St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   00-2-The-Passion-n-Resurrection
 

آلام المسيح والقيامة | دراسة في الأناجيل الأربعة - القمص أنطونيوس فكري

يوم الأربعاء من أحداث أسبوع الآلام

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* الآلام وقيامة السيد المسيح في الأربعة أناجيل:
1- ملخص سريع للأعياد اليهودية
2- تحديد يوم الفصح في أسبوع آلام السيد المسيح
3- ترتيب أحداث أسبوع الآلام
4- يوم السبت من أحداث أسبوع الآلام
5- يوم الأحد من أحداث أسبوع الآلام | أحد الشعانين
6- يوم الاثنين من أحداث أسبوع الآلام
7-1- يوم الثلاثاء من أحداث أسبوع الآلام: 1- شجرة التين، سؤال الرؤساء عن سلطان يسوع | 2- ثلاثة أمثال إنذار | 3- أسئلة اليهود | 4- نطق المسيح بالويلات للكتبة والفريسيين | 5- فلسا الأرملة الفقيرة، رفض اليهود للمسيح | 6- خطاب المسيح عن خراب أورشليم وانقضاء الدهر
8- يوم الأربعاء من أحداث أسبوع الآلام
9-1- يوم الخميس من أحداث أسبوع الآلام: 1- العشاء الأخير | 2- خطب المسيح الوداعية | 3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني | 4- يسوع المسيح في بستان جثسيماني
10-1- يوم الجمعة من أحداث أسبوع الآلام: 1- تسليم يسوع والقبض عليه | 2- محاكمة المسيح أمام رؤساء كهنة اليهود | 3- المحاكمات المدنية للمسيح | 4- الاعتراف الحسن | 5- صلب يسوع المسيح | 6- أحداث ما بعد موت المسيح على الصليب | 7- دفن المسيح
11- يوم السبت من أحداث أسبوع الآلام، وفجر الأحد (القيامة)

(مت3:26-5، 14-16 + مر1:14-2، 10، 11 + لو1:22-6)

بنهاية أمثال الرب في (مت25) تنتهي تعاليم الرب وأعماله. وانتهت بنهاية يوم الثلاثاء أيام عمل مكثف للرب وكان يوم الأربعاء يوم راحة للرب قضاه مع تلاميذه بالقرب من بيت عنيا في هدوء يشرح لهم حقيقة صلبه (مت26: 1). وقطعا كان تلاميذه في حاجة لهذه الجلسة الهادئة ليتهيأوا للأحداث الجسام والتي ستبدأ في الغد، يوم الخميس. وكان الرب يسوع قد أخبر تلاميذه بحقيقة الصلب عقب اعتراف بطرس بأن المسيح هو ابن الله. والمرة الثانية كانت بعد التجلي، والمرة الثالثة كانت قبل دخوله الملوكي إلى أورشليم (مت20: 17 - 19). وبينما كان الرب يخبرهم في المرات السابقة بخبر الصلب على أنه شيء في المستقبل، لكنه الآن يخبرهم بميعاد الصلب. ولنا أن نتصور كيف جلس تلاميذه حوله في حزن واضطراب إذ أخبرهم بأنه سيسلم ويصلب في الفصح بعد يومين، فهم أحبوه حقيقة ما عدا واحدا منهم كان قلبه قد امتلأ بالظلمة. فحين خرجت محبة يسوع من قلب يهوذا دخله الشيطان.

بالنسبة للسيد المسيح فقد اعتزل في هذا اليوم. غالبًا في بيت عنيا. وفي هذا اليوم اجتمعت السلطات الدينية معًا ليدبروا قتل المسيح، وتآمر معهم يهوذا. وتهتم الكنيسة بهذا الأمر وتكرس يوم الأربعاء على مدار السنة فيما عدا أيام الخمسين، لكي يصوم المؤمنون تذكارًا لهذا التشاور الرديء.

وفي يوم أربعاء البصخة تقرأ القراءات عاليه مع قصة المرأة التي سكبت الطيب على قدمي المسيح وهي مريم أخت لعازر، ليظهر الفرق بين ما عملته مريم وما عمله يهوذا.

