* تأملات في كتاب
يوحنا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27
الأَصْحَاحُ الخَامِسُ عَشَرَ
(1) مثل الكرمة (ع 1-8)
(2) وصية المحبة (ع 9-17)
(3) مقاومة العالم للمسيح (ع 18-27)
1 «أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. 2 كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. 3 أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. 4 اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. 5 أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا. 6 إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ. 7 إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. 8 بِهذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي.
مقدمة:
كان الحديث في الأصحاح السابق تشجيعى، الغرض منه تثبيت المسيح لإيمان تلاميذه خلال الفترة الصعبة القادمة. وفي هذا الأصحاح، يستكمل المسيح حديثه بغرض التعليم والتوصية.
يشبّه المسيح نفسه بالكرمة التي تَحْمِلُنَا نحن أغصانها - أعضاء جسده - ويوضح أيضًا مسئولية الله الآب في رعاية أغصان هذه الكرمة. فكل إنسان في المسيح ليست له أعمال صالحة، هو غصن ميت ينزعه الآب. أما الإنسان الحي في المسيح‘ فالآب يتعهده ويهذبه وينقيه من الخطايا بالتعليم والاحتضان، وبالتوبيخ والتجارب في بعض الأحيان، حتى ينضج أكثر في ثمر فضائله، وينمو في القداسة.
ع3:
الكلام هنا للتلاميذ باعتبارهم أغصانا جيدة، ويوضح المسيح سبب نقائهم، وهو سماعهم وقبولهم لكلامه.† وهذا ينطبق علينا جميعا، فقراءة الكتاب المقدس، وسماع كلام الله والعمل به، تعطى للإنسان نقاءً وسلاما وفهما.
ع4-5: دور الله في رعاية الأغصان، لا يلغى دور الغصن (الإنسان) في خلاص نفسه، فالإنسان مطالب بالثمر، ولا وسيلة له في ذلك سوى الثبات في المسيح - الكرمة - فهل يعقل أن ينمو غصن قُطع من كرمة؟! فالمسيح هو جذور نمونا وتقدمنا، وبدونه لا نقدر أن نفعل شيئاٍ. والثبات الذي يتحدث عنه المسيح هنا يذكرنا بما سبق وقاله في (يو 6: 56): "من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه". أي أن الثبات الحقيقي في المسيح، هو من خلال جسده ودمه.
ع6:
أما من استهان بنعمة الله ولم يثبت فيها، فيكون مصيره -عقابه- عند استعلان دينونة الله العادلة، هو:(1) النزع، أي لا نصيب له في المسيح.
(2) الجمع مع باقي الأشرار كجمع الحطب.
(3) الطرح في النار.
9 كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. 10 إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. 11 كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ. 12 «هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. 13 لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. 14 أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. 15 لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي. 16 لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي. 17 بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
لم يجد المسيح تشبيها يصف به درجة حبه لتلاميذه، ولنا جميعا، أقوى من درجة حب الآب للابن، وهو حب ليس لإنسان أن يصفه. وأمام هذا الحب غير المحدود، يطالبنا المسيح أن نثبت في محبته لنا. والوسيلة الوحيدة لذلك هي حفظ الوصايا وطاعتها، كما أطاع هو أيضًا مشيئة الآب، متمما الفداء للبشرية كلها (راجع يو 14: 15، 21-23؛ 15: 10، 14).
ع11:
"كلمتكم بهذا": أي حديثى عن الثبات فىَّ وحفظ وصاياي، فيكون لكم الفرح الدائم بى.† فكما أعطانا المسيح سلاما لا يفهمه العالم، هكذا أيضًا كل من يجاهد في حفظ الوصية، يأخذ فرحا إلهيا لا تماثله كل أفراح العالم في كماله وشموله.
يكرر السيد المسيح هنا ما ذكره في (يو 13: 34)، أن يكون مستوى الحب بين أولاده على مثال حبه لنا. فالمسيح، في حبه، اتضع وغسل أرجلنا، وحمل خطايانا ومات عنا على خشبة الصليب؛ بل غفر أيضًا لأعدائه.
† ولا يستطيع أحد منا أن يقدم مثال هذا الحب، ما لم:
(1) يتضع بانسحاق أمام المصلوب عنا.
(2) التأمل الدائم في حب ومغفرة الله لنا، حتى نستطيع أن نحب ونغفر للآخرين.
(3) حفظ الوصايا والعمل بها.
ع15:
في (ص 12: 26؛ 13: 16)، أطلق السيد المسيح على تلاميذه لقب "خدام وعبيد". وهذه حقيقة، فلا يوجد أمام المسيح، له المجد، من يُدْعَى "سيدا". ولكن هنا، وبعد الحديث عن الثبات في شخصه وطاعة وصيته، ينقل المسيح تلاميذه من حال العبيد، الذين لا يعرفون تدابير سيدهم، إلى صفة الأحباء والأبناء، الذين يعرفون قصد سيدهم. وهذا ليس حقا لنا، بل دليل على حب الله اللامحدود لخاصته.
