← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44
اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ
(1) ظروف النبوة (ع1- 5)
(2) شراء الأرض (ع6- 15)
(3) صلاة إرميا ( ع16-25)
(4) أسباب التأديب ( ع26-35)
(5) الرجوع من السبي ( ع36-44)
1 اَلْكَلِمَةُ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ، فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ لِصِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، هِيَ السَّنَةُ الثَّامِنَةُ عَشَرَةَ لِنَبُوخَذْرَاصَّرَ، 2 وَكَانَ حِينَئِذٍ جَيْشُ مَلِكِ بَابِلَ يُحَاصِرُ أُورُشَلِيمَ، وَكَانَ إِرْمِيَا النَّبِيُّ مَحْبُوسًا فِي دَارِ السِّجْنِ الَّذِي فِي بَيْتِ مَلِكِ يَهُوذَا، 3 لأَنَّ صِدْقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا حَبَسَهُ قَائِلًا: «لِمَاذَا تَنَبَّأْتَ قَائِلًا: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَدْفَعُ هذِهِ الْمَدِينَةَ لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ، فَيَأْخُذُهَا؟ 4 وَصِدْقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا لاَ يُفْلِتُ مِنْ يَدِ الْكَلْدَانِيِّينَ بَلْ إِنَّمَا يُدْفَعُ لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ، وَيُكَلِّمُهُ فَمًا لِفَمٍ وَعَيْنَاهُ تَرَيَانِ عَيْنَيْهِ، 5 وَيَسِيرُ بِصِدْقِيَّا إِلَى بَابِلَ فَيَكُونُ هُنَاكَ حَتَّى أَفْتَقِدَهُ، يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ حَارَبْتُمُ الْكَلْدَانِيِّينَ لاَ تَنْجَحُونَ».
ع1:
يحدد زمن النبوة بأنه السنة العاشرة للمُلك صدقيا ملك يهوذا، وهي تقابل السنة الثامنة عشر لنبوخذنصر ملك بابل وهي سنة 588 ق.م.
ع2: في وقت هذه النبوة التي أرسلها الله إلى إرميا، كانت أورشليم محاصرة بجيوش بابل ثم انسحبت لمدة قصيرة لتقدم جيوش مصر نحو أورشليم، ثم عادت بابل وحاصرت أورشليم الحصار النهائى ثم دمرتها، وتممت السبي الأخير لليهود.
كان في هذا الوقت إرميا مسجونًا في سجن خاص تابعًا لقصر ملك يهوذا، وكان له بعض الحرية في التحرك بدليل وزنه للفضة وشراء الأرض التي في بلده عناثوث. وكان هذا السجن، رغم صعوبته كضيقة لإرميا، فرصة للحفاظ على إرميا من إساءات أعداءه إليه وحماية له.
ع3: السبب في سجن إرميا هو غضب صدقيا ملك يهوذا عليه لأنه تنبأ بعدة أمور:
أولها أن أورشليم سيستولى عليها ملك بابل.
ع4: يستكمل إرميا نبوته فيعلن أمرًا ثانيًا هو أن ملك بابل سيقبض على صدقيا ملك يهوذا.
ونبوة ثالثة بأن صدقيا سيُقابل ملك بابل.
ع5: يضيف إرميا في نبوته أمرًا رابعًا وهو أن الكلدانيين أي البابليين سيحملون صدقيا الملك إلى بابل، ويقول "يحملون" لأنهم سيفقأوا عينيه فيقتادوه إلى بابل التي لم يراها كما قال حزقيال النبي (حز12: 13) ولكنه يمكث فيها بقية عمره.
ويتنبأ بأمر خامس هو أن صدقيا سيظل في بابل حتى نهاية حياته حيث يفتقده الله أي يموت وينقله من أرضنا.
نبوة سادسة وأخيرة قالها إرميا أن محاولة مقاومة يهوذا لبابل ستفشل، وستقتل بابل كثيرين من اليهود، وتسبى من تختارهم، وتترك في الأرض الضعفاء.
