St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   church-encyclopedia  >   john
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   church-encyclopedia  >   john

شرح الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

شرح لكل آية

يوحنا 21 - تفسير إنجيل يوحنا

 

* تأملات في كتاب يوحنا:
تفسير إنجيل يوحنا: مقدمة إنجيل يوحنا | يوحنا 1 | يوحنا 2 | يوحنا 3 | يوحنا 4 | يوحنا 5 | يوحنا 6 | يوحنا 7 | يوحنا 8 | يوحنا 9 | يوحنا 10 | يوحنا 11 | يوحنا 12 | يوحنا 13 | يوحنا 14 | يوحنا 15 | يوحنا 16 | يوحنا 17 | يوحنا 18 | يوحنا 19 | يوحنا 20 | يوحنا 21 

نص إنجيل يوحنا: يوحنا 1 | يوحنا 2 | يوحنا 3 | يوحنا 4 | يوحنا 5 | يوحنا 6 | يوحنا 7 | يوحنا 8 | يوحنا 9 | يوحنا 10 | يوحنا 11 | يوحنا 12 | يوحنا 13 | يوحنا 14 | يوحنا 15 | يوحنا 16 | يوحنا 17 | يوحنا 18 | يوحنا 19 | يوحنا 20 | يوحنا 21 | يوحنا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25

St-Takla.org Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأَصْحَاحُ الحَادِي والعِشْرُونَ

ظهور المسيح للتلاميذ مرة ثانية | وصيته الأخيرة لبطرس برعاية الرعية

 

(1) بحيرة طبرية (ع 1-14)

(2) حديث المسيح مع بطرس (ع 15-19)

(3) ما بين بطرس ويوحنا (ع 20-25)

 

(1) بحيرة طبرية (ع 1-14):

1 بَعْدَ هذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هكَذَا: 2 كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ، وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ، وَابْنَا زَبْدِي، وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. 3 قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ: «نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا. 4 وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ، وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلكِنَّ التَّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. 5 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَامًا؟». أَجَابُوهُ: «لاَ!» 6 فَقَالَ لَهُمْ: «أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا». فَأَلْقَوْا، وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. 7 فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ!». فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ. 8 وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ فَجَاءُوا بِالسَّفِينَةِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنِ الأَرْضِ إِلاَّ نَحْوَ مِئَتَيْ ذِرَاعٍ، وَهُمْ يَجُرُّونَ شَبَكَةَ السَّمَكِ. 9 فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا جَمْرًا مَوْضُوعًا وَسَمَكًا مَوْضُوعًا عَلَيْهِ وَخُبْزًا. 10 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآنَ». 11 فَصَعِدَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَجَذَبَ الشَّبَكَةَ إِلَى الأَرْضِ، مُمْتَلِئَةً سَمَكًا كَبِيرًا، مِئَةً وَثَلاَثًا وَخَمْسِينَ. وَمَعْ هذِهِ الْكَثْرَةِ لَمْ تَتَخَرَّقِ الشَّبَكَةُ. 12 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلُمُّوا تَغَدَّوْا!». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التَّلاَمِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ إِذْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الرَّبُّ. 13 ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ وَأَخَذَ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُمْ وَكَذلِكَ السَّمَكَ. 14 هذِهِ مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ ظَهَرَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ بَعْدَمَا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ.

 

ع1-2: بحيرة طبرية هي نفسها بحر الجليل، ولكن القديس يوحنا ينسبها إلى مدينة طبرية الحديثة، التي أنشأها هيرودس الذي كان رئيس ربع على الجليل. وكان عدد التلاميذ سبعة، منهم يوحنا وأخوه يعقوب، واثنان من التلاميذ وليسوا من الرسل.

"بعد هذا، أظهر أيضًا يسوع نفسه": عبارة تشير إلى تعدد ظهورات القيامة، بعد الظهورات السابقة، لإثبات لاهوت السيد المسيح كما سيتضح من نوعية هذه المعجزة.

 

ع3: رأى البعض أن ما صنعه بطرس هو ارتداد نحو العالم، ورأى البعض الآخر أنه ليس في هذا شيء، فالمسيحية لم تحرِّم العمل، بل هذا منهج نادى به القديس بولس في (أع 20: 34؛ 2 تس 3: 8).

وأكثر هذه الآراء اعتدالا، ما قاله القديس اغريغوريوس الكبير، وهو: "إن بطرس عاد إلى الصيد، ولكن متى لم يعد لجباية الضرائب، لأنه توجد أعمال لا يمكن العودة إليها بعد التجديد."

