St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   fr-angelos-st-makarios  >   judges
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   fr-angelos-st-makarios  >   judges

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنجيلوس المقاري

القضاة 9 - تفسير سفر القضاة

 

* تأملات في كتاب قضاة:
تفسير سفر القضاة: مقدمة سفر القضاة | القضاة 1 | القضاة 2 | القضاة 3 | القضاة 4 | القضاة 5 | القضاة 6 | القضاة 7 | القضاة 8 | القضاة 9 | القضاة 10 | القضاة 11 | القضاة 12 | القضاة 13 | القضاة 14 | القضاة 15 | القضاة 16 | القضاة 17 | القضاة 18 | القضاة 19 | القضاة 20 | القضاة 21

نص سفر القضاة: القضاة 1 | القضاة 2 | القضاة 3 | القضاة 4 | القضاة 5 | القضاة 6 | القضاة 7 | القضاة 8 | القضاة 9 | القضاة 10 | القضاة 11 | القضاة 12 | القضاة 13 | القضاة 14 | القضاة 15 | القضاة 16 | القضاة 17 | القضاة 18 | القضاة 19 | القضاة 20 | القضاة 21 | القضاة كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51 - 52 - 53 - 54 - 55 - 56 - 57

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإصحاح التاسع

 

[1- وَذَهَبَ أَبِيمَالِكُ بْنُ يَرُبَّعْلَ إِلَى شَكِيمَ إِلَى أَخْوَالِهِ, وَقَالَ لِجَمِيعِ عَشِيرَةِ بَيْتِ أَبِي أُمِّهِ:. 2- «تَكَلَّمُوا الآنَ فِي آذَانِ جَمِيعِ أَهْلِ شَكِيمَ. أَيُّمَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ: أَأَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْكُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا, جَمِيعُ بَنِي يَرُبَّعْلَ, أَمْ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ؟ وَاذْكُرُوا أَنِّي أَنَا عَظْمُكُمْ وَلَحْمُكُم. 3- فَتَكَلَّمَ أَخْوَالِهِ عَنْهُ فِي آذَانِ كُلِّ أَهْلِ شَكِيمَ بِجَمِيعِ هَذَا الْكَلاَمِ. فَمَالَ قَلْبُهُمْ وَرَاءَ أَبِيمَالِكَ, لأَنَّهُمْ قَالُوا: «أَخُونَا هُوَ». 4- وَأَعْطُوهُ سَبْعِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ مِنْ بَيْتِ بَعْلِ بَرِيثَ, فَاسْتَأْجَرَ بِهَا أَبِيمَالِكُ رِجَالًا بَطَّالِينَ طَائِشِينَ, فَسَعُوا وَرَاءَهُ. 5- ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ فِي عَفْرَةَ وَقَتَلَ إِخْوَتَهُ بَنِي يَرُبَّعْلَ, سَبْعِينَ رَجُلًا, عَلَى حَجَرٍ وَاحِدٍ. وَبَقِيَ يُوثَامُ بْنُ يَرُبَّعْلَ الأَصْغَرُ لأَنَّهُ اخْتَبَأَ. 6- فَاجْتَمَعَ جَمِيعُ أَهْلِ شَكِيمَ وَكُلُّ سُكَّانِ الْقَلْعَةِ وَذَهَبُوا وَجَعَلُوا أَبِيمَالِكَ مَلِكا ًعِنْدَ بَلُّوطَةِ النَّصَبِ الَّذِي فِي شَكِيمَ. (قض 1:9-6). ]

 

يخبرنا النص هنا عن الطريقة التي بها تحصل أبيمالك على السلطة وجعل نفسه عظيمًا. ربما دست أمه في عقله بعض أفكار الطموح والشموخ وهو صغير، وكذلك الاسم الذي سماه به أبوه والذي يتضمن معنى الملوكية فيه ربما يكون قد ساعد على توهج هذه الشرارات. فهو لم يكن مدعو من الله لهذه الكرامة كما دُعي أبيه وكذلك لم تكن هناك ظروف تستدعي ظهور أحد على الساحة كما كان الحال مع أبيه، وحتى لو وجدت ظروف فهي لظهور قاضي وليس ملك!

St-Takla.org Image: Then Abimelech the son of Jerubbaal went to Shechem, to his mother's brothers (Judges 9:1) صورة في موقع الأنبا تكلا: أبيمالك يذهب إلى شكيم (القضاة 9: 1)

St-Takla.org Image: Then Abimelech the son of Jerubbaal went to Shechem, to his mother's brothers (Judges 9:1)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أبيمالك يذهب إلى شكيم (القضاة 9: 1)

في الحقيقة تتزاحم في رأسي أسئلة كثيرة عند النظر إلى هذه الفقرة، هل معقول أن شكيم التي هي واحدة من مدن الملجأ وتقيم فيها عشائر بني قهات اللاويين (يش20:21، 21)، تكون الكلمة فيها لبني شكيم الكنعانيين؟ وكيف يسمح هؤلاء اللاويين بوجود مركز عبادة لبعل بريث في المدينة؟ أين كان يقيم أبيمالك حتى أنه قيل هنا أنه ذهب إلى شكيم؟ وكيف كان لرجال أفرايم المقيمين في المدينة أن يوافقوا على أن يكون أبيمالك -الذي ينتمي إلى سبط منسى من جهة أبيه وإلى العبدة الكنعانية من جهة أمه (ع18)- ملكًا عليهم؟ إلى أي مدى يمكن أن يكون ادعاء أبيمالك باشتهاء أبناء جدعون للتملك صحيحًا، أم هي شيء من اختراع خياله، أم ربما حدث أن طرده بنو أبيه من أن يرث معهم كما حدث مع يفتاح، فعوّل على الانتقام منهم؟..

قبل أن نتطرق لهذه الأعداد نود الرجوع إلى (ع30، 31) من الإصحاح السابق لأنه ورد فيهما ما يمكن أن يلقي بعض الأضواء التي تساعدنا على فهم بعض الأمور.

حتى لو لم تعتبر خطية أن يكون لجدعون نساء كثيرات، لكن ها نحن يمكننا أن نستنتج أن بنيه السبعين قد دفعوا ثمنًا غاليًا لكثرة زيجاته، وسنوضح هذا بعد قليل. وغير هذا، قال الكتاب صريحًا بعدم المصاهرة أو التزاوج مع الكنعانيين وهدم مذابحهم (تث3:7-5)، ولكن ها نحن نرى جدعون يتزوج أمة كنعانية من شكيم، مع أنه لو أراد لتزوج المزيد من بين بني جنسه ولن يمنع عنه أحد ابنته نظرًا لمكانته وأفضاله على الأمة كلها. ومن المؤكد أنه كونه يقبل بتزوج عبده، فهذا من المؤكد فتح المجال لأهل شكيم الأصليين أن يأخذوا مكانة في المدينة لم تكن لهم من قبل، وليس من المستبعد أيضًا أنه إن لم يكن قد سمح، فعلى الأقل تغاضى عن إعادتهم تأسيس بيت بعل بريث، ومن يدري قد يكون السماح لهذه العبادة الوثنية بالذات أن تأخذ وضعها من جديد هو الذي فتح المجال لأن نفهم لماذا رجع بني إسرائيل وزنوا وراء هذا البعليم بالذات وجعلوه إله لهم (قض 33:8)، ولعل هذا قد يفسر لنا سر صمت اللاويين في المدينة عما يحدث أمامهم. نعم هو مات بشيبة صالحة (قض 32:8)، لكن ترتب على بعض تصرفاته عواقب وخيمة طالت ليس فقط أهل بيته، بل امتد أثرها إلى كل إسرائيل(19)، نظرًا لمكانته الرفيعة في المجتمع.. لقد تفشت عبادة الأوثان ربما في السر، وبمجرد موت جدعون اتخذت وضع علني (قض 33:8).

