← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
الآيات (1-8): "الآمَالُ الْفَارِغَةُ الْكَاذِبَةُ لِذِي السَّفَهِ، وَالأَحْلاَمُ يَطِيرُ بِهَا الْجُهَّالُ. مَثَلُ الْمُلْتَفِتِ إِلَى الأَحْلاَمِ؛ مَثَلُ الْقَابِضِ عَلَى الظِّلِّ وَالْمُتَطَلِّبِ لِلرِّيحِ. رُؤْيَا الأَحْلاَمِ هِيَ هذَا بِإِزَاءِ هذَا: شِبْهُ الشَّخْصِ أَمَامَ الشَّخْصِ. بِالنَّجِسِ مَاذَا يُطَهَّرُ؟ وَبِالْكَذِبِ مَاذَا يُصَدَّقُ؟ الْعِرَافَةُ وَالتَّطَيُّرُ وَالأَحْلاَمُ بَاطِلَةٌ. كَخَيَالاَتِ قَلْبِ الْمَاخِضِ. إِنْ لَمْ تُرْسَلْ هذِهِ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيِّ فِي افْتِقَادٍ مِنْهُ؛ فَلاَ تُوَجَّهْ إِلَيْهَا قَلْبَكَ، فَإِنَّ كَثِيرِينَ أَضَلَّتْهُمُ الأَحْلاَمُ فَسَقَطُوا لاِعْتِمَادِهِمْ عَلَيْهَا. الشَّرِيعَةُ تُتَمَّمُ بِغَيْرِ تِلْكَ الأَكَاذِيبِ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْفَمِ الصَّادِقِ كَمَالٌ."
دعوة ليعيش الإنسان على الواقع وليس الآمَالُ الْفَارِغَةُ.. أو الأَحْلاَمُ. وكما أن الإنسان السفيه يُمَنَّي نفسه بالآمال الفارغة، هكذا الأحلام يفرح بها الجهال=الأغبياء، ويكادوا أن يطيروا من الفرح. وقداسة مثلث الرحمات البابا شنوده قسم الأحلام إلى ثلاث أقسام:-
1. من الله كأحلام فرعون مع يوسف.
2. من الشيطان فيضع صورًا كثيرة خاطئة.
3. هي نتاج أفكار الإنسان وما هو مخزون في ذاكرته أو ما يتمناه. بينما هو مستيقظ وهذه هي الغالبية العظمى من الأحلام.
ولكن هناك من يصدق الأحلام ويفرح بما يراه فيها، بل هناك من يفسر الأحلام ويضع لها قواعد. والحكيم هنا يُشبِّه هؤلاء بمن يقبض على الظل (الْقَابِضِ عَلَى الظِّلِّ) = إذ هي ليست بشيء حقيقي نضع آمالنا عليه. وَالْمُتَطَلِّبِ لِلرِّيحِ = من يسعى وراء الريح ليمسكه. رُؤْيَا الأَحْلاَمِ هِيَ هذَا بِإِزَاءِ هذَا..: الشَّخْصِ أَمَامَ الشَّخْصِ = وفي ترجمة أخرى "أنها مجرد انعكاس وشبه الوجوه أمام الناس"= أي انعكاس لأفكارك وللوجوه التي تراها وأنت مستيقظ. والحكيم يرى أن الأحلام هي كذب وليست حق. فكما أن النجس لا يطهر شيء فكذلك الكذب لا يعطي شيئًا نصدقه، فالنجس ليس فيه ما يطهر، والأحلام كاذبة ليس فيها حق. يحلم الجائع بسوق العيش ويقوم وهو جائع. العرافة والتطير (رؤيا البخت والمستقبل) وهذه خرافات والحكيم يرى أن مثلها مثل الأحلام باطلة. كخيالات قلب الماخض= هو يرى أن العرافة والأحلام مثل الاضطرابات الفكرية التي تمر على عقل الأم التي تلد.
إن لم ترسل هذه من عند العلي في افتقاد منه فلا توجه إليها قلبك= كان الله يكلم الناس بالأحلام قديمًا في العهد القديم (حلم يعقوب ويوسف وفرعون ونبوخذ نصر). ولكن هذه مرات نادرة. والآن الله يتكلم من خلال الكتاب المقدس (8) الشريعة تتمم بغير تلك الأكاذيب والحكمة في الفم الصادق كمال= ما الداعي لطلب المعرفة من الأحلام والحكمة موجودة ومتاحة لكل من يسلك بالشريعة. ولكن إن حدث أن الله تكلم في حلم فيكون واضحًا من طهارة الحلم ووضوحه وتكراره ووضوح الرسالة التي أتى الحلم بسببها، وهذا نادر جدًا. والنصيحة العامة ألا يعتمد أحد على الأحلام، فإن كثيرين أضلتهم الأحلام.
