St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   church-encyclopedia  >   john
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   church-encyclopedia  >   john

شرح الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

شرح لكل آية

يوحنا 7 - تفسير إنجيل يوحنا

               

* تأملات في كتاب يوحنا:
تفسير إنجيل يوحنا: مقدمة إنجيل يوحنا | يوحنا 1 | يوحنا 2 | يوحنا 3 | يوحنا 4 | يوحنا 5 | يوحنا 6 | يوحنا 7 | يوحنا 8 | يوحنا 9 | يوحنا 10 | يوحنا 11 | يوحنا 12 | يوحنا 13 | يوحنا 14 | يوحنا 15 | يوحنا 16 | يوحنا 17 | يوحنا 18 | يوحنا 19 | يوحنا 20 | يوحنا 21

نص إنجيل يوحنا: يوحنا 1 | يوحنا 2 | يوحنا 3 | يوحنا 4 | يوحنا 5 | يوحنا 6 | يوحنا 7 | يوحنا 8 | يوحنا 9 | يوحنا 10 | يوحنا 11 | يوحنا 12 | يوحنا 13 | يوحنا 14 | يوحنا 15 | يوحنا 16 | يوحنا 17 | يوحنا 18 | يوحنا 19 | يوحنا 20 | يوحنا 21 | يوحنا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51 - 52 - 53

St-Takla.org Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأَصْحَاحُ السَّابِعُ

حديث المسيح عن نفسه وعن الروح القدس | إيمان الجمع ورفض الرؤساء

 

(1) المكوث في الجليل (ع 1-9)

(2) صعود المسيح لأورشليم وحديثه في الهيكل (ع 10-24)

(3) تحير اليهود من كلام المسيح (ع 25-31)

(4) المسيح ينبئ بصعوده وفاعلية الروح القدس (ع 32-44)

(5) رؤساء اليهود يرفضون المسيح (45-53)

 

(1) المكوث في الجليل (ع 1-9):

1 وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هذَا فِي الْجَلِيلِ، لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ. 2 وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ، عِيدُ الْمَظَالِّ، قَرِيبًا. 3 فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، لِكَيْ يَرَى تَلاَمِيذُكَ أَيْضًا أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ، 4 لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئًا فِي الْخَفَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَلاَنِيَةً. إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ هذِهِ الأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ». 5 لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضًا لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ. 6 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ وَقْتِي لَمْ يَحْضُرْ بَعْدُ، وَأَمَّا وَقْتُكُمْ فَفِي كُلِّ حِينٍ حَاضِرٌ. 7 لاَ يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُمْ، وَلكِنَّهُ يُبْغِضُنِي أَنَا، لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَةٌ. 8 اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هذَا الْعِيدِ، لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9 قَالَ لَهُمْ هذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ.

 

ع1: "بعد هذا"، أي بعد معجزة إشباع الجموع، والحديث المطول عن "جسده ودمه"، مكث المسيح فترة في الجليل، مبتعدا عن اليهودية - القسم الجنوبى - وذلك بسبب حسد اليهود، وشكايتهم على المسيح الذي كسر السبت، وطلبوا قتله لهذا السبب.

ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم: "إن المسيح يعلّمنا هنا مبدءا هاما، وهو أن الابتعاد عن الخطر والفرار من المضطهدين، حيثما تقتضيه الحاجة، هو نوع من الحكمة والفطنة، فالمواجهة في أحيان كثيرة لا تكون ضرورية ... "

والمسيح هنا -حاشا- لم يكن خائفا، وهو العالم بأنه سوف يبذل ذاته، ولكن لكل شيء وقت.

 

ع2: "عيد المظال": هو أحد أعياد اليهود الثلاثة الكبار. وكانت مدة العيد 8 أيام، ومكانه أورشليم، ويسمى بموسم الحصاد، وقد فرض هذا العيد على إسرائيل من الله (خر 23: 16) لمعانيه الروحية التالية:

(1) تذكار الغربة: فالجميع يتركون منازلهم، ويسكنون تحت مظال فوق الأسطح أو على الطرقات، ليذكرهم الله بالأربعين سنة التي قضوها في البرية، ثم كيف أورثهم الله هذه الأرض.

(2) الشكر والفرح: فالحصاد يبدأ مع أول الأعياد، وهو الفصح، ولكنه ينتهى منه بالتمام مع زمن عيد المظال، فيكون الشكر والفرح على بركات السنة كلها.

إلهي الحبيب... اجعلنى دائما متذكرا أننى هنا في زمن الغربة تائها، ولكن راحتى الحقيقية والدائمة هي عندك هناك حيث الميراث الباقي الحقيقي، فلا تجعل شيئًا يشغلنى عنك وعنه، وأعنّى على قضاء غربتى بسلام..

