* تأملات في كتاب
يوحنا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51
الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ
(1) الميلاد الأزلي (ع 1-8)
(2) مهمة يوحنا (ع 9-13)
(3) تجسد المسيح (ع 14-18)
(4) شهادة المعمدان (ع 19-36)
(5) دعوة بعض التلاميذ (ع 37-46)
(6) إيمان نَثَنَائيل (ع 47-51)
1 فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. 2 هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. 3 كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. 4 فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، 5 وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ. 6 كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا. 7 هذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ، لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ. 8 لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ، بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ.
ع1-2: بينما اهتم البشيرين لوقا ومتى بأحداث الميلاد الزمنية، اهتم يوحنا بإبراز الميلاد الأزلي للسيد المسيح، لأن شاغله الأول كان إثبات لاهوت المسيح، في وسط التشكيكات التي شنها اليهود على شخص المسيح. ولا توجد آية أقوى من: "وكان الكلمة الله". ولهذا، نجد أن جماعة مثل شهود يهوه، الناكرين للمسيحية ولاهوت المسيح، يغيّرون في كتابهم منطوق هذه الآية إلى: "وكان الكلمة كإله". والمقصود بالكلمة: العقل الإلهي، أي الأقنوم الثاني، لأن الكلمة تعبّر عن العقل، وتصدر منه، وتساويه.
تؤكد الآية الثانية، بوضوح أكثر، أزلية الوجود للآب والابن، فلم تكن هناك لحظة -بحسب لغة البشر- كان فيها الآب سابقًا أو منفردًا؛ فالميلاد الأزلي للابن مرتبط بالكلية بوجود الآب، مثلما نقول: تزامن ظهور قرص الشمس مرتبط بخروج الشعاع الضوئى منه.
ع3-5: إشارة واضحة لتأكيد لاهوت المسيح، إذ أنه الخالق، "وبغيره لم يكن شيء" من الخليقة (راجع مع عب 1: 2). ويذهب الرسول إلى بُعد روحي مقارن للبعد اللاهوتي، فيقول: "كانت الحياة"، أي أن المسيح ليس خالقًا فقط، بل مصدر حياة وقوة كل أولاده ممن آمن واعتمد (باسم الآب والابن والروح القدس). ويشير القديس يوحنا إلى رفض اليهود للمسيح، مما جعله يصفهم بالظُّلمة التي لم تدرك النور المرسل للعالم.
† فهل، يا أيها الحبيب، تشكر السيد المسيح على أنك خليقة يديه التي صنعها ووهبها الحياة، وأراد لها الشركة معه في النور؟ إن الذي يؤمن فعلا أنه محور اهتمام السيد، لا يجد شيئًا يقدمه عوضا عن حياة الشكر الدائم.
ع6-8: الكلام هنا عن يوحنا المعمدان وعن مهمته، أي تهيئة الناس لقبول المسيح، وليس جذب الناس لذاته والإيمان به.
† وتهيئة الناس لقبول المسيح، مهمة مشتركة لكل شعب كنيسته، فالمسيحي الحقيقي لا يعتقد في نفسه أنه نور، بل هو عاكس لنور المسيح على كل من حوله؛ فتكون شهادته إما بالكلام كشهادة يوحنا، أو بأعماله وسلوكه الظاهر، فيرى كل من حوله نور المسيح من خلاله.
9 كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ. 10 كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. 11 إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. 13 اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ.
ع9-11: العودة بالكلام هنا لشخص المسيح المخلّص. فبالرغم من أن السيد المسيح كان موضع رجاء اليهود، وكانوا ينتظرونه، إلا أنهم لم يعرفوه، ولم يقبلوه.
† وهذا حال المسيح اليوم، بين قابل ورافض، وبين من يدّعون أنهم أولاده، ولكن بأعمالهم لا يقبلونه، بل يردونه إلى خلف؛ فقبول المسيح ليس إعلانًا، بل هو إخضاع النفس والإرادة لمشيئته، وتنفيذ وصاياه والعمل بها "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (مت 5: 16).