†
الضيقات التي يسمح بها الله لك تختفى فيها محبته وعنايته بك، فكما سُجن إرميا في قصر ملك يهوذا ليحميه من أعداءه، هكذا الله أيضًا يحميك من متاعب كثيرة بواسطة الضيقات التي تمر بك، فأشكر الله على كل شيء حتى الضيقات.
6 فَقَالَ إِرْمِيَا: «كَلِمَةُ الرَّبِّ صَارَتْ إِلَيَّ قَائِلَةً: 7 هُوَذَا حَنَمْئِيلُ بْنُ شَلُّومَ عَمِّكَ يَأْتِي إِلَيْكَ قَائِلًا: اشْتَرِ لِنَفْسِكَ حَقْلِي الَّذِي فِي عَنَاثُوثَ، لأَنَّ لَكَ حَقَّ الْفِكَاكِ لِلشِّرَاءِ». 8 فَجَاءَ إِلَيَّ حَنَمْئِيلُ ابْنُ عَمِّي حَسَبَ كَلِمَةِ الرَّبِّ إِلَى دَارِ السِّجْنِ، وَقَالَ لِي: «اشْتَرِ حَقْلِي الَّذِي فِي عَنَاثُوثَ الَّذِي فِي أَرْضِ بِنْيَامِينَ، لأَنَّ لَكَ حَقَّ الإِرْثِ، وَلَكَ الْفِكَاكُ. اشْتَرِهِ لِنَفْسِكَ». فَعَرَفْتُ أَنَّهَا كَلِمَةُ الرَّبِّ. 9 فَاشْتَرَيْتُ مِنْ حَنَمْئِيلَ ابْنِ عَمِّي الْحَقْلَ الَّذِي فِي عَنَاثُوثَ، وَوَزَنْتُ لَهُ الْفِضَّةَ، سَبْعَةَ عَشَرَ شَاقِلًا مِنَ الْفِضَّةِ. 10 وَكَتَبْتُهُ فِي صَكّ وَخَتَمْتُ وَأَشْهَدْتُ شُهُودًا، وَوَزَنْتُ الْفِضَّةَ بِمَوَازِينَ. 11 وَأَخَذْتُ صَكَّ الشِّرَاءِ الْمَخْتُومَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ وَالْفَرِيضَةِ وَالْمَفْتُوحَ. 12 وَسَلَّمْتُ صَكَّ الشِّرَاءِ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا بْنِ مَحْسِيَا أَمَامَ حَنَمْئِيلَ ابْنِ عَمِّي، وَأَمَامَ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَمْضَوْا صَكَّ الشِّرَاءِ أَمَامَ كُلِّ الْيَهُودِ الْجَالِسِينَ فِي دَارِ السِّجْنِ. 13 وَأَوْصَيْتُ بَارُوخَ أَمَامَهُمْ قَائِلًا: 14 «هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: خُذْ هذَيْنِ الصَّكَّيْنِ، صَكَّ الشِّرَاءِ هذَا الْمَخْتُومَ، وَالصَّكَّ الْمَفْتُوحَ هذَا، وَاجْعَلْهُمَا فِي إِنَاءٍ مِنْ خَزَفٍ لِكَيْ يَبْقَيَا أَيَّامًا كَثِيرَةً. 15 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: سَيَشْتَرُونَ بَعْدُ بُيُوتًا وَحُقُولًا وَكُرُومًا فِي هذِهِ الأَرْضِ».
أمر الله إرميا أن يشترى حقل في بلده عناثوث التي ولد وعاش فيها هو وعائلته، وهي بلدة للكهنة بالقرب من أورشليم، ويبدو أن ابن عم إرميا، الذي كان مالكًا لهذا الحقل، تعرض لضيقة مالية فأرتهن هذا الحقل، وللمحافظة على ميراث الأرض يستطيع أحد أقاربه أن يشترى الحقل ليظل في ملكية الأسرة كما نصت الشريعة في (لاويين25: 25)، لأن أرض الميعاد كانت ترمز لأروشليم السمائية التي هي الميراث الأبدي، فينبغى المحافظة عليها.
