محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
متي: |
قد يتصور البعض أن الأحداث والمعجزات والتعاليم والعظات تأتي في الأناجيل بطريقة عشوائية، فلا ترابط بين حدث وما قبله وما بعده. وهذا خطأ. فالأحداث مترابطة، وكل حدث يشرح ما قبله ويمهد لما يأتي بعده.
والإنجيل بل الأناجيل كلها ليست تأريخ لحياة المسيح بقدر ما هي عرض لفكرة معينة يريدها الإنجيلي أن تصل إلينا.
فنجد إنجيل متى يبدأ بقوله " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم .... "
وداود هو الملك الأشهر في تاريخ إسرائيل وقيل عن ابنه " هو يبني بيتًا لاسمي وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد" (2صم 13:7). وقيل عنه أيضًا "أقسم الرب لداود بالحق لا يرجع عنه. من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك.." (مز 11:132، 12). وحيث أن كرسي هذا الابن الموعود به يستمر للأبد فهذا يشير للمسيح ابن داود (رؤ 16:22)
وإبراهيم هو الذي بدأت به قصة الخلاص حينما اختاره الله وأمره بالذهاب إلى أرض الميعاد ومنه خرج شعب أتى منه المسيح المخلص فتحقق قول الله لإبراهيم "يتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك 18:22)
وقصة تقديم إبراهيم ابنه ذبيحة هي رمز واضح للفداء. إذًا ما أراد متى أن يقوله بأن المسيح هو ابن داود ابن إبراهيم.. هو أن المسيح أتى ليخلص ويؤسس مملكة هي "ملكوت السموات". وإنجيل القديس متى كله يشرح ما هو الخلاص، وما هي هذه المملكة، وكيف يؤسسها المسيح في أحداث مترابطة.
ويقول الملاك ليوسف أن هذا المولود اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.
فيسوع المسيح هو الله ظهر في الجسد. والله حياة والله قدوس فحينما اتحد بجسد بشريتنا صارت لنا حياة أبدية. وصار لنا أن يحل الروح القدس فينا ويملأنا محبة (رو 5:5) فنمتلئ فرحًا (غل 22:5-23) وننتصر على الخطية " عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد" (1تى 16:3) وصار الشيطان تحت أقدامنا (لو 19:10) ولذلك يطلب السيد المسيح منا أن نثبت فيه فيكون لنا كل هذا (يو 4:15). وكل من يثبت في المسيح ينضم لمملكته أي لملكوت السموات الذي أتى المسيح ليؤسسه بأن نهب بيت الشيطان القوي ونهب أمتعته بعد أن ربطه (مت 29:12) وأمتعته كانت نحن ولكن المسيح حررنا منه فصرنا للمسيح.
كلمة يعرف لها معنيان:-
1) يعرف بمعنى تزداد معلوماته عن شيء To Know.
2) يعرف بمعناها الرمزي في الكتاب المقدس وتعني اتحاد.
أ) إتحاد لاهوتي: فالآب واحد في الابن والابن واحد في الآب. وهذا عبَّر عنه السيد المسيح بقوله "ليس أحد يعرف الابن إلاّ الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له (مت 27:11). وهذه تساوي تمامًا " أنا والآب واحد" (يو 30:10) وتساوي أيضًا " صدقوني إني في الآب والآب فيَّ" (يو 11:14).
هنا كلمة يعرف تشير للوحدة بين الآب والابن، كما أن هناك تعبيرًا آخر يشير للوحدة يستخدم كلمة المحبة التي هي طبيعة الله، فنقول عن الابن أنه المحبوب والآب يحب الابن، كل هذه تعبيرات عن الوحدة بلغة المحبة (أف 6:1) وفي (كو 13:1) يقول "ملكوت ابن محبته" ويقول السيد المسيح "الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله" (يو 20:5) فقوله هنا يحب تشير للوحدة التي هي بالطبيعة بين الآب والابن، وطبيعة الله هي المحبة فالله محبة (1يو 8:4). ولاحظ قوله " يريه جميع ما هو يعمله " أي أن الابن يعرف كل ما للآب نتيجة هذه الوحدة. وما يقال عن الآب والابن يقال عن الروح القدس " لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله.. أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله" (1كو 10:2-11). وبنفس المفهوم " كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني. لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو 13:16-14) فالروح الذي هو واحد مع الآب يعرف كل ما للآب وعَبَّر عن ذلك بأنه يسمع، ويعرف كل ما للابن فهو واحد معه فيخبرنا بما للابن.
ب) إتحاد المسيح بنا نحن البشر:- الله ظهر في الجسد ليتحد بطبيعتنا. وهذا يتم لكل منا عن طريق المعمودية. "لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته" (رو 5:6). وراجع (يو 20:17-26). وهذا تم التعبير عنه في قول السيد المسيح " ومن أراد الابن أن يعلن له (مت 27:11).
ج) إتحاد إنسان بإنسان:- فقيل "وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين" (تك 1:4) هو إتحاد نشأ عنه حياة.
وبنفس المفهوم إذا اتحدنا بالله يكون لنا حياة أبدية، وهذا ما أتى المسيح لأجله وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته (يو 3:17).
فالمعرفة بالمفهوم الرمزي تعني اتحاد. ومن يتحد بالله يعرفه بمعنى (TO KNOW HIM) معرفة عميقة فيكون لنا فكر المسيح (1كو 16:2). فهي ليست كمعرفة الإنسان للإنسان. معرفة قال عنها بولس الرسول " وأوجد فيه.... لأعرفه...." (في 9:3-10).
بالخطية دخل الموت إلى العالم، ومات كل بني آدم. والمسيح الذي أتى ليتحد بنا صار لنا حياة أبدية. أتى المسيح ليشفي طبيعتنا من 1) الموت؛ 2) الخطية.
وهذا هو الخلاص. فحينما نسمع أن المسيح صنع معجزة شفاء، فعلينا ألا نتوقف عند المفهوم السطحي للمعجزة وأنها مجرد شفاء للجسد، بل ندخل للعمق وننظر إلى ما تشير إليه المعجزة. فكل الذين شفاهم المسيح عادوا ومرضوا ثانية، وكل الذين أقامهم من الموت، ماتوا ثانية. إذًا المهم هو الشفاء الروحي الذي يعطينا حياة أبدية ونستعيد صورة المجد التي كانت لآدم قبل الخطية إذ كان يعكس مجد الله لأنه كان يرى الله، وقارن مع إنارة وجه موسى إذ رأى جزء من مجد الله.
فشفاء الأعمى هو إشارة لإرادة الله في تفتيح عينيه الروحيتين فيرى الله، فبدون القداسة لن يرى أحد الرب (عب 14:12) وشفاء أصم هو إشارة لإرادة الله في تفتيح أذنيه فيسمع صوت الروح القدس (رؤ 17:2) وإقامة ميت هو إشارة لأن الله يريد لنا حياة أبدية. وهكذا.
المسيح أتى ليستعلن لنا حب الآب وإرادته أن الجميع يخلصون (1تى 4:2) أبديًا.
هذا ليس شرحًا للآيات بل محاولة لفهم الترابط بين الآيات. فهي ليست أقوال متناثرة، بل هي تعاليم لها رباط واحد يجمعها هو معرفة المسيح أي إتحاد المسيح بالنفس البشرية فيعطيها حياة. ولاحظ أن بداية العظة أن المسيح صعد إلى الجبل. هو سماوي ومن يريد الإتحاد به عليه أن يكون سماويًا مثله، ويرتقي فوق مستوى الأرضيات. وكانت بداية العظة هو تطويب المساكين بالروح أي المتضعين والمنسحقين وهؤلاء يسكن الله عندهم (إش 15:57). ومن يسكن المسيح عنده تكون له حياة المسيح "لي الحياة هي المسيح" (فى21:1) + (غل20:2). هذه هي معرفة المسيح. ويقول أيضًا "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" هذه هي المعرفة التي تعطي حياة. وتستمر العظة حتى نسمع أن من يتبع تعاليم المسيح يثبت فيه ويكون كمن بنى بيته على الصخر فلا يهتز ولا يضطرب مع هيجان عدو الخير ضده، وتشكيكه في المسيح، وهذا ما عَبَّر عنه السيد بهبوب الرياح وتساقط الأمطار.. .. (مت 24:7-27). فمن عرف المسيح يثبت في المسيح فيكون له خلاص وهذا هو موضوع العظة على الجبل.