 

يهوذا

كان يهوذا التلميذ الوحيد الذي من اليهودية، أما الباقون فكانوا من الجليل. وكان لكفاءته المالية والإدارية قد أعطاه السيد أمانة الصندوق (كانت كفاءته هذه هي وزنته) ولكنه تحول إلى لص وخائن. وهناك سؤال لماذا ترك السيد الصندوق معه بعد أن اكتشف أنه يسرق؟ هو لم يكن هكذا أولًا لكنه مع الوقت ومع اليأس من إشهار المسيح نفسه كملك فيحصل هو على منصب كبير، بدأ في إستغلال القليل الذي في الصندوق. وربما بدأ اليأس يزداد في قلبه من حصوله على نصيب كبير بعد ملك المسيا بعد سماع طلب أم ابني زبدي بمراكز كبيرة لإبنيها، وطلب بطرس نصيبه الذي سيحصل عليه إذ ترك كل شيء. لقد إختاره الرب لكفاءته، وتركه بعد أن علم بالسرقة أولًا لرحمته وطول أناته، وثانيا حتى لا يدفعه لليأس والعزلة وقد يدفعه هذا للإرتداد عن المسيح فيخسر المسيح هذه النفس. إذًا بداية مشكلة يهوذا كانت فساد داخلي والرب أعطى له فرصة للتوبة ولكن الفساد ظل ينمو داخليا حتى وصل للسقوط المروع. وزنته أو موهبته كان من الممكن أن يمجد بها الله لكنه إنحرف داخليا بسبب المال فكانت موهبته سبب هلاكه. إلتحق يهوذا بالمسيح في بداية تجمع التلاميذ حول المسيح وكله أمل في منصب مغري له ماديًّا. وأعجب بتعاليم الرب ومعجزاته وسلطانه على الأرواح النجسة، بل صار له هو أيضًا سلطان على الأرواح النجسة مع بقية التلاميذ. ورأى خضوع المعمدان للمسيح وسمع شهادة المعمدان عنه. ولكن مع الوقت بدأ اليأس والإحباط يدب في قلبه، فقد إستشهد يوحنا ولم ينتقم له المسيح، بل أن المسيح إنسحب من المكان. ثم رفض المسيح الملك إذ طلب الشعب أن يملكوه. ثم يطلب الفريسيين منه آية من السماء لإثبات أنه المسيا فيرفض. ويطلب إخوته منه النزول إلى أورشليم ليظهر نفسه فيرفض. ثم إصراره على أنه سيصلب ويموت. وكان كل هذا ضد طموحاته التي جعلته يسير وراء المسيح. وربما بدأ الشك يملأ قلبه وخميرة الفريسيين تنمو داخله ويصدق أن المسيح يعمل معجزاته بواسطة بعلزبول. ومع أنه قد إتضح للكثيرين أن مملكة المسيح هي مملكة روحية تصادم هذا مع أحلام يهوذا في مملكة مادية وسلطان ومكاسب مادية. وربما دخله الإحباط عندما لم يصعد إلى جبل التجلي وفشله مع بقية التلاميذ في شفاء الولد المجنون. وهنا نجد أن الإحباط داخله ازداد وتحول لكراهية للمسيح.

