St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   31-Sefr-Hazkyal
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

حزقيال 43 - تفسير سفر حزقيال

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب حزقيال:
تفسير سفر حزقيال: مقدمة سفر حزقيال | حزقيال 1 | حزقيال 2 | حزقيال 3 | حزقيال 4 | حزقيال 5 | حزقيال 6 | حزقيال 7 | حزقيال 8 | حزقيال 9 | حزقيال 10 | حزقيال 11 | حزقيال 12 | حزقيال 13 | حزقيال 14 | حزقيال 15 | حزقيال 16 | حزقيال 17 | حزقيال 18 | حزقيال 19 | حزقيال 20 | حزقيال 21 | حزقيال 22 | حزقيال 23 | حزقيال 24 | حزقيال 25 | حزقيال 26 | حزقيال 27 | حزقيال 28 | حزقيال 29 | حزقيال 30 | حزقيال 31 | حزقيال 32 | حزقيال 33 | حزقيال 34 | حزقيال 35 | حزقيال 36 | حزقيال 37 | حزقيال 38 | حزقيال 39 | حزقيال 40 | حزقيال 41 | حزقيال 42 | حزقيال 43 | حزقيال 44 | حزقيال 45 | حزقيال 46 | حزقيال 47 | حزقيال 48 | يا ابن آدم

نص سفر حزقيال: حزقيال 1 | حزقيال 2 | حزقيال 3 | حزقيال 4 | حزقيال 5 | حزقيال 6 | حزقيال 7 | حزقيال 8 | حزقيال 9 | حزقيال 10 | حزقيال 11 | حزقيال 12 | حزقيال 13 | حزقيال 14 | حزقيال 15 | حزقيال 16 | حزقيال 17 | حزقيال 18 | حزقيال 19 | حزقيال 20 | حزقيال 21 | حزقيال 22 | حزقيال 23 | حزقيال 24 | حزقيال 25 | حزقيال 26 | حزقيال 27 | حزقيال 28 | حزقيال 29 | حزقيال 30 | حزقيال 31 | حزقيال 32 | حزقيال 33 | حزقيال 34 | حزقيال 35 | حزقيال 36 | حزقيال 37 | حزقيال 38 | حزقيال 39 | حزقيال 40 | حزقيال 41 | حزقيال 42 | حزقيال 43 | حزقيال 44 | حزقيال 45 | حزقيال 46 | حزقيال 47 | حزقيال 48 | حزقيال كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ذهب به الروح إلى الباب الشرقي في ذات الموضع الذي منه إنطلقت المركبة الكاروبيمية لتفارق بيت الله (حز 10: 19) ثم يفارق الله المدينة كلها (إصحاح 11) بسبب خطايا الشعب. والآن بعد تأسيس هذا الهيكل الفخم صار مشابهًا للأجسام التي تكونت من العظام اليابسة وإكتست لحمًا وأعصابًا ثم حل فيها الروح. هكذا في هذا الهيكل حل فيه مجد الله. وكم كان الله الذي [لذاته مع بني آدم] (أم8: 31) مشتاقًا لهذه اللحظة. والمجد الإلهي جاء من الشرق معلنًا أن عودة المجد الإلهي إلى الطبيعة البشرية إنما يتحقق بمجيء السيد المسيح " شمس البر " (مل 4: 2) والمسيح ظهر نجمه في المشرق. ولهذا يصرخ الشماس (في القداس الإلهي) "وإلى الشرق أنظروا". والكنيسة تصلي نحو الشرق كتقليد، فنحن في إشتياق دائم لمجيء المسيح الثاني في مجده لنتمجد معه.

 

آية (1):- "ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى الْبَابِ، الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ."

 

الآيات (2-12):- "وَإِذَا بِمَجْدِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْقِ وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، وَالأَرْضُ أَضَاءَتْ مِنْ مَجْدِهِ. وَالْمَنْظَرُ كَالْمَنْظَرِ الَّذِي رَأَيْتُهُ لَمَّا جِئْتُ لأُخْرِبَ الْمَدِينَةَ، وَالْمَنَاظِرُ كَالْمَنْظَرِ الَّذِي رَأَيْتُ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ، فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. فَجَاءَ مَجْدُ الرَّبِّ إِلَى الْبَيْتِ مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ. فَحَمَلَنِي رُوحٌ وَأَتَى بِي إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ قَدْ مَلأَ الْبَيْتَ، وَسَمِعْتُهُ يُكَلِّمُنِي مِنَ الْبَيْتِ، وَكَانَ رَجُلٌ وَاقِفًا عِنْدِي. وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هذَا مَكَانُ كُرْسِيِّي وَمَكَانُ بَاطِنِ قَدَمَيَّ حَيْثُ أَسْكُنُ فِي وَسْطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يُنَجِّسُ بَعْدُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ اسْمِي الْقُدُّوسَ، لاَ هُمْ وَلاَ مُلُوكُهُمْ، لاَ بِزِنَاهُمْ وَلاَ بِجُثَثِ مُلُوكِهِمْ فِي مُرْتَفَعَاتِهِمْ. بِجَعْلِهِمْ عَتَبَتَهُمْ لَدَى عَتَبَتِي، وَقَوَائِمَهُمْ لَدَى قَوَائِمِي، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَائِطٌ، فَنَجَّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ بِرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي فَعَلُوهَا، فَأَفْنَيْتُهُمْ بِغَضَبِي. فَلْيُبْعِدُوا عَنِّي الآنَ زِنَاهُمْ وَجُثَثَ مُلُوكِهِمْ فَأَسْكُنَ فِي وَسْطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ. «وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَأَخْبِرْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ عَنِ الْبَيْتِ لِيَخْزَوْا مِنْ آثَامِهِمْ، وَلْيَقِيسُوا الرَّسْمَ. فَإِنْ خَزُوا مِنْ كُلِّ مَا فَعَلُوهُ، فَعَرِّفْهُمْ صُورَةَ الْبَيْتِ وَرَسْمَهُ وَمَخَارِجَهُ وَمَدَاخِلَهُ وَكُلَّ أَشْكَالِهِ وَكُلَّ فَرَائِضِهِ وَكُلَّ شَرَائِعِهِ، وَاكْتُبْ ذلِكَ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ لِيَحْفَظُوا كُلَّ رُسُومِهِ وَكُلَّ فَرَائِضِهِ وَيَعْمَلُوا بِهَا. هذِهِ سُنَّةُ الْبَيْتِ: عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ كُلُّ تُخْمِهِ حَوَالَيْهِ قُدْسُ أَقْدَاسٍ. هذِهِ هِيَ سُنَّةُ الْبَيْتِ."

