آية (47): "وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ، إِذَا يَهُوذَا أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ قَدْ جَاءَ وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخِ الشَّعْبِ."
كان اليهود قد زعموا لبيلاطس أن المسيح مقاوم لقيصر، وشخص هذه صفاته ربما يكون معه جيش من الثوار، لذلك أرسل بيلاطس جماعة عظيمة من الجند ولكن السيد بقوله أنا هو (يو6:18) جعلهم يسقطون على وجوههم. وربما ظن اليهود أن عنده شعب يسمع تعاليمه. وأنهم ربما يجدون مقاومة. شيوخ الشعب= أعضاء السنهدريم.
آية (48): "وَالَّذِي أَسْلَمَهُ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلًا: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ»."
المسيح حمل كل آلامنا، ولكي تكمل آلامه كان عليه أن يشرب كأس الخيانة من أحد أحبائه (مز12:55-14) وبقبلة غاشة (زك6:13). فالجراح تزداد حينما تأتي من الأحباء. والقبلة كانت علامة للجنود الرومان فهم لا يعرفونه، أمّا اليهود فهم يعرفونه تمامًا.
آية (50): "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا صَاحِبُ، لِمَاذَا جِئْتَ؟» حِينَئِذٍ تَقَدَّمُوا وَأَلْقَوْا الأَيَادِيَ عَلَى يَسُوعَ وَأَمْسَكُوهُ."
المسيح يعطيه الفرصة الأخيرة ويعاتبه برقة= يا صاحب لماذا جئت. لعله يتوب.
الآيات (51، 52): "وَإِذَا وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَ يَسُوعَ مَدَّ يَدَهُ وَاسْتَلَّ سَيْفَهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!"
يوحنا ذكر اسم العبد وأنه ملخس (يو10:18) ولوقا أكمل القصة بأن السيد شفى أذن العبد (لو51:22). ومن هذه القصة نفهم أن استخدام العنف مرفوض في الدفاع عن الدين، فحينما يستخدم الإنسان العنف في خدمته تحت ستار الدفاع عن السيد المسيح يكون كبطرس الذي يضرب بالسيف أذن العبد فيفقده الاستماع لصوت الكلمة، من نستخدم معهم العنف نغلق أمامهم باب الإيمان، بل كلمات العنف تزيدهم عنادًا. ولكن قول المسيح= لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون= هي نبوة بخراب أورشليم بالسيف نظير صلبهم للمسيح. وهذا الكلام موجه للناس وليس للحاكم الذي له سلطة استخدام السيف. وكان بطرس قاصدًا ضرب عنقه ولكن الله لم يسمح بل سمح بقطع أذنه، وفي هذا إشارة لأن سيده وهو رئيس الكهنة قد إنغلقت أذنيه عن فهم النبوات. ولقد سمح الله بما حدث [1] إظهار حب بطرس [2] إظهار محبة المسيح وقدرته وشفاؤه لمن يريد أن يلقي القبض عليه ويظهر بالتالي أنه يسلم نفسه بإرادته [3] درس للجميع أن السيف ليس هو طريق المسيحيين [4] الآن يفهم تلاميذه قوله السابق "ليكن لكم سيف" وأنه يقصد بهذا الاستعداد الروحي وليس سيوفًا حقيقية. وبالاستعداد الروحي والذهني يكونون مستعدين لاحتمال الآلام القادمة. وبطرس الصياد لا خبرة له في استعمال السيف، فكل ما استطاعه قطع أذن ملخس العبد.
آية (53): "أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟"
أطلب إلى أبي = والسيد لم يقل أرسل أنا. فهو يتكلم كإنسان لأن التلاميذ يرونه إنسان وفي حالة ضعف، ولم يكونوا بعد قد تحققوا من ألوهيته. وهو قال [كل ما للآب هو لي، بل هو قال سأرسل الروح القدس]، فمن يُرسِلُ روح الله ألا يكون له سلطان أن يُرسِلُ ملائكة؟! إذاً هو قادر وله السلطان ولكنه يخفيه ليتم الصلب الذي أراده ليحيينا.
(مر43:14-50): "وَلِلْوَقْتِ فِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ أَقْبَلَ يَهُوذَا، وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ. وَكَانَ مُسَلِّمُهُ قَدْ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلًا: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ، وَامْضُوا بِهِ بِحِرْصٍ». فَجَاءَ لِلْوَقْتِ وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ قَائِلًا: «يَا سَيِّدِي، يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ. فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ وَأَمْسَكُوهُ. فَاسْتَلَّ وَاحِدٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ السَّيْفَ، وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي! وَلكِنْ لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ». فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا."