ذهب أبيمالك إلى شكيم: نعم نحن لا نستطيع أن نحدد توقيت معين لما قيل هنا بالنسبة لوقت موت جدعون، ولا الكتاب ذكر أين كان أبيمالك قبل أن يذهب إلى شكيم؟ عمومًا يمكن القول أن الكلام عن أمور انتقال قضيب الملوكية كثيرًا ما يتم تداوله والبت فيه في الأسر الملكية ربما أحيانًا قبل أن يتم دفن الملك الراحل! هذا ما يحدث في المعتاد إلى أيامنا هذه، ولذلك نظرًا لكثرة زوجات جدعون قد يكون الشيطان قد وجد ثغرة يمكن أن يثير الفرقة والانقسام بين الإخوة غير الأشقاء من هذا الباب إذ يكفيه أن يجد نفس ضعيفة ولو واحدة ليبث فيها هذا السم فيقحم في ذهن أي شخص سواء من الأبناء أو الزوجات أو حتى من الأقارب والمعارف أنه ينبغي أن يوجد من يخلف جدعون في رئاسته على الأمة الإسرائيلية..

لذلك ليس من المستبعد أن تكون قد تمت مناقشات من هذا القبيل أثناء الجنازة أو بعد تشييع جثمان أبيه إلى قبره، وكان أبيمالك حاضرًا الجنازة كما حضر إسماعيل ابن العبدة هاجر من قبل دفن أبيه، وبالطبع لم يستطع أن يتكلم أو يدّعي لنفسه شيء إذ هو يعلم جيدًا أن أمه عبده ولا يحق له شيء من ميراث أبيه فكم بالأولى المطالبة بشيء كهذا؟ لذلك صمت ولم يتكلم وانطلق من هناك إلى شكيم ورأسه مشغول طوال الطريق بهذا الأمر وما أن وصل إلى شكيم حتى فاتح أخواله وجميع عشيرة جده من والدته أن يتكلموا لصالحه في هذا الأمر أمام أهل شكيم، مع أنه ما كان أحد سيحلم بجعل مثل هذا ملكًا لو لم يحلم هو نفسه بهذا الأمر.

St-Takla.org Image: Abimelech: "Please speak in the hearing of all the men of Shechem: 'Which is better for you, that all seventy of the sons of Jerubbaal reign over you, or that one reign over you?' Remember that I am your own flesh and bone." (Judges 9:2) صورة في موقع الأنبا تكلا: أبيمالك يتكلم مع أخوة أمه في شكيم (القضاة 9: 2)

St-Takla.org Image: Abimelech: "Please speak in the hearing of all the men of Shechem: 'Which is better for you, that all seventy of the sons of Jerubbaal reign over you, or that one reign over you?' Remember that I am your own flesh and bone." (Judges 9:2)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أبيمالك يتكلم مع أخوة أمه في شكيم (القضاة 9: 2)

جميع أهل شكيم: مما يتألف سكان شكيم؟ من حيث أن هذه المدينة موجودة في سبط أفرايم، فإن كان هناك من يشكل الأغلبية فهم من هذا السبط، بينما يشكل كل من اللاويين وسكان المدينة الأصليين أقلية. ولكن نظرًا لوجود بيت لبعل بريث في المدينة، ومن حيث أنه صار معبود كثير من الإسرائيليين، فمن المؤكد أن رجال أفرايم كانوا كما هي العادة فيما بعد في الطليعة، لذلك إن جاز القول صار هناك اتحاد يجمع بين الأغلبية الساحقة وشيء يجتمعون حوله، ألا وهو عبادة بعل بريث.

ومن ناحية أخرى نحن عرفنا من خلال هذا السفر موقفين مؤسفين لرجال أفرايم مع كل من جدعون وهو من سبط منسى في الضفة الغربية، وفيما بعد قليل مع يفتاح وهو أيضًا من سبط منسى إنما من الضفة الشرقية، وإن كان لأحد أن يظاهر رجال منسى ولا يقاومهم بل يساندهم، فهم رجال أفرايم، ولكن كانوا هم أكثر المقاومين لغيرهم ولو كانوا من سبط منسى الأخ الشقيق.

لذلك لم يكن غريبًا أن يلعب أبيمالك على وتر القبلية وبأنه على كل حال الأولى بالقربى والشفعة لكون أمه من مدينتهم ولا سيما أنهم جميعًا يدينون بالولاء لبعل بريث، ولذا لم يكن غريبًا -وإنما مدهشًا ومحزنًا- أن يميل قلبهم وراء أبيمالك وقالوا أخونا هو (ع3). تعضيدًا عمليًا منهم له أعطوه سبعين شاقل فضة من المال العام المودع في بيت بعل بريث، أستأجر به أناس عاطلون لا عمل لهم ومن حثالة المجتمع لا عقل لهم ولا تفكير ناضج بلا مبادئ ولا أخلاق، ليس لديهم ما يخافوا على فقده، بل سيكسبون ماديًا لو نجح من يقومون بدعم حركته!

قد يستغرب المرء السلبية التي بها تعامل أهل عفرة مع قتل أبناء جدعون ولي نعمتهم وبطلهم القومي الذي دفع ثمنًا غاليًا في سبيل تحريرهم، ولكن من المؤكد أن دخول خطية عبادة الأوثان من الباب يطرد في الحال من الشباك ليس فقط كل فضيلة روحية بل حتى الفضائل الاجتماعية والأخلاقية، لتحل محلها الانعزالية والأنانية وما يترتب عليها من رذائل ونقائص في المجتمع.

أما بالنسبة لأبناء جدعون فقد قيل في الإصحاح السابق أن له سبعين خارجين من صلبه (قض 30:8)، وهنا لو خصمنا يوثام الذي نجا وأبيمالك القاتل، يكون عدد المقتولين 68 ولكن قيل 70 على سبيل التغليب والتعميم وهذا ليس بأسلوب جديد على الكتاب المقدس وكأمثلة سابقة لهذا نجد أن الكتاب يتكلم عن كون كل أولاد يعقوب ولدوا في فدان آرام بينما بنيامين لم يولد هناك بل في أرض كنعان (تك32:35-36)، وجاء أيضًا عن كون نساء عيسو كلهن من بنات كنعان، مع أن بسمة بين إسماعيل ليست من كنعان (تك2:36، 3).

كم كان أبيمالك غير لائق لأن يملك على إسرائيل إذ من غير المحتمل أن يدافع عن بني إسرائيل ذاك الذي بدأ فترة حكمه بقتل إخوته دفعة واحدة دون أن يسبب له أحد منهم ما يستوجب قتله لهم جميعًا، ثم من أين لمن بدأ حياته العامة بأخذ مال من بيت الأصنام أن يردعهم عن عبادتها؟ حقًا إن بدأ عمل ما باسم الشيطان وبتأثيره لن تكون غايته أو نهايته لمجد الله أو خير البشر. وأخيرًا فإن الطغاة ومغتصبي السلطة عنوة لا يتورعون قط عن سفك دم الأبرياء (2مل7:10؛ 2أخ4:21).

