← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
الآيات (1-5): "لاَ تَشْتَهِ كَثْرَةَ أَوْلاَدٍ لاَ خَيْرَ فِيهِمْ، وَلاَ تَفْرَحْ بِالْبَنِينَ الْمُنَافِقِينَ، وَلاَ تُسَرَّ بِكَثْرَتِهِمْ، إِذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِمْ مَخَافَةُ الرَّبِّ. لاَ تَثِقْ بِحَيَاتِهِمْ، وَتَلْتَفِتْ إِلَى مَكَانِهِمْ. وَلَدٌ وَاحِدٌ يَتَّقِي الرَّبَّ، خَيْرٌ مِنَ أَلْفٍ مُنَافِقِينَ. وَالْمَوْتُ بِلاَ وَلَدٍ، خَيْرٌ مِنَ الأَوْلاَدِ الْمُنَافِقِينَ. لأَنَّهُ بِعَاقِلٍ وَاحِدٍ تُعْمَرُ الْمَدِينَةُ، وَقَبِيلَةٌ مِنَ الأُثَمَاءِ تُخْرَبُ."
هي رسالة لكل أب ولكل أم ليربوا أولادهم حسنًا في مخافة الرب، فالعبرة ليست بكثرة البنين لكن بنوعية هؤلاء البنين. فأولاد عالي الكاهن بفسادهم هلكوا وأهلكوا أباهم عالي. والمرأة تخلص بولادة البنين لو ربتهم حسنًا (1تي15:2). وبينما ظن أهل العهد القديم أن الخير في كثرة البنين وأن العاقر هي عار، يصلح الحكيم هذا المفهوم ويقول، بل العار هو النسل غير الصالح. لاَ تَثِقْ بِحَيَاتِهِمْ، وَ(لا) تَلْتَفِتْ إِلَى مَكَانِهِمْ = في ترجمة أخرى أوضح "حتى إن كثر عددهم فلا تفرح ولا تعتمد على حياتهم ولا على كثرة عددهم".
الآيات (6-11): "كَثِيرٌ مِنْ أَمْثَالِ هذِهِ رَأَيْتُهُ بِعَيْنَيَّ، وَأَعْظَمُ مِنْهَا سَمِعَتْ بِهِ أُذُنِي. فِي مَجْمَعِ الْخَطَأَةِ تَتَّقِدُ النَّارُ، وَفِي الأُمَّةِ الْكَافِرَةِ يَضْطَرِمُ الْغَضَبُ. لَمْ يَعْفُ عَنِ الْجَبَابِرَةِ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ تَمَرَّدُوا بِقُوَّتِهِمْ، وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى جِيلِ لُوطٍ، الَّذِينَ مَقَتَهُمْ لِكِبْرِيَائِهِمْ، وَلَمْ يَرْحَمْ أُمَّةَ الْهَلاَكِ الْمُتَعَظِّمِينَ بِخَطَايَاهُمْ. وَكَذلِكَ السِّتُّ مِئَةَ أَلْفٍ مِنَ الرَّجَّالَةِ، الَّذِينَ تَعَصَّبُوا بِقَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ، بَلْ لَوْ وُجِدَ وَاحِدٌ قَاسِي الرَّقَبَةِ، لَكَانَ مِنَ الْعَجَبِ أَنْ يُصْفَحَ عَنْهُ."
من الحكمة أن نرى الأحداث السابقة ونحللها ونتوصل إلى نتائج نستفيد منها. وهذا ما فعله الحكيم= كثير من أمثال هذه رأيته بعينيّ= إذًا هو رأَى وحلَّلَ ما رآه. في مجمع الخطاة تتقد النار (أهل قورح). لم يعف عن الجبابرة الأولين [هلكوا في الطوفان (تك1:6-7)]. أمة الهلاك= هم أهل كنعان الذين أمر الرب شعبه بإبادتهم لخطاياهم. وليس معنى هذا أن الرب يحب إسرائيل ويكره كنعان، لا بل يكره الخطية، فعندما أخطأ شعب إسرائيل الذين خرجوا من مصر، أهلكهم الله في سيناء= الست مئة ألف من الرجالة. بل لو وُجِدَ واحدٌ قاسي الرقبة لكان من العجب أن يصفح عنه= سواء من الأمم أو اليهود.