نرى خطأ التلاميذ في هروبهم وخطأ يهوذا في قبلته الغاشة. كل التلاميذ لم يتمكنوا من أن يعرفوا سلطان المسيح. فالتلاميذ لم يدركوا أنه قادر على حمايتهم حتى وهو في ضعفه، ويهوذا لم يُدرِكْ أن السيد يعرف ما في قلبه ولن تخدعه القبلة.
وبطرس استل سيفه ليضرب العبد، ربما لأنه تذكر كلامه للسيد وأنه مستعد أن يموت معه. ولكن دفاعنا عن مبادئنا لا يكون بالقتل بل باستعدادنا للموت عنها، وهذا أصعب. وغالبًا كان بطرس يتصور أنه سيبدأ المعركة والمسيح يكمل بمعجزة من معجزاته ويقتل الجند. ولكنه حينما رأى السيد يستسلم للجند هَربَ بل أنكر إذ لم يكن هو مستعدًا للموت والاستشهاد في سبيل إيمانه ومبادئه.
الآيات (51، 52): "وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِسًا إِزَارًا عَلَى عُرْيِهِ، فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ، فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَانًا."
هذا الشاب هو مارمرقس وغالبًا كان هو صاحب البستان الذي في جثسيماني الذي يختلي فيه المسيح مع تلاميذه. وغالبًا كان مارمرقس نائمًا في ذلك الوقت واستيقظ على صوت الجلبة غير العادية، ونهض من فراشه ليرى ماذا يحدث فأمسكوه إذ شكوا أنه من تلاميذ المسيح فهرب منهم تاركًا إزاره الذي كان يلبسه على عريه. ومارمرقس يذكر ضعفه هنا في تلك اللحظة التي لا ينساها. وهو لم يذكر اسمه اتضاعًا. وذكر القصة لتسجيل ضعفه.
آية (48): "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟»"
تسلم ابن الإنسان= لم يقل تسلم ربك أو سيدك أو معلمك أو من له الفضل عليك، بل قال ابن الإنسان أي ذاك اللطيف الوديع الذي أحبك، هل تسلم من أحبك.
آية (51): "فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «دَعُوا إِلَى هذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا."
دعوا إليَّ هذا= كأن المسيح يعتذر هنا عمّا فعله بطرس، ليهدئ من ثورة الجماعة على بطرس وتلاميذه، وكأنه يقول دعوا لي هذه الإساءة فلن يحدث غيرها، وهي تمت بدون إذن مني. وفي شفائه لأذن العبد أثبت قدرته ورحمته وصلاحه.
الآيات (52، 53): "ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلكِنَّ هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ»."
المسيح عاتب يهوذا عتابًا رقيقًا، وعاتب بطرس إذ قطع أذن العبد، ثم شفاه، هو اهتم بالجميع في هذه اللحظة الصعبة، ثم يستدير ويوجه عتابًا لطيفًا لكل هذا الحشد لعلهم يندمون فيتوبوا. وقوله هذه ساعتكم وسلطان الظلمة= فيه إشارة:
1. أن هذه الساعة هي بتحديد من الله. وسلطان الظلمة هو الشيطان، فأنا الذي سمحت بأن أسلم في أيديكم في هذه الساعة، ولكن أنتم الآن والشيطان واحد في نواياكم.
2. أن سلطان الظلمة وقته قصير، فلن يمتد سلطانه لأكثر من ساعة أي وقت قصير وهم فعلًا تمكنوا منه وصلبوه ولكنه قام بعد 3 أيام.
آية (2): "وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ يَعْرِفُ الْمَوْضِعَ، لأَنَّ يَسُوعَ اجْتَمَعَ هُنَاكَ كَثِيرًا مَعَ تَلاَمِيذِهِ."
هذه تؤكد أن المسيح لم يخرج إلى بستان جثسيماني هربًا، فيهوذا طالما اجتمع معهُ هناك، بل هو ذهب لجثسيماني ليسهل للخائن مهمته، فهو بهذا قد إبتعد عن الجماهير وعن أصدقائه الذين قد يتدخلوا لحمايته فتحدث معركة. بل هو قال ليهوذا "ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة". لقد سقط آدم الأول في بستان وانتصر آدم الأخير بطاعته في بستان، في صلاته وتسليمه، بل هو دُفِنَ في بستان وقام منتصرًا على الموت في بستان.
آية (3): "فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّامًا مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ."