St-Takla.org Image: Judas Iscariot agrees with the Chief Priests to deliver Jesus to them: They gave him thirty silver coins. (Matthew 26: 15) (Mark 14: 11) - "Mary anoints Jesus" images set (Matthew 26:6-16, Mark 14:1-11, John 12:1-11): image (12) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: يهوذا الإسخريوطي يتفق مع رؤساء الكهنة على تسليم يسوع: "فجعلوا له ثلاثين من الفضة" (متى 26: 15) - "ولما سمعوا فرحوا، ووعدوه أن يعطوه فضة" (مرقس 14: 11) - مجموعة "مريم تدهن يسوع بالطيب" (متى 26: 6-16, مرقس 14: 1-11, يوحنا 12: 1-11) - صورة (12) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Judas Iscariot agrees with the Chief Priests to deliver Jesus to them: They gave him thirty silver coins. (Matthew 26: 15) (Mark 14: 11) - "Mary anoints Jesus" images set (Matthew 26:6-16, Mark 14:1-11, John 12:1-11): image (12) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: يهوذا الإسخريوطي يتفق مع رؤساء الكهنة على تسليم يسوع: "فجعلوا له ثلاثين من الفضة" (متى 26: 15) - "ولما سمعوا فرحوا، ووعدوه أن يعطوه فضة" (مرقس 14: 11) - مجموعة "مريم تدهن يسوع بالطيب" (متى 26: 6-16, مرقس 14: 1-11, يوحنا 12: 1-11) - صورة (12) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

وهكذا كل منا معرض لتلك التجربة حينما لا يسمح الله بتحقيق أحلامنا المادية

فيقودنا الإحباط إلى ظلمة القلب.

وربما مع تأكيد المسيح المتكرر بأنه سيصلب قال يهوذا فلأخرج بأي مكسب وتوجه لرؤساء الكهنة، وكانوا مجتمعين يدبرون المؤامرة لقتل المسيح. وتكون الاجتماع من قيافا ورؤساء الكهنة والسنهدريم والرؤساء. وكان هؤلاء هم حلقة الوصل بين الشعب وبين السلطات الرومانية. وهذا المجمع كان يجتمع في حالة الجرائم السياسية مثل هذه التي يريدون إلصاقها بالمسيح، وليس في القضايا الصغيرة. وباع يهوذا نفسه وقال لهم "ماذا تريدون أن تعطوني". وباع سيده في مقابل 30 من الفضة وهي ثمن العبد، فالمسيح صار عبدا لفدائنا. وأخذوا الثلاثين فضة من نقود الهيكل المخصصة لشراء الذبائح العامة في المواسم والتقدمات اليومية النهارية والليلية. وهكذا صار المسيح ذبيحة لأجلنا. ويا لبؤس يهوذا الذي في ضيقته لم يجد أحدا بجانبه فهو ترك المسيح ولم يقف بجانبه رؤساء الكهنة ولا أحد، ولم تنفعه الفضة بل رماها وذهب لمصيره المشئوم.

 

لماذا طلب الرب عن بطرس ولم يطلب عن يهوذا

المسيح قال لبطرس ليلة الخميس أنه سأل عنه لكي لا يهلك. والرب سأل عنه لأنه فتيلة مدخنة لا يطفئ، بينما لم يسأل عن يهوذا فلم يكن هناك داخله فتيلة مدخنة بل وصل للكراهية الكاملة للرب يسوع. الرب يسوع لم يجد فيه فتيلة مدخنة. ولقد إستنفذ معه الرب كل الوسائل بلا فائدة، ولكنه كان قد ترك أبواب قلبه مفتوحة للشيطان فملأ الشيطان قلبه وساده الظلام تمامًا (يو13: 27) ولكن نلاحظ أن الرب نادى بطرس بإسمه القديم قائلا "سمعان سمعان" (لو22: 31 ، 32) إذ كان يخاطب الإنسان العتيق الذي بداخله. فإنكار بطرس للمسيح شيء ينتمي للإنسان العتيق الذي فيه.

 

حنان وقيافا (من كتاب إدرشيم العالم اليهودي المتنصر)

وهو حنان السيئ السمعة في العهد الجديد. وظل هو وإبنه في رياسة الكهنوت حتى تولى بيلاطس البنطي ولاية اليهودية. وتبعه قيافا زوج ابنته في رياسة الكهنوت.