 

ع3-5: "إخوته": ذكرهم القديس متى (مت 13: 55)، وهم يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا؛ وهم إخوة للمسيح، ولكن ليس من القديسة البتول مريم، بل إن أبناء الخالة والعمومة يطلق عليهم إخوة في منطقة الشام، كما أطلق على إبراهيم ولوط قديما إنهم إخوة، بالرغم من أن إبراهيم هو عمه.

أما ما قاله هؤلاء الإخوة للمسيح باختصار هو: إنه عليك أن تذهب، حيث الجموع والزحام في عيد المظال، لتصنع معجزاتك هناك، فيؤمن الجميع بك، بدلًا من أن تصنع هذه العجائب هنا في القرى الصغيرة، ولا يعرفك أحد. ولكن القديس يوحنا يكشف لنا سرا يوضح الدافع لهذه النصيحة، وهذا السر هو (ع5) إن إخوته لم يكونوا يؤمنون به. وبالتالي، أرادوا للمسيح أن يذهب لأورشليم، حتى يفحصه الكهنة والكتبة ليعرفوا هل هو المسيح أم لا.

 

ع6: "وقتى لم يحضر بعد": تحتمل معنيان؛ الأول: هو ما يختص بوقت صلبه وفدائه وتقديم نفسه ذبيحة من أجل العالم. والثانى: سوف أصعد، ولكن ليس الآن. فالصعود العلنى مع حالة الترقب، يهيج حسد الرؤساء، فيطلبونه للموت قبل الوقت المعيّن، والذي حدده الله نفسه. وهذا المعنى يوافق سياق الأحداث في الأصحاح نفسه (ع10، ع14) في صعوده لأورشليم خافيا نفسه، ثم كلامه في الهيكل.

"وقتكم ففى كل حين حاضر": أي تستطيعون الذهاب إلى العيد في أي وقت.

 

ع7: يشير السيد هنا إلى سبب بغض اليهود وعدم قبولهم له، وهو أن العالم في مجمله، وبسبب خطية حب الذات، لا يقبل التوبيخ، بل هو مستعد حتى لقتل كل من يوبخه، فالذى يحب الظلمة يكره النور. فعندما كاشفهم المسيح بخطاياهم، طالبوا بهلاكه، بدلًا من الاستماع له والتوبة عنها.

يا ليت قلوبنا تتضع وتعترف بخطاياها، ونستمع لصوتك أيها المخلص، فنوبخ أنفسنا، بدلًا من أن نتجاسر، في كثير من الأحيان، ونلقى باللوم عليك فيما نستحقه نحن من تأديب.

 

ع8-9: يكمل السيد المسيح الحديث لإخوته في ذهابهم مع الجموع الصاعدة لأورشليم، متنحيا عنهم في الذهاب، مقدما ما سبق وقاله في (ع6) من حيث الوقت المعين لذهابه، ولنا أن نستنتج من المقابلة (ع14)، أنه مكث في الجليل حوالي 4 أيام، حتى انتصف العيد، قبل أن يظهر في أورشليم.

St-Takla.org Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(2) صعود المسيح لأورشليم وحديثه في الهيكل (ع 10-24):

10 وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا، حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضًا إِلَى الْعِيدِ، لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ. 11 فَكَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَهُ فِي الْعِيدِ، وَيَقُولُونَ: «أَيْنَ ذَاكَ؟» 12 وَكَانَ فِي الْجُمُوعِ مُنَاجَاةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ نَحْوِهِ. بَعْضُهُمْ يَقُولُونَ: «إِنَّهُ صَالِحٌ». وَآخَرُونَ يَقُولُونَ: «لاَ، بَلْ يُضِلُّ الشَّعْبَ». 13 وَلكِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ جِهَارًا لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ. 14 وَلَمَّا كَانَ الْعِيدُ قَدِ انْتَصَفَ، صَعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْهَيْكَلِ، وَكَانَ يُعَلِّمُ. 15 فَتَعَجَّبَ الْيَهُودُ قَائِلِينَ: «كَيْفَ هذَا يَعْرِفُ الْكُتُبَ، وَهُوَ لَمْ يَتَعَلَّمْ؟» 16 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي. 17 إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ، هَلْ هُوَ مِنَ اللهِ، أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي. 18 مَنْ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ يَطْلُبُ مَجْدَ نَفْسِهِ، وَأَمَّا مَنْ يَطْلُبُ مَجْدَ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَهُوَ صَادِقٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ. 19 أَلَيْسَ مُوسَى قَدْ أَعْطَاكُمُ النَّامُوسَ؟ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَعْمَلُ النَّامُوسَ! لِمَاذَا تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي؟» 20 أَجَابَ الْجَمْعُ وَقَالوُا: «بِكَ شَيْطَانٌ. مَنْ يَطْلُبُ أَنْ يَقْتُلَكَ؟» 21 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «عَمَلًا وَاحِدًا عَمِلْتُ فَتَتَعَجَّبُونَ جَمِيعًا. 22 لِهذَا أَعْطَاكُمْ مُوسَى الْخِتَانَ، لَيْسَ أَنَّهُ مِنْ مُوسَى، بَلْ مِنَ الآبَاءِ. فَفِي السَّبْتِ تَخْتِنُونَ الإِنْسَانَ. 23 فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَقْبَلُ الْخِتَانَ فِي السَّبْتِ، لِئَلاَّ يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى، أَفَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ لأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَانًا كُلَّهُ فِي السَّبْتِ؟ 24 لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلًا».