ويبدو أن ابن عم إرميا لم يجد من يشترى هذا الحقل من الشخص الذي أرتهن الحقل عنده، ويدفع ثمن فك وإعادة هذا الحقل للأسرة، ولعل هذا بسبب السبي المقبل عليهم، وبالتالي لا فائدة من هذا الشراء لأن بابل ستستولى على كل الأراضي، ولذا فقد جاء إلى إرميا في السجن يعرض عليه شراء الحقل لإعادة الميراث للأسرة.
وشلوم هو عم إرميا وحنمئيل هو ابن عمه.
وقد أبلغ الله إرميا بقدوم حنمئيل إليه قبل أن يصل، وأمره بشراء الأرض.
وهنا يستخدم الله وسيلة إيضاح ليعلن أمام اليهود أن السبي سيأتى ولكنهم سيعودون منه، فجعل نبيه إرميا يشترى الحقل تأكيدًا لحتمية عودتهم من السبي، فهو رجاء واضح وتعزية يقدمها الله لأولاده.
†
إن كان الله يسمح لك بالضيقات، فهو يُظهر لك في نفس الوقت قوته ورعايته لك، فلا تغتم بسبب الضيقة، بل أطلب الله فيظهر لك وجوده معك فيتعزى قلبك.
ع8: تحقق كلام الله بوصول حنمئيل ابن عم إرميا إلى السجن، حيث كان إرميا مسجونًا، وعرض عليه فك حقله المرهون وشرائه لنفسه ليعود لملكية العائلة، فتأكد إرميا مما أعلمه الله مسبقًا.
فالله يمهد ويرشد أولاده الملتصقين به فلا ينزعجوا من الأحداث الآتية عليهم، وإذ يطمئنوا يكونون قدوة لمن حولهم.
ومن ناحية أخرى فإن الله يرشد أولاده في تفاصيل حياتهم ما داموا متمسكين به.
ع9: شاقل فضة
: يساوى حوالي خمسة عشر جرام.أطاع إرميا كلام الله، وأشترى حقل ابن عمه، ودفع له ثمنه وهو سبعة عشر شاقل فضة.
ع10: كتب إرميا صكًا بشراء الحقل حتى يُثبت ملكيته له، وكان ذلك أمام شهود سواء من الأقارب الذين حضروا مع حنمئيل، أو من المسجونين معه.
وختم هذا الصك، أي العقد، ووزن الفضة أمام الشهود إثباتًا لملكيته.
ع11: كانت العادة في الشراء قديمًا أن يكتب نسختين من العقد سواء الأثنان متطابقتان تمامًا أو أحداهما ملخص للأخرى، وتغلق الواحدة وتُختم أما الأخرى فتظل مفتوحة وذلك تأكيدًا للملكية.
ع12: بعد أن وقع الشهود على صك الشراء واستلم حنمئيل الثمن، سلم إرميا الصك لتلميذه "باروخ" والذي كان كاتبًا لنبواته ويساعده في كتابة أي أمور تخصه.
كل هذا إثباتًا أمام شهود كثيرين، وإعلانًا للشعب أن إرميا اشترى حقلًا رغم محاصرة بابل لأورشليم وأقتراب السبي منهم ليعلن، كما ذكرنا، أنهم سيعودون من السبي ويتمتعون بأراضيهم.
ع13، 14: باروخ تلميذ إرميا كان أيضًا نبيًا، وله نبوة بأسمه ضمن الأسفار القانونية التي حذفها البروتستانت.
