محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
متي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
(مت 1:18-5 + مر 33:9-37 + لو 46:9-48):-
(مت 1:18-5):-
+فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَمَنْ قَبِلَ وَلَدًا وَاحِدًا مِثْلَ هذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي.
وَجَاءَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ. وَإِذْ كَانَ فِي الْبَيْتِ سَأَلَهُمْ: «بِمَاذَا كُنْتُمْ تَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فِي الطَّرِيقِ؟» فَسَكَتُوا، لأَنَّهُمْ تَحَاجُّوا فِي الطَّرِيقِ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فِي مَنْ هُوَ أَعْظَمُ. فَجَلَسَ وَنَادَى الاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا فَيَكُونُ آخِرَ الْكُلِّ وَخَادِمًا لِلْكُلِّ». فَأَخَذَ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ ثُمَّ احْتَضَنَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ وَاحِدًا مِنْ أَوْلاَدٍ مِثْلَ هذَا بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي فَلَيْسَ يَقْبَلُنِي أَنَا بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي».
وَدَاخَلَهُمْ فِكْرٌ مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ فِيهِمْ؟ فَعَلِمَ يَسُوعُ فِكْرَ قَلْبِهِمْ، وَأَخَذَ وَلَدًا وَأَقَامَهُ عِنْدَهُ، وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ هذَا الْوَلَدَ بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، لأَنَّ الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعًا هُوَ يَكُونُ عَظِيمًا».
كان الفكر اليهودي مسيطرا على التلاميذ، فبالرغم من سمعهم أن المسيح سيتألم ويموت، لكن أحلامهم في المجد الأرضي لم تكن قد ماتت بعد. وهذه قصة تشير لطريقة التفكير اليهودي. مرض ابن أحد كبار الربيين يوحانان بن زكاي مرضًا خطيرًا، وشُفِي بصلوات حانينا بن دوزا. وقال أبو الولد لزوجته "لو قضيت اليوم واضعا رأسي بين قدميَّ لما إكترث بي أحد" فسألته وهل حانينا أفضل منك أمام الله؟ فتحركت كبرياءه داخله وأجابها "لا بل هو كخادم أمام الله أما أنا فكأمير أمام الله، هو كخادم موجود دائما أمام الله فله فرص كثيرة أكثر مني، أما أنا كسيد فلا أتمتع بهذه الفرص". ونفس هذا الفكر في العظمة كان موجودا في التلاميذ. بل حتى اللحظات الأخيرة قبل الصليب جاءت أم ابني زبدي تطلب مراكز عظيمة لأولادها. وقال التلاميذ عن يوحنا "التلميذ الذي كان يسوع يحبه" وكان هذا شعورا بالغيرة وأن المسيح سيعطي ليوحنا نصيبًا أعظم منهم. وحينما قال الرب لبطرس عن أن بطرس سيموت مصلوبا إستدار ونظر ليوحنا وسأل المسيح وماذا عن يوحنا (هذا الذي تحبه أكثر منا).
فكر التلاميذ المتأثر بالفكر اليهودي، أن المسيا حين يأتي، سيأتي لكي يملك على الأرض، جعلهم يشتهون أن يجلسوا واحدًا عن يمينه وواحدًا عن يساره (مت 21:20-22)..هذا الفكر استمر حتى ليلة العشاء السري (لو24:22-27) ولكن المسيح كان يتكلم عن ملكوت السموات أمامهم دائمًا، فاختلط عليهم الأمر، وظنوا أن ملكوت السموات هذا يمكن أن يكون على الأرض، وبنفس الفكر بدأوا يحلمون بمراكز أرضية حين يملك المسيح في ملكوت السموات هذا، ودخلهم تساؤل عمن يكون الأعظم في هذا الملكوت. وبمقارنة ما حدث في إنجيلي متى ومرقس نجدهم وقد شغل هذا الموضوع ذهنهم تمامًا يتحاورون في الطريق عمن هو الأعظم فيهم، بالتالي سيكون هو مثلًا الوزير الأول في مُلك المسيح. ولما أتوا إلى البيت في كفر ناحوم سألهم الذي لا يُخفى عليه شيء عمّا كانوا يتكلمون فيه، فسكتوا (مر34:9) ثم تساءلوا علنًا ولم يستطيعوا أن يستمروا ساكتين (مت 1:18)، فإذا دب فكر العظمة والكبرياء في القلب فهو لا يهدأ. وحتى يكسر السيد كبريائهم أتى بولد ودعاهم أن يتشبهوا بالأولاد ومن يفعل فهو الأعظم.. قطعًا ليس في السن بل:-
1. في حياتهم المتواضعة الوديعة كالأطفال (1كو 20:14).
2. في الثقة في كلام أبيهم السماوي والاتكال عليه وطاعته.
3. البساطة وتقبل الحقائق الإيمانية والروحية، فالطفل يصدق ما يقال له من والده.
4. الأطفال لا يشعرون أنهم أفضل من الآخرين فالغني يلعب مع الفقير.
5. لاحظ أن الأطفال لا يشعرون بأنهم متواضعين، فمن يشعر أنه متواضع، أو أنه يتواضع حين يكلم إنسانًا فقيرًا فهو ليس متواضع.
6. التسامح المطلق فالطفل لا يحتفظ في قلبه بأي ضغينة.
7. إذا أحزن إنسان طفلًا فهو لا ينتقم لنفسه بذراعيه بل يلجأ لوالديه.
8. الطفل بلا شهوات، بلا طلب للمجد الباطل، بلا حسد للآخرين.
9. إذا تشاجر الأطفال فهم سريعًا ما يتصالحون ويعودون للعب معًا.
10. ملكوت الله الذي يؤسسه المسيح لا وجود فيه لمن يبحث أن يكون الأقوى والأعظم بل من يدخله هو من يحس بضعفه وأنه لا شيء، ولكن قوته وعظمته هي في حماية الله له (2كو 9:12-10). وهذه طبيعة الأطفال فهم يحتمون بوالديهم.