 

ع10-11: صعد السيد المسيح في الخفاء لأورشليم، وهو تصرف في غاية الحكمة. فلو كان صعد مع الجموع، لكانوا نادوا به ملكا، كما حدث في زيارته الأخيرة لأورشليم، وهذا بخلاف التدبير الذي قصده، وخاصة أن ساعته لم تأت بعد.

ليتنا نتعلم في صلواتنا انتظار استجابة الله في الوقت الذي يراه، فإن الله له تدابير لحياتنا لا نصل إليها؛ بل لنعلم أنه لكل شيء تحت السماء وقت.

ويصور أيضًا القديس يوحنا حال اليهود الذين كانوا يترقبون ظهور المسيح مع أول أيام العيد، بسؤال: "أين ذاك؟"، الذي يحمل في المعنى الاحتقار والحقد، أكثر من الانتظار باشتياق. وهذا يكشف لنا أن الانتظار كان فيه شيء من التربص، وهو تأكيد لحكمة المسيح في اختيار الوقت المناسب للذهاب.

 

ع12-13: تضاربت الآراء حول شخص المسيح، فالبعض يرون "إنه صالح"، أي مستقيم ولا عيب فيه؛ والآخرون يرون إنه "يضل الشعب"، أي يخدعه. ويجمع القديسون أن الفريق الآخر، هم الحاسدون من أنصار الكتبة والفريسيين، الذين وبخهم المسيح. إلا أنه لم يجسر أحد أن يتكلم في ذلك علانية، بل معظم الأحاديث كانت على مستوى مجموعات صغيرة، وفي سرية، وذلك بسبب الخوف من رؤساء وولاة اليهود (الكهنة والفرسيون).

 

ع14-15: أي بعد أربعة أيام، أعلن المسيح عن نفسه، وظهر في الهيكل بسلطان، بل أخذ أيضًا يعلم الجموع. ويصف القديس متى أن ظهوره هكذا، باغت به الرؤساء، الذين، بالرغم من حنقهم عليه، خافوا أن يقاوموه، "لئلا يكون شغب في الشعب" (مت 26: 5)، راجع أيضًا (مت 21: 46).

أما رد فعل اليهود، فكان التعجب من سمو وجمال ودقة التعليم، معربين عن هذا التعجب بأنه لم يكن معروفا عن المسيح أنه من تلاميذ علماء اليهود، فكيف إذن يعرف الكتب - أي النبوات والناموس - بكل تفاصيلها؟

 

ع16: يتكرر هذا المشهد أكثر من مرة، وهو إما التذمر، أو التعجب، أو الهمهمة، التي كان يقرأها السيد المسيح على الوجوه، أو يعلمها بلاهوته، حتى دون أن يوجه له أحد سؤلا مباشرا. وإذ علم السيد المسيح ما في أذهانهم من جهة أصله وتعليمه بحسب رؤيتهم الجسدية... أجابهم عما كان يحيرهم، أن مصدر هذا كله، هو الآب الذي أرسله إلى العالم. وبالرغم من أن الآب والابن واحد، لكن المسيح كان يعلم جيدا أنه لو قال إنه مصدر التعليم، لما قبله اليهود، بل نسبه للآب، كما قال سابقا: "الآب نفسه الذي أرسلنى يشهد لى" (ص 5: 37).

 

ع17: يضيف المسيح في حديثه وسيلة التحقق من صدق التعليم الذي يسمعه اليهود، فليست الوسيلة هنا هي التلمذة تحت أيدي معلمي اليهود، بل الوسيلة الوحيدة هنا، هي أن يكون الإنسان متوافقا وعاملا لمشيئة الله، وخاضعا لها في حياته، فهذه الطريقة فقط هي التي تقود الإنسان إلى معرفة الحق، فلا يستطع أن يميز صوت الله، إلا من يتمم مشيئته ويعمل بها.

 

ع18: يضيف السيد هنا ويؤكد ارتباطه بالمصدر، فهو لا يطلب مجدا لنفسه كما يفعل الفريسيون، وهذا دليل على صدق وعدل قوله.