أمره إرميا أن يضع نسختى الصك في وعاء خزفى، وكانت هذه هي العادة للمحافظة على الأوراق الهامة أن توضع في وعاء خزفى ويُغلق عليها ويُثبت الغلق بالقار، وهذا أعلان من إرميا أن السبي سيدوم سنينًا طويلة، ولكن بعده سيعود اليهود من السبي.
ع15: يؤكد الله العودة من السبي وشراء اليهود للبيوت والحقول.
كل هذا رمز للمسيح الذي اشترانا بدمه وكتب الصك على الصليب، وأن تحقيق الخلاص الكامل سيكون بعد سنين حياتنا الأرضية، حينما نرتفع إلى أورشليم السمائية ونملك معه إلى الأبد، وترمز النسختين لعقد الشراء وهما المفتوحة إلى البركات التي ننالها الآن على الأرض، أما المختومة إلى البركات التي سننالها في السماء وهي لا يُعبر عنها. والمسيح أخذ طبيعتنا بتجسده ليكون قريبًا لنا، ويتمم فدائنا، فيحررنا من يد الشيطان الذي بعنا أنفسنا له بسبب فقرنا الروحي، وكان دفع ثمن الفداء معلنًا أمام شهود كثيرين هم كل سكان الأورشليم التي صلب المسيح خارجها.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
16 ثُمَّ صَلَّيْتُ إِلَى الرَّبِّ بَعْدَ تَسْلِيمِ صَكِّ الشِّرَاءِ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا قَائِلًا: 17 «آهِ، أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، هَا إِنَّكَ قَدْ صَنَعْتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقُوَّتِكَ الْعَظِيمَةِ، وَبِذِرَاعِكَ الْمَمْدُودَةِ. لاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ شَيْءٌ. 18 صَانِعُ الإِحْسَانِ لأُلُوفٍ، وَمُجَازِي ذَنْبِ الآبَاءِ فِي حِضْنِ بَنِيهِمْ بَعْدَهُمُ، الإِلهُ الْعَظِيمُ الْجَبَّارُ، رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ. 19 عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ، وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ، الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ، وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ. 20 الَّذِي جَعَلْتَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، وَفِي إِسْرَائِيلَ وَفِي النَّاسِ، وَجَعَلْتَ لِنَفْسِكَ اسْمًا كَهذَا الْيَوْمِ، 21 وَأَخْرَجْتَ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ، وَبِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ وَمَخَافَةٍ عَظِيمَةٍ، 22 وَأَعْطَيْتَهُمْ هذِهِ الأَرْضَ الَّتِي حَلَفْتَ لآبَائِهِمْ أَنْ تُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا. 23 فَأَتَوْا وَامْتَلَكُوهَا، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِكَ، وَلاَ سَارُوا فِي شَرِيعَتِكَ. كُلُّ مَا أَوْصَيْتَهُمْ أَنْ يَعْمَلُوهُ لَمْ يَعْمَلُوهُ، فَأَوْقَعْتَ بِهِمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ. 24 هَا الْمَتَارِسُ! قَدْ أَتَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَأْخُذُوهَا، وَقَدْ دُفِعَتِ الْمَدِينَةُ لِيَدِ الْكَلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ يُحَارِبُونَهَا بِسَبَبِ السَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ، وَمَا تَكَلَّمْتَ بِهِ فَقَدْ حَدَثَ، وَهَا أَنْتَ نَاظِرٌ. 25 وَقَدْ قُلْتَ أَنْتَ لِي أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ: اشْتَرِ لِنَفْسِكَ الْحَقْلَ بِفِضَّةٍ وَأَشْهِدْ شُهُودًا، وَقَدْ دُفِعَتِ الْمَدِينَةُ لِيَدِ الْكَلْدَانِيِّينَ».
ع16، 17: بعد إنتهاء إجراءات شراء الحقل، وقف إرميا ليصلى، فهذا هو إنشغاله الأول، بل كل أمور حياته هدفها هو إرتباطه بالله، وفى صلاته يستعرض إحسانات الله وتدابيره لشعبه وعنايته بهم حتى في الضيقات.