الشيطان هنا يقود مجموعة من كل قوات الظلمة، التلميذ الخائن ورؤساء الكهنة وخدامهم= الخدام والفريسيين وجنود الرومان (يو44:8). وسيظل هذا هو الوضع في الكنيسة لآخر الأيام، صراع بين قوات الظلمة وشعب الله حتى يأتي الرب في مجده لينهي سلطان إبليس. ونلاحظ أن الكلمة المستخدمة في اليونانية للجند هي الأورطة وتعدادها حوالي 200 جندي وهي ⅓ الفرقة المخصصة لحراسة الهيكل وكان الوالي يرسل مجموعة من الجند ليكونوا تحت أمر رئيس الكهنة في الأعياد لحفظ النظام. وفي آية (12) ذُكِرَ القائد والكلمة المستخدمة تشير لأنه قائد ألف وهي رتبة كبيرة. وهذا يدل على رعبهم من شخص المسيح. وهذا العدد من الجند والقائد الروماني الكبير يدل على اتفاق مسبق بين رؤساء الكهنة وبيلاطس، فهم بعد المحاكمة رحلوه إلى دار الولاية أي مقر الحكومة الرومانية. ولذلك خرج لهم بيلاطس مبكرأً (آية 28) وكان صبح وترجمتها مبكرًا جدًا. وكان ذلك نتيجة لضغط رؤساء الكهنة عليه (مت20:27) ورؤساء الكهنة كانوا في عجلة من أمرهم، أن يَصْدُرْ الحكم مبكرًا قبل أن يستيقظ الشعب ويدافعون عن المسيح. ولاحظ أن الجند يمثلون الأمم والخدام يمثلون اليهود. وأن يوحنا يميز بين رؤساء الكهنة والفريسيين فرؤساء الكهنة من الصدوقيين.
آية (4): "فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟»"
المسيح هو الذي خرج ليلاقيهم، وهم يعلم بالآلام التي ستأتي عليه. وسؤال المسيح لهم من تطلبون=لأنه كان ناويًا ليس أن يعلن اسمه فقط بل شخصه ويظهر سلطان لاهوته فيفهموا أنه سلم نفسه بإرادته، ويعطي فرصة لتلاميذه ليهربوا. لذلك خرج بثبات ولم ينتظر وصول الجند.
آية (5): "أَجَابُوهُ: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». قَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ». وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ أَيْضًا وَاقِفًا مَعَهُمْ."
يسوع الناصري= فيها صيغة استهزاء. كان اليهود يحتقرون الناصريين "أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح" (يو46:1). أنا هو= حملت كلمة أنا هو= أنا الله= أنا الكائن= مجد وكرامة وسلطان وبهاء اسم يهوه العظيم. لذلك سقط الجنود، هي فيها إعلان لاهوته. لقد سبق السيد واستخدم هذا اللفظ "أنا هو" ليعلن محبته للعالم "أنا هو الراعي.. أنا هو النور.. إلخ." ليعزي شعبه. ولكنه في هذه المرة ليظهر قوة سلطان لاهوته، وأنه يسلم نفسه بإرادته. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وإذا كان المسيح له هذا المجد وهو يساق للصليب فكم بالحري سيكون مجده حينما يأتي في مجد أبيه. هو كان في موقف أقوى من الجند. فهو الذي أسلم ذاته.
آية (6): "فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا هُوَ»، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ."
لو أراد الهرب لهرب الآن وهم ساقطون، ولكنه لهذا أتى.. للصليب. هذه الهيبة التي أرعبتهم هي نفسها التي ظهرت عندما دخل الهيكل ليطهره، فلم يقدر أحد أن يؤذيه.
آية (7): "فَسَأَلَهُمْ أَيْضًا: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» فَقَالُوا: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ»."
كأن المسيح يذكرهم بهدف مجيئهم والواجب الذي أتوا لأجله. فهم في رعبهم بعد سقوطهم ارتبكوا لا يدرون ماذا يفعلون. هو هنا يأمرهم أن يقبضوا عليه والقوي يملي شروطه.
آية (8): "أَجَابَ يَسُوع: «قَدْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ»."
المسيح هنا يُمْلي شروطه، بعد أن شعروا بالهيبة نحوه، هنا كان يأمر بسلطان وليس بضعف ليحمي تلاميذه، فهو أتى لهذا ليسلم نفسه وليخلص تلاميذه والمؤمنين به "الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد" (يو12:17). وشروط السيد= دعوا هؤلاء يذهبون فما كانوا يستطيعون تحمل الآلام بعد، فالروح القدس لم يكن قد حلَّ عليهم بعد. ولذلك طلب منهم المسيح ألا يبرحوا أورشليم قبل أن يحل الروح القدس عليهم فينالوا قوة متى حلَّ عليهم الروح القدس (أع1: 4-8).
آية (9): "لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدًا»."