ويمكن القول أيضًا أن ما يؤخذ على بطرس هو عودته إلى المهنة الأولى، دون مصاحبة ذلك بأى عمل كرازى.

 

ع4-5: وبعد أن أُجهدوا وفشلوا في أن يمسكوا شيئا، كان ظهور الرب، الغامض في بدايته، والذي أزال الفجر بضوئه الخافت من غموضة، بادرهم السيد المسيح بسؤاله: "هل تملكون إداما؟ أي غموسا، والمقصود بالطبع سمكا، فجاءت إجابتهم النافية تعبيرا عن حالتهم. وبالطبع، ما كان سؤال الرب هنا إلا تمهيدا للمعجزة القادمة.

 

ع6: يقدم السيد الرب نصيحة للصيادين - الخدّام - خائرى القوى، والمجهدين طوال الليل، تذكّرنا بالنصيحة الأولى التي تعرف فيها بطرس على السيد المسيح في (لو5: 4).

ويمكن القول أن هذه المعجزة هي درس لما يحدث في حياتنا كل يوم، وفي حياة الخدّام بصفة خاصة، فنحن كثيرًا ما نعتمد على قلوبنا وفهمنا وخبراتنا دون الله، ولكن الاعتماد على الله وكلمته وراء النجاح الحقيقي، فلا قيمة لكل جهد انفصل عن الله العامل في كنيسته... ولا قيمة لعمل لا يباركه المسيح، وكأن المسيح يعطى التلاميذ والكنيسة هذا الدرس لنعمل به في كل أوجه حياتنا. فبطرس الذي تبع المسيح، عندما اعتمد على ذاته أنكره، بالرغم من حبه له. أما عندما عمل الروح القدس به، ففى يوم الخمسين اصطاد بعظته 3000 نفس (أع 2: 41)؛ ألم يكن ذلك سمكا كثيرًا...؟!

 

ع7: "كان عُريانا": بسبب أنهم كانوا في الصيد، خلع بطرس كل ما يعيقه عن عمله، وكان يوحنا، ذو القلب المحب والأكثر تيقظا، أسرع إيمانيا في إدراك ما يحدث، وربط الأحداث ببعضها. ولهذا، جاء إعلانه قويًّا وثابتًا ومُفْرِحًا: "هو الرب".

وبالرغم من أن الطبيعي أن يلقى بطرس بنفسه كما هو، إلا أنه أتى بفعل غير طبيعي، فقد لبس ما قد خلعه قبل أن يلقى بنفسه في الماء. ولنا أن نفهم أن ما فعله بطرس:

أولًا: يتناسب وكرامة الله التي تغطى الملائكة أرجلها ووجوهها أمامه.

ثانيا: يُرجِع لبطرس نفسه، فهو ما زال يحس بالخزى بسبب خطية إنكاره، فكأنه لا يستر جسده فقط، بل نفسه العارية التى، وإن بكت بكاء مرا، لم تسمع بعد من السيد غفرانه لها.

 

ع8-9: كانت المسافة حوالي 95 مترًا بين مكان السفينة والشاطئ، والأهم هو المعنى الروحي التأملي هنا، فالسفينة هي الكنيسة، والتلاميذ هم كهنتها وخدامها، والسمك هو النفوس التي جذبتها الكنيسة، من الغرق في العالم، إلى شاطئ النجاه الروحي...

وعند خروج كل من كان له تعب في الخدمة وسحب النفوس إلى الله، يجد المسيح الكلى القدرة قد أعد له طعاما ونصيبا سمائيا، كأنه يكافئ مكافأة خاصة كل من له تعب وسهر في صيد النفوس إليه.

"قدموا... أمسكتم...": نلاحظ شيئين:

أولًا: أن ما أمسكه التلاميذ أساسا هو معجزة صنعها الرب، ولكن الله ينسب عمله، باتضاعه، إلى أولاده...

ثانيا: أنه يريد أن يقدموا من شباكهم، إضافة لما أعده هو لهم، وذلك ليشركهم معه في المائدة وبفرحهم.

وهذا يعلمنا شيئًا هاما، وهو أن الله هو العامل. ولكن، على الإنسان أيضًا أن يقدم ما عنده من طاقة وجهد ومال إلى الله، فيتحد المحدود والضعيف مع عمل الله اللانهائى القدرة.