11. بلغة التعليم المعاصر، فهذا الولد في حضن المسيح هو وسيلة إيضاح.
12. الطفل يطلب ما يريده واثقًا في أخذه من أبيه، وهو لا يفكر في أن أبوه يعطيه لأنه يستحق، بل هو يطلب بدالة المحبة.
قال السيد من قبلني يقبل الذي أرسلني = من سار وراء المسيح قبله أولاً كمعلم وأحبه كمعلم ومع الوقت بدأ يدرك أنه ليس كمعلمي اليهود ولكنه يسمو عنهم كثيراً، ثم بدأ يؤمن أنه مرسل من الله الآب. وهكذا يتدرج الإيمان وينمو. والمسيح هنا يقول أن من قبله وأحبه وسار وراءه فهو قد قبل الآب الذي أرسله وهذا لأنه هو والآب واحد، وهذه نقطة إيمانية أعلى من قبول المسيح كمعلم مرسل من الآب.
ولاحظ قول السيد المسيح هنا من قبل ولدًا واحدًا مثل هذا باسمي فقد قبلني فالمسيح هنا وحَّد نفسه بالأطفال والبسطاء والضعفاء.. باسمي = أي من أجل المسيح، فمن يقبل طفلًا يكون كمن قبل المسيح نفسه. والحقيقة فإن المسيح حين يقول إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فهو يقصد نفسه، أي إن لم ترجعوا وتستعيدوا صورتي التي حصلتم عليها في المعمودية فلن تدخلوا ملكوت السموات. فنحن نولد بالمعمودية على صورة المسيح. نحن خلقنا أولًا على صورة الله (تك 26:1-27) وفقد الإنسان الصورة الإلهية باختياره لطريق العصيان والخطية. وأتى المسيح وفدانا وأعطانا سر المعمودية وفيها ندفن ونموت ونقوم مع المسيح وبصورة المسيح. ولكننا مع احتكاكنا بالعالم نفقد هذه الصورة الإلهية ثانية، وكلام السيد المسيح هنا، أن هناك إمكانية لاستعادة هذه الصورة = إن لم ترجعوا = إذًا هناك إمكانية للرجوع ولكن كيف؟ هذا هو عمل النعمة، التي تعيدنا للصورة الإلهية، والنعمة تحتاج لجهاد، لذلك نسمع بولس الرسول يقول "يا أولادي الذين أتمخض بكم (آلام الجهاد والخدمة) إلى أن يتصور المسيح فيكم (عمل النعمة) وعمل النعمة يعطينا أن نصير خليقة جديدة على صورة المسيح (غل19:4 + 2كو 17:5) لذلك نحن نخلص بالنعمة (أف 8:2) التي بها نعود للصورة الإلهية. والأولاد هم المولودين من الماء والروح وقد خرجوا بدون خطية، والمسيح هو الذي قال عن نفسه "من منكم يبكتني على خطية"، لذلك كان هذا الولد في حضن المسيح إشارة للمسيح نفسه. ولدًا باسمي= ولو فهمنا أن الاسم يشير لقدرة وقوة المسيح فيكون قول السيد باسمي أن المسيح قادر أن يعيدني بقوته إلى صورة المعمودية الأولى أي كطفل. إذًا يمكننا فهم قول السيد ولدًا واحدًا باسمي أنه عاد كولد بقوتي. ونحن إن لم نحصل على صورة المسيح لن ندخل ملكوت السموات. هذه تشابه أن لكل بلد في العالم عملة يتم التعامل بها داخل حدود هذا البلد، لكن إن حاولت التعامل بعملة عليها صورة ملك آخر لن يُسمح لك بأن تتعامل بها. فنحن نصبح عُملة قابلة للتداول في السماء لو انطبعت علينا صورة الملك السماوي. فإن كان المسيح قد تواضع وترك مجده السمائي لأجلنا، أفلا نتخلى نحن عن أفكار العظمة الأرضية مثل ما فعل هو ونتصاغر أمام الناس وأمام أنفسنا، إذا كان المسيح قد صار عبدًا أفلا نقبل أن نتصاغر مثله أمام إخوتنا. خصوصًا أن النعمة تسندنا، وبالمسيح نستطيع كل شيء (يو 5:15 + في 13:4) فهل نقبل؟ والسيد يشرح كيف تساندنا النعمة.... هذا يكون بالجهاد.. وكيف نجاهد؟
إذا أراد أحد أن يكون أولًا فيكون آخر الكل وخادمًا للكل (مر 35:9) من أراد أن يصير فيكم عظيمًا يكون لكم خادمًا (مر 43:10).
من أراد أن يصير فيكم أولًا يكون للجميع عبدًا (مر 44:10) والسيد ضرب بنفسه المثال فقال عن نفسه أنه أتى ليَخدم لا ليُخدم (مر45:10).
وهو غسل أرجل تلاميذه وطلب أن نفعل ذلك (يو 12:13-17).
