* تأملات في كتاب
حكمة: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19
الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
(1) مصير الأبرار (ع1-9)
(2) مصير الأشرار (ع10-19)
1 أَمَّا نُفُوسُ الصِّدِّيقِينَ فَهِيَ بِيَدِ اللهِ، فَلاَ يَمَسُّهَا الْعَذَابُ. 2 وَفِي ظَنِّ الْجُهَّالِ أَنَّهُمْ مَاتُوا، وَقَدْ حُسِبَ خُرُوجُهُمْ شَقَاءً، 3 وَذَهَابُهُمْ عَنَّا عَطَبًا، أَمَّا هُمْ فَفِي السَّلاَمِ. 4 وَمَعَ أَنَّهُمْ قَدْ عُوقِبُوا فِي عُيُونِ النَّاسِ؛ فَرَجَاؤُهُمْ مَمْلُوءٌ خُلُودًا، 5 وَبَعْدَ تَأْدِيبٍ يَسِيرٍ لَهُمْ ثَوَابٌ عَظِيمٌ، لأَنَّ اللهَ امْتَحَنَهُمْ فَوَجَدَهُمْ أَهْلًا لَهُ. 6 مَحَّصَهُمْ كَالذَّهَبِ فِي الْبُودَقَةِ، وَقَبِلَهُمْ كَذَبِيحَةِ مُحْرَقَةٍ. 7 فَهُمْ فِي وَقْتِ افْتِقَادِهِمْ يَتَلأْلأُونَ، وَيَسْعَوْنَ سَعْيَ الشَّرَارِ بَيْنَ الْقَصَبِ، 8 وَيَدِينُونَ الأُمَمَ وَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى الشُّعُوبِ، وَيَمْلِكُ رَبُّهُمْ إِلَى الأَبَدِ. 9 الْمُتَوَكِّلُونَ عَلَيْهِ سَيَفْهَمُونَ الْحَقَّ، وَالأُمَنَاءُ فِي الْمَحَبَّةِ سَيُلاَزِمُونَهُ، لأَنَّ النِّعْمَةَ وَالرَّحْمَةَ لِمُخْتَارِيهِ.
ع1:
إن كان الأشرار يذهبون بعد الموت إلى العذاب الأبدي، فعلى الجانب الآخر، فإن نفوس الأبرار لا يصيبها عذاب، أو أذى، بل إنهم محفوظون في يد الله، يتمتعون بعد الموت بسلام كامل، ويخلدون في راحة مع الله؛ حتى وإن كانوا في العهد القديم يذهبون للجحيم - مكان انتظار الأشرار؛ لأن المسيح لم يكن قد تمم الفداء بعد - فهم لا ينزعجون، بل لهم رجاء ثابت في الراحة والنعيم. وفى العهد الجديد ينقلهم الموت مباشرة إلى فردوس النعيم - مكان انتظار الأبرار - كما حدث مع اللص اليمين (لو23: 43).
ع2: أما الأشرار فلبعدهم عن الله صاروا جهلاء، فيظنون أن الأبرار قد انتهت حياتهم إلى العدم، وقد نالوا عقابًا في حياتهم بكثرة الآلام، ولم يتلذذوا بشهوات العالم، وانتهت حياتهم إلى لا شيء، فهذا منتهى الشقاء؛ لأن الجهال يرون أن الحياة السعيدة هي عدم وجود آلام، ويكون لهم كثرة من البنين والبنات، ويعيشون مدة طويلة. أما عند الأبرار فالسعادة هي الإحساس بالله، ومساندته لهم، وتمتعهم بعشرته على الأرض، ثم بعد ذلك في السماء.
ع3: عطبًا: تلفًا وخسارة.
وأضاف الأشرار في تعليقهم على حياة الأبرار، فقالوا: إن موتهم، وذهابهم من هذه الحياة هو تلف وخسارة، إذ لم يتمتعوا بشهوات هذه الحياة، وذهبوا إلى العدم، ولكن الحقيقة أن الأبرار قد عاشوا في سلام على الأرض، ثم انتقلوا للسلام الكامل في الحياة الأخرى، لأنهم محفوظون في يد الله كما ذُكر في (ع1).