المسيحية ليست وصايا ننفذها فنخلص. هذه كانت تعاليم اليهودية عن الوصايا "من يفعلها يحيا بها" (لا5:18). لكن المسيحية هي "المسيح يحيا فيَّ" هي جهادي أن أستمر ثابتًا في المسيح الذي اتحدت به في المعمودية وهذا ما تحدثنا عنه العظة على الجبل.
إنجيل متى بدأ بقوله كتاب ميلاد يسوع (لذلك فهو يبدأ بشرح معنى الخلاص في المسيح الذي أتى يسوع ليتممه وكانت أول خطوة ميلاد يسوع، ليتم اتحاد جسده بنا) وهذا الخلاص يتم ليس بأن أنفذ وصايا بل بحياة المسيح فيَّ والثبات في المسيح (وهذا هدف عظة الجبل). ومفهم أن من يثبت في المسيح سيسهل عليه حفظ الوصايا، فحفظ الوصايا أولًا بالتغصب (وهذا ما نسميه جهادًا). ومن يفعل يبدأ يثبت في المسيح فيسهل عليه حفظ الوصايا. ولكن الخلاص يكون لمن هو ثابت في المسيح وله حياة المسيح.
(مت 5: 1-12)
ولما رأى الجموع = هذه راجعة لنهاية الإصحاح الرابع، وفيه رأينا السيد المسيح يشفي الجموع، فتبعته الجموع ولما رآها أعطاهم هذا التعليم الذي يعطي الثبات بعد الشفاء.
صعد إلى الجبل = الجبل يشير للسماويات. ومن أراد أن يثبت في المسيح عليه بأن يحيا في السماويات "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق...." (كو 1:3) + " كونوا قديسين لأني أنا قدوس...." (لا 44:11). ولذلك يشير السيد لأن من يفعل يكون لهم "ملكوت السموات" وهذا عكس مفهوم اليهود الذين يحلمون بملك الأرض. ونسمع تعليم السيد.. صلوا " أبانا الذي في السموات"
طوبى = هي إشارة للسعادة والفرح لمن يثبت في المسيح وللبركة التي يحصل عليها في السماء وعلى الأرض. وللحياة الأبدية التي سينالها. لذلك قال السيد "أتيت لتكون لهم حياة (في السماء) وليكون لهم أفضل (أيضًا على الأرض سيفرحون) (يو 10:10)
المساكين بالروح = المتواضع المنسحق، الشاعر بالاحتياج لله دائمًا، عكس ملاك لاَوُدِكِيَّة (رؤ17:3). وهذا المنسحق يسكن الله عنده (إش 15:57) والشاعر بالاحتياج لله يمتلئ (يو 37:7-39).
الحزانى = على خطيتهم فيتوبون ويحزنون أيضًا على خطايا الناس، فهؤلاء يتشبهون بالله، وحزانى في تذللهم أمام الله بأصوام وقمع للجسد، كمل فعل بولس (1كو 27:9). والذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج ثباتًا في المسيح (مز5:126).
الوداعة = تشبه بالمسيح الذي لا يصيح ولا يخاصم ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. هي هدوء وطول أناة واحتمال للناس.
الجياع والعطاش إلى البر = هذه مثل "إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب.." (يو 37:7-39). وهناك إنسان أرضي يجري وراء ملذات العالم، هذه التي لا تروى (أر13:2). ولكن الإنسان الروحي يريد أن يعرف الله أكثر ويزداد في صنع البر فيزداد ثباتًا في الله وحبًا في الله.
الرحماء = يتشبهون بالله الرحيم
أنقياء القلب = هؤلاء إذ سكن الله فيهم (مساكين بالروح) وحزنوا وتابوا (حزانى) وتشبهوا بالله (ودعاء) وعطشوا لله (جياع وعطاش إلى البر) وصاروا (رحماء) مثل الله، اتحدوا بالله وثبتوا فيه فعرفوه وصارت لهم رؤية قلبية واضحة وفرحوا به يعاينون الله.
صانعي السلام = تشبهوا بالمسيح
المتواضع يسكن الله عنده، ومن يسكن الله عنده تنفتح عينيه فيرى الله ويرى خطيته فيحزن عليها ويسبح الله الذي غفر. ومن رأى خطيته ينكسر ويعطي عذرًا للآخرين فيصير وديعًا ولا يكون عنيفًا مع الناس إذا أخطأوا. وكلما شعر الإنسان بعمل الله يعطش بعمل الله فيه بالأكثر، وكلما عمل الله فيه صار رحيمًا ومتشبهًا بالله. ويتنقى قلبه فيرى الله. وكلما تنقى قلب الإنسان يصير في سلام مع الله ومع الخليقة بل يتشبه بالله ويصنع سلامًا بين الناس ويحاول أن يجعل كل إنسان في فرح. ولكن كل من يتشبه بالمسيح سيكرهه العالم، فإبليس رئيس هذا العالم في عداوة مع الله..... ولكن:
طوبى لكم إذا طردوكم = المتحد بالمسيح مكروه من رئيس هذا العالم عدو المسيح، ومكروه من العالم. ولكن طوبى له إذ صارت له حياة المسيح، وصار شريك المسيح في الألم وبالتالي في المجد (رو17:8).
الله أرسل المؤمنين إلى العالم كسفراء، يعظ المسيح بهم (2كو20:5). والمسيح أعطانا حياته وهذا هو سر قبول الله لنا. فحياة المسيح فينا صيَّرتنا ملحًا ونورًا. ملحًا بسببه يقبل الله العالم ويحتمله، فلو وجد في سدوم (10) أتقياء ما أحرقها الله. ونورًا يكشف خطايا العالم فيتوب الآخرون. والنور طبعًا ليس منّا بل هو المسيح فينا والمسيح هو النور الحقيقي (يو12:8) ولكن كيف نثبت في المسيح لنكون ملحًا ونورًا.
1) تكون لنا أعمال صالحة بسببها يمجد الناس أبونا السماوي.
2) ننزع المكيال..
أ) هو إشارة للخطية عمومًا.
ب) نمتنع عن اللذات الحسية الخاطئة التي تعطل اكتشاف الفرح الروحي.
ج) الحسابات المادية في التعامل مع الله وهذه ضد الإيمان.
وهل ما ينادي به المسيح كان غير متاحًا في العهد القديم، قطعًا لا، وإلاّ ما جاء المسيح. فالمسيح أتى ليمنحنا النعمة أي بالروح القدس الذي يعين ضعفاتنا (رو 8: 13، 26) "فلو كان بالناموس بر فالمسيح إذًا مات بلا سبب" (غل 21:2).
ولأن لنا معونة من الروح القدس طلب السيد المسيح منا أن يزيد برنا عن الكتبة والفريسيين، وهذه تعني نقاوة الداخل، وهذه قال عنها بولس الرسول "يطهر ضمائركم.." (عب14:9) + "لا يكون لهم أيضًا ضمير خطايا" (عب 2:10) + " مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير.." (عب22:10). فتطهير الخارج يكون بالماء، أما تطهير الداخل فهذا لا يمكن إلًا بالروح القدس. وهذا ما صار متاحًا للمؤمنين، لذلك يطالبهم السيد المسيح بأن يزيد برهم عن الكتبة والفريسيين، وهذا أحد معاني إكمال الناموس. وحينما يزيد برنا نثبت في المسيح. والخلاصة فإن برنا يزداد حينما نتجاوب مع عمل الروح القدس أي نستمع له فلا ينطفئ.
هنا نرى معنى ازدياد البر عن الكتبة والفريسيين. فالمسيح ملأ النفس سلامًا فلماذا الغضب والمسيح أشبع النفس فلماذا الشهوة. والذي صارت له حياة المسيح فلماذا يهتم بحقوقه المادية، فليترك ما يتصارع عليه الآخرون من هذا العالم الفاني ليحيا هو في سلام أعطاه له المسيح. ولا تقدم قربانك وأنت متخاصم أي لا تناول لمن هو في عداء مع الآخرين. ولذلك طلب السيد منا محبة الأعداء. فكيف نثبت في المسيح، والمسيح محبة، بينما نحن في عداء. المسيح أتى ليوحدنا به (يو20:17-26)، وكيف يتم الإتحاد ونحن لنا طبيعة كارهة حاقدة حاسدة والله محبة. والعكس فلو كانت لنا محبة لاتحدنا بالله وثبتنا فيه فتكون لنا حياة أبدية وفرح على الأرض وفي السماء وهذا ما يريده المسيح لنا. هذا هو الخلاص. راجع تفسير ( يو 15: 9).