ومن يفعل تسانده النعمة ليرجع ويكون كالأولاد أي يستعيد صورة المسيح ولاحظ قول السيد من وضع نفسه مثل هذا الولد = كلمة وضع نفسه تعني أنه لا يَدَّعي الاتضاع طلبًا لمديح الناس، فما أخطر أن تدعي النفس الاتضاع. بل هو عليه أن يفهم الحقيقة "اننا لا شيء.. تراب.. بخار يظهر قليلًا ثم يضمحل. ولكن نحن بالمسيح، وليس من أنفسنا، قد أصبحنا أولادًا لله. فقيمتنا ترجع لا لأنفسنا بل للمسيح الذي فينا. لذلك فالتواضع الحقيقي هو ما عمله المسيح إذ أخلى ذاته. أما التواضع بالنسبة لنا فهو أن نفهم حقيقتنا أننا لا شيء وأن قيمتنا هي في المسيح الذي فينا فكيف أنتفخ عليك والمسيح الذي فيَّ هو الذي فيك. ولاحظ أن عمل المسيح في أن يأتي بطفل ويعمل ما عمله، بأن يحتضنه ويُوَحِّد نفسه به، ويقول ما قاله. هذا كان عجيبًا في أيامه، فقد احتقر الرومان الطفولة، ولم يكن للطفل أي حق من الحقوق، ويستطيع الوالدان أن يفعلا بطفلهما ما يشاءا بلا رقيب، وتعرضت الطفولة في اليونان لمتاعب كثيرة، فكانوا يتركون الأطفال في العراء أيامًا حتى يموت الضعيف ويبقى القوي. واليهود في أي حصر أو تعداد ما كانوا يحصون النساء ولا الأطفال. ولكننا هنا نجد السيد يشير للطفل بأنه مثال يجب أن نتشبه به. الرومان واليونان كانوا يفتخرون بالقوة والعظمة لذلك احتقروا الأطفال لضعفهم، أمّا المسيح فيطالبنا بالتشبه بهم في ضعفهم وأن نعتبر أن قوتنا هو الله نفسه "لاَ يُسَرُّ بِقُوَّةِ الْخَيْلِ. لاَ يَرْضَى بِسَاقَيِ الرَّجُلِ" (مز147: 10).. هذا هو ملكوت الله.
* نستطيع أن نقول أن هذا الإصحاح وما يقابله في إنجيل القديس مرقس. يشتمل على قوانين الملكوت. أي كيف ندخل الملكوت.
وَمَنْ قَبِلَنِي فَلَيْسَ يَقْبَلُنِي أَنَا بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي = المعنى أن يقبلني ليس كمعلم فقط بل يؤمن بي على أني [يهوه إبن الله]. وهذه أعلى نقطة إيمانية يطلبها المسيح فيمن يؤمن به. وهذا كان ما أخطأت مريم المجدلية في تقديره، إذ أحبت المسيح كمعلم عظيم وليس على أنه يهوه الإله العظيم. وهذا ما جعل المسيح يقول لها [لا تلمسيني فإني لم أصعد بعد إلى أبي] (يو 20: 17)، أي لأنكِ لم تدركي أنني والآب واحد، ولم ينمو إيمانك فتؤمني أني أنا يهوه الإله القدير.
القانون الأول:- نعود ونكون مثل الأطفال بقوة وقدرة مسيحنا.
(مت 6:18-7 + مر 42:9 + لو 17: 1-6):-
(مت 6:18-7):- وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ. وَيْلٌ لِلْعَالَمِ مِنَ الْعَثَرَاتِ! فَلاَ بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ!
(مر 42:9):- وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي، فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحًى وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ.
(لو 17: 1-6): "وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِلَّذِي تَأْتِي بِوَاسِطَتِهِ! خَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحىً وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنْ يُعْثِرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ. اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ قَائِلًا: أَنَا تَائِبٌ، فَاغْفِرْ لَهُ». فَقَالَ الرُّسُلُ لِلرَّبِّ: «زِدْ إِيمَانَنَا!»".
نفهم من هذا أن العالم مملوء عثرات والكنيسة ستواجه ضيقات، آلام جسدية واضطهاد واستشهاد وستواجه حروبًا شيطانية وخداعات وتشكيك من هراطقة أو إثارة حب العالم وشهواته في قلوب أولاد الله (1يو19:5)، لكن الله يحفظ أولاده (يو 15:17). ولاحظ فالشيطان يعمل لحساب مملكته بأن يستخدم أولاده وأتباعه ليُعثِروا أولاد الله، إمّا بأن يوقعوا بهم في شباك الخطية أو يضطهدونهم جسديًا. وهذا الأسلوب استعمله إبليس مع يسوع نفسه فهو على الجبل حاول أن يعثر المسيح ويجعله يسجد لهُ ولما فشل دبر مؤامرة الصليب. ولكن الله في مملكته يحفظ أولاده (يو 11:17-12) هؤلاء الذين دخلوا مملكته وذلك بتواضعهم وبساطتهم = الصغار المؤمنين. صغار تعني ضعيف وبسيط ويمكن إسقاطه في الخطية فربما يظن أحد أنه بسبب بساطة ووداعة أولاد الله، فهو يستطيع أن يفعل بهم ما أراد.. ولكن لا فمملكة الله لها ملك قوي يدافع عنهم (خر 14:14) ويا ويل من يقع في يد الله الحي (عب 30:10-31). والوقوع في يد الله ليس هينًا، بل خيرٌ لذلك الإنسان أن يُعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر. وكانت هذه عقوبة رومانية ويونانية.
حجر الرحى = حجر ثقيل يستعمل في طحن الحبوب.
ولاحظ أن الله قد يسمح ببعض الآلام تقع على أولاده من الشرير إبليس أو من أتباعه الأشرار (كما حدث مع أيوب ومع بولس) ولكن يكون هذا بسماح منه لإعدادهم للملكوت ولتأديبهم (عب 5:12-11).
وحجر الرحى هنا هو خطية هذا المعتدي على الكنيسة التي تجعله يغوص في بحر الدينونة الرهيبة. وقطعًا المسيح هنا لا يدعو للانتحار بل أن يعلم المعتدي أن عذاب الدينونة أصعب من الموت غرقًا، وهذا ليكف المعتدي عن عمله العدواني. ولاحظ أن المسيح لم يقل "خير له أن يُطَوِّق هو نفسه بحجر.." لأن هذا يعني الانتحار، بل أن آخرون يفعلون هذا بمعنى تنفيذ العقوبة فيه. فمتى يقول فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ ومرقس يقول فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحًى. وهكذا في إنجيل لوقا خيرٌ له لو طُوِّقَ عنقه بحجر رحى (لو17: 2)... (لاحظ تشكيل كلمة طُوِّقَ وكلمة يُعَلَّقَ) فالأفعال أتت بصيغة المبني للمجهول، والمعنى أن آخر سينفذ فيه العقوبة. إذن الموضوع ليس انتحارًا بل تنفيذ عقوبة ينفذها آخر فيه.