الإصحاح السابق سمعنا فيه عن الدخول إلى أعماق جديدة وعلاقة داخلية جديدة مع المسيح على مستوى الإتحاد به عن طريق سر الإفخارستيا كما سبق وقلنا.

ولكن كيف يعطينا المسيح سر الإفخارستيا هذا؟

كان هذا بالصليب، والإفخارستيا هي امتداد لذبيحة الصليب.

وكيف يصلب ويموت ابن الله الحي الذي لا يموت؟

كان هذا بالتجسد. وهنا في هذا الإصحاح نسمع عن التجسد. والتجسد هو إتحاد لاهوت ابن الله له كل المجد بجسد (ناسوت) أخذه من العذراء مريم. فالعذراء مريم كانت الباب الذي دخل منه ابن الله شمس البر للبشرية = الباب المتجه نحو الشرق. وقارن مع الآيات (حز44 : 1 – 3). ولأنه شمس البر أتى من الباب الشرقي. وإذا بمجد إله إسرائيل جاء من طريق الشرق (آية2). وإذا بمجد إله إسرائيل جاء = جاء مجد إله إسرائيل (أي لاهوت الابن) جاء ليتحد بجسد ونراه في الهيئة كإنسان، لذلك رآه حزقيال كـ:رجل = وكان رجلٌ واقفا عندي (آية6) = ابن الله "تجسد وتأنس" وصار إنسانا كاملا وشابهنا في كل شيء إلا أنه كان بلا خطية. " والكلمة صار جسدا وحلَّ بيننا ورأينا مجده...." (يو1: 14).

وصوته كصوت مياهٍ كثيرة = المياه تشير للروح القدس، فالروح القدس هو الذي حلَّ على العذراء مريم ليحدث في بطنها هذا الإتحاد العجيب بين لاهوت الابن وجسده الذي أخذه منها. وأيضًا بعد أن جلس المسيح عن يمين الآب أرسل الروح القدس يوم الخمسين ليؤسس الكنيسة جسد المسيح. والأرض أضاءت من مجده = فالمسيح هو نور العالم (يو8: 12). ويشرح الوحي على فم حزقيال أن الابن بلاهوته ومجده أتى إلى العالم متحدا بجسد بشريتنا عن طريق العذراء في (أيات3، 4)، فالنبي رأى نفس المنظر الذي رآه لعرش الله والمركبة الكاروبيمية من قبل. وهذا الإله الذي رآه على عرشه هو نفسه الذي تجسد من بطن العذراء. ولما دخل الابن إلى العالم دخل المجد إلى العالم " أكون مجدا في وسطها " (زك2: 5) والمسيح وسط كنيسته وللأبد.

وَالْمَنْظَرُ كَالْمَنْظَرِ الَّذِي رَأَيْتُهُ لَمَّا جِئْتُ لأُخْرِبَ الْمَدِينَةَ = [راجع إصحاحات حز 8، 9، 10، 11] وقوله لما جئت لأخرب المدينة يعني أنه تنبأ بهذا [لِأَجْلِ هَذَا تَنَبَّأْ عَلَيْهِمْ. تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ] (حز11: 4). والرب أوحى لحزقيال بما قاله ثم نفذه. والمناظر كالمنظر الذي رأيت عند نهر خابور = أي عرش الله والكاروبيم وكل ما صاحبه من نور ومجد .

وفي (آية7) أسكن في وسط بني إسرائيل إلى الأبد = إسرائيل هنا هي الكنيسة " إسرائيل الله " (غل6: 16). وهذا لأن الله يقول بعد هذا مباشرة ولا ينجس بعد بيت إسرائيل إسمي القدوس.... فهم نجسوه من قبل (آية8). ولكن مَن يؤمن فيهم بالمسيح ويتوب يقبله المسيح = فليبعدوا عني الآن زناهم... فأسكن في وسطهم إلى الأبد. وفي (آية10) يطلب الرب من النبي أن يشرح للجميع يهود ومسيحيين عن الثمن الذي دفعه المسيح ليؤسس الكنيسة = لْيَقِيسُوا الرَّسْمَ. فَإِنْ خَزُوا (فيخزوا) من خطاياهم التي سببت للمسيح كل هذه الآلام.