ع16:
يوضح السيد المسيح هنا أنه، بنعمته، هو صاحب مبادرة خلاص الإنسان باختياره، وإقامته لتلاميذه ليأتوا بثمر دائم.† واستجابة الآب لكل ما نطلب باسم المسيح، وأمام عمل نعمة المسيح، هناك مسئولية علينا جميعا، وهي الإتيان بثمر على مستوى الجهاد من أجل الفضائل من جهة، وثمر دعوة الآخرين للمشاركة في حب المسيح والإيمان به، من جهة أخرى.
ع17:
يختتم السيد المسيح هذا الجزء من كلامه، مؤكدا ما سبق وقاله في الأعداد (9، 12، 15)، عن الحب بينه وبين تلاميذه، وبعضهم نحو بعض؛ فالمحبة هي الدرع الواقى لما سوف يتحدث عنه في الأعداد اللاحقة.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
18 «إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ. 19 لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ. 20 اُذْكُرُوا الْكَلاَمَ الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلاَمَكُمْ. 21 لكِنَّهُمْ إِنَّمَا يَفْعَلُونَ بِكُمْ هذَا كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 22 لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ وَكَلَّمْتُهُمْ، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا الآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي خَطِيَّتِهِمْ. 23 اَلَّذِي يُبْغِضُنِي يُبْغِضُ أَبِي أَيْضًا. 24 لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ عَمِلْتُ بَيْنَهُمْ أَعْمَالًا لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ رَأَوْا وَأَبْغَضُونِي أَنَا وَأَبِي. 25 لكِنْ لِكَيْ تَتِمَّ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ فِي نَامُوسِهِمْ: إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلاَ سَبَبٍ. 26 «وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي. 27 وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الابْتِدَاءِ.
ينقل السيد المسيح التلاميذ، والكنيسة من بعدهم، لما هو متوقع أن يجدوه في العالم من رفض واضطهاد.
† ويقدم لنا جميعا تعزية وتشجيعا، وهو أن العالم قد رفض المسيح نفسه. فإذا تذكرنا هذه الحقيقة دوما، أعطانا هذا صبرا واحتمالا، ونعتبره شيئًا طبيعيا.
ويوضح المسيح سبب بغض العالم لأولاد الله، فهم مختلفون عنه في أفكارهم وآرائهم وروحانياتهم، ولهذا يبغضهم أهل العالم بمادياتهم وشهواتهم، فمن الطبيعي أن تكره الظلمة النور الذي يبددها. وكما لم يقبلوا المسيح ولا كلامه، فلا عجب أن يكون نفس الحال مع التلاميذ والكنيسة.
ع21-24: يقدم المسيح هنا تعزية جديدة، يتعزى بها التلاميذ أمام ما سوف يلاقونه من اضطهاد ورفض. وهذه التعزية أنه هو نفسه سبب رفض العالم لهم، فالعالم في ظلمته لم يعرف الآب، وبالتالي لم يقبل الابن. و المسيح هنا لا يلتمس العذر للعالم، بل يدينه على عدم الإيمان به، وخاصة بعدما جاء... وأخبر... وصنع عجائب ومعجزات. فخطية عدم الإيمان بالمسيح خطية باقية؛ بل يضيف المسيح أيضًا أن رفض العالم له هو بغضه للآب نفسه، فكرامة الآب والابن واحدة لا تتجزأ.
ع25:
"أبغضونى بلا سبب": جاءت هذه الآية بنصها في (مز 35: 19)، وكأن الروح القدس ينبئ، عن طريق داود، عن حال واضطهاد اليهود للمسيح بلا سبب، حتى إن بيلاطس الروماني صرّح أنه لا توجد علة واحدة لموت المسيح (يو 18: 38 - راجع أيضًا لو 23: 4، 14، 22)، بل إن حقد الرؤساء والكهنة هو الذي أعماهم.† والذين يرفضون اليوم دعوة المسيح وكنيسته لهم، ألا يُعتبرون هم أيضا مبغضين للمسيح بلا سبب؟
وإذ كان كلام السيد للتلاميذ برفض العالم لهم شديدا عليهم، يختتم المسيح كلامه مُشجعًا إياهم بالحديث عن الروح القدس، الذي سبق وتحدث عنه (يو 7: 39؛ 14: 26)، فالروح القدس هو الذي سيشهد للمسيح، من خلال تلاميذه، أمام العالم كله، بما سوف يقولونه أو يصنعونه من معجزات مصدرها الروح القدس. وهي أمور تسعد وتقوّى الخدام في كل زمان، عندما يلمسون قوة عمل الروح القدس في كنيسة الله.
"سأرسله... ينبثق": توضح تناسق وانسجام عمل الأقانيم الثلاثة مع بعضها. فكلمة "سأرسله"، تبرز لاهوت المسيح وسلطانه المساوى للآب والروح القدس، وتبرز أيضًا أن إرسال الروح القدس المستقبلى، يتوقف أولًا على ما سيقدمه المسيح من فداء على عود الصليب. وكلمة "ينبثق"، تفيد الخروج المستمر من الداخل دون انفصال، كأن نقول: تنبثق الحرارة من النار؛ ولكنها لم تفارقها... فالابن، في تجسده، لم يفارق الآب؛ والروح القدس في انبثاقه، لم يفارق لا الآب ولا الابن.
← تفاسير أصحاحات إنجيل يوحنا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير يوحنا 16 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير يوحنا 14 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/john/chapter-15.html
تقصير الرابط:
tak.la/kns4rp8