ولاحظ أن الشرير قد يحاول إثارة اضطهاد ضد الكنيسة أو ضد إنسان مؤمن، حتى يخيفه وينكر الإيمان فيهلك. من كل هذا نفهم أن:-
القانون الثاني:- الكنيسة موجودة في عالم ملئ بالعثرات لكن ملك الكنيسة ورئيسها يحميها وينتقم من أعدائها.
(مر 38:9-41 + لو 49:9-50)
فَأَجَابَهُ يُوحَنَّا قِائِلًا: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِدًا يُخْرِجُ شَيَاطِينَ بِاسْمِكَ وَهُوَ لَيْسَ يَتْبَعُنَا، فَمَنَعْنَاهُ لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُنَا». فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَصْنَعُ قُوَّةً بِاسْمِي وَيَسْتَطِيعُ سَرِيعًا أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ شَرًّا. لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا. لأَنَّ مَنْ سَقَاكُمْ كَأْسَ مَاءٍ بِاسْمِي لأَنَّكُمْ لِلْمَسِيحِ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ.
فَأجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِدًا يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِكَ فَمَنَعْنَاهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُ مَعَنَا». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا».
يا معلم رأينا واحدًا يخرج شياطين باسمك = طالما يستخدم اسم المسيح فهو مؤمن.
وهو ليس يتبعنا= أي ليس من الاثني عشر أو السبعين. ولنلاحظ أنه ما كان ممكنًا لهذا الإنسان أن يخرج شياطين إن لم يكن مؤمنًا بالمسيح. لكن يوحنا تعجب أنه ليس من تلاميذ المسيح إذ ظن يوحنا أن المعجزات هي للتلاميذ فقط. لكن هذا الإنسان كان يعمل لحساب المسيح بإيمان صادق وإن لم تكن له فرصة للتبعية الظاهرة.
ونفهم من درس المسيح أن الكنيسة كنيسة واحدة ولا معنى فيها للتعصب لشخص ما أو جماعة ما، وهذا قطعًا لا يعني قبول تعاليم مخالفة لتعاليم وعقيدة الكنيسة. ولكن على الكنيسة أن تفهم أنها متسعة القلب للجميع، لها وحدة ومحبة تجمع الكل خلال إيمان مستقيم. أمّا من يعمل قوات وآيات من خارج إطار الإيمان المستقيم فهؤلاء ينطبق عليهم قول السيد اذهبوا عني يا فاعلي الإثم (مت 22:7-23).
مَن ليس علينا = الذي ليس مخالفاً لنا ولكنيستنا في الإيمان = فهو معنا في وحدة ومحبة. ولكن لاحظ ان هناك من يعمل أعمالا يقال عنها معجزات ولكن ليست بإسم المسيح أو من أشخاص ليسوا مقبولين من المسيح، أو بخداع شيطاني. ولاحظ أنه يحدث مع الذين ليسوا من الله أن بعضهم يخرج الشيطان ليخدع هذا الإنسان أو يخدع الناس، ولكنه يعود مرة أخرى، لذلك نسمع قول رب المجد الذي له السلطان الحقيقي يقول للشيطان الذي يخرجه "أَيُّهَا ٱلرُّوحُ ٱلْأَخْرَسُ ٱلْأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: ٱخْرُجْ مِنْهُ وَلَا تَدْخُلْهُ أَيْضًا" (مر25:9). وهؤلاء المخادعين أو المخدوعين الذين ليسوا من الله سيسمعون قول المسيح "كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يا فَاعِلِي ٱلْإِثْمِ" (مت23،22:7). فيهوذا أخرج شياطين وصنع معجزات شفاء حينما أرسل المسيح تلاميذه ليكرزوا ويعملوا قوات (مر6:7-13). فعلى الكنيسة أن تميز بعدل وحكمة، فتقبل من يعمل معجزات أو ترفضه.
وهذه الآيات (مر 9: 38-41) أوردها القديس مرقس مباشرة بعد مشاجرة التلاميذ فيمن هو الأعظم فيهم. ومن هذا نفهم أن العثرة تأتي في الكنيسة من مفهوم من هو الأعظم. فيوحنا اعتبر أن هذا الشخص طالما ليس من مجموعتهم فهو أقل منهم وليس من حقه أن يحصل على نفس مواهبهم في إخراج الشياطين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والسيد يعلمهم مفهوم آخر، يُفهم أن من ليس ضدنا (ضدنا = يعلم تعاليم مخالفة للإيمان) وهو يحب المسيح ويستخدم اسمه فهو معنا، فالكل جسد واحد والكل في مملكة المسيح لهم سلطان على إبليس. ومن هذا نفهم أن:-
القانون الثالث:- الكنيسة أو ملكوت الله هو ملكوت الوحدة والمحبة بلا شعور بالعظمة. كنيسة واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية.
لأَنَّ مَنْ سَقَاكُمْ كَأْسَ مَاءٍ بِاسْمِي لأَنَّكُمْ لِلْمَسِيحِ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ (آية 41) = قوله لأن في بداية الآية تربط ما قبلها بما جاء بعدها، وهذا لأن الآية أتت بعد أن أعلن السيد المسيح أنه يقبل من يخرج الشياطين بإسمه وهو ليس من التلاميذ. وهذا يعني أنه يقبل المسيح ويؤمن به ولكنه ليس من التلاميذ، ولكنه كان يعمل لحساب مجد الله. وهذا سيكافئه الله لأنه يمجد إسمه. وبهذا نفهم أن كل من يعمل أي شيء مهما كان بسيطاً لحساب مجد الله، فالله لا بُد أن يكافئه، حتى وإن كانت هذه الخدمة تقديم كأس ماء لأحد التلاميذ الذين يعملون في نشر ملكوت الله. وقول الرب وَيَسْتَطِيعُ سَرِيعًا أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ شَرًّا يعني أن هذا الإنسان أحب المسيح وتبعه وآمن بأن إسمه له قوة على إخراج الشياطين ولكنه ليس من الإثني عشر.