ع4: ورغم أن الأبرار كانت حياتهم على الأرض مملوءة بالآلام، وحرموا أنفسهم من شهوات العالم الشريرة، إلا أنهم عاشوا في عشرة الله، وانتقلوا إلى الخلود في الأبدية السعيدة، متمتعين برؤية الله، ومحفوظين في يده. فحياتهم في نظر الأشرار كانت مملوءة بالعقاب الإلهي، ولكن الحقيقة أنهم احتملوا أتعابًا محدودة في هذه الحياة، وكان رجاؤهم ثابتًا في الله، الذي ذاقوا حلاوته جزئيًا على الأرض، ورجاؤهم الذي نالوه هو السعادة الأبدية.
†
إن نفسك محفوظة في يد الله، فلا تخشى مقاومة الأشرار لك في هذه الحياة؛ لأنهم لا يستطيعون أن يضروك، إلا إذا سمح الله لفائدتك. وبعد الموت تتمتع بالسلام والخلود والنعيم الدائم مع الله.لا تهتم بآراء الأشرار وتشكيكاتهم؛ لأن نظرتهم مادية قاصرة، أما أنت فلك استنارة روحية، وترى الله المختفى وراء الماديات، والذي أعد لك أعظم مكافأة بعد هذه الحياة، وهي النعيم الأبدي.
ع5: يسير: قليل.
أهلًا: مستحقًا.
وحقيقة الأمر أن الله يريد أن يكافئ أولاده إلى الأبد، ويعطيهم كنوز بركاته، ووسيلته لذلك هي امتحانهم بالتجارب في فترة الحياة القصيرة، فإذا احتملوا، بشكر وثبات في الإيمان، آلام هذه الحياة، استحقوا أمجاد السماء العظيمة، وصاروا مستحقين لعشرة الله، ومعيته، والتمتع بالوجود الدائم معه، وكما يقول معلمنا بولس الرسول: "فإنى أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا" (رو8: 18)، وكذلك يقول أيضًا: "لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديًا" (2 كو4: 17).
ع6: محصهم: فحصهم بالتدقيق.
البودقة: أو البوتقة وهي إناء يتحمل درجات حرارة عالية، يوضع فيه الذهب، ويوضع على النار؛ لينصهر الذهب، وتنفصل عنه شوائب المواد الغريبة.
إن الله يثق في محبة أولاده له، ومعدنهم العظيم كالذهب، ويقصد بالتجارب ليس عقابهم، بل تخليصهم من الخطية، كما نضع الذهب في البوتقة، أو البودقة، لنمتحنه ونخلصه من الشوائب.
إن احتمال الأبرار للآلام هو تقديم ذبيحة حب لله، ذبيحة محرقة، أي اشتراك في ذبيحة المسيح المصلوب، فهم يقدمون حبًا على أعلى مستوى.
†
هل رأيت يا أخى كم هي مكانة وعظمة الآلام التي تحتملها من أجل المسيح، إنها دليل محبتك له، ووسيلة تخليصك من شوائب الخطية، واشتراك في صليبه.إن العالم لا يفهم ذلك لجهله، أما أنت فلا تتعطل بأفكارهم، بل تعمق في محبتك له وفى احتمال الآلام بشكر، وافحص نفسك في كل ضيقة؛ لتقدم توبة عن خطاياك، وتفكر كم من الآلام احتمل المصلوب لأجلك، فتستهين بآلامك، وتقدمها ذبيحة صغيرة على مذبح حبه.
ع7: يتلألأون: يلمعون ويضيئون.
ويصف الكتاب مصير الأبرار بعد الموت بأنهم يتلألأون كالنجوم في السماء في مجد لا يعبر عنه، كما تنبأ دانيال عنهم وقال: أنهم يضيئون كالجلد إلى أبد الدهور (دا12: 3). والمسيح نفسه قال عنهم: "يضيىء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (مت13: 43). ويوم الافتقاد يمكن أن يتم على الأرض، عندما يصرخ أولاد الله إليه في ضيقتهم ويتلألأون، ويمجدون الله. ويصعد الأبرار بسرعة إلى مكانهم العظيم بين يدى الله في السماء، كما تسرع شرارة النار سريعًا وسط أعواد القصب (أو القش في ترجمة أخرى). وسعى الشرار بين القصب يشير إلى إدانة الأبرار للأشرار؛ هذا يحدث جزئيًا على الأرض، ولكن الأشرار يرفضون صوت الله، بل يتهمون الأبرار بالعناء، وينغمسون في شهواتهم الشريرة. ولكن في الأبدية يكون الأبرار ببرهم كمشاعل نار تحرق الأشرار، الذين يظلون في عذاب إلى الأبد كعقاب من الله؛ لأنهم لم يتعلموا من الأبرار في الأرض، ورفضوا صوت الله، وقد أعلن بولس صوت الله "أن القديسين سيدينون العالم" (1 كو6: 2).