صوته كصوت مياه كثيرة = قارن مع (رؤ 1: 15). أي أن هذا الذي جاء هو المسيح نفسه، صوته مرعب كصوت مياه كثيرة بالنسبة للخطاة، وبالنسبة لأحبائه فالمياه الكثيرة تشير للشعوب الكثيرة التي آمنت بالمسيح وصارت تسبحه فرحة بخلاصه (رؤ17: 15)، وتشير المياه الكثيرة لفيض نعمته عليهم وحلول الروح عليهم. والروح هو الذي يدفعهم للتسبيح، وهذا التسبيح هو الذي يرهب الشياطين. والأرض أضاءت = لأنه هو نور العالم + (أف 5: 8). وحينما رأى هذا المنظر ثانية خر على وجهه وحمله الروح للدار الداخلية وإذا بمجد الرب قد ملأ البيت (فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي.. فَحَمَلَنِي رُوحٌ وَأَتَى بِي إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ قَدْ مَلأَ الْبَيْتَ) = فكل مجد إبنة الملك من داخل. ولنلاحظ أن هذا هو عمل الروح القدس أن يكشف لنا مجد المسيح في الداخل "يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 14+ 1كو 2: 9، 10). مَكَانُ كُرْسِيِّي وَمَكَانُ بَاطِنِ قَدَمَيَّ = هذا التعبير كان يقال من اليهود عن هيكل أورشليم، ولكن المسيح ابن الله تجسد فعلا ووطأت قدماه على أرضنا = مَكَانُ بَاطِنِ قَدَمَيَّ، وصلب في هذا المكان، وبصليبه ملك على قلوب شعبه = مَكَانُ كُرْسِيِّي. ولكن الآن تعني العبارة الكنيسة هيكل جسد المسيح في كل مكان. فهو حل وسطنا وسكن فينا نحن جسده وأصبحنا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه. ولا نجد هنا سحابة فالرؤيا الآن أوضح كثيرًا جدًا من العهد القديم. وَكَانَ رَجُلٌ وَاقِفًا عِنْدِي = هذا الرجل هو السيد المسيح كإعلان عن تجسده وأن تجسده هو الطريق لهذا المجد للكنيسة.

ولكن هناك شرط ليبقى مجد الله وسطنا، ولنكون حجارة حية في هيكل جسد المسيح ألا وهو التوبة والنقاوة = لاَ يُنَجِّسُ.. بَيْتُ إِسْرَائِيلَ اسْمِي الْقُدُّوسَ، لاَ هُمْ وَلاَ مُلُوكُهُمْ = هم وملوكهم بخطاياهم جلبوا على أنفسهم كل هذه الأحكام. ولكن غالبًا كلمة ملوكهم المقصود بها الأوثان التي سموها ملوكًا فهكذا كان اسم الإله عند الوثنيين بعل أو مولوك أي سادة عليهم فمعنى كلمة بعل = سيد ومولوك = ملك. ولكن الله يسمي هؤلاء السادة جثث ملوكهم = فهي ليست آلهة بل موت ونجاسة، والجثث تعني نجاسة. والعجيب أنهم جعلوا عتبتهم لدى عتبة الله (بِجَعْلِهِمْ عَتَبَتَهُمْ لَدَى عَتَبَتِي) = أي أن مساكنهم كانت ملتصقة ببيت الله (= صاروا جيرانًا لبيت الله) ولكنهم لم يستطيعوا أن يتقدسوا، وللأسف فهذا حال كثيرين ممن في الكنيسة ملتصقين بالله ولكنهم بعيدين بقلوبهم عنه. إلا أن عبارة جثث ملوكهم = يمكن فهمها على المؤمنين الآن، فالله جعلنا ملوكًا وكهنة (رؤ 1: 9)، وجعلنا ملتصقين به وقريبين جدًا منه = عتبتهم لدى عتبة الله (بِجَعْلِهِمْ عَتَبَتَهُمْ لَدَى عَتَبَتِي) ولكننا مع وجودنا في هيكله ننجس هذا المكان الطاهر ولا نستفيد من وجودنا فيه. فالله في وسطنا يسكن وقادر أن يطهرنا فنصير أحياء وليس جثث ملوك. وليقيسوا الرسم = المعنى أن عليهم أن يعرفوا ويفهموا حجم الخيرات التي أعدها الله لهم. وعلينا أن لا نكون كالإبن الأكبر للابن الضال نحسب أن خيرات الله هي العطايا المادية، بل علينا أن تنفتح عيوننا على عطايا الله الروحية. وبالنسبة للعهد القديم فهم سيسعدون بأن الله سيقيم لهم هيكل أفخم من الهيكل الأول. وبالنسبة لنا فهذا الهيكل هو جسده، وهو يحل فينا بمجده وحينما نعرف هذا علينا أن نخجل من خطايانا. ولنعرف أن الجبل كله قدس أقداس = أي الكنيسة كلها، فلم يعد هناك قدس أقداس منفصل، بل الجسد، جسد المسيح أي الكنيسة كلها مقدسة.

 

الآيات (13-17):- "«وَهذِهِ أَقْيِسَةُ الْمَذْبَحِ بِالأَذْرُعِ، وَالذِّرَاعُ هِيَ ذِرَاعٌ وَفِتْرٌ: الْحِضْنُ ذِرَاعٌ، وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ، وَحَاشِيَتُهُ إِلَى شَفَتِهِ حَوَالَيْهِ شِبْرٌ وَاحِدٌ. هذَا ظَهْرُ الْمَذْبَحِ. وَمِنَ الْحِضْنِ عِنْدَ الأَرْضِ إِلَى الْخُصْمِ الأَسْفَلِ ذِرَاعَانِ، وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ. وَمِنَ الْخُصْمِ الأَصْغَرِ إِلَى الْخُصْمِ الأَكْبَرِ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ، وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ. وَالْمَوْقِدُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ. وَمِنَ الْمَوْقِدِ إِلَى فَوْقُ أَرْبَعَةُ قُرُونٍ. وَالْمَوْقِدُ اثْنَتَا عَشَرَةَ طُولًا، بِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ عَرْضًا، مُرَبَّعًا عَلَى جَوَانِبِهِ الأَرْبَعَةِ. وَالْخُصْمُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ طُولًا بِأَرْبَعَ عَشَرَةَ عَرْضًا عَلَى جَوَانِبِهِ الأَرْبَعَةِ. وَالْحَاشِيَةُ حَوَالَيْهِ نِصْفُ ذِرَاعٍ، وَحِضْنُهُ ذِرَاعٌ حَوَالَيْهِ، وَدَرَجَاتُهُ تُجَاهَ الْمَشْرِقِ»."