ع12-13: "الذين قبلوه... أي المؤمنون باسمه":
كانت هناك عطية خاصة، ولم تزل، لكل من يريد المسيح، وهي عطية البنوة لله. فالميلاد الجسدي يعطى الحسب والنسب، والميراث الأرضى مصيره الموت والزوال. أما الميلاد الروحي، وشرطه الإيمان والمعمودية (مر 16: 16)، فيعطى بنوة ونسبا إلهيا، وميراثا سمائيا ثابتا لا يضمحل.† وهذه العطية، أخذناها جميعا مجانا في سر المعمودية المقدس، مما يلقى على الإنسان المسيحي مسئولية عظيمة، وهي سؤال يطرح نفسه طوال الوقت: هل نسبى للعالم أم للمسيح... هل أحيا كمولود من جسد أو كمولود من الروح؟ والتدقيق في هذا السؤال، وما نطلق عليه: حساب النفس اليومى عن كل أفعالنا، له عظيم الأثر على الحياة الروحية مع الله.
14 وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. 15 يُوحَنَّا شَهِدَ لَهُ وَنَادَى قِائِلًا: «هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: إِنَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي». 16 وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ. 17 لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا. 18 اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.
ع14: "الكلمة صار جسدا وحل بيننا": إشارة إلى سر التجسد، وهي إحدى عقائد المسيحية الأساسية، أن الله الكلمة صار جسدا. ومعنى "جسدا" هنا، إنسانا كاملا، كما يشير قانون الإيمان "تجسد وتأنس"؛ أي المسيح الإله أخذ جسدا وروحا ونفسا بشرية اتحدت بلاهوته، فصار الله الكامل والإنسان الكامل (راجع 1 تي 3: 16). و"صار": لا تعني تحوّل اللاهوت إلى جسد مادى، أو محدوديته بجسد مادى، بل تعني: اتحد به.
ونعلم أن كلمة جسد، في لغة الكتاب المقدس، تعني أحد ثلاث معانٍ:
(1) جسم: "لم يبغض أحد جسده قط" (أف 5: 29).
(2) شر: "ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات" (رو 13: 14).
(3) شخصية إنسانية كاملة: "ليسا بعد اثنين بل جسد واحد" (مت 19: 6).
وقد تنبأ باروخ النبي بالتجسد والحلول بيننا، عندما قال: "هذا هو إلهنا، ولا يعتبر حذاءه آخر... تراءى على الأرض، وتردد بين البشر" (با 3: 36، 38).
وبجانب البعد الإيمانى لهاتين الآيتين، نستطيع أن نستخلص المعاني الروحية التالية أيضًا:
"صار جسدا": صار الإنسان المسيحي ابنا لله، لأن ابن الله الوحيد صار إنسانا.
"حل بيننا": عاش في وسطنا كواحد منا باتضاع عجيب، مختبرا كل آلامنا، شاعرا بنا في كل ضيقنا، بل هو المعين لكل المتألمين... فلن يشعر بك إلا من تألم كل الألم من أجلك... هذا هو مسيحك (عب 2: 18).
"ورأينا مجده، مجدا": ما أصعب الحديث عن مجد الله قبل التجسد. فعندما حاول موسى رؤية مجد الله، جاءته الإجابة: "الإنسان لا يرانى ويعيش" (خر 33: 20). أما في تجسد المسيح، فقد رأينا مجد الله المتجسد في معجزاته التي لا يصنعها إلا الله. وكإنسان، صار في قدوته لنا بلا خطية واحدة، مقدما لنا صورة الإنسان الكامل الذي يجب علينا أن نكون على صورته، غير معتذرين أو مبررين خطايانا بظروف العالم المحيطة بنا.
"كما لوحيد من الآب": تعطى تمييزا لبنوة المسيح عن بنوتنا نحن لله، فبنوة المسيح هي بنوة الطبيعة الإلهية، أي ولادة الكلمة الأزلي من الآب قبل كل الدهور. أما بنوتنا، فقد نلناها بالإيمان بالآب و الابن والروح القدس من خلال سر المعمودية.
"مملوءا نعمة وحقا": النعمة هي العطايا المجانية التي يهبنا المسيح إياها. والحق هو إعلان حقيقة الله والإيمان به.