كما يعاقب الله مُعَرِّي الكنيسة نجده هنا يكافئ من يقدم لها الخدمات، ولكن على أن يكون باسم المسيح. فمن يقدم لخدام المسيح لأجل اسم المسيح فهذا ينال مكافأته من الله وبهذا نفهم أن:-
القانون الرابع:- الملك الذي يعاقب أعداء كنيسته هو يجازي (يكافئ) من يخدمها.
(مت 8:18-10 + مر 43:9-48):-
(مت 8:18-10)-
فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلاَنِ. وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ. «اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ يَدَانِ وَتَمْضِيَ إِلَى جَهَنَّمَ، إِلَى النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ. حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ. وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ رِجْلاَنِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ فِي النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ. حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ. وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ النَّارِ. حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ.
سبق السيد وتكلم عن العثرات الموجودة في العالم، فماذا يصنع الإنسان المسيحي أمام هذه العثرات والشهوات المحاربة في أعضائه؟ قطعًا المسيح لا يقبل أن نقطع أيادينا وأرجلنا.. إلخ. بل أن نحيا كأموات أمام الخطية. فإن كانت أعيننا تعثرنا فلنمنع أعيننا من أن تنظر، فهناك من يسير في طريقه وعيناه للأرض ويمنع عن عينه كل الصور المعثرة. وقطعًا في هذا تغصب، ولكن الملكوت يغصب (مت 12:11). ومن تعثره أماكن معينة فعليه أن لا يذهب فيكون كمن قطع رجله، وهناك من يعثره صديق معين أو جماعة معينة، فعليه أن يمتنع عنهم ويكون كمن قد مات.. وهكذا. وهذا ما يُسمى الجهاد، أن تغصب نفسك أن لا تفعل ما ترغب فيه إن كان فيه خطأ وتحيا كميت أمامه. وتغصب نفسك أن تفعل ما لا ترغب فيه إن كان صحيحًا كالمثابرة في الصلاة والمواظبة على الذهاب مبكرًا للكنيسة. والصيام بقدر الإمكان.. إلخ. فهناك عثرات من الآخرين وعثرات من أنفسنا عندما ننخدع من شهواتنا وهذه يجب أن نقطعها مهما كانت عزيزة علينا، كما أن اليد والرجل والعين عزيزة علينا، أي نتخلص مما يسبب لنا العثرة [اليد (نبتعد عن أي عمل رديء) والرجل (نمتنع عن الذهاب للأماكن المعثرة)..] أقمع جسدي وأستعبده (1كو 27:9) ومن يجاهد ويغصب نفسه تملأه النعمة، فالنعمة لا تُعطَى إلاّ لمن يستحقها، وهذه هي معونة الروح القدس لمن يغصب نفسه "لكن ان كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون" (رو8: 13). والنعمة تعطينا أن نكون خليقة جديدة، الشهوات فيها ميتة، خليقة لا تفرح بالخطية ولا تسودها الخطية (رو 14:6). ومن يصلب نفسه عن شهواته يقول مع بولس الرسول "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ (غل 20:2) ويقول لي الحياة هي المسيح (في 21:1) من هذا نفهم أن:-
القانون الخامس:- أولاد الملكوت يحيون كأموات عن العالم لكن أحياء بالمسيح الذي فيهم، المسيح سر حياتهم الجديدة.
انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار.. ملائكتهم في السموات.. ينظرون وجه أبي الصغار هم الأطفال الأبرياء، أو هم الذين بتواضعهم وقداستهم دخلوا من أبواب الملكوت وصاروا أو رجعوا وصاروا مثل الأطفال، هم المؤمنين بالمسيح والمتواضعين الذين يبدو أنهم ضعفاء لا حيلة لهم. وهنا المسيح يحذر العالم أن هناك ملاك حارس معين لمرافقة وحراسة كل منهم وهو غير مرئي، ولكنه قادر أن ينصف هؤلاء الضعفاء، وأن هؤلاء الملائكة ينظرون وجه الآب أي قادرين على حمل البركات منه لهؤلاء الصغار والآن نفهم أن:-
القانون السادس:- ملكوت السموات صار مفتوحًا للأرضيين المجاهدين كما للسمائيين (يو 51:1) والملائكة تحرس أولاد الله.
(مت 11:18-14):-
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ. مَاذَا تَظُنُّونَ؟ إِنْ كَانَ لإِنْسَانٍ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَضَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا، أَفَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ عَلَى الْجِبَالِ وَيَذْهَبُ يَطْلُبُ الضَّالَّ؟ وَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ يَجِدَهُ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَفْرَحُ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الَّتِي لَمْ تَضِلَّ. هكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ.
(لو 4:15-6):-
«أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَأَضَاعَ وَاحِدًا مِنْهَا، أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟ وَإِذَا وَجَدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَرِحًا، وَيَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ وَيَدْعُو الأَصْدِقَاءَ وَالْجِيرَانَ قَائِلًا لَهُمُ: افْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي الضَّالَّ!