قلنا سابقا أن المسيح تجسد ليصلب ويموت، لذلك تأتي الآيات الآتية لتشرح لماذا قبل المسيح الصليب. ولكن لنفهم أن الصليب قَبِلَه المسيح وعلينا أن نقبله نحن أيضا، فهو طريق الكمال. وفيما يلي سنرى مقاييس المذبح ومعناها. ونرى في الجدول الآتي لماذا قبل المسيح الصليب، والدوافع التي تجعلنا نحن أن نقبله. إذ تحدث عن عودة مجد الرب تكلم عن التوبة. ولكن توبة بدون دم المسيح هي بلا فائدة، لذلك جاء الحديث مباشرة عن المذبح، وقطعًا نحن لا ننتظر أن يوجد مذبح الآن تقدم عليه ذبائح حيوانية، فهذه لا مكان لها في العبادة بعد أن قدم المسيح نفسه على الصليب. ولكن هذا المذبح يشير لأن المسيح قد قدم نفسه ذبيحة عنا، ومازالت الكنيسة في كل قداس تقدم ذبيحة الإفخارستيا، وهي تُعْطَى لمغفرة الخطايا. ويشير المذبح، للصليب الذي قبله المسيح شفيعنا الذي يشفع فينا بدمه وللأبد.

 ويشير لنا نحن الذين يجب علينا أن نقدم أنفسنا ذبائح حية مقدسة (رو12: 1). بل يجب أن تكون هذه حياتنا أن نُمَاتُ لأَجْل الْمَسِيح كُلَّ النَّهَارِ (رو8: 36). فتظهر حياة المسيح في جسدنا المائت (2كو4: 10).

ولكن لنلاحظ أن أبعاد هذا المذبح لا معنى لها لو تم تنفيذها حرفيًا طبقًا للقياسات الموجودة هنا. فطول هذا المذبح (إرتفاعه) = 2 + 4 + 4 + 4 = 14 ذراع أي حوالي 7 متر. ومن يتصور أن كل هذا سيتم تنفيذه حرفيًا، يقول أن هناك كهنة يقفون على الحضن ويتسلمون الذبائح ليسلموها لكهنة آخرين واقفين على الخصم الأسفل، وهؤلاء يضعون الذبيحة في نيران الموقد !! فما معنى هذا؟ هذا لا يمكن فهمه إلا بالمعنى الرمزي ولنلاحظ:-

الحضن = 18 ذراع = 2 × 9 (9 رقم الدينونة)

الخصم الأسفل = 16 ذراع = 2 × 8 (8 رقم الأبدية السعيدة)

الخصم الأعلى = 14 ذراع = 2 × 7 (7 رقم الكمال)

الموقد (الصليب) = 12 × 12 ذراع (12 هم شعب الله شركاء صليب المسيح)

ومعنى الأرقام أن من يأتي للمذبح، يكون أول ما يجذبه هو الخوف من الدينونة، ولكنه حينما ينضج روحيًا تنفتح عيناه ليرى الأبدية السعيدة فيفرح بالمسيح الذي أعد له هذا. ومع استمرار النضج، يكمل الشخص ويفرح بالمسيح الذي بمحبته يكمله ويعده للسماء، فيثبت في المسيح الكامل، وهذا هو الكمال (كو1: 28). والمسيحي الكامل يفرح بأن يشترك مع المسيح في ألامه وصليبه، فيقبل أن يُلقَى في موقد التجارب والألم متقبلًا الصليب في حب. وهذا ما قاله بولس الرسول تمامًا "من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم... من أجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح " (رو 8: 35، 36). ولاحظ أن أبعاد الموقد 12 × 12 وهذا إشارة لشعبَي الله، شعب العهد القديم وشعب العهد الجديد. ولاحظ تكرار رقم 2 (2 × 9، 2 × 8، 2 × 7) فرقم 2 هو رقم ابن الله الأقنوم الثاني، وهو رقم المسيح المتجسد الذي قدم نفسه ذبيحة ليجعل الاثنين واحدًا.

ومحبة المسيح الذي سبق وقدم نفسه ذبيحة عنا هي ما تدفعنا لأن نقدم أنفسنا ذبائح، سواء حية (بصلب أهوائنا مع شهواتنا) أو ذبائح حقيقية (كالشهداء)، [فَنَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا] (1يو 4: 19). ولذلك نجد أقيسة المذبح بالأذرع والذراع هو ذراع وفتر = الفتر (فِتْرٌ) هو المسافة الممتدة من السبابة إلى رأس الإبهام إذا كانت الأصابع منفرجة بقدر ما يمكن. والذراع هنا يشير للمسيح ذراع الله الذي تجسد ليقدم نفسه ذبيحة (إش 51: 5، 9 + 59: 1). والفتر (فِتْرٌ) يشير لجهادي في أن أقدم نفسي ذبيحة، جهاد بقدر ما أستطيع. ونلاحظ أن القصبة المستخدمة في قياسات كل المبنَى كانت ذراع وشبر (حز40: 5) والشبر هو المسافة الممتدة من رأس الإبهام إلى رأس الخنصر إذا إنفرجا وإمتدا بقدر ما يمكن. والشبر أطول من الفتر، والسبب واضح فالشبر هو جهادي لبنائي روحيا كحجر حي في هيكل الله (كالصلاة والخدمة...). أما الفتر فهو جهادي لأجل قبول الصليب وتقديم نفسي ذبيحة حية، وتقديم النفس ذبيحة حية أصعب ولكنه طريق الكمال، لكن الدوافع النفسية لقبول الصليب ضعيفة لذلك وضع قياساتها بالفتر (فِتْرٌ). والله الذي يعلم ضعف الإنسان لقبوله آلام الصليب يساعده ويعطيه معونة " بل سيجعل مع التجربة أيضا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا " (1كو10: 13). ونلاحظ أنه قيل عن المسيح أنه يَكْمُل بالآلام أي ليشابهنا في كل شيء حتى الآلام والأحزان، ونحن نكمل بالآلام لنتنقَّى ونشبه المسيح.