إلهي الحبيب... علمتنا كيف يكون إخلاء الذات، وأنت صاحب كل المجد والكرامة، بل أخذت صورة العبد، ناسبا كل شيء للاب، وأنت المساوى له.. أما أنا، فلا زلت أسرق مجدك وأفتخر بكل ما أعطيتنى، ناسبا إياه لنفسى. فما اقبح ذنبى، الإله يتضع والمخلوق يرتفع.. سامحنى، وعلمنى كيف أسلك مثلك في اتضاع، وأعترف بفضلك.

 

ع19-20: ينقل السيد المسيح هنا الحديث إلى الفريسيين، في مواجهة، الغرض منها كشف ريائهم، وازدواجية معاييرهم في الحكم، بل يريد أيضًا منهم أن يكونوا شهودا على أنفسهم في تعدياتهم على الناموس الذي يبدون الغيرة عليه وعلى أحكامه. فالمسيح هنا، يكاشفهم بأن علاقتهم بالناموس علاقة ظاهرية، أما المعرفة والعمل الحقيقي بالناموس فلا يوجد، فلو كانوا فعلا خاضعين للناموس بروح الله، ما كان فكرهم يذهب لقتل المسيح، وهذا ما فاجأهم به المسيح كعارف لخفايا افكارهم. أما هم فأنكروا ما كشفه السيد المسيح، بل زادوا على إنكارهم اتهامه بأن به شيطان، مضيفين على ريائهم وأفكارهم خطية جديدة، هي التجديف على الإله نفسه.

 

ع21: العمل الذي يشير له المسيح، هو معجزة شفاء مريض بيت حسدا (ص5)، وهي معجزة أتمها يوم سبت، فأثارت سخط اليهود، واعتبروها كسرا للسبت، وعملا يستوجب الموت، وتعتبر هذه الآية مقدمة للأعداد (22-24).

 

ع22-24: في هذه الأعداد، يثير السيد المسيح قضية منطقية، يريد من خلالها أن يكون الإنسان حكمه عادلا ومنطقيا، ولا يأخذ بظواهر الأمور. أما ما أراد السيد أن يقدمه كدليل على ذلك، فهو موضوع الختان. وكان ما قاله المسيح هو الآتي:

(1) إن الختان كان عهدا، ولكن من أيام الآباء -إبراهيم- وقبل ناموس موسى.

(2) جاء ناموس موسى يحرّم أي عمل كان في السبت.

(3) ولكن الختان كان في اليوم الثامن من ميلاد الذكر، فإذا جاء اليوم الثامن سبتا، أجاز الناموس إتمامه.

(4) والسؤال الأخير الذي يوجهه السيد: "إذا كنتم تكسرون السبت من أجل الختان الذي يمكن تأجيله يوما، وهو علامة طلبها الله من الإنسان، فهل شفاء إنسان بالكامل وإعطائه القدرة على الحركة يعتبر كسرا للسبت؟ فإذا كان الله أجاز كسر السبت للختان، فهو يجيز كسر السبت أيضًا من أجل حياة وخير الإنسان.

(5) ويختم المسيح حديثه (ع24) بنصيحة، لا لليهود فقط، بل لنا جميعا، وهي ألا يحكم الإنسان حكما سطحيا، وبحسب الظاهر، بل أن يفهم تمامًا القصد الإلهي.

ولهذا أيها الحبيب، نجد أن قديسى الكنيسة لم يتسرعوا أبدا في أحكامهم، بل كانوا يفحصون كل شيء في خوف الله وفهم الروح القدس، وهربوا جميعا من إدانة الآخر... فمن منا يعلم كل العلم حتى يصدر أحكامه على الآخرين؟!

St-Takla.org Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(3) تحير اليهود من كلام المسيح (ع 25-31):

25 فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ الَّذِي يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ؟ 26 وَهَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جِهَارًا وَلاَ يَقُولُونَ لَهُ شَيْئًا! أَلَعَلَّ الرُّؤَسَاءَ عَرَفُوا يَقِينًا أَنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ حَقًّا؟ 27 وَلكِنَّ هذَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَمَتَى جَاءَ لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنْ أَيْنَ هُوَ». 28 فَنَادَى يَسُوعُ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ قِائِلًا: «تَعْرِفُونَنِي وَتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا، وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ، بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌ، الَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 29 أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ، وَهُوَ أَرْسَلَنِي». 30 فَطَلَبُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ، وَلَمْ يُلْقِ أَحَدٌ يَدًا عَلَيْهِ، لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ. 31 فَآمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ، وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ الْمَسِيحَ مَتَى جَاءَ يَعْمَلُ آيَاتٍ أَكْثَرَ مِنْ هذِهِ الَّتِي عَمِلَهَا هذَا؟».

