St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   31-Sefr-Hazkyal
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

حزقيال 46 - تفسير سفر حزقيال

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب حزقيال:
تفسير سفر حزقيال: مقدمة سفر حزقيال | حزقيال 1 | حزقيال 2 | حزقيال 3 | حزقيال 4 | حزقيال 5 | حزقيال 6 | حزقيال 7 | حزقيال 8 | حزقيال 9 | حزقيال 10 | حزقيال 11 | حزقيال 12 | حزقيال 13 | حزقيال 14 | حزقيال 15 | حزقيال 16 | حزقيال 17 | حزقيال 18 | حزقيال 19 | حزقيال 20 | حزقيال 21 | حزقيال 22 | حزقيال 23 | حزقيال 24 | حزقيال 25 | حزقيال 26 | حزقيال 27 | حزقيال 28 | حزقيال 29 | حزقيال 30 | حزقيال 31 | حزقيال 32 | حزقيال 33 | حزقيال 34 | حزقيال 35 | حزقيال 36 | حزقيال 37 | حزقيال 38 | حزقيال 39 | حزقيال 40 | حزقيال 41 | حزقيال 42 | حزقيال 43 | حزقيال 44 | حزقيال 45 | حزقيال 46 | حزقيال 47 | حزقيال 48 | يا ابن آدم

نص سفر حزقيال: حزقيال 1 | حزقيال 2 | حزقيال 3 | حزقيال 4 | حزقيال 5 | حزقيال 6 | حزقيال 7 | حزقيال 8 | حزقيال 9 | حزقيال 10 | حزقيال 11 | حزقيال 12 | حزقيال 13 | حزقيال 14 | حزقيال 15 | حزقيال 16 | حزقيال 17 | حزقيال 18 | حزقيال 19 | حزقيال 20 | حزقيال 21 | حزقيال 22 | حزقيال 23 | حزقيال 24 | حزقيال 25 | حزقيال 26 | حزقيال 27 | حزقيال 28 | حزقيال 29 | حزقيال 30 | حزقيال 31 | حزقيال 32 | حزقيال 33 | حزقيال 34 | حزقيال 35 | حزقيال 36 | حزقيال 37 | حزقيال 38 | حزقيال 39 | حزقيال 40 | حزقيال 41 | حزقيال 42 | حزقيال 43 | حزقيال 44 | حزقيال 45 | حزقيال 46 | حزقيال 47 | حزقيال 48 | حزقيال كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الشرائع الموجودة هنا لم ينفذوها بعد عودتهم من السبي بل إتبعوا شريعة موسى. ونظروا لهذه الشرائع وهذا الهيكل على أنها أشياء سرية وليست حرفية وهي للأجيال القادمة

 

آية (1):- "« هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: بَابُ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ الْمُتَّجِهُ لِلْمَشْرِقِ يَكُونُ مُغْلَقًا سِتَّةَ أَيَّامِ الْعَمَلِ، وَفِي السَّبْتِ يُفْتَحُ. وَأَيْضًا فِي يَوْمِ رَأْسِ الشَّهْرِ يُفْتَحُ. "

هذا الباب الشرقي الذي للدار الداخلية خاص بالملك المسيح (آية2). لاحظ أن الباب الذي ذكر في (حز44: 1) هو الباب الخارجي. أما المذكور هنا فهو الباب الداخلي. فالباب الخارجي دخل منه المسيح مرة بتجسده. وبعدها يكون مغلقًا وهذا كان إشارة للعذراء الدائمة البتولية. أما هذا الباب الداخلي فلا يفتح إلا في السبت فهذا يشير للراحة، فالله خلق العالم في ستة أيام وإستراح في اليوم السابع (السبت). وقطعا الله لا يتعب من العمل والخلقة، ولكن الله كان حزينا على هلاك الإنسان الذي أحبه فخلقه. وإستراح الله إذ تم الفداء وعاد الإنسان لحضن الله، وإستراح الإنسان وصار له رجاء بعد أن تم الصلح بالصليب (2كو5: 19). وقال الله "هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" (مت 3: 17؛ 17: 5؛ 2 بط 1: 17). فالراحة التي إستراحها الله هي أيضا كانت راحة للإنسان، هي الراحة التي كانت في منتصف اليوم السابع للخليقة، اليوم الذي نحيا فيه الآن. ورمز الراحة التي يعطيها لنا الله هو السبت. ففي السبت إستراح الله، وإستراح الإنسان. إذًا هذا الباب يشير لصليب وقيامة المسيح شمس البر وعمله الكفاري.

أما رأس الشهر القمري فهو يشير للعناية الإلهية، فالقمر في دورته يحدد فصول متكررة. وفي مراقبتنا لدورة القمر علينا أن لا ننسى أعمال الله وعنايته ونشكره عليها. والقمر أيضًا يشير للكنيسة التي تعكس نور المسيح شمس البر، والاحتفال بعيد رأس الشهر يشير لاحتفال الكنيسة بلبسها الإنسان الجديد المسيح شمس البر، وتركها العتيق بالمعمودية التي تستمد قوتها من الصليب (رو6). وكان رأس الشهر يوما مقدسا (عد10: 10 + عد28: 11 + مز81: 3 + إش66: 23 + هو2: 11 + عا8: 3 + كو2: 16). وواضح الآن أن من محبة الله للإنسان أنه خلقه ليفرح في جنة أعدها الله له، وكان آدم في الجنة يحيا في فرح وهو يتبادل المحبة مع الله، وكان لآدم صورة منيرة مجيدة إذ كان يرى الله ولكنه خسر هذه الصورة إذ سقط، وبعد أن سقط كان من عناية الله أنه بذل ابنه الوحيد ليعيد لآدم صورة المجد هذه، ويصير الإنسان مرة أخرى كالقمر يعكس نور المسيح شمس البر (نش6: 10). . كان رأس الشهر عند اليهود يشير لأعمال العناية الإلهية المتجددة، أما بالنسبة للكنيسة فهو يشير إلى فرحة الله، وأيضًا فرحة الكنيسة برجوع شعب الله لصورة المجد التي أرادها الله للإنسان فالقمر يعكس نور الشمس، وبالمسيح النور الحقيقي صارت الكنيسة نور للعالم.