كان اليهود يمارسون الصدقة والصلاة والصوم بهدف مظهري أي ليمدحهم الناس. والسيد المسيح هنا يضع الصدقة والصلاة والصوم كثلاث وسائل أساسية للثبات فيه. لذلك يطلب أن تكون خفية، فهي علاقة خاصة بالمسيح هدفها الثبات فيه ولا علاقة للناس بها.
الصدقة = هي فعل البر عمومًا للمحتاج، وهذه قال عنها السيد المسيح أن من زار مريض أو سجين فقد زاره هو. إذًا هي وسيلة نرى بها المسيح فنعرفه، فمن يقدم خدمة لإخوة الرب فهو يقدمها للرب فيعرف المسيح.
الصلاة = هي صلة بالله.
الصوم = هو ارتفاع للسمائيات تاركين الملذات الأرضية فيسهل الاتصال بالمسيح.
إذًا فالصدقة والصلاة والصوم وسائل للثبات في المسيح وللحياة السماوية فيكون لنا كنز سماوي، فمن يلتصق بالله السماوي بالصلاة ويقدم له خدمة في شخص المحتاج زاهدا في العالم وملذاته بالصوم فهو يحيا في السماء..
يقول معلمنا لوقا البشير أن المسيح إذ كان يصلي رآه تلاميذه فقال واحد علمنا أن نصلي. فلماذا؟ ما الذي أعجب التلاميذ؟ كما قلنا الصلاة هي صلة مع الآب فلما رأى التلاميذ حالة السلام والنور التي كان عليها المسيح في صلاته اشتاقوا أن يكونوا هكذا. فإذا كان المسيح قد قال لنا أن من عينه بسيطة يكون جسده كله نيرًا فكم كان هو، وهو في حالة الصلة الكاملة مع الآب، هي حالة تجلي بسيطة حدثت ورآها التلاميذ فاشتاقوا هم أيضًا لهذه الحالة من الإتحاد والثبات في الله. ولنلاحظ في الصلاة الربانية ليس فقط أن نرددها بل أن نحيا في هذا الفكر.
أبانا الذي في السموات = 1) الله أب لنا حينما نثبت ونتحد بالمسيح ابنه 2) هذا الثبات إن عشنا في السماويات ونكون قديسين، فنحيا في الأرض بروح الغربة 3) قوله أبانا / إغفر لنا .. تشير لأننا جسد واحد ولا خلاص إلاّ من خلال الوحدة.
ليتقدس اسمك = كيف يتم الثبات في المسيح؟ بالطهارة والبعد عن الخطية، فالخطية هي التي تفصلني عن المسيح. إذًا إجعلني يا رب أن أسلك بطهارة وقداسة لكي يقدس الناس اسمك. وهذه تساوي "لكي يرى الناس أعمالكم.. فيمجدوا أباكم.." أي يعلو اسم الله في نظر الناس وأكون أنا أداة لذلك. يا رب اجعلني أداة لكي يكون الناس كالملائكة يصرخون لك قائلين قدوس قدوس قدوس.
ليأتي ملكوتك = تعال يا رب وإملك عليَّ فليس من الممكن أن أثبت في المسيح سوى بهذا. وبهذا اتحد بالمسيح بالكامل.
لتكن مشيئتك = التسليم الكامل لله فهو يعرف كل شيء ويعرف المستقبل فكيف أعترض. وهذا التسليم يكون إذا اكتشفت محبته.
كما في السماء كذلك على الأرض = ما سبق كان يخصني أنا شخصيًا وهذه الطلبة هي عن كل الناس، لتكون الأرض كالسماء، طهارة وتسبيح وفرح وخضوع. فالذي تذوق السمائيات يتمنى أن يكون الكل هكذا، أما الخاطئ فهو يريد أن يصبح الكل مثله (رو 32:1). أما القديسين فهم يتشبهون بالله ويريدون أن الكل يخلصون. ومن يكون هكذا يثبت في الله.
خبزنا كفافنا أعطنا اليوم = أعطني أن أنشغل بك وحدك وليس بالأكل والشرب.
خبزنا الذي للغد.. = أعطني الإتحاد الكامل بك فأنت الخبز الحقيقي الأبدي لي، خبز الحياة، وأنت مصدر الشبع الحقيقي.
إغفر لنا ذنوبنا كما نغفر..= كيف يتم الإتحاد بيني وبين الله وأنا قلبي مملوء حقد وكراهية، كيف يتم الإتحاد بين طبيعتين مختلفتين (محبة وكراهية) فالذي لا يغفر هو قلب كاره.
لا تدخلنا في تجربة = اجعلني في السمائيات يا رب، فلا يسقطني الشيطان للأرضيات فأنفصل عنك.
لك القوة = أنت قادر يا رب أن تفعل كل هذا. فيجب أن يكون لي ثقة في قدرة الله.
(مت 6: 19-21) الكنز السماوي
هل تظن أنك بصيامك وصدقتك والوقت الذي تضيعه في صلاتك أنك تخسر شيئًا؟ قطعًا لا فأنت بهذا تتحد وتثبت في المسيح كما سبق، وتصنع كنزًا في السماء.
الكنز الأرضي هو المال، فهل تضع ثقتك في أوراق ملونة ومقتنيات أم في الله. الكنز السماوي هو المسيح الذي تتحد به. ومن هذا الكنز الذي كان لبطرس قال للرجل الأعرج "الذي لي إياه أعطيك" (أع6:3). حقًا "أنا لحبيبي وحبيبي ليّ" (نش 3:6).
اكنزوا = اهتموا بأن يزداد ثباتكم في المسيح الساكن فيكم، الكنز هو المسيح يحيا فيَّ.
كنوزًا في السماء = السماء هي قلبي الذي يسكن فيه المسيح "فملكوت الله في داخلنا" هذا ما قال عنه بولس الرسول " لنا هذا الكنز في أوانٍ خزفية (2كو 7:4) والأواني الخزفية هي أجسادنا.
وإنجيل الكنز هذا يأتي في الأحد الأول من الصوم بعد أن نكون قد صمنا أسبوعاَ لتقول لنا الكنيسة أننا لم نخسر بل صار لنا كنزًا سماويًا. وهذا الكنز هو الذي ينفعني في السماء.
(مت 6: 22-23) العين البسيطة
هي التي تبحث عن هدف واحد فقط هو المسيح فلا تهتم بالعالم. وإذا سكن المسيح في إنسان يكون نورًا فالمسيح الساكن فيه هو نور = جسده كله يكون نيراَ . وهذا ما رآه التلاميذ إذ كان المسيح يصلي فاشتهوا أن يصلوا مثله. وحين يكون الجسد كله نيرًا يتحقق القول يجازيك علانية
سراج الجسد هو العين = السراج مصباح ينير لي الطريق. والعين هي هدفي وطموحاتي أي ماذا أريد. وما أريده هو الذي يقودني. فإذا كان هدفك مادي فسيكون كل ما تبحث عنه هو الماديات. هناك من يأتي للكنيسة لا يطلب معرفة المسيح والتلذذ بشخصه، بل يطلب من الله الماديات فقط. لكن هناك من يذهب إلى عمله طالبًا أن يشترك الله معه وينجحه. الأول يستغل الله ماديًا أما الثاني فعينه بسيطة، هو يريد الله ويريد معرفة الله، لكنه حتى وهو في العالم يعمل لا ينفصل عن الله.
عينك شريرة = هذا من يسعى وراء شهواته. مثال:- سليمان الذي سعى وراء النساء والمال والنتيجة بَخَّرَ لأوثان وبهذا تشبه بالأوثان، فصار جسده مظلمًا. وكل من لا هدف له سوى إرضاء شهواته ينفصل عن الله وينفصل عنه الله، والله هو النور فجسده كله يكون مظلمًا.
النور الذي فيك = أي عقلك الذي يرشدك. وهناك عقل اختار ملذات العالم، لكن هناك عقل نيِّر يعرف أن لهذه الدنيا نهاية وقد تأتي سريعًا فيختار طريق الالتصاق بالله. خطأ الرجل الغني الغبي أنه لم يفكر في أنه قد يموت فظل يفكر ويحلم فقط ببناء المخازن ويأكل ويشرب ويتلذذ بالعالم، ولم يفكر في أن يكون له كنز سماوي ينفعه في السماء. ومن اختار عقله طريق الشهوات، والعقل أصلًا هو أداة نور ترشد صاحبها لطريق النور، فإن أعضاء جسد هذا الإنسان تكون في خدمة الشر، تكون آلات إثم وهذا معنى فالظلام (أي أعضاء الجسد) كم يكون فالعقل نور لأنه يرشد أما أعضاء الجسد فظلام فهي غير قادرة أن ترشد وتقود بل هي بطبيعتها منقادة. أما من يخدم الله ويبحث عنه تكون أعضاؤه آلات بر.