 

ع25-27: "أهل أورشليم": أي أهل المدينة، وليس اليهود الوافدين إليها. وهم أكثر علما والتصاقا بالرؤساء، ويعرفون ما يضمرونه لشخص المسيح. ووقع أهل أورشليم في حيرة للأسباب التالية:

(1) أن المسيح يتكلم ويعلّم جهرا، ولم يقاطعه أو يمنعه أحد من الرؤساء (الكهنة والفريسيين).

(2) لعل السبب كان أن الرؤساء أنفسهم آمنوا أنه هو المسيح، ولهذا لم يعارضوه أو يقاوموه، وهم الذين قد قرروا قتله قبلا.

(3) ولكن، أكثر ما حيرهم، هو تقليد وتعليم خاطئ كان سائدا لمعلمي اليهود، أن المسيح عندما يأتى، لن يعلم أحد من أين يأتى، ولكنه سيظهر بغتة في الهيكل؛ أما هذا، فبالرغم من أعماله ومعجزاته وتعاليمه، إلا أنهم يعلمون منشأه وأسرته وإخوته.

 

ع28-29: "نادى يسوع": أي رفع صوته أكثر عما كان يعلّم به، قائلًا ومجيبا عليهم، بأن ما يعلمونه عنه، هو ما شهد به الأنبياء، أن المسيح يولد في بيت لحم؛ وهذا ما أجاب به الرؤساء على هيردوس عندما سأل: "أين يولد المسيح؟" (مت 2: 4 و5). ولكن السيد لم يكتف بإعلان أن معرفهتم الجسدية له تتماشى مع كونه المسيح، بل أضاف بُعدا لاهوتيا، وهو أن الذي أرسله هو الله الآب - الحق - والذي بسبب حرفيتكم وتقليدكم الخاطئ، ضللتم في معرفته ومعرفة قصده. وبالتالي، معرفتى أما أنا فأعرفه، لأننى منه ومن جوهره ونفس طبعه اللاهوتي الأزلي، وهو الذي أرسلنى (ع29) كما سبق وقلت مرارًا.

 

ع30: استفزهم كلام السيد المسيح في أنهم لا يعرفون الله، وهم المعتبرين أنفسهم شعبه المختار، فحاولوا القبض عليه، ولكن لم يستطع أحد، لأن الله نفسه لم يسمح لهم. وهذا ما أشار إليه القديس يوحنا: "أن ساعته لم تكن قد جاءت بعد".

ومن هذا، نتعلم شيئين:

الأول: خاص بالمسيح، الذي قال إنه صاحب السلطان وحده في أن يضع ذاته ويقيمها؛ وهذا تأكيد لقدرته اللاهوتية وحده.

الثاني: هو درس لنا جميعا، في أنه مهما حاول الأشرار المساس بأبناء الله، فلن يستطيعوا شيئًا إلا ما يسمح به الله.. ولهذا فنحن نصلي، في صلاة الشكر وقانون الإيمان، منادين إلهنا حامى كنيسته "ضابط الكل"، وهي صفة تشيع في نفس الشعب الطمأنينة والاستقرار، لأن كل الأمور في يد الله محب البشر.

 

ع31: "آمن كثيرون من الجمع": أي البسطاء، وليس رؤساء اليهود، وعبّروا عن إيمانهم بسؤال استنكارى بسيط، موجه للرؤساء رافضى الرب يسوع، وهو: "هل إذا جاء المسيح، كما تقولون، سيأتي بمعجزات وعجائب أعظم مما صنع الذي نراه بأعيننا الآن؟!"

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Bible verse in Arabic, If anyone thirsts, let him come to Me and drink (John 7:37). صورة في موقع الأنبا تكلا: آية: "إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب" (إنجيل يوحنا 7: 37).

St-Takla.org Image: Bible verse in Arabic, If anyone thirsts, let him come to Me and drink (John 7:37).

صورة في موقع الأنبا تكلا: آية: "إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب" (إنجيل يوحنا 7: 37).

(4) المسيح ينبئ بصعوده وفاعلية الروح القدس (ع 32-44):