 

ع11-14: كان السمك كبيرا جدًا ووفيرا (153)، وهو عدد فوق الخيال أن يخرج من دفعة واحدة. وهو يعني أنه بالرغم من ظلام العالم وكثرة الحروب الروحية، فكنيسة المسيح، بقوة عمله، قادرة على جذب النفوس الكثيرة والكبيرة، لأنها تأتي بكامل قدراتها ومواهبها إلى الملكوت، مهما كان الليل (ظلام العالم) طويلا وحالِك الظلمة.

"هلموا، تَغَدَّوْا": الله هو مصدر كل غذاء. ألم يَعُلْ قبلا الشعب في البرية، وكذلك في معجزة إشباع الجموع؟ فهو مصدر شبع كل الذين يتبعونه إشباعا من جميع النواحى... شبعا روحيا وماديا.

"لم يجسر أحد...": تشير إلى مهابة الشخص ومهابة الموقف نفسه. ويقول القديس يوحنا سببا آخر لعدم سؤاله، وهو علمهم ويقينهم أنه هو الرب يسوع، وكأن الموقف لم يَقْتَضِ سؤالا. ولعل حذرهم وهيبتهم من هذا الموقف جعلهم وقوفا، بالرغم من دعوة الرب لهم بالأكل، فتقدم الرب المسيح بنفسه وأخذ الخبز والسمك، مستكملا مسيرة اتضاعه. فهو، الإله السيد، يقدم ويقوم بواجب الضيافة لتلاميذه... وبالطبع، عندما قال القديس يوحنا "هذه مرة ثالثة"، لم يقصد بهذا أنها المرة الأخيرة، ولكنه تسجيل تتابعى لما أورده في الظهورات السابقة.

St-Takla.org Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(2) حديث المسيح مع بطرس (ع 15-19):

15 فَبَعْدَ مَا تَغَدَّوْا قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُسَ: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلاَءِ؟» قَالَ لَهُ: «نَعَمْ يَا رَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ: «ارْعَ خِرَافِي». 16 قَالَ لَهُ أَيْضًا ثَانِيَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟» قَالَ لَهُ: «نَعَمْ يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ: «ارْعَ غَنَمِي». 17 قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟» فَحَزِنَ بُطْرُسُ لأَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ارْعَ غَنَمِي. 18 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاءُ». 19 قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُمَجِّدَ اللهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هذَا قَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي».

 

ع15: وجه المسيح -بعد الأكل- حديثه إلى بطرس، ولكنه ناداه باسمه البشرى، وليس الاسم الذي أعطاه له كرسول، إذ أنه، بإنكاره، هبط إلى مستوى الإنسان العادي: "أتحبنى أكثر من هؤلاء؟"

وهنا، يستعيد بطرس ما سبق وقاله في كبرياء، مفرزًا نفسه عن باقي الرسل (راجع مت 26: 33؛ مر 14: 29)، فأجاب: "أنت تعلم أنى أحبك." فكان تعليق المسيح تكليفا لبطرس بأن برهان الحب الحقيقي هو رعاية الخراف، أي النفوس أو الكنيسة، فحب الخادم الأمين لسيده هو رعاية أبنائه بكل أمانة وتفانٍ وبذل، وليس بالكلام أو ادعاء هذا الحب الذي قد يخور، بسبب ادعائنا الباطل، أمام التجارب، كما حدث أولًا مع بطرس.

 

ع16-17: يكرر السيد المسيح السؤال مرتين بعد الأولى، ليقابل إنكار بطرس ثلاث مرات. وفي كل مرة، يوصيه أن الاعتذار الحقيقي الذي يقبله منه، هو رعاية شعبه. إلا أنه في المرة الثالثة، يوضح لنا القديس يوحنا حزن بطرس لتكرار السؤال، فأراد أن يدفع عن نفسه تهمة عدم حبه للمسيح، فقال له: "أنت تعرف"، أي أنك لست محتاجا لإجابتى على السؤال، فأنت فاحص القلوب وتعلم ما بداخلها... وتعلم أيضًا أننى, وإن كنت أنكرتك، فهذا عن ضعف بشرى.