الآيات (9-20): "الرَّجُلُ الْمُتَأَدِّبُ يَعْلَمُ كَثِيرًا، وَالْكَثِيرُ الْخِبْرَةِ يُحَدِّثُ بِعَقْلٍ. الَّذِي لَمْ يَخْتَبِرْ يَعْلَمُ قَلِيلًا، أَمَّا الَّذِي جَالَ فَهُوَ كَثِيرُ الْحِيلَةِ. الَّذِي لَمْ يُمْتَحَنْ مَاذَا يَعْلَمُ؟ أَمَّا الَّذِي ضَلَّ فَهُوَ كَثِيرُ الدَّهَاءِ. إِنِّي رَأَيْتُ فِي مَطَافِي أُمُورًا كَثِيرَةً، وَأَكْثَرُ أَقْوَالِي مِمَّا اخْتَبَرْتُ. وَقَدْ طَالَمَا خَاطَرْتُ بِنَفْسِي فِي هذَا الطَّلَبِ، حَتَّى إِلَى الْمَوْتِ ثُمَّ نَجَوْتُ. رُوحُ الْمُتَّقِينَ لِلرَّبِّ يَحْيَا، لأَنَّ رَجَاءَهُمْ فِي مُخَلِّصِهِمْ. مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ فَلاَ يَخَافُ وَلاَ يَفْزَعُ، لأَنَّهُ هُوَ رَجَاؤُهُ. مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ فَطُوبَى لِنَفْسِهِ. إِلَى مَنْ يَتَوَجَّهُ وَمَنْ عُمْدَتُهُ؟ إِنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلَى مُحِبِّيهِ، هُوَ مُجِيرٌ قَدِيرٌ وَعُمْدَةٌ قَوِيَّةٌ. سِتْرٌ مِنَ الْحَرِّ وَظِلٌّ مِنَ الْهَجِيرِ. صِيَانَةٌ مِنَ الْعِثَارِ وَمَعُونَةٌ عِنْدَ السُّقُوطِ. هُوَ يُعْلِي النَّفْسَ وَيُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. يَمْنَحُ الشِّفَاءَ وَالْحَيَاةَ وَالْبَرَكَةَ."
هو هنا يتكلم عن اكتساب الخبرات [1] الرجل المتأدب= بالشريعة [2] الكثير الخبرة= الذي شاخ وتأمل في أحداث الحياة [3] الذي جال وطاف في العالم ورأى عادات الشعوب وفلسفاتهم وتعرض لمخاطر ورأَى كيف أنقذه الله منها. مثل هذا الإنسان يَعلَمْ كثيرًا وحين يتحدث، يتحدث بعقل وهو كثير الحيلة (الَّذِي جَالَ فَهُوَ كَثِيرُ الْحِيلَةِ) = له خبرة في التصرف في الأمور. أما الَّذِي لَمْ يَخْتَبِرْ يَعْلَمُ قَلِيلًا. والَّذِي لَمْ يُمْتَحَنْ = أي الذي لم تصادفه تجارب كثيرة رأى يد الرب فيها وتعزيات الله. أمّا الذي ضَلَّ= يقصد كثير الأسفار كما في ترجمة أخرى فهو كثير الحيلة. وفي (12، 13) تكرار لما استفاده من أسفاره. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفي (14-20) نجد حصيلة خبراته من السفر والتجارب. أن من يتقي الله يحميه الله= روح المتيقن للرب يحيا = يحيا أي لا يموت ويهلك، فالله ينقذه من المخاطر، فهم وضعوا رجاءهم في مخلصهم. وطوبى لمن يضع رجاءه في الله. فَمَن اتقَى الرب وعرفه فلمن يلجأ لغير الرب = إلى من يتوجه ومن عمدته = على من يعتمد غير الرب. فالله قدير يمنح الشفاء والحياة والبركة ويصون من العثرة= صيانة من العثار.