32 سَمِعَ الْفَرِّيسِيُّونَ الْجَمْعَ يَتَنَاجَوْنَ بِهذَا مِنْ نَحْوِهِ، فَأَرْسَلَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ خُدَّامًا لِيُمْسِكُوهُ. 33 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا يَسِيرًا بَعْدُ، ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. 34 سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا». 35 فَقَالَ الْيَهُودُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «إِلَى أَيْنَ هذَا مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ حَتَّى لاَ نَجِدَهُ نَحْنُ؟ أَلَعَلَّهُ مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى شَتَاتِ الْيُونَانِيِّينَ وَيُعَلِّمَ الْيُونَانِيِّينَ؟ 36 مَا هذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَ: سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟». 37 وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلًا: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. 38 مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». 39 قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ. 40 فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هذَا الْكَلاَمَ قَالُوا: «هذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ». 41 آخَرُونَ قَالُوا: «هذَا هُوَ الْمَسِيحُ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «أَلَعَلَّ الْمَسِيحَ مِنَ الْجَلِيلِ يَأْتِي؟ 42 أَلَمْ يَقُلِ الْكِتَابُ إِنَّهُ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ، وَمِنْ بَيْتِ لَحْمٍ، الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَ دَاوُدُ فِيهَا، يَأْتِي الْمَسِيحُ؟» 43 فَحَدَثَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَمْعِ لِسَبَبِهِ. 44 وَكَانَ قَوْمٌ مِنْهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ، وَلكِنْ لَمْ يُلْقِ أَحَدٌ عَلَيْهِ الأَيَادِيَ.

 

ع32: سمع الفريسيون بإيمان الجمع أنه المسيح، فأرسلوا خدامهم ليقبضوا عليه. والفرق بين هذه المرة والتي قبلها، أنه في المرة الأولى, كان أفراد من الشعب هم الذين أرادوا أن يمسكوا المسيح؛ أما هذه المرة، فهم خدام مكلفون - بقوة القانون - من قِبَلِ رؤساء الكهنة والفريسيين، الذين يكوّنون معا مجمع "السنهدريم" في أورشليم، الذي يتكون من سبعين من كبار شيوخها رؤساء اليهود، لذا يسمى أيضًا مجلس السبعين، وهو المجلس الأعلى وتتبعه كل المجالس الفرعية. كما أنه أكبر سلطة يهودية تأخذ القرارات في أمور اليهود الدينية، وكان كثير من الكتبة أيضًا أعضاء في هذا المجمع؛ وهو أعلى سلطان مدنى لليهود بعد الدولة الرومانية.

 

ع33-34: يشير السيد المسيح في إجابته إلى الزمن القصير المتبقى لخدمته على الأرض، وهو نحو ستة أشهر، من عيد المظال إلى الفصح، وبعدها يصلب ويموت، ويقوم، ويصعد؛ فلا يعودوا يجدونه، لأنه سيكون في حضن أبيه، وهو المكان الذي نزل منه (ص 1: 18).

"ستطلبوننى ولا تجدوننى": هو أيضًا ما قاله الرب في (لو 17: 22) "ستأتي أيام فيها تشتهون أن تروا يوما من أيام ابن الإنسان"، ويعنى أن من يرفضونه الآن، هم أنفسهم من سيندمون على ذهابه وفراقه، بعد أن يعلن مجد ذاته بقيامته وصعوده.

"حيث أكون أنا": أي وأنا في كل مجدى، وفي حضن أبى؛ لن يستطيع كل من رفض ابن الإنسان، ولم يؤمن به، أن يدخل إلى الأقداس، ويتنعّم معه بالحياة الأبدية هناك، والتي أعطيت فقط لكل من آمن به وعمل بكلامه. والكلام في كل معناه، إنه بالرغم من تكليف الخدام بقوة القانون بالقبض على المسيح، إلا أنه وحده صاحب السلطان في تحديد هذا الوقت كما سبق في (ع30).

 

ع35-36: إضافة لمشهد متكرر في إنجيل القديس يوحنا بالذات، وهو أن ما يعنيه السيد المسيح، يفهمه الشعب بصورة أخرى... فكل ما جاء في (ع33، 34)، ترجمه بعض الحاضرين أن المسيح، بسبب عدم نجاحه في إقناع اليهود بأنه هو المسيح، ربما يذهب إلى اليونان ويعلّم يهود الشتات، أي اليهود المتفرقين والساكنين بلاد اليونان، محاولا اجتذابهم، وجعلهم يؤمنون به.

 

ع36: يوضح المشاعر الداخلية لليهود، والتي تحمل الاستخفاف وعدم الفهم أكثر من أي شيء آخر.

 

ع37: "اليوم الأخير": هو اليوم الثامن (في عيد المظال) وأعظمها، لكثرة المحتفلين، وأنه يوم اعتكاف لا يُعمل فيه عملا. وكان هناك طقسا مصاحبا لهذا العيد، لا بُد من الإشارة اليه، لعلاقته بما سوف يقوله السيد المسيح في هذه الآيه... كان هذا الطقس، هو أن رئيس الكهنة يذهب لمدة 7 أيام ويملأ جرة ذهبية من ماء بركة سلوام، ويصبها على مذبح النحاس، وأثناء ذلك، يسبح الشعب كله كل النبوات المتعلقة بالمياه، تذكارا لخروج الماء من الصخرة في البرية، وخلاص كل الشعب... طوال السبعة أيام، النفوس مرتبطة بالصخرة وبالماء كرمز للحياة... وهنا، جاء كلام المسيح في اليوم الثامن عن الماء الروحي، وبوصفه لنفسه أنه هو الصخرة الحقيقية، عوضا عن الرمز في البرية، مناديا وداعيا الجميع أن يأتوا ويشربوا منه، فتكون لهم الحياة الحقيقية. وهذا ما أعلنه أيضًا السيد في سفر الرؤيا، عندما قال: "من يعطش فليأت، ومن يرِد فليأخذ ماء حياة مجانا" (رؤ 22: 17).