 

المذبح كما بسفر حزقيال النبي 43: الارتفاع بالذراع: الموقد (شركة الصليب) - الخصم الأعلى (الكمال) - الخصم الأسفل (الأبدية) - الحضن (الدينونة) - كل مدرج يقل عن ما أسفله 2 ذراع، أي 1 ذراع من كل جانب

 

أما الكهنة الواقفين على درجات المذبح ليتسلموا الذبائح ويسلموها لمن في الدرجة الأعلى، حتى تصل للموقد، فهذا يشير أولًا للمسيح كاهننا الأعظم الذي يعمل فينا لنكمل، وثانيًا لكهنة الكنيسة وخدامها الذين يعمل فيهم الروح القدس فيحملون لنا التعليم الصحيح فنصل للكمال ونقبل أن نقدم أنفسنا ذبائح.

الحضن = هو جزء الأساس الملامس للأرض مباشرة. وهو القاعدة الأساس الذي يستقر عليه كل المذبح. وقيل عنه الحضن فهو يطوق ويحيط بكل المذبح وهو الأساس لكل المذبح، لذلك لنا أن نقول أنه يشير للمسيح الذي هو أساس الكنيسة وهو يحتضنها بل يحملها كما نرى في سفر الرؤيا أنه يحمل ملائكة الكنائس (رؤ2: 1). وهو " حامل كل الأشياء بكلمة قدرته " (عب1: 3).

والقاعدة أي الحضن إرتفاعها 2 ذراع، فرقم 2 يشير للتجسد الذي حدث ليمكن للمسيح أن يقدم نفسه على هذا المذبح ويموت، فاللاهوت لا يموت.

الحضن ذراع والعرض ذراع = حينما ننظر إلى رسم المذبح نجد أبعاد الخصم الأعلى 14 × 14 . والخصم الأسفل يزداد بمقدار عرض الخصم، والعرض ذراع من كل ناحية. فتكون قياسات الخصم الأعلى 16 × 16 = (14 + 2). وبنفس الطريقة تكون قياسات الحضن 18 × 18 ذراع. فما معنى القول أن الحضن ذراع والعرض ذراع . المعنى سبق شرحه في (حز40: 5). ونقول هنا بنفس الطريقة أن الذراع هنا إشارة للعمل الكامل، فسواء الطول أو العرض أو الأساس فعمل الله كامل. فالمسيح هو [الذي داس الْمِعْصَرَةَ وحده] (إش63: 3). والمسيح تمم الفداء كاملا بصليبه.

وإذا كان الذراع هو ذراع وفتر فهذه هبة أعطاها لنا المسيح أن نتألم معه (في 1: 29)، ومن يتألم معه سيتمجد أيضًا معه (رو8: 17).

وحاشيته إلى شفته حواليه شبر واحد = الحاشية هي كورنيش أو برواز كسور يدور حول الحضن . وهو لحماية الكهنة الواقفين عليه. ومرة أخرى نرى إستحالة تنفيذ هذا عمليًّا. فعرض الحضن حيث يقف الكاهن = ذراع ويقتطع منه عرض الكورنيش وهو شبر!! فأين يقف الكاهن وكيف يحفظ إتزانه بل وعلى إرتفاع يصل إلى 5 أمتار عن الأرض وليضع الذبيحة على الموقد الذي هو أيضًا على إرتفاع 2 متر؟! لكن هذا الكلام لا يفهم سوى رمزيا. فالمسيح قام بعمل الفداء ويدعونا لأن نحمل معه الصليب، وهذا يعتبر كرامة لنا. ومن يقبل يعينه المسيح ويحمله حَملًا، ولكن ثباته متوقف على قبوله الاستمرار وجهاده، لذلك كان قياس السور شبر = وهو دور الإنسان نفسه واستمراره في جهاده. وأما من يرفض وينجذب لمحبة العالم ثانية سيسمع قول المسيح... أنت حر وإذا أردت أن تتركني " أنا مزمع أن أتقيأك من فمي " (رؤ3: 16). وبهذا يتكرر القول أن كلٌ منا supported but not fastened وراجع شرح الآيات (حز41: 6، 7). ولكن كان هذا بالنسبة للحضن وهو المستوى الأول للاقتراب من الصليب. هذا ظهر المذبح = كلمة ظهر جاءت في الترجمة الإنجليزية higher place of the altar وتأتي الكلمة بمعنى المشهور أو الرئيس فالحضن إشارة للمسيح الملك الذي يحمل الكنيسة، هو صُلِبَ لأجلها وهي تقبل الصليب حبًا فيه.

وفوق الحضن نجد الخُصم الأسفل وفوقه الْخُصْمِ الأَكْبَرِ. وكلمة خُصم تعني المقعد. إذًا كأن هناك قاعدتين يحملان الموقد الذي تحرق عليه الذبائح.

وارتفاع كل من الخصم الأسفل والخصم الأعلى والموقد ثابت وهو 4 ذراع. ورقم 4 هو رقم العمومية، فالكل مدعو للصليب " ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذا " (لو14: 27).