St-Takla.org Image: And his mother's brothers spoke all these words concerning him in the hearing of all the men of Shechem; and their heart was inclined to follow Abimelech, for they said, "He is our brother." (Judges 9:3) صورة في موقع الأنبا تكلا: فمال قلب أخوة أم أبيمالك وراءه (القضاة 9: 3)

St-Takla.org Image: And his mother's brothers spoke all these words concerning him in the hearing of all the men of Shechem; and their heart was inclined to follow Abimelech, for they said, "He is our brother." (Judges 9:3)

صورة في موقع الأنبا تكلا: فمال قلب أخوة أم أبيمالك وراءه (القضاة 9: 3)

جعلوا أبيمالك ملكًا: حينما عرض بني إسرائيل على جدعون أن يحكمهم قالوا له "تسلط علينا أنت وابنك.. " (قض 22:8) ولم يَقُل له واحد منهم أملك علينا، بينما الكنعانيين كانوا يدعون أنفسهم ملوكًا ولو كان مدينته لا تزيد عن حي من أحياء المدن الآن والدليل على هذا كثرة عدد الملوك الذين قتلهم يشوع في أرض كنعان رغم صغر مساحتها، الأمر الذي يعني ضمنًا ويؤكد أن الكنعانيين فكرًا وقولًا كانوا هم السائدين! يا للحزن والعار أن ذات الموضع الذي فيه جدد الشعب عهده مع الله على يد يشوع (يش1:24، 25، 26)، يصير هو الموضع -أو إن جاز القول العاصمة الدينية- الذي منه تنطلق عبادة بعل بريث إلى كل الأمة، وإلا بماذا نفسر سر تعيين أبيمالك ملكًا هناك، إذ لو كان الأمر يختص بأقارب أمه لكان هو ملكًا على موضعهم فقط، ولكن جاء في (ع22) أنه ترأس على إسرائيل. يا لهذا التخاذل، كيف لسكان شكيم وسكان القلعة أو برج شكيم كما يقول البعض يفرضون سلطانهم ورأيهم على كل شعب إسرائيل؟

لقد كان مكان المبايعة عند شجرة بلوط تُدعى بلوطة النصب، ربما لأنهم نصبوه هناك ملكًا..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

[7- وَأَخْبَرُوا يُوثَامَ فَذَهَبَ وَوَقَفَ عَلَى رَأْسِ جَبَلِ جِرِّزِيمَ, وَنَادَى: «اِسْمَعُوا لِي يَا أَهْلَ شَكِيمَ يَسْمَعْ لَكُمُ اللَّهُ. 8- مَرَّةً ذَهَبَتِ الأَشْجَارُ لِتَمْسَحَ عَلَيْهَا مَلِكًا. فَقَالَتْ لِلّزَيْتُونَةِ: امْلِكِي عَلَيْنَا. 9- فَقَالَتْ لَهَا الّزَيْتُونَةُ: أَأَتْرُكُ دُهْنِي الَّذِي بِهِ يُكَرِّمُونَ بِيَ اللَّهَ وَالنَّاسَ, وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟. 10- ثُمَّ قَالَتِ الأَشْجَارُ لِلتِّينَةِ: تَعَالَيْ أَنْتِ وَامْلِكِي عَلَيْنَا. 11- فَقَالَتْ لَهَا التِّينَةُ: أَأَتْرُكُ حَلاَوَتِي وَثَمَرِي الطَّيِّبَ وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟. 12- فَقَالَتِ الأَشْجَارُ لِلْكَرْمَةِ: تَعَالَيْ أَنْتِ وَامْلِكِي عَلَيْنَا. 13- فَقَالَتْ لَهَا الْكَرْمَةُ: أَأَتْرُكُ مِسْطَارِي الَّذِي يُفَرِّحُ اللَّهَ وَالنَّاسَ وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟. 14- ثُمَّ قَالَتْ جَمِيعُ الأَشْجَارِ لِلْعَوْسَجِ: تَعَالَ أَنْتَ وَامْلِكْ عَلَيْنَا. 15- فَقَالَ الْعَوْسَجُ لِلأَشْجَارِ: إِنْ كُنْتُمْ بِالْحَقِّ تَمْسَحُونَنِي عَلَيْكُمْ مَلِكًا فَتَعَالُوا وَاحْتَمُوا تَحْتَ ظِلِّي. وَإِلاَّ فَتَخْرُجَ نَارٌ مِنَ الْعَوْسَجِ وَتَأْكُلَ أَرْزَ لُبْنَانَ! 16- فَالآنَ إِنْ كُنْتُمْ قَدْ عَمِلْتُمْ بِالْحَقِّ وَالصِّحَّةِ إِذْ جَعَلْتُمْ أَبِيمَالِكَ مَلِكًا, وَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ خَيْرًا مَعَ يَرُبَّعْلَ وَمَعَ بَيْتِهِ. وَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ لَهُ حَسَبَ عَمَلِ يَدَيْهِ -. 17- لأَنَّ أَبِي قَدْ حَارَبَ عَنْكُمْ وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَأَنْقَذَكُمْ مِنْ يَدِ مِدْيَانَ -. 18- وَأَنْتُمْ قَدْ قُمْتُمُ الْيَوْمَ عَلَى بَيْتِ أَبِي وَقَتَلْتُمْ بَنِيهِ, سَبْعِينَ رَجُلًا عَلَى حَجَرٍ وَاحِدٍ وَمَلَّكْتُمْ أَبِيمَالِكَ ابْنَ أَمَتِهِ عَلَى أَهْلِ شَكِيمَ لأَنَّهُ أَخُوكُمْ! 19- فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ عَمِلْتُمْ بِالْحَقِّ وَالصِّحَّةِ مَعَ يَرُبَّعْلَ وَمَعَ بَيْتِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ, فَافْرَحُوا أَنْتُمْ بِأَبِيمَالِكَ, وَلِيَفْرَحْ هُوَ أَيْضًا بِكُمْ. 20- وَإِلاَّ فَتَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَبِيمَالِكَ وَتَأْكُلَ أَهْلَ شَكِيمَ وَسُكَّانَ الْقَلْعَةِ, وَتَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَهْلِ شَكِيمَ وَمِنْ سُكَّانِ الْقَلْعَةِ وَتَأْكُلَ أَبِيمَالِكَ». 21- ثُمَّ هَرَبَ يُوثَامُ وَفَرَّ وَذَهَبَ إِلَى بِئْرَ, وَأَقَامَ هُنَاكَ مِنْ وَجْهِ أَبِيمَالِكَ أَخِيهِ. (قض 7:9-21). ]

 

إن يوثام أصغر أبناء جدعون هو فقط الذي أفلت بعناية إلهية خاصة من المذبحة التي راح ضحيتها كل إخوته، وهو خاطر بحياته وتحاجج مع أهل شكيم بشجاعة لا مثيل لها وبحكمة تعطي انطباعًا طيبًا عن بقية إخوته الذين تم قتلهم. وهو على العموم لم يجول في مدن إسرائيل ليقيم جيشًا لمحاربتهم، بل جاء بنفسه ووبخ بأمانة أهل شكيم وأعطاهم تحذير واضح للنتائج القاتلة لفعلتهم النكراء، إذ مع كونهم لم يقتلوا إخوته بأنفسهم، لكنه نسب القتل إليهم، لأنهم أمدوه بالمال الذي نفذ به فعلته المشينة ولأنهم على حد قول أ. نجيب جرجس ص143: [تساهلوا مع أبيمالك وجاملوه ولم يمنعوه أو حتى يوبخوه على عمله، بل ربما تواطؤا معه واتفقوا على أن يقتل إخوته ليكون هو الملك.]