وفى بداية صلاته يمجد الله خالق كل الأشياء، ويصفه أيضًا بأنه القادر على كل شيء.
ع18:
يصف الله بالمحبة التي تظهر في عطاياه لشعبه المكون من الألوف، فهو يعتنى بكل أولاده، ثم يقدم صفة رابعة لله هي عدله، الذي يظهر في مجازاته ليس فقط للآباء الأشرار بل لأبنائهم أيضًا إذا ساروا في خطايا آبائهم.ويصف الله صفة خامسة هي أنه قوى وجبار، ويسميه "رب الجنود" إظهارًا لقوته.
فلنلاحظ أن صلاة إرميا هي تسبيح لله، واستعراض لصفاته الكثيرة، فالتسبيح هو محبة وتعلق بالله.
ع19: يواصل تسبيحه لله فيصفه صفة سادسة هي عظمته في إرشاد أولاده، ومشورته هي الحقة لأنه يعرف كل شيء ويحب أولاده.
ثم يصفه صفة سابعة وهي معرفته لكل شيء، التي يعبر عنها بأن عينيه مفتوحتان على كل ما يحدث على الأرض، وهذا يُطمئن أولاده وخائفيه إذ يحميهم ويباركهم، وفى نفس الوقت يزعج الأشرار لأنه سيعاقبهم على خطاياهم.
ع20، 21: يذكر الله بقوته التي خلص بها شعبه، حينما كان مستعبدًا في مصر عندما ضرب المصريين بالضربات العشرة، وعبر بهم البحر الأحمر، وأهلك جيش المصريين، فهو يسبح قدرته الإلهية، ورعايته لشعبه التي تحدث بها العالم كله إلى هذا اليوم، لأن ما حدث لن يمحى من ذهن البشر لعظمته.
ع22: يشكر الله الذي أتم وعوده لإبراهيم والآباء، وهذه صفة ثامنة لله وهي صدق وعوده، إذ أعطى شعبه أن يمتلكوا أرض كنعان المملوءة بالخيرات.
ع23: يقدم إرميا اعترافًا أمام الله، نيابة عن شعبه، بأنهم بعد امتلاكهم أرض كنعان تركوا وصايا الله وساروا في شهواتهم الشريرة، فاستحقوا أن يعاقبهم الله بالسبي أي هذا الشر.
ع24: المتارس: الجنود الذين يبنون المتاريس، وهي جمع متراس الذي هو حائط من الطوب أو الحجارة، أو أي عوائق يبنيها الأعداء حول المدن المحاصرة لعرقلة حروب المحاصرين إذا حاولوا الهرب.
المدينة : أورشليم.
الكلدانيون : البابليون.
بعد ذلك يعلن صدق الله في كلامه الذي أرسله إلى إرميا ليعلنه كنبوات أمام الشعب، إذ أن الله قد قال أن أورشليم سيحاصرها البابليون، وستسقط في أيديهم، بسبب ليس فقط قسوة البابليين في قتل اليهود، بل أيضًا ضعف اليهود إذ هاجمتهم الأمراض ولم يجدوا طعامًا ليأكلوه في الحصار، كل هذا تأديب من الله لشعبه الذي تمرد عليه.
وهكذا تظهر صفة تاسعة لله يمتدحها إرميا وهي صدق كلامه ونبواته.
ع25: يسبح الله الذي يعزى شعبه، وهي صفة عاشرة في الله، إذ أعطاهم رجاء بالرجوع من السبي، وقدَّم لهم قصة واقعية وهي شراء إرميا لحقل رغم أن بابل ستستولى بعد قليل على كل مملكة يهوذا، ولكنهم سيعودون ويتمتعون بأراضيهم، وإرميا لم يستفد من هذه الأرض لأنه مات قبل الرجوع من السبي، ولكنه أطاع حتى يعلن بتصرفه هذا محبة الله التي ستعيد شعبه من السبي.