الآيات (12-23): "لأَنَّ الرَّحْمَةَ وَالْغَضَبَ مِنْ عِنْدِهِ. هُوَ رَبُّ الْعَفْوِ، وَسَاكِبُ الْغَضَبِ. كَمَا أَنَّهُ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ، هكَذَا هُوَ شَدِيدُ الْعِقَابِ؛ فَيَقْضِي عَلَى الرَّجُلِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. لاَ يُفْلِتُ الْخَاطِئُ بِغَنَائِمِهِ، وَلاَ يُضَيِّعُ الرَّبُّ صَبْرَ الْتَّقِيِّ. لِكُلِّ رَحْمَةٍ يَجْعَلُ مَوْضِعًا، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَلْقَى مَا تَسْتَحِقُّ أَعْمَالُهُ. لاَ تَقُلْ: «سَأَتَوَارَى عَنِ الرَّبِّ، أَلَعَلَّ أَحَدًا مِنَ الْعُلَى يَذْكُرُنِي؟ إِنِّي فِي شَعْبٍ كَثِيرٍ لاَ أُذْكَرُ، فَمَاذَا تُعْتَبَرُ نَفْسِي فِي خَلْقٍ لاَ يُقَدَّرُ؟» هَا إِنَّ السَّمَاءَ وَسَمَاءَ سَمَاءِ اللهِ وَالْغَمْرَ وَالأَرْضَ تَتَزَعْزَعُ عِنْدَ افْتِقَادِهِ. وَالْجِبَالَ وَأُسُسَ الأَرْضِ تَرْتَعِدُ رُعْبًا عِنْدَمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا. وَفِي ذلِكَ لاَ يَتَأَمَّلُ الْقَلْبُ، وَلَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ طُرُقَهُ. رُبَّ زَوْبَعَةٍ لاَ يُبْصِرُهَا الإِنْسَانُ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ أَعْمَالِ الرَّبِّ فِي الْخَفَاءِ. أَعْمَالُ الْعَدْلِ مَنْ يُخْبِرُ بِهَا أَوْ مَنْ يَحْتَمِلُهَا. إِنَّ الْعَهْدَ بَعِيدٌ، وَالْفَحْصَ عَنِ الْجَمِيعِ يَكُونُ عِنْدَ الاِنْقِضَاءِ. الْمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ يَتَأَمَّلُ فِي ذلِكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الْجَاهِلُ الضَّالُّ فَيَتَأَمَّلُ فِي الْحَمَاقَاتِ."
حقًا الله رحيم ولكن هو قدوس لا يطيق الخطية، وهو نار آكلة (عب29:12) يحرق الخطاة بغضبه= الرحمة والغضب من عنده. والعجيب أن عدله ورحمته ظهرا على الصليب. وهو يجازي كل واحد بعدل بحسب ما تستحق أعماله. ولا تتصور أنك ستتوارى عن الرب. فلا يرى خطيتك كما فعل آدم، أو ينساها كما حدث مع داود أو أنك واحد صغير وسط ملايين من البشر فلا ينتبه إليك. ولاحظ أن غضبه يزعزع السماء والأرض. وفي ذلك لا يتأمل القلب= ألا تتأمل في ذلك يا إنسان، ألا يخيفك غضب الله. رُبَّ زوبعة لا يبصرها الإنسان= نحن لا نرى الهواء في الزوبعة ولكننا نرى تدميره. هكذا نحن لا نرى وجه الرب الغاضب ولكننا نرى أثار غضبه = فإن اكثر أعمال الرب في الخفاء لا يدركها الإنسان السطحي الذي يعيش في عمق الروحيات. أعمال العدل من يخبر بها = إلاّ من يفهم الروحيات. أو من يحتملها= لا يحتمل التجارب إلاّ من يحيا في العمق، كالنبات إن كان له عمق فيستمد من المياه الجوفية ما يجعله يحتمل حرارة الشمس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والذي له عمق روحي يجعله الروح القدس يحتمل التجارب، أعمال عدل الله. أما الخطاة فيقولون العهد بعيد أي أيام الدينونة ما زالت بعيدة، دعونا نحيا ونتمتع بالعالم (2بط3:3، 4). لكن المتواضع القلب هو الذي يتأمل في الله، إذ هو يسكن عنده فيراه (إِش15:57). أما الجاهل الضال الساعي وراء شهواته فيتأمل في الحماقات= الخطايا.