St-Takla.org Image: "The trees once went forth to anoint a king over them. And they said to the olive tree, 'Reign over us!' (Judges 9:8) صورة في موقع الأنبا تكلا: الشجرة تعتبر الزيتونة ملكة عليها (القضاة 9: 8)

St-Takla.org Image: "The trees once went forth to anoint a king over them. And they said to the olive tree, 'Reign over us!' (Judges 9:8)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الشجرة تعتبر الزيتونة ملكة عليها (القضاة 9: 8)

1- إن افتتاحيته في منتهى الجدية: اسمعوا لي يا أهل شكيم، يسمع لكم الله (ع7). لقد تحدث من قمة جبل جرزيم، وقد سبق أن أشرنا في سفر يشوع أن التحدث من قمة ذلك الجبل يجعل صوت المرء يدوي كما لو كان يتكلم في مكبر للصوت بمفهومنا الحالي. ومن ناحية أخرى إذ يذكر الله، من ناحية يذكّرهم به ومن ناحية أخرى لا يخلو كلامه سمو وحكمة وبلاغة بل وتلميح وتحقيق فيما بعد كما لو كان الكلام نبوي وبتوجيه من الله!

2- إن المثل الذي ضربه كان في منتهى الصراحة: أنه عندما استعدت الأشجار لاختيار ملك لها، عُرض المُلك على تلك الأشجار القيّمة: الزيتونة والتينة والكرمة، لكنهم رفضوا المُلك الواحدة بعد الأخرى، مفضلين بالأحرى أن يخدموا عن أن يحكموا، أن يفعلوا الخير للآخرين عن أن يتسلطوا عليهم. لكن نفس العرض تم تقديمه للعوسج فقبله بتباهي يتسم بالمجد الباطل:

(1) وهو بهذا يمتدح الاتضاع العظيم الذي لجدعون ولغيره من القضاة السابقين، كما يُظهر أن سجية كل الحكماء والصالحين على العموم هي أن يرفضوا الترقية واحتلال المراكز العليا، ويفضّلوا بالأحرى أن يكونوا نافعين عن أن يكونوا عظماء:

أ- لم تكن هناك فرصة على الإطلاق أن تختار لها ملك ولا كان هناك فرصة لإسرائيل لأن تتكلم عن إقامة ملك عليها لأن الرب كان ملكهم.

ب- عندما خطر في بالهم أن يختاروا ملك، لم يعرضوا المُلك على شجرة الأرز العظيمة أو على شجرة الصنوبر، اللذين هما فقط للظل والزينة، وبخلاف هذا لا تكونان مفيدتين إلا بعد قطعهما واستخدام أخشابهما فيما بعد. هم سيعرضون المُلك على الأشجار المثمرة كالكرمة والزيتونة والتينة، فالأشجار التي تحمل ثمر للصالح العام هي التي عن حق تُحترم وتُكرم.

ج- إن السبب الذي أعطته كل هذه الأشجار المثمرة لرفضها المُلك كان تقريبًا هو نفس السبب. اعتذرت الزيتونة: أ أترك دهني؟ (ع9)، والكرمة احتجت: أ أترك مسطاري (الذي هو عصير العنب بكل أنواعه)؟ (ع13) مسطاري الذي به يُخدم الله والإنسان؟ لأن كل من الزيت والخمر كانا يُستخدمان في مذابح الله وعلى موائد البشر. وقالت التينة: أأترك حلاوتي وثمري الطيب وأذهب لكي أملك على الأشجار؟ أو أذهب لكي أتمايل على الأشجار؟ كما جاء في حاشية النص البيروتي ذي الشواهد. وكل هذا يوعز:

• أن المُلك أو أي منصب رفيع يورط الإنسان في قدر عظيم من الأتعاب والهموم.

• أن من يتم اختيارهم للمراكز العليا عليهم أن يعزموا عن التنازل عن كل مصالحهم وامتيازاتهم الخاصة ويضحوا بها لصالح وخير المجتمع.

• أن من يتقدمون لمراكز الشرف والكرامة هم في خطر عظيم من أن يفقدوا دهنهم وخصبهم (إثمارهم). إن التميز واحتلال مراكز الصدارة يجعل البشر عرضة للتكبر والتواني عن الحرص والاحتراس والتكاسل عن السير في طريق التلمذة للرب ولإنجيله ولوسائط الخلاص إلى النهاية، وهكذا يُفسدون نفعيتهم، الأمر الذي لأجله يخشى من يرغبون في عمل الخير أن يصيروا عظماء جدًا.

St-Takla.org Image: But the olive tree said to them, 'Should I cease giving my oil, With which they honor God and men, And go to sway over trees?' (Judges 9:9) صورة في موقع الأنبا تكلا: الزيتونة: أأترك دهني (القضاة 9: 9)

St-Takla.org Image: But the olive tree said to them, 'Should I cease giving my oil, With which they honor God and men, And go to sway over trees?' (Judges 9:9)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الزيتونة: أأترك دهني (القضاة 9: 9)

(2) وهو بهذا يفضح الطموح المثير للسخرية الذي لأبيمالك والذي شبهه بشجرة عوسج (ع14). إن العوسج نبات عديم القيمة ولا يدخل في عداد الأشجار، إذ هو ليس فقط غير مفيد وغير مثمر وليس له ورق يصنع ظل، بل أيضًا مؤذ ومزعج يخدش ويجرح من يلمسه، كما أنه سريع الاشتعال وإذا أمسكت به النار يمتد مفعولها فلا ينجو منها شجر كبير ولو كان شجر الأرز أو الصنوبر. وهو ابتدأ مع اللعنة الأولى ونهايته إلى الحريق. مثل هذا كان أبيمالك، ومع هذا اختارته كل الأشجار لأن يملك عليها. لذلك ليتنا لا نعتبره أمر غريب لو نرى "الجهالة جُعلت في معالي كثيرة" (جا6:10)، فإذ يتعامى الناس عن مصلحتهم في اختيارهم لقادتهم تكون النتيجة أن الحماقة تتبوأ مراتب عالية، كما سنرى هنا مع اختيار أبيمالك.

3- إن مثل يوثام مُحكم جدًا وواضح في تطبيقاته. ففيه:

أ- يذّكرهم بالخدمات الكثيرة التي أسداها لهم والده ويشمل هذا الأمر السكان الأصليين من الكنعانيين الذين عانوا مثلهم مثل بني إسرائيل من سيطرة وسطوة المديانيين واستفادوا كذلك من الخلاص الذي أتمه الله على يديه (ع17).

ب- ويشدد على عدم إحسانهم لأسرة أبيه وتنكرهم لمعروفه معهم، فهم لم يفعلوا له حسب عمل يديه (ع16). إن جدعون ترك خلفه أبناء كثيرين شرفوا اسمه وأسرته، لكنهم ساهموا في اغتيالهم بطريقة وحشية وبربرية، بينما ولد له ابن وحيد من سريته والذي كان ينبغي لمن يكنّون أي احترام لشرف جدعون ومجده أن يسعوا لإخفائه، ولكنهم بدلًا من ذلك جعلوه ملكهم.

ج- وهو يترك الأحداث تحدد مع الوقت إن كانوا أحسنوا التصرف أم لا:

• فلو أفلحوا طويلًا في هذه النذالة، سيدعهم يقولون أنهم أحسنوا الفعل والتصرف (ع19).

• لو هم تصرفوا بخسة ورداءة في هذا الأمر -الشيء الذي هو متأكد منه- فليس لهم أبدًا أن ينتظروا الفلاح والنجاح (ع20).