إذًا الباب الداخلي يشير للصليب والقيامة والعمل الكفاري، وبه بدأنا بداية جديدة، بداية الصلح مع الله والراحة ورجاء المجد. هذا الباب كان مغلقا ستة أيام العمل = طوال مدة أيام الخليقة الستة (تك1). وفُتِحَ بالصليب في منتصف اليوم السابع. وهذه الذبيحة الكفارية هي عمل المسيح وحده ولذلك فمن هذا الباب لا يدخل أحد سواه (آية 8). هذه تساوي [قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مَعِي] (إش63: 3).

 

آية (2):- "وَيَدْخُلُ الرَّئِيسُ مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ مِنْ خَارِجٍ وَيَقِفُ عِنْدَ قَائِمَةِ الْبَابِ، وَتَعْمَلُ الْكَهَنَةُ مُحْرَقَتَهُ وَذَبَائِحَهُ السَّلاَمِيَّةَ، فَيَسْجُدُ عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ ثُمَّ يَخْرُجُ. أَمَّا الْبَابُ فَلاَ يُغْلَقُ إِلَى الْمَسَاءِ."

وذبيحة المسيح كان فيها منتهى الطاعة للآب " أطاع حتى الموت موت الصليب " (في 2: 8). وهذه تساوي تمامًا فيسجد على عتبة الباب = فالسجود هنا هو الطاعة الكاملة. ثم يخرج = أي قيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب. وتعمل الكهنة محرقته = هذا ما صنعه قيافا فقد قدموه محرقة لسلامتنا. وعمل ذبيحته مستمر لنهاية الأيام حتى مجيئه الثاني = أما الباب فلا يغلق إلى المساء.

رِوَاقِ الْبَابِ = الرواق هو صالة متسعة ولها باب. وُاَلـ:رِوَاقِ هو قطعا الشعب اليهودي الذي دخل المسيح منه إلى الحياة الإنسانية بجسده البشري، وعاش وسطهم، وأخرجوه من أورشليم حاملا صليبه، ليصلبوه خارج المحلة، لكنهم إذ فعلوا ذلك خرج وترك لهم بيتهم خرابا، وبهذا نرى معنى آخر لقوله ثم يخرج. فالمسيح مع كونه صعد للسماء فهو ما زال في كنيسته، لكنه لم يعد في وسط الشعب اليهودي.

 

آية (3):- "وَيَسْجُدُ شَعْبُ الأَرْضِ عِنْدَ مَدْخَلِ هذَا الْبَابِ قُدَّامَ الرَّبِّ فِي السُّبُوتِ وَفِي رُؤُوسِ الشُّهُورِ."

وَيَسْجُدُ شَعْبُ الأَرْضِ عِنْدَ مَدْخَلِ هذَا الْبَابِ (وشعب الأرض يسجد عند مدخل هذا الباب) = إيمان العالم بصليب المسيح وعبادتهم التي يقدمونها للمسيح مقدمين له الشكر والحمد والتسبيح على الخلاص والراحة التي قدمها لهم. والله طالب مثل هؤلاء الساجدين (أي العابدين الذين يقدمون ذبائح الشكر والتسبيح) للمسيح الذي قدم ذاته ليعيدهم إلى حضن الآب.

في السبوت = أي في راحتهم التي حققها لهم. وَفِي رُؤُوسِ الشُّهُورِ = وفي بداية الشهور: بداياتهم مع المسيح وعنايته والخليقة الجديدة التي حصلوا عليها، وأنهم قد صار لهم شكل المسيح = "الْبَسُوا.. الْمَسِيحَ" (رو13: 14) وأن [صورة جسد تواضعهم ستتغير إلى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ" (في 3: 21).

 

الآيات (4-7):- "وَالْمُحْرَقَةُ الَّتِي يُقَرِّبُهَا الرَّئِيسُ لِلرَّبِّ فِي يَوْمِ السَّبْتِ: سِتَّةُ حُمْلاَنٍ صَحِيحَةٍ وَكَبْشٌ صَحِيحٌ. وَالتَّقْدِمَةُ إِيفَةٌ لِلْكَبْشِ، وَلِلْحُمْلاَنِ تَقْدِمَةُ عَطِيَّةِ يَدِهِ، وَهِينُ زَيْتٍ لِلإِيفَةِ. وَفِي يَوْمِ رَأْسِ الشَّهْرِ: ثَوْرٌ ابْنُ بَقَرٍ صَحِيحٌ وَسِتَّةُ حُمْلاَنٍ وَكَبْشٌ تَكُونُ صَحِيحَةً. وَيَعْمَلُ تَقْدِمَةً إِيفَةً لِلثَّوْرِ وَإِيفَةً لِلْكَبْشِ. أَمَّا لِلْحُمْلاَنِ فَحَسْبَمَا تَنَالُ يَدُهُ، وَلِلإِيفَةِ هِينُ زَيْتٍ."

هنا نرى كيف إستراح الله وإستراح الإنسان وكيف صار هناك بداية جديدة للكنيسة.

ماذا كانت نتائج الخطية؟ 1) إحزان قلب الله لعدم طاعة الإنسان، 2) موت الإنسان.

