← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28
الآيات (1-3): "الْعَامِلُ الشِّرِّيبُ لاَ يَسْتَغْنِي، وَالَّذِي يَحْتَقِرُ الْيَسِيرَ يَسْقُطُ شَيْئًا فَشَيْئًا. الْخَمْرُ وَالنِّسَاءُ تَجْعَلاَنِ الْعُقَلاَءَ أَهْلَ رِدَّةٍ. وَالَّذِي يُخَالِطُ الزَّوَانِي يَزْدَادُ وَقَاحَةً. السُّوسُ وَالدُّودُ يَرِثَانِهِ، وَالنَّفْسُ الْوَقِحَةُ تُسْتَأْصَلُ."
تحذير من خطيتين [1] إدمان شرب الخمر [2] الزنا. العامل الشريب= المدمن الخمر الكثير لاَ يَسْتَغْنِي = فهو سيفتقر، فكل أمواله تذهب للخمر. والذي يحتقر اليسير= الذي يستهين ويبدأ في أن يشرب قليلًا فهو بهذا يخدع نفسه، يومًا فيومًا سيدمن ويشرب الكثير= ويَسْقُطُ شَيْئًا فَشَيْئًا (هكذا التدخين وما ماثله). وكلا الخطيتين الإدمان والزنا يجعلان الإنسان يرتد عن طريق الله والنهاية السوس والدود يرثانه= حقًا حتى القديسين سيأكلهم السوس والدود، لكن المقصود هنا أن يتنبه الإنسان فإن الموت سيأتي سريعًا، فليحذر لئلا يخسر أبديته. وتعني أن عوامل فساد جسده ونفسه وروحه (السوس والدود) ستدب في الكل من الآن وقبل أن يموت. فتجد أن مثل هذا الإنسان فاقدًا لصحته وسلامه وأمواله بل عقله ورضَى الله عليه.
الآيات (4-12): "مَنْ أَسْرَعَ إِلَى التَّصْدِيقِ فَهُوَ خَفِيفُ الْعَقْلِ، وَمَنْ خَطِئَ فَهُوَ مُجْرِمٌ عَلَى نَفْسِهِ. الَّذِي يَتَلَذَّذُ بِالإِثْمِ يَلْحَقُهُ الْوَصْمُ، وَالَّذِي يَكْرَهُ التَّكَلُّمَ يُقَلِّلُ الذُّنُوبَ. الَّذِي يَخْطَأْ إِلَى نَفْسِهِ يَنْدَمُ، وَالَّذِي يَتَلَذَّذُ بِالشَّرِّ يَلْحَقُهُ الْوَصْمُ. لاَ تَنْقُلْ كَلاَمَ السُّوءِ، فَلَسْتَ بِخَاسِرٍ شَيْئًا. لاَ تُطْلِعْ عَلَى سِرِّكَ صَدِيقَكَ وَلاَ عَدُوَّكَ، وَلاَ تَكْشِفْ مَا فِي نَفْسِكَ لأَحَدٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيكَ خَطِيئَةٌ. فَإِنَّهُ يَسْمَعُكَ ثُمَّ يَرْصُدُكَ، وَيَصِيرُ يَوْمًا عَدُوًّا لَكَ. إِنْ سَمِعْتَ كَلاَمًا فَلْيَمُتْ عِنْدَكَ. ثِقْ فَإِنَّهُ لاَ يَشُقُّكَ. الأَحْمَقُ يَمْخَضُ بِالْكَلِمَةِ مَخَاضَ الْوَالِدَةِ بِالْجَنِينِ. الْكَلِمَةُ فِي جَوْفِ الأَحْمَقِ كَنَبْلٍ مَغْرُوزٍ فِي فَخْذٍ لَحِيمَةٍ."