أما يوثام فبعد أن أعطاهم هذه العظة البليغة، انصرف وهرب ليفلت بحياته (ع21)، ونختم هنا بقول أ. نجيب جرجس ص144:

[لم نقرأ عن يوثام فيما بعد ولم نعرف عما حدث له، ولكن يكفي أننا رأينا فيه فتى حكيمًا عاقلًا غيورًا على مجد الله، وعلى الحق والأمانة والصواب وعلى شعبه، وفيما لأبيه ولأسرته ولإخوته الذين قُتلوا، كان شجاعًا جريئًا مناوئًا للباطل ومدافعًا عن العدل وصريحًا في الإيمان وفي الحق. ]

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The people of Shechem betray Abimelech (Judges 9:22-24) صورة في موقع الأنبا تكلا: أهل شكيم يغدرون بابيمالك (القضاة 9: 22-24)

St-Takla.org Image: The people of Shechem betray Abimelech (Judges 9:22-24)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أهل شكيم يغدرون بابيمالك (القضاة 9: 22-24)

[22- فَتَرَأَّسَ أَبِيمَالِكُ عَلَى إِسْرَائِيلَ ثَلاَثَ سِنِينَ. 23- وَأَرْسَلَ الرَّبُّ رُوحًا رَدِيئًا بَيْنَ أَبِيمَالِكَ وَأَهْلِ شَكِيمَ, فَغَدَرَ أَهْلُ شَكِيمَ بِأَبِيمَالِكَ. 24- لِيَأْتِيَ ظُلْمُ بَنِي يَرُبَّعْلَ السَّبْعِينَ وَيُجْلَبَ دَمُهُمْ عَلَى أَبِيمَالِكَ أَخِيهِمِ الَّذِي قَتَلَهُمْ, وَعَلَى أَهْلِ شَكِيمَ الَّذِينَ شَدَّدُوا يَدَيْهِ لِقَتْلِ إِخْوَتِهِ. 25- فَوَضَعَ لَهُ أَهْلُ شَكِيمَ كَمِينًا عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ, وَكَانُوا يَسْتَلِبُونَ كُلَّ مَنْ عَبَرَ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ. فَأُخْبِرَ أَبِيمَالِكُ. (قض 22:9-25). ]

 

ملك أبيمالك لمدة ثلاث سنوات وإلى حد ما لم يكن فيها أي اضطراب ولم يُقال أنه قضى لإسرائيل أو أنه أدّى أية خدمة لبلاده، بل كل ما في الأمر أنه استمتع بلقب وكرامة ملك. ولا يمكن أن نعتبره أحد قضاة إسرائيل بل ولم يأتي ذكره في السفر لتكريس هذا الأمر، بل جاء ذكره لمجرد أن تاريخه يشغل حيز من تاريخ تلك الفترة واستكمالا لإلقاء ضوء على سيرة جدعون وأسرته.

نعم هو تمتع بلقب وكرامة ملك، لكن عليه أيضًا ينطبق القول أن انتصار الأشرار قصير وإلى حين. إن هلاك هؤلاء المتحالفين في الشر كان من يد الله العادلة إذ أرسل الرب روحًا رديًا بين أبيمالك وأهل شكيم، إذ صار هناك عدم راحة واستلطاف بين بعضهم البعض وانتهى سريعًا شهر العسل بينهما، وكان هذا من الله. فهو سمح للشيطان ذلك المؤذي العظيم أن يبذر بينهم بذور الشقاق، فهو روح شرير ليس فقط يكبح الله جماحه، بل أحيانًا يستخدمه الله لتنفيذ مقاصده. شهواتهم ذاتها كانت أرواح شريرة، فهي شياطين في قلوب البشر ذاتها، ومنها تأتي الحروب والخصومات. هؤلاء يتخلى الله عنهم ويسلمهم، وهكذا يمكن القول أنه أرسل روحًا رديًا بينهم. عندما تُجعل خطية البشر هي ذاتها عقوبتهم، فمع أن الله ليس هو أصل الخطية، لكن العقوبة هي منه آتية.

إن أهل شكيم عضدوا ادعاءات أبيمالك وساعدوه وسندوه في مشروعه الدموي بقتل إخوته وأقرّوا بالحقيقة بجعله ملك بعد فعلته النكراء هذه، عليهم الآن أن يسقطوا معه وبواسطته بل ويكونوا أول الساقطين.

ابتدأ أهل شكيم بتحدي أبيمالك ومقاومته: غدر أهل شكيم بأبيمالك، ولم يقل النص أنهم تابوا عن خطيتهم في الاعتراف به كملك. كانوا يهدفون إلى القبض عليه والتخلص منه، وإذ توقعوا أو انتظروا مجيئه إلى مدينة شكيم وضعوا له كمينًا على رؤوس الجبال، المحيطة بمقره أو بمدينتهم، وليثيروا القلاقل في المنطقة ليرتبك أبيمالك فيخرج ليرى الأمر بنفسه فيقتلوه كانوا يستلبون كل من عبر بهم في الطريق.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

[26- وَجَاءَ جَعَلُ بْنُ عَابِدٍ مَعَ إِخْوَتِهِ وَعَبَرُوا إِلَى شَكِيمَ فَوَثِقَ بِهِ أَهْلُ شَكِيمَ. 27- وَخَرَجُوا إِلَى الْحَقْلِ وَقَطَفُوا كُرُومَهُمْ وَدَاسُوا وَصَنَعُوا تَمْجِيدًا, وَدَخَلُوا بَيْتَ إِلَهِهِمْ وَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَلَعَنُوا أَبِيمَالِكَ. 28- فَقَالَ جَعَلُ بْنُ عَابِدٍ: «مَنْ هُوَ أَبِيمَالِكُ وَمَنْ هُوَ شَكِيمُ حَتَّى نَخْدِمَهُ؟ أَمَا هُوَ ابْنُ يَرُبَّعْلَ, وَزَبُولُ وَكِيلُهُ؟ اخْدِمُوا رِجَالَ حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ. فَلِمَاذَا نَخْدِمُهُ نَحْنُ؟. 29- مَنْ يَجْعَلُ هَذَا الشَّعْبَ بِيَدِي فَأَعْزِلَ أَبِيمَالِكَ». وَقَالَ لأَبِيمَالِكَ: «كَثِّرْ جُنْدَكَ وَاخْرُجْ!». (قض 26:9-29). ]

 

إذ قد حدث نفور وجفوة بين أبيمالك وأهل شكيم، صار الموقف مشتعلًا ولا ينتظر إلا ظهور قائد يقوم مسيرة المقاومة والعزل لأبيمالك، وسرعان ما ظهر عوسج جديد ليقاوم العوسج القديم! فقد شعر جعل بن عابد أنه كفؤ لأن ينتهز الموقف ويقف على رأس المقاومين ليحل محل أبيمالك، فعبر إلى شكيم ومعه إخوته وسرعان ما وثق به أهل شكيم وسلموا إليه زمامهم.

لقد كان الوقت وقت جني ثمار العنب فخرجوا مستبشرين خيرًا وقطفوا كرومهم وعصروها ليشربوا ويطربوا وصنعوا تمجيدًا لآلهتهم على محصول ذلك العام الوفير وعلى وصول من يمكنه أن يقود مسرة عزلهم لأبيمالك. وبعد هذا دخلوا بيت إلههم، عملوا الولائم والطقوس الدينية التي تليق بهاتين المناسبتين السعيدتين، وفي نهاية الوليمة لعنوا أبيمالك، متوسلين لصنمهم أن يرفع حمايته عنه فيستطيعوا أن يغلبوه بسبب سقوطه تحت لعنة إلههم.