نعم أيها الحبيب... أنت مصدر الارتواء الوحيد، فكل مغريات العالم هي سراب، ولكنك النبع الوحيد الحقيقي، كما قال عنك إشعياء: "كنبع مياه لا تنقطع مياهه" (إش 58: 11).

فأنت الخالق... وبالتالي، أنت العارف باحتياجات النفس التي خلقتها، والقادر على إشباعها، وكل ما هو عداك هو باطل، ولهث وراء شهوات لا تترك سوى جفاف... فاروني يا نبع الحب بماء حبك، واجعلني أنمو في نعمتك العاملة فيَّ، مجددا عهود معموديتى يا ماء الحياة.

 

ع38-39: يعود السيد ويؤكد أن مصدر كل عطية ونعمة وهبة، هو الإيمان به، وهذا ما التزم القديس يوحنا بإبرازه في بشارته كلها. وهبة الإيمان في هذه المرة، هي عمل المسيح بالروح القدس في النفس التي تؤمن به، فيكون لها ثمر حياة، ووفرة في المواهب الروحية؛ فالمسيح هو النبع، والنفس التي تتبعه تأخذ منه، فيصير نبع المسيح فيها تيارا لا يتوقف... (راجع يو 4: 14) في حديثه مع المرأة السامرية...

وفي (ع39)، يربط القديس يوحنا بين الإيمان بالمسيح وقبول عطية الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسم المسيح لكل من آمن به. كما يشير هنا إلى أحداث مستقبلية عاشها هو أيضًا بنفسه، وهي أن الروح القدس لن يحل على المؤمنين، إلا بعد موت المسيح وقيامته وصعوده في المجد.

يلاحظ أنه عندما تتحدث الكنيسة عن الإيمان، فهي تعني إيمانا عمليا، وليس إيمانا نظريا كإيمان الكتبة والفريسين، أو حتى إيمان الشياطين (يع 2: 19)، بل كما قال السيد: كل من يؤمن بي ويعمل بوصاياي...

 

ع40-43: تباينت آراء المستمعين إلى 3 آراء:

المجموعة الأولى: رأت أنه النبي العظيم الذي أنبأ عنه موسى في (تث 18: 15)، ولكن انتظره اليهود من أجل الخلاص السياسى من الرومان، وبعد فترة طويلة خلت فيها الساحة من الأنبياء العظماء، ولم يفهموا أنه المخلص من الخطية.

والمجموعة الثانية: رأت أنه هو المسيح، وذلك من خلال معجزاته وأمثاله وأحاديثه الروحية، والتي لم تشابه أحاديث كل المعلمين أو الكتبة والفريسين ..

أما المجموعة الثالثة: فقد أنكرت هذا، وعللت إنكارها بأن يسوع، معلوما لديهم إنه من الناصرة، والمفترض أن يكون من بيت لحم كما في الكتب. ولو كانت هذه المجموعة تتبعت بدقة، لعلمت أن المسيح ولد فعلا في بيت لحم (مت 2: 1-6؛ راجع أيضًا مي 5: 2)، وإن كانت نشأته في الناصرة وجليل الأمم.

إلهنا الأعظم... كثيرًا ما ننزلق، وندخل في مباحثات ومتاهات في ظاهرها أنها كلها حولك، ولكن هذا الانزلاق يأخذنا بعيدا عنك، بالرغم من أنك إله البسطاء، ولا زالت عطاياك وهباتك كما هى. فلا تدعنا ننشغل بما يبعدنا عن الحياة معك، فنحن جميعا كأرض يابسة في اشتياق إلى نبع مائك الحي، وعطية روحك القدوس، حتى تزدهر حياتنا بك، وتنمو في روحك.

 

ع44: أما القوم الذين كانوا يريدون إلقاء القبض عليه، فهم خدام رؤساء الكهنة (ع32)، وسيأتي الحديث عنهم.