ع8:
وإذ تظهر مكافأة الأبرار تدين شر الأشرار؛ لأن الأبرار سلكوا بالاستقامة، ونالوا مجازاتهم، فما عذر الأشرار الذين عاشوا في نفس ظروفهم، ورفضوا أن يخضعوا لله؟! ويكون الأبرار في مكان العظمة والتسلط، أما الأشرار فيكونون في أدنى مستوى، وسط العذاب الأبدي. ويملك الله على قلوب الأبرار، وأرواحهم في السماء، ويملكون معه في مجد إلى الأبد.
ع9: سيتمتع أولاد الله المتوكلون عليه بنظر الحق، أي الله، وتتجلى أكثر أمامهم حكمته. والذين يفهمون الحق، وهو الله، تصير مشيئتهم مثل مشيئته، ويعرفون سر المجد الذي يتمتعون به، وهو نعمة الله التي ساعدتهم على التمسك بوصاياه. وسر عذاب الأشرار لاختيارهم شهواتهم الشريرة، بدلًا من محبة الله والخضوع له.
وعلى قدر أمانة الإنسان في محبة الله والناس سيكون قريبًا لله، وملازمًا له إلى الأبد.وفى هذا الحفل السمائى تفيض مراحم الله على أولاده، ونعمه لمختاريه الذين أعد لهم هذا المجد من قبل تأسيس العالم.
† هل بعدما رأيتِ يا نفسي كل هذا المجد يشغلك أى شيء من تفاهات العالم، مهما بدت مبهرة؟ إن كل مجد العالم يتصاغر أمام عظمة المجد الأبدي. فتعالى مع كل أولاد الله نستعد للأبدية بالصلاة والتأمل والتناول من الأسرار المقدسة، تاركين عنا اهتمامات هذه الحياة الزائلة.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
10 أَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَسَيَنَالُهُمُ الْعِقَابُ الْخَلِيقُ بِمَشُورَاتِهِمْ، إِذِ اسْتَهَانُوا بِالصِّدِّيقِ، وَارْتَدُّوا عَنِ الرَّبِّ، 11 لأَنَّ مُزْدَرِيَ الْحِكْمَةِ وَالتَّأْدِيبِ شَقِيٌّ. إِنَّمَا رَجَاؤُهُمْ بَاطِلٌ، وَأَتْعَابُهُمْ بِلاَ ثَمَرَةٍ، وَأَعْمَالُهُمْ لاَ فَائِدَةَ فِيهَا. 12 نِسَاؤُهُمْ سَفِيهَاتٌ، وَأَوْلاَدُهُمْ أَشْرَارٌ، 13 وَنَسْلُهُمْ مَلْعُونٌ. أَمَّا الْعَاقِرُ الطَّاهِرَةُ الَّتِي لَمْ تَعْرِفِ الْمَضْجَعَ الْفَاحِشَ فَطُوبَى لَهَا. إِنَّهَا سَتَحُوزُ ثَمَرَتَهَا فِي افْتِقَادِ النُّفُوسِ. 14 وَطُوبَى لِلْخَصِيِّ الَّذِي لَمْ تُبَاشِرْ يَدُهُ مَأْثَمًا، وَلاَ افْتَكَرَ قَلْبُهُ بِشَرٍّ عَلَى الرَّبِّ؛ فَإِنَّهُ سَيُعْطَى نِعْمَةً سَامِيَةً لأَمَانَتِهِ، وَحَظًّا شَهِيًّا فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ. 15 لأَنَّ ثَمَرَةَ الأَتْعَابِ الصَّالِحَةِ فَاخِرَةٌ، وَجُرْثُومَةَ الْفِطْنَةِ رَاسِخَةٌ. 16 أَمَّا أَوْلاَدُ الزُّنَاةِ فَلاَ يَبْلُغُونَ أَشُدَّهُمْ، وَذُرِّيَّةُ الْمَضْجَعِ الأَثِيمِ تَنْقَرِضُ. 17 إِنْ طَالَتْ حَيَاتُهُمْ فَإِنَّهُمْ يُحْسَبُونَ كَلاَ شَيْءٍ، وَفِي أَوَاخِرِهِمْ تَكُونُ شَيْخُوخَتُهُمْ بِلاَ كَرَامَةٍ. 18 وَإِنْ مَاتُوا سَرِيعًا؛ فَلاَ يَكُونُ لَهُمْ رَجَاءٌ وَلاَ عَزَاءٌ فِي يَوْمِ الْحِسَابِ، 19 لأَنَّ عَاقِبَةَ الْجِيلِ الأَثِيمِ هَائِلَةٌ.