وفى الهيكل تجد الصيارفة الذين يتواجدون وبكثرة في المواسم وبالذات الفصح. فكانت أعداد الحجاج بمئات الألوف من كل أنحاء الدنيا. وبحسب الشريعة كان على كل واحد ما عدا الكهنة تسديد ضريبة للهيكل نصف شيكل. ومن يرفض دفع النصف شيكل يتعرض للحجز على بضائعه. لكن حجاج اليهود الآتين من بلاد مختلفة كان الموجود معهم عملات بلادهم. فكان عليهم أن يذهبوا للصيارفة لتغيير نقودهم إلى العملة اليهودية أي الشيكل ليدفعوا الضريبة السنوية للهيكل. وشرع الصيارفة لأنفسهم نسبة أرباح لهم من تغيير العملات، وكان ما يحصلون عليه مبالغ ضخمة. بل كان هؤلاء الصيارفة يدخلون في صفقات وحوارات مع كل من يأتي إليهم للحصول على أكبر كم من الربح. وكان هناك غش كثير في الموازين. كل هذا سبب أرباحا ضخمة لهؤلاء الصيارفة. ويقال أن "كراسوس" استولى من هؤلاء الصيارفة في الهيكل ذات مرة على مليونين ونصف إسترليني (هذا الرقم مقدر من أيام تأليف هذا الكتاب في منتصف القرن التاسع عشر).

يضاف لهذا تجارة المواشي والطيور التي تقدم كذبائح في الهيكل. وحتى في هذه التجارة انتشر الغش بسبب الشرط أن يكون الحيوان الذي يقدم بلا عيب. وكان التلاعب في هذا الموضوع سببا في أرباح عالية بالإضافة للمغالاة في أسعار الذبائح. وتصور الحال في هيكل العبادة لله، مع كل هذا الكم من الطمع والغش والخداع والتجارة والمشاحنات بين الصيارفة وبائعي الحيوانات والطيور (والفصال في الأثمان) والمشاحنات بين الناس ومن يقوموا على الكشف على الحيوان ليتأكدوا من خلوه من العيوب. وكان هناك أيضًا تجارة السكائب وكل ما يقدم كتقدمات في الهيكل. وفي أيام المسيح كان من يقومون بهذه التجارة هم أولاد حنان رئيس الكهنة. وكانت المحال التي يتم فيها هذه التجارة تسمى "بازار أولاد حنان".

وحقا كان التجار والصيارفة يكسبون مكاسب ضخمة من هذه التجارة. ولكن كان المكسب الأكبر للكهنة الذين يحصلون على جزء من الأرباح. والمعروف وقتها أن عائلة رئيس الكهنة تربح من كل هذه التجارة أرباح خيالية. بل صارت عائلة رئيس الكهنة مشهورة بالشراهة والجشع والفساد. وبعد كل هذا ... هل يصح أن يكون هذا بيت صلاة؟! بل صار مغارة للصوص كما قال الرب. ولقد صوَّر فساد هذه العائلة يوسيفوس المؤرخ وكثير من الربيين الذين أعطوا صورة مرعبة عما كان يحدث. وقال يوسيفوس عن حنان الابن وهو ابن حنان رئيس الكهنة أنه كان خزينة للنقود، وإغتنى غناء فاحشا. بل كان يغتصب بالعنف حقوق الكهنة الشرعية. وسجل التلمود اللعنة التي نطق بها (آبا شاول) أحد الربيين المشهورين في أورشليم على عائلة حنان رئيس الكهنة وعائلات رؤساء الكهنة الموجودين، والذين صار أولادهم وأصهارهم مساعدين لهم في جباية الأموال، وصار خدامهم يضربون الشعب بالعصي. وهم يعيشون في رفاهية ونهم وشراهة وفساد وسفه في صرف أموالهم. وقال التلمود عنهم "لقد كان الهيكل يصرخ في وجوههم .. أخرجوا من هنا يا أولاد عالي الكاهن لقد دنستم هيكل الله". وهذا كله يساعد على فهم ما عمله يسوع في تطهير الهيكل، وسبب عداء رؤساء الكهنة له. وهذا أيضًا يعطي تفسير لماذا لم يعترض الجمهور الموجود على ما عمله يسوع. وخاف المسئولون عن مواجهته أو القبض عليه من هياج الجماهير والحامية الرومانية على بعد خطوات في قلعة أنطونيا. [أضف لذلك هيبة المسيح التي أخافت الجميع كما حدث ليلة القبض عليه، فالمسيح حين يريد تظهر هيبته وإذا إستسلم لهم يكون هذا بإرادته]. ولكنهم خزنوا حقدهم ضد المسيح ليوم الصليب.