وكانت ذبائح المحرقات تقدم لإرضاء الله، وذبائح الخطية تقدم لغفران الخطية حتى لا يهلك الإنسان (راجع تفسير الآيات حز43: 18 – 27 + التفاصيل في سفر اللاويين)

 

الآيات (4، 5):- المحرقة التي يقدمها الرئيس للرب يوم السبت

هذه لإرضاء الله:

ذبيحة المحرقة تشير للطاعة الكاملة، لذلك كان الله يتنسم رائحة الرضا حينما تقدم ذبيحة محرقة (تك8: 21 + لا1: 4 ، 9). فالمسيح أطاع حتى الموت، موت الصليب (في 2: 8). ونحن نُحسب كاملين وبالتالي طائعين في المسيح. وهذه هي الصورة التي أرادها الله للإنسان منذ البدء – محبة متبادلة بين الله والإنسان المخلوق على صورته. وعلامة محبة الله عطاياه وكان المفروض أن تكون علامة محبة الإنسان لله ثقته في الله وطاعته. وهذا لم يحدث. وها نحن نعود طائعين في المسيح (1كو15: 28). وهذا سبب فرح الله ورضاه، وهذا معنى تنسم الله رائحة الرضا. فالله فرح إذ رأى في محرقة ابنه على الصليب رجوع الإنسان إليه طائعًا له واثقا فيه.

ستة حملان صحيحة = المسيح الرئيس قَدَّمَ نفسه ذبيحة محرقة بالنيابة عن الإنسان ليَرضَى الله عن الإنسان (6 رقم رمزي للإنسان الذي خُلِق وسقط ومات في اليوم السادس). وكيف يرضى الله ويفرح؟ الله يفرح بعودة البشر إلى حضنه. فقوله ستة حملان صحيحة المقصود بها الإنسان الذي عاد إلى حضن الله في المسيح (نحن نُحسَب كاملين في المسيح كو1: 28 وهذا معنى قوله صحيحة). وستة حملان تحمل أيضًا معنى أن المسيح قدمنا للآب كحملان على صورته ونحن نقبل هذا برضا وطاعة أن نقدم أنفسنا ذبيحة محرقة وهذا يفرح قلب الله.

كبش صحيح = الكبش كان يقدم كذبيحة إثم، وهكذا قدم المسيح نفسه ذبيحة إثم (إش53: 10) لتغفر خطايا البشر ويحدث الصلح بين الله وبين الإنسان .

إيفة للكبش = الإيفة هي معيار للدقيق، والدقيق يرمز لحياة المسيح التي أعطاها للبشر عطية منه = عطية يده ، لنحيا بها حياة أبدية. (راجع لا 2). فالمسيح بذبيحة الصليب يُقدِّم للآب البشر كحملان (على صورة المسيح الحمل الوديع)، ثابتين فيه (مغفوري الخطايا بدمه)، أحياء (بحياته المقامة من بين الأموات).

وهين زيت للإيفة = الزيت إشارة للروح القدس الذي يثبت حياة المسيح فينا لنظل أحياء (2كو1: 21، 22). وسنجد الزيت ملازما تقدمة الدقيق، ففي سر الإفخارستيا يحول الروح القدس الخبز إلى جسد المسيح ليحيا به كل من يأكل منه.

 

الآيات (6، 7):- تقدمة يوم رأس الشهر

هذه ذبيحة الخطية لغفران خطايا الإنسان فلا يموت:

بل يحدث التصالح بين الله والإنسان " لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ ٱللهِ بِمَوْتِ ٱبْنِهِ" (رو5: 10) وتبدأ البداية الجديدة لعلاقة الله والإنسان التي يعبر عنها برأس الشهر.

ثور ابن بقر صحيح = كان الثور يُقدَّم ذبيحة خطية إذا أخطأت الجماعة كلها، والمسيح ابن الإنسان مات كذبيحة خطية عن كل البشر (لكن لمن يؤمن).

وكبش = هناك فرق بين ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم، فذبيحة الخطية تقدم عن الخطية الجدية أو الأصلية (النفس المتمردة على وصايا الله التي ورثناها عن أبوينا). أما ذبيحة الإثم فتقدم عن الخطايا التي نصنعها والناتجة عن الخطية الجدية. والمسيح حمل الكل.

يُعْطَى لمغفرة الخطايا (القداس).

فَحَسْبَمَا تَنَالُ يَدُهُ = الحياة الأبدية هي عطية من المسيح لنا، والله يعطي بسخاء ولا يُعيِّر، فهو " يُعْطَى لغفران الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه " .

إيفة للثور وإيفة للكبش هما حياة المسيح قدمها لنا

وحياة أبدية لكل من يتناول منه (القداس)

 

آية (8):- "«وَعِنْدَ دُخُولِ الرَّئِيسِ يَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ يَخْرُجُ.

يفسر هذه الآية الآيات التالية:-

" وأيضًا متى أدخل البكر إلى العالم..." (عب1: 6).

" آمنتم إني من عند الله خرجت. خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضًا أترك العالم وأذهب إلى الآب " (يو16: 27، 28).

كيف يتم موت ابن الله بالجسد ليتم كل هذا؟ كان ينبغي أولا أن يأخذ المسيح جسدا ليموت به. وأخذ المسيح جسده من العذراء مريم التي من شعب اليهود.

فالمسيح خرج من عند الله وأتى إلى العالم وعاش في وسط اليهود. وَاَلـ:رِوَاقِ هو ما قبل الباب = فإذا كان الباب هو الصليب، فالرواق يكون هو حياة المسيح بالجسد في هذا العالم وسط شعب اليهود. وصلب المسيح وقام ليترك هذا العالم ويعود إلى الآب.