الآيات (24-31): "اِسْمَعْ لِي يَا بُنَيَّ، وَتَعَلَّمِ الْعِلْمَ، وَوَجِّهْ قَلْبَكَ إِلَى كَلاَمِي. إِنِّي أُعَبِّرُ عَنِ التَّأْدِيبِ بِوَزْنٍ، وَأُبْدِي الْعِلْمَ بِتَدْقِيقٍ. جَمِيعُ أَعْمَالِ الرَّبِّ مِنَ الْبَدْءِ قَدَّرَهَا بِحِكْمَةٍ، وَمُنْذُ إِنْشَائِهَا مَيَّزَ أَجْزَاءَهَا. زَيَّنَ أَعْمَالَهُ إِلَى الدَّهْرِ، وَمَبَادِئَهَا إِلَى أَحْقَابِهَا، فَلَمْ تَجُعْ وَلَمْ تَتْعَبْ وَلَمْ تَزَلْ تعْمَلُ، وَلَمْ يُضَايِقْ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَهِيَ لاَ تُعَاصِي كَلِمَتَهُ مَدَى الدَّهْرِ. وَبَعْدَ ذلِكَ نَظَرَ الرَّبُّ إِلَى الأَرْضِ وَمَلأَهَا مِنْ خَيْرَاتِهِ. وَنُفُوسُ ذَوِي الْحَيَاةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا وَإِلَيْهَا تَعُودُ."
في (24) الحكيم يتكلم. وفي (25) يقول عن كلام حكمته أنه بوزن (وفي الكلام العامي نقول فلان كلامه موزون أي بعقل) وهو يدقق في كل ما يقوله. وفي (26) يقول أن الله خلق الخليقة بحكمة، وكل جزء مميز عن الآخر. من البدء= منذ قرر الله بدء عملية الخلقة. وكانت كل خلقة الله جميلة= زَيَّن أعماله إلى الدهر = أي "إلى الأبد" في ترجمة أخرى، فالأرض بنباتاتها وجبالها وأنهارها.. كلها جمال والإنسان على صورة الله مخلوق. ومبادئها إلى أحقابها = "إلى أجيالها البعيدة" في ترجمة أخرى فلم تجع = الإنسان لم يجع ولم يحتاج شيء فالله خلق له كل شيء، وهكذا الحيوانات طعامها موجود. بل كل الخليقة الجمادية والمجرات والكواكب لا ينقصها شيء لتقوم بعملها. ولم تتعب = لم تكل عن الدوران، بل هي مستمرة في عملها= ولم تزل تعمل. ولم يضايق بعضها بعضًا= لم تتصادم النجوم مع بعضها ولا الأرض مع الشمس. وهي لا تعاصي كلمته مدى الدهر= ولكن الإنسان الذي ملأ له الرب الأرض من خيراته (نَظَرَ الرَّبُّ إِلَى الأَرْضِ وَمَلأَهَا مِنْ خَيْرَاتِهِ) هو الذي يعصاه. وإن لم يرتدع الإنسان لخجله من كرم الرب فليرتدع لأنه من تراب وإلى التراب يعود= نفوس ذوي الحياة تغطي وجهها وإليها تعود= من التراب وإلى التراب نعود.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 17 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير يشوع ابن سيراخ 15 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/39ymydc