وإذ سلب جعل عقول هذه الشرذمة التي بضجيجها صارت هي الصوت المعبر عن شعب شكيم الذي ربما كان أغلبه صامت وغير مبالي بما يحدث من حوله، طالما هو يأكل ويمرح ويحيا في خلاعة ويتعبد لأصنامه التي اختارها لنفسه. ومن الواضح أن هذه الجماعة الفاعلة والمصاحبة لجعل والتي تتزعم فكرة القضاء على أبيمالك أغلبها إن لم يكن كلها من جماعة أهل شكيم الأصليين، وليس من المستبعد أيضًا أن جعل هذا ينتمي إليهم وإن كان يميل بالأكثر أن يعمل لحساب رجال حمور أبي شكيم المنحدرين من حكامها القدامى.

بدأ جعل هجومه بالتهكم على أبيمالك قائلًا: من هو أبيمالك ومن هو شكيم حتى نخدمه؟ أما هو ابن يربعل وزبول وكيله؟

ولو ننظر إلى هذه العبارة نجد أن كلامها واضح ما عدا عبارة "ومن هو شكيم حتى نخدمه؟ فكل من أبيمالك ووكيله زبول جاء كلام عنهما، أما شكيم فذهب البعض إلى القول أنه استفهام على سبيل الاستخفاف والتحقير ومضى البعض إلى قول العكس تمامًا بأن المقصود منه تكبير أهل شكيم وإظهار أنهم أرفع من أن يخدموا أبيمالك.. ولكن لا يستقيم أن يتم دس مثل هذا الكلام بين شخصيتين معروفتين، بل مثل هذا الكلام له موضعه المناسب.

ولذلك هناك من يرى أن شكيم هذا كان ابن لأبيمالك الذي هو ابن أمه وأهلها إلى النخاع، ولذا اسماه على اسم موطنها، ومن الطبيعي أن يكون هو الوريث لأبيه ولذا كان من الطبيعي أن يقول جعل: من هو شكيم حتى نخدمه؟ لأنه مرتبته هي التالية لأبيه وكل ما لأبيه هو له، أو شكيم هذا كان اسم آخر لأبيمالك لم يُذكر في موضع آخر غير هنا، وهذا ليس بمستبعد إذ وجود أسمين لشخص واحد أمر شائع، ولكن صمت الكتاب عن وجود ابن لأبيمالك يرجح كفة الاحتمال الثاني. والذي لن يقبل بهذا التفسير سيصطدم بعبارة "أما هو ابن يربعل" ولن يستطيع أن يفسر كيف يمكن ربطها بما قبلها. وهنا لم يذكر بعل اسم جدعون بل ذكر اسم يربعل الذي يعني قاتل البعل، وكأنه يذكرهم كيف لهم أن يدينوا بالولاء لمن قام أبيه بهدم مذبح البعل الذي هم يعبدوه؟ ألا يخشون من استمرار غضب هذه الآلهة عليهم من جراء هذا التصرف؟

واصل جعل كلامه بعد ذلك ليوحي لهم بأنه لا يبغي من كل هذا مصلحة شخصية فقال لهم: إن كان لكم أن تمّلكوا عليكم أحد، فليكن هو من السكان الأصليين للمدينة وليكن بالأحرى من نسل حمور أبي شكيم الذي كان حاكمًا للمدينة منذ زمن سحيق والموجودين معنا، لكن أبيمالك، هذا الغريب عنا فليس لنا أن نملّكه علينا أو نتيح لزبول وكيله أن يكون له سلطان علينا باسمه، لذلك أنا أهيب بكم أن تنفضوا عنكم هذا العار ولا تخدموا بعد أبيمالك، فالظروف مواتية لتحقيق هذا الأمر وإن جعلتم بيدي هذا الشعب فأنا مستعد أن أقوم بعزله.

ومن الواضح أن إعلانه وكلامه هذا قد وجد تجاوب وقبول بين سامعيه الذين واضح أن أكثريتهم من سكان شكيم القدامى، ولذا أرسل رسالة تحدي لأبيمالك بأنه مستعد لنزاله وطرده من شكيم وما عليه إلا أن يحضر ومعه جنود كثيرين وهو سيخرج بلا خوف لملاقاته.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

[30- وَلَمَّا سَمِعَ زَبُولُ رَئِيسُ الْمَدِينَةِ كَلاَمَ جَعَلَ بْنِ عَابِدٍ حَمِيَ غَضَبُهُ,. 31- وَأَرْسَلَ رُسُلًا إِلَى أَبِيمَالِكَ فِي تُرْمَةَ يَقُولُ: «هُوَذَا جَعَلُ بْنُ عَابِدٍ وَإِخْوَتُهُ قَدْ أَتُوا إِلَى شَكِيمَ, وَهَا هُمْ يُهَيِّجُونَ الْمَدِينَةَ ضِدَّكَ. 32- فَالآنَ قُمْ لَيْلًا أَنْتَ وَالشَّعْبُ الَّذِي مَعَكَ وَاكْمِنْ فِي الْحَقْلِ. 33- وَيَكُونُ فِي الصَّبَاحِ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ أَنَّكَ تُبَكِّرُ وَتَقْتَحِمُ الْمَدِينَةَ. وَهَا هُوَ وَالشَّعْبُ الَّذِي مَعَهُ يَخْرُجُونَ إِلَيْكَ فَتَفْعَلُ بِهِ حَسَبَمَا تَجِدُهُ يَدُكَ». 34- فَقَامَ أَبِيمَالِكُ وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ لَيْلًا وَكَمَنُوا لِشَكِيمَ أَرْبَعَ فِرَقٍ. 35- فَخَرَجَ جَعَلُ بْنُ عَابِدٍ وَوَقَفَ فِي مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ. فَقَامَ أَبِيمَالِكُ وَالشَّعْبُ الَّذِي مَعَهُ مِنَ الْمَكْمَنِ. 36- وَرَأَى جَعَلُ الشَّعْبَ فَقَالَ لِزَبُولَ: «هُوَذَا شَعْبٌ نَازِلٌ عَنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ». فَقَالَ لَهُ زَبُولُ: «إِنَّكَ تَرَى ظِلَّ الْجِبَالِ كَأَنَّهُ أُنَاسٌ». 37- فَعَادَ جَعَلُ وَقَالَ أَيْضًا: «هُوَذَا شَعْبٌ نَازِلٌ مِنْ عِنْدِ أَعَالِي الأَرْضِ, وَفِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ آتِيَةٌ عَنْ طَرِيقِ بَلُّوطَةِ الْعَائِفِينَ». 38- فَقَالَ لَهُ زَبُولُ: «أَيْنَ الآنَ فَمُكَ الَّذِي قُلْتَ بِهِ: مَنْ هُوَ أَبِيمَالِكُ حَتَّى نَخْدِمَهُ؟ أَلَيْسَ هَذَا هُوَ الشَّعْبُ الَّذِي رَذَلْتَهُ. فَاخْرُجِ الآنَ وَحَارِبْهُ». 39- فَخَرَجَ جَعَلُ أَمَامَ أَهْلِ شَكِيمَ وَحَارَبَ أَبِيمَالِكَ. 40- فَهَزَمَهُ أَبِيمَالِكُ, فَهَرَبَ مِنْ قُدَّامِهِ وَسَقَطَ قَتْلَى كَثِيرُونَ حَتَّى عِنْدَ مَدْخَلِ الْبَابِ. 41- فَأَقَامَ أَبِيمَالِكُ فِي أَرُومَةَ. وَطَرَدَ زَبُولُ جَعَلًا وَإِخْوَتَهُ عَنِ الْإِقَامَةِ فِي شَكِيمَ. (قض 30:9-41). ]