من أسرع إلى التصديق فهو خفيف العقل
= علينا أن نفكر فيما نسمع، فهناك من يختلق أقوال غير منطقية أو أقوال غير صحيحة عن الآخرين، وهذه تُسَمَّى إشاعات. وهناك من يفهم ما يقال بطريقة خاطئة وينقل لك ما قيل حسب ما فهمه هو، وليس كما قصد صاحب القول. وهناك من ينقل إشاعات خاطئة على أنها حقيقة مؤكدة. ومن خِطئ= المقصود هنا من يسمع أقوال وإشاعات ويصدقها بل ويرددها فهو مجرم على نفسه= هو يسيء إلى نفسه إذ يكتشف الآخرين كذب أو سفاهة ما قاله. الذي يتلذذ بالإثم= الذي يُسَّرْ بأن الآخرين أخطأوا فيبدأ يسيء إلى سمعتهم، مثل هذا يلحقه الوصم (الَّذِي يَتَلَذَّذُ بِالشَّرِّ يَلْحَقُهُ الْوَصْمُ) = يلحقه العار، ويُحكم عليه من الناس، بحسب ما قاله عوبديا النبي [ما فعلته يُفْعَلُ بِكَ] (عو15) فالإشاعات ستخرج ضدك، والله لن يحميك فأنت لم تستر على أخيك. والعكس فإن الذي يكره التكلم يقلل الذنوب= لا تزيد ذنوبه أمام الله. إذًا فعلينا أن لا نردد كل ما نسمعه.الذي يخطأ إلى نفسه يندم= من يخطئ يندم على نتائج خطيته. وبنفس المقدار الذي يتلذذ بالشر يلحقه الوصم = من يفرح بالشر الذي يفعله الآخرين ويعتبر أنه وجد خبرا يفضحهم به ويسيء إلى سمعتهم فهو كمن أخطأ تمامًا، بل سيسمح الله أن يفتضح = يلحقه الوصم. لا تنقل كلام السوء= إذا ما علمت سرًا عن أحد، خصوصًا لو كان خطية لا تنقلها = فلست بخاسر شيئًا = لن تخسر لو كتمت خطايا الآخرين. ولا تكشف كل سر تعرفه للناس حتى لو كنت أنت لم تخطئ، لا تفضح الآخرين. بل حتى لا تكشف أسرارك الخاصة للناس حتى لا يكون هذا سببًا في أن تصير معلوماتهم عنك رصيد عندهم يهاجمونك به في يوم من الأيام. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). إن سمعت كلامًا فليمت عندك = أي لا تسمح له بالخروج للآخرين. فإنه لا يشقك= فهذا ليس صعبًا. لا يشق عليك أن تكتم سرًا. لكن هناك من يجد نفسه يكاد أن ينفجر إن لم يذيع سرًا عرفه. والأحمق هو الذي إذا عرف سرًا لا يستطيع أن يكتمه بل يكون كوالدة تظل تتألم = تتمخض حتى تلد (مَخَاضَ الْوَالِدَةِ) = يخرج السر. وتشبيه آخر لهذا الإنسان غير القادر أن يحتفظ بسر. فهو كمن يكون السر في داخله كنبل (سهام) مغروز في فخد لحمه= أي يؤلمه الإحتفاظ بالسر. ولا يرتاح إلاّ لو أخرج هذا النبل (السهم) أو الشوكة من لحمه.
الآيات (13-17): "عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ فَلاَ يَعُودُ يَفْعَلُ. عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَقُلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ فَلاَ يُكَرِّرُ الْقَوْلَ. عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَإِنَّ النَّمِيمَةَ كَثِيرَةٌ. وَلاَ تُصَدِّقْ كُلَّ كَلاَمٍ، فَرُبَّ زَالٍّ لَيْسَتْ زَلَّتُهُ مِنْ قَلْبِهِ. وَمَنِ الَّذِي لَمْ يَخْطَأْ بِلِسَانِهِ. عَاتِبْ قَرِيبَكَ قَبْلَ أَنْ تُهَدِّدَهُ."