(مت 6: 24) السيدين
من هو إلهي الذي أعتمد عليه، هل الله أم المال؟ على من ألقي رجائي؟
ليس خطأ أن أعمل، بل عليَّ أن أعمل. وبولس الرسول يقول من لا يعمل لا يأكل (2تس 10:3) مانعًا التكاسل. لكن السؤال هنا. ما هو مصدر اطمئناني، هل هو الله أم زيادة الأموال.
مَنْ يضع كل ثقته في الله يثبت في الله، أما من يشك في الله يفقد ثباته في الله. العالم مخادع. فماذا في العالم؟ المال والقوة والشهوات. ومن يسعى وراء هذا كله فهو يسعى وراء باطل أي قبض الريح. وكل هذا عاجز عن أن يعطي الإنسان السلام والفرح. أما الشيطان فهو يحاول أن يقنع الإنسان بأن هذا كله هو مصدر فرحه واطمئنانه، فهو رئيس هذا العالم، وهذه هي أدواته. لكن لنعلم أن:-
المال:- موجود اليوم وقد لا يوجد غدًا. وهو لا يعطي اطمئنانًا ولا ثقة في المستقبل.
القوة:- شاول الملك كان له مظهر القوة، لكن داود الهارب كان هو القوي حقيقة.
الشهوة:- هذه لا تشبع أحدًا، فسليمان كان له 999 امرأة واشتهَى رقم 1000 فأخذها أي لم تشبعه 999 زوجة وسرية.
لذلك قال المسيح عن نفسه أنه الحق في مقابل العالم الباطل ورئيسه إبليس. فالمسيح يعطي الشبع والاطمئنان ماديًا ونفسيًا وروحيًا، ولكن هذا لمن عينه بسيطة ويقول مثل هذا الإنسان للمسيح "معك لا أريد شيئًا في الأرض" (مز 25:73).
(مت 6: 25-34)
الثقة بالله تزيد الثبات في الله، عكس الشك. والسيد الرب ليعطينا درسًا لا يُنسى، يقول سأهتم بكم، فأنتم أهم من العصافير.
(مت 7: 1-5) لا تدينوا
إهتم بأن تدين نفسك فتتنقى، فتعاين الله. لأن أنقياء القلب يعاينون الله. ومن يعاين الله يعرفه ويحبه فيثبت فيه. أما من ينشغل بالآخرين وخطاياهم فلن يهتم بأن ينقي نفسه، وهذا لن يثبت في المسيح.
الدينونة للآخرين تعميني عن الخشبة التي في عيني فلا أرى كيف أتوب وأتخلص منها، وبذلك لن أرى المسيح ولن أثبت فيه.
والدينونة للآخرين فيها كبرياء والمسيح لا يسكن عند المتكبر بل المنسحق (إش57: 15).
والدينونة للآخرين فيها نقص محبة، وكيف أتحد بالمسيح وأنا بلا محبة.
والدينونة للآخرين تجعلني أفقد العين البسيطة التي تطلب مجد المسيح إذ تطلب مجد نفسها.
أما من ينظر للسماء ولا ينظر للناس سيرى المسيح في قداسته ونقائه ويرى خطاياه فيشمئز منها ويتوب ويتنقى فيرى المسيح ويعرفه ويثبت فيه.
أما من لا يتوب فالله لا يغفر له فيحرم من الأحضان الأبوية التي نالها الابن الضال إذ تاب
(مت 7: 6-8)
درركم = الثبات في المسيح، وحياة المسيح فيَّ هي كنز سماوي داخلي أغلى من كل درر الأرض. ولكن هذه علاقة خفية ليست لألقيها أمام الناس وأتباهى بها، خصوصًا إذا كان الناس مستعدين للسخرية منها.
وكيف أحصل على هذه الدرر
اسألوا تعطوا / اطلبوا تجدوا / اقرعوا يفتح لكم
هي درجات ثلاث من الإلحاح، وأعلى درجة هي أن أقرع. هذه لجاجة وإصرار في الطلب وهذا الإلحاح يزيد العلاقة مع الله إذ يقف الإنسان فترة أطول، وإذ يفعل يعرف الله. وقد يكون الطلب الذي أطلبه في حد ذاته غير هام فيتركني الله لتزداد الوقفة معه وتزداد الصلة والمعرفة والثبات والإتحاد. فيكون تأخر الله في الاستجابة ليعطيني ما هو أهم أي اكتشاف الدرر أو الكنز السماوي أو حياة المسيح داخلي.
والأهم من الطلبات المادية فلنطلب 1) حياة المسيح فيَّ، 2) الامتلاء من الروح القدس.
وهذا ما قال عنه السيد "اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره" (مت 33:6).
اسألوا = ما هو الطريق للمسيح، كما فعل المجوس.
إطلبوا = أن نظل ثابتين في المسيح بعد أن عرفناه.
إقرعوا = لنرى أمجاد السماء يعلنها لنا الروح القدس (1كو 9:2-11).
إذًا ما أريده أن أرى أمجاد السماء، أن أكتشف أن السماء داخلي، أن أكتشف معنى حياة المسيح فيَّ، أن أعرف معنى المجد المعد.... إذًا.
اسألوا = لتعرفوا الطريق.
اطلبوا = حتى لا تضلوا وتحافظوا على الثبات في الطريق.
إقرعوا = بعد أن سألنا عن الطريق وثبتنا في الطريق. وصلنا للباب وها نحن نقرع ليفتح لنا فنرى الدرر والأمجاد.
ولنلاحظ أن الطريق والباب هما المسيح
لكن حتى يشرح لنا الروح القدس ويصور لنا هذا المجد المعد، هناك خطوات مهمة تسبق هذا:-
1) أن نتجاوب مع الروح القدس حتى يبكت على خطية وعلى بر.... فتحدث التنقية.
2) من يتنقى يحكى له الروح القدس عن المسيح (يو14:16).
3) من يعرف المسيح يدخل في علاقة حب مع المسيح.
4) والمحبة تجعلني لا أملّ أن أقرع.
5) وأظل أقرع حتى أعرف هذه الأمجاد والدرر.
6) حينئذ أقول مع بولس الرسول " لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا. (في 23:1).
7) والله في محبته يستجيب ولكن كيف يستجيب.
(مت 7: 9-11)
الله أبونا السماوي يعرف كيف يقودنا للسماء وللثبات في المسيح. فإذ نسأل يستجيب. وقد يستجيب بأن يسمح بتجربة أو ألم أو مرض، ونظن أن التجربة هي حية أو عقرب، والله يقول، وهل هذا ممكن أن أب يسمح لأولاده بهذا. إنما "من تألم في الجسد كف عن الخطية" (1بط1:4). فأنا أسمح بما يخرج لكم منه حياة وثبات، كل ما يسمح به الله لنا هو لكي نرى الدرر. فالألم طريق المجد. فالخبز يعني أن الله يغذيني بطريقته فأحيا، والبيض يعني أن الله يخرجني من موت العالم إلى حياة بطريقته. والسمك يعني أن الله يجعلني أحيا وسط تيارات العالم دون أن أهلك وبطريقته.
الله أبونا السماوي لا يؤذي أولاده، بل هو يهب خيرات للذين يسألونه. وكل الأمور تعمل معًا للخير للذين يحبون الله، حتى ما نظن أنه حيَّة أو عقرب.
(مت 7: 12-17) الطريق
1) أن نفعل بالناس ما نريد أن يفعلوه بنا (هذه عن المعاملات مع الناس).
2) ندخل من الباب الضيق:- صوم / صلاة / تسابيح / قمع للجسد / خدمة.
3) هذا الباب لأنه ضيق يحتاج أن نسأل لنجده واسألوا تعطوا أما الطريق الواسع، طريق شهوات العالم فالشيطان يسهله للإنسان.
4) من يسلك في الطريق الضيق يجد الفرح والسلام والعكس من يسلك في الطريق الواسع - يجد لذة عابرة مع هم وغم مستمرين.
(مت 7: 15) الأنبياء الكذبة
طريق الله يُحارب دائمًا من أصحاب التعاليم الزائفة المضللة وممن لهم أفعال منحرفة، وكيف يعلم من له سلوك منحرف.
أنبياء = من يتنبأ بالمستقبل ومن يعلم ويعظ.
مثال = من تثمر تعاليمه كبرياء، كيف يكون معلمًا صالحًا، هذا نبيًا كاذبًا.... فلنحذر.