ع15:
هذه شهادة ليوحنا المعمدان، تؤكد كل ما سبق وأن تنبأ به عن مجيء المسيح بعده، ولكن له المكانة الأولى، ويشير أيضًا إلى أزليته.المسيح فيه كل الملء والشبع لمريديه من المؤمنين باسمه، ومن فيضه أخذ يوحنا وكل المسيحيين.
"نعمة فوق نعمة": إشارة للفرق بين نعمة العهد القديم، القاصرة على أنبياء ووعود ورجاء ووصايا، ونعمة العهد الجديد التي تكلم فيها الله من خلال ابنه، ومن خلال فدائه المجانى. فالناموس لم يعط تبريرا لأحد، بل كان موضحا للطريق. أما المسيح، فهو "الطريق والحق والحياة" (يو 14: 6).
ع18:
أراد الله أن يكشف لنا عن طبيعة جوهره بطريقة يمكن الإحساس بها، فلم يكن سبيلًا سوى تجسد الكلمة."في حضن الآب": إشارة إلى الاتحاد والمشاركة بين الآب والابن. وتعنى أيضًا أنه أثناء تجسد المسيح على الأرض، لم يفارق الآب، بل هو مالىء لكل زمان ومكان.
"هو خَبَّرَ": تأكيد آخر للوحدة الأزلية بين الآب والابن.
+19 وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20 فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ: «إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ». 21 فَسَأَلُوهُ: «إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ». 22 فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَابًا لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» 23 قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». 24 وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، 25 فَسَأَلُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ، وَلاَ إِيلِيَّا، وَلاَ النَّبِيَّ؟» 26 أَجَابَهُمْ يُوحَنَّا قِائِلًا: «أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ، وَلكِنْ فِي وَسْطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 27 هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي، الَّذِي صَارَ قُدَّامِي، الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ». 28 هذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَبْرَةَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ. 29 وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! 30 هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي. 31 وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لكِنْ لِيُظْهَرَ لإِسْرَائِيلَ لِذلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ». 32 وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائلًا: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. 33 وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلًا وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 34 وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هذَا هُوَ ابْنُ اللهِ». 35 وَفِي الْغَدِ أَيْضًا كَانَ يُوحَنَّا وَاقِفًا هُوَ وَاثْنَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 36 فَنَظَرَ إِلَى يَسُوعَ مَاشِيًا، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ!»
ع19-28: كانت هناك احتمالات حول شخصية يوحنا، إما أن يكون نبيا كاذبا كبعض السابقين، أن يكون إيليا السابق للمسيح (ملا 3: 1، 4: 5)، أو نبيا حقيقيا تنبأ عنه موسى (تث 18: 15)، أو المسيح المنتظر. ولهذا، تم إرسال وفد من الكتبة والفريسيين واللاويين، ممثلى طغمة الخدام، للاستفسار عن هذه الشخصية القوية التي تكاثر تلاميذها. ونلاحظ خبث اليهود في سؤالهم، فهم يعلمون أن المسيح من سبط يهوذا ونسل داود، بينما يوحنا من سبط لاوى، سبط الكهنوت. وعند سؤال يوحنا، لم ينسب لنفسه، باتضاع، أية صفة من هذه الصفات، بل أشار إلى مهمته في تهيئة الشعب بمعمودية التوبة، لاستقبال المسيح، الذي بسلطانه وحده، معمودية الروح القدس. وشهد أيضًا أن المسيح قائم في وسطهم وتجسد. وباتضاع حقيقي، ختم حديثه بأنه لا شيء أمام مجد الآتي بعده، والذي لا يستحق أن يحل سيور حذائه، وهي من خدمات العبيد في ذلك الزمن.
† ولعلنا نستخلص من شهادة يوحنا هذه درسين:
(1) أن مهمة كل مسيحي، هي الشهادة للمسيح الإله والمخلّص.
(2) أن نتعلم الاتضاع، ولا نسرق مجد الله لأنفسنا، بل يكفينا فخرا أن نخدم اسمه ونحن ساجدين تحت قدميه.
"بيت عَبْرَةَ": هى مكان عبور يشوع بالشعب إلى أرض الموعد.