ولكن حين يصل الإنسان للمستوى الأعلى = الخُصم = إذ يقرر قبول الصليب فنسمع هذا والحاشية حواليه نصف ذراع = وطالما قياس السور بالذراع تكون الحماية إلهية بالكامل. وراجع معنى رقم 2/1 في مقدمة خيمة الاجتماع (سفر الخروج) ويكون المعنى أننا لن ندرك مدى الحماية الإلهية إلا حينما نختبرها، وذلك كما قالت ملكة سبأ للملك سليمان بعد رؤيتها لمجد سليمان وعظمته، عما سمعته عنه وهي بعد في بلدها " فهوذا النصف لم أخبر به " (1مل10: 7) أي ما سمعته كان كلا شيء مما رأيته وإختبرته حينما أتيت إلى قصر الملك في أورشليم. وعن الحماية الإلهية قال الرب " لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به " (مت10: 19). فالله يعطي ما نحتاج إليه في حينه.

المذبح = هو مركز الهيكل، فكل شيء في هذا الهيكل مؤسس على ذبيحة الصليب وحتى يوحنا في رؤياه رأى المسيح على أنه "خروف قائم كأنه مذبوح " (رؤ 5: 6).

قُرُونٍ = القرون تشير لأن عمل المسيح الكفاري وهزيمته للشيطان كان بقوة، وأن عمله في تكميل المؤمنين هو عمل قوي أيضًا.

دَرَجَاتُهُ تُجَاهَ الْمَشْرِقِ = 3 درجات للوصول للموقد قد تشير لدرجات الكهنوت الثلاث (الأسقفية والقسيسية والشموسية). أو تشير لدرجات الارتفاع للسماويات، كما كانت الغرف ثلاث طبقات، هكذا هناك 3 درجات فيمن يقتربون للذبيحة، وكان فلك نوح 3 طبقات (رمز الكنيسة الخارجة من المعمودية). وكلما اقتربنا لأعلى روحيًا كان عمل الذبيحة فينا ناريًا يلهب قلوبنا، وكلما اقتربنا لأعلى ازداد اشتياقنا لتقديم أنفسنا ذبائح. وموضوع أن المسيح يقدم نفسه ذبيحة، وكنيسته تقدم نفسها ذبيحة سبق أبونا يعقوب وتنبأ عنه في نبوته لابنه يهوذا (جد المسيح بالجسد)، حين قال "جثا وربض (أي صُلِب) كأسد (المسيح) وكلبوة (الكنيسة) " (تك49: 9). فالصليب هو نصيب المسيح ونصيب من يريد أن يكون تلميذًا للمسيح وهذا ما قاله السيد المسيح (مر8: 34) "من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني " وهذا هو طريق الكمال = الخصم الأعلى = 2 × 7 (رقم الكمال). وراجع حوار الرب يسوع مع بطرس (يو 21) ونفهم منه أن الصليب هو علامة محبتنا له ، لكن قبوله صعب وقارن مع (مت16: 22).

كيف نفهم معنى الأرقام بالنسبة للمسيح وبالنسبة لنا؟

 

الأرقام

بالنسبة للمسيح

بالنسبة لنا

18 = 2× 9

المسيح يتقدم للصليب (المذبح) ليرفع عنا الدينونة.

9 رقم الدينونة والمسيح هو الديان

نقبل الصليب (صلب أهواء الجسد أي نكون ذبيحة حية) خوفا من الدينونة.

16 = 2× 8

المسيح يتقدم للصليب ليعطينا حياة أبدية.

8 رقم الحياة الأبدية وهي المسيح

نقبل الصليب لأن عيوننا إنفتحت بالروح القدس ورأينا الأبدية المعَّدَة.

14 = 2× 7

المسيح يتقدم للصليب ليشبهنا ويحمل الآلام مثلنا.

7 رقم الكمال والمسيح هو الرجل الكامل ونصير كاملين فيه

كلما ندخل للعمق نثبت في المسيح فنكمل

[نُحْسَب كاملين في المسيح الكامل] (كو1: 28)

وحينئذٍ نقبل شركة الصليب مع المسيح.

 

15وَالْمَوْقِدُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ. وَمِنَ الْمَوْقِدِ إِلَى فَوْقُ أَرْبَعَةُ قُرُونٍ. 16وَالْمَوْقِدُ اثْنَتَا عَشَرَةَ طُولًا، بِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ عَرْضًا، مُرَبَّعًا عَلَى جَوَانِبِهِ الأربعة = الموقد = هو مكان إحراق الذبيحة وإرتفاعه 4 أذرع. وأبعاده 12 × 12 وفوقه 4 قرون ومكانه فوق الخصم الأعلى. ومعنى الأبعاد 12 × 12 أن شعب المسيح عليه أن يقبل الآلام في هذا العالم الذي يبغض شعب المسيح لأنهم يبغضون المسيح (يو15: 18 – 21).

ودرجاته تجاه المشرق = ما يجعلنا نقبل الصليب نظرنا الدائم وإشتياقنا للمجد حين يأتي المسيح في مجيئه الثاني من الشرق. لذلك ينتهي الإنجيل بقول القديس يوحنا " آمين تعال أيها الرب يسوع " (رؤ22: 20). وقوله درجات لا تعني بالضرورة أنه سيكون هناك سلم فهو لم يذكر أي مواصفات لهذه الدرجات، إذًا المقصود بها هو قبول الشخص لأن يدخل إلى أعماق أكبر في العلاقة مع المسيح إلى أن تصل إلى شركة الصليب. هي أعماق تُعبِّر عن درجة الحب.