الآيات (21-31): "الذَّابِحُ مِنْ كَسْبِ الظُّلْمِ يُسْتَهْزَأُ بِتَقْدِمَتِهِ، وَاسْتِهْزَاءَاتُ الأُثَمَاءِ لَيْسَتْ بِمَرْضِيَّةٍ. الرَّبُّ وَحْدَهُ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ. لَيْسَتْ مَرْضَاةُ الْعَلِيِّ بِتَقَادِمِ الْمُنَافِقِينَ، وَلاَ بِكَثْرَةِ ذَبَائِحِهِمْ يَغْفِرُ خَطَايَاهُمْ. مَنْ قَدَّمَ ذَبِيحَةً مِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ، فَهُوَ كَمَنْ يَذْبَحُ الاِبْنَ أَمَامَ أَبِيهِ. خُبْزُ الْمُعْوِزِينَ حَيَاتُهُمْ؛ فَمَنْ أَمْسَكَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ سَافِكُ دِمَاءٍ. مَنْ يَخْطَفْ مَعَاشَ الْقَرِيبِ يَقْتُلْهُ. مَنْ يُمْسِكْ أُجْرَةَ الأَجِيرِ يَسْفِكْ دَمَهُ. وَاحِدٌ بَنَى وَآخَرُ هَدَمَ؛ فَمَاذَا انْتَفَعَا سِوَى التَّعَبِ؟ وَاحِدٌ صَلَّى وَآخَرُ لَعَنَ؛ فَأَيُّهُمَا يَسْتَجِيبُ الرَّبُّ لِدُعَائِهِ؟ مَنِ اغْتَسَلَ مِنْ لَمْسِ الْمَيْتِ ثُمَّ لَمَسَهُ؛ فَمَاذَا نَفَعَهُ غُسْلُهُ؟ كَذلِكَ الإِنْسَانُ الَّذِي يَصُومُ عَنْ خَطَايَاهُ ثُمَّ يَعُودُ يَفْعَلُهَا، مَنْ يَسْتَجِيبُ لِصَلاَتِهِ، وَمَاذَا نَفَعَهُ اتِّضَاعُهُ؟"
من 21 حتى 27 ملخصها أن الله لا يقبل ذبائح اشتراها من يقدمها بمال حرام كالظلم والإثم (الظُّلْمِ.. الأُثَمَاءِ) أو من مَالِ الْمَسَاكِينِ أو الْمُعْوِزِينَ أو أُجْرَةَ الأَجِيرِ. وأكثر ما يسر الله من ذبائح هي القلوب المنسحقة. وفي العهد الجديد الذبائح هي ذبيحة التسبيح والتوزيع على الفقراء (عب 15:13، 16) وتقديم الأجساد ذبائح حية (رو1:12). الذابح من كسب الظلم يستهزأ بتقدمته= فالمفروض أن تقديم الذبيحة إعلانًا عن التوبة. فأي توبة هذه وهو ظالم. واستهزاءات الأثماء ليست بمرضية= هنا يسمي عطايا الأثمة "اسْتِهْزَاءَاتُ"، فهم في الواقع يهزأون بالله، يدعون التقوى أمام الناس وفي داخلهم لا يهتمون برأي الله فيهم. فهو كمن يذبح الابن أمام أبيه= الابن هو الفقير الذي إغتصبت ماله وحرمته منه وهو قليل فربما مات جوعًا. والأب هنا هو الله. في (28) وَاحِدٌ بَنَى وَآخَرُ هَدَمَ.. وَاحِدٌ صَلَّى وَآخَرُ لَعَنَ = هذا استمرار للحديث السابق عن ضرورة رحمة الأغنياء للفقراء، فالغني يظلم ليبني ويذهب ليصلي شاكرًا الله على البناء، والفقير المظلوم يلعن هذا الغني ويطلب أن ينتقم له الله، والله لن يبارك للغني وربما كل ما بناه يهدم. واللعنات عمومًا لا يحب الله أن يسمعها حتى من الفقراء المتذمرين. والحكيم هنا يقول الغني يصلي ليزداد غِنَى، والفقير يصلي لاعنًا الغني فأيهما يستجيب الرب لدعائه غالبًا فالله حزين على كليهما ولكن قطعًا غضبه من الغني الظالم أكثر لذلك فهو لا يستفيد من كل ما بناه = فَمَاذَا انْتَفَعَا سِوَى التَّعَبِ؟ = الغني إنهدم ما بناه، والفقير المتذمر فقد سلامه نتيجة تذمره، ومع كل صلواته يفقد تعزيات الله بسبب لعناته وتذمره.
وفي (30) ماذا ينتفع الإنسان الذي يقدم توبة ويعود للخطية ثانية، فالموت= الخطية. وهذه استرسالًا لما مضى من حديث، فالذي يقدم ذبيحة ليتطهر وهو ما زال يظلم الفقير ماذا ينتفع.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 35 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير يشوع ابن سيراخ 33 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/y7sw8yz