ومن طريقه يخرج = لقد خرج المسيح أيضًا من أورشليم تاركا أورشليم وشعبها الذي صلبه لمصيره، ولم يعد بعدها شعب اليهود شعبا لله، لقد فارقهم الله بعد أن صلبوا ابنه، فصاروا بلا حماية فدمرهم الرومان سنة 70 م. وهذا نفس ما حدث حين فارق مجد الرب الهيكل فدمره البابليون سنة 586 ق.م. (راجع حزقيال إصحاحات 8-11) .

 

آية (9):- "وَعِنْدَ دُخُولِ شَعْبِ الأَرْضِ قُدَّامَ الرَّبِّ فِي الْمَوَاسِمِ، فَالدَّاخِلُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ لِيَسْجُدَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الْجَنُوبِ، وَالدَّاخِلُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الْجَنُوبِ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ. لاَ يَرْجعُ مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ، بَلْ يَخْرُجُ مُقَابِلَهُ."

رأينا أننا بدأنا بداية جديدة بالمسيح، ومن يبدأ هذه الحياة إما أن ينمو ويدخل إلى العمق، أو يرفضها تاركا إياها عائدا لحياة ملذات الجسد.

في الآية السابقة رأينا المسيح يدخل العالم ليُصلب، ويقوم ليخرج من العالم ذاهبا إلى الآب. أما نحن إذا قبلنا ودخلنا طريق حمل الصليب نخرج من العالم حاسبين إياه نفاية (في 3: 9) لنحيا مع الله متغربين عن العالم. والإنسان قبل الصليب كان يعيش في الخطية مستمتعا بملذاتها وفي برودة روحية (والبرودة يعبِّر عنها الكتاب بالشمال، فالشمال تأتي منه الرياح الباردة) ، فإذا عاش هذا الإنسان مع المسيح حاملا صليبه، ثابتا في المسيح، وتملأ قلبه تعزيات المسيح، يلتهب قلبه بمحبة المسيح في حرارة الروح (والحرارة يُعبِّر عنها الكتاب بالجنوب وهذا تأتي منه الرياح الساخنة) . ومن يحيا في حرارة الروح يخرج إلى حقل الخدمة فَالدَّاخِلُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ (حيث البرودة الروحية) لِيَسْجُدَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الْجَنُوبِ (حيث الحرارة الروحية) ليخدم المسيح باحثا عن كل نفس مات المسيح لأجلها " من يضعف وأنا لا أضعف، ومن يعثر وأنا لا ألتهب " (2كو11: 29). وراجع سفر النشيد إصحاحات (7، 8). أما من يرتد بعد أن تذوق حرارة الروح فهو كان في الجنوب حارا بالروح، وإذ قرر الارتداد يعود إلى برودته الروحية = يخرج من طريق باب الشمال فيهلك هذا الإنسان (عب6: 4-6 + رؤ3: 16).

الدَّاخِلُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الْجَنُوبِ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ. لاَ يَرْجعُ مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ، بَلْ يَخْرُجُ مُقَابِلَهُ = الداخل من بوابة يخرج من أخرى = من قَبِلَ شركة الصليب مع المسيح ويتذوق لذة تعزيات المسيح " شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني" (نش2: 6)، فمع طول مدة هذه الشركة المباركة مع المسيح يزداد الإنسان ثباتا في المسيح ويمتلئ بالروح ويزداد حرارة. بل أن شركة الصليب تجدد الداخل وتعطي إختبار أعماق جديدة في العلاقة مع الله "لِذَلِكَ لَا نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا ٱلْخَارِجُ يَفْنَى، فَٱلدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا" (2كو4: 16). ولنرى أمثلة على ذلك:- القديس يوحنا الحبيب رأى رؤياه وهو منفى في جزيرة بطمس بعد أن ألقوه في الزيت المغلي وأنقذه الله من الموت. وبولس الرسول رأى السماء الثالثة وهو يتألم من شوكة في الجسد بل كان يقمع جسده ويستعبده بالإضافة لكل آلام الخدمة.

إرمياء النبي قال له الله في بداية خدمته "ها قد جعلت كلامي في فمك " وبعد أن حمل صليب الإضطهاد من الجميع سمع قول الله "مثل فمي تكون " (إر1: 9 + 15: 19).

 

آية (10):- "وَالرَّئِيسُ فِي وَسْطِهِمْ يَدْخُلُ عِنْدَ دُخُولِهِمْ، وَعِنْدَ خُرُوجِهِمْ يَخْرُجُونَ مَعًا.

هذا هو سر فرحنا الدائم المسيح الرئيس في وسطنا (الرَّئِيسُ فِي وَسْطِهِمْ) في عبادتنا وهذه = "حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" (مت18: 20) [راجع أيضًا مت 28: 20]. ولاحظ قوله يدخل عند دخولهم = فإذا كان الباب هو قبول الصليب، إذًا إذا قرَّر أحدنا قبول الصليب في حياته فالمسيح لن يتركه، بل هو سيحمل معه الصليب إلى أن تنتهي رحلة حياته. وعند مفارقتنا لهذه الحياة فالمسيح الثابت فينا يخرج معنا = وعند خروجهم يخرجون معا أي يستمر ثابتًا فينا ليدخلنا إلى راحة الفردوس انتظارًا لدخول المجد. من يقبل أن يدخل مع المسيح في شركة الألم والصليب لا يعود المسيح يتركه بل يثبت فيه. ولعل قوله يخرجون معا = هو إشارة لساعة موتنا بالجسد، فإذا كنا متحدين به يظل ثابتا فينا وتفارق أرواحنا أجسادنا، لكن حياة المسيح لا تفارق أرواحنا ، فنموت جسديا لكن نظل أحياء روحيًّا.