هذا تعليم السيد المسيح عن العتاب "إن أخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما. إن سمع منك فقد ربحت أخاك" (مت15:18). وفائدة العتاب أنك ستتكلم مع صديقك الذي سمعت عنه أنه فعل شرًا ضدك وربما تكتشف أنه لم يفعل شرًا ضدك، وإن كان قد فعل فربما يخجل من العتاب ولا يعود يكرر ما فعله. وآية (14) عن الكلام الذي ردده صديقك بينما آية (13) عن أفعال. عاتب صديقك الذي وصل إلى أسماعك أنه تكلم عليك أو عمل شرًا ضدك فإن النميمة كثيرة= كثير من الناس يرددون أقوالًا غير صحيحة= ولا تصدق كل كلام. وربما أن صديقك زل بلسانه دون قصد في حقك = رُبَّ زَالٍّ لَيْسَتْ زَلَّتُهُ مِنْ قَلْبِهِ = أي عن قصد شر بك. وهنا إرشاد للكل، فإن كل إنسان معرض لأن يخطئ. وإرشاد آخر أن يبدأ الإنسان بعتاب الناس قبل أن يهددهم فقد يكتشف أنه لا داعٍ للتهديد ولا أصل للنميمة التي وصلت إليه.
الآيات (18-28): "وَأَبْقِ مَكَانًا لِشَرِيعَةِ الْعَلِيِّ. كُلُّ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَفِي كُلِّ حِكْمَةٍ الْعَمَلُ بِالشَّرِيعَةِ. لَيْسَتِ الْحِكْمَةُ عِلْمَ الشَّرِّ، وَحَيْثُ تَكُونُ مَشُورَةُ الْخَطَأَةِ، فَلَيْسَتْ هُنَاكَ الْفِطْنَةُ. فَإِنَّ مِنَ الشَّرِّ مَا هُوَ رِجْسٌ، وَمِنَ الْجُهَّالِ مَنْ نَقَصَ حَظُّهُ مِنَ الْحِكْمَةِ. نَاقِصُ الْعَقْلِ وَهُوَ تَقِيٌّ، خَيْرٌ مِنْ وَافِرِ الْفِطْنَةِ وَهُوَ يَتَعَدَّى الشَّرِيعَةَ. رُبَّ دَهَاءٍ يَكُونُ مُحْكَمًا، وَهُوَ جَائِرٌ. وَرُبَّ رَجُلٍ يَهْدِمُ الْمَحَبَّةَ، لِيُبْدِيَ الْعَدْلَ. رُبَّ شِرِّيرٍ يَمْشِي مُكِبًّا فِي الْحِدَادِ، وَبَوَاطِنُهُ مَمْلُوءَةٌ مَكْرًا. يُكِبُّ بِوَجْهِهِ وَيُصِمُّ إِحْدَى أُذُنَيْهِ، وَحِينَ لاَ تَشْعُرُ يُفَاجِئُكَ. وَإِنْ مَنَعَهُ الْعَجْزُ مِنَ الإِسَاءَةِ، فَإِذَا صَادَفَ فُرْصَةً فَعَلَ. مِنْ مَنْظَرِهِ يُعْرَفُ الرَّجُلُ، وَمِنِ اسْتِقْبَالِ الْوَجْهِ يُعْرَفُ الْعَاقِلُ. لِبْسَةُ الرَّجُلِ، وَضِحْكَةُ الأَسْنَانِ، وَمِشْيَةُ الإِنْسَانِ، تُخْبِرُ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ. رُبَّ عِتَابٍ لاَ يَجْمُلُ، وَرُبَّ صَامِتٍ عَنْ فِطْنَةٍ."