 

لقد وصل كلام جعل إلى مسامع زبول فحمى غضبه ولكن يبدو من بين ثنايا السطور أن زبول لعب دور مزدوج بأن تظاهر أنه يوافق على كلام جعل وأغراضه مسايرًا الرياح حتى لا تجرفه إذ ليس لديه من قوة كافية لدفع وطرد أو قتل هذا المحرض على الفتنة والثورة لأن إخوته ومشايعيه أكثر من أن يستطيع مواجهتهم أو طردهم، ولكنه في داخله كان قلبه كمرجل يغلي، لذلك أرسل لأبيمالك سرًا يطلعه على أحوال المدينة وما يحدث فيها منذ مجيء جعل إليها مع إخوته داعيًا إياه لأن يقوم ليلًا ويكمن والشعب الذي معه خارج المدينة ليقتحم المدينة عند شروق الشمس، بعد خروج جعل ومن معه لمحاربته خارجًا أولًا فيفعل به وبمن معه حسبما يستطيع.

ولقد نفذ أبيمالك نصائح وكيله وعمل بمشورته فنجت خطته في تحقيق هدفها، ولكن مما لا شك فيه أن وجود جاسوس يعمل لحسابه في المدينة وبين جعل ورجاله كان له دور حاسم في حسم نتيجة المعركة لحساب أبيمالك.

زحف أبيمالك بقواته ليلًا وكمن لشكيم بأربع فرق من أربع اتجاهات، وعمل زبول من جهته على تعطيل جعل عن أخذ الاستعدادت اللازمة والحذر المطلوب أطول فترة ممكنة، إذ لما لمح جعل نزول فرقة على شكيم قال له "إنك ترى ظل الجبال كأنه أناس" (ع37). ولما كثرت فرق أبيمالك واقتربت أكثر من المدينة فاجئه زبول بالقول: "أين فوك الذي قلت به من هو أبيمالك حتى نخدمه. أليس هذا هو الشعب الذي رذلته، فأخرج الآن وحاربه" (ع38).

وبالطبع لم تكن لدى جعل خطة حربية ولا تكتيك على مستوى الموقف وربما ليس العدد الكافي والذي كان في مقدوره توفيره لو كان يعلم أن سيناريو الأحداث سيكون على هذا النحو. ولكن نظرًا لما تجاسر وقاله من كلام تحدي أمام أهل المدينة لم يملك إلا أنه خرج "أمام أهل شكيم وحارب أبيمالك" (ع39). وكان من الطبيعي لمن ليس لديه خطة عسكرية على مستوى الموقف ولا قوات كافية ومعدة لحرب بهذه السرعة المفاجئة أن ينهزم شر هزيمة، لهذا لم يكن غريب أن يهرب جعل لحياته ويسقط قتلى كثيرين ممن انخدعوا فيه وفي كلامه المعسول.

وهنا نلاحظ أن زبول حرس مدخل المدينة ومنع جعل وأتباعه من التسلل إليها، وأبيمالك حصد أرواح كل من صادفهم من قوات جعل حتى باب المدينة ولكن لم يقتحم المدينة في نفس اليوم، بل أجلّ هذا العمل للغد ليعد خطة جديدة ويكون قد استراح هو وجنوده من السير ليلًا ومن المعركة التي خاضها هذا الصباح. وهنا نلاحظ أن أبيمالك جعل أرومة محل إقامته وقاعدته الحربية التي منها ينطلق ويبدو أن موقعها ليس بعيدًا عن شكيم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

[42- وَكَانَ فِي الْغَدِ أَنَّ الشَّعْبَ خَرَجَ إِلَى الْحَقْلِ وَأَخْبَرُوا أَبِيمَالِكَ. 43- فَأَخَذَ الْقَوْمَ وَقَسَمَهُمْ إِلَى ثَلاَثِ فِرَقٍ, وَكَمَنَ فِي الْحَقْلِ وَنَظَرَ وَإِذَا الشَّعْبُ يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ, فَقَامَ عَلَيْهِمْ وَضَرَبَهُمْ. 44- وَأَبِيمَالِكُ وَالْفِرْقَةُ الَّتِي مَعَهُ اقْتَحَمُوا وَوَقَفُوا فِي مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ. وَأَمَّا الْفِرْقَتَانِ فَهَجَمَتَا عَلَى كُلِّ مَنْ فِي الْحَقْلِ وَضَرَبَتَاهُ. 45- وَحَارَبَ أَبِيمَالِكُ الْمَدِينَةَ كُلَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ, وَأَخَذَ الْمَدِينَةَ وَقَتَلَ الشَّعْبَ الَّذِي بِهَا, وَهَدَمَ الْمَدِينَةَ وَزَرَعَهَا مِلْحًا. (قض 42:9-45). ]

 

وعن هذه الأعداد يقول لنا أ. نجيب جرجس ص150 ما يلي:

[(ع42): بعد إخماد حركة جعل وانصراف أبيمالك عن مدينة شكيم، ظن أهلها أن الأمور قد استتبت ولم يعد عليها أي خطر، فخرجوا إلى حقولهم ليمارسوا أعمالهم الزراعية، ولكن الأخبار بخروجهم إلى الحقول وصلت أبيمالك الذي كان يكّن لهم كل شر وسوء بالنسبة لانقلابهم عليه. ولعل الذي أنبأه بخروجهم رسل من قبل زبول الخبيث نائب أبيمالك.

(ع43): أخذ أبيمالك القوم، أي الجيش الذي معه، وقسمهم إلى ثلاث فرق وكمن في الحقل(20) كما سبقوا هم وكمنوا له كمينًا عندما ابتدأوا يكرهونه (ع25). وبمجرد أن رآهم أبيمالك يخرجون إلى الحقل أفرادًا أو جماعات، هجم عليهم ورسم خطة لضربهم هم وجميع أهل المدينة كما نرى ذلك مفصلًا في العددين القادمين.

(ع44):

• كانت خطته هي أن يقود بنفسه فرقته من الجند ويقف بها عند باب المدينة لكي يقطع الطريق على كل إنسان يخرج منها أو يدخل إليها، فيقتل كل من حاول الخروج إلى عمله وكذلك يقتل كل من يحاول أن يرجع من الحقل ليدخل المدينة ليحتمي فيها.

• بينما رجال الفرقتين الآخرين هجموا على الذين في الحقول وقتلوهم.