وعند محاكمة المسيح إقتاده الجند الرومان وخدام الهيكل مقيدا إلى قصر حنان حما قيافا رئيس الكهنة الرسمي. وهم ذهبوا إلى حنان فهم يعلموا أنه الرجل القوي على الرغم من وجود قيافا في المركز الرسمي. وكان حنان غنيا جدًا هو وأولاده وإستخدم نقوده في عمل علاقات قوية مع السلطات الرومانية. وكان صدوقيا متفتحا بلا تزمت قادر على إرضاء السلطات الرومانية. ولم يسجل التاريخ اليهودي رجلا في قوة وغنى ونفوذ حنان. وعمل ثروته مستغلا الهيكل. وكان حنان قد تولى رئاسة الكهنوت لمدة 6 أو 7 سنوات وجاء بعده قيافا زوج ابنته ثم ليس أقل من 5 من أبنائه وأحد أحفاده. وكان في مكانه أفضل من رئاسة الكهنوت الرسمية، فهو يدبر ويخطط بلا مسئوليات ولا قيود رسمية. وطبعا كان إلتفاف الشعب حول المسيح سوف يسبب خسائر جسيمة مادية لكل هؤلاء الرؤساء. وطبعا كان حنان من ضمن الذين قرروا موت يسوع. ولكن المذكور في الكتاب أن قيافا هو الذي أشار بذلك. وذهب الجند الرومان بالرب يسوع إلى حنان مباشرة كاختيار واقعي عملي فهو صاحب القرار عمليا وهم يعرفون هذا.

وذهب الرب يسوع لرؤساء الكهنة هؤلاء ليقدموه ذبيحة فصح حقيقية

وكآخر ذبيحة مقبولة يقدمونها ككهنة.

 

(مت3:26-5): "حِينَئِذٍ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَشُيُوخُ الشَّعْب إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الَّذِي يُدْعَى قَيَافَا، وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يُمْسِكُوا يَسُوعَ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُوهُ. وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: «لَيْسَ فِي الْعِيدِ لِئَلاَّ يَكُونَ شَغَبٌ فِي الشَّعْبِ»."

رؤساء الكهنة أي مَنْ يمثلون الكهنة. حنان وقيافا + رؤساء الفرق (فرق الكهنة الأربعة والعشرين). وشيوخ الشعب هم رؤساء العائلات ومنهم نجد مجمع السنهدريم أي المجمع الأعظم الذي له السلطة العظمى في كلا الأمور الروحية والمدنية. قيافا= هو رئيس الكهنة الفعلي. وكان حنان الذي عزله بيلاطس هو حما قيافا. ولكن غالبًا كان حنان له تأثير ونفوذ كبير. ولذلك في محاكمة المسيح فحصه حنان أولًا أي سأله عن تلاميذه وخدمته، ثم أرسله إلى قيافا. وقيافا هذا كان صدوقيًا. قالوا ليس في العيد= ولكن الله دبَّر أن يكون صلبه أمام يهود العالم كله لينتقل الخبر للعالم كله. ولماذا لم يكتشف رؤساء الكهنة شخص المسيح ويفرحوا به كرئيس الكهنة الأعظم؟!

كان هذا بسبب اهتمامهم بالكرامات الزمنية وخوفهم على مصالحهم الشخصية ومكاسبهم المادية وشكلية عبادتهم. وهذا قد فهمه بيلاطس أنهم "أسلموه حسدًا" (مر10:15). فالحسد أعمى عيونهم.