هناك فروق بين المثل كما ورد في إنجيليّ متى ولوقا، فبدل الجبال في متى يأتي المثل في لوقا في البرية. وفي متى يقول وإن اتفق أن يجده يأتي المثل في لوقا يذهب حتى يجده. والسبب أن متى يكتب لليهود ولوقا للأمم. فبوحي من الروح القدس تغيرت الألفاظ، فاليهود قبل المسيح كانوا على جبال الشريعة والناموس ومعرفة الله، أما الأمم فكانوا في برية الوثنية، في تيه مطلق، واليهود صعب ردهم للإيمان بالمسيح لكبريائهم لذلك قال وإن اتفق أما الأمم فسيدخلون الإيمان. من هو الخروف الضال؟ هي النفس المؤمنة التي ضلت لأنها ضعيفة. سقطت وتشعر بخطيتها. يفرح به = إذ كان ميتًا فعاش. الراعي = هو المسيح الذي تجسد ليفتش عن آدم وبنيه الذين ضلوا.
من هم المائة خروف = هم قطيع المسيح الصغير (لو12: 22). هم الذين بسابق المعرفة يعلم المسيح أنهم سيتجاوبون مع عمله ويقبلونه، هؤلاء يظل الراعي الصالح وراء كل منهم حتى يعيدهم فلا يهلك منهم أحد. على أنه يعمل على أن يجذب كل واحد ليخلص، ويعطي كل واحد فرص كثيرة فينطبق القول "تغلب إذا حوكمت". هكذا يكون الآخرون أولين والأولون آخرين.لان كثيرين يدعون وقليلين ينتخبون" (مت20: 16).
مَنْ هم التسعة والتسعين؟ هم:
1- الملائكة في السماء الذين لن يضلوا.
2- القديسون في المجد وهؤلاء لن يضلوا.
3- القديسون في الأرض الذين لم يفقدوا نعمة المعمودية.
وقد يكونوا: 4- الأبرار في أعين أنفسهم كالفريسيين الذين يشعرون بعدم الاحتياج، هؤلاء لا أمل في رجوعهم، فهم لن يبحثوا عن الرب، ببساطة لأنهم لا يشعرون بالاحتياج (رؤ3: 17). في هذا المثل يكشف السيد عن نظرته للإنسان أنه ليس مجرد فرد في عدد لا يحصى، إنما الله يهتم بكل فرد شخصيًا وباسمه، كل نفس لها قيمة عظيمة عند المسيح. ومن هنا نفهم أن:-
القانون السابع:- المسيح الملك يهتم بكل نفس في ملكوته ولا يسمح بهلاكها. فهو يبحث عنها شخصيًا.
لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُمَلَّحُ بِنَارٍ، وَكُلَّ ذَبِيحَةٍ تُمَلَّحُ بِمِلْحٍ. اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلكِنْ إِذَا صَارَ الْمِلْحُ بِلاَ مُلُوحَةٍ، فَبِمَاذَا تُصْلِحُونَهُ؟ لِيَكُنْ لَكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ مِلْحٌ، وَسَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا».
لأن كل واحد يُملح بنار = كل مؤمن إنتمى إلى ملكوت السموات يسكن فيه الروح القدس. فالكنيسة تتمم سر الميرون بعد المعمودية، وبه يسكن الروح القدس في المعمد. والروح القدس يحفظ المؤمن بنعمته. يُملح بنار= النار هي الروح القدس، روح الإحراق (أع 3:2-4 + إش 4:4). والملح يصون من الفساد والعفونة (كو 6:4). والروح القدس هو الذي يُعطي نعمة لكل مؤمن تحفظه من الفساد وتعطيه أن يصير خليقة جديدة. ولاحظ أن هذه الآيات جاءت في إنجيل مرقس بعد حديث السيد المسيح عن أهمية قطع اليد والرجل وقلع العين التي تعثر، وكما قلنا فإن هذا إشارة للجهاد، وأمام الجهاد يملأنا الروح القدس نعمة تغير من طبيعتنا وتكتم وتميت الخطية التي فينا، أو الشهوة التي فينا، كما يقول القديس بولس الرسول "لِأَنَّهُ مَا كَانَ ٱلنَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِٱلْجَسَدِ، فَٱللهُ إِذْ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَلِأَجْلِ ٱلْخَطِيَّةِ، دَانَ ٱلْخَطِيَّةَ فِي ٱلْجَسَدِ" (رو3:8) (فقوله "دان الخطية" أي حكم عليها بالموت). فنار الروح القدس أحرقت الشهوة أو الخطية فينا، وصارت الخطية بلا سلطان علينا، لأن النعمة تسود علينا (رو14:6) وبهذا فنار الروح القدس تملح المؤمن أي تحفظه من الفساد. والنعمة تعمل مع من يقبل أن يقدم نفسه ذبيحة حية فتعينه على أن تموت الشهوة داخله. وهذا أسماه بولس الرسول "خِتان القلب بالروح" (رو29:2).
وكل ذبيحة تملح بملح= هذا إشارة إلى (لا 13:2-15) لأن ذبائح العهد القديم تشير للمسيح الذي قَدَّمَ نفسه ذبيحة، وإضافة الملح إلى ذبائح العهد القديم يشير لأن المسيح هو بلا خطية وأنه حين يموت لن يطوله الفساد بل سيقوم ثانية (مز10:16) "لن تدع تقيك يرى فسادًا" وكل مؤمن عليه أن يقدم جسده ذبيحة حية (رو1:12)، كيف؟ بقطع يده ورجله وقلع عينه (بالمفهوم الروحي وليس الحرفي). ومن يعمل تحفظه النعمة = تملح بملح وهذا = "لكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون" (رو8: 13).
الملح جيد= سبق السيد وقال أنتم ملح الأرض (مت 13:5) ومن الذي يكون ملح الأرض إلاّ كل من امتلأ نعمة. مثل هذا الملح يكون جيد.