 

آية (11):- "وَفِي الأَعْيَادِ وَفِي الْمَوَاسِمِ تَكُونُ التَّقْدِمَةُ إِيفَةً لِلثَّوْرِ وَإِيفَةً لِلْكَبْشِ. وَلِلْحُمْلاَنِ عَطِيَّةُ يَدِهِ، وَلِلإِيفَةِ هِينُ زَيْتٍ. "

الأعياد والمواسم تكون أيام فرح فتكون:

النتيجة الأولى للصليب الفرح نتيجة للصلح مع الله

فيما سبق رأينا أن المسيح بذبيحة صليبه قد أرضَى الآب، وحمل كل خطايانا، وصرنا شركاء صليبه، ونحن ثابتين فيه وهو ثابت فينا، وأعطانا عطية يده حياة أبدية هي حياته المقامة من الأموات = إيفة . والمقصود بالإيفة مكيال من الدقيق. وتقدمة الدقيق تشير لحياة المسيح التي نحيا بها (غل2: 20) وراجع (لا2).

وسر هذا الفرح هو 1) الصلح مع الله، ولنلاحظ أن الله حين يفرح نفرح معه. 2) المسيح في وسطنا دائما وهذا بحسب الآية (10) السابقة، وأيضًا فهذا بحسب وعده [إذا إجتمع اثنين أو ثلاثة باسمي فأنا أكون في وسطهم] (مت 18: 20).3) ذبيحة الإفخارستيا في وسطنا على المذبح كل يوم.

هين زيت = الروح القدس هو الذي يحول الخبز في سر الإفخارستيا إلى جسد المسيح غفرانا لخطايانا وحياة أبدية لمن يتناول منه. والسيد المسيح أرسل لنا الروح القدس يسكن فينا. فصار هذا لفرحنا، فمن ثمار الروح القدس الفرح (غل5: 22).

ولاحظ أنه لم يتكلم عن ذبائح في هذه الآية بل عن نتائج الذبيحة أي نتائج صليب المسيح أي التقدمات عطية يده . فالله يريد أن يتكلم هنا عن أن الفرح هو إرادته تجاه البشر، فالله خلق الإنسان في جنة عَدْنْ وهي كلمة عبرية עֵדֶן تعني فرح، فلما فقدنا الفرح ها هو الله يعيده لنا وراجع (يو16: 22 + فى4: 4).

 

آية (12):- "وَإِذَا عَمِلَ الرَّئِيسُ نَافِلَةً، مُحْرَقَةً أَوْ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ، نَافِلَةً لِلرَّبِّ، يُفْتَحُ لَهُ الْبَابُ الْمُتَّجِهُ لِلْمَشْرِقِ، فَيَعْمَلُ مُحْرَقَتَهُ وَذَبَائِحَهُ السَّلاَمِيَّةَ كَمَا يَعْمَلُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ ثُمَّ يَخْرُجُ. وَبَعْدَ خُرُوجِهِ يُغْلَقُ الْبَابُ. "

الرئيس يقدم نافلة

النتيجة الثانية للصليب فتح باب الفردوس أمام البشر

نافلة = عطية اختيارية. وهذه يقدمها الرئيس. "لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَ.. أَنْ آخُذَهَا" (يو10: 18).

يُفْتَحُ لَهُ الْبَابُ الْمُتَّجِهُ لِلْمَشْرِقِ = والباب الذي يفتح له المتجه للشرق هو باب الفردوس الذي فتحه بعد الصلح الذي تممه الرب بصليبه بعد أن كان مغلقا أمام البشر، فجنة عَدْنْ المفقودة كانت في الشرق. لذلك قال الرب للص اليمين " الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ" (لو 23: 43). هنا لا نسمع عن ذبائح خطية (ثور) أو ذبائح إثم (كبش) إنما عن مُحْرَقَتَهُ وَذَبَائِحَهُ السَّلاَمِيَّةَ = والمحرقة (مُحْرَقَتَهُ) تشير إلى فرح الآب بعودة أبنائه = "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " (مت 3: 17؛ 17: 5؛ 2 بط 1: 17). والذبائح السلامية (وَذَبَائِحَهُ السَّلاَمِيَّةَ) تشير لفرح الإنسان بدخوله إلى الفردوس. فهم كانوا يقدمون ذبائح السلامة حينما يكونون في حالة فرح بخيرات أعطاها لهم الله. ثُمَّ يَخْرُجُ. وَبَعْدَ خُرُوجِهِ يُغْلَقُ الْبَابُ = ربما تعني أن المسيح بعد أن تمم الفداء صعد إلى السموات بجسده البشري الذي صار له نفس مجد لاهوته الأزلي، وأغلق الباب أمام سائر البشر (يُغْلَقُ الْبَابُ) إلى أن يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، يأتي ليأخذنا معه فحيث يكون هو نكون معه (يو14: 3). وقوله ثم يخرج قد يعني أنه كراعٍ صالح مهتم بأمور كنيسته هو دائما سائرا وسطها وساكنا فيها (رؤ2: 1). وقول الكتاب أن الله يخرج من مكانه فهذا يعني أنه يفعل شيئًا لا يحب أن يعمله، كما جاء في (مى1: 3-4) " فإنه هوذا الرب يخرج من مكانه وينزل ويمشي على شوامخ الأرض. فتذوب الجبال تحته... " وتفسير هذا أن الله حين يقال عنه يخرج، فهو يظهر نفسه في تأديباته العظيمة. فمكان الله هو الرحمة والحب، وحين يعاقب ويؤدب فهو يخرج من مكانه. راجع أيضًا (هو15:5). فالله خرج لكي يؤدب " فتذوب الجبال "، ثم رجع لمكانه منتظرًا أن يطلبوه ليظهر لهم محبته ورحمته من مكانه. ويكون معنى يَخْرُجُ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ يُغْلَقُ الْبَابُ أن المسيح الديان بعد أن يُدخل شعبه إلى مجده ويفرح بهم يخرج ليدين الأشرار مغلقا باب السماء أمامهم، وهذا هو ما حدث مع العذارى الجاهلات = " وأغلق الباب " (مت25: 10).