(ع45): وبانتهائه من القضاء على الذين في الحقول، هجم بكل قواته على مدينة شكيم وحاربها طول اليوم، وتمكن من الاستيلاء عليها وقتل شعبها وهدم مبانيها، وزرعها ملحًا بمعنى أنه بذر على أرضها الزراعية الملح بدل البذور على زعم أن المدينة ستظل خرابًا وأرضها ستبقى بورًا لا زرع فيها فيما بعد. على أن الأيام خيبت ظنونه لأن شكيم أُعيد بناؤها، وقد رشح عشرة أسباط من بني إسرائيل يربعام بن ناباط ملكًا عليهم بدلًا من رحبعام في شكيم وأصبحت شكيم وقتئذ عاصمة ليربعام (1مل12).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

[46- وَسَمِعَ كُلُّ أَهْلِ بُرْجِ شَكِيمَ فَدَخَلُوا إِلَى صَرْحِ بَيْتِ إِيلِ بَرِيثَ. 47- فَأُخْبِرَ أَبِيمَالِكُ أَنَّ كُلَّ أَهْلِ بُرْجِ شَكِيمَ قَدِ اجْتَمَعُوا. 48- فَصَعِدَ أَبِيمَالِكُ إِلَى جَبَلِ صَلْمُونَ هُوَ وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ. وَأَخَذَ أَبِيمَالِكُ الْفُؤُوسَ بِيَدِهِ, وَقَطَعَ غُصْنَ شَجَرٍ وَرَفَعَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ, وَقَالَ لِلشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ: «مَا رَأَيْتُمُونِي أَفْعَلُهُ فأسرعوا افعلوا مثلي. 49- فَقَطَعَ الشَّعْبُ أَيْضًا كُلُّ وَاحِدٍ غُصْنًا وَسَارُوا وَرَاءَ أَبِيمَالِكَ, وَوَضَعُوهَا عَلَى الصَّرْحِ وَأَحْرَقُوا عَلَيْهِمِ الصَّرْحَ بِالنَّارِ. فَمَاتَ أَيْضًا جَمِيعُ أَهْلِ بُرْجِ شَكِيمَ, نَحْوُ أَلْفِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. (قض 46:9-49). ]

 

كان من الطبيعي لقرب برج شكيم من مدينة شكيم أن يسمعوا بما حدث لها ولأهلها على يد أبيمالك، وتوقعوا أن يكون الدور عليهم فلجأوا إلى قلعة هيكل صنمهم. وهنا يتبين عمليًا أن ما كانوا يأملون أن يكون لخيرهم برهن على أنه فخ ومصيدة. كانوا يتخيلون أن أبيمالك يمكن أن يبقي على حياتهم احترامًا للموضع الذي ظنوه مقدسًا وله حرمته.

ولكنه لم يبالي بحرمة المكان ووجد أنها فرصة ذهبية بها يستطيع أن يتخلص منهم فقطع أغصانًا هو ومن معه وقام بحرق الموضع ومات من فيه إما من الحريق أو الدخان المتصاعد من الحريق وكانت النتيجة موت نحو ألف رجل وامرأة، ومن يدري ربما لم يكن لكثيرين منهم أي شأن في النزاع الحادث بين أبيمالك وأهل شكيم، لكنهم في هذه الحرب الأهلية اُبتلوا بهذه النهاية التعيسة، لأن من لهم روح الاضطراب والفتنة لا يهلكون بمفردهم بإثمهم بل يورطون كثيرين ممن ببساطة يتبعونهم ليهلكوا بنفس البلية معهم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

[50- ثُمَّ ذَهَبَ أَبِيمَالِكُ إِلَى تَابَاصَ وَنَزَلَ فِي تَابَاصَ وَأَخَذَهَا. 51- وَكَانَ بُرْجٌ قَوِيٌّ فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ فَهَرَبَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكُلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَغْلَقُوا وَرَاءَهُمْ وَصَعِدُوا إِلَى سَطْحِ الْبُرْجِ. 52- فَجَاءَ أَبِيمَالِكُ إِلَى الْبُرْجِ وَحَارَبَهُ, وَاقْتَرَبَ إِلَى بَابِ الْبُرْجِ لِيُحْرِقَهُ بِالنَّارِ. 53- فَطَرَحَتِ امْرَأَةٌ قِطْعَةَ رَحىً عَلَى رَأْسِ أَبِيمَالِكَ فَشَجَّتْ جُمْجُمَتَهُ. 54- فَدَعَا حَالًا الْغُلاَمَ حَامِلَ عُدَّتِهِ وَقَالَ لَهُ: «اخْتَرِطْ سَيْفَكَ وَاقْتُلْنِي, لِئَلاَّ يَقُولُوا عَنِّي: قَتَلَتْهُ امْرَأَةٌ». فَطَعَنَهُ الْغُلاَمُ فَمَاتَ. 55- وَلَمَّا رَأَى رِجَالُ إِسْرَائِيلَ أَنَّ أَبِيمَالِكَ قَدْ مَاتَ, ذَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَكَانِهِ. 56- فَرَدَّ اللَّهُ شَرَّ أَبِيمَالِكَ الَّذِي فَعَلَهُ بِأَبِيهِ لِقَتْلِهِ إِخْوَتَهُ السَّبْعِينَ,. 57- وَكُلَّ شَرِّ أَهْلِ شَكِيمَ رَدَّهُ اللَّهُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ, وَأَتَتْ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ يُوثَامَ بْنِ يَرُبَّعْلَ. (قض 50:9-57). ]

 

كانت تاباص مدينة صغيرة ربما ليست بعيدة عن شكيم وكانت تعتمد على شكيم ومتحالفة معها.

1- حاول أبيمالك تدمير هذه المدينة (ع50)، ودفع سكانها أو بالأحرى هم اندفعوا إلى برج المدينة الذي تم وصفه بأنه قوي (ع51).

2- وفي محاولته لقتل سكانها بنفس الطريقة التي بها قتل من كانوا في صرح بيت إيل بريث، هلك هو إذ ليس من المستبعد أنهم سمعوا عن الطريقة التي بها أجهز على أولئك فنزلت قطعة رحى على رأسه فشجت جمجمته (ع53). وفي موت أبيمالك توجد ثلاثة أمور جديرة بالملاحظة:

أ- أنه قُتل بواسطة حجر مثلما ذبح هو كل إخوته على حجر واحد.

ب- أن جمجمته انكسرت. كانت النقمة تستهدف تلك الرأس المذنبة التي لبست التاج المُغتصب.

ج- أن الذي ألقى عليه الحجر امرأة. ولا شيء أزعجه هكذا في موته هذا مثل أن يقال عنه "قتلته امرأة" (ع54).

وانظر هنا:

• كبرياؤه الأحمق إذ عوّل كثيرًا على هذا الموقف التافه الذي رآه يشينه. فهنا لم يهتم بمصير نفسه الثمينة ولا صلى لله طلبًا لرحمته، بل كان كل همّه أن يرمم فخره المبعثر والمحطم بعد انتهاء الأمل في ترميم وعلاج جمجمته المهشمة: ليته لا يُقال أن أبيمالك الجبار قد قتلته امرأة!

• خطته الحمقاء في تحاشي هذه الفضيحة والإهانة. فلا شيء يثير السخرية أكثر من أنه يلزم لغلامه أن يجري إليه ليس لكي يخلصه عاجلًا من آلامه بل ليقتله "لئلا يقولوا عني قتلته امرأة".

3- نتيجة كل هذا هو أنه بموت أبيمالك:

أ- تم استعادة سلام إسرائيل ووضعت نهاية لهذه الحرب الأهلية.

ب- أن عدل الله قد تمجد (ع56، 57). فمع أن الشر يمكن أن ينجح لبعض الوقت، لكن لن يستمر نجاحه إلى الأبد.

وهكذا تحقق ما سبق أن قاله يوثام كما لو كان عليه روح النبوة وقت نطقه بها وحلت اللعنة على أبيمالك وأهل شكيم.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(19) سنرى فيما بعد أن منسى الملك صنع شرورًا عظيمة وأدخل عبادة الأوثان وسط الشعب، ولكن بالرغم من توبته وقبول الله لندامته، إلا أن الزرع المر الذي ذرعه في حياته، أثمر علقم وفساد فظيع بعد مماته، وكثيرًا ما تكررت العبارة "لأجل خطايا منسى" (2مل3:24).

(20) المقصود هنا ساحة القتال خارج المدينة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات القضاة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/fr-angelos-st-makarios/judges/chapter-09.html

تقصير الرابط:
tak.la/ch6zw3s