ملح بلا ملوحة= أي ملح فاسد، أو هو لا يعُطي طعمًا للطعام، فالمؤمنين المملوئين نعمة، بذوبانهم وسط العالم، يتقبل الله هذا العالم.. قيل أن الله يفيض مياهًا في نهر النيل بسبب وجود الأنبا بولا في مصر. ليكن لكم في أنفسكم ملح= أي لتمتلئوا نعمة لتكونوا ملحًا جيدًا ويكون هذا بالامتلاء بالروح (أف5: 18 – 21) وأيضًا بجهادكم بأن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية، وتقديم الجسد ذبيحة حيَّة هو جهاد الإنسان أن يحيا كميت عن ملذات الخطية.
ولاحظ أهمية الجهاد حتى تعمل النعمة فينا وتحفظنا، فالرب يقول ليكن لكم في أنفسكم ولم يقل أما أنا فسأعطيكم الملح الذي يحفظكم.
ولكن ما يبطل مفعول النعمة فينا، نزاعاتنا وصراعاتنا على الرئاسات والمجد الدنيوي، كما بدأ هذا الإصحاح بصراع التلاميذ عمن هو الأعظم. والسيد يعطي نصيحته بأن نحيا في سلام، وطوبى لصانعي السلام ومن هذا نفهم أن:-
القانون الثامن:- النعمة تحفظ أولاد الملكوت من الفساد
وشرط بقاء النعمة: 1) نكون ذبائح (نصلب شهواتنا)؛ 2) نحيا في سلام.
لاحظ:- رأينا في القانون السادس أن من يقبل أن يقدم نفسه ذبيحة تحفظه ملائكة الله. وفي القانون السابع رأينا أن المسيح بنفسه يبحث عن هذا الخروف لو ضَلَّ. وفي القانون الثامن نرى أن الروح القدس يحمي هذا الخروف الضال من الفساد. ولو عاد هذا الخروف الضال وثبت في المسيح ولم يعاند، سيسمع صوت الآب "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت". هذا هو الحب الأبوي العجيب الذي ننعم به، فالآب يجتذبنا (يو44:6). والإبن هو راعٍ يفتش عن الخروف الضال. والروح القدس يعمل فينا بنعمته ليحفظنا من الفساد. وملائكة الله تحيط بنا لتعيننا. والآب يفرح بمن يتجاوب مع هذا الحب ويرجع ليرتمي وينعم بأحضان الآب. الله أعطانا الحرية ولا يؤيد أن ينزعها منا فنحن مخلوقين على صورته أحراراً. ويفرح بأن نختاره بحريتنا. وهو كما رأينا يحيطنا ويدعمنا ولكن لا يرغمنا على الثبات فيه. ونستعير هنا عبارة جميلة تعبر عن هذا وقد وردت بالإنجليزية في (NKJV) (حز7،6:41).
supported but not fastened
ودليل حريتنا قول الرب لملاك كنيسة لاودكية "أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ16:3).
فمن لا يريد المسيح ويشعر أنه غير محتاج إليه، يخرجه المسيح خارجاً ولا يرغمه على البقاء ثابتاً فيه. المسيح يحاول والروح القدس يقنع (إر7:20) والملائكة تحمي!! ولكن من لا يريد، يعطيه الله حريته... فليخرج [ديماس تركني إذ أحب العالم الحاضر] (2 تي 10:4).
«وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ. وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ».
سبق السيد وقال للمخطئ لا تقدم قربانك على المذبح قبل أن تصطلح مع أخيك (مت 23:5-24). أما هذا الكلام هنا فهو موجه لمن لحقه الأذى، بأن يعاتب من أخطأ إليه، وهذا يخجل المخطئ، والسرية أدعى لعودة الصفاء، فالتشهير بمن أخطأ يزيده عنادًا. هنا من لحقه الأذى بتصرفه هذا يربح نفسًا للمسيح وهو في هذا يمتثل بالمسيح، فنحن أخطأنا إليه لكن جاء وتجسد ليصالحنا. وإذا لم يسمع فلنذهب للكنيسة، وهنا السيد يعطي لكنيسته سلطان للحل والربط (آية 18). وقبل الكنيسة فليأخذ معه شاهدين أو ثلاثة ربما يخجل هذا العنيد منهم، وهؤلاء الشهود سيكونون شهودًا عليه بعد ذلك. فإذا رفض تدخل الكنيسة تربطه الكنيسة أي تمنعه من شركتها ويُمنع من الأسرار، فمن رفض أمومة الكنيسة فهو يرفض أبوة الله. أما سلطان الحل فهو قبول توبته والغفران له لو رجع بالتوبة. وهذا ما فعله بولس الرسول مع زاني كورنثوس (1كو 4:5-5 ثم 2كو 6:2-8). وقطع هذا العنيد المصر على عناده يظهر في قول المسيح= ليكن عندك كالوثني والعشار طبعًا ليس العشار التائب ولكن العشار المعاند، والوثني المصر على وثنيته.
إن إتفق اثنين.. يكون لهما= المسيح يفرح بروح المحبة التي تجمع بيننا، فإذا كان هذا المعاند الذي يرفض الصلح مع أخيه الذي ذهب ليعاتبه يتعرض للقطع والحرمان من شركة الكنيسة، فإن المجتمعين في محبة يصلون لأجل شيء معين، قطعًا سيستجيب الله لهم لو طلبوا أن يتغير قلب هذا المعاند. ونلاحظ أن بولس الرسول طبق هذا المفهوم حين حرم زاني كورنثوس إذ أشرك الكل في قراره، وهكذا فعل حينما قرر حله ومسامحته (1كو5: 3 – 5 +2كو2: 6 – 10).
