تابع: الخروج
1 ثُمَّ سَدَّدَتْ مَسَاعِيَهُمْ بِإِرْشَادِ نَبِيٍّ قِدِّيسٍ،
2 فَسَارُوا فِي بَرِّيَّةٍ لاَ سَاكِنَ بِهَا، وَضَرَبُوا أَخْبِيَتَهُمْ فِي أَرْضٍ قَفْرَةٍ،
3 وَقَاوَمُوا مُحَارِبِيهِمْ، وَدَافَعُوا أَعْدَاءَهُمْ.
معجزة الماء. المقابلة الأولى
4 وَفِي عَطَشِهِمْ دَعَوْا إِلَيْكَ؛ فَأُعْطُوا مَاءً مِنْ صَخْرَةِ الصَّوَّانِ، وَشِفَاءً لِغَلِيلِهِمْ مِنَ الْحَجَرِ الْجُلْمُودِ.
5 فَكَانَ الَّذِي عُذِّبَ بِهِ أَعْدَاؤُهُمْ، إِذْ أَعْوَزَهُمْ مَا يَشْرَبُونَ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ مُتَهَلِّلُونَ بِكَثْرَتِهِ،
6 هُوَ الَّذِي أُحْسِنَ بِهِ إِلَيْهِمْ فِي عَوَزِهِمْ.
7 فَإِنَّكَ بَلْبَلْتَ أُولئِكَ، إِذْ بَدَّلْتَهُمْ بِمَعِينِ النَّهْرِ الدَّائِمِ دَمًا صَدِيدًا،
8 عِقَابًا لَهُمْ عَلَى قَضَائِهِمْ بِقَتْلِ الأَطْفَالِ، وَهؤُلاَءِ أَعْطَيْتَهُمْ مَاءً غَزِيرًا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ،
9 لِكَيْ تُرِيَهُمْ بِعَطَشِهِمْ هذَا، كَيْفَ عَاقَبْتَ أَضْدَادَهُمْ.
10 فَإِنَّهُمْ بِامْتِحَانِكَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ تَأْدِيبَ رَحْمَةٍ، فَهِمُوا كَيْفَ كَانَ عَذَابُ الْمُنَافِقِينَ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِمْ بِالْغَضَبِ.
11 لأَنَّكَ جَرَّبْتَ هؤُلاَءِ كَأَبٍ، إِنْذَارًا لَهُمْ، وَأُولئِكَ ابْتَلَيْتَهُمْ كَمَلِكٍ قَاسٍ قَضَاءً عَلَيْهِمْ.
12 وَقَدْ مَسَّهُمْ فِي الْغَيْبِ مِنَ الضُّرِّ مَا مَسَّهُمْ فِي الْمَشْهَدِ،
13 إِذْ أَخَذَهُمْ ضِعْفَانِ مِنَ الْحُزْنِ وَالنَّحِيبِ، بِتَذَكُّرِ الضَّرَبَاتِ السَّالِفَةِ،
14 لأَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ مَا كَانَ لَهُمْ عِقَابًا، صَارَ لأَعْدَائِهِمْ إِحْسَانًا، شَعَرُوا بِيَدِ الرَّبِّ.
15 وَالَّذِي قَضَوْا مِنْ قَبْلُ بِطَرْحِهِ فِي النَّهْرِ، وَاسْتَخَفُّوا بِهِ وَرَذَلُوهُ اسْتَعْظَمُوهُ فِي آخِرِ الأَمْرِ، إِذْ كَانَ عَطَشُ الصِّدِّيقِينَ عَلَى خِلاَفِ عَطَشِهِمْ.
حِلم اللّهِ في معاملةِ مِصر
16 وَإِذْ كَانُوا قَدْ سَفِهُوا فِي أَفْكَارِهِمِ الأَثِيمَةِ، وَضَلُّوا حَتَّى عَبَدُوا زَحَّافَاتٍ حَقِيرَةً وَوُحُوشًا لاَ نُطْقَ لَهَا، انْتَقَمْتَ مِنْهُمْ بِأَنْ أَرْسَلْتَ عَلَيْهِمْ جَمًّا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لاَ نُطْقَ لَهَا،
17 لِكَيْ يَعْلَمُوا أَنَّ مَا خَطِئَ بِهِ أَحَدٌ بِهِ يُعَاقَبُ.
18 وَلَمْ يَكُنْ صَعْبًا عَلَى يَدِكَ الْقَادِرَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّتِي صَنَعَتِ الْعَالَمَ مِنْ مَادَّةٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ، أَنْ تَبْعَثَ عَلَيْهِمْ جَمًّا مِنَ الأَدْبَابِ أَوِ الأُسُودِ الْبَاسِلَةِ،
19 أَوْ مِنْ أَصْنَافٍ جَدِيدَةٍ لَمْ تُعْرَفْ مِنَ الْوُحُوشِ الضَّارِيَةِ، الَّتِي تَنْفُخُ نَارًا أَوْ تَبْعَثُ دُخَانًا قَاتِمًا أَوْ تُرْسِلُ مِنْ عُيُونِهَا شَرَارًا مُخِيفًا.
20 إِذَنْ لَكَانَتْ تُهْلِكُهُمْ خَوْفًا مِنْ مَنْظَرِهَا، فَضْلًا عَنْ أَنْ تُهَشِّمَهُمْ بِإِصَابَتِهَا.
21 بَلْ قَدْ كَانَ نَفَسٌ كَافِيًا لإِسْقَاطِهِمْ؛ فَيَتَعَقَّبُهُمُ الْقَضَاءُ وَرُوحُ قُدْرَتِكَ يُذَرِّيهِمْ. لكِنَّكَ رَتَّبْتَ كُلَّ شَيْءٍ بِمِقْدَارٍ وَعَدَدٍ وَوَزْنٍ.
أسباب هذا الحِلم
22 وَعِنْدَكَ قُدْرَةٌ عَظِيمَةٌ فِي كُلِّ حِينٍ؛ فَمَنْ يُقَاوِمُ قُوَّةَ ذِرَاعِكَ.
23 إِنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ أَمَامَكَ مِثْلُ مَا تَرْجَحُ بِهِ كَفَّةُ الْمِيزَانِ، وَكَنُقْطَةِ نَدًى تَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ عِنْدَ السَّحَرِ.
24 لكِنَّكَ تَرْحَمُ الْجَمِيعَ، لأَنَّكَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَتَتَغَاضَى عَنْ خَطَايَا النَّاسِ لِكَيْ يَتُوبُوا.
25 لأَنَّكَ تُحِبُّ جَمِيعَ الأَكْوَانِ، وَلاَ تَمْقُتُ شَيْئًا مِمَّا صَنَعْتَ؛ فَإِنَّكَ لَوْ أَبْغَضْتَ شَيْئًا لَمْ تُكَوِّنْهُ.
26 وَكَيْفَ يَبْقَى شَيْءٌ لَمْ تُرِدْهُ؟ أَمْ كَيْفَ يُحْفَظُ مَا لَسْتَ أَنْتَ دَاعِيًا لَهُ؟
27 إِنَّكَ تُشْفِقُ عَلَى جَمِيعِ الأَكْوَانِ، لأَنَّهَا لَكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الْمُحِبُّ لِلنُّفُوسِ.