 

St-Takla.org Image: Judas Iscariot is offered thirty pieces of silver to deliver Jesus Christ صورة في موقع الأنبا تكلا: الاتفاق مع يهوذا الاستخريوطي على ثلاثين من الفضة لتسليم السيد المسيح لهم

St-Takla.org Image: Judas Iscariot is offered thirty pieces of silver to deliver Jesus Christ

صورة في موقع الأنبا تكلا: الاتفاق مع يهوذا الاستخريوطي على ثلاثين من الفضة لتسليم السيد المسيح لهم

(مت14:26-16): "حِينَئِذٍ ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ، إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقَالَ: «مَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُعْطُوني وَأَنَا أُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ؟» فَجَعَلُوا لَهُ ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ كَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ."

ثلاثين من الفضة= ثمن شراء العبد حسب الناموس (خر32:21) المسيح بيع كعبد لكي يحررنا من العبودية. وتحققت بهذا نبوة زكريا (زك 13:11). وكان الهدف من خيانة يهوذا أن يسلمه منفردًا بعيدًا عن الجموع (لو6:22)، إذ هو يعرف الأماكن التي ينفرد فيها مع تلاميذه سرًا. لقد أعمى الطمع أعين التلميذ، أمّا مريم فقد فتح الحب قلبها. وغالبًا فقد كان رؤساء الكهنة قد دبروا أنهم يلقون القبض على المسيح بعد الفصح ولكن عرض يهوذا سهل عليهم الأمر وعدلوا خطتهم لتصير قبل الفصح. وربما هم اهتموا بأن يتعجلوا القضاء عليه، حتى لا تثور الجماهير ويملكوه فيثير هذا الرومان ويسلبوا الرؤساء اليهود ما تبقى لهم من سلطة.

 

هل يمكن أن نبرئ يهوذا لأن خيانته كانت السبب في خلاص العالم؟

قال البعض أن يهوذا كان السبب في صلب المسيح فلماذا يحاسب كشرير؟ ومعنى كلامهم فلنبرئ يهوذا لأن خيانته كانت السبب في خلاص العالم؟ والرد بسيط:-

1) بنفس المنطق فهل نبرئ رؤساء الكهنة الذين دبروا المؤامرة لصلب المسيح، وبحثوا عن شهود زور ضد المسيح، ونبرئ مَنْ إستجاب لهم وظلوا يصرخون أمام بيلاطس قائلين "إصلبه إصلبه ، دمه علينا وعلى أولادنا". وهل نبرئ الرومان أيضا الذين صلبوا المسيح، بل وهل نبرئ الشيطان الذي حرك هؤلاء.

2) إخوة يهوذا بخيانتهم ليوسف كانوا السبب في خير عظيم لكل المنطقة. فهل هم لم يصنعوا خطأ مع يوسف يحاسبوا عليه لأن فعلتهم كانت لخلاص العالم!!

3) كان رؤساء الكهنة قادرين بغير يهوذا وبقليل من المراقبة والتجسس أن يعرفوا مكان المسيح ويقبضوا عليه. إذاً رؤساء الكهنة ما كانوا في إحتياج ليهوذا.

4) نجد هنا أن يهوذا هو الذي ذهب إليهم وعرض نفسه حِينَئِذٍ ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ. هم كانوا يدبرون الخطة ويبحثون عن جاسوس يتتبع خطوات المسيح، فوجدوا يهوذا يعرض نفسه عليهم، فلم يبحثوا عن جاسوس - وقالوا له تعال. هنا تلاقت رغبة يهوذا مع رغبة رؤساء الكهنة.

5) نية يهوذا ما كانت خلاص العالم.

6) قيل أن يهوذا عمل هذا ليجعل المسيح ينتفض ويقيم المملكة؟ ولكن يرد على هذا أنه قال إعطوني فضة.

7) عمومًا المسيح لا يحتاج ليهوذا. ولا خطة الخلاص كانت تحتاج ليهوذا. وبنفس المنطق بل المسيح حاول أن يمنع يهوذا من فعلته ولكنه أصر.

 

(مر1:14-2): "وَكَانَ الْفِصْحُ وَأَيَّامُ الْفَطِيرِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ. وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يُمْسِكُونَهُ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُونَهُ، وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: «لَيْسَ فِي الْعِيدِ، لِئَلاَّ يَكُونَ شَغَبٌ فِي الشَّعْبِ»."