(مت 7: 16-20) من ثمارهم.... الثمار هي علامات الطريق
الثمار هي علامات الطريق الصحيح. فكل عقيدة صحيحة لها ثمار حلوة تفرح الله. أما التعليم الخاطئ فيثمر خطايا (شوك وحسك).
(مت 7: 21-23) من هو خارج الطريق
هدف العظة على الجبل أن نعرف المسيح أي تكون لنا حياته الأبدية ونظل ثابتين فيه. أما من هو خارج الطريق فلن يثبت في المسيح ولن يعرفه أي لن يتحد به فلن تكون له حياة أبدية. والحياة مع الله ليست في ترديد صلوات مظهرية، ليس كل من يقول لي يا رب يا رب فهذا قيل عنه: [هذا الشعب أكرمني بشفتيه أما قلبه فأبعده عني]: "هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ" (اش13:29) أما ما يريده الله فهو:-
1) أن نصلي؛ 2) أن ننفذ إرادة الله.
(مت 7: 24-27) مَن هو في الطريق ثابت في المسيح
من هو غير ثابت في المسيح، خارج الطريق كما سبق، فلا حياة أبدية له، بل هو بسهولة جدًا مع أي تجربة يترك المسيح (التجربة هي المطر والرياح....) فهو إذ لم يعرف المسيح يسهل تشكيكه في محبة المسيح.
أما من هو ثابت في المسيح، عرف المسيح، اتحد به لا يمكن تشكيكه في المسيح إذ هو يرى المسيح في محبته فكيف يشك فيه. وهذا يتطلب أن يسمع أقوال المسيح وينفذها فيتنقى قلبه فيرى المسيح ويعرفه.
القديس متى يقدم المسيح كَمُشَرِّع (ربوني Ῥαββουνι) العهد الجديد -بديلًا لمعلمي العهد القديم- أتى ليكمل الناموس. لذلك وضع كل التشريعات معًا، جمع كل تعاليم السيد المسيح ووضعها معًا. لكن كما رأينا لم يضعها عشوائيًا، بل كان هناك خيط واحد يجمعها، هو: كيفية الثبات في المسيح. كيفية أن تثبت في حياة المسيح وأثبت فيه. وهذا هو مفهوم الخلاص في المسيحية. هذا ما أراد القديس متى أن يُظهره: ما معنى أن المسيح يُدعَى "يسوع" أي يُخَلِّص.
كما رأينا فهناك نوعان من المعرفة:
1) معرفة بمعنى TO KNOW.
2) معرفة بالمعنى الرمزي وتعني إتحاد.
والسؤال كيف نتحد بالمسيح وكيف نثبت فيه؟
1) الإتحاد بالمسيح يكون بالمعمودية (رو 3:6-5).
2) الثبات في المسيح يكون بكل ما سبق فيما قيل في العظة على الجبل.
ونلاحظ أنه كلما ازداد ثباتنا في المسيح نعرفه بالأكثر (TO KNOW) إذا يحكي لنا الروح القدس عنه، وكلما عرفناه أحببناه وكلما أحببناه ازداد ثباتنا فيه وهكذا.
ونلاحظ أن المسيح كمشرع للعهد الجديد قد أعطانا هذه العظة على الجبل بنفس مفهوم مشرع العهد القديم، فيسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد (عب8:13) فالله قال لآدم أن يأكل من كل شجر الجنة ومن ضمن شجر الجنة نجد شجرة الحياة أي (المسيح) ويمتنع أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر أي الانفصال عن الله. فطريق الحياة هو واحد وهو الثبات في المسيح الذي هو القيامة والحياة (يو25:11).
تسلسل الأحداث في إنجيل متى
الإنجيل يقدم لنا المسيح الملك المخلص، الله الذي ظهر في الجسد ليعطي الخلاص للإنسان ويؤسس مملكة خاضعة له. المسيح يحيا في أعضائها فتكون لهم حياة أبدية، ويعيشون في فرح وشبع. وهذا هو خط الإنجيل العام.
المسيح هو الله معنا = عمانوئيل. أتى وتجسد من إبراهيم ومن داود ليخلص ويملك إلى الأبد. هو أتى من اليهود لخلاص اليهود. هو تجسد ليموت ويقوم ويعطينا حياته نخلص بها.
حقًا المسيح وُلِدَ من اليهود. لكننا هنا نرى الأمم يقبلون المسيح في شخص المجوس. ويقبلونه كملك = الذهب. ومخلص = المر. وشفيع = اللبان. والمسيح يأتي إلى مصر ليبارك العالم كله في شخص مصر، وما سيكون لمصر من دور في الأيام الأخيرة. هنا نرى الخلاص للجميع، لكل العالم.
يوحنا المعمدان يعد الطريق للملك. فكل ملك يأتي أمامه من يعد الطريق. وإعداد الطريق كان بالدعوة للتوبة + معمودية المسيح التي بها أسس سر المعمودية. فالمسيح ما كان محتاجًا للمعمودية بل المعمودية كانت محتاجة للمسيح. فبالمعمودية يبدأ عمل الله معنا فيكون لنا ثبات في المسيح وتكون لنا حياة المسيح ، نموت معه ونقوم متحدين به في المعمودية فتكون لنا حياته، وهذا هو الخلاص. ويوحنا كان يدعو للتوبة، ومن يقدم توبة تنفتح عيناه ويعرف المسيح ويقبله ويؤمن به فيأتي ليعتمد فيتحد به وتكون له حياته.
(مت 4: 1-4)
المسيح يهزم الشيطان إذ جاء ليجربه، فربطه، ربط الملك السابق الذي إستعبد البشر وحررنا منه ليبدأ تأسيس ملكوته. وأيضًا هذا إعلان أنه يمكن لنا ونحن في المسيح أن نهزم الشيطان والخطية فنثبت في المسيح. فالخلاص في المسيحية يشمل السلطان على الشيطان (لو19:10) وعلى الخطية (رو14:6).
(مت 4: 12-17)
المسيح يبدأ خدمته في تأسيس ملكوته. وهنا نرى أن دعوة المسيح هي التوبة للخلاص فلا خلاص بدون توبة.
(مت 4: 18-22)
المسيح يدعو تلاميذه الذين سيعملون في تأسيس ملكوته. وتلاميذه هنا كانوا تلاميذًا للمعمدان وإستجابوا لدعوة المعمدان وقدموا توبة فعرفوا المسيح وإستجابوا للمسيح بسرعة. المسيح كملك يؤسس جيشا ليحارب بهم جيش الملك السابق.
(مت 4: 23-25)
المسيح المخلص يبدأ في الشفاء، شفاء البشر من أمراضهم الناشئة عن السقوط وخضوعهم للملك السابق (الشيطان). فمملكة المسيح هي مملكة أعضاؤها أصحاء روحيًا والشفاء الجسدي رمز للشفاء الروحي، وماذا يعني الشفاء الروحي؟ هذا ما تجيب عنه الإصحاحات التالية.
هذه هي شريعة العهد الجديد. لكن رأينا أنها طريقة الثبات في المسيح. فالمسيح كملك يضع شريعته ولكننا اكتشفنا أن هدف الشريعة هو أن نثبت فيه.
فالمسيح 1) اعتمد ليؤسس سر المعمودية وبها تكون لنا حياة المسيح.
2) حتى نثبت في المسيح فلنلتزم بهذه الشريعة فيحيا المسيح فينا. فالعظة على الجبل ترسم طريقة الثبات في المسيح وبهذا نثبت في الحياة الأبدية.
3) إعلانه عن إرادته في الشفاء. هو أتى ليعطي الناس حياة.
4) الأديان الأخرى تضع وصايا "ومن يفعلها يحيا بها" (لا5:18) أما المسيحية فهي أن نحيا بحياة المسيح. إذًا هو يعين من يريد أن يلتزم بوصاياه.
(مت 8: 1-4): المسيح يبدأ بشفاء أبرص. فالبرص رمز للخطية (راجع سفر اللاويين). وبهذا يعلن المسيح بوضوح أن هدفه الأساسي ليس شفاء الأمراض الجسدية بل شفاء البشرية من مرض الخطية. فالخلاص هو خلاص من سلطان الخطية "فإن الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة" (رو 14:6). بدأ الرب بشفاء يهودي. ونفهم أن الخلاص ليس مفهوم سياسي أو عسكري كما يفهمه اليهود، إذ تصوروا أن الخلاص هو من الرومان.