 

الآيات (13-15):- "وَتَعْمَلُ كُلَّ يَوْمٍ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ حَمَلًا حَوْلِيًّا صَحِيحًا. صَبَاحًا صَبَاحًا تَعْمَلُهُ. وَتَعْمَلُ عَلَيْهِ تَقْدِمَةً صَبَاحًا صَبَاحًا سُدْسَ الإِيفَةِ، وَزَيْتًا ثُلُثَ الْهِينِ لِرَشِّ الدَّقِيقِ. تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ، فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً دَائِمَةً. وَيَعْمَلُونَ الْحَمَلَ وَالتَّقْدِمَةَ وَالزَّيْتَ صَبَاحًا صَبَاحًا مُحْرَقَةً دَائِمَةً."

كيف تثبت حياة المسيح فينا ونحن ما زلنا نحيا في هذا العالم المملوء شرًا؟

كان هذا عن طريق الإفخارستيا التي هي امتداد للصليب.

صباحًا صباحًا = فالذبيحة الصباحية في الهيكل كانت رمزا للإفخارستيا.

ملحوظة:- في شريعة موسى كان هناك تقدمة صباحية وتقدمة مسائية. أما في هيكل حزقيال فتقدم ذبيحة صباحية فقط ولا تقدم ذبيحة مسائية. والذبيحة المسائية كانت تشير للصليب، فالمسيح قُدِّمَ ذبيحة على الصليب مساء الجمعة. وكان الصليب في نهاية مساء اليوم السابع للخليقة. فاليوم عند اليهود يبدأ بالمساء ثم الصباح، وهذا كما يقال في سفر التكوين "وكان مساء وكان صباح". وكنيستنا تتبع نفس النظام. أما بعد الصليب فلقد حدث الصلح بين السماء والأرض وبدأ صباح اليوم السابع. فأيام هيكل سليمان كان الشعب في مساء اليوم السابع، ليل إيمانهم (العهد القديم) أو ما يسمى بظل الخيرات العتيدة (كو2: 17). وبعد مجيء المسيح شمس البر صارت الكنيسة في نور دائم هو ما قلنا عليه صباح اليوم السابع فالمسيح حاضر دائمًا في كنيسته (مت 18: 20؛ 28: 20). والكنيسة تصلي صلوات رفع بخور العشية بدلًا من تقديم ذبيحة مسائية. وكان طقس تقديم الذبيحة المسائية أو الصباحية يشمل 1) تقديم حمل كمحرقة. 2) تقديم البخور. والكنيسة لا تقدم ذبائح دموية بعد أن أتى المسيح المرموز إليه، والذي كانت الذبائح الدموية رمزًا له. ولكن تكتفي الكنيسة بصلوات رفع البخور في العشية وباكر. فالكنيسة في القداس تبدأ بسر الإفخارستيا منذ أن كان رمزًا. أما الذبيحة الصباحية فهي تشير لسر الإفخارستيا والتي هي امتداد لذبيحة الصليب. وتقيم الكنيسة القداسات صباحًا.

فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً دَائِمَةً = الإفخارستيا تقدم في الكنيسة حتى نهاية الأيام.

محرقة دائمة = هذه تعبير عن فرح الآب الدائم بوجود أولاده حوله وهم مغفوري الخطايا، ثابتين في الحياة الأبدية.

⅙ الإيفة = كما رأينا أن المسيح كان واحدا (1) من البشر (6) . شابهنا في كل شيء، ومات وقام وأعطانا حياته، حياة أبدية نحيا بها للأبد في أورشليم السمائية حيث مسكن الله مع الناس (رؤ21: 3). وبدم ذبيحته يشفع فينا للأبد شفاعة كفارية فهو يغطينا بدمه ويستر علينا (عب7: 25 + 9: 12 + 10: 12).

⅓ الهين زيت لرش الدقيق = المسيح بدمه بررنا وألبسنا ثيابا بيض غُسِلَت وإبيضت بدمه (رؤ7: 14) . المسيح بدمه بررنا وبلاهوته المتحد بناسوته أعطانا حياة أبدية . ولكننا ما زلنا في العالم نخطئ، ونحتاج لعمل الروح القدس لتطهيرنا وتجديدنا، فالروح القدس يبكتنا ويعيننا ويعيدنا للثبات في المسيح. والزيت هو إشارة للروح القدس الذي يعمل على تطهير حياتنا، وقوله لرش الدقيق = الرش يكون للتطهير " طهرني بالزوفا فأطهر " (مز51: 7) = " تنضح عليَّ بزوفاك فأطهر (سبعينية) " . فكان الكاهن يستخدم بعض من نبات الزوفا ويرش على الشعب بعض قطرات من دم الذبيحة والماء ليتطهروا من خطاياهم ، إذًا الدقيق هنا ليس عن المسيح بل علينا نحن ، فالمسيح بلا خطية ولا يحتاج لمن ينضح عليه ليطهر، أما الروح القدس الأقنوم الواحد (1) من الثلاثة أقانيم (3) = ⅓ هو يحفظ طهارتنا ويجعلنا في السماء ثابتين في المسيح أبديًّا، وفي حالة مجد وفرح أبدي ، وهذا ما سنراه في الآيات التالية (16 – 18) ، وهذا معنى قول الكتاب [لِأَنَّ الْخَرُوفَ يَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ] (رؤ7: 17). ومسح الدموع يعني الفرح الأبدي وعدم تذكر أحزان الماضي على الأرض [وراجع 1بط1: 8]. حوليًّا = ابن سنة .