(18) الحكمة الحقيقية هي في إتباع وصايا الله وشريعته. وشريعة الله تعني أنه واضع قوانين مملكته وهو الذي ينفذ الأحكام في من يخالفها. ومن يتبع شريعة الله ويحترمها لا ينتقم لنفسه ولا يدبر بذكائه شرًا ضد من يؤذيه. بل يترك الأمر لله (لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء...). وفي (19) نسمع عن حكمة أرضية نفسانية شيطانية (يع15:3) يسميها البعض ذكاء ويسميها البعض دهاء، ولكنها شر، والفطنة هي التصرف العملي بناء على الحكمة الموجودة في العقل. فإن استشرت خاطئا ودبر لك بشر فسيكون تصرفك العملي خطأ. وهذا الذكاء يقود للرجس (رِجْسٌ) = الخطية والنجاسة وكل ما يغضب الله. والجاهل الذي لا يتبع وصايا الله فهو نقص حظه من الحكمة مهما كان ذكيًا. مثل هذا الذكي الشرير، فإن ناقص العقل أي الإنسان البسيط التقي غير المُتَعَلِّم، هو خيرٌ منه، ببساطة مهما دبر الذكي من مؤامرات بذكائه ضد هذا البسيط فالله يحميه لأنه يتقي الله. وهذا ما اكتشفه بولس الرسول "لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ انا قوي" (2كو 12: 9، 10) فمن يطلق عليهم العالم صفة الذكاء والدهاء قد يستخدمون ذكاءهم هذا في ظلم الناس= رب دهاء يكون محكمًا وهو جائر. فمن قال أن ما أتصور أنه حقي، وأسعى لأن آخذه بالاحتيال أو بالقوة هو فعلا حقًا لي، ألا أكون ظالمًا للآخر لو أخذت شيئًا هو فعلًا حق له هو. وأهم وصايا الله هي المحبة، وهناك من بذكائه يهدم المحبة ليأخذ حقه= ليبدي العدل= هو يظن أنه يقيم العدل بينما هو يهدم أهم وصايا الله. وهؤلاء الأذكياء الأشرار يَدَّعون بوجوههم كذبًا ما ليس في بواطنهم. فباطنهم مملوءة مكرًا (بَوَاطِنُهُ مَمْلُوءَةٌ مَكْرًا)، ولكنهم = رُبَّ شرير يمشي مكبًا في الحداد= أي يمشي منحنيًا كأنه حزين على ما أصاب البريء، وهو يدبر له شرًا (هذه مثل المثل العامي" يقتل القتيل ويمشي في جنازته"). هذا يتحين الفرص ليسيء للناس. وهذا الخبيث يكب بوجهه= يحجب وجهه ويغلق أذنيه= يصم إحدى أذنيه= هو قرر الشر. وقوله إحدى أذنيه أي هو لا يسمع إلاّ كل ما هو ضدك، وإذا سمع شيئًا في صالحك فهو لا يسمعه، ولا يريد أن يسمعه، فهو قد قرر أن يؤذي من يعتبره عدوًا له. ومع أن الشر يوجد داخل الإنسان الخبيث فالله قادر أن يحمي أتقياءه من شرورهم فهو الذي يعرف ما في داخلهم. لكن هناك من يظهر شرهم من الخارج، من منظر وجوههم وهيئتهم، من ضحكتهم ومشيتهم، فهؤلاء علينا أن نتحاشى السير معهم، إذ أن طريقهم واضح فيه الشر. وعلى الحكيم ألا يسلك في مشورة الأشرار ويقول الله قادر أن يحميني. فإذا كان الشر واضحًا فتجنب مثل هؤلاء، وإلاّ تكون كمن يجرب الرب إلهه. ولا داعٍ مطلقًا أن تتصور أنك قادر أن تساير هؤلاء الأشرار وأن تصلحهم بأن تعاتبهم وتثنيهم عن شرهم= رب عتاب لا يجمل ورب صامت عن فطنة.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 20 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير يشوع ابن سيراخ 18 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7k66npm