(مت 8: 5-13) شفاء غلام قائد المئة: لاحظ قول السيد " لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا " هنا نرى الإيمان شرط للشفاء. المسيح يريد أن يشفي، هو أتى لهذا. لكن الشرط لنُشفَى هو أن نؤمن. الرب هنا يشفي أممي، فهو أتى للكل.
الظلمة الخارجية (مصير رافضي الإيمان): السيد المسيح أتى ليوحد الكنيسة كلها في جسد واحد هو رأسه، وهو نوره فلا يحتاج هذا الجسد لشمس تنير له (رؤ 5:22) وكل من هو خارج هذا الجسد يكون في ظلمة، تسمى ظلمة خارجية لأنها خارج الجسد. الجسد سيحتوي الكل يهود وأمم.
(مت 8: 14-17) شفاء حماة سمعان:
1) المسيح يهتم بخدامه ومشكلات عائلاتهم.
2) علامة الشفاء = قامت وخدمتهم. فالخدمة متشبهين بسيدنا هي علامة الشفاء، شفاء طبيعتنا أما الخطية فهي تقعد النفس عن الحركة والخدمة.
3) جميع المرضى شفاهم = فهو أتى لشفاء الطبيعة الإنسانية.
(مت 8: 18-27): رأينا فيما سبق أن الرب يشفي كثيرين، فهل أتى السيد المسيح لشفاء الأجساد؟ هنا نرى أن هناك ثمن لتبعية المسيح ليس لابن الإنسان أين يسند رأسه هنا نرى نوعية الخدمة الصحيحة. بل سيهيج البحر أي العالم ضد أولاد الله في الكنيسة (السفينة) لكن الرب في الكنيسة (السفينة) إذًا لن تغرق. وإيماننا يفرح قلبه = "لحبيبي السائغة المرقرقة السائحة على شفاه النائمين" (نش 9:7). فالعروس إذا وجدت عريسها نائمًا عليها أن تفرحه بإيمانها أي ثقتها فيه (تسكب خمرًا على شفتيه). ولا توقظه أي تزعجه بعدم إيمانها وانزعاجها لأي خبر. لكن المقصود أنه سيكون هناك ضيقات في العالم. فالمسيح لم يأتي لشفاء الجسد بل لشفاء الروح، لذلك قد يسمح ببعض الآلام للجسد يثيرها عدو الخير (الرياح). ونوم العريس يشير لأن الله في بعض الأحيان لا يتدخل سريعًا لحل المشكلة. لكن مسيحنا له سلطان على الطبيعة.
وما الذي يعطينا هذا الاطمئنان بينما عدو الخير يثير الاضطرابات ضد الكنيسة؟
(مت 8: 28-34): هنا نرى الشيطان تحت سيطرة رب المجد. المجنونان الهائجان جدًا = إشارة لعمل الرياح السابق مع السفينة. وكما انتهر رب المجد الرياح فهدأت، هو قادر أن يوقف عمل الشياطين كما حدث هنا. فإذا كان عدو الخير تحت سيطرة رب المجد، فلماذا الخوف، ليس للشيطان سلطان على من هم في المسيح، وهكذا ليس للخطية سلطان عليهم. المسيح أتى ليخلصنا من الشيطان العدو المهول وسلطانه وأذيته.
(مت 9: 1-8): في معجزة شفاء المفلوج يقول له الرب "مغفورة لك خطاياك" وهذا إعلان واضح أن السيد ما جاء لشفاء أمراض جسدية بل لشفاء أمراض البشرية الناشئة عن الخطية، ولغفران الخطايا.
(مت 9: 9-13): الرب يدعو متى العشار ويدخل بيته ويأكل مع خطاة كثيرين، فهو الطبيب الذي أتى لشفائنا كخطاة من مرض الخطية.
لكن كيف الشفاء (مت 9: 14-17): الشفاء سيكون بأن يجعل كل شيء جديدًا. "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة " (2كو 17:5).
(مت 9: 18-26): ماذا تعني الخليقة الجديدة. هنا نسمع عن قصتين متداخلتين:-
1) إقامة ابنة يايرس؛ 2) شفاء نازفة الدم.
وهكذا جاءت القصتان متداخلتان في إنجيل مرقس ولوقا فلماذا.
آدم مات بسبب الخطية، لكن تركه الله يحيا لسنوات ومات بعدها، عاش في نجاسة خطيته بدون حل، فلا حل سوى بدم المسيح. وتَرْك آدم يعيش في نجاسته عَبَّرَ عنه حزقيال النبي على فم الرب "فمررت بكِ ورأيتك مدوسة بدمك فقلت لك بدمك عيشي.." (حز 6:16) أي استمر في حياتك يا إنسان وأنت في نجاستك لفترة تموت بعدها. ولذلك يكون بدمك عيشي تناظر نازفة الدم، فنزف الدم نجاسة وموت ابنة يايرس يناظر موت كل البشرية. وكلا العيش في نجاسة والموت هما نتاج الخطية. والسيد المسيح أتى ليخلق خلقة جديدة لها قداسة وطهارة ولها حياة أبدية. فتداخلت قصتا إقامة ابنه يايرس وشفاء نازفة الدم.
(مت 9: 27-34): المسيح يشفي أعميان ويفتح أعينهما ويشفي المجنون الأخرس. وهذا لنفهم معنى الخليقة الجديدة فهي خليقة ترى الله "فطوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" وهي خليقة تسبح الله إذ رأته وعرفته وتصالحت معه فأحبته.
(مت 9: 35): المسيح لم يأتي ليشفي أعمى أو عشرة عميان، لكننا نجده هنا يشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب = هو أتى لشفاء كل الطبيعة البشرية وهذا هو الخلاص.
(مت 9: 36-38): المسيح يرى الناس المتألمين ويريد لهم الخلاص ليضمهم إلى ملكوته. ويبدأ في تأسيس ملكوته. وهذا الملكوت يحتاج إلى فعلة (جيش الملك الذي يعمل في الكرازة لتأسيس المملكة) ليكون هناك حصاد = مؤمنين في هذا الملكوت.
(مت 10: 1-4): نرى السيد المسيح وقد اختار تلاميذه الاثني عشر. وكلٌ منهم لهم عيوبه، لكنه غسل أرجلهم أي يطهرهم ويغير طبيعتهم ليتحدوا به (يو13) وكان هذا قبل سر الإفخارستيا وأرسلهم ليُعلِّموا في وسط الناس، يغسلون أرجل الناس كما غسل هو أرجلهم. ونرى في (مت 35:9) أن المسيح كان يشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب. ونرى في (مت 1:10) أن السيد المسيح أعطى تلاميذه سلطانًا.. أن يشفوا كل مرض وكل ضعف. وهذا ما كان يعنيه السيد المسيح بقوله " فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم، فانتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض.." (يو14:13-15). اختيار التلاميذ هنا وتغيير طبيعتهم هو تطبيق على ما سبق عن الخليقة الجديدة.
وهكذا بدأ الرب يؤسس ملكوته. بدأ متى هنا يشرح معنى أن المسيح هو ابن داود الملك.
حتى إصحاح (9) رأينا معنى الخلاص. وابتداء من إصحاح (10) نسمع عن تأسيس الملكوت وماذا يعني الملكوت، وكيف ندخل لهذا الملكوت.
(مت 10: 5-15) التعليمات للاثني عشر: السيد يرسل تلاميذه ليؤسسوا الملكوت واعدًا إياهم أنه المسئول عن إعالتهم، وهذا ما فعله في اللقاء الأخير معهم (يو21) فالسيد اخذ منهم السمك الذي اصطادوه (الـ153 سمكة رمز المؤمنين) وأعطاهم سمكًا مشويًا أي هو مسئول عن تسديد احتياجاتهم.
(مت 10: 16-42): هم سيواجهون الاضطهاد كما حدث لمعلمهم أي السيد المسيح. فالملكوت هو فرح لكن هناك صليب طالما نحن على الأرض.
(مت 11: 1-15):
1) يوحنا يحول تلاميذه للمسيح، ألم يأتي لإعداد الطريق للمسيح.
2) عظمة يوحنا المعمدان يؤكدها السيد المسيح. فإذا كان الرسول الذي يعد الطريق عظيمًا هكذا، فكم تكون عظمة الملك الذي يعد له يوحنا الطريق أي المسيح. هو رب الأرباب.
3) ملكوت السماوات يُغصب. وهذا معنى الجهاد في المسيحية. (آية12).
(مت 11: 16-19): اليهود يرفضون المسيح كما رفضوا يوحنا، فهم بسبب كبريائهم يرفضون أي توبيخ لهم وبهذا يخسرون الملكوت ويخسرون الخلاص. مملكة المسيح هي للمتضعين .