الفصح وأيام الفطير= ارتبط العيدان في أذهان اليهود وكأنهما صارا عيدًا واحدًا. وكان يستخدم تعبير عيد الفطير ليشمل الفصح أيضًا، كما يطلق اسم الفصح على عيد الفطير.

 

 (مر10:14-11): "ثُمَّ إِنَّ يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَاحِدًا مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، مَضَى إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ. وَلَمَّا سَمِعُوا فَرِحُوا، وَوَعَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً. وَكَانَ يَطْلُبُ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ فِي فُرْصَةٍ مُوافِقَةٍ."

كان يهوذا محبًا للمال وطامعًا في مركز كبير حين يصير المسيح ملكًا. ولكن حديث المسيح عن صليبه خَيَّبَ أماله، وربما فهم أن ملكوت المسيح سيكون روحيًا وهذا لن يفيد أطماعه بشيء، بل هو سمع أن تلاميذه عليهم أن يحتملوا الإهانات وهذا لا يتفق مع أماله في العظمة والغنى. فباع المسيح.

 

St-Takla.org Image: For the mouth of the wicked and the mouth of the deceitful Have opened against me; They have spoken against me with a lying tongue: The priests decide to arrest Jesus (Psalm 109:2) صورة في موقع الأنبا تكلا: الألسنة الكاذبة: لأنه قد انفتح علي فم الشرير وفم الغش. تكلموا معي بلسان كذب: اتفاق رؤساء الكهنة على القبض على المسيح (المزامير 109: 2)

St-Takla.org Image: For the mouth of the wicked and the mouth of the deceitful Have opened against me; They have spoken against me with a lying tongue: The priests decide to arrest Jesus (Psalm 109:2)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الألسنة الكاذبة: لأنه قد انفتح علي فم الشرير وفم الغش. تكلموا معي بلسان كذب: اتفاق رؤساء الكهنة على القبض على المسيح (المزامير 109: 2)

(لو1:22-6): "وَقَرُبَ عِيدُ الْفَطِيرِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْفِصْحُ. وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ. فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاثْنَيْ عَشَرَ. فَمَضَى وَتَكَلَّمَ مَعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ الْجُنْدِ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ. فَفَرِحُوا وَعَاهَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً. فَوَاعَدَهُمْ. وَكَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ خِلْوًا مِنْ جَمْعٍ."

دخل الشيطان في يهوذا ليس إكراهًا بل لأنه وجد الباب مفتوحًا لديه، وجد فيه الطمع ومحبة المال بابًا للخيانة. ثم بعد اللقمة دخله الشيطان (يو27:13). كان يهوذا قد سلّم نفسه للشيطان، صار إناءً له، ومع كل فرصة ينفتح الباب بالأكثر للتجاوب مع إبليس كسيد له يملك قلبه ويوجه فكره ويدير كل تصرفاته. أي أن يهوذا كان كل يوم ينمو في تجاوبه مع الشيطان فيملك عليه بالأكثر. لذلك علينا أن لا نفتح للشيطان أي باب يدخل منه، حتى لا يسود علينا. لذلك قال السيد المسيح "رئيس هذا العالم آتٍ وليس لهُ فيَّ شيء" إذ لم يقبل منه شيء خاطئ (راجع التجربة على الجبل) والعكس فمن يتجاوب مع الروح القدس يملأه (رؤ10:1+ 2:4). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فروح الله يشتاق أن يحل في قلوب أولاده بلا توقف ليملأهم من عمله الإلهي. وأيضًا إبليس يحاول أن يملأ ويسود على من يتجاوب معهُ ويُصَيِّرَهُ أداة خاضعة له. وكل إنسان حر أن يختار ممن يمتلئ. يهوذا بدأ سارقًا وانتهى خائنًا للمسيح.

 

* انظر أيضًا: كتاب البصخة المقدسة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/00-2-The-Passion-n-Resurrection/Alaam-El-Masi7-Wal-Kyama__01-Chapter-08.html

تقصير الرابط:
tak.la/58ak5b3