ع29-36: يكشف لنا يوحنا سرًّا جديدًا من أسرار عمل الروح القدس، فهو لم يكن يعرف قبلا شخص المسيح، ولكن عمل الروح القدس في الإرشاد، هو الذي أبلغ يوحنا بعلامة واضحة "مثل حمامة". ومن خلال هذه العلامة، تيقن يوحنا أنه هو المسيح... ثم يؤكد لنا المعمدان، من خلال شهادته، أن المسيح هو ابن الله (ع34)، وهو "حمل الله" المبذول عنا فداءً لمغفرة الخطايا (ع29، ع36)، والذي كان عندئذ آتيا من جبل التجربة، ليبدأ خدمته، وليقدم نفسه ذبيحة خطية عن العالم.
وقد أدى يوحنا شهادته على 3 مراحل: (ع19 إلى ع28) - (ع29 إلى ع34) - (ع35-36) في مسامع تلميذيه أندراوس ويوحنا.
† والآن أيها الحبيب، فإن ما أخذته أنت في سر مسحة الروح القدس - الميرون المقدس - قادر أن يرشدك أمام ظروف ومشاكل الحياة، فتحيا مطمئنا كل حين، بل تتعرف أكثر فأكثر على مشيئة الله في حياتك.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
37 فَسَمِعَهُ التِّلْمِيذَانِ يَتَكَلَّمُ، فَتَبِعَا يَسُوعَ. 38 فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَنَظَرَهُمَا يَتْبَعَانِ، فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تَطْلُبَانِ؟» فَقَالاَ: «رَبِّي، الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ، أَيْنَ تَمْكُثُ؟» 39 فَقَالَ لَهُمَا: «تَعَالَيَا وَانْظُرَا». فَأَتَيَا وَنَظَرَا أَيْنَ كَانَ يَمْكُثُ، وَمَكَثَا عِنْدَهُ ذلِكَ الْيَوْمَ. وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ. 40 كَانَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَاحِدًا مِنَ الاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا يُوحَنَّا وَتَبِعَاهُ. 41 هذَا وَجَدَ أَوَّلًا أَخَاهُ سِمْعَانَ، فَقَالَ لَهُ: «قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ. 42 فَجَاءَ بِهِ إِلَى يَسُوعَ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ. 43 فِي الْغَدِ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجَلِيلِ، فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». 44 وَكَانَ فِيلُبُّسُ مِنْ بَيْتِ صَيْدَا، مِنْ مَدِينَةِ أَنْدَرَاوُسَ وَبُطْرُسَ. 45 فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ». 46 فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ».
سمع تلميذى يوحنا المعمدان شهادته للمسيح فتبعاه. فسألهما يسوع: "ماذا تطلبان؟" فأجابا إنهما يريدان معرفة مكان إقامته، فرحب بهما، وأتيا معه إلى مكانه، ومكثا عنده طوال اليوم؛ وهكذا بدأت تلمذتهما له.
† أن الله يسألك عندما تتبعه ماذا تطلب، لتكون تبعيتك محبة لشخصه بإيمان وتسليم، ولا تكون لأية أغراض مثل مصلحة شخصية، أو تظاهر وكبرياء، أو مجرد ملء لوقت الفراغ.
كان أندراوس واحد من تلميذى يوحنا المعمدان اللذين تبعا المسيح، فدعا أخاه سِمعان، وبشّره بظهور المسيّا، وأخذه للمسيح الذي غيّر اسمه إلى صفا أي بطرس، ومعناه صخرة، إشارة لخدمته المستقبلية في التمسك بصخرة الإيمان والتبشير به.
ومعروف في الكتاب المقدس تغيير بعض الأسماء، إيذانا ببدء مهمة عظيمة، مثل: أبرام الذي صار إبراهيم، ويعقوب الذي صار إسرائيل؛ وكما هو متبع الآن في سيامة الأساقفة والكهنة والشمامسة، فينال كل منهم اسم أحد القديسين ليناسب مهمته الجديدة.