والروح القدس يملأ من يجتمعوا بروح الشركة والمحبة كما ملأ من إجتمعوا للصلاة بنفس واحدة (أع 1:2-4 + أع 31:4-32 + مز133) بل يأتي المسيح ويكون في وسط هذه المجموعة التي تجتمع في حب بإسمه = فهناك أكون في وسطهم. وما أجمل هذه الآية فقداساتنا بوجود المسيح في وسطنا تتحول إلى سماء واجتماعاتنا تتحول إلى سماء، ففي أي قداس أو اجتماع يجتمع أكثر من اثنين أو ثلاثة باسم المسيح. بل صلاتنا الشخصية في مخادعنا إذ نصلي متشفعين بالقديسين والملائكة، حينئذ نجتمع أرضيين مع سمائيين، وبحسب وعد المسيح يكون هو في وسطنا، فيتحول المخدع إلى سماء ومن هذا نفهم أن:-
القانون التاسع:- هو أن الكنيسة ملكوت السموات على الأرض هي اجتماع إخوة في محبة والمسيح حاضر في وسطها، بل أعطاها سلطانًا للحل والربط. بل ما تتفقوا عليه سأنفذه لكم.
(مت 21:18-35):-
حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ. لِذلِكَ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ. فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا لَهُ، وَيُوفَي الدَّيْنُ. فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ. وَلَمَّا خَرَجَ ذلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ، كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلًا: أَوْفِني مَا لِي عَلَيْكَ. فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلًا: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ. فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ، حَزِنُوا جِدًّا. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ كُلَّ مَا جَرَى. فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ. أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟ وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلاَتِهِ».
وكان تعليم المسيح هنا في (مت18: 15) "إن أخطأ إليك أخوك اذهب وعاتبه" أي أن تعليم الرب يسوع أن الذي يبادر بالصلح هو الضحية. أما الربيين فكان تعليمهم أن يذهب من أخطأ، إلى من أخطأ في حقه ليطلب السماح وعلى أن يكون هذا أمام شهود عديدين، وعند الضرورة يتكرر هذا ثلاث دفعات. والسبب أن يعرف من أخطأ خطأه. وحينئذ سأل بطرس "كم مرة يخطئ إليَّ أخي فأغفر له؟ هل إلى سبع مرات؟" وتحديد بطرس لرقم 7 مرات كان لأن الربيين قالوا: "على الشخص أن يكون رحيما بأخيه ويغفر له لو إعتذر حتى يرحمه الله، وأن يكون هذا الغفران لثلاث مرات فقط بعد أن يصلح ما أخطأ فيه ويعتذر لمن أخطأ في حقه". أما بطرس فبعد تعليم المسيح عن الغفران أراد أن يكون أكثر كرما من الربيين فوصل بالرقم إلى 7 ولكن رد الرب عليه بل إلى سبعين مرة سبع مرات أي بلا حدود.
يشبه ملكوت السموات= أي الكنيسة إنسانًا ملكًا= هو المسيح الديان. يحاسب عبيده= ليس حساب يوم الدينونة، بل هو تعامل الله معنا الآن ونحن في الجسد، فمن يغفر لأخيه هنا يغفر له المسيح يوم الدينونة ومن يغلق قلبه عن أخيه يغلق المسيح قلبه من ناحيته. أما يوم الدينونة فلا سماح فيه ولا مسامحة. فلننتهز الفرصة هنا ونغفر فيغفر لنا السيد خطايانا. ولاحظ أن هذا هو الشرط الذي وضعه السيد بعد أن علم تلاميذه الصلاة الربانية (مت 14:6-15). وكان هذا هو التعليق الوحيد على الصلاة الربانية. ولنلاحظ أن من يغفر لأخيه سيغفر له الله، وسيشعر بهذا الغفران في محبة الآب الحانية فأبو الابن الضال حين غفر لابنه وسامحه وقَبِلَهُ، وقع على عنقه وَقَّبلَهُ. فمن يغفر سيشعر بهذه المحبة الأبوية.
عشرة ألاف وزنة= لو كانت وزنات ذهب تساوي أكثر من 60 مليون جنيه. ولاحظ أن خيمة الاجتماع استخدم فيها 29 وزنة (خر24:38) والهيكل استخدم فيه 3000 وزنة ذهب فقط، 7000 وزنة فضة (1أى 4:29-7). أمّا لو كانت العشرة ألاف وزنة من فضة فهي تساوي حوالي ½2 مليون جنيه.
أما المائة دينار فهي تساوي حوالي 3 جنيه وهذا يعني أن خطايانا تجاه الله رهيبة وديوننا لله لا يمكن لنا أن نوفيها بل نعجز تمامًا عن ذلك. لذلك جاء المسيح ليوفي وليغفر.
10,000 العشرة هي رمز للوصايا العشرة التي أخطأنا فيها، والألف هي رمز للسمائيات، فمن يلتزم بالوصايا يحيا في السماويات. ويشير الرقم لمخالفة الوصايا العشر والعقوبة ضياع السماويات (1000).
أمر سيده أن يباع= وذلك حسب الشريعة (لا 39:25-43).
يا سيد تمهل عليَّ فأوفيك= وكيف يوفي هذا العبد 60 مليون جنيه وهو مفلس، السيد يريد إظهار استحالة أن نوفي، لذلك جاء هو ليوفي، ولكن لاحظ استجابة السيد لصراخ وصلاة عبده، وأنه سامحه. والعبد كان يطلب أن يمهله سيده، لكن مهما أمهله كيف يمكن تدبير المبلغ ليسدد. ولكن استجابة السيد كانت كريمة أكثر من التصور، فقد ترك له كل شيء. ولاحظ بعد ذلك أن انغلاق قلب العبد من نحو العبد زميله أفقده غفران سيده. وماذا كان دين زميله 100 دينار (إشارة لقطيع الله) إن لم تتركوا من قلوبكم = فالغفران لا يكون بالفم فقط بل من القلب. 7 مرات= هو رقم الكمال 70 مرة سبع مرات= أي الغفران الكامل دائمًا ومن هذا نعلم أن:-
القانون العاشر:- استمرار المؤمن في الملكوت وتمتعه به مربوط بغفرانه لإخوته من قلبه لكل أخطائهم.
← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير متى 19 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير متى 17 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/q3cgkv3