الآيات (1، 2): "وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي."
لقد حوكم المسيح دينيًا أمام رؤساء اليهود، ومدنيًا أمام بيلاطس حتى ينجوا الجميع يهود وأمم من دينونة اليوم الأخير. فأوثقوه أية (2) فهو قبل أن يربط ليحل الجميع من رباطات الخطية. أمّا هم فربطوه لأنهم خافوا أن يهرب كما كان يختفي من وسطهم من قبل.
ونلاحظ أن بيلاطس كان يقيم في قيصرية شمال أورشليم. لكنه في الأعياد الكبرى كان يوجد في أورشليم ليخمد أي ثورة أو فتنة وسط التجمعات في الأعياد.
واليهود لم يكن لهم سلطان على تنفيذ حكم الموت فهذا من اختصاص الوالي الروماني ولأن الوالي لن يحكم على المسيح بالموت بسبب تهمة دينية، فهم تشاوروا ليقدموه بتهمة أخرى وهي أنهم ادعوا أن المسيح يطلب الملك ويقاوم قيصر. وكانت خطتهم أن يصلب فهذه هي العقوبة الرومانية. وباراباس كان محكومًا عليه بالصلب فأخذ السيد عقوبته، رمزًا لأنه حمل عقوبة الموت المحكوم بها علينا.
وكان خطيرًا أن يطلب اليهود حكم الرومان على المسيح، إذ أن نفس الحكم الروماني قد نفذ فيهم هم على يد تيطس سنة 70 م. حين صلب منهم عشرات الألوف وقتل مئات الألوف وهم الذين بدأوا بالالتجاء للحكم الروماني. (مز4:28)
الآيات (11-14): "فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلًا: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ». وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟» فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا."
كانت إجابة السيد لبيلاطس مقتضبة للغاية. في الحدود التي يكشف فيها له عن الحق فلا يكون له عذر. وعندئذ توقف عن الكلام سواء مع القادة الدينيين أو الوالي إذ لم يرد أن يدافع عن نفسه. وهو لو أراد لأمكنه، بل يأمر السماء فتشهد لهُ. ولكنه لم يكن محتاجًا إلى هذه الشهادة والدفاع عنه.
صمت السيد يعلمنا أن لا نثور لكرامتنا ونضطرب، فهو اتهم ظلمًا وأهين وصمت. بل حتى الآن يهاجمه كثيرين وهو صامت، بل يضع دفاعه في حياة تلاميذه الحقيقيين. هو جاء ليحمل خطايا البشرية فلماذا يدافع عن نفسه بأنه لم يخطئ.
الآيات (15-26): "وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ. وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ. فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. فَأجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْ الاثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟» فَقَالُوا: «بَارَابَاسَ!». قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ!» فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!». فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ."
بار أباس = بار = ابن + أباس = الأب. لقد أنقذ السيد بموته حياة باراباس كما أنقذ حياة كل خاطئ محكوم عليه بالموت.
صلب المسيح وبراءة باراباس لها معنى رمزي. فـ باراباس = ابن الأب - وكان مجرمًا مستحقًا الموت والمسيح مات عوضا عنه. نرى هنا باراباس رمزًا لنا فنحن أولاد الله (أبناء الآب). ونظرا لجرائمنا وخطايانا كنا مستحقين الموت. ومات المسيح عنا ليحمل عنا عقوبة الموت، ومات مصلوبا والصليب لعنة ليحمل عنا اللعنة.
لأنه علم أنهم أسلموه حسدًا = كان بيلاطس يعلم شرهم ونيتهم الخبيثة. أرسلت إليه امرأته = الله لا يترك نفسه بلا شاهد. وأي شرٍ عمل = كان هذا درسًا لرؤساء اليهود أن هذا الوالي الوثني غريب الجنس يشهد ببراءة المسيح. ولكن بيلاطس خاف من ثورة الجماهير وخاف أيضًا من قتل من يرى أنه بار فغسل يديه. ولكن هو بلا عذر فقد أرشده الله عن طريق زوجته بل هو نفسه رأى أن المسيح بار وليس هناك ما يدينه بسببه. بيلاطس كان قاسيًا وسفك دماء كثيرين (لو1:13) ولكنه كان ضعيفًا أمام الحق لتمسكه بكرسيه.
جلده = من عذاب الجلد كان يموت البعض فكان الجلد بصورة بربرية بسوط به قطع عظم ورصاص وقد تصيب الضربات الرأس والعين.
أبصروا أنتم = أنتم المسئولون عن قتله.
الآيات (27-31): "فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلًا مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ."