 

الآيات (18-27):- "وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هذِهِ فَرَائِضُ الْمَذْبَحِ يَوْمَ صُنْعِهِ لإِصْعَادِ الْمُحْرَقَةِ عَلَيْهِ وَلِرَشِّ الدَّمِ عَلَيْهِ: فَتُعْطِي الْكَهَنَةَ اللاَّوِيِّينَ الَّذِينَ مِنْ نَسْلِ صَادُوقَ الْمُقْتَرِبِينَ إِلَيَّ لِيَخْدِمُونِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، ثَوْرًا مِنَ الْبَقَرِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ. وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِهِ وَتَضَعُهُ عَلَى قُرُونِهِ الأَرْبَعَةِ، وَعَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الْخُصْمِ وَعَلَى الْحَاشِيَةِ حَوَالَيْهَا، فَتُطَهِّرُهُ وَتُكَفِّرُ عَنْهُ. وَتَأْخُذُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ فَيُحْرَقُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْبَيْتِ خَارِجَ الْمَقْدِسِ. وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي تُقَرِّبُ تَيْسًا مِنَ الْمَعْزِ صَحِيحًا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُطَهِّرُونَ الْمَذْبَحَ كَمَا طَهَّرُوهُ بِالثَّوْرِ. وَإِذَا أَكْمَلْتَ التَّطْهِيرَ، تُقَرِّبُ ثَوْرًا مِنَ الْبَقَرِ صَحِيحًا، وَكَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ صَحِيحًا. وَتُقَرِّبُهُمَا قُدَّامَ الرَّبِّ، وَيُلْقِي عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ مِلْحًا وَيُصْعِدُونَهُمَا مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَيْسَ الْخَطِيَّةِ. وَيَعْمَلُونَ ثَوْرًا مِنَ الْبَقَرِ وَكَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ صَحِيحَيْنِ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُكَفِّرُونَ عَنِ الْمَذْبَحِ وَيُطَهِّرُونَهُ وَيَمْلأُونَ يَدَهُ. فَإِذَا تَمَّتْ هذِهِ الأَيَّامُ يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ فَصَاعِدًا أَنَّ الْكَهَنَةَ يَعْمَلُونَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ السَّلاَمِيَّةَ، فَأَرْضَى عَنْكُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ»."

 

الصليب ذبيحة ممتدة حتى نهاية الأيام

قَدَّم المسيح نفسه ذبيحة خطية عن البشر على الصليب، وإستمر المسيح يقدم نفسه ذبيحة خطية في الكنيسة المسيحية عبر العصور وإلى نهاية الأيام من خلال ذبيحة الإفخارستيا. وذلك للتكفير عن الخطايا وتطهير الكنيسة شعب المسيح. ونرى المسيح على الصليب وجسده مغطى (covered) بالدماء يقول " يا أبتاه إغفر لهم " = فلتبدأ الكفارة وغفران الخطايا لمن يؤمن من الآن فلقد تغطى جسدي بالدم، وجسد المسيح هو كنيسته التي ستر عليها بدمه (أف1: 22، 23 + 5: 30).

ويكمل تطهير كل شخص حين يقبل أن يُمَلِّك المسيح على قلبه ويقبل أن يقدم نفسه ذبيحة حية صالبا جسده، أهواءه مع شهواته (رو12: 1؛ غل5: 24× رو6: 11). وهذا ما قاله يعقوب لابنه يهوذا في نبوة عن صلب المسيح وأن الصليب هو للمسيح ويستمر في حياة المؤمنين "جَثَا وَرَبَضَ (على الصليب) كَأَسَدٍ (المسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا) وَكَلَبْوَةٍ (الكنيسة عروس المسيح) " (تك49: 9). وهذا ما نراه مشروحًا في هذه الآيات بلغة العهد القديم، والمسيح لم يكن في صلبه ضعيفًا بل كان قويًّا كأسد يحارب عن شعبه ضد الشيطان والخطية والموت، لينقذ شعبه من هؤلاء الأعداء. هو غلب بما كان يبدو أنه ضعفا، ما كان يبدو أنه قوة (الموت)، وهكذا كنيسته عروسه تسلم نفسها للصليب ليس عن ضعف بل في قوة.

الآيات 18 – 21:- هذه تتكلم عن يوم الصليب.

الآيات 22 – 26:- هذه تتكلم عن ذبيحة الإفخارستيا كامتداد لذبيحة الصليب.

الآية 27:- هذه تتكلم عن الأبدية.

نتائج الخطية كانت:-

1) إحزان قلب الله إذ خالف آدم الله ولم يطعه، وكان الله في محبته يريد أن يبادله آدم حبًا في مقابل حب. حب الله ظهر في عطاياه لآدم، وكانت محبة آدم ستظهر في طاعة الله.

2) موت الإنسان نتيجة الخطية وضياع فرحه.

 

يوم الصليب

يوم صنعه = يوم الصليب.

لإصعاد المحرقة = المحرقة هي ذبيحة تقدم لإسترضاء الله لذلك كان يشتمها كرائحة سرور، فهو كان يرى فيها الطاعة الكاملة ويرى فيها رجوع أولاده إليه بالفداء الذي قدمه ابنه (راجع التفسير في سفر اللاويين) . ولرش الدم عليه = كان رش الدم في العهد القديم للتطهير. والمسيح سفك دمه ليكفر عنا وتغفر خطايانا فنطهر.

الْكَهَنَةَ.. مِنْ نَسْلِ صَادُوقَ = وصادوق تعني صديق وبار. وهذا هو كهنوت العهد الجديد على طقس ملكي صادق، كهنوت الخبز والخمر. كهنوت خلال المسيح نفسه. المسيح هو الكاهن الحقيقي والذبيحة المقدمة على المذبح. الكاهن المسيحي يستمد كهنوته من كهنوت المسيح. فالكهنوت هو تقديم ذبائح. والمسيح ككاهن قدم نفسه ذبيحة. والكاهن المسيحي يقوم بتقديم ذبيحة جسد المسيح كوكيل، والمسيح أعطاه هذه الوكالة ليوصل هذه النعمة لشعبه. ولا يجب أن يقترب الكاهن إلى مذبح الله إلا خلال التمتع ببر المسيح ليكون نسل صادوق روحيًا.