St-Takla.org Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(5) رؤساء اليهود يرفضون المسيح (45-53):

45 فَجَاءَ الْخُدَّامُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ. فَقَالَ هؤُلاَءِ لَهُمْ: «لِمَاذَا لَمْ تَأْتُوا بِهِ؟» 46 أَجَابَ الْخُدَّامُ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ هكَذَا مِثْلَ هذَا الإِنْسَانِ!». 47 فَأَجَابَهُمُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا قَدْ ضَلَلْتُمْ؟ 48 أَلَعَلَّ أَحَدًا مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَوْ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ آمَنَ بِهِ؟ 49 وَلكِنَّ هذَا الشَّعْبَ الَّذِي لاَ يَفْهَمُ النَّامُوسَ هُوَ مَلْعُونٌ». 50 قَالَ لَهُمْ نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ لَيْلًا، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: 51 «أَلَعَلَّ نَامُوسَنَا يَدِينُ إِنْسَانًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَوَّلًا وَيَعْرِفْ مَاذَا فَعَلَ؟» 52 أَجَابُوا وَقَالوُا لَهُ: «أَلَعَلَّكَ أَنْتَ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ؟ فَتِّشْ وَانْظُرْ! إِنَّهُ لَمْ يَقُمْ نَبِيٌّ مِنَ الْجَلِيلِ». 53 فَمَضَى كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ.

 

ع45-47: عاد الخدام المكلفون من السنهدريم (راجع ع32)، دون القبض على المسيح، للأسباب التالية:

(1) تأثرهم الشخصى بتعاليم المسيح التي لم يروا لها نظيرًا.

(2) انحياز معظم الشعب لجانب المسيح، سواء باعتباره النبي أو المسيح المنتظر. والشهادة التي نقلها هؤلاء الخدام، هي شهادة حقيقية عما رأوه، وفحواها أنه، لولا خوفهم من سلطان الرؤساء، لقالوا أيضًا إنه المسيح. وهذا نستنتجه من خلاصة شهادتهم: "كلام ليس لإنسان"، أي أنه ليس إنسانا. وكان هذا الرد الأمين، والشهادة القوية، استفزازا لرؤساء اليهود، الذين بلغ غيظهم مداه، حيث اتهموا الخدام بضلالتهم.

 

ع48-49: الكلام هنا على لسان مجلس الكهنة والفريسيين - الرؤساء - وهو سؤال استنكارى تهكمى، بعد استماعهم لإجابة الخدام المخزية، والغير متوقعة، ومعناه إنه لم يعد ينقص شيء سوى أن يؤمن أحدنا أيضًا بهذا المضل. وكنوع لتبرير ما حدث، ألقوا باللوم على هذا الشعب، بأنه شعب جاهل، ليست له معرفة بالناموس، شعب يسهل خداعه. والقديس يوحنا يكشف لنا قسوة قلب من ادعوا أنفسهم رعاة ومعلمين، عندما وصفوا شعبهم ورعيتهم بأنهم شعب ملعون.

 

ع50-51: والكلام لـ "نيقوديموس"، الذي سبق وقدمه لنا القديس يوحنا، في (يو 3)، في الحوار الليلى مع المسيح عن المعمودية، والذي أقر في حديثه: "نعلم أنك قد أتيت من الله معلما" (ص 3: 2). ونيقوديموس جمع بين الإيمان بالمسيح، والخوف أيضًا من باقي الرؤساء. ولهذا، نجده، في (ع51)، يحاول الدفاع عن المسيح، وتقليل روح الثورة لدى باقي الفريسيين ورؤساء الكهنة، بالتماس حق شرعى بقوة الناموس لصالح المسيح، وهذا الحق هو أن الناموس يقضى بعدم الحكم على إنسان دون محاكمة، أى، بلغة القانون، إن المسيح برئ إلى أن تثبت إدانته.

 

ع52: كانت إجابة الفريسيين على نيقوديموس، تهربا من إجابتهم الواجبة على ما قاله، وبنوع من التهكم عليه -خارجًا عن موضوعية الحوار- فإنهم كانوا يعلمون أنه ليس من الجليل. وهذا الاتهام التهكمى معناه: لماذا تحابى هذا الإنسان وكأنك من مسقط رأسه؟ في محاولة لإسكاته، وتبرير موقفهم، إذ قالوا له: لم يذكر أبدا أن هناك نبيا خرج من الجليل..

ويلاحظ أن حتى هذا الدليل خاطئ، فيونان النبي كان من الجليل، وكذلك ينتسب كل من هوشع وناحوم وإيليا وأليشع.

 

ع53: نهاية الأمر ونهاية عيد المظال، أن كل مضى إلى بيته بمشاعر الغيظ والعجز، لتجمع الشعب حول المسيح، وعدم طاعة الخدام في القبض عليه. وبهذا، تمم الله قصده بعدم القبض عليه، إذ لم تأت ساعته بعد.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إنجيل يوحنا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/john/chapter-07.html

تقصير الرابط:
tak.la/fx9xzp6