تعطي لأولاد الله وبها يتكامل عمل الله في الكنيسة. ونحن لا نختار مواهبنا بل يعطيها الله بحسب مقاييسه (أف4: 7) "ولكن لكل واحد منا اعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح". فالإصبع يحتاج كمية دم أقل مما تحاجه الرِّجْل مثلًا.

لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ = المواهب الله يعطيها لنا لمجد اسمه وليس لنتباهى بها، فنحن أصلا مخلوقين لمجد اسمه (إش43: 7).

والمجد هو إعلان صفات الله المستترة. هو يسكن في النور الذي لا تستطيع العين أن تعاينه. ولذلك تجسد المسيح ليستعلن شخص الآب وأعلنه لنا. والروح القدس يمجد المسيح بأن يعلنه لنا ويشهد له (يو 14،13:16). والمسيح مَجَّدَ الآب بأن أعلنه وأعلن صفاته التي كانت مستترة فآمن بلايين من البشر وأحبوا الله وأعطوه المجد.

وهكذا ينبغي أن نفكر في كل عمل نعمله أن يكون لمجد الله. ونحن نمجد الله بأن نظهر صورة المسيح فينا وأن نستخدم مواهبنا بأمانة ونكون نورا للعالم. فيعرف الناس الله ويمجدوه "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السموات" (مت5: 16).

آمِينَ = لا تعني نهاية الحديث بل تعني ليكن هذا.

 

آية 12:- أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ.

لا تستغربوا = والرب سبق وأعلمنا بأن العالم سيبغضنا وسيكون لنا ضيق في العالم وراجع في ذلك (يو 15، 16) فكما فعلوا برب المجد سيفعلون بكم. فلا داعي لنستغرب.

البلوى المحرقة = في أصلها اللغوي التعرض للنار بغرض الانتحار ولكنهم كانوا فعلا يحرقون الشهداء. وهذا القول يكشف عن شدة الاضطهاد الذي تعرض له المسيحيين.

ولكن الله يستغل هذه الآلام للتنقية كما ينقون الذهب والفضة في بوتقة بالنار لينفصل الزغل عن المعدن الثمين ويزداد المعدن بريقا. وقوله لا تستغربوا يحمل معنى أن الشيطان في حرب مستمرة ضد الكنيسة وضد أولاد الله، ولكن شكرا لله الذي يجعل كل الأمور تعمل معا للخير لنا نحن الذين نحبه، فتكون هذه الضيقات التي يثيرها عدو الخير، لخلاصنا.

 

آية 13:- بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ.

 هي نفس ما قاله بولس الرسول في (رو 17:8) إن تألمنا معه نتمجد أيضًا معه.

افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا = لا يوجد من يفرح بالألم. ولكن طلب الرسول هنا إذ يأمرنا بالفرح = إفرحوا يعني الثقة في أن الألم هو شركة مع المسيح الذي تألم ثم تمجد. وبالتالي لو تألمنا لصرنا شركاء المسيح في الألم وبالتالي في المجد. فهذه الفرحة فرحة إيمانية بأن لنا نصيب في المجد. وأيضًا إفرحوا بالفرح والتعزيات التي يعطيها الله للمتألم، فمن يقبل الألم لأجل المسيح يسكب فيه المسيح فرحا ينتصر على الألم (يو16: 22). وأيضًا إفرحوا لأن ما يسمح به الله لهو طريقنا للسماء إذ أننا بهذا الألم نكمل.

ومن له هذا الإيمان وهذه الثقة في محبة الله سيكون له الفرح يوم لقاء المسيح في مجيئه الثاني = لكي تفرحوا هذه عن فرحتنا يوم المجيء الثاني.

 

آية 14:- إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ.

إن عيرتم باسم المسيح = أي عيرتم لأجل إيمانكم بالمسيح، وليس لأجل ذنب ارتكبتموه... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فطوبى لكم. وسر التطويب أن الروح القدس = روح المجد يحل على المتألم من أجل الرب ليسنده في أتعابه ويهبه مجدًا.

من جهتهم فيجدف عليه = على المسيح. وأما من جهتكم فيمجد = باحتمالنا الألم في صبر، وبالاحتمال من أجل المسيح يتمجد المسيح. قد يستغرب الخطاة أننا نترك طريق الخطية الذي يشربون منه مياها ملوثة تزيدهم عطشا، لأنهم لا يعلمون أننا نشرب مياها مروية من الروح القدس الذي هو الله = رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ = يقول الله عن أورشليم "أكون مجدًا في وسطها" (زك2: 5). ومن هنا نفهم أن طبيعة الله هي المجد. ويقول القديس بولس الرسول عن الله "أبو المجد" أي يُشِّع منه المجد (أف1: 17). وبهذا فإن روح المجد هو الروح القدس. وقوله روح المجد والله هذه مثل "أجاب يسوع وقال له: إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلا" (يو14: 23). الروح يحل على المتألم ليعزيه ويسانده، والله يسكن عنده فهو يفرح به لأنه يحتمل الألم ليشهد لله. فالله يسكن عند المنسحق (إش57: 15).

 

آيات 16، 15:- فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِل، أَوْ سَارِق، أَوْ فَاعِلِ شَرّ، أَوْ مُتَدَاخِل فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ.

