تابع: المقابلة الخامسة: الظلام وعمود النار
1 أَمَّا قِدِّيسُوكَ فَكَانَ عِنْدَهُمْ نُورٌ عَظِيمٌ، وَكَانَ أُولئِكَ يَسْمَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِغَيْرِ أَنْ يُبْصِرُوا أَشْخَاصَهُمْ، وَيَغْبِطُونَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ لاَ يُقَاسُونَ مِثْلَ حَالِهِمْ،
2 وَيَشْكُرُونَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ لاَ يُؤْذُونَ، الَّذِينَ قَدْ ظَلَمُوهُمْ وَيَسْتَغْفِرُونَهُمْ مِنْ مُعَادَاتِهِمْ لَهُمْ.
3 وَبِإِزَاءِ ذلِكَ جَعَلْتَ لِهؤُلاَءِ عَمُودَ نَارٍ، دَلِيلًا فِي طَرِيقٍ لَمْ يَعْرِفُوهُ، شَمْسًا لِتِلْكَ الضِّيَافَةِ الْكَرِيمَةِ لاَ أَذَى بِهَا.
4 أَمَّا أُولئِكَ فَكَانَ جَدِيرًا بِهِمْ أَنْ يَفْقِدُوا النُّورَ، وَيُحْبَسُوا فِي الظُّلْمَةِ، لأَنَّهُمْ حَبَسُوا بَنِيكَ الَّذِينَ بِهِمْ سَيُمْنَحُ الدَّهْرُ نُورَ شَرِيعَتِكَ الْغَيْرَ الْفَانِي.
المقابلة السادسة: الليلة المفجعة وليلة النجاة
5 وَلَمَّا ائْتَمَرُوا أَنْ يَقْتُلُوا أَطْفَالَ الْقِدِّيسِينَ، وَعُرِّضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِذلِكَ ثُمَّ خُلِّصَ، عَاقَبْتَهُمْ أَنْتَ بِإِهْلاَكِ جُمْهُورِ أَوْلاَدِهِمْ، ثُمَّ دَمَّرْتَهُمْ جَمِيعًا فِي الْمَاءِ الْغَامِرِ.
6 وَتِلْكَ اللَّيْلَةُ قَدْ أُخْبِرَ بِهَا آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ، لِكَيْ تَطِيبَ نُفُوسُهُمْ، لِعِلْمِهِمِ الْيَقِينِ مَا الأَقْسَامُ الَّتِي يَثِقُونَ بِهَا.
7 فَفَازَ شَعْبُكَ بِخَلاَصِ الصِّدِّيقِينَ وَهَلاَكِ الأَعْدَاءِ.
8 فَإِنَّ الَّذِي عَاقَبْتَ بِهِ الْمُقَاوِمِينَ، هُوَ الَّذِي جَذَبْتَنَا بِهِ إِلَيْكَ وَمَجَّدْتَنَا.
9 فَإِنَّ الْقِدِّيسِينَ بَنِي الصَّالِحِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ خُفْيَةً، وَيُوجِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ شَرِيعَةَ اللهِ هذِهِ أَنْ يَشْتَرِكَ الْقِدِّيسُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ عَلَى السَّوَاءِ. وَكَانُوا يُرَنِّمُونَ بِتَسَابِيحِ الآبَاءِ،
10 وَقَدْ رَفَعَ الأَعْدَاءُ جَلَبَةَ أَصْوَاتِهِمْ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ عَلَى أَطْفَالِهِمْ.
11 وَكَانَ قَضَاءٌ وَاحِدٌ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى، وَضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ نَالَتِ الشَّعْبَ وَالْمَلِكَ.
12 وَكَانَ لِكُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ أَمْوَاتٌ لاَ يُحْصَوْنَ قَدْ مَاتُوا مِيتَةً وَاحِدَةً، حَتَّى إِنَّ الأَحْيَاءَ لَمْ يَكْفُوا لِدَفْنِ الْمَوْتَى، إِذْ فِي لَحْظَةٍ أُبِيدَ نَسْلُهُمُ الأَعَزُّ.