†
ما أجمل أن تتأمل صفات الله، وتسبحه وتشكره على عطاياه ورعايته. ليتك تتعلم ولو جزءًا قليلًا من تسبحة الكنيسة، أو تسمعها على شرائط مسجلة لتشترك في تسبيح اسمه القدوس، فيمتلئ قلبك فرحًا.
26 ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى إِرْمِيَا قَائِلَةً: 27 «هأَنَذَا الرَّبُّ إِلهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَا؟ 28 لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَدْفَعُ هذِهِ الْمَدِينَةَ لِيَدِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَلِيَدِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ فَيَأْخُذُهَا. 29 فَيَأْتِي الْكَلْدَانِيُّونَ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ هذِهِ الْمَدِينَةَ، فَيُشْعِلُونَ هذِهِ الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ، وَيُحْرِقُونَهَا وَالْبُيُوتَ الَّتِي بَخَّرُوا عَلَى سُطُوحِهَا لِلْبَعْلِ وَسَكَبُوا سَكَائِبَ لآلِهَةٍ أُخْرَى لِيُغِيظُونِي. 30 لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَنِي يَهُوذَا إِنَّمَا صَنَعُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ مُنْذُ صِبَاهُمْ. لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّمَا أَغَاظُونِي بِعَمَلِ أَيْدِيهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. 31 لأَنَّ هذِهِ الْمَدِينَةَ قَدْ صَارَتْ لِي لِغَضَبِي وَلِغَيْظِي مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ بَنَوْهَا إِلَى هذَا الْيَوْمِ، لأَنْزِعَهَا مِنْ أَمَامِ وَجْهِي 32 مِنْ أَجْلِ كُلِّ شَرِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَنِي يَهُوذَا الَّذِي عَمِلُوهُ لِيُغِيظُونِي بِهِ، هُمْ وَمُلُوكُهُمْ وَرُؤَسَاؤُهُمْ وَكَهَنَتُهُمْ وَأَنْبِيَاؤُهُمْ وَرِجَالُ يَهُوذَا وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ. 33 وَقَدْ حَوَّلُوا لِي الْقَفَا لاَ الْوَجْهَ. وَقَدْ عَلَّمْتُهُمْ مُبَكِّرًا وَمُعَلِّمًا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا لِيَقْبَلُوا أَدَبًا. 34 بَلْ وَضَعُوا مَكْرُهَاتِهِمْ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي، لِيُنَجِّسُوهُ. 35 وَبَنَوْا الْمُرْتَفِعَاتِ لِلْبَعْلِ الَّتِي فِي وَادِي ابْنِ هِنُّومَ، لِيُجِيزُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ فِي النَّارِ لِمُولَكَ، الأَمْرَ الَّذِي لَمْ أُوصِهِمْ بِهِ، وَلاَ صَعِدَ عَلَى قَلْبِي، لِيَعْمَلُوا هذَا الرِّجْسَ، لِيَجْعَلُوا يَهُوذَا يُخْطِئُ.
ع26، 27: بعد أن استمع الله لصلاة إرميا، أعلن له أنه خالق كل المخلوقات والقادر على كل شيء، فهو يؤدب شعبه ليتوبوا ثم يعيدهم من السبي ويعزى قلوبهم.
ع28: ينفذ الله تأديبه بأن يسمح لبابل أن تستولى على أورشليم.
ع29: يستكمل الله كلامه بأن بابل ستُحرق أورشليم وبيوتها التي عبد اليهود الأوثان على أسطحها.
وهنا يبدأ بإظهار أسباب تأديبه لشعبه وهي أولًا عبادتهم للأوثان على أسطح منازلهم، أي عبادتهم لكواكب السماء.
ع30: السبب الثاني لتأديب الله شعبه، هو استمرارهم في الشر مدة طويلة، فقد بدأوها منذ صباهم وليس فقط الآن، إذ عبدوا الأوثان منذ أن كانوا في مصر، بل حتى قبل أن يدخلوا مصر، واحتملهم الله طوال هذا العمر ليتوبوا.