متداخل في أمور غيره = هذه كانت التهمة الأساسية الموجهة للمسيحية لأن المسيحية كانت تدعو للطهارة فاعتبروا هذا تدخلا في أمورهم الخاصة إذ يحيون في نجاسة، والمسيحية دعت للحرية وكان هذا ضد نظام العبودية السائد فاعتبروا هذا تدخلا في أمور الغير وهذه العبارة اخترعها الرومان كتهمة ضد المسيحيين ولم تستخدم سوى في أيام الاضطهاد.

كمسيحي = كان الاسم يطلق من الوثنيين كإهانة.

والإنسان يخجل متى سقط تحت العقوبة بسبب جريمة اقترفها، أما إذا احتمل الآلام بسبب نسبته للمسيح فليحسب هذا شرفا هو غير مستحق له. والسيد سبق وأخبرنا بالضيق الذي ينتظرنا (يو 20:15 + 33:16). والرسول يحذرنا من أن نُخطئ حتى لا نعاقب على هذا الخطأ وفي هذه الحالة لا يُعتبر العقاب شرفًا لنا، بل عقوبة نستحقها.

 

آية 17:- لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلًا مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟

تفهم الآية أن الله يبدأ بتأديب أولاده أولا = أَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ فأولاد الله هم هيكل الله. فالله ليس عنده محاباة. بل كما قلنا فالآلام لازمة لتطهير المؤمنين وتكميلهم وإعدادهم للمجد، فإن كان الله يسمح بالآلام لأولاده ليكملهم فماذا سيحدث للأشرار.

ولكن تعتبر هذه الآية نبوة عن خراب الهيكل على يد الرومان. والرسول شعر بروح النبوة بأن الأمر الإلهي قد خرج بخراب أورشليم وهيكل اليهود لأنهم رفضوا المسيح وصلبوه ورفضوا دعوة تلاميذه. فالقضاء آت لا محالة على كل من لا يطيعون إنجيل الله.

 

آية 18:- وَ«إِنْ كَانَ الْبَارُّ بِالْجَهْدِ يَخْلُصُ، فَالْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ أَيْنَ يَظْهَرَانِ؟»

هذه الآية مأخوذة من (أم 31:11) بالجهد يخلص = الآلام التي يكابدها الأبرار واحتمالهم لها هو الجهد الذي به يخلصون، ونلاحظ أنها تكملهم. وكلمة الجهد تشير أيضًا لجهاد الإنسان البار في صلواته وأصوامه وصلب أهواؤه وشهواته وتقديم جسده ذبيحة حية. وبكل الجهد هذا وذاك نخلص، فمن لا يجاهد بل يعيش في فجر وخطية ماذا سيكون مصيره. إذًا فالأفضل لنا أن نحتمل الآلام من أن نشترك مع الفاجر والخاطئ وننكر المسيح. المقصود أن كل من يجاهد يخلص لذلك قال بولس الرسول "جاهدت الجهاد الحسن". بالجهد = تترجم أيضًا بصعوبة وبشق النفس وبالجهد تترجم أيضًا نادرا فقليلون هم من يقبلوا أن يجاهدوا فيخلصوا.

 

آية 19:- فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي عَمَلِ الْخَيْرِ.

بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ = قارن مع قول السيد المسيح لبيلاطس "لم يكن لك عليَّ سلطان البتة إن لم تكن قد أعطيت من فوق" (يو 11:19). إذا لنفهم أن الله هو الذي يسمح بالآلام للتنقية، والله هو الذي سمح للشيطان بأن يجرب أيوب لينقيه. إذًا نحن لسنا في يد إنسان ولا شيطان، بل في يد الله وما يسمح به هو للخير= فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي عَمَلِ الْخَيْرِ = أي يسلموا لله تسليما كاملا بأن ما سمح به الله هو لازم لخلاصهم، وليسلموا لله بأنه إله محب لا يسمح أبدا بما فيه ضررا لهم. ولنسلم له حياتنا كإله وخالق أمين على أرواحنا ويسعى لخلاص نفوسنا، وكل ما يسمح به هو الطريق لذلك . والمسيح أكد لنا أن شعرة واحدة من رؤوسنا لا تسقط إلا بإذن أبينا السماوي ولنثق أنه صانع خيرات، إذا سمح لنا أن نجتاز نار الآتون فهو يأتي ليشترك معنا فيها. فالآلام لازمة لخلاصنا والله يشترك معنا فيها ليعزينا.

وهذا ما نسميه حياة التسليم أي الارتماء في حضن الله الأب الحنون، وأن ما يسمح به من ألم هو للخير والمجد. بل فيما يسمح به من ألام أولاده يتألم معهم "في كل ضيقهم تضايق" (إش63: 9). بل ولا يتركهم وحدهم بل تعزياته وأفراحه تساندهم (نش2: 6). أما ما يُسَمَّى بالاستسلام فهذا يشير لمن فوجئ بوحش يدخل عليه وهو عاجز عن الهرب فيستسلم له لكي يلتهمه. وللأسف فهناك كثيرين يتعاملون مع الله بمنطق الاستسلام.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات بطرس الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/21-Resalet-Botros-1/Tafseer-Resalat-Potros-1__01-Chapter-04.html

تقصير الرابط:
tak.la/r3b8zf5