← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34
الآيات (1-6): "كُلُّ صَدِيقٍ يَقُولُ: «لِي مَعَ فُلانٍ صَدَاقَةٌ»، لكِنْ رُبَّ صَدِيقٍ إِنَّمَا هُوَ صَدِيقٌ بِالاِسْمِ. أَلاَ يُورِثُ الْغَمَّ حَتَّى الْمَوْتِ، كُلُّ صَاحِبٍ وَصَدِيقٍ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْعَدَاوَةِ! أَيُّهَا الاِخْتِرَاعُ الْمُوبِقُ، مِنْ أَيْنَ هَبَطْتَ فَغَطَّيْتَ الْيَبَسَ خِيَانَةً؟ رُبَّ صَاحِبٍ يَتَنَعَّمُ مَعَ صَدِيقِهِ فِي السَّرَّاءِ، وَعِنْدَ الضَّرَّاءِ يُضْحِي لَهُ عَدُوًّا. رُبَّ صَاحِبٍ لأَجْلِ بَطْنِهِ يَجِدُّ مَعَ صَدِيقِهِ، وَيَحْمِلُ التُّرْسَ فِي الْحَرْبِ. لاَ تَنْسَ صَدِيقَكَ فِي قَلْبِكَ، وَلاَ تَتَغَاضَ عَنْهُ وَأَنْتَ مُوسِرٌ."
الصداقة ليست كلمة تقال (1) بل الذي تظنه صَدِيقٍ ويَتَحَوَّلُ إِلَى الْعَدَاوَةِ.. يُورِثُ الْغَمَّ حَتَّى الْمَوْتِ (2). أيها الاختراع الموبق من أين هبطت= لقد خلق الله الإنسان بارًا طاهرًا، فمن أين هبط عليه هذا الشر والخبث الذي يجعل صديق يخون صاحبه. ويسمي هذا الشر هنا اختراع موبق= فهو مستحدث على الإنسان وليس من طبعه، وفي ترجمات أخرى ترجمت "الميل الفاسد" و"الدافع الشرير" و"الخيال الخبيث" وهذا الشر يقول عنه هبطت فغطيت اليبس (الأرض) خيانة ويشير لنوعيات سيئة من الأصدقاء (4، 5) ممن يعرفون أصدقاءهم وقت السراء أو لأنهم يستفيدون منهم لأجل بطنه يجد مع صديقه بل ما دام يستفيد من صديقه يحمل الترس في الحرب= أي يحارب عن صديقه، وإذا لم يعد يستفيد من صديقه، وصار صديقه في الضَّرَّاءِ يُضْحِي لَهُ عَدُوًّا هذا هو الشر والخبث. وآية (6) هي نصيحة أن لا يتخلى أحد عن صديقه.
الآيات (7-19): "لاَ تَسْتَشِرْ مَنْ يَرْصُدُكَ، وَاكْتُمْ مَشُورَتَكَ عَمَّنْ يَحْسُدُكَ. كُلُّ مُشِيرٍ يُبْدِي مَشُورَةً، لكِنْ رُبَّ مُشِيرٍ إِنَّمَا يُشِيرُ لِنَفْسِهِ. الْحَذَرَ لِنَفْسِكَ مِنَ الْمُشِيرِ، وَاسْتَخْبِرْ أَوَّلًا عَنْ حَاجَتِهِ؛ فَإِنَّهُ يُشِيرُ بِمَا يَنْفَعُهُ، لِئَلاَّ يُلْقِيَ الْقُرْعَةَ عَلَيْكَ، وَيَقُولَ لَكَ: «سَبِيلُكَ حَسَنٌ»، ثُمَّ يَقِفَ تُجَاهَكَ يَنْظُرُ مَاذَا يَحِلُّ بِكَ. لاَ تَسْتَشِرِ الْمُنَافِقَ فِي التَّقْوَى، وَلاَ الظَّالِمَ فِي الْعَدْلِ، وَلاَ الْمَرْأَةَ فِي ضَرَّتِهَا، وَلاَ الْجَبَانَ فِي الْحَرْبِ، وَلاَ التَّاجِرَ فِي التِّجَارَةِ، وَلاَ الْمُبْتَاعَ فِي الْبَيْعِ، وَلاَ الْحَاسِدَ فِي شُكْرِ الْمَعْرُوفِ، وَلاَ الْجَافِيَ فِي الرِّقَّةِ، وَلاَ الْكَسْلاَنَ فِي شَيْءٍ مِنَ الشُّغْلِ، وَلاَ الأَجِيرَ الْمُسَاكِنَ فِي إِنْجَازِ الشُّغْلِ، وَلاَ الْبَطَّالَ فِي كَثْرَةِ الْعَمَلِ. لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى هؤُلاَءِ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَشُورَةِ. لكِنِ ائْلَفِ الرَّجُلَ الْتَّقِيّ؛ مِمَّنْ عَلِمْتَهُ يَحْفَظُ الْوَصَايَا، وَنَفْسُهُ كَنَفْسِكَ، وَإِذَا سَقَطْتَ يَتَوَجَّعُ لَكَ. وَاعْقِدِ الْمَشُورَةَ مَعَ الْقَلْبِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ مُشِيرٌ أَنْصَحُ مِنْهُ، لأَنَّ نَفْسَ الرَّجُلِ قَدْ تُخْبِرُ بِالْحَقِّ، أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةِ رُقَبَاءَ يَرْقُبُونَ مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ. وَفِي كُلِّ هذِهِ تَضَرَّعْ إِلَى الْعَلِيِّ، لِيَهْدِيَكَ بِالْحَقِّ فِي الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ."