ع10: الخليق
: اللائق والمناسب.إذا كانت نهاية الأبرار عظيمة بهذا المقدار، فمن ناحية أخرى فإن نهاية الأشرار المنافقين صعبة، إذ يسلكون بالشر ضد صوت الله الذي في داخلهم، وهو الضمير، ويستهينون بالصديق البار وسلوكه، الذي هو حسب وصايا الله، ويتمادون في شرهم. ويكون عقاب الأشرار بحسب أفكارهم الشريرة، التي أخذوها من الشيطان، فعلى قدر ما سلكوا في مشورات شريرة يكون عقابهم، أي أن هناك درجات للعقاب، وهذا يؤكد عدل الله.
ع11: مزدرى: محتقر.
وكل أعمال الأشرار في حياتهم باطلة بلا ثمر، إذ كلها شهوات شريرة، وانهماك في أنانيتهم، وليس في محبة الله، فارتدوا عنه. هذه نتيجة من يرفض الحكمة الإلهية، ويسلك في ضلال الشر.
ع12: سفيهات: تافهات وكلامهن بلا نفع. بل أكثر من هذا أن عائلات الأشرار التي يتركونها بعدهم مملوءة شرًا، بسبب تعاليمهم وسلوكهم الشرير، فنساؤهم يتكلمن كلامًا باطلًا، وأولادهم يسلكون في الشر مثلهم، وهم مرفوضون من الله، بل وملعونون.
ويلاحظ أن الأشرار سقطوا في ثلاثة شرور هي:
1- استهانوا بالصديق. 2- ارتدوا عن الرب. 3- ازدروا بالحكمة والتأديب.
† لا تهمل وصايا الله منشغلًا بماديات العالم. وإن وضع الله في طريقك إنسانًا بارًا، فتعلم منه محبة الله، حتى لا تدان في النهاية بسبب كبريائك،وإهمالك لصوت الله لك. إهتم بتقديم محبة ورعاية روحية. إهتم بخلاص نفوس كل من حولك، مهما كانوا بعيدين، أو رافضين، فالله قادر، ولو بعد حين، أن يجذبهم إليه بصلواتك وخدمتك لهم، كما ساعد القديسة مونيكا، فأرجعت إليه ابنها أغسطينوس، وزوجها، وحماتها الوثنيين.
ع13: المضجع الفاحش: مكان الرقاد لممارسة الزنى.
ستحوز: ستنال.
يتكلم عن العاقر، أي التي لم تلد، وكان العقر في العهد القديم يُعتبر نقصًا كبيرًا، وعدم استحقاق للقداسة، إذ أن كل امرأة من شعب الله كانت تنتظر أن يأتي منها المسيا، أي المسيح. فمن لا تلد تعتبر غير مستحقة لنوال البركة بولادة البنين، الذين قد يكون المسيح من نسلهم.
فهذه العاقر رغم أنها لم تلد، وحفظت قلبها نقيًا شاكرًا لله، حتى لو لم يكن لها أولاد، فهي تمثل الثبات في نقاوة القلب دون مكافأة أرضية، وهي بهذا تدخر لنفسها مكافأة أبدية.
وهذه العاقر أيضًا تشير للنفس المتبتلة، التي فضلت أن تحيا بدون أولاد جسديين، وتكرس حياتها لمحبة الله على الأرض، فتستحق مجازاة عظيمة في السماء، ويعوضها الله على الأرض ببركات كثيرة.
ع14: تباشر: تمتد.
مأثمًا: خطية.
وهذا الخصي الذي لا يستطيع الزواج وإنجاب البنين، ومع هذا لم يكسر وصايا الله بالشرور المختلفة، فله مكافأة عالية في السماء.
وهو يشير للإنسان الذي خصى نفسه لأجل الله، ليس بمعنى أنه أحدث تلفًا في أعضائه، بل تنازل عن احتياجاته الغريزية الطبيعية، وحولها لمحبة الله، وخدمته، أي الإنسان البتول المكرس لله، فهذا له مجد عظيم في السماء. وهذه الآية تشير لكلام المسيح الذي قاله عن البتوليين، إذ قال: "يوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات" (مت19: 12).