اتجه يسوع إلى منطقة الجليل في الشمال، وتابع دعوة تلاميذه، حيث وجد فيلبس الذي من مدينة بيت صيدا، وفيها أيضًا مسكن أندراوس وبطرس، ودعاه فتبعه. وفيلبس أخبر صديقه نَثَنَائيل إنهم وجدوا المسيح المنتظر، وهو ابن يوسف الذي من مدينة الناصرة. ويظهر من كلام فيلبس أن هدف الناموس والنبوات هو المسيا المنتظر. ونَثَنَائيل هذا هو الذي صار اسمه فيما بعد بَرْثولَماوُس، وهو من تلاميذ المسيح.
ع46:
أما ما وقع فيه نَثَنَائيل من تسرّع في الحكم، وإدانة شاملة لكل أهل الناصرة:† نتعلم منه ألا نحكم على أحد، فربما، دون أن ندرى، نقع في إدانة قديسين، كما تهكم نَثَنَائيل على المسيح نفسه.
وكان اليهود يعلمون أن المسيح يأتي من بيت لحم، مدينة داود (مى 5: 2؛ مت 2: 5، 6؛ يو 7: 42)، وليس من ناصرة الجليل.
47 وَرَأَى يَسُوعُ نَثَنَائِيلَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ عَنْهُ: «هُوَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ حَقًّا لاَ غِشَّ فِيهِ». 48 قَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُنِي؟» أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «قَبْلَ أَنْ دَعَاكَ فِيلُبُّسُ وَأَنْتَ تَحْتَ التِّينَةِ، رَأَيْتُكَ». 49 أَجَابَ نَثَنَائِيلُ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَنْتَ ابْنُ اللهِ! أَنْتَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!» 50 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ آمَنْتَ لأَنِّي قُلْتُ لَكَ إِنِّي رَأَيْتُكَ تَحْتَ التِّينَةِ؟ سَوْفَ تَرَى أَعْظَمَ مِنْ هذَا!» 51 وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَمَلاَئِكَةَ اللهِ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ».
ع47-49: عندما رأى المسيح نَثَنَائيل، بادره بقوله إنه إسرائيلى، أي ليس من الأمم المنتشرين في منطقة الجليل. فتعجب نَثَنَائيل، وسأله: "كيف عرفتنى؟" فأكمل يسوع كلامه أنه يعرفه منذ زمان بعيد، حين كان تحت شجرة التين. وهذه قصة سرية، لا يعرفها إلا نَثَنَائيل وأمه. فعندما أمر هيرودس بقتل الأطفال في بيت لحم، الذين عمرهم أقل من سنتين، خافت أم نَثَنَائيل، وخبأت طفلها تحت شجرة تين، وظلت تراقبه من بعيد. وبحث الجنود في كل المنطقة وقتلوا الأطفال، ولم يستدلوا على مكان نَثَنَائيل، وانصرفوا. ثم أخذته وربّته سرا بعيدا عن كل العيون، حتى لا يُقتل. وبعدما كبر، أعلمته بقصة نجاته من الموت، وظل يحتفظ بها سرا داخله، حتى كشفها له المسيح عندما قابله. فتيقّن نَثَنَائيل أن يسوع هو المسيا المنتظر، العالم بالغيب، وأعلن أنه ابن الله وملك إسرائيل.
ولا يفوتنا التنويه إلى أن يسوع الطفل لم يكن في بيت لحم في ذلك الحين، بل في طريقه إلى مصر مع أمه القديسة مريم ويوسف النجار.
ع50-51: أضاف يسوع لنَثَنَائيل أن إيمانه سيزداد، ليس لأنه رأى المسيح العالم بالغيب، بل لأمور أعظم سيراها في تبعيته له، وهي إتمام الفداء على الصليب، وبهذا يصالح السمائيين مع الأرضيين، وتصعد الملائكة بصلوات المؤمنين إلى السماء من خلال المسيح الفادي، وينزلون من السماء ببركات كثيرة بالمسيح أيضًا مخلّص العالم.
← تفاسير أصحاحات إنجيل يوحنا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير يوحنا 2 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
مقدمة إنجيل يوحنا |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/john/chapter-01.html
تقصير الرابط:
tak.la/h5688s8