هذه عن المشورة، فليس كل إنسان يمكن أن نستشيره، ويورد هنا قائمة بمن لا يحسن أن نستشيرهم. ويقول إستشر قلبك فهو أمين معك (17) والأهم إستشر الله بأن تـ:تضرع إلى العلي (19) ليهديك بالحق. وفي العهد الجديد صار هذا عمل الروح القدس الساكن فينا، الذي يعطي الاستشارة = النصح. فهو روح النصح (2تي7:1).
ففي (7) لا تتشاور مع من يكرهونك وهذه منطقية، وهناك من يشير عليك ليس لمصلحتك بل يشير لنفسه= لما فيه مصلحته هو. وإستخبر أولًا عن حاجة من تستشيره لتعرف أين مصلحته ولماذا أشار عليك بهذه المشورة. وهناك من يشير عليك بشيء يريد أن يجربه فيك= يُلقي القرعة عليك أولًا ثم يقف تجاهك ينظر ماذا يحل بك فلو نجحت لعمل مثلك ولو فشلت فلم يصبه ضرر (11). ولاَ تَسْتَشِرِ الْمُنَافِقَ فِي التَّقْوَى= فمن أين للخاطئ بمشورة صالحة. والمرأة معروف كراهيتها لضرتها. ولا الجبان= فسيلقي الخوف في قلبك. ولا التاجر= فهو سيشهد لتجارته ويشهد ضد منافسه. ولا المبتاع في البيع= فهذا سينزل بقيمة ما يشتريه ليدفع أقل. ولا الحاسد في شكر المعروف= "في عرفان الجميل" في ترجمة أخرى. أي لا تستشر حاسد في كيف ترد جميل من أحسن إليك، فهو لا يفهم في هذا فقلبه مملوء كراهية للجميع ولا يتمنى خيرًا لأحد. وَلاَ تستشِر الْجَافِيَ = فسيشير عليك بأن تكون غليظ القلب. ولا الأجير المساكن في إنجاز الشغل= المساكن مترجمة (موسمي) في ترجمات أخرى. فهذا يعمل يومًا لإنجاز عمل ما، وهو لا يهتم بالعمل، بل بأجرته لينصرف، فلا تستشيره بخصوص العمل. ولكن إستشر الرجل التقي الذي يحفظ الوصايا (ائْلَفِ الرَّجُلَ الْتَّقِيّ؛ مِمَّنْ عَلِمْتَهُ يَحْفَظُ الْوَصَايَا) = هذا يكون له ضمير صالح وسيشير عليك كما لو كان يشير على نفسه= نفسه كنفسك يتألم لك لو سقطت.