هذا الخصى، الذي هو البتول، ينال حظًا شهيًا في هيكل الرب، والهيكل هو مكان لقاء الله مع الإنسان، واتحاده به، هذا تم في هيكل العهد القديم، حيث توجد شركة بين الإنسان والله، وفى العهد الجديد باتحاد الإنسان بالله من خلال الجسد والدم، أما في الأبدية، فينال البتول مكانة عظيمة لا يمكن التعبير عنها.
†
إن النفس التي أحبت الله، واستغنت به عن كل محبة أرضية، قد صار لها دخول إلى أعماق الله. هذه هي النفس المتبتلة التي ينتظرها مجد عظيم في أحضان الحب الإلهي في السماء.ما أجمل الطهارة والعفة، ليس فقط للمتبتلين الذين يمجدهم الكتاب المقدس بوضوح، ولكن أيضًا للمتزوجين، حتى لا ينهمكوا في شهوات العالم، بل يكون هدف الكل هو محبة الله. وكلما انشغلنا بمحبة الله، نتنازل تدريجيًا عن احتياجاتنا المادية، فننال مكافأتنا في السماء.
ع15: جرثومة: ميكروب صغير لا يرى بالعين المجردة، وينتشر، ويؤثر سريعًا بقوة على الإنسان.
الفطنة: الحكمة.
راسخة: ثابتة.
يختم يشوع كلامه عن البتولية بهذه الآية، فيعلن أن من يتعبون في حفظ طهارتهم كبتوليين، لهم أجر عظيم من الله. فهذه الأتعاب من أجل حياة البتولية هي أتعاب صالحة، وثمرتها فاخرة على الأرض بتعزيات وبركات كثيرة، ثم في السماء أمجاد عظيمة.
وجرثومة الفطنة هي بذرة الحكمة الصغيرة التي يهبها الله للإنسان، فتعمل بسرعة وقوة في كل كيانه. وعلى قدر ما يتعب البتول في حفظ طهارته، والتمتع بعشرة الله، يثبت في حياة راسخة في الله، ويتمتع بها إلى الأبد.
ع16: لا يبلغون أشدهم: يموتون في سن صغيرة.
تنقرض: تفنى.
إن كانت عاقبة البتولية والتكريس للحب الإلهي هكذا عظيمة في السماء، فعلى العكس، نرى نتيجة الخطية، أي الزنى، شقاء وتعب. فأولاد الزناة يتعلمون الزنى والشر من آبائهم، وحياتهم تصبح قصيرة، ليس فقط في عدد السنوات، ولكن تكون كل حياتهم بلا فائدة، وكأنهم لم يولدوا؛ لأنهم لم يعرفوا الله. وإذا استمروا في الزنى، فإن الله يعاقبهم بأن يفنوا، ولا يكون لهم ذرية على الأرض.
ويمكن أن يكون المقصود بأولاد الزناة هم من لا يعبدون الله، بل يعبدون الأصنام، وينغمسون في شهوات العالم؛ وهذا هو الزنى الروحي، فهؤلاء أيضًا لا ينالون بركة الله لا في الأرض، ولا في الحياة الأخرى.
الله لا يعاقب أولاد الزناة بسبب خطية آبائهم، ولكن لأنهم سلكوا هم أيضًا مثلهم في الزنى، إذ أن كل واحد مسئول عن سلوكه (حز18: 2-4).
ع17-19: الأشرار، أو أولاد الزناة لا تطول حياتهم - كما ذكرنا في (ع16) - وإن طالت حياتهم وبلغوا سن الشيخوخة تكون حياتهم بلا قيمة، ولا تكون لهم كرامة أمام الله، وحتى الناس يشعرون بشرهم وخزيهم.
وبعد موت هؤلاء الأشرار لا يكون لهم راحة، أو رجاء في السعادة الأبدية، بل ينتظرهم العذاب الذي لا ينتهى؛ لأن عقاب الله للأشرار فظيع جدًا، ويشمل كل من سار في الشر، ورفض الله؛ فكل هذا الجيل الشرير يدان، ويتعذب.
† لا تترجى يا نفسي راحة من شرورك، فإن كل أفعال الخطية مؤذية لك ولمن حولك، "لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله" (يع1: 20)، فلا تغضبى مثلًا بحجة إعلان الحق، وتفقدى سلامك، وتزعجى الآخرين، وتظنى أن هذا يرضى الله. إهربى من الشر وكل مصادره فتحتمى من العذاب الأبدي، وتتمتعى بسلام الله.
← تفاسير أصحاحات حكمة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19
تفسير حكمة سليمان 4 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير حكمة سليمان 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/wisdom/chapter-03.html
تقصير الرابط:
tak.la/ccm7d3n