عروه لأجلنا (وتمثيلًا لذلك تعرى المذابح في أسبوع الآلام) نحن الذين نزعت عنا الخطية ثوب القداسة ليعيد لنا لباس البر. وضع على رأسه إكليل شوك ليزيل عنا لعنة الخطية التي بسببها حصدنا الشوك (تك18:3). سجدوا له في هزء ولم يعلموا أن أمم العالم سوف تسجد له في فرح. البسوه ثوب أرجوان وضربوه على رأسه.
لقد ظن بيلاطس أن منظر المسيح بعد هذه الآلام وهو مضرج بدمائه سيثير شفقة اليهود ويحرك قلوبهم فيكفوا عن طلب صلبه ولكنهم أصروا (يو5:19، 6). لقد سخروا منه كملك فأعطوه قصبة في يمينه كصولجان وجثوا أمامه كملك
مرقس يكتب للرومان ويظهر لهم أن الحاكم الروماني لم يجد فيه شرًا، وأنه ليس ثائرًا أو مهيج سياسي. بل هي مؤامرة يهودية. وبيلاطس حكم سوريا واليهودية جزء منها من سنة 26 م. إلى سنة 36 م. وكان فاسدًا قاسيًا. ولكن نجد الإنجيليين لا يشيرون إلى هذا، فهم يلقون كل التبعية على اليهود، إلاّ أنهم لم يبرأوا بيلاطس فهو حكم على من قد إعتقد ببراءته. ونلاحظ أن اليهود استخدموا عن المسيح لقب ملك اليهود ولم يستخدموا لقب المسيا الذي لن يفهمه بيلاطس. وبيلاطس سأل المسيح أنت ملك اليهود. فالتهمة التي وجهها اليهود للمسيح هي أخطر تهمة في ذلك الحين ولا يمكن أن يتهاون فيها بيلاطس وإلاّ حُسِبَ خائنا لقيصر. والمسيح لم ينكر أنه ملك ولكنه أوضح لبيلاطس أنه مُلك روحي ومملكته ليست من هذا العالم كما أوضح إنجيل يوحنا. ولكن بيلاطس أخيرًا أسلمه مع اقتناعه ببراءته. فهو فضل مصلحته الشخصية وأن تهدأ الفتنة عن الوقوف بجانب الحق.
وكان العسكر الرومان يهزأون به، ليس بشخصه ولكن بصفته ملكًا لليهود. فهم لا يحترمون اليهود وكانوا يهزأون بهم في شخصه.
وإكليل الشوك مؤلم جدًا، وهو به رفع عنا لعنة الخطية، وحمل لعنة الأرض. ونلاحظ في آية 1 تشاور الرؤساء فجرًا لكي يصبح حكم الإعدام قانونيًا فصدوره ليلًا باطل بحسب الأعراف اليهودية.
آية (2): "وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ، وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ، قَائِلًا: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ»."
يفسد الأمة = كانت هذه هي الجريمة التي بسببها أبادهم الرومان بعد ذلك. حقًا قال النبي "كما فعلت يفعل بك (عوبديا 15). يمنع أن تعطى جزية لقيصر= مع أنه قال إعط ما لقيصر لقيصر. وحينما أرادوا أن يجعلوا منه ملكًا اختفى من بينهم. أمام السنهدريم اتهموه بتهمة دينية أنه يدعي الألوهية وأمام بيلاطس نجد تهمة جديدة أنه يدعي أنه ملك ليثيروا بيلاطس، فالتهمة الآن صارت مدنية.
آية (3): "فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ قِائِلًا: «أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَأَجَابَهُ وَقَالَ: «أَنْتَ تَقُولُ»."
أنت تقول= تحمل معنى هل لك إثبات على ما تقول، ولكن الحقيقة هي كما تقول ولكن بحسب ما قال يوحنا أن المسيح بعد ذلك أثبت له أن مملكته روحية ليس من العالم.
آية (5): "فَكَانُوا يُشَدِّدُونَ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ يُهَيِّجُ الشَّعْبَ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى هُنَا»."
ذكروا الجليل لإثارة شكوك بيلاطس وذلك لأنه يكره الجليليين بسبب تمردهم وعصيانهم وثوراتهم. ونذكر كيف أنه في فصح سابق أرسل جنوده بين جماعات الثائرين من الجليل وأعملوا فيهم سيوفهم وخلطوا دمائهم بذبائحهم.
الآيات (7-12): "وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ، أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ، إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدًّا، لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيل أَنْ يَرَاهُ، لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، وَتَرَجَّى أَنْ يَرَي آيَةً تُصْنَعُ مِنْهُ. وَسَأَلَهُ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِاشْتِدَادٍ، فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ، وَأَلْبَسَهُ لِبَاسًا لاَمِعًا، وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. فَصَارَ بِيلاَطُسُ وَهِيرُودُسُ صَدِيقَيْنِ مَعَ بَعْضِهِمَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ قَبْلُ فِي عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا."