(مت 11: 20-24): التوبة شرط للملكوت وعدم التوبة تجعل الإنسان خارج الملكوت. الملكوت الكل مدعو إليه ولكن يا ويل الذي يرفض الله. والسبب أن من يرفض المسيح.. من سيغفر له خطاياه، خطاياه تستقر عليه ويعاقب عليها.
(مت 11: 25-30): السيد المسيح يعلن فرحته ويشكر الآب الذي كشف طريق الملكوت للبسطاء التائبين وأسماهم هنا الأطفال. ويدعو الجميع لأن يأتوا إليه فالطريق سهل، يأتون بلا عناد ولا أعذار بأن الطريق للملكوت صعب. فحقيقة هو الذي يحمل عنا النير.
(مت 12: 1-21) المسيح رب السبت: المسيح هو الملك المشرع لمملكته، هذا الملكوت الذي يؤسسه السيد هو يشرع له فهو ملك الملوك ولكنه هو الوديع الذي لا يخاصم ولا يصيح.
(مت 12: 22-37): المسيح يؤسس مملكته على أنقاض مملكة إبليس. فنحن صرنا في مملكة المسيح بعد أن حررنا المسيح من إبليس.
(مت 12: 38-45) آية يونان النبي: المملكة تؤسس بالصليب ورمزه ما حدث ليونان.
(مت 12: 46-50) مَنْ يصنع مشيئة أبي هو أخي.... المملكة التي يؤسسها المسيح هي جسده. كل مؤمن ينضم لهذا الملكوت هو جزء من جسد المسيح. لقد صرنا "أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (أف 30:5). مملكة المسيح كلهم أقرباء وإخوة وأحباء بل جسد واحد، جسد المسيح الواحد. لكن بشرط تنفيذ الوصية.
أمثال تشرح معنى الملكوت:
(مت 13: 1-23) مثل الزارع = المسيح زرع حياته في كل مؤمن معمد، وبحسب كل شخص وجهاده تكون الثمار.
(مت 13: 24-30، 36-43) مثل القمح والزوان = ليس الآن وقت الحساب، الكل في الملكوت. وهناك يوم للدينونة.
(مت 13: 31-35) مثل حبة الخردل ومثل الخميرة = الملكوت ينمو.
(مت 13: 44-53) أمثلة الكنز واللؤلؤة والشبكة = ملكوت السموات أو معرفة شخص يسوع تستحق أن نترك كل الأرض بما فيها ونحسبها نفاية (فى8:3) ومن يفعل فنصيبه مع الأبرار ومن لا يفعل فنصيبه مع الأشرار. فلنجاهد حتى نكتشف حلاوة هذا الملكوت.
(مت 13: 54-58) المسيح ملك الملوك ملك وديع ومتواضع قد يتعثر فيه الناس فملكنا المسيح ليس كملوك العالم. ويقول السيد المسيح في نهاية الإصحاح "ليس نبي بلا كرامة إلاّ في وطنه".
(مت 14: 1-12): تطبيق على الآية الأخيرة. فيوحنا العظيم قطعوا رأسه. إذًا من يدخل لهذا الملكوت عليه أن لا يطلب مجد أرضي.
(مت 14: 13-21): الشبع سمة من سمات ملكوت السموات، فليس معنى أن يُهان من يدخل لهذا الملكوت أن المسيح سيتركه.
(مت 14: 22-36): البحر الهائج رمز لهذا العالم الثائر ضد المسيح وملكوته. لكن كل شيء تحت سيطرة المسيح ملك الملوك ضابط الكل = هذا معنى سيره على المياه. بل حتى تلاميذ المسيح لهم سلطان = بطرس سار على الماء.
(مت 15: 1-20): ملكوت المسيح ملكوت السموات من شروطه الطهارة الداخلية وليس الخارجية
(مت 15: 21-28) المرأة الكنعانية: هذه المرأة مثال للنجاسة، ولكنها تطهرت وخلصت بالإيمان. وهذا ما قاله بطرس " طهر بالإيمان قلوبهم" (أع 9:15). فالإيمان شرط دخول هذا الملكوت.
(مت 15: 29-39) إشباع الأربعة الآلاف: هي شبيهة بمعجزة إشباع الخمسة آلاف، ولكن الأرقام هنا تشير لإشباع العالم كله أي العالم الأممي، أما معجزة الخمسة آلاف فتشير لليهود. فالشبع للجميع، لكل من يؤمن.
(مت 16: 1-4): الملكوت اقترب وعلى كل إنسان أن يميز علامات الأزمنة ليكون له نصيب فيه.
(مت 16: 4-12): من هو في الملكوت عليه أن يحترس من الشر، فالشر كالخميرة يخمر الكل. ومن لا يحترس يصير خارج الملكوت.
(مت 16: 13-28): المسيح الملك مؤسس الملكوت هو ابن الله، لكنه سيصلب، والسيد قال هذا حتى لا يفهم تلاميذه أن ملكوته ملكوت أرضي.
(مت 17: 1-13) التجلي: المسيح الملك يظهر مجده.
(مت 17: 14-23): المؤمنين في الملكوت لهم سلطان على إبليس بالصوم والصلاة.
(مت 17: 24-27): المؤمنون في الملكوت خاضعين للملوك الزمنيين ويدفعون الجباية (الضرائب). فليس معنى أن نتبع المسيح كملك أن هذا معناه أننا لا نخضع للملوك والرؤساء الأرضيين. بل نفهم من (رو1:13-2) أنهم معينين من قبل الله.
(مت 18: 1-14): أعضاء الملكوت هم كأطفال في الشر، أعضاءهم ميتة أمام الشر. والرب يبحث عن كل ضال ليعيده.
(مت 18: 1-15-35): الغفران للآخرين شرط لأن يسامحنا الملك فنبقى في الملكوت.
(مت 19: 1-12): قانون الزواج والأفضل البتولية (الخصيان الذين خصوا أنفسهم) والزواج ذكر هنا لأنه سر إلهي به يجمع الله رجل وامرأة بغرض الإنجاب فينمو الملكوت عدديًا ويستمر بالنسل. وفي هذا الملكوت الله يزوج الناس فليس من حق أحد أن يفصم هذه العلاقة والأفضل من الزواج البتولية.
(مت 19: 13-15): التشبه بالأطفال هذه سمات مواطني الملكوت (بساطة الأطفال وتسامحهم).
(مت 19: 16-30): الترك هو طريق الكمال في الملكوت.
(مت 20: 1-16): كل من يأتي للمسيح له نصيب في الملكوت.
(مت 20: 17-19): الصليب اقترب. والرب يخبر تلاميذه بأنه سيصلب.
(مت 20: 20-28): مع أن الرب أخبر تلاميذه بأن الصليب هو طريقه، ما زالوا يطلبون ملكًا أرضيًا وهذا يدل على عيون مغلقة.
(مت 20: 29-34): السيد يفتح أعين أعميين، ومتى يريد أن يقول بهذا أن من تنفتح عينيه يدرك أن الملكوت سماوي.
المسيح الملك يدخل أورشليم كملك وديع ليؤسس ملكه بصليبه ويدخل المسيح الملك إلى الهيكل ليطهره، فهو رب الهيكل. ويلعن التينة فهو كديان يعاقب ويدين من لا يقبل التطهير فيثمر.
ونفهم من إنجيل مرقس أن المسيح دخل أورشليم وذهب للهيكل ونظر ماذا يحدث وفي اليوم التالي أي يوم الاثنين طهر الهيكل. لكن القديس متى يورد قصة التطهير مباشرة بعد دخول المسيح إلى أورشليم فهو يقدم لنا المسيح الملك الذي أتى ليملك ويطهر، لذلك فمتى لا يراعي التاريخ بل يقدم لنا فكرة المسيح الذي يؤسس ملكوته.
الإصحاح 22-23-24-25-26-27-28 أسبوع الآلام وفيه المسيح يصلب ويموت ثم يقوم وبهذا أسس ملكوته.
(مت 28: 20): المسيح مع أنه صعد بالجسد إلى السماء إلاّ أنه باقٍ في كنيسته يملك عليها للأبد.
الملخص
كتاب ميلاد
(مت 1-2) نرى قصة الميلاد. فالمسيح تجسد ليموت ويقدم الخلاص.
(مت 3) معمودية المسيح وهي كيف نستفيد من تجسد المسيح.
يسوع المسيح... ماذا يعني الخلاص؟
(مت 4: 1-11) المسيح يغلب الشيطان كإنسان ليعطيني أن أغلبه.
(مت 4: 12-17) المسيح يدعو للتوبة فهي طريق الخلاص.