13 وَبَعْدَ أَنْ أَبَوْا بِسَبَبِ السِّحْرِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِشَيْءٍ، اِعْتَرَفُوا عِنْدَ هَلاَكِ الأَبْكَارِ بِأَنَّ الشَّعْبَ هُوَ ابْنٌ للهِ.
14 وَحِينَ شَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ هُدُوءُ السُّكُوتِ، وَانْتَصَفَ مَسِيرُ اللَّيْلِ،
15 هَجَمَتْ كَلِمَتُكَ الْقَدِيرَةُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ الْعُرُوشِ الْمَلَكِيَّةِ عَلَى أَرْضِ الْخَرَابِ بِمَنْزِلَةِ مُبَارِزٍ عَنِيفٍ،
16 وَسَيْفٍ صَارِمٍ يُمْضِي قَضَاءَكَ الْمَحْتُومَ؛ فَوَقَفَ وَمَلأَ كُلَّ مَكَانٍ قَتْلًا، وَكَانَ رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ وَقَدَمَاهُ عَلَى الأَرْضِ.
17 حِينَئِذٍ بَلْبَلَتْهُمْ بَغْتَةً أَخْيِلَةُ الأَحْلاَمِ بَلْبَلَةً شَدِيدَةً، وَغَشِيَتْهُمْ أَهْوَالٌ مُفَاجِئَةٌ.
18 وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ عِنْدَ صَرْعِهِ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ يُعْلِنُ لأَيِّ سَبَبٍ يَمُوتُ،
19 لأَنَّ الأَحْلاَمَ الَّتِي أَقْلَقَتُهُمْ، أَنْبَأَتْهُمْ بِذلِكَ لِئَلاَّ يَهْلِكُوا، وَهُمْ يَجْهَلُونَ مَجْلَبَةَ هَلاَكِهِمْ
التهديد بالإفناء في البرية
20 وَالصِّدِّيقُونَ أَيْضًا مَسَّتْهُمْ مِحْنَةُ الْمَوْتِ، وَوَقَعَتِ الضَّرْبَةُ عَلَى جَمٍّ مِنْهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ، لكِنَّ الْغَضَبَ لَمْ يَلْبَثْ طَوِيلًا،
21 لأَنَّ رَجُلًا لاَ عَيْبَ فِيهِ بَادَرَ لِحِمَايَتِهِمْ؛ فَبَرَزَ بِسِلاَحِ خِدْمَتِهِ الَّذِي هُوَ الصَّلاَةُ وَالتَّكْفِيرُ بِالْبَخُورِ، وَقَاوَمَ الْغَضَبَ وَأَزَالَ النَّازِلَةَ؛ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ خَادِمُكَ.
22 فَانْتَصَرَ عَلَى الْجَمْعِ لاَ بِقُوَّةِ الْجَسَدِ وَلاَ بِإِعْمَالِ السِّلاَحِ، وَلكِنَّهُ بِالْكَلاَمِ كَفَّ الْمُعَاقِبَ، مُذَكِّرًا الأَقْسَامَ وَالْعُهُودَ لِلآبَاءِ.
23 فَإِنَّهُ إِذْ كَانَ الْقَتْلَى يَتَسَاقَطُونَ جَمَاعَاتٍ، وَقَفَ فِي الْوَسْطِ فَحَسَمَ السُّخْطَ وَقَطَعَ الْمَسْلَكَ إِلَى الأَحْيَاءِ،
24 لأَنَّهُ كَانَ عَلَى ثَوْبِهِ السَّابِغِ الْعَالَمُ كُلُّهُ، وَأَسْمَاءُ الآبَاءِ الْمَجِيدَةُ مَنْقُوشَةً فِي أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ مِنَ الْحِجَارَةِ الْكَرِيمَةِ، وَعَظَمَتُكَ عَلَى تَاجِ رَأْسِهِ،
25 فَهذِهِ خَضَعَ الْمُهْلِكُ لَهَا وَهَابَهَا، وَكَانَ مُجَرَّدُ اخْتِبَارِ الْغَضَبِ قَدْ كَفَى.