ع31: يضيف سببًا ثالثًا لتأديب أورشليم هو أنها عبدت الأوثان وسارت في الشر منذ أن عاش فيها اليبوسيون سكان الأرض الأصليين الوثنيين، ثم بعد ما أمتلكها اليهود أكملوا الشر بها، فأستحقت أورشليم أن تُخرب بيد بابل.
ع32: سبب رابع لتأديب شعب الله هو إشتراك الكل في الشر، مملكة يهوذا ومملكة إسرائيل، القادة مثل الملوك، والشعب العادي، وهذا الشر هو موجه لله وإغاظة ه وعصيان وتحدى.
ع33: السبب الخامس للتأديب هو الإصرار على عدم طاعة الله وسماع وصاياه، بل معاملته بإهمال وجفاء يُعبر عنها بإعطاء القفا لله لا الوجه.
† أنظر لئلا تكون ساقطًا في إهمال الله، ومعطيًا القفا له لا الوجه، حينما تُهمل صلاتك أو قراءتك في الكتاب المقدس أو الحضور إلى بيت الله.
ع34: السبب السادس للتأديب هو التجاسر بوضع تماثيل الأوثان داخل هيكل الله في أورشليم، فهذا منتهى التحدى لله.
ع35: السبب السابع للتأديب هو فقدانهم لمشاعر العاطفة البشرية، إذ إنغماسًا في عبادة الآلهة الوثنية، قدموا لها بنيهم كمحرقات مثل الإله مولك، فضحوا بأبنائهم حبًا في عبادة الأوثان، بالإضافة إلى بناء معابد لعبادة الإله مولك فوق التلال والمرتفعات.
36 «وَالآنَ لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ الَّتِي تَقُولُونَ إِنَّهَا قَدْ دُفِعَتْ لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ: 37 هأَنَذَا أَجْمَعُهُمْ مِنْ كُلِّ الأَرَاضِي الَّتِي طَرَدْتُهُمْ إِلَيْهَا بِغَضَبِي وَغَيْظِي وَبِسُخْطٍ عَظِيمٍ، وَأَرُدُّهُمْ إِلَى هذَا الْمَوْضِعِ، وَأُسَكِّنُهُمْ آمِنِينَ. 38 وَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا. 39 وَأُعْطِيهِمْ قَلْبًا وَاحِدًا وَطَرِيقًا وَاحِدًا لِيَخَافُونِي كُلَّ الأَيَّامِ، لِخَيْرِهِمْ وَخَيْرِ أَوْلاَدِهِمْ بَعْدَهُمْ. 40 وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا أَنِّي لاَ أَرْجِعُ عَنْهُمْ لأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، وَأَجْعَلُ مَخَافَتِي فِي قُلُوبِهِمْ فَلاَ يَحِيدُونَ عَنِّي. 41 وَأَفْرَحُ بِهِمْ لأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، وَأَغْرِسَهُمْ فِي هذِهِ الأَرْضِ بِالأَمَانَةِ بِكُلِّ قَلْبِي وَبِكُلِّ نَفْسِي. 42 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: كَمَا جَلَبْتُ عَلَى هذَا الشَّعْبِ كُلَّ هذَا الشَّرِّ الْعَظِيمِ، هكَذَا أَجْلِبُ أَنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ الْخَيْرِ الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ إِلَيْهِمْ. 43 فَتُشْتَرَى الْحُقُولُ فِي هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي تَقُولُونَ إِنَّهَا خَرِبَةٌ بِلاَ إِنْسَانٍ وَبِلاَ حَيَوَانٍ، وَقَدْ دُفِعَتْ لِيَدِ الْكَلْدَانِيِّينَ. 44 يَشْتَرُونَ الْحُقُولَ بِفِضَّةٍ، وَيَكْتُبُونَ ذلِكَ فِي صُكُوكٍ، وَيَخْتِمُونَ وَيُشْهِدُونَ شُهُودًا فِي أَرْضِ بِنْيَامِينَ وَحَوَالَيْ أُورُشَلِيمَ، وَفِي مُدُنِ يَهُوذَا وَمُدُنِ الْجَبَلِ وَمُدُنِ السَّهْلِ وَمُدُنِ الْجَنُوبِ، لأَنِّي أَرُدُّ سَبْيَهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ».