(مت 4: 18-22) التلاميذ تجاوبوا مع المسيح لأنهم استجابوا لدعوة معلمهم المعمدان وهي التوبة.
(مت 4: 23-25) المسيح يشفي وماذا يعني الشفاء.. هذا ما سنراه فيما يلي:
(مت 5-6-7) العظة على الجبل نرى فيها طريق الخلاص:
1) المسيح يعطيني حياته.
2) حتى أثبت في حياته عليَّ أن ألتزم بوصاياه.
(مت 8: 1-4) الخلاص هو خلاص من الخطية. وكان هذا لليهود.
(مت 8: 5-13) الخلاص أيضًا للأمم.
(مت 8: 14-17) علامة الشفاء الحركة والخدمة.
(مت 8: 18-27) نرى هنا نوعية الخدمة الصحيحة ونرى لزوم صراخنا المستمر لنحصل على الخلاص.
(مت 8: 28-34) الخلاص من سلطان الشياطين علينا.
(مت 9: 1-8) الخلاص هو غفران الخطايا.
(مت 9: 9-13) المسيح هو الطبيب الذي أتى ليشفي من الخطية.
(مت 9: 14-17) المسيح سيجعل كل شيء جديد أي سنكون خليقة جديدة.
(مت 9: 18-26) المسيح سيخلصنا من نجاسة الخطية ومن الموت.
(مت 9: 27-34) الخليقة الجديدة تعاين الله وتسبحه. وهذا تطبيق على معنى الخليقة الجديدة التي أتى المسيح لشفائها.
(مت 9: 35) الشفاء شفاء كامل وعام لكل مرض ولكل الناس، لكل من يقبل. وهذا اسمه ملكوت السموات.
بهذا رأينا معنى الخلاص الذي أتى يسوع المسيح ليتممه. وهذا مدخل رائع للموضوع الآتي وهو تأسيس ملكوت السموات الذي أفراده الخليقة الجديدة.
ابن داود ...... تأسيس الملكوت
(مت 10) المسيح يختار تلاميذه وبهم يؤسس الملكوت ويخبرهم بما سيلاقونه من اضطهادات فليس الملكوت معناه الراحة في الأرض. وتغيير حياة التلاميذ وشفائهم من ضعفاتهم تطبيق مباشر على ما سبق عن الخليقة الجديدة. التلاميذ قام المسيح بشفائهم ليشفوا الناس ويمتد الملكوت.
(مت 11) يوحنا يحول تلاميذه للمسيح فهو قد أنهى دوره ومهد الطريق للمسيح. والمسيح الآن يؤسس ملكوته فليحول يوحنا تلاميذه لهذا الملكوت. وهذا الملكوت يجب أن نغصب أنفسنا عليه. ولكن هناك من سيرفض هذا الملكوت ويعاند وهذا يا ويله فمن يغفر له لو رفض المسيح. وأسرار الملكوت معلنة للبسطاء. ولاحظ أن المسيح يعمل معنا فالطريق سهل.
(مت 12) هذا الملكوت هو للمسيح الرب الذي يملك فيه ويشرع له. وبعد أن كان البشر في سلطان إبليس حررهم وضمهم إلى ملكوته بل صيرهم أقرباء وإخوة له، وهذا كان بالصليب (يونان النبي). لكن الشرط أن نحفظ الوصايا. هو ملكوت طرد المسيح منه الشيطان ولكن من يهمل جهاده يعود له الشيطان.
(مت 13) أمثال تشرح معنى ملكوت السموات.
(مت 14) من هم في ملكوت السموات عليهم أن لا يطلبوا مجدًا أرضيًا فأعظم مواليد النساء استشهد. ثم نرى أنها مملكة شبع (الخمس خبزات) لكن العالم مضطرب (البحر هائج) والمسيح له سلطان على الأمور، إذًا لا داعي للخوف.
(مت 15) الملكوت هو ملكوت شبع لكن لا طريق للشبع سوى نقاوة القلب لنعاين الله فنشبع به. فهذا الإصحاح يتكلم عن النجاسة والطهارة. وماذا عن غير المؤمنين. الطريق لذلك هو الإيمان "طهر بالإيمان قلوبهم". فالمرأة الكنعانية قال لها "عظيم إيمانك" هذا الإصحاح هو تطهير الأمم ليؤمنوا ويطهروا ليدخلوا الملكوت ويشبعوا بالمسيح.
(مت 16) المسيح يسأل "من أنا في نظركم" فإذا كنا نحن قد عرفناه وشبعنا به فنحن في الملكوت. والمسيح مهتم أن تكون أعيننا قد انفتحت والعلامة أننا نكون قد عرفناه من هو. بهذا نكون في الملكوت.
(مت 17) المسيح يظهر جماله الإلهي، فنحن نشبع بشخصه الإلهي وهذا هو جمال الأبدية والشبع الحقيقي الأبدي بشخص المسيح. ومن هم في الملكوت لهم سلطان على إبليس لكن بالجهاد، ولا بُد من حمل الصليب.
(مت 18) قوانين ملكوت السموات الذي يؤسسه المسيح.
(مت 19: 1-12) قانون الزواج في المسيحية (ملكوت السموات على الأرض).
(مت 19: 13-15) المسيح يبارك الأطفال وهذه القصة ذكرت هنا كتطبيق على من خصوا أنفسهم من أجل ملكوت السموات فصاروا كالأطفال لا يشتهون. وهذه القصة أيضًا مقدمة لقصة الشاب الغني التي فيها قال المسيح أن الكمال هو لمن يبيع كل ماله ويعتمد على الله فقط فيكون أيضًا كالأطفال.
(مت 19: 16-26) قصة الشاب الغني وفيها أن الكمال هو أن يبيع كل شيء معتمدًا على الله.
(مت 19: 27-30) من يترك شيء في هذا الملكوت يعوضه الله أضعاف أضعاف ما تركه.
(مت 20: 1-16) كل مَن يأتي للمسيح له نصيب في الملكوت. هو إعلان واضح عن قبول الأمم في الملكوت.
(مت 20: 17-19) الصليب اقترب والرب يخبر تلاميذه بأنه سيصلب، فالصليب به سيملك المسيح والمسيح بهذا صار نموذج للترك.
(مت 20: 20-28) مع أن الرب أخبر تلاميذه بأنه سيصلب إلاّ أنهم يطلبون ملكًا زمنيًا. وهذا إن دل على شيء سيدل على أن من يطلب المجد الزمني فهو أعمى البصيرة.
(مت 20: 29-34) السيد يفتح أعين أعميين إعلانًا عن أن هذه هي إرادته أن تنفتح أعيننا فندرك سر الصليب ونملك المسيح على قلوبنا.
ولاحظ أن هذه المعجزة بفتح أعين أعميين تسبق دخول المسيح أورشليم كملك فإن من انفتحت عينيه يعرف من هو المسيح ويملكه على قلبه.
(مت 21-28) المسيح يؤسس ملكوته بصليبه وقيامته.
ابن إبراهيم:- كما قدم إبراهيم ابنه ذبيحة قدم الآب ابنه ذبيحة
وهذا موضوع الأصحاحات 21-27
وكما عاد اسحق حيًا قام المسيح .... أصحاح 28
ملحوظة:
لاحظ التسلسل في الإصحاحات 21 إلى 25.
إصحاح 21 السيد المسيح يعطي إنذارات لكل من لا يسلك بأمانة.
إصحاح 22 مكر الفريسيين مما يظهر إصرارهم على عدم الأمانة.
إصحاح 23 ويلات السيد المسيح لهم لعدم أمانتهم وقمة هذه الويلات خراب أورشليم.
إصحاح 24 علامات خراب أورشليم.
إصحاح 25 ماذا نفعل أمام ما سمعناه من أخبار مزعجة عن النهاية:
1. مثل العشر عذارى.. أن نمتلئ من الروح القدس.
2. مثل الوزنات.. أن نكون أمناء ونجاهد لنربح.
3. خدمة أخوة الرب.. هذا هو الجهاد المطلوب.
ونلاحظ أن من طرح في الظلمة الخارجية هو من دفن وزنته أشارة لمن تقوقع حول نفسه رافضًا خدمة الآخرين.
لقد لَخَّص القديس متى إنجيله في أول آية:
كتاب ميلاد |
يسوع المسيح |
ابن داود |
ابن إبراهيم. |
(مت 1-3) |
(مت 8-9) |
(مت 10-20) |
(مت 21-28) |
الميلاد |
الخلاص |
المملكة |
الذبيحة |
← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/h5csm6j