 

الآيات (16-18):- "«هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنْ أَعْطَى الرَّئِيسُ رَجُلًا مِنْ بَنِيهِ عَطِيَّةً، فَإِرْثُهَا يَكُونُ لِبَنِيهِ. مُلْكُهُمْ هِيَ بِالْوَرَاثَةِ. فَإِنْ أَعْطَى أَحَدًا مِنْ عَبِيدِهِ عَطِيَّةً مِنْ مِيرَاثِهِ فَتَكُونُ لَهُ إِلَى سَنَةِ الْعِتْقِ، ثُمَّ تَرْجعُ لِلرَّئِيسِ. وَلكِنَّ مِيرَاثَهُ يَكُونُ لأَوْلاَدِهِ. وَلاَ يَأْخُذُ الرَّئِيسُ مِنْ مِيرَاثِ الشَّعْبِ طَرْدًا لَهُمْ مِنْ مُلْكِهِمْ. مِنْ مُلْكِهِ يُورِثُ بَنِيهِ، لِكَيْلاَ يُفَرَّقَ شَعْبِي، الرَّجُلُ عَنْ مِلْكِهِ»."

قانون الميراث :- قارن مع " أن كنا أولادًا فإننا ورثة أيضًا ورثة الله ووارثون مع المسيح " (رو8: 16، 17). وهكذا نحن أولاد الله، والله يعطينا ميراثًا من ملكه (18) = فالمسيح [صَارَ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ] (عب 1: 2) أي تمجد بناسوته، ليعطينا أن نتمجد فيه (عب1: 2 + يو17: 5، 22). والأبناء فقط يرثون للأبد (16). ونحن قد صرنا أبناء لله بالمعمودية إذ فيه إتحدنا بالمسيح (رو6). أما العبد فيتمتع ببركات مؤقتة مادية. وهذه البركات تستمر طوال مدة الحياة، فالله كإله لكل البشر يعول كل خليقته وهم على الأرض، ويشرق شمسه على الأبرار والأشرار (مت5: 45) حتى تنتهي حياتهم على الأرض = سنة العتق .

18وَلاَ يَأْخُذُ الرَّئِيسُ مِنْ مِيرَاثِ الشَّعْبِ طَرْدًا لَهُمْ مِنْ مُلْكِهِمْ. = هذا يعني أن ميراثنا السماوي هو ميراث أبدي لا ينزع منا " لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل " (1بط1: 4).

 

الآيات (19-24):- "ثُمَّ أَدْخَلَنِي بِالْمَدْخَلِ الَّذِي بِجَانِبِ الْبَابِ إِلَى مَخَادِعِ الْقُدْسِ الَّتِي لِلْكَهَنَةِ الْمُتَّجِهَةِ لِلشِّمَالِ، وَإِذَا هُنَاكَ مَوْضِعٌ عَلَى الْجَانِبَيْنِ إِلَى الْغَرْبِ. وَقَالَ لِي: «هذَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَطْبُخُ فِيهِ الْكَهَنَةُ ذَبِيحَةَ الإِثْمِ وَذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ، وَحَيْثُ يَخْبِزُونَ التَّقْدِمَةَ، لِئَلاَّ يَخْرُجُوا بِهَا إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ لِيُقَدِّسُوا الشَّعْبَ». ثُمَّ أَخْرَجَنِي إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ وَعَبَّرَنِي عَلَى زَوَايَا الدَّارِ الأَرْبَعِ، فَإِذَا فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنَ الدَّارِ دَارٌ. فِي زَوَايَا الدَّارِ الأَرْبَعِ دُورٌ مُصَوَّنَةٌ طُولُهَا أَرْبَعُونَ وَعَرْضُهَا ثَلاَثُونَ. لِلزَّوَايَا الأَرْبَعِ قِيَاسٌ وَاحِدٌ. وَمُحِيطَةٌ بِهَا حَافَةٌ حَوْلَ الأَرْبَعَةِ، وَمَطَابِخُ مَعْمُولَةٌ تَحْتَ الْحَافَاتِ الْمُحِيطَةِ بِهَا. ثُمَّ قَالَ لِي: «هذَا بَيْتُ الطَّبَّاخِينَ حَيْثُ يَطْبُخُ خُدَّامُ الْبَيْتِ ذَبِيحَةَ الشَّعْبِ»."

الطعام يعدونه في المطبخ. ومن يأكل يتغذى على هذا الطعام ويتحول داخله إلى حياة. وهذا دور الكهنة أن يشبعوا بالمسيح وتكون لهم حياته.

راجع الرسم في مقدمة الإصحاح (حز 42). فالرب حدد مواضع للكهنة للطبخ في مخادعهم في الدار الداخلية. كما حدد مواضع أخرى في أطراف الدار الخارجية في الأربعة أركان. كما حدد أماكن للخبيز = حيث يخبزون التقدمة . وشتان بين من يدخل الدار الداخلية وبين من يبقى في الدار الخارجية. فالدار الداخلية تشير للعمق، والخارجية تشير للسطحيات. لكن الله في محبته لا يترك أحد جائعًا ما دام قد دخل إلى الشركة مع السيد المسيح، إنه يعطي الجميع من مقدساته. ولكن يليق بنا أن ندخل دومًا للداخل فتكون لنا شركة حياة داخلية معه وشبع من مقدساته. لِئَلاَّ يَخْرُجُوا بِهَا إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ لِيُقَدِّسُوا الشَّعْبَ (ولا يخرجوا بالتقدمة إلى الدار الخارجية ليقدسوا الشعب) حتى يُفْهَم هذا القول [راجع حج2: 11، 12] فيبدو أن بعض الكهنة إتخذوا من المقدسات وسائل للتجارة. يأخذون المقدسات للشعب ليلمسها الشعب ويوهمونهم أنهم بهذا يتقدسون ويتقاضون عن هذا أجرًا والمعنى أن لا تتاجروا بالمقدسات.