ع36: هذه المدينة
: أورشليم.إن كان الله يسمح بتأديب شعبه بالسبي، بكل ما يحمل من قتل وجوع وأمراض، ولكنه يجد شعبه يقبلون التأديب يعود فيرحمهم ويعيدهم من السبي، فالله ليس قاسيًا بل أب حنون يؤدب أولاده ليتوبوا ويعودوا إلى أحضانه.
ع37: يعد الله أن يجمع شعبه الذى تشتت في السبي، ثم يعيدهم إلى بلادهم، وأكثر من ذلك يعيشوا مطمئنين فى بلادهم لأنهم إذ يتوبوا ينالون كل المراحم.
† إن مراحم الله تنتظرك لتتوب عن خطاياك، فتفيض عليك ببركات لا تحصى، فلا تؤخر التوبة، ولا تيأس بسبب كثرة خطاياك، ولا تنساق وراء اللذات الزائلة.
ع38: يعد الله بوعد رابع وهو أن يُمتع شعبه برعاية خاصة لأنهم يؤمنون به، فيملك على قلوبهم.
ع39: الوعد الخامس هو الوحدانية التي يهبها لشعبه، فينتهى إنقسام المملكتين إسرائيل ويهوذا. وهذا رمز للوحدانية في المسيح حيث يتحد المؤمنون في العالم كله في المسيح.
الوعد السادس هو أن يهبهم الله مخافته في قلوبهم، فيرفضوا الخطية، ويتمتعوا بخيراته الجزيلة.
ع40: الوعد السابع هو رعاية الله لأولاده إلى الأبد، فيثبت مخافته في قلوبهم، وتدوم لهم الخيرات ما داموا مؤمنين به ومتمسكين بوصاياه، وهذا يتم في المسيح الذي يعطينا الملكوت الأبدي.
ع41: الوعد الثامن الذي يعطيه الله لشعبه بعد رجوعهم من السبي هو أن يثبتهم في الأمانة والسلوك المستقيم من نحوه، ومن نحو بعضهم البعض، ويعمل الله فيهم بكل قوة، ويفرح باستجابتهم له، وهذا هو الإحسان الإلهي الحقيقي، ليس فقط الخيرات المادية، بل الأمانة في تنفيذ وصاياه.
ع42: وهكذا على قدر ما احتملوا من تأديب وضيقات في السبي، يعوضهم الله بعد الرجوع من السبي بخيرات كثيرة.
ع43: الوعد التاسع هو خصوبة الأرض التي كانت خربة، فيقبل اليهود على شرائها للتمتع بخيراتها.
ع44: يؤكد إهتمامهم بعملية شراء الحقول بكل إجراءاتها من كتابة وثائق بهذا الشراء وختمها بأختام، أي أن الأرض ذات قيمة كبيرة فيتأكدوا من ملكيتها بعد دفع أثمان غالية لها من الفضة والذهب، وذلك يكون ليس فقط في أورشليم، بل كل ما حولها من مناطق في سبط يهوذا وبنيامين، وهذا يرمز إلى استنارة المؤمنين في العهد الجديد واهتمامهم بشراء الأرض الجديدة أي ملكوت السموات، وبذل كل الجهد لأقتنائها من خلال عباداتهم في الكنيسة وجهادهم الروحي.
← تفاسير أصحاحات إرمياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أرميا 33 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أرميا 31 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/jeremiah/chapter-32.html
تقصير الرابط:
tak.la/487bqgg