الآيات (20-29): "الْكَلاَمُ مَبْدَأُ كُلِّ عَمَلٍ، وَالْمَشُورَةُ قَبْلَ الْفِعْلِ. الْوَجْهُ يَدُلُّ عَلَى تَغَيُّرِ الْقَلْبِ. أَرْبَعَةٌ تَصْدُرُ مِنَ الْقَلْبِ: الْخَيْرُ وَالشَّرُّ وَالْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ، وَالْمُتَسَلِّطُ عَلَى هذِهِ فِي كُلِّ حِينٍ هُوَ اللِّسَانُ. مِنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ ذُو دَهَاءٍ، مُؤَدِّبٌ لِكَثِيرِينَ، لكِنَّهُ لاَ يَنْفَعُ نَفْسَهُ شَيْئًا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي الْحِكْمَةَ، وَكَلاَمُهُ مَكْرُوهٌ. فَمِثْلُ هذَا يُحْرَمُ كُلَّ قُوتٍ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ الْحُظْوَةَ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، إِذْ لَيْسَ مِنَ الْحِكْمَةِ عَلَى شَيْءٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ حِكْمَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَثِمَارُ عَقْلِهِ صَالِحَةٌ فِي الْفَمِ. الرَّجُلُ الْحَكِيمُ يُعَلِّمُ شَعْبَهُ، وَثِمَارُ عَقْلِهِ صَالِحَةٌ. الرَّجُلُ الْحَكِيمُ يَمْتَلِئُ بَرَكَةً وَيُغَبِّطُهُ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ. حَيَاةُ الرَّجُلِ أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ، أَمَّا أَيَّامُ إِسْرَائِيلَ فَلاَ عَدَدَ لَهَا. الْحَكِيمُ يَرِثُ ثِقَةَ شَعْبِهِ، وَاسْمُهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ."
في (20-21) كما أن الكلام مبدأ كل عمل، فقبل أي عمل يحدث نوع من الإتفاق والتشاور= والمشورة قبل الفعل. هكذا اللسان يقود القلب (يع3) فيخرج من القلب إمّا خير وإمّا شر، إما حياة وإمّا موت. وكل ما يفكر فيه القلب يظهر على الوجه= الوجه يدل على تغير القلب. (2مك30:14). إذًا المطلوب أن يختار الإنسان كلامه بعناية.
وفي (22) نجد إنسانًا يعلم الآخرين ولا يعمل هو بما يقوله "أما من عَمِل وعَلَّمَ فهذا يُدعَى عظيمًا في ملكوت السموات" (مت19:5). وهناك من يَدَّعي الحكمة= يريد أن يصير معلمًا وهو لا يعرف شيئًا، هذا يكتشفه الناس وينفضوا من حوله= كلامه مكروه. وهذا يظل في كبريائه لا يتعلم إذ يظن أنه المعلم. مثل هذا يُحرم كل قوت= أي لن يتعلم أبدًا. لأنه لم يؤت الحظوة من عند الرب= في ترجمة أخرى "إذ ليس من الحكمة في شيء" فمن له الحكمة ويطلب أن يتعلم يعطيه الرب ويزيده، ولكن هذا المتكبر لن يأخذ شيئًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهناك من له حكمة ولكنه أبقاها لنفسه. وهذا مشكلته أنه يعلم ولكنه لا يُعَلِّم. لكنه في تصرفاته حكيم وأقواله في حكمة= ثِمَارُ عَقْلِهِ.. فِي الْفَمِ. والأفضل من كليهما من عمل وعَلَّمَ (مت19:5) وهذا يملأه الله من البركة ويغبطه كل من يراه= والناس تمدحه. ولو كانت أيامه قليلة أي يحيا لمدة قصيرة، لكن أيام إسرائيل فلا عدد لها= أي يظل اسمه محفورًا كحكيم طوال أيام إسرائيل، وهكذا كان يشوع بن سيراخ نفسه.
الآيات (30-34): "يَا بُنَيَّ، جَرِّبْ نَفْسَكَ فِي حَيَاتِكَ، وَانْظُرْ مَاذَا يَضُرُّهَا، وَامْنَعْهَا عَنْهُ. فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْفَعُ كُلَّ أَحَدٍ، وَلاَ كُلُّ نَفْسٍ تَرْضَى بِكُلِّ أَمْرٍ. لاَ تَشْرَهْ إِلَى كُلِّ لَذَّةٍ، وَلاَ تَنْصَبَّ عَلَى الأَطْعِمَةِ. فَإِنَّ كَثْرَةَ الأَكْلِ تَهِيضُ الآكِلَ، وَالشَّرَهَ يَبْلُغُ إِلَى الْمَغْصِ. كَثِيرُونَ هَلَكُوا مِنَ الشَّرَهِ، أَمَّا الْقَنُوعُ فَيَزْدَادُ حَيَاةً."
على الإنسان أن يراقب نفسه ويعرف بالضبط الكمية التي تناسب معدته من الطعام، ولا يكن شرها ويأكل أكثر منها فيتقيأها (تهيض) وتمغص بطنه (يَبْلُغُ إِلَى الْمَغْصِ). إذًا على الإنسان أن لا يجري وراء شهوته بدون تعقل. بل هناك من ماتوا من الشره.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 38 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير يشوع ابن سيراخ 36 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3cqtpyz