مَطَابِخُ (المطابخ) = هناك مطابخ للكهنة، وهناك مطابخ في كل ركن من الأربع أركان [راجع الرسومات في مقدمة إصحاح 42؛ وأيضًا الرسم المقابل لتفسير الآيات حز 40: 27-37]. والمطابخ هي أماكن إعداد الطعام للشبع. والمعنى أن ذبيحة الإفخارستيا ستقدم في كل مكان في العالم ولكل المؤمنين. ولها معنى آخر أن على الكاهن في خلوته أن يشبع بالمسيح، ليعطي الشبع للمؤمنين. والشبع بالمسيح متاح للعالم أجمع، هذا معنى وجود المطابخ في الـ4 أركان، فرقم 4 يشير للعمومية.

وفي (مزمور 73) كان آساف في حالة إعتراض على أحكام الله وظن أن الله يترك الأبرار في حزن وظلم، بينما الأشرار في سعادة دائمة. ثم يقول [حَتَّى دَخَلْتُ مَقَادِسَ العلي"، فقال كلام آخر ووصل فيه لأن قال "انْتَبَهْتُ إِلَى آخِرَتِهِمْ... صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ... وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي... مَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ.. إلخ.". فالمقادس هي خلوة مع الله إستمع فيها إلى صوت الروح القدس ووجد ردا على تساؤلاته، ففرح بمحبة الله وما أعده الله له، بل إعتبر أن من يعترض على حكم الله هو كالبهيمة، فالله قد أعد له مجد في السماء. وأن الله يرعاه في الأرض ليس ليعطيه خيرات مادية بل ليضمن له أن يصل لهذا المجد المعد له في السماء. وهذا هو ما يُسمَّى الشبع، لذلك قال عن مكان الخلوة مطابخ وأماكن للخبيز (تَطْبُخُ فِيهِ.. وَحَيْثُ يَخْبِزُونَ) يشبع فيها الكاهن والخادم ويخرج ليُشبع شعبه. ولترى صورة معكوسة لخبيز من نوعٍ آخر يقود للموت والهلاك راجع (هو7: 3 – 7).

آية 22 :- دورٌ مصونة = في الترجمة الإنجليزية ساحات مسيجة = وهي أماكن ليختلي فيها الكاهن مع الله ويمتلئ ليستطيع أن يعطي الشعب، وقوله ساحات فهو إشارة لأن الله يعطي بسخاء ولا يُعَيِّر، ولكل من يريد .

40 × 30 = 30 (رقم النضج. والكاهن يبدأ خدمته الكهنوتية في سن الثلاثين).

40 (هي مدة يعقبها بركة أو عقوبة). فالكاهن عليه أن يشبع ويمتلئ ويخدم ويعلم ، والخدمة هدفها أن ينضج المؤمن. والله يعطي فرصة محددة للجميع، للكاهن ليخدم بأمانة، وللشعب لتأتي هذه الخدمة بثمارها فيهم . الله يعطي الكثير فهل نريد أن نأخذ، وماذا سنفعل بما سنأخذه. الله يمد يده بالعطايا فهل نفتح قلوبنا له فيشبعنا.

المتجهة للشمال = الكاهن عليه أن يهتم بخلوته لكي يشبع، لكي يجذب هؤلاء الخطاة الذين في الشمال (حيث البرودة الروحية).

مَوْضِعٌ عَلَى الْجَانِبَيْنِ إِلَى الْغَرْبِ = في الإصحاح التالي 47 سنرى أن أرض شعب الله محصورة بين البحر غربًا والشرق. والبحر إشارة للعالم، والشرق إشارة للمسيح شمس البر الذي سيأتي من المشارق. وعمل الكاهن جذب نفوس من هم في العالم في برودة روحية = الشمال، وينقلهم من العالم الذين هم منغمسين فيه كموتى = البحر الذي في الْغَرْبِ بمياهه التي يشرب منها يعطش = أي شهوات العالم، إلى تذوق لذة العلاقة مع المسيح شمس البر الذي يأتي من الشرق، فيتجهوا بقلوبهم للمسيح بل يشتهوا مجيئه الثاني قائلين " آمين تعال أيها الرب يسوع " (رؤ22: 20).

زوايا الدار الأربع = هذا الشبع متاح للجميع (رقم 4 هو رقم العمومية).

وَمُحِيطَةٌ بِهَا حَافَةٌ حَوْلَ الأَرْبَعَةِ = كلمة حافة تعني سور للحماية يظلل عليهم، ولاحظ كم مرة في هذه الآيات يقول الله ليطمئن من يريد الامتلاء، أنه يحميه ويسيج حوله ويعطيه وعدا بأن طريق الامتلاء مفتوح أمامه، وعليه هو أن يَشبَع ويُشبِع شعبه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هذا الإصحاح:

ماذا حصلنا عليه بالصليب (الباب الذي فتح)؟

1. الراحة وبداية جديدة مع المسيح.

2. فرحة الله برجوعنا له كأولاد، وفرحتنا نحن أيضًا (عيد دائم).

3. رضا الله علينا وعلى عبادتنا له (السجود) نتيجة الصلح بين الله والإنسان.

4. حصلنا على غفران الخطايا وحياة أبدية، وإستمرارية هذا بالإفخارستيا.

5. ننتقل من عمق إلى عمق ومن شبع بالمسيح إلى شبع أكبر.

6. المسيح وسط كنيسته دائما في أفراحها وفي ألامها.

7. فتح باب الفردوس أمامنا.

8. الميراث الأبدي.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات حزقيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/31-Sefr-Hazkyal/Tafseer-Sefr-Hazkial__01-Chapter-46.html

تقصير الرابط:
tak.la/v6whfz9