ولكن كان قيافا ورؤساء كهنة اليهود من نسل صادوق، وكانت آخر ذبيحة مقبولة يقدمونها لله هي صلب المسيح = ليخدموني، وبعدها بطلت ذبائحهم (دا9: 27) بطل الرمز إذ أتى المرموز إليه.

ثورا من البقر لذبيحة خطية = هذا إشارة للمسيح رئيس كهنتنا البار (لا3: 3) = نسل صادوق وقوله نسل صادوق فهذا إشارة لبره ، فهو وحده الذي بلا خطية، وهو الذي قدَّم نفسه ذبيحة للصلب . وقوله ثورا من البقر مقصود به ثورا من نفس جنس البقر كما كان المسيح بناسوته من نفس جنس البشر.

وتأخذ من دمه وتضعه على قرونه الأربعة = إعلانا عن مدى قوة ذبيحة الصليب.

وعلى أربع زوايا الخصم = هذا الدم هو لكل العالم. رقم 4 يشير للعمومية.

وَيُحْرَقُ.. خَارِجَ الْمَقْدِسِ = فهم أخذوا المخلص وصلبوه خارج أسوار أورشليم.

 

استمرارية الذبيحة من خلال سر الإفخارستيا

وفي اليوم الثاني تقرب تيسا من المعز = تيسا من المعز = راجع سفر اللاويين (لا 3: 22) فتجد أن التيس يقدم عن الرئيس (أي الملك) ومن هنا نفهم أن المسيح رئيس كهنتنا وملكنا (كرئيس كهنتنا يقدم نفسه ذبيحة لغفران الخطايا، وكملك يملك على حياتنا فنطيع وصاياه فنحيا في طهارة). وعن هذا تنبأ إشعياء النبي وقال " وتكون الرياسة على كتفه " (إش9: 6). ولقد حمل المسيح الصليب على كتفه، وبصليبه ملك على قلوبنا.

وفي (آيات23، 24) نجد طقسا يتكرر 7 أيام = تُقَدِّم ثَوْرًا مِنَ الْبَقَرِ صَحِيحًا، وَكَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ صَحِيحًا = 7 أيام أي كل مدة الكنيسة على الأرض، فرقم 7 هو رقم كامل. وهذا إشارة لسر الإفخارستيا الذي قال عنه الرب " إصنعوا هذا لذكري" وهذا ما تمارسه الكنيسة وإلى نهاية الأيام. ورقم 7 يشير أيضًا لأن عمل المسيح كذبيحة عنا يشمل كل أيام غربتنا وكل أيام الكنيسة على الأرض، وهذا معناه أيضًا إزالة تامة لخطايانا.

ماذا يعني تقديم ثَوْرًا.. وَكَبْشًا؟ الثور يُقَدَّم كذبيحة خطية والكبش يُقَدَّم كذبيحة إثم (راجع تفسير سفر اللاويين). فذبيحة الخطية تقدم عن الخطايا اللاإرادية الناشئة عن طبيعتنا الساقطة، أما ذبيحة الإثم فهي تقدم عن الخطايا الإرادية.

يملأون يده (آية 26) فهنا تكريس للمذبح فكلمة يملأون يده تعني تكريس أو تخصيص هذا المذبح المسيحي لتكون الذبيحة المقدمة عليه لغفران الخطايا لمن يتناول منها. وقال المرنم أن المسيح لن يرى فسادًا بل سيقوم (مز 16: 10)، وقام المسيح حيا في اليوم الثالث وبالمعمودية نقوم متحدين معه فتكون لنا حياته، ولهذا لا نموت بل يكون لنا إنتقال. ومن يستمر في التناول من ذبيحة الإفخارستيا لا يفسد أي لا يموت = لا ينفصل عن الله بل يثبت في المسيح الحي (يو6: 52 – 57). والملح يشير لعدم الفساد. وهذا معنى يُلْقِي عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ مِلْحًا. وكهنة الله، خدام الله سيملأهم الله من نعمته ليملأوا هم شعبه بالذبيحة الإفخارستية = هذا معنى ذبيحة الملء.

ويبدأ الرضى عنهم في اليوم الثامن وهو اليوم الأول من الأسبوع الجديد وهو يوم قيامة السيد المسيح من الأموات، والذي فيه نقوم نحن أيضًا ونحسب جالسين في السماويات. ونحن سنستمر في التناول من الذبيحة الإفخارستية لتغفر خطايانا ونستمر أحياء روحيا.

 

الأبدية

أما في اليوم الثامن ننطلق للحياة الأبدية السعيدة ويقول عن هذا الكهنة يعملون على المذبح محرقاتكم وذبائحكم السلامية فأرضى عنكم يقول السيد الرب = وهذا يعني أننا في السماء سنقدم الشكر على هذه النعمة التي حصلنا عليها، فهكذا كانوا في العهد القديم يقدمون ذبيحة السلامة عندما يعطيهم الله خيرات يفرحون بها. أما عن المحرقات، فإن المحرقة كانت ترمز للطاعة الكاملة لله عن محبة لله، وهذا ما سنكون عليه في السماء التي يرمز لها هنا باليوم الثامن، فرقم 8 هو رقم الحياة الأبدية. نحن الآن نحيا في اليوم السابع للخليقة، وعند المجيء الثاني يبدأ اليوم الثامن وهو بلا نهاية. في الأبدية لن تكون هناك ذبائح، ولكن هذا يعني إعلان عن فرحة الله بأولاده، وفرحة أولاده بدخولهم السماء. وللتعبير عن فرحة الله قيل هنا أن الكهنة يعملون على المذبح محرقاتكم . وللتعبير عن فرحتنا نحن قيل وذبائحكم السلامية .

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات حزقيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/31-Sefr-Hazkyal/Tafseer-Sefr-Hazkial__01-Chapter-43.html

تقصير الرابط:
tak.la/4d6mx7s