محاكمته أمام بيلاطس وهيرودس فيها تحقيق للمزمور قام ملوك الأرض على الرب وعلى مسيحه(مز2:2). والمسيح صمت تمامًا أمام هيرودس فاحتقره هيرودس وظنه جاهلًا. غالبًا فإن هيرودس تأكد من براءته فلم يشأ أن يحكم عليه، لكن إذ لم يجب يسوع على أسئلة هيرودس فإن هيرودس إغتاظ منه وسمح لعساكره بإهانته ثم أرسله لبيلاطس. ولكن العجيب أنه بسبب المسيح تصالح هيرودس وبيلاطس والصدوقيين مع الفريسيين .. ألم يأتي للمصالحة. فكان يصالح الجميع بموته.
وألبسه لباسًا لامعًا = قيل في (مت28:27) أنهم ألبسوه رداء قرمزيًا. وفي (مر17:15) ألبسوه أرجوانًا وهنا هيرودس يلبسه لباسًا لامعًا وفي (يو2:19) البسه العسكر ثوب أرجوان. وليس في هذا تعارض. فالملوك اليهود يلبسون ثيابًا قرمزية والملوك الرومان يلبسون أرجوان. ومتى لأنه يكتب لليهود وصف الثياب بأنها قرمزية ليفهم اليهود أنهم ألبسوه ثيابًا تشبه ثياب الملوك للسخرية منه ومرقس كان يكتب للرومان وهكذا يوحنا فقالوا أنها ثياب أرجوان ولوقا حلّ الموضوع تمامًا بقوله أنها ثياب لامعة تشبه ثياب الملوك.
آية (22): "فَقَالَ لَهُمْ ثَالِثَةً: «فَأَيَّ شَرّ عَمِلَ هذَا؟ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ، فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ»."
بيلاطس يشهد ببراءة يسوع 3 مرات وبطرس ينكره 3 مرات.
آية (23): "فَكَانُوا يَلِجُّونَ بِأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ طَالِبِينَ أَنْ يُصْلَبَ. فَقَوِيَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ."
يلجون = يطلبون بلجاجة وبإلحاح.
|
__________________________|__________________________
وهيرودس أنتيباس هو الذي أخذ زوجة أخيه الحي فيلبس، وهجر زوجته باترا ابنة الحارث ملك العربية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولما وبخه يوحنا المعمدان قتله (مت3:14-11).
وحين سمع بالرب يسوع ظن أنه يوحنا قام لينتقم (مت2:14+ مر16:6). وكان يريد أن يراه (لو9:9) ويقتله (لو31:13) ولأنه كان يخاف التفاف الشعب حوله وذلك خوفًا على عرشه وخاصة عندما حاول الشعب المناداة بالسيد المسيح ملكًا (يو15:6). ولشدة مكره لقبه السيد المسيح بالثعلب (لو32:13) ولما أرسل بيلاطس يسوع إلى هيرودس فرح لأنه سمع عنه كثيرًا وكان يريد أن يراه. ولكن الرب يسوع لم يجبه بشيء ولا صنع له معجزة حسب ما تمنى.
وهيرودس لم يحكم بإعدامه غالبًا، وهو الذي لا يتورع عن إعدام أحد ربما لأنه لم يرد أن يساعد بيلاطس خصوصًا أنه سمع أن بيلاطس برأه. وهيرودس أيضًا لم يكن يجد فيه علة تستوجب الموت (لو15:23).
يختص إنجيل يوحنا بمفرده بالكشف عن التحقيقات التي أجراها بيلاطس مع المسيح في غياب اليهود. وقد كانت على مرتين الأولى (يو 33:18-37) وهي ما تسمى بالاعتراف الحسن والثانية (يو 8:19-11). وباقي الإنجيليين أوردوا هذه المحاكمة بصورة موجزة وهذا يرجع غالبًا لوجود يوحنا داخل دار الولاية. ودار الولاية هذه بناها هيرودس الكبير وكانت المكان الذي ينزل فيه الولاة الرومان إذا أتوا إلى أورشليم من مركزهم في قيصرية. ويسمى هذا المقر قلعة أنطونيا.
صلب المسيح وبراءة باراباس لها معنى رمزي. فـ باراباس = ابن الأب - وكان مجرمًا مستحقًا الموت والمسيح مات عوضا عنه. نرى هنا باراباس رمزًا لنا فنحن أولاد الله (أبناء الآب). ونظرا لجرائمنا وخطايانا كنا مستحقين الموت. ومات المسيح عنا ليحمل عنا عقوبة الموت، ومات مصلوبا والصليب لعنة ليحمل عنا اللعنة.
آية (28): "ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ."
وكان صبح = تعني الفجر إذ ظل رؤساء اليهود يحاكمون المسيح طوال الليل وأتوا به فجرًا إلى بيلاطس بحسب اتفاق مسبق معهُ. وكان الفصح يوم الجمعة لذلك امتنع هؤلاء أن يدخلوا إلى دار الولاية فيتنجسوا ولا يأكلوا الفصح. حقًا "يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل" (النجاسة ربما لدخولهم قصر وثني به تماثيل آلهة وثنية) ومن يتنجس يظل نجسًا حتى المساء فلا يأكل الفصح الذي يؤكل بين العشائين.
صبح = يقدرها الدارسين بحوالي الساعة 6 صباحًا، وهذا عكس المعتاد فالمحاكم الرومانية تبدأ الساعة 8 صباحًا. وكان هذا التبكير دليل على قلق السنهدريم وعلى إتفاقهم المسبق مع بيلاطس أن يتم كل شيء قبل أن يستيقظ محبي المسيح فتحدث ثورة.
آية (29): "فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هذَا الإِنْسَانِ؟»"
فخرج بيلاطس= لعلمه بتعصبهم وأنهم لن يدخلوا إلى داخل دار الولاية خرج هو لهم.
أية شكاية تقدمون= كلمات تحمل استنكار بيلاطس لما يعملونه مع المسيح، فهو من المؤكد سمع عن يسوع ويعلم أنه بريء مماّ ينسبونه لهُ. بالإضافة إلى الحلم الذي أخبرته به زوجته. وقوله هذا الإنسان = يحمل نوعًا من التعاطف معهُ. وبيلاطس كان خامس والٍ على اليهود سنة 26 - سنة 36 متغطرس يكره اليهود وعوائدهم. اشتبك كثيرًا مع اليهود فأظهر قسوة ضدهم.
آية (30): "أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ!»"
فوجئ اليهود بسؤال بيلاطس. وكان ردهم مختصرًا وفيه وقاحة. ولنلاحظ أن الرب صار فاعل شر بالنيابة عني.
آية (31): "فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ». فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا»."
هنا لهجة تهكم من بيلاطس على اليهود وناموسهم. إذ هو يعلم أن ناموسهم مقيد، وأنهم لا يستطيعوا أن يحكموا بالقتل على أحد. فرد بيلاطس كله غطرسة عليهم. والمعنى أن طالما ناموسهم مقيد فعليهم بالخضوع للقانون الروماني. وواضح أنهم ما أتوا للمناقشة مع بيلاطس بل هم اتخذوا قرارًا ضد المسيح يريدون اعتماده من بيلاطس. وربما كان تهكم بيلاطس معناه أنه لولا أنكم أسأتم استخدام ناموسكم كما تفعلون الآن لما صار ناموسكم مقيدًا. لا يجوز لنا أن نقتل = إذًا قرارهم قد إتخذوه.
آية (32): "لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ."
العقوبة اليهودية كانت الرجم حسب الناموس، أما الصلب فهو عقوبة رومانية تستخدم مع سكان المستعمرات. ولذلك لو لم يصدر بيلاطس حكمًا بالموت على يسوع لما كان قد صلب. وكان المسيح قد تنبأ مرارًا بأنه سيصلب (مت18:20، 19) وأنه سيسلم لأيدي الأمم. ورؤساء اليهود لفقوا تهمًا سياسية ضد المسيح ليحكم عليه بيلاطس بالموت صلبًا، وهو يريدون هذا. فالمصلوب ملعون بحسب الناموس وهم يريدون إظهاره كملعون أمام الشعب بالإضافة إلى أنها أصعب ميتة. وأكثرها هوانًا فيقضوا على دعوته وتلاميذه إذ أفسدوا سمعته تمامًا بصلبه. حقًا لقد اشترك اليهود والأمم في تقديمه ذبيحة عن العالم كله.
وما جعل بيلاطس يحكم عليه بالموت خوفه من قيصر بعد التهم التي وجهها له رؤساء اليهود (لو2:23).
آية (33): "ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: «أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟»"
بيلاطس رأى خبثهم وشرهم فقرر محاكمته بنفسه وسأله أنت ملك اليهود فهذا جوهر اتهاماتهم له. وكان بيلاطس يتعجب من هذا المتهم الصامت فإن كان ملك يريد الثورة على قيصر فأين هم أتباعه ومعاونوه ولماذا لا يتكلم. ولا يبالي بالموت، ولا يدافع عن نفسه. ولكن هذه التهمة ألقت بالرعب في قلب بيلاطس وواضح حيرة بيلاطس فهو مقتنع ببراءة يسوع لكنه تحت ضغط ثورة اليهود.
* انظر أيضًا: نص قراءات أسبوع الآلام.
10-4-
يوم الجمعة من أحداث أسبوع الآلام:
4- الاعتراف الحسن |
تفسير العهد الجديد |
10-2-
يوم الجمعة من أحداث أسبوع الآلام:
2- محاكمة المسيح أمام رؤساء كهنة اليهود |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5q5g7cg