+لو كان أحد منهم قد مات قبل قيامة المسيح لكان موته يعتبر هلاكًا، لأنهم في ضعفهم إذ كان الروح القدس لم يحل عليهم بعد، كانوا سوف ينكرون المسيح كما فعل بطرس. ولو أمسكهم بيلاطس وقتلهم وماتوا حينئذٍ كانوا قد هلكوا. أما بعد أن حلَّ عليهم الروح القدس تغيروا لأشخاص آخرين. فالروح القدس هو "روح القوة والمحبة والنصح" (2تى7:1). ولنقارن بين بطرس الذي أنكر المسيح ولعن، وبطرس الذي يؤمن بعظته 3000 شخص وأخيرًا يموت عن المسيح. وهو أيضًا حفظ نفوسهم حتى لا يقتلوهم، وبالتالي يتمم تلاميذه كرازتهم. فالله لا يسمح بموت أحد إلا بعد أن يتمم العمل الذي خلقه من أجل أن يتممه (أف2: 10).
آية (10): "ثُمَّ إِنَّ سِمْعَانَ بُطْرُسَ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ، فَاسْتَلَّهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. وَكَانَ اسْمُ الْعَبْدِ مَلْخُسَ."
كان الاعتداء على جندي من جنود رئيس الكهنة عقوبته الإعدام،لذلك كان الوحيد الذي ذكر اسم بطرس هو يوحنا.فقد كتب بشارته بعد استشهاد بطرس. وغالبًا كان عبيد رئيس الكهنة في المقدمة ولم يرى الجند الرومان ما فعله بطرس. ولكن المسيح أنقذ الموقف بشفائه لأذن العبد. ولنعلم أن العواطف البشرية والعوامل الجسدية التي تحرك الاندفاعات تؤدي للإنكار والجبن. أمّا المسيح فكان مملوءًا محبة محتملة صابرة، احتملت خيانة يهوذا وظلم الجند ومؤامرات رؤساء الكهنة وجبن بطرس ولازالت تحتملنا في خياناتنا وضعفاتنا. ولاحظ أن ما فعله بطرس كان يمكن أن يحاكم المسيح بسببه أنه السبب فيما حدث.
آية (11): "فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ: «اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟»."
المسيحي لا يمد يده للسيف، بل يتقبل كأس الموت طواعية. المسيحي لا يحمل سيفًا بل صليبًا. ولماذا السيف والموت ربح (في21:1). الكأس التي أعطاني الآب= نحن نقبل كل ألم وصليب بهذا المفهوم أنها من يد الآب. هنا المسيح لم يرى جنود أتوا للقبض عليه ولا مؤامرات ضده، بل هي كأس يشربها من يد الآب (يو 11:19). المسيحي يفهم أنه أداة في يد الله، القوة هي قوة الله وليست قوتي الشخصية، وراجع ما قاله القديس بولس الرسول في موضوع القوة (2كو12: 7-10) + (1كو10:15). سلاح المسيحي هو الصلاة مع الصوم وقوة الله تصنع معجزات.
آية (12): "ثُمَّ إِنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ،"
وأوثقوه
= كما أوثق إبراهيم إسحق (تك9:22). وفي الحالتين لم يقاوم أحد، لا المسيح قاوم الجند ولا إسحق قاوم أبيه. فإسحق كان يشعر أنه بين يدي أبيه الذي يحبه. والمسيح لم يرى أنه بين يدي اليهود والرومان بل بين يدي إرادة الآب (الآية 11 السابقة). ولم يكن هناك داعٍ أن يوثقوه وهو مستسلم. ولكن ليتم المكتوب أوثقوا الذبيحة (مز27:118). وكان اليهود يوثقون المجرم من خلف بحبل يربطونه أيضًا في رقبته، وهكذا صنعوا مع المسيح بمنتهى العنف. الذي أوثق المسيح على الصليب ليس الجند ولا المسامير بل محبته لنا ليخلصنا. هو في يدي الآب وهذه هي إرادة الآب خلاص البشر، وهي أيضًا إرادة الابن فإرادتهما واحدة. ولاحظ قوة محبة المسيح الإبن، يهوه، وقوله "ليْسَ لِي غَيْظٌ. لَيْتَ عَلَيَّ ٱلشَّوْكَ وَٱلْحَسَكَ فِي ٱلْقِتَالِ (يوم الصليب) فَأَهْجُمَ عَلَيْهَا وَأَحْرِقَهَا مَعًا" (إش4:27).
* انظر أيضًا: كتاب دليل أسبوع الآلام.
10-2-
يوم الجمعة من أحداث أسبوع الآلام:
2- محاكمة المسيح أمام رؤساء كهنة اليهود |
تفسير العهد الجديد |
9-4-
يوم الخميس من أحداث أسبوع الآلام:
4- يسوع المسيح في بستان جثسيماني |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3bgdcpy