 

ع18-19: ما قاله هنا المسيح لبطرس مباشرة، ينطبق علينا جميعا بصورة غير مباشرة في معناه الروحي. فالإنسان في حداثته الروحية، وقلة خبراته الإيمانية، يعتمد على ذاته وعلى ذراعيه البشرية في الخدمة وحياته عامة. ولكن، عندما ينمو ويزداد خبرة

في حياته الروحية، فإنه يصير أكثر اتضاعا وطاعة لعمل الروح القدس، فتختفى الذات البشرية، وتحل مكانها حياة التسليم الكامل للإرادة والمشيئة الإلهية. أما المعنى المباشر لبطرس، الذي أوضحه القديس يوحنا في (ع18): إنك يا بطرس، في حداثة إيمانك، كنت مندفعا، فتعد بما لا تقدر عليه. ولكن عندما تنمو، فالموت الذي أخافك قبلا، ستقدم عليه بقوة الروح القدس العاملة فيك، وتقبل الصلب منكس الرأس، وتصير حياتك في أواخرها واستشهادك، هما أكبر تمجيد تقدمه لاسمى القدّوس.

ونحن جميعا، ما أحوجنا يا الله أن نتكل على عمل روحك القدّوس في حياتنا، مفرغين ذواتنا، ومادين أذرعنا، لتتولى أنت وحدك القيادة بإرادتك الصالحة؛ أما فكرنا نحن، فهو في غاية القصور.

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(3) ما بين بطرس ويوحنا (ع 20-25):

20 فَالْتَفَتَ بُطْرُسُ وَنَظَرَ التِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَيْضًا الَّذِي اتَّكَأَ عَلَى صَدْرِهِ وَقْتَ الْعَشَاءِ، وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُكَ؟» 21 فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ هذَا، قَالَ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ، وَهذَا مَا لَهُ؟» 22 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ!». 23 فَذَاعَ هذَا الْقَوْلُ بَيْنَ الإِخْوَةِ: إِنَّ ذلِكَ التِّلْمِيذَ لاَ يَمُوتُ. وَلكِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ يَسُوعُ إِنَّهُ لاَ يَمُوتُ، بَلْ: «إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟». 24 هذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهذَا وَكَتَبَ هذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ. 25 وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ.

 

ع20-22: كانت آخر كلمة قالها المسيح لبطرس هى: "اتبعنى". فبعد أن اطمئن بطرس إلى عودته لمكانته الرسولية مرة أخرى، وغفران المسيح لخطية إنكاره إياه، التفت إلى القديس يوحنا، الذي رآه يتبع المسيح أيضا، وتوجه إلى المسيح سائلا عن مصير يوحنا المستقبلى، وهو سؤال في غير مكانه، إذ أعطى بطرس نفسه حقا ليس له، أن يسأل عن مكانة آخر أو مستقبل آخر، وهو شيء من صميم عمل الله وإرادته. ولهذا، كانت إجابة المسيح الرب على بطرس حاسمة: "فماذا لك؟" وتعنى أن هذا ليس من شأنك... اهتم بالأمر الذي أوجهه لك وحدك، وهو أن تتبعنى أنت، دون أن تلتفت لغيرك، حتى وإن أردت أن أبقيه حيا حتى مجيئى الثاني.

ولعل إجابة السيد المسيح لبطرس، هي إجابة موجهة لنا جميعا، إذ كثيرًا ما تنزلق أفكارنا في مقارنات أو استفسارات ليست من شأننا، كأن نسأل عن خلاص آخرين من عدمه، فتكون إجابة المسيح لنا: "اتبعنى أنت... ولا شأن لك بالآخرين." لعلنا نستوعب هذا الكلام، ولا ننشغل بشئ إلا خلاص نفوسنا...

 

ع23: يوضح اللبس الذي حدث في فهم التلاميذ لقول المسيح الأخير، فشرحه القديس يوحنا.

 

ع24-25: هنا، وقد جاء القديس يوحنا إلى ختام إنجليه، كان من المهم عنده أن يؤكد على شيئين:

أولًا: صدق شهادته، لأنه عاين وكتب بنفسه ما شاهده، وليس نقلا عن آخر.

ثانيا: أن ما ذكره في إنجيله وشهادته ليس كل شيء، فهو ذكر بعض الأشياء من أجل الإيمان بشخص الرب المسيح، وليس حصرا لكل معجزاته أو أحاديثه أو أمثلته، كما حاولت باقي البشائر، ولكنها ذكرت القليل قدر ما استطاعت، ويوضح عِظَمَ ما صنع الرب، واستحالة حصر كل شيء، في صورة لغوية بديعة، إذ يقول أن كل كتب العالم لا تكفى لتدوين كل شيء عن الرب يسوع، بل إن العالم نفسه، بكل اتساعه، سوف لا يحتمل حجم هذه الكتب، ولإلهنا المجد الدائم... آمين.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إنجيل يوحنا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/john/chapter-21.html

تقصير